يستطيع فيروس كورونا الجديد أن يغزو الدماغ
سجلت أحدث حالة لعدوى سارس-كوف-2 مقترنةً باختفاء مفاجئ وكلي لحاسة الشم لدى امرأة أربعينية. إن فقدان حاسة الشم (أنوسميا anosmia) هو أحد الدلائل التي تشير إلى الإصابة بكوفيد-19.
عندما تدخل رائحة ما الأنف، ترسل العصبونات في التجويف الأنفي رسائل إلى البصلة الشمية، وهي بنية توجد في الجزء الأمامي من الدماغ. تُنقَل هذه الإشارات إلى أجزاء مختلفة من الدماغ، ما جعل بعض الخبراء يتساءلون عمّ إذا كان من المحتمل أن يسبب فيروس كورونا المستجد ردود فعل عصبية ضارة.
كيف يؤثر فيروس مرتبط بالأخماج التنفسية في الدماغ؟ يحاول الباحثون اكتشاف ذلك. تخبرنا طبيبة الأمراض العصبية سيرينا سبوديتش المتخصصة في الأمراض المُعدية إنه ما زال من المبكر جدًّا تحديد كون سارس-كوف-2 يصيب الدماغ مباشرةً، رغم وجود دراسات محدودة تشير إلى احتمالية ذلك.
المسح الدماغي للمصابة يظهر غدد شمية طبيعية، مقارنةً بانسداد التهابي في جزء من نظام حاسة الشم يُعرف بالشقوق
ارتبط سارس، وهو فيروس من عائلة الفيروسات التاجية ومشابه بشدة للفيروس المسبب لكوفيد-19، بالأخماج الدماغية لدى المرضى. وجدت دراسة في 2008 أُجريت على الفئران أن الفيروس قادر على دخول الدماغ من البصلة الشمية، إذ ينتشر بسرعة عبر العصبونات إلى المناطق المتصلة في الدماغ، ما يجعل العصبونات هدفًا حساسًا للغاية للفيروس.
وبطريقة مماثلة، وجد تحليل أُجري سنة 2000 لتوصيف الحمض النووي الريبوزي (RNA) للفيروسات التاجية البشرية، وهو رسول الجسم للحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (DNA)، في عينات من أدمغة جثث بشرية، أن العدوى الفيروسية مرتبطة بانتشار عصبي لمسببات الأمراض التنفسية، ما يعني وجود رابط مُحتمَل بين مسببات الأمراض والتصلب المتعدد، وهو مرض مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي.
تقترح النتائج المنشورة في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية (Journal of the American Medical Association) أن سارس-كوف-2، وفيروسات أخرى مرتبطة به، تستطيع أن تنتشر في الدماغ بواسطة الصفيحة المصفوية التي تقع بجوار البصلة الشمية، ما يسبب تغيرات بنيوية تؤثر في الدماغ.
ووفقًا لدراسة نشرت في مجلة علم الفيروسات الطبي (Journal of Medical Virology)، يُبدي بعض المرضى المصابين بكوفيد-19، إضافةً إلى الضائقة التنفسية، أعراضًا عصبية مثل ألم الرأس والغثيان والتقيؤ، ما يعني أن العدوى قد لا ترتبط بالجهاز التنفسي وحده، بل تنتشر أيضًا في الجهاز العصبي المركزي.
يتلقى نظام حاسة الشم معلومات عن الروائح وينقلها إلى مناطق مختلفة من الدماغ. قد يلعب هذا النظام نفسه دورًا في كيفية تمكن سارس-كوف-2 من الوصول إلى الدماغ وإصابته
ما زالت الآلية التي تخترق بها هذه الفيروسات الدماغ مجهولة. وُجدت مسببات أمراض الفيروسات التاجية في الدماغ والسائل الدماغي الشوكي لدى المرضى وحيوانات التجارب، ما يشير إلى احتمالية استهداف الفيروس الجهاز العصبي المركزي. ما نجهله هو كون الأعراض العصبية للفيروس هي نتيجة أخماج فيروسية مباشرة لخلايا الجهاز العصبي أم أن الخمج يعمل محفزًا لمشاكل دفينة.
تقول سبوديتش: «إنها على الأغلب نتاج السببين معًا. السؤال هو: هل يرجع فقدان حاسة الشم إلى خمج والتهاب الخلايا أم العصبونات؟».
رغم أن الفيروسات التاجية الأخرى تستخدم الأنف سبيلًا مباشرًا إلى الدماغ، ما زال من غير الواضح كون فقدان حاسة الشم في حالات كوفيد-19 عرضًا مرتبطًا بالعصبونات الحسية. يحتوي الأنف على الكثير من الخلايا الظهارية للحماية، والعصبونات التي ترسل المعلومات إلى الدماغ، إذ يبدأ بعضها في الأنف وينتهي في الدماغ.
عقب تشخيص امرأة أمريكية تبلغ من العمر 58 عامًا بكوفيد-19، أصبحت هذه السيدة، التي تعاني تغيرًا في مستوى الوعي، الشخص الأول الذي يعاني من التهاب الدماغ الناخر الحاد، وهو اضطراب دماغي نادر، يتميز بتورم الأنسجة وتلفها، ويقترن ذلك بإنفلونزا-أ (Influenza A) أيضًا.
ما زال الكثير من الأشياء حول فيروس كورونا المستجد تتطلب تحديدًا، ويستمر العلماء في محاولة فهم الطرق المتعددة التي يؤثر بها الفيروس في الجسم.
تقول سبوديتش: «إن سارس-كوف-2 فيروس جديد، وأكثر الأماكن التي شهدت حالات كثيرةً أو امتلكت القدرة لدراستها، لم تمتلك الفرصة لمحاولة فهمها منهجيًّا». وتضيف أنه عندما تبدأ الحالات حول العالم بالاستقرار، سيمتلك العلماء فرصة دراسة فيروس كورونا المستجد وتحليله بوضوح أكبر.
المصدر
سجلت أحدث حالة لعدوى سارس-كوف-2 مقترنةً باختفاء مفاجئ وكلي لحاسة الشم لدى امرأة أربعينية. إن فقدان حاسة الشم (أنوسميا anosmia) هو أحد الدلائل التي تشير إلى الإصابة بكوفيد-19.
عندما تدخل رائحة ما الأنف، ترسل العصبونات في التجويف الأنفي رسائل إلى البصلة الشمية، وهي بنية توجد في الجزء الأمامي من الدماغ. تُنقَل هذه الإشارات إلى أجزاء مختلفة من الدماغ، ما جعل بعض الخبراء يتساءلون عمّ إذا كان من المحتمل أن يسبب فيروس كورونا المستجد ردود فعل عصبية ضارة.
كيف يؤثر فيروس مرتبط بالأخماج التنفسية في الدماغ؟ يحاول الباحثون اكتشاف ذلك. تخبرنا طبيبة الأمراض العصبية سيرينا سبوديتش المتخصصة في الأمراض المُعدية إنه ما زال من المبكر جدًّا تحديد كون سارس-كوف-2 يصيب الدماغ مباشرةً، رغم وجود دراسات محدودة تشير إلى احتمالية ذلك.
المسح الدماغي للمصابة يظهر غدد شمية طبيعية، مقارنةً بانسداد التهابي في جزء من نظام حاسة الشم يُعرف بالشقوق
ارتبط سارس، وهو فيروس من عائلة الفيروسات التاجية ومشابه بشدة للفيروس المسبب لكوفيد-19، بالأخماج الدماغية لدى المرضى. وجدت دراسة في 2008 أُجريت على الفئران أن الفيروس قادر على دخول الدماغ من البصلة الشمية، إذ ينتشر بسرعة عبر العصبونات إلى المناطق المتصلة في الدماغ، ما يجعل العصبونات هدفًا حساسًا للغاية للفيروس.
وبطريقة مماثلة، وجد تحليل أُجري سنة 2000 لتوصيف الحمض النووي الريبوزي (RNA) للفيروسات التاجية البشرية، وهو رسول الجسم للحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (DNA)، في عينات من أدمغة جثث بشرية، أن العدوى الفيروسية مرتبطة بانتشار عصبي لمسببات الأمراض التنفسية، ما يعني وجود رابط مُحتمَل بين مسببات الأمراض والتصلب المتعدد، وهو مرض مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي.
تقترح النتائج المنشورة في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية (Journal of the American Medical Association) أن سارس-كوف-2، وفيروسات أخرى مرتبطة به، تستطيع أن تنتشر في الدماغ بواسطة الصفيحة المصفوية التي تقع بجوار البصلة الشمية، ما يسبب تغيرات بنيوية تؤثر في الدماغ.
ووفقًا لدراسة نشرت في مجلة علم الفيروسات الطبي (Journal of Medical Virology)، يُبدي بعض المرضى المصابين بكوفيد-19، إضافةً إلى الضائقة التنفسية، أعراضًا عصبية مثل ألم الرأس والغثيان والتقيؤ، ما يعني أن العدوى قد لا ترتبط بالجهاز التنفسي وحده، بل تنتشر أيضًا في الجهاز العصبي المركزي.
يتلقى نظام حاسة الشم معلومات عن الروائح وينقلها إلى مناطق مختلفة من الدماغ. قد يلعب هذا النظام نفسه دورًا في كيفية تمكن سارس-كوف-2 من الوصول إلى الدماغ وإصابته
ما زالت الآلية التي تخترق بها هذه الفيروسات الدماغ مجهولة. وُجدت مسببات أمراض الفيروسات التاجية في الدماغ والسائل الدماغي الشوكي لدى المرضى وحيوانات التجارب، ما يشير إلى احتمالية استهداف الفيروس الجهاز العصبي المركزي. ما نجهله هو كون الأعراض العصبية للفيروس هي نتيجة أخماج فيروسية مباشرة لخلايا الجهاز العصبي أم أن الخمج يعمل محفزًا لمشاكل دفينة.
تقول سبوديتش: «إنها على الأغلب نتاج السببين معًا. السؤال هو: هل يرجع فقدان حاسة الشم إلى خمج والتهاب الخلايا أم العصبونات؟».
رغم أن الفيروسات التاجية الأخرى تستخدم الأنف سبيلًا مباشرًا إلى الدماغ، ما زال من غير الواضح كون فقدان حاسة الشم في حالات كوفيد-19 عرضًا مرتبطًا بالعصبونات الحسية. يحتوي الأنف على الكثير من الخلايا الظهارية للحماية، والعصبونات التي ترسل المعلومات إلى الدماغ، إذ يبدأ بعضها في الأنف وينتهي في الدماغ.
عقب تشخيص امرأة أمريكية تبلغ من العمر 58 عامًا بكوفيد-19، أصبحت هذه السيدة، التي تعاني تغيرًا في مستوى الوعي، الشخص الأول الذي يعاني من التهاب الدماغ الناخر الحاد، وهو اضطراب دماغي نادر، يتميز بتورم الأنسجة وتلفها، ويقترن ذلك بإنفلونزا-أ (Influenza A) أيضًا.
ما زال الكثير من الأشياء حول فيروس كورونا المستجد تتطلب تحديدًا، ويستمر العلماء في محاولة فهم الطرق المتعددة التي يؤثر بها الفيروس في الجسم.
تقول سبوديتش: «إن سارس-كوف-2 فيروس جديد، وأكثر الأماكن التي شهدت حالات كثيرةً أو امتلكت القدرة لدراستها، لم تمتلك الفرصة لمحاولة فهمها منهجيًّا». وتضيف أنه عندما تبدأ الحالات حول العالم بالاستقرار، سيمتلك العلماء فرصة دراسة فيروس كورونا المستجد وتحليله بوضوح أكبر.
المصدر