الغزو المغولي للبلاد الإسلامية: الأطراف والأسباب والنتائج
المغول
المُغُول هو شعب عاش في أواسط آسيا في إقليم منغوليا، ويعدّه البعض من الأعراق التركية، ولكن يُطلق هذا الاسم على كل من تكلم اللغة المغولية، بما فيها شعوب الكالميك الموجودة في شرق أوروبا، ظهر الاسم على مسرح التاريخ بدءًا من عصر سلالة تانج الصينية الحاكمة في القرن الثامن، ولكن الاشتهار الفعلي للمغول بدأ أثناء حكم الكاثاي في القرن الحادي عشر، بدأ المغول على شكل قبائل صغيرة متفرقة بجوار نهر أونون في المناطق ما بين روسيا ودولة منغوليا الحالية. ثم اجتمعت معظم قبائل المغول والترك تحت راية جنكيز خان في القرن الثالث عشر،[١] إلا أن علم التاريخ ليس لديه تعريف محدد للمغول، فربما أن أصل الكلمة يعود لاسم قبيلة واحدة، وبعد ذلك أصبح يُطلق على جميع القبائل والأعراق في المنطقة، وتاريخ المغول غامض لأنه متناقل شفهيًا اعتمادًا على الروايات الخبرية.[٢]
نشأة دولة المغول
نجح جنكيز خان في جمع شمل معظم القبائل المغولية، ونصّب نفسه خاقانًا عليها، وذلك سنة 603 هـ / 1206م، ثم بدأ بالتوسع في المناطق الجنوبية ليضم ما أمكنه من أراضي شمال الصين، كما توسع في الأراضي الغربية لتعقّب بعض القبائل المغولية المتمردة التي رفضت الخضوع لسطلته، وفي أثناء اسعداده لتوسيع مملكته، قام بوضع دستور للشعب، بحيث يلتزم المغول بالعمل وفق قواعده، واشتمل هذا الدستور على تفاصيل في السياسة وأيضًا في الحياة العامة، وظل معمولًا به مدة طويلة من الزمن، وبدأ بالاستعداد للهجوم على المناطق الشمالية من الصين بعد أن اطمأن على ترتيب واستقرار الأمور في دولته، ونجح في السيطرة على كثير منها، إضافةً لانتصاره على القبائل التي فرت منه نحو الغرب. وشرع بالتفرغ للحرب مع الدول الإسلامية، فكانت البداية مع الدولة الخوارزمية، حيث كانت في أقصى اتساعها بقيادة الملك علاء الدين محمد خوارزم شاه، فتمكن جنكيز خان من اقتحام هذه الدولة وتدمير سلطانها وإبادة جيوشها وسكانها في مدة أربع سنوات فقط سنة 616 هـ/1219 م.[٣]
الغزو المغولي للبلاد الإسلامية
هجمت على شرق العالم الإسلامي موجات متتالية من الزحف المغولي البربري، وعمّ كذلك الخوف في أرجاء آسيا وشرق أوروبا. فكان غزوًا همجيا لا يترك حجرًا على حجر، ولا يوفر شيخًا ولا طفلًا ولا امرأةً، بل ويدمر حتى الغابات والأنهار والحضارات والمكتبات وكل ما يأتي في طريقه، بدأ الغزو المغولي للعالم ككل، ومنه العالم الإسلامي، بسبب طموح جنكيز خان بأن يصبح حاكمًا للعالم بأسره. وكانت بداية غزوه باتجاه الغرب نحو الدولة الخوارزمية، فأسقطها بالخداع والمكر ونقض العهود والإرهاب الحربي، والذي يُطلق عليه حديثًا اسم جرائم الحرب، فكان يتم تعذيب وقتل المدنيين بأبشع الصور وبشتى الطرق التي لا يتخيلها عقل؛ وذلك بهدف بث الرعب عبر البلاد والدول المجاورة، ثم هلك جنكيز خان قبل أن يتم وصول غزوه إلى حيث يطمح، وذلك سنة سنة 624 هـ/1227 م، على رقعة جغرافية من البحر الأصفر إلى أطراف البحر الأسود في روسيا، وتشتمل هذه المناطق على شعوب وقبائل عديدة في الصين ومنغوليا وأفغانستان وغيرها.[٣]
ثم خلفه الخاقان منكو، الذي أرسل أخاه هولاكو بجيش ضخم، بتعداد وصل إلى مئة وعشرين ألف جندي، وفيه أفضل وأشرس المقاتلين ورماة السهام المحترفين، ومعه تجهيزات وأسلحة متطورة من المنجنيق إلى قاذفات اللهب، فانطلق هذا الجيش من العاصمة المغولية قراقورم سنة 651 هـ/1253 م، ووصل إلى خراسان واحتلها وغزا قلعة ألموت الأسطورية، والتي كانت رمز هيبة الدولة الإسماعيلية وعصابة الحشاشين، فأزال هذه الدولة عن بكرة أبيها وجعل منها عبرة لمن يعتبر، وذلك سنة 653هـ/1255. وبدأ بالتخطيط لغزو الخلافة العباسية وإسقاط مدينة بغداد.[٣]
الغزو المغولي للدولة الخوارزمية
وقد تم ذلك بثلاثة حملات مغولية كبيرة ضد الدولة الخوارزمية، وهي دولة إسلامية تقع إلى الشرق من بلاد فارس المعروفة حاليًا بإيران، وذلك بين سنوات 616-654 هـ 1219-1256 م، وتلاها استيلاء المغول على بلاد آسيا الصغرى والعراق والقفقاس، حيث بدأ الأمر بأن أصبحت دولة المغول على حدود الدولة الخوارزمية بعد غزوها للصين وآسيا الوسطى، فعقد جنكيزخان اتفاق حسن جوار مع ملك خوارزم محمد خوارزم شاه الثاني، ثم وقعت حادثة مقتل تجار قافلة من المغول في مدينة أترار في خوارزم، فثار جنكيز خان غضبًا واتخذ منها ذريعة لنقض الاتفاق وغزو خوارزم والعالم الإسلامي.[٤]
بدأ جنكيز خان حملته العسكرية ضد الدولة الخوارزمية، ونصّب ابنه جوجي خان قائدًا عليها، سنة 1219 م 616 هـ، فانهزم السلطان الخوارزمي، وتبينت له مدى قوة المغول، ففضل عدم العودة لمواجهتهم لاحقًا، وقبل وفاته سنة 617 هـ، أوصى بالحكم من بعده لنجله جلال الدين، ولكن تمكن السلطان الجديد من الصمود أمام الجيش المغولي أكثر من عشر سنوات، وفي سنة 626 هـ، شن المغول الهجوم الثاني بأوامر منكو خان. بهدف القضاء على صمود الدولة الخوارزمية، واحتلال المناطق المتبقية منها، وبالفعل أدّى ذلك لنهاية حكم الدولة الخوارزمية في فارس، كما نهب المغول وقتلوا كثيرًا من سكان المدن الرئيسية، مثل سمرقند ومرو وهراة ونيسابور وغيرها، كما دمروا العاصمة كهنه غرغانج تمامًا، وتعرض وشمال وشرق البلاد للتخريب، بالإضافة لخراب مدن وسط وغرب فارس، مثل قم وقزوين وهمدان.[٤]
ثم قرر خلفاء جنكيز خان تأمين السيطرة على المناطق التي غزوها وتدعيم دولتهم عوضًا عن مواصلة الغزو واحتلال مزيد من المناطق والدول، ففي سنة 1254 م 654 هـ، بدأ الهجوم المغولي الثالث، وكان يهدف هذه المرة للقضاء على دولة الحشاشين الإسماعيلية، فتم اجتياح قلاعهم واحدةً تلو الأخرى، والاستيلاء على أموالها ونهب خيراتها، وفي نفس السنة وقعت قلعة آلموت معقلهم الرئيسي في قبضة المغول، فقضوا على الحشاشين ودمروا القلعة وسوّوها بالأرض، وبدأو هجوم المغول علىالسلاجقة. وبالعموم كانت أهم أسباب عدم صمود هذه الدول هي كثرة الخلافات فيها وضعف قوتها الإدارية والسياسية.[٤]
الغزو المغولي للدولة العباسية في العراق
استمر توجه الغزو المغولي شرقًا، فغزوا الإمارات الروسية ودول أوروبا الشرقية، وجاء دور الدولة العباسية في العراق، وهو الهدف الذي رسمه منكو خان، فكانت العاصمة بغداد ومجمل دولة الخلافة العباسية قد اعترتها الشيخوخة وألمت بها عوامل الانحلال الحضاري، والتي كانت قد بدأت قبل وصول التتار بعقود من الزمن، مثل تفكك الروابط بين بغداد وبقية البلاد الإسلامية، واستقلال كل إقليم بأمره. وكان الخليفة العباسي عند وصول المغول هو المستعصم بالله. وفي رمضان 655 هـ، أرسل هولاكو إلى الخليفة تهديدًا في صورة رسالة معاتبًا إياه لعدم مناصرته في الحملة على قلاع الحشاشين، فرفض الخليفة ورد برسالة أخرى تفيض عضبًا، وهكذا بدأ هولاكو الحملة العسكرية بعد استشارة المنجمين وحاشيته، فأصدر الأوامر بتحرك الجيوش من أطراف دولة الروم باتجاه الموصل نحو بغداد ليبدأ الحصار، واستطاع أن يستميل معه بعض القادة من العرب والمسلمين بجنودهم مثل الخواجة نصير الدين الطوسي، والوزير سيف الدين البينكجي وغيرهم.[٥]
ذهب الجيش العباسي بقيادة مجاهد الدين أيبك الدويدار لمواجهة المغول، فهزم بسهولة وقُتل معظم جنوده، وأحكم المغول الحصار على عاصمة الدولة العباسية بغداد، ولحوالي شهر حاولوا تخريب المدينة وفتح الأبراج، ولما أصبح موقف الخليفة صعبًا، حاول التفاوض معهم بإرسال الرسل والهدايا، فلم يستجب له هولاكو. فاستشار وزيره ابن العلقمي، فأشار عليه بالذهاب لملاقاة هولاكو للمفاوضات، فطلب هولاكو أن يحضر معه كبار رجال الدولة والعلماء لتكون المفاوضات ملزمة للجميع بحسب زعمه، فخرج بوفد من سبع مئة مرافق، وقبل وصولهم خيمة هولاكو اعترضهم فرقة من الحرس الملكي المغولي، ومنعت دخول جميع الوفد، وسمحت لسبعة رجال فقط، وأخذ الباقون للتفتيش بزعم المغول، ولكن في الحقيقة إلى القتل. فهكذا هي شيم المغول، فلا عهد لهم ولا أمان. وبدأ هولاكو بإصدار الأوامر للخليفة بأن يصدر الأوامر لأهل بغداد بتسليم السلاح وإلقائه، ثم قام بقتل كافة أعيان البلد والعلماء وذلك بمعونة من وزير الخليفة الخائن ابن العلقمي.[٥]
وقد كانت خيانة ابن العلقمي خيانة عظمى، وذات دور كبير ورئيس في الذي حصل مع الجيس العباسي، فإبن العلقمي جاسوسٌ كرس حياته لهذه اللحظة وهي إسقاط الدولة العباسية، وقد كانت خطته في ثلاثة اتجاهات وهي: إضعاف الجيش العباسي بقطع الأرزاق عنهم وتقليص أعدادهم، والتواصل مع المغول سرًا وإمدادهم بالمعلومات الخطيرة والحساسة حول الدولة العباسية، وتشجيع المغول لغزوها، وتخذيل الخليفة والناس عمومًا عن قتال المغول والزعم لهم أنهم يريدون السلام والإصلاح.[٦]
الغزو المغولي للدولة المملوكية في الشام
تمكن المماليك وذلك في بواكير عصرهم من صد الغزو المغولي لأول مرة في تاريخ الغزو المغولي بنجاح، وذلك في معركة عين جالوت الخالدة، حيث زحف المغول عقب تدمير الخلافة العباسية في بغداد نحو الشام، ووصلت جيوش هولاكو إلى حلب فدمرها، وتلاها بالسيطرة على دمشق وسائر معظم مدن ومناطق الشام، وذلك سنة 658هـ/1260م، ثم أرسل تهديدًا إلى السلطان المملوكي قطز يطلب منه الاستسلام، ولكن رفض قطز التهديدات بعد اجتماع طارئ مع أمراء الدولة، وأقدم على قتل رسل هولاكو، واضطر هولاكو للمغادرة لأمر طارئ إلى عاصمة المغول، تاركًا القيادة لكتبغا، فاستقرت مشورة المماليك على محاربة المغول والتصدي لهم، وقد تمكن كل من قطز والظاهر بيبرس من وضع خطة حربية متقنة، حيث نجحت بشكل باهر بصد الغزو المغولي قرب عبن جالوت، وذلك في 25 رمضان من عام 658هـ/1260م. وقُتل كتبغا قائدهم في المعركة،[٧] وانتهت بذلك أسطورة جيش المغول الذي لا يُقهر على مستوى العالمين الإسلامي والغربي، وبدأ بذلك يلمع نجم دولة المماليك الذي أعاد جيشها هيبة الحضارة الإسلامية.[٨]
دخول المغول في دين الإسلام
بقدر ما يشمئز المرء من المغول لقسوتهم ووحشيتهم، بقدر ما يُعجب ويرتاح لدخولهم في الإسلام. والعجيب أيضًا أنهم مرّوا في طريقهم بعدة أديان في الصين والهند من البوذية إلى الهندوسية والمسيحية في أوروبا، ولكن لم يدخلوا نهاية المطاف إلا في دين الإسلام، فالمشروع المغولي ليس لديه رسالة ثقافية أو حضارية، فلا يوجد من أثر لهم على العالم الإسلامي سوى التدمير والقتل والغزو، مما جعل الناس تخشى أنها نهاية العالم على يد يأجوج ومأجوج، ولم يتوانى المؤرخون والعلماء عن وصف هول ما حصل، ولكن بعد هزيمتهم في عين جالوت، بدأت أعداد منهم دخول الإسلام، حيث لم يمض نصف قرن على أول دخولهم العالم الإسلامي حتى كان أغلبهم قد دخلوا في دين الله، وأصبحوا يشاركون في الفتوحات والدفاع عن الإسلام، باستثناء حملة تيمورلنك الدموية التي أعادوا فيها الصورة الأولى البشعة للمغول، إلا أنه بالعموم فإنّ المغول بعد ذلك انخرطوا في المجتمعات الإسلامية وأصبحوا من أهلها، حتى أقاموا مملكة مغول الهند المسلمة، والتي اشتهرت بالعدل والنهوض الحضاري.[٩]
أسباب الغزو المغولي للبلاد الإسلامية
كان من أسباب زوال الدولة الخوارزمية هو البعد عن تحكيم الشرع الحنيف، وحادثة مقتل التجار المغول، وفشلها في بناء تيار حضاري، والكراهية وضعف الثقة المتبادلة بين الحكام والشعب بسبب الظلم، والنزاع الداخلي في الأسرة الحاكمة، ناهيك عن ضعف النظام العسكرية فيها،[١٠] وقد كتب محمد الصاوي في كتابه "هولاكو، الأمير السفّاح"، بعضًا من أسباب الغزو المغولي للبلاد الإسلامية في القرن الثالث عشر الميلادي، وكان منها جملة من الأسباب الاقتصادية والسياسية والعسكرية: مثل القحط والتصحر في إقليم آسيا الشرقية، فكان المغول بأمس الحاجة إلى المأكل والمشرب والملبس، ومع موجة القحط التي لحقت مناطقهم ازدادت حاجتهم، وكان لعدم تعاون السلطان علاء الدين محمد خوارزم شاه مع المغول ومنعهم من التجارة في بلاده أثر كبير في ذلك. ومن الأسباب كذلك ارتفاع الحماسة القومية عند المغول، فقد ارتفعت روحهم المعنوية بفعل انتصاراتهم المتتالية في الصين وغيرها، مما زاد في طموحهم لوضع خطّة تهدف للسيطرة على المناطق المُحاذية لبلادهم، وبخاصة للاستيلاء على ثراء ومنجزات الدولة الخوارزمية الكبيرة بإمكاناتها العظيمة.[١١]
وعندما أراد جنكيزخان غزو الدولة الخوارزمية لم يجد مبررًا لنقض المعاهدات معها، فلما وقعت حادثة مقتل التجار المغول داخل أراضي الدولة الخوارزمية، أراد استغلالها للقيام بالغزو، فطلب من السلطان محمد بن خوارزم شاه تسليم القتلة لمحاكمتهم لديه، لكن السلطان رفض، ورغم أنه من المعروف في الأعراف الدولية أن المجرم يحاكم بحسب قانون البلد التي قام فيها بجريمته، وليس في بلد أخرى وبقوانين أخرى. إلا أن جنكيز خان لم يتقنع بذلك، مما يعني فعلًا أنه كان يخطط مسبقًا لاستغلال الحادثة للقيام بالغزو.[١٢]
نتائج الغزو المغولي للبلاد الإسلامية
كانت أهم نتائج الغزو المغولي للبلاد الإسلامية هي نهاية الخلافة العباسية، وكذلك سقوط بقايا الدولة الأيوبية، وبروز دولة المماليك على الساحة العربية والعالمية كقائدة للأمة الإسلامية وصاحبة أول جيش في العالم تمكن من تحقيق انتصار هائل على الغزو المغولي الهجمي،[١٣] وحسب عالم الآثار علمداري، فقد كان الدمار الثقافي المعنوي أشد من الدمار المادي في المدن والاقتصاد، فقد دمر المغول مراكز العلم والفكر والثقافة دون أن يأتوا ببديل عنها، فأحرقوا معظم المكتبات جهلًا بفائدتها، كما أزالوا العديد من المدن الكبيرة بهندستها المعمارية المميزة، ومعها جميع ما يلحق بها من مراكز فكرية. فأدى ذلك إلى إعاقة حركة تطور المجتمعات الإسلامية فكريًا لعقود تالية من الزمن، فعاد الناس للاعتقاد بالخرافات وكثر الجهل، مما أدى إلى عدم اكتراث الشعوب ووعيهم بمصائرهم ومستقبلهم. كما انتشرت الصوفية بين الكثير من الناس بشكلها السطحي بعد تلك الفترة، فقد وجدوا فيها الملجأ المعنوي والروحي لهم، ومن وأهم النتائج أيضًا:[٤]
المراجع
1 . ↑ "مغول"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-07. بتصرّف.
2 . ↑ العقيد الركن الدكتور عبد السلام ذنون العلي، المغول واحتلال بغداد سنة 656 هـ 1258 م دراسة في التاريخ العسكري، صفحة 11. بتصرّف.
3 . ^ أ ب ت "الزحف المغولي على العالم الإسلامي"، www.islamichistory.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-07. بتصرّف.
4 . ^ أ ب ت ث "الغزو المغولي لخوارزم"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-07. بتصرّف.
5 . ^ أ ب د محمد علي الصلابي، دولة المغول والتتار، صفحة 195 - 197. بتصرّف.
6 . ↑ "ابن العلقمي والخيانة العظمى"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-08. بتصرّف.
7 . ↑ "دولة المماليك"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-07. بتصرّف.
8 . ↑ سامي بن عبدالله المغلوث، أطلس الأديان، صفحة 450. بتصرّف.
9 . ↑ "دخول المغول في الإسلام"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-08. بتصرّف.
10 . ↑ إيناس محمد البهيجي، تاريخ المغول و غزو الدولة الإسلامية، صفحة 160-165. بتصرّف.
11 . ↑ هولاكو، الأمير السفّاح، الصاوي محمد الصاوي، صفحة 15. بتصرّف.
12 . ↑ "التتار من البداية إلى عين جالوت - أسباب غزو التتار للدولة الخوارزمية رابط المادة:"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-07. بتصرّف.
13 . ↑ طارق فتحي سلطان / سالم یونس محمد المولى، موقف الممالیك من الغزو المغولي، صفحة 156-167. بتصرّف.
المغول
المُغُول هو شعب عاش في أواسط آسيا في إقليم منغوليا، ويعدّه البعض من الأعراق التركية، ولكن يُطلق هذا الاسم على كل من تكلم اللغة المغولية، بما فيها شعوب الكالميك الموجودة في شرق أوروبا، ظهر الاسم على مسرح التاريخ بدءًا من عصر سلالة تانج الصينية الحاكمة في القرن الثامن، ولكن الاشتهار الفعلي للمغول بدأ أثناء حكم الكاثاي في القرن الحادي عشر، بدأ المغول على شكل قبائل صغيرة متفرقة بجوار نهر أونون في المناطق ما بين روسيا ودولة منغوليا الحالية. ثم اجتمعت معظم قبائل المغول والترك تحت راية جنكيز خان في القرن الثالث عشر،[١] إلا أن علم التاريخ ليس لديه تعريف محدد للمغول، فربما أن أصل الكلمة يعود لاسم قبيلة واحدة، وبعد ذلك أصبح يُطلق على جميع القبائل والأعراق في المنطقة، وتاريخ المغول غامض لأنه متناقل شفهيًا اعتمادًا على الروايات الخبرية.[٢]
نشأة دولة المغول
نجح جنكيز خان في جمع شمل معظم القبائل المغولية، ونصّب نفسه خاقانًا عليها، وذلك سنة 603 هـ / 1206م، ثم بدأ بالتوسع في المناطق الجنوبية ليضم ما أمكنه من أراضي شمال الصين، كما توسع في الأراضي الغربية لتعقّب بعض القبائل المغولية المتمردة التي رفضت الخضوع لسطلته، وفي أثناء اسعداده لتوسيع مملكته، قام بوضع دستور للشعب، بحيث يلتزم المغول بالعمل وفق قواعده، واشتمل هذا الدستور على تفاصيل في السياسة وأيضًا في الحياة العامة، وظل معمولًا به مدة طويلة من الزمن، وبدأ بالاستعداد للهجوم على المناطق الشمالية من الصين بعد أن اطمأن على ترتيب واستقرار الأمور في دولته، ونجح في السيطرة على كثير منها، إضافةً لانتصاره على القبائل التي فرت منه نحو الغرب. وشرع بالتفرغ للحرب مع الدول الإسلامية، فكانت البداية مع الدولة الخوارزمية، حيث كانت في أقصى اتساعها بقيادة الملك علاء الدين محمد خوارزم شاه، فتمكن جنكيز خان من اقتحام هذه الدولة وتدمير سلطانها وإبادة جيوشها وسكانها في مدة أربع سنوات فقط سنة 616 هـ/1219 م.[٣]
الغزو المغولي للبلاد الإسلامية
هجمت على شرق العالم الإسلامي موجات متتالية من الزحف المغولي البربري، وعمّ كذلك الخوف في أرجاء آسيا وشرق أوروبا. فكان غزوًا همجيا لا يترك حجرًا على حجر، ولا يوفر شيخًا ولا طفلًا ولا امرأةً، بل ويدمر حتى الغابات والأنهار والحضارات والمكتبات وكل ما يأتي في طريقه، بدأ الغزو المغولي للعالم ككل، ومنه العالم الإسلامي، بسبب طموح جنكيز خان بأن يصبح حاكمًا للعالم بأسره. وكانت بداية غزوه باتجاه الغرب نحو الدولة الخوارزمية، فأسقطها بالخداع والمكر ونقض العهود والإرهاب الحربي، والذي يُطلق عليه حديثًا اسم جرائم الحرب، فكان يتم تعذيب وقتل المدنيين بأبشع الصور وبشتى الطرق التي لا يتخيلها عقل؛ وذلك بهدف بث الرعب عبر البلاد والدول المجاورة، ثم هلك جنكيز خان قبل أن يتم وصول غزوه إلى حيث يطمح، وذلك سنة سنة 624 هـ/1227 م، على رقعة جغرافية من البحر الأصفر إلى أطراف البحر الأسود في روسيا، وتشتمل هذه المناطق على شعوب وقبائل عديدة في الصين ومنغوليا وأفغانستان وغيرها.[٣]
ثم خلفه الخاقان منكو، الذي أرسل أخاه هولاكو بجيش ضخم، بتعداد وصل إلى مئة وعشرين ألف جندي، وفيه أفضل وأشرس المقاتلين ورماة السهام المحترفين، ومعه تجهيزات وأسلحة متطورة من المنجنيق إلى قاذفات اللهب، فانطلق هذا الجيش من العاصمة المغولية قراقورم سنة 651 هـ/1253 م، ووصل إلى خراسان واحتلها وغزا قلعة ألموت الأسطورية، والتي كانت رمز هيبة الدولة الإسماعيلية وعصابة الحشاشين، فأزال هذه الدولة عن بكرة أبيها وجعل منها عبرة لمن يعتبر، وذلك سنة 653هـ/1255. وبدأ بالتخطيط لغزو الخلافة العباسية وإسقاط مدينة بغداد.[٣]
الغزو المغولي للدولة الخوارزمية
وقد تم ذلك بثلاثة حملات مغولية كبيرة ضد الدولة الخوارزمية، وهي دولة إسلامية تقع إلى الشرق من بلاد فارس المعروفة حاليًا بإيران، وذلك بين سنوات 616-654 هـ 1219-1256 م، وتلاها استيلاء المغول على بلاد آسيا الصغرى والعراق والقفقاس، حيث بدأ الأمر بأن أصبحت دولة المغول على حدود الدولة الخوارزمية بعد غزوها للصين وآسيا الوسطى، فعقد جنكيزخان اتفاق حسن جوار مع ملك خوارزم محمد خوارزم شاه الثاني، ثم وقعت حادثة مقتل تجار قافلة من المغول في مدينة أترار في خوارزم، فثار جنكيز خان غضبًا واتخذ منها ذريعة لنقض الاتفاق وغزو خوارزم والعالم الإسلامي.[٤]
بدأ جنكيز خان حملته العسكرية ضد الدولة الخوارزمية، ونصّب ابنه جوجي خان قائدًا عليها، سنة 1219 م 616 هـ، فانهزم السلطان الخوارزمي، وتبينت له مدى قوة المغول، ففضل عدم العودة لمواجهتهم لاحقًا، وقبل وفاته سنة 617 هـ، أوصى بالحكم من بعده لنجله جلال الدين، ولكن تمكن السلطان الجديد من الصمود أمام الجيش المغولي أكثر من عشر سنوات، وفي سنة 626 هـ، شن المغول الهجوم الثاني بأوامر منكو خان. بهدف القضاء على صمود الدولة الخوارزمية، واحتلال المناطق المتبقية منها، وبالفعل أدّى ذلك لنهاية حكم الدولة الخوارزمية في فارس، كما نهب المغول وقتلوا كثيرًا من سكان المدن الرئيسية، مثل سمرقند ومرو وهراة ونيسابور وغيرها، كما دمروا العاصمة كهنه غرغانج تمامًا، وتعرض وشمال وشرق البلاد للتخريب، بالإضافة لخراب مدن وسط وغرب فارس، مثل قم وقزوين وهمدان.[٤]
ثم قرر خلفاء جنكيز خان تأمين السيطرة على المناطق التي غزوها وتدعيم دولتهم عوضًا عن مواصلة الغزو واحتلال مزيد من المناطق والدول، ففي سنة 1254 م 654 هـ، بدأ الهجوم المغولي الثالث، وكان يهدف هذه المرة للقضاء على دولة الحشاشين الإسماعيلية، فتم اجتياح قلاعهم واحدةً تلو الأخرى، والاستيلاء على أموالها ونهب خيراتها، وفي نفس السنة وقعت قلعة آلموت معقلهم الرئيسي في قبضة المغول، فقضوا على الحشاشين ودمروا القلعة وسوّوها بالأرض، وبدأو هجوم المغول علىالسلاجقة. وبالعموم كانت أهم أسباب عدم صمود هذه الدول هي كثرة الخلافات فيها وضعف قوتها الإدارية والسياسية.[٤]
الغزو المغولي للدولة العباسية في العراق
استمر توجه الغزو المغولي شرقًا، فغزوا الإمارات الروسية ودول أوروبا الشرقية، وجاء دور الدولة العباسية في العراق، وهو الهدف الذي رسمه منكو خان، فكانت العاصمة بغداد ومجمل دولة الخلافة العباسية قد اعترتها الشيخوخة وألمت بها عوامل الانحلال الحضاري، والتي كانت قد بدأت قبل وصول التتار بعقود من الزمن، مثل تفكك الروابط بين بغداد وبقية البلاد الإسلامية، واستقلال كل إقليم بأمره. وكان الخليفة العباسي عند وصول المغول هو المستعصم بالله. وفي رمضان 655 هـ، أرسل هولاكو إلى الخليفة تهديدًا في صورة رسالة معاتبًا إياه لعدم مناصرته في الحملة على قلاع الحشاشين، فرفض الخليفة ورد برسالة أخرى تفيض عضبًا، وهكذا بدأ هولاكو الحملة العسكرية بعد استشارة المنجمين وحاشيته، فأصدر الأوامر بتحرك الجيوش من أطراف دولة الروم باتجاه الموصل نحو بغداد ليبدأ الحصار، واستطاع أن يستميل معه بعض القادة من العرب والمسلمين بجنودهم مثل الخواجة نصير الدين الطوسي، والوزير سيف الدين البينكجي وغيرهم.[٥]
ذهب الجيش العباسي بقيادة مجاهد الدين أيبك الدويدار لمواجهة المغول، فهزم بسهولة وقُتل معظم جنوده، وأحكم المغول الحصار على عاصمة الدولة العباسية بغداد، ولحوالي شهر حاولوا تخريب المدينة وفتح الأبراج، ولما أصبح موقف الخليفة صعبًا، حاول التفاوض معهم بإرسال الرسل والهدايا، فلم يستجب له هولاكو. فاستشار وزيره ابن العلقمي، فأشار عليه بالذهاب لملاقاة هولاكو للمفاوضات، فطلب هولاكو أن يحضر معه كبار رجال الدولة والعلماء لتكون المفاوضات ملزمة للجميع بحسب زعمه، فخرج بوفد من سبع مئة مرافق، وقبل وصولهم خيمة هولاكو اعترضهم فرقة من الحرس الملكي المغولي، ومنعت دخول جميع الوفد، وسمحت لسبعة رجال فقط، وأخذ الباقون للتفتيش بزعم المغول، ولكن في الحقيقة إلى القتل. فهكذا هي شيم المغول، فلا عهد لهم ولا أمان. وبدأ هولاكو بإصدار الأوامر للخليفة بأن يصدر الأوامر لأهل بغداد بتسليم السلاح وإلقائه، ثم قام بقتل كافة أعيان البلد والعلماء وذلك بمعونة من وزير الخليفة الخائن ابن العلقمي.[٥]
وقد كانت خيانة ابن العلقمي خيانة عظمى، وذات دور كبير ورئيس في الذي حصل مع الجيس العباسي، فإبن العلقمي جاسوسٌ كرس حياته لهذه اللحظة وهي إسقاط الدولة العباسية، وقد كانت خطته في ثلاثة اتجاهات وهي: إضعاف الجيش العباسي بقطع الأرزاق عنهم وتقليص أعدادهم، والتواصل مع المغول سرًا وإمدادهم بالمعلومات الخطيرة والحساسة حول الدولة العباسية، وتشجيع المغول لغزوها، وتخذيل الخليفة والناس عمومًا عن قتال المغول والزعم لهم أنهم يريدون السلام والإصلاح.[٦]
الغزو المغولي للدولة المملوكية في الشام
تمكن المماليك وذلك في بواكير عصرهم من صد الغزو المغولي لأول مرة في تاريخ الغزو المغولي بنجاح، وذلك في معركة عين جالوت الخالدة، حيث زحف المغول عقب تدمير الخلافة العباسية في بغداد نحو الشام، ووصلت جيوش هولاكو إلى حلب فدمرها، وتلاها بالسيطرة على دمشق وسائر معظم مدن ومناطق الشام، وذلك سنة 658هـ/1260م، ثم أرسل تهديدًا إلى السلطان المملوكي قطز يطلب منه الاستسلام، ولكن رفض قطز التهديدات بعد اجتماع طارئ مع أمراء الدولة، وأقدم على قتل رسل هولاكو، واضطر هولاكو للمغادرة لأمر طارئ إلى عاصمة المغول، تاركًا القيادة لكتبغا، فاستقرت مشورة المماليك على محاربة المغول والتصدي لهم، وقد تمكن كل من قطز والظاهر بيبرس من وضع خطة حربية متقنة، حيث نجحت بشكل باهر بصد الغزو المغولي قرب عبن جالوت، وذلك في 25 رمضان من عام 658هـ/1260م. وقُتل كتبغا قائدهم في المعركة،[٧] وانتهت بذلك أسطورة جيش المغول الذي لا يُقهر على مستوى العالمين الإسلامي والغربي، وبدأ بذلك يلمع نجم دولة المماليك الذي أعاد جيشها هيبة الحضارة الإسلامية.[٨]
دخول المغول في دين الإسلام
بقدر ما يشمئز المرء من المغول لقسوتهم ووحشيتهم، بقدر ما يُعجب ويرتاح لدخولهم في الإسلام. والعجيب أيضًا أنهم مرّوا في طريقهم بعدة أديان في الصين والهند من البوذية إلى الهندوسية والمسيحية في أوروبا، ولكن لم يدخلوا نهاية المطاف إلا في دين الإسلام، فالمشروع المغولي ليس لديه رسالة ثقافية أو حضارية، فلا يوجد من أثر لهم على العالم الإسلامي سوى التدمير والقتل والغزو، مما جعل الناس تخشى أنها نهاية العالم على يد يأجوج ومأجوج، ولم يتوانى المؤرخون والعلماء عن وصف هول ما حصل، ولكن بعد هزيمتهم في عين جالوت، بدأت أعداد منهم دخول الإسلام، حيث لم يمض نصف قرن على أول دخولهم العالم الإسلامي حتى كان أغلبهم قد دخلوا في دين الله، وأصبحوا يشاركون في الفتوحات والدفاع عن الإسلام، باستثناء حملة تيمورلنك الدموية التي أعادوا فيها الصورة الأولى البشعة للمغول، إلا أنه بالعموم فإنّ المغول بعد ذلك انخرطوا في المجتمعات الإسلامية وأصبحوا من أهلها، حتى أقاموا مملكة مغول الهند المسلمة، والتي اشتهرت بالعدل والنهوض الحضاري.[٩]
أسباب الغزو المغولي للبلاد الإسلامية
كان من أسباب زوال الدولة الخوارزمية هو البعد عن تحكيم الشرع الحنيف، وحادثة مقتل التجار المغول، وفشلها في بناء تيار حضاري، والكراهية وضعف الثقة المتبادلة بين الحكام والشعب بسبب الظلم، والنزاع الداخلي في الأسرة الحاكمة، ناهيك عن ضعف النظام العسكرية فيها،[١٠] وقد كتب محمد الصاوي في كتابه "هولاكو، الأمير السفّاح"، بعضًا من أسباب الغزو المغولي للبلاد الإسلامية في القرن الثالث عشر الميلادي، وكان منها جملة من الأسباب الاقتصادية والسياسية والعسكرية: مثل القحط والتصحر في إقليم آسيا الشرقية، فكان المغول بأمس الحاجة إلى المأكل والمشرب والملبس، ومع موجة القحط التي لحقت مناطقهم ازدادت حاجتهم، وكان لعدم تعاون السلطان علاء الدين محمد خوارزم شاه مع المغول ومنعهم من التجارة في بلاده أثر كبير في ذلك. ومن الأسباب كذلك ارتفاع الحماسة القومية عند المغول، فقد ارتفعت روحهم المعنوية بفعل انتصاراتهم المتتالية في الصين وغيرها، مما زاد في طموحهم لوضع خطّة تهدف للسيطرة على المناطق المُحاذية لبلادهم، وبخاصة للاستيلاء على ثراء ومنجزات الدولة الخوارزمية الكبيرة بإمكاناتها العظيمة.[١١]
وعندما أراد جنكيزخان غزو الدولة الخوارزمية لم يجد مبررًا لنقض المعاهدات معها، فلما وقعت حادثة مقتل التجار المغول داخل أراضي الدولة الخوارزمية، أراد استغلالها للقيام بالغزو، فطلب من السلطان محمد بن خوارزم شاه تسليم القتلة لمحاكمتهم لديه، لكن السلطان رفض، ورغم أنه من المعروف في الأعراف الدولية أن المجرم يحاكم بحسب قانون البلد التي قام فيها بجريمته، وليس في بلد أخرى وبقوانين أخرى. إلا أن جنكيز خان لم يتقنع بذلك، مما يعني فعلًا أنه كان يخطط مسبقًا لاستغلال الحادثة للقيام بالغزو.[١٢]
نتائج الغزو المغولي للبلاد الإسلامية
كانت أهم نتائج الغزو المغولي للبلاد الإسلامية هي نهاية الخلافة العباسية، وكذلك سقوط بقايا الدولة الأيوبية، وبروز دولة المماليك على الساحة العربية والعالمية كقائدة للأمة الإسلامية وصاحبة أول جيش في العالم تمكن من تحقيق انتصار هائل على الغزو المغولي الهجمي،[١٣] وحسب عالم الآثار علمداري، فقد كان الدمار الثقافي المعنوي أشد من الدمار المادي في المدن والاقتصاد، فقد دمر المغول مراكز العلم والفكر والثقافة دون أن يأتوا ببديل عنها، فأحرقوا معظم المكتبات جهلًا بفائدتها، كما أزالوا العديد من المدن الكبيرة بهندستها المعمارية المميزة، ومعها جميع ما يلحق بها من مراكز فكرية. فأدى ذلك إلى إعاقة حركة تطور المجتمعات الإسلامية فكريًا لعقود تالية من الزمن، فعاد الناس للاعتقاد بالخرافات وكثر الجهل، مما أدى إلى عدم اكتراث الشعوب ووعيهم بمصائرهم ومستقبلهم. كما انتشرت الصوفية بين الكثير من الناس بشكلها السطحي بعد تلك الفترة، فقد وجدوا فيها الملجأ المعنوي والروحي لهم، ومن وأهم النتائج أيضًا:[٤]
- انخفاض عدد السكان: تسببت المجازر الكبيرة بانخفاض الكثافة السكانية بشكل حاد في المدن؛ ما تسبب بانهيار مقومات الاقتصاد بعد الغزو المغولي. حتى قيل أن كل مدينة كان فيها 100 ألف نسمة، لم يبق فيها 100 نسمة.
- انهيار الزراعة: عمل المغول على تدمير قنوات الري وتخريب الأنهار، كما أن نقصان عدد السكان واضطراب البلاد تسبب بتوقف الزراعة لفترة طويلة.
- استعباد أصحاب المهن: كان المغول يدركون أهمية الحرفيين ودورهم في الإنتاج والاقتصاد، فعملوا على استعبادهم وأخذهم إلى منغوليا.
- هجرة المفكرين: عند الغزو المغولي قُتل كثير من المفكرين والعلماء، فهاجر الكثير ممن لم يلقوا حتفهم إلى مناطق أخرى أكثر أمنًا، وتُعد منطقة الأناضول في آسيا الصغرى تحت حكم سلاجقة الروم من الدول الآمنة نسبيًا والتي حافظت على تراثها الفكري إلى حد كبير.
- تأسيس الدولة الإلخانية: وهي دولة مغولية من سلالة جنكيز خان نشأت في بلاد فارس ولكنها كانت مستقلة عن عاصمة المغول، وتطبعت بطابع الثقافة الفارسية.
المراجع
1 . ↑ "مغول"، ar.wikipedia.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-07. بتصرّف.
2 . ↑ العقيد الركن الدكتور عبد السلام ذنون العلي، المغول واحتلال بغداد سنة 656 هـ 1258 م دراسة في التاريخ العسكري، صفحة 11. بتصرّف.
3 . ^ أ ب ت "الزحف المغولي على العالم الإسلامي"، www.islamichistory.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-07. بتصرّف.
4 . ^ أ ب ت ث "الغزو المغولي لخوارزم"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-07. بتصرّف.
5 . ^ أ ب د محمد علي الصلابي، دولة المغول والتتار، صفحة 195 - 197. بتصرّف.
6 . ↑ "ابن العلقمي والخيانة العظمى"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-08. بتصرّف.
7 . ↑ "دولة المماليك"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-07. بتصرّف.
8 . ↑ سامي بن عبدالله المغلوث، أطلس الأديان، صفحة 450. بتصرّف.
9 . ↑ "دخول المغول في الإسلام"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-08. بتصرّف.
10 . ↑ إيناس محمد البهيجي، تاريخ المغول و غزو الدولة الإسلامية، صفحة 160-165. بتصرّف.
11 . ↑ هولاكو، الأمير السفّاح، الصاوي محمد الصاوي، صفحة 15. بتصرّف.
12 . ↑ "التتار من البداية إلى عين جالوت - أسباب غزو التتار للدولة الخوارزمية رابط المادة:"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2020-07-07. بتصرّف.
13 . ↑ طارق فتحي سلطان / سالم یونس محمد المولى، موقف الممالیك من الغزو المغولي، صفحة 156-167. بتصرّف.