الدين الإسلامي 14 – المذاهب الفقهية
وزاد في حرج موقف النبي محمد وأتباعه في مكة وفاة
عمّه أبي طالب ووفاة زوجته خديجة، فخسر بفقدهما مساعدين قويين، وهكذا اشتد
اضطهاد قريش للمسلمين من أتباع محمد، الذين كانوا يتحملون الاضطهاد صابرين،
عندئذٍ لم يجد النبي بدًا من أن يأمر المسلمين بالهجرة سرًا من مكة إلى
مدينة يثرب بأمر الله سبحانه وتعالى، وكان نحو سبعين رجلاً من أهلها قد
آمنوا برسالته في إحدى زياراتهم لمكة, وما لبث محمد أن لحق بأتباعه إلى
يثرب يرافقه أبو بكر، وعندما وصلها قابله أهلها بتحية النبوّة وسُميت “المدينة المنورة”.
المذاهب الفقهية
المذاهب الفقهية منها ماهو فردي ومنها ماهو جماعي، والمذاهب الفردية
يُقصد بها المذاهب التي تكونت من آراء وأقوال مجتهد أو فقيه واحد، ولم يكن
لتلك المذاهب أتباع وتلاميذ يقومون بتدوينها ونشرها، فلم تُنقل إلى العصور
اللاحقة بشكل كامل, أما المذاهب الفقهية الجماعية فيُقصد بها تلك المذاهب
التي تكونت من آراء وأقوال الأئمة المجتهدين مضافاً إليها آراء تلاميذهم
وأتباعهم، ثم أُطلق على هذه المذاهب أسماء هؤلاء الأئمة ونُسبت إليهم
باعتبارهم المؤسسين لها، ولقد قام تلاميذ وأتباع هذه المذاهب الجماعية
بنشرها وتدوينها مما ساعد على بقائها حتى الآن, ومن أشهر المذاهب الفقهية
الباقية المذاهب الأربعة المعروفة وهي بحسب الترتيب التاريخي المذهب الحنفي
والمذهب المالكي والمذهب الشافعي والمذهب الحنبلي والمذهب الظاهري، وتُسمى
هذه المذاهب بمذاهب أهل السنّة، بالإضافة لمذاهب الشيعة كالمذهب الجعفري
والمذهب الزيدي، وكذلك المذهب الإباضي.
المذهب الحنفي
صاحب هذا المذهب هو الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الملقب “بالإمام
الأعظم”، فارسي الأصل وُلد في الكوفة سنة 699م، الموافقة سنة 80هـ، ونشأ
بها وتوفي ببغداد سنة 767م، الموافقة سنة 150هـ, يتجه بعض المؤرخين
والعلماء إلى القول أن أبو حنيفة يُعد من “التابعين” أي من الجيل الذي عاصر
بعض صحابة النبي محمد، ذلك أنه نقل بعض الأحاديث من الصحابي أنس بن مالك
شخصياً، بالإضافة لعدد من الصحابة الآخرين، بينما يقول مؤرخون آخرون أنه يعتبر من “تابعي التابعين”.
أسس منهجه
يُعد أساس المنهج الاجتهادي لأبي حنيفة هو الأخذ بالقرآن، ثم بالسنّة
النبوية الصحيحة، وبأقضية الخلفاء الراشدين وعامّة الصحابة، ثم اللجوء إلى
القياس, لكنه لم يكن يلتزم بآراء التابعين “فهم رجال ونحن رجال” كما يقول,
كان أبو حنيفة متشدداً إلى أبعد الحدود في مسألة الحديث، فكان لا يقبل
الحديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلا إذا روته جماعة عن جماعة أو
كان حديثاً إتفق فقهاء الأمصار على العمل به أو رواه واحد من الصحابة في
جمع منهم فلم يخالفه أحد, كما أنه كان يرفض الأحاديث المقطوعة وأحاديث
الآحاد، ويشترط في الحديث المتواتر أن يكون الراوي عرف المروي عنه، وعاشره
وتيقن من أمانته, وعلى الجملة كان أبو حنيفة يُفضل القياس على الحديث غير
الموثوق، وتوسع في استعمال الرأي لاستنباط العلّة الجامعة بين المسائل
المقاسة على بعضها البعض، فقال “بالاستحسان”، وهو أمر أوسع من القياس عملاً
بالحديث النبوي “ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن” والمراد بذلك
تحقيق المصالح المتنوعة في حدود الدين, وكان أبو حنيفة يأخذ بالأعراف التي
لا تخالف نصًا من النصوص الشرعيّة ويوجب العمل بها، خصوصاً في مجال التجارة
الذي كان له فيه خبرة واسعة, وبهذا قيل عن فقه أبي حنيفة أنه كان “يسير مع
الحياة ويراعي مشاكلها المتنوعة”.
وزاد في حرج موقف النبي محمد وأتباعه في مكة وفاة
عمّه أبي طالب ووفاة زوجته خديجة، فخسر بفقدهما مساعدين قويين، وهكذا اشتد
اضطهاد قريش للمسلمين من أتباع محمد، الذين كانوا يتحملون الاضطهاد صابرين،
عندئذٍ لم يجد النبي بدًا من أن يأمر المسلمين بالهجرة سرًا من مكة إلى
مدينة يثرب بأمر الله سبحانه وتعالى، وكان نحو سبعين رجلاً من أهلها قد
آمنوا برسالته في إحدى زياراتهم لمكة, وما لبث محمد أن لحق بأتباعه إلى
يثرب يرافقه أبو بكر، وعندما وصلها قابله أهلها بتحية النبوّة وسُميت “المدينة المنورة”.
المذاهب الفقهية
المذاهب الفقهية منها ماهو فردي ومنها ماهو جماعي، والمذاهب الفردية
يُقصد بها المذاهب التي تكونت من آراء وأقوال مجتهد أو فقيه واحد، ولم يكن
لتلك المذاهب أتباع وتلاميذ يقومون بتدوينها ونشرها، فلم تُنقل إلى العصور
اللاحقة بشكل كامل, أما المذاهب الفقهية الجماعية فيُقصد بها تلك المذاهب
التي تكونت من آراء وأقوال الأئمة المجتهدين مضافاً إليها آراء تلاميذهم
وأتباعهم، ثم أُطلق على هذه المذاهب أسماء هؤلاء الأئمة ونُسبت إليهم
باعتبارهم المؤسسين لها، ولقد قام تلاميذ وأتباع هذه المذاهب الجماعية
بنشرها وتدوينها مما ساعد على بقائها حتى الآن, ومن أشهر المذاهب الفقهية
الباقية المذاهب الأربعة المعروفة وهي بحسب الترتيب التاريخي المذهب الحنفي
والمذهب المالكي والمذهب الشافعي والمذهب الحنبلي والمذهب الظاهري، وتُسمى
هذه المذاهب بمذاهب أهل السنّة، بالإضافة لمذاهب الشيعة كالمذهب الجعفري
والمذهب الزيدي، وكذلك المذهب الإباضي.
المذهب الحنفي
صاحب هذا المذهب هو الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الملقب “بالإمام
الأعظم”، فارسي الأصل وُلد في الكوفة سنة 699م، الموافقة سنة 80هـ، ونشأ
بها وتوفي ببغداد سنة 767م، الموافقة سنة 150هـ, يتجه بعض المؤرخين
والعلماء إلى القول أن أبو حنيفة يُعد من “التابعين” أي من الجيل الذي عاصر
بعض صحابة النبي محمد، ذلك أنه نقل بعض الأحاديث من الصحابي أنس بن مالك
شخصياً، بالإضافة لعدد من الصحابة الآخرين، بينما يقول مؤرخون آخرون أنه يعتبر من “تابعي التابعين”.
أسس منهجه
يُعد أساس المنهج الاجتهادي لأبي حنيفة هو الأخذ بالقرآن، ثم بالسنّة
النبوية الصحيحة، وبأقضية الخلفاء الراشدين وعامّة الصحابة، ثم اللجوء إلى
القياس, لكنه لم يكن يلتزم بآراء التابعين “فهم رجال ونحن رجال” كما يقول,
كان أبو حنيفة متشدداً إلى أبعد الحدود في مسألة الحديث، فكان لا يقبل
الحديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلا إذا روته جماعة عن جماعة أو
كان حديثاً إتفق فقهاء الأمصار على العمل به أو رواه واحد من الصحابة في
جمع منهم فلم يخالفه أحد, كما أنه كان يرفض الأحاديث المقطوعة وأحاديث
الآحاد، ويشترط في الحديث المتواتر أن يكون الراوي عرف المروي عنه، وعاشره
وتيقن من أمانته, وعلى الجملة كان أبو حنيفة يُفضل القياس على الحديث غير
الموثوق، وتوسع في استعمال الرأي لاستنباط العلّة الجامعة بين المسائل
المقاسة على بعضها البعض، فقال “بالاستحسان”، وهو أمر أوسع من القياس عملاً
بالحديث النبوي “ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن” والمراد بذلك
تحقيق المصالح المتنوعة في حدود الدين, وكان أبو حنيفة يأخذ بالأعراف التي
لا تخالف نصًا من النصوص الشرعيّة ويوجب العمل بها، خصوصاً في مجال التجارة
الذي كان له فيه خبرة واسعة, وبهذا قيل عن فقه أبي حنيفة أنه كان “يسير مع
الحياة ويراعي مشاكلها المتنوعة”.