كوكب الأرض قريب من الثقب الأسود أكثر مما توقعنا!
يوفق الخريطة الجديدة المصممة حديثًا لمجرة درب التبانة، يقع النظام الشمسي في مكان مختلف عن المكان الذي ظن القدماء أنه موجود فيه. مؤخرًا، أعلن مجموعة من علماء الفلك أن النظام الشمسي قريب جدًا من مركز مجرة درب التبانة، ليصبح بذلك أقرب مما سبق من الثقب الأسود القابع في مركز المجرة في كوكبة القوس، وهو الثقب المعروف باسم القوس أ.
لا يدعو هذا الأمر للقلق، فكوكب الأرض لا يتحرك باتجاه هذا الثقب، ولا يوجد احتمال مؤكد بأن هذا الثقب قد يبتلعنا يومًا ما. كل ما في الأمر أن العلماء قد توصلوا إلى رسم خريطة جديدة لمجرة درب التبانة.
كيف يُقاس لمعان النجوم في السماء؟
لطالما حير التوصلُ إلى استيعاب مفهوم الفضاء العلماء والكثير من الناس. سهل علينا أن ندرك الطبيعة ثنائية الأبعاد للنجوم والكواكب والأجرام الأخرى، ولكن بعد نجاح العلماء مؤخرًا في تصميم خريطة ثلاثية الأبعاد قد يصبح صعبًا على الكثيرين تخيل المسافات الحقيقية التي تفصلنا عن بقية الأجرام في الفضاء.
من هنا تبرز أهمية المسافة التي يستدل بها على مستوى لمعان جرم ما. لنأخذ نجم منكب الجوزاء مثالًا على ذلك، هذا النجم الذي اكتشف العلماء أنه أقرب إلينا مما أشارت إليه حساباتنا السابقة، ما قد يجعلنا نجرده من صفة ألمع نجوم سماء الليل وأكبرها حجمًا.
ومن الأمثلة المشهورة أيضًا على أهمية المسافة في قياس لمعان النجوم، انفجار النجم سي كي فولباكيلي منذ 350 عامًا، إذ توصل العلماء أيضًا إلى أن هذا النجم أبعد مما اعتقدنا سابقًا، ما يعني أن انفجاره كان أكثر لمعانًا ووضوحًا في سماء الليل، بل أكثر قوة مما ظننا.
يستخدم العلماء علم القياسات الفلكية لتحديد أماكن وجود النجوم والكواكب، وهو علم دائم التطور ويعتمد كثيرًا على أحدث التقنيات التكنولوجية. ومع التطور المستمر للتكنولوجيا والتقنيات المستخدمة في الرصد، تمكن العلماء مؤخرًا من تصميم خريطة ثلاثية الأبعاد لمجرتنا، واستعان العلماء في تصميمها بأحدث وأقوى مرصد راديوي في العالم: «مرصد فيرا الراديوي».
كيف تُرسم خريطة لمركز المجرة؟
يقع مرصد فيرا في إحدى جزر الأرخبيل الياباني، وهو تلسكوب راديوي عملاق يبلغ قطر تلسكوبه الكبير 2300 كم. يعمل مرصد فيرا على جمع البيانات من مجموعة تلسكوبات لإنتاج صور بالغة الدقة، وقد يشبه مرصد فيرا مرصد أفق الحدث أو إيفينت هورايزون الذي نجحنا بفضله العام الماضي في التقاط أول صورة في التاريخ للثقب الأسود.
بدأ مرصد فيرا مراقبة النجوم منذ عام 2000، وصُمم في البداية للمساعدة في عملية حساب المسافات بين النجوم باستخدام الموجات الراديوية. وعلى مدار عام كامل، وباستخدام كل الأجهزة العلمية المتطورة به، راقب هذا المرصد لمعان النجوم ورصد الاختلاف في إزاحتها عنا، واستطاع رصد بعض التغييرات في مواضعها.
يمكن الاعتماد على اختلاف موضع النجم في حساب مدى بعده عن كوكب الأرض، وهي تقنية وإن كانت الأوسع انتشارًا بين علماء الفلك، لكنها ليست دقيقة في كل الحالات، لهذا سعى العلماء إلى استخدام صور مرصد فيرا وبياناته التي تقارب جودتها 10 ميلي ثانية في الثانية القوسية، وهي فترة زمنية كافية جدًا لتبنى عليها قياسات فلكية بالغة الدقة. استطاع العلماء باستخدام الطريقة نفسها تحديد موقع نظامنا الشمسي بالنسبة لمجرة درب التبانة.
مبكرًا في العام الجاري، أصدر مرصد فيرا دليلًا فلكيًا يشمل صورًا بالغة الدقة لمجموعة نجوم يبلغ عددها 99 جرمًا سماويًا، ما يُعِد الدليل الفلكي الأحدث والأدق الذي اعتمد عليه علماء الفلك في تصميمهم لخريطة سماوية شاملة تحمل بيانات أخرى عن هذه النجوم، مثل مستوى لمعان هذه النجوم وموقعها في السماء وكذلك سرعة دوران كل منها. وباستخدام هذه الخريطة الشاملة، تمكن العلماء من تحديد موقع النظام الشمسي من مركز مجرة درب التبانة.
الاختلاف في المسافات بين الماضي والحاضر
في عام 1985، أعلن الاتحاد الفلكي الدولي أن المسافة بيننا وبين مركز مجرة درب التبانة يبلغ نحو 27700 سنة ضوئية. في العام السابق، أعلنت نتائج أبحاث مشروع جرافيتي أن المسافة بيننا وبين مركز المجرة أقرب من النتيجة المعلنة سابقًا، وأن المسافة التي قدرها العلماء تقترب من 26673 سنة ضوئية فقط.
أما مرصد فيرا الراديوي، فقد أصدر حساباته وقياساته الخاصة بالمسافة بيننا وبين مركز المجرة التي قدرها العلماء بنحو 25800 سنة ضوئية، وأعلن المرصد ازدياد سرعة دوران النظام الشمسي حتى 227 كم في الثانية.
قد لا يبدو الفارق كبيرًا جدًا، إلا أنه ذو أثر كبير على قياساتنا وتفسيراتنا للنشاط الذي يشهده مركز مجرتنا، إضافة إلى أن هذا التغيير قد يرسم لنا صورة تخيلية ولكنها أكثر قربًا من حقيقة الثقب الأسود القابع في مركز المجرة في كوكبة القوس.
هذا ويأمل العلماء أنه بدمج بيانات مرصد فيرا الراديوي مع بيانات مرصد ال بي أي الراديوي في كوريا الجنوبية سيتمكن العلماء من وضع قياسات أدق لموقع مركز المجرة بالنسبة لموقع نظامنا الشمسي.
المصدر
يوفق الخريطة الجديدة المصممة حديثًا لمجرة درب التبانة، يقع النظام الشمسي في مكان مختلف عن المكان الذي ظن القدماء أنه موجود فيه. مؤخرًا، أعلن مجموعة من علماء الفلك أن النظام الشمسي قريب جدًا من مركز مجرة درب التبانة، ليصبح بذلك أقرب مما سبق من الثقب الأسود القابع في مركز المجرة في كوكبة القوس، وهو الثقب المعروف باسم القوس أ.
لا يدعو هذا الأمر للقلق، فكوكب الأرض لا يتحرك باتجاه هذا الثقب، ولا يوجد احتمال مؤكد بأن هذا الثقب قد يبتلعنا يومًا ما. كل ما في الأمر أن العلماء قد توصلوا إلى رسم خريطة جديدة لمجرة درب التبانة.
كيف يُقاس لمعان النجوم في السماء؟
لطالما حير التوصلُ إلى استيعاب مفهوم الفضاء العلماء والكثير من الناس. سهل علينا أن ندرك الطبيعة ثنائية الأبعاد للنجوم والكواكب والأجرام الأخرى، ولكن بعد نجاح العلماء مؤخرًا في تصميم خريطة ثلاثية الأبعاد قد يصبح صعبًا على الكثيرين تخيل المسافات الحقيقية التي تفصلنا عن بقية الأجرام في الفضاء.
من هنا تبرز أهمية المسافة التي يستدل بها على مستوى لمعان جرم ما. لنأخذ نجم منكب الجوزاء مثالًا على ذلك، هذا النجم الذي اكتشف العلماء أنه أقرب إلينا مما أشارت إليه حساباتنا السابقة، ما قد يجعلنا نجرده من صفة ألمع نجوم سماء الليل وأكبرها حجمًا.
ومن الأمثلة المشهورة أيضًا على أهمية المسافة في قياس لمعان النجوم، انفجار النجم سي كي فولباكيلي منذ 350 عامًا، إذ توصل العلماء أيضًا إلى أن هذا النجم أبعد مما اعتقدنا سابقًا، ما يعني أن انفجاره كان أكثر لمعانًا ووضوحًا في سماء الليل، بل أكثر قوة مما ظننا.
يستخدم العلماء علم القياسات الفلكية لتحديد أماكن وجود النجوم والكواكب، وهو علم دائم التطور ويعتمد كثيرًا على أحدث التقنيات التكنولوجية. ومع التطور المستمر للتكنولوجيا والتقنيات المستخدمة في الرصد، تمكن العلماء مؤخرًا من تصميم خريطة ثلاثية الأبعاد لمجرتنا، واستعان العلماء في تصميمها بأحدث وأقوى مرصد راديوي في العالم: «مرصد فيرا الراديوي».
كيف تُرسم خريطة لمركز المجرة؟
يقع مرصد فيرا في إحدى جزر الأرخبيل الياباني، وهو تلسكوب راديوي عملاق يبلغ قطر تلسكوبه الكبير 2300 كم. يعمل مرصد فيرا على جمع البيانات من مجموعة تلسكوبات لإنتاج صور بالغة الدقة، وقد يشبه مرصد فيرا مرصد أفق الحدث أو إيفينت هورايزون الذي نجحنا بفضله العام الماضي في التقاط أول صورة في التاريخ للثقب الأسود.
بدأ مرصد فيرا مراقبة النجوم منذ عام 2000، وصُمم في البداية للمساعدة في عملية حساب المسافات بين النجوم باستخدام الموجات الراديوية. وعلى مدار عام كامل، وباستخدام كل الأجهزة العلمية المتطورة به، راقب هذا المرصد لمعان النجوم ورصد الاختلاف في إزاحتها عنا، واستطاع رصد بعض التغييرات في مواضعها.
يمكن الاعتماد على اختلاف موضع النجم في حساب مدى بعده عن كوكب الأرض، وهي تقنية وإن كانت الأوسع انتشارًا بين علماء الفلك، لكنها ليست دقيقة في كل الحالات، لهذا سعى العلماء إلى استخدام صور مرصد فيرا وبياناته التي تقارب جودتها 10 ميلي ثانية في الثانية القوسية، وهي فترة زمنية كافية جدًا لتبنى عليها قياسات فلكية بالغة الدقة. استطاع العلماء باستخدام الطريقة نفسها تحديد موقع نظامنا الشمسي بالنسبة لمجرة درب التبانة.
مبكرًا في العام الجاري، أصدر مرصد فيرا دليلًا فلكيًا يشمل صورًا بالغة الدقة لمجموعة نجوم يبلغ عددها 99 جرمًا سماويًا، ما يُعِد الدليل الفلكي الأحدث والأدق الذي اعتمد عليه علماء الفلك في تصميمهم لخريطة سماوية شاملة تحمل بيانات أخرى عن هذه النجوم، مثل مستوى لمعان هذه النجوم وموقعها في السماء وكذلك سرعة دوران كل منها. وباستخدام هذه الخريطة الشاملة، تمكن العلماء من تحديد موقع النظام الشمسي من مركز مجرة درب التبانة.
الاختلاف في المسافات بين الماضي والحاضر
في عام 1985، أعلن الاتحاد الفلكي الدولي أن المسافة بيننا وبين مركز مجرة درب التبانة يبلغ نحو 27700 سنة ضوئية. في العام السابق، أعلنت نتائج أبحاث مشروع جرافيتي أن المسافة بيننا وبين مركز المجرة أقرب من النتيجة المعلنة سابقًا، وأن المسافة التي قدرها العلماء تقترب من 26673 سنة ضوئية فقط.
أما مرصد فيرا الراديوي، فقد أصدر حساباته وقياساته الخاصة بالمسافة بيننا وبين مركز المجرة التي قدرها العلماء بنحو 25800 سنة ضوئية، وأعلن المرصد ازدياد سرعة دوران النظام الشمسي حتى 227 كم في الثانية.
قد لا يبدو الفارق كبيرًا جدًا، إلا أنه ذو أثر كبير على قياساتنا وتفسيراتنا للنشاط الذي يشهده مركز مجرتنا، إضافة إلى أن هذا التغيير قد يرسم لنا صورة تخيلية ولكنها أكثر قربًا من حقيقة الثقب الأسود القابع في مركز المجرة في كوكبة القوس.
هذا ويأمل العلماء أنه بدمج بيانات مرصد فيرا الراديوي مع بيانات مرصد ال بي أي الراديوي في كوريا الجنوبية سيتمكن العلماء من وضع قياسات أدق لموقع مركز المجرة بالنسبة لموقع نظامنا الشمسي.
المصدر