لماذا ينبغي على مرضى القلب تجنب زيت السمك؟
تحتاج أجسامنا إلى العديد من المواد الغذائية للحفاظ على سلامتها وتزويدها بالطاقة، وتُعد أحماض أوميغا-3 الدسمة إحدى أهم هذه المكونات، وتأتي هذه الأهمية من كونها مصدرًا خارجيًا فقط، فلا يستطيع الجسم تكوينها داخليًا، وقد أشارت العديد من الدراسات السابقة إلى أهمية هذه الأحماض وخاصةً على صحة القلب، لكن هل من المحتمل أن تشتمل هذه الأحماض أضرارًا على القلب ؟
في الواقع، أشارت عملية تحليل بيانات لدراسات أجرتها الجمعية الأوروبية لطب القلب إلى أن تناول أحماض أوميغا-3 يترافق مع زيادة في احتمال الإصابة بالرجفان الأذيني عند من لديهم مستويات مرتفعة من الشحوم الثلاثية، وهي نوع من الشحوم الموجودة في الدم.
قال مؤلف هذه الدراسة البروفيسور سالفاتور كاربوني من جامعة فيرجينيا كومونولث: «تُوصف زيوت السمك حاليًا للمرضى الذين لديهم مستويات مرتفعة من الشحوم الثلاثية للتقليل من خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية، وهي أدوية تُوصف بشكل شائع نظرًا إلى عدد السكان الكبير الذين يعانون من ارتفاع مستويات الشحوم الثلاثية».
بحثت هذه الدراسة في خمس تجارب منضبطة، وتحققت من تأثير أحماض أوميغا-3 الدسمة على الحالات القلبية الوعائية. وكانت مستويات الشحوم الثلاثية مرتفعةً لدى جميع المشاركين في هذه الدراسة الذين زاد عددهم على 50,000، وكانوا جميعًا إما معرضين لخطر متزايد للإصابة بمرض قلبي وعائي، أو قد شُخِّصوا به سابقًا. وأُعطِي قسم من المشاركين زيت السمك (أحد مصادر أحماض أوميغا-3)، والقسم الآخر حصل على علاج وهمي، وكانت الجرعة اليومية من زيت السمك تتراوح بين 0.84 غرام و 4 غرامات.
راقب الباحثون المشاركين لمدة 7 سنوات ونصف تقريبًا. وأظهرت النتائج ارتفاعًا هامًا في خطورة حدوث الرجفان الأذيني عند الذين تناولوا مواد حاويةً على أحماض أوميغا-3 مقارنةً بالذين تناولوا علاجًا وهميًا.
ما هو الرجفان الأذيني؟
يجيبنا الطبيب مايكل جويفمان، مدير العيادة القلبية في مستشفى لونغ آيلاند جيويش فوريست هيل في نيويورك، حيث يقول: «إن الرجفان الأذيني يتمثل باضطراب في نظم القلب، يتميز بنشاط كهربائي غير طبيعي في الأذين الأيسر. قد يشعر البعض بخفقان القلب في إطار الإصابة بالرجفان الأذيني، وقد لا يشعر البعض الآخر بأية أعراض. ويكمن الخطر الأكبر في أن الرجفان الأذيني يزيد من احتمال الإصابة بسكتة دماغية أو غيرها من حوادث الانصمام الخثاري، التي تتشكل فيها خثرات في القلب، يليها تحطم هذه الخثرة وانتقال أجزائها إلى الدماغ والعديد من الأعضاء الأخرى. وتوصف مضادات التخثر للتخفيض من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية عند مرضى الرجفان الأذيني».
أنواع مختلفة
تُعد أحماض أوميغا-3، وفقًا للمعاهد الوطنية الأمريكية للصحة أحماضًا دسمة أساسية، أي لا يمكن أجسادنا تشكيلها داخليًا، ونحتاج إلى استهلاكها من مصدر خارجي للحفاظ على تراكيز صحية منها. وتؤكد المعاهد على أهمية هذه الأحماض في تشكيل الغشاء الخلوي الذي يحيط بجميع خلايا الجسم. ومن أنواع هذه الأحماض:
أشار الطبيب جويفمان إلى انخفاض هام في خطورة الإصابة بمرض قلبي وعائي عند الأشخاص الأصحاء الذين يتبعون حمية غنية بأحماض أوميغا-3 مثل حمية البحر الأبيض المتوسط. وأظهرت ورقة بحثية نشرت في مجلة Circulation عام 2019 أن تناول 4 غرامات من أحماض أوميغا-3 يوميًا قد يخفض تراكيز الشحوم الثلاثية بنسبة 20% إلى 30% عند معظم الناس.
ما أهمية خفض تراكيز الشحوم الثلاثية؟
يقول جويفمان: «إن الشحوم الثلاثية نوع من الشحوم الموجودة في أجسادنا، وتقاس مستوياتها في الدم باختبارات مشابهة لاختبارات قياس الشحوم الأخرى، مثل الكوليسترول عالي الكثافة أو ما يعرف بالكوليسترول الجيد، والكوليسترول منخفض الكثافة أو ما يعرف بالكوليسترول السيئ. ومع أن المستويات المرتفعة من الشحوم الثلاثية ترافقت أحيانًا مع حدوث أمراض قلبية وعائية، فالعلاقة السببية بينهما لم تُؤكَّد بعد، لذلك لا نستطيع استخدام مستويات الشحوم الثلاثية لتقدير خطورة الإصابة بسكتة دماغية أو نوبة قلبية».
وهنا نقف أمام سؤال مهم: هل تفوق فوائد تناول الأصحاء لأحماض أوميغا-3 المخاطر المحتملة؟
في الواقع، ما يزال هذا الأمر غامضًا.
يقول الطبيب لورانس إبشتاين، مدير قسم الفيزيولوجيا الكهربائية في مستشفى ساندرا باس أتلاس لطب القلب التابعة لمركز نورث ويل الصحي في نيويورك: «ما يزال الأمر مثيرًا للجدل، وهو ما دفع لإجراء هذه الدراسة. يدّعي البعض أن هذه الأحماض تخفض من خطورة حدوث مرض القلب التاجي، وذلك من خلال التأثير على الشحوم مثل الشحوم الثلاثية، وأشار البعض أيضًا إلى قدرتها على التخفيض من خطورة اضطرابات النظم المهددة للحياة»، ويضيف: «من الضروري إخبار المريض الطبيب عن جميع المكملات التي يتناولها. وتقترح هذه الدراسة الابتعاد عن أحماض أوميغا-3 عند مرضى الرجفان الأذيني».
قضية معقدة
يقول جويفمان: «أظهرت تجربة رديوس-إت أن المرضى المرتفعة لديهم تراكيز الشحوم الثلاثية، والذين يتناولون مكملات أحماض أوميغا-3 الموصوفة حصرًا قد انخفضت لديهم خطورة الإصابة بأمراض قلبية وعائية مثل النوبة القلبية، وهذا ما يطرح سؤالًا معقدًا للتفكير به».
يمكن وفقًا لجويفمان معالجة الرجفان الأذيني ببعض الأدوية أو الإجراءات الطبية أو بكليهما. ويمكن تخفيض خطر السكتة الدماغية بتناول مضادات التخثر.
يقول جويفمان: «يجادل البعض أن التقليل من الوفيات فائدةٌ تفوق مخاطر الإصابة بالرجفان الأذيني. وبالمقابل، فإن تناول بعض الأشخاص الذين لا يحتاجون لفوائد هذه الأحماض قد يعرضون أنفسهم لخطورة غير ضرورية للإصابة بالرجفان الأذيني».
الحاجة إلى المزيد من الأبحاث
يشير جويفمان إلى أهمية وضع تعدد أنواع أحماض أوميغا-3 في الحسبان، فقد استخدم حمض الإيكوسابنتاينويك فقط في تجربة رديوس-إت، واستخدم مزيج من حمض الإيكوسابنتاينويك وحمض الدوكوساهكساينويك في تجربة القوة والتي لم تظهر فائدة تُذكَر.
يقول جويفمان: « هل استخدام مركبات مختلفة يُشبه مقارنة التفاح بالبرتقال؟».
ويؤكد جويفمان على أهمية رجوع المريض إلى طبيبه وعدم اتخاذ قرار إيقاف أو استخدام مكملات أوميغا-3 من تلقاء نفسه، وذلك حتى إجراء دراسات أكثر باستخدام أنواع وجرعات مختلفة من هذه الأحماض.
ويشير إبشتاين إلى أن هذه المكملات تخضع لتنظيم سيئ، وتوصف غالبيتها دون تحذيرات، ويجب تنظيمها بشكل أفضل في المستقبل.
المصدر
تحتاج أجسامنا إلى العديد من المواد الغذائية للحفاظ على سلامتها وتزويدها بالطاقة، وتُعد أحماض أوميغا-3 الدسمة إحدى أهم هذه المكونات، وتأتي هذه الأهمية من كونها مصدرًا خارجيًا فقط، فلا يستطيع الجسم تكوينها داخليًا، وقد أشارت العديد من الدراسات السابقة إلى أهمية هذه الأحماض وخاصةً على صحة القلب، لكن هل من المحتمل أن تشتمل هذه الأحماض أضرارًا على القلب ؟
في الواقع، أشارت عملية تحليل بيانات لدراسات أجرتها الجمعية الأوروبية لطب القلب إلى أن تناول أحماض أوميغا-3 يترافق مع زيادة في احتمال الإصابة بالرجفان الأذيني عند من لديهم مستويات مرتفعة من الشحوم الثلاثية، وهي نوع من الشحوم الموجودة في الدم.
قال مؤلف هذه الدراسة البروفيسور سالفاتور كاربوني من جامعة فيرجينيا كومونولث: «تُوصف زيوت السمك حاليًا للمرضى الذين لديهم مستويات مرتفعة من الشحوم الثلاثية للتقليل من خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية، وهي أدوية تُوصف بشكل شائع نظرًا إلى عدد السكان الكبير الذين يعانون من ارتفاع مستويات الشحوم الثلاثية».
بحثت هذه الدراسة في خمس تجارب منضبطة، وتحققت من تأثير أحماض أوميغا-3 الدسمة على الحالات القلبية الوعائية. وكانت مستويات الشحوم الثلاثية مرتفعةً لدى جميع المشاركين في هذه الدراسة الذين زاد عددهم على 50,000، وكانوا جميعًا إما معرضين لخطر متزايد للإصابة بمرض قلبي وعائي، أو قد شُخِّصوا به سابقًا. وأُعطِي قسم من المشاركين زيت السمك (أحد مصادر أحماض أوميغا-3)، والقسم الآخر حصل على علاج وهمي، وكانت الجرعة اليومية من زيت السمك تتراوح بين 0.84 غرام و 4 غرامات.
راقب الباحثون المشاركين لمدة 7 سنوات ونصف تقريبًا. وأظهرت النتائج ارتفاعًا هامًا في خطورة حدوث الرجفان الأذيني عند الذين تناولوا مواد حاويةً على أحماض أوميغا-3 مقارنةً بالذين تناولوا علاجًا وهميًا.
ما هو الرجفان الأذيني؟
يجيبنا الطبيب مايكل جويفمان، مدير العيادة القلبية في مستشفى لونغ آيلاند جيويش فوريست هيل في نيويورك، حيث يقول: «إن الرجفان الأذيني يتمثل باضطراب في نظم القلب، يتميز بنشاط كهربائي غير طبيعي في الأذين الأيسر. قد يشعر البعض بخفقان القلب في إطار الإصابة بالرجفان الأذيني، وقد لا يشعر البعض الآخر بأية أعراض. ويكمن الخطر الأكبر في أن الرجفان الأذيني يزيد من احتمال الإصابة بسكتة دماغية أو غيرها من حوادث الانصمام الخثاري، التي تتشكل فيها خثرات في القلب، يليها تحطم هذه الخثرة وانتقال أجزائها إلى الدماغ والعديد من الأعضاء الأخرى. وتوصف مضادات التخثر للتخفيض من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية عند مرضى الرجفان الأذيني».
أنواع مختلفة
تُعد أحماض أوميغا-3، وفقًا للمعاهد الوطنية الأمريكية للصحة أحماضًا دسمة أساسية، أي لا يمكن أجسادنا تشكيلها داخليًا، ونحتاج إلى استهلاكها من مصدر خارجي للحفاظ على تراكيز صحية منها. وتؤكد المعاهد على أهمية هذه الأحماض في تشكيل الغشاء الخلوي الذي يحيط بجميع خلايا الجسم. ومن أنواع هذه الأحماض:
- حمض ألفا لينولينيك.
- حمض الإيكوسابنتاينويك.
- حمض الدوكوساهكساينويك، الذي ترتفع مستوياته خاصةً في العين والدماغ والخلايا المنوية وله دور هام في العديد من وظائف الجسد.
أشار الطبيب جويفمان إلى انخفاض هام في خطورة الإصابة بمرض قلبي وعائي عند الأشخاص الأصحاء الذين يتبعون حمية غنية بأحماض أوميغا-3 مثل حمية البحر الأبيض المتوسط. وأظهرت ورقة بحثية نشرت في مجلة Circulation عام 2019 أن تناول 4 غرامات من أحماض أوميغا-3 يوميًا قد يخفض تراكيز الشحوم الثلاثية بنسبة 20% إلى 30% عند معظم الناس.
ما أهمية خفض تراكيز الشحوم الثلاثية؟
يقول جويفمان: «إن الشحوم الثلاثية نوع من الشحوم الموجودة في أجسادنا، وتقاس مستوياتها في الدم باختبارات مشابهة لاختبارات قياس الشحوم الأخرى، مثل الكوليسترول عالي الكثافة أو ما يعرف بالكوليسترول الجيد، والكوليسترول منخفض الكثافة أو ما يعرف بالكوليسترول السيئ. ومع أن المستويات المرتفعة من الشحوم الثلاثية ترافقت أحيانًا مع حدوث أمراض قلبية وعائية، فالعلاقة السببية بينهما لم تُؤكَّد بعد، لذلك لا نستطيع استخدام مستويات الشحوم الثلاثية لتقدير خطورة الإصابة بسكتة دماغية أو نوبة قلبية».
وهنا نقف أمام سؤال مهم: هل تفوق فوائد تناول الأصحاء لأحماض أوميغا-3 المخاطر المحتملة؟
في الواقع، ما يزال هذا الأمر غامضًا.
يقول الطبيب لورانس إبشتاين، مدير قسم الفيزيولوجيا الكهربائية في مستشفى ساندرا باس أتلاس لطب القلب التابعة لمركز نورث ويل الصحي في نيويورك: «ما يزال الأمر مثيرًا للجدل، وهو ما دفع لإجراء هذه الدراسة. يدّعي البعض أن هذه الأحماض تخفض من خطورة حدوث مرض القلب التاجي، وذلك من خلال التأثير على الشحوم مثل الشحوم الثلاثية، وأشار البعض أيضًا إلى قدرتها على التخفيض من خطورة اضطرابات النظم المهددة للحياة»، ويضيف: «من الضروري إخبار المريض الطبيب عن جميع المكملات التي يتناولها. وتقترح هذه الدراسة الابتعاد عن أحماض أوميغا-3 عند مرضى الرجفان الأذيني».
قضية معقدة
يقول جويفمان: «أظهرت تجربة رديوس-إت أن المرضى المرتفعة لديهم تراكيز الشحوم الثلاثية، والذين يتناولون مكملات أحماض أوميغا-3 الموصوفة حصرًا قد انخفضت لديهم خطورة الإصابة بأمراض قلبية وعائية مثل النوبة القلبية، وهذا ما يطرح سؤالًا معقدًا للتفكير به».
يمكن وفقًا لجويفمان معالجة الرجفان الأذيني ببعض الأدوية أو الإجراءات الطبية أو بكليهما. ويمكن تخفيض خطر السكتة الدماغية بتناول مضادات التخثر.
يقول جويفمان: «يجادل البعض أن التقليل من الوفيات فائدةٌ تفوق مخاطر الإصابة بالرجفان الأذيني. وبالمقابل، فإن تناول بعض الأشخاص الذين لا يحتاجون لفوائد هذه الأحماض قد يعرضون أنفسهم لخطورة غير ضرورية للإصابة بالرجفان الأذيني».
الحاجة إلى المزيد من الأبحاث
يشير جويفمان إلى أهمية وضع تعدد أنواع أحماض أوميغا-3 في الحسبان، فقد استخدم حمض الإيكوسابنتاينويك فقط في تجربة رديوس-إت، واستخدم مزيج من حمض الإيكوسابنتاينويك وحمض الدوكوساهكساينويك في تجربة القوة والتي لم تظهر فائدة تُذكَر.
يقول جويفمان: « هل استخدام مركبات مختلفة يُشبه مقارنة التفاح بالبرتقال؟».
ويؤكد جويفمان على أهمية رجوع المريض إلى طبيبه وعدم اتخاذ قرار إيقاف أو استخدام مكملات أوميغا-3 من تلقاء نفسه، وذلك حتى إجراء دراسات أكثر باستخدام أنواع وجرعات مختلفة من هذه الأحماض.
ويشير إبشتاين إلى أن هذه المكملات تخضع لتنظيم سيئ، وتوصف غالبيتها دون تحذيرات، ويجب تنظيمها بشكل أفضل في المستقبل.
المصدر