أهمية الآثار

أهمية الآثار 891845669

دورةُ الحياةِ تَقتَضي أنْ يَقومَ كلُّ جيلٍ بِتَعميرِ الأرضِ وِفقَ شُروطِهِ، ومُتَطَلّباتِهِ، وإمكانيّاتِهِ، وبَعدَ أنْ يَفنى أَبناءُ ذلكَ الجيلِ تَبقى ممتلكاتُهم موجودةً، حيثُ يُمكنُ لِلأجيالِ الّلاحِقةِ أنْ تستخدمَها وتَستفيدَ منها بشكلٍ جيّدٍ.

الآثارُ مُصطلحٌ يُطلَقُ على كلِّ ما تبقّى مِن مُمتلكاتٍ مادّيّةٍ لِلأجيالِ القديمةِ، فلا تَكادُ تَخلو منطقةٌ في العالمِ من الآثار، إلّا أنَّ مِقدارَ هذا التّواجُدِ للآثارِ مختلفٌ بشكلٍ نِسبيٍّ من منطقةٍ إلى أُخرى، فبعضُ المناطقِ تَكادُ تَخلو منَ القِطعِ الأثريّةِ إلّا من عددٍ بسيطٍ جداً؛ حيثُ تُعتبَرُ مثلُ هذهِ المناطقِ مناطقَ فقيرةً تاريخيّاً وحَضاريّاً، بعكسِ مناطقَ أُخرى توجدُ فيها الآثارُ بشكلٍ كبيرٍ جِدّاً، الأمرُ الّذي يعكسُ مدى غِنى هذه المناطقِ، وحجمَ الثّروةِ التّاريخيّةِ والحضاريّةِ التي تَمتلكُها.

لا يُمكِنُ أنْ نَعُدَّ الآثارَ شيئاً ثانويّاً؛ فالعديدُ من الأشخاصِ خاصّةً في مُجتمعاتِنا العربيّةِ يَنظُرونَ إلَيها نظرةً عادِيّةً ولا يُولونَها الكثيرَ من الأهمّيّةِ مع أنَّها تحتلُّ مكانةً عظيمةً، فهي أولاً وقبلَ كلِّ شيءٍ تُعتبَرُ الدّليلَ الماديَّ على وُجودِ الشّعبِ وأحقِّيَّتِهِ بأرضهِ التي يُقيمُ علَيها، ولولا الآثارُ العربيّةُ الإسلاميّةُ والمسيحيّةُ في فلسطينَ لَبدأَ العربُ والمسلمونَ أنفسَهُم يشُكّونَ في أنّ فلسطينَ لَهُم. إلى جانبِ ذلكَ فَإنّ للآثارِ دَوراً مهمّاً وكبيراً في إعطائِنا العبرَ المُستفادة؛ ففي المعتقداتِ الدّينيّةِ هناكَ بعضُ الآثارِ التي تدلُّ على عِصيانِ الأقوامُ للهِ تعالى؛ كآثارِ قومِ صالحَ، وهودَ، ولوطَ –عليهم الصلاةُ والسّلامُ- أيضاً يُمكن للآثار أن تُعطينا فكرةً عنِ الحِقبِ التّاريخيّةِ القديمةِ وشكلِها، وطبيعتِها، وعن طبيعةِ حياةِ الأجيالِ التي عاشت فيها يوماً ما.

للآثارِ أهمّيّةٌ في ربطِ الماضي بالحاضرِ والمستقبلِ، فمن يعتقدُ للحظةٍ أنّهُ يعيشُ على خطِّ تاريخٍ آخرَ غيرِ الخطِّ الرّئيسيِّ الذي أوجدَهُ اللهُ تعالى يكونُ واهماً، فالإنسانُ هو نقطةٌ تُكمِلُ هذا الخطَّ، لا أكثرَ ولا أقلّ، لهذا فهو مُضطرٌّ إلى معرفةِ ماضيَهُ وحاضِرَهُ جيّداً حتّى يتمكّنَ من صياغةِ مستقبلِه ومستقبلِ الأجيالِ من بعدِهِ.

للآثارِ دورٌ مهمٌّ وحيويٌّ في جَذب السُّيّاحِ وبالتالي تَحسينِ اقتصادِ الدُّولِ؛ فالسّياحةُ تُشكّلُ مصدرَ دَخلٍ مهمٍّ وحيويٍّ وفعّالٍ في المجتمعاتِ والدّولِ المُختلفةِ، خاصّةً في المناطقِ التي تحتوي على العديدِ من المَعالِمِ الأثريّةِ المهمّةِ والحيويّةِ، ذلك أنَّ النّاسَ بمختلَفِ أَنواعِهِم وأصنافِهِم يَتهافَتونَ على رُؤيةِ العَظَمَةِ في البناءِ، والدّقّةِ في التّصميمِ، والأفكارِ الخلّاقَةِ التي كانت موجودةً عندَ الأقوامِ والحضاراتِ المُندَثِرَةِ، ممّا يَعملُ على تنشيطِ الحركةِ الاقتصاديّةِ في الدّولِ التي يَزورونَها؛ حيثُ تتوفّرُ العديدُ من فرصِ العملِ، كما تَنشَطُ الحركةُ التّجاريّةُ في المواسمِ السّياحيّةِ، بالإضافةِ إلى إقبالِ السّيّاحِ على المرافقِ السّياحيّةِ المختلفةِ ممّا يُؤدّي إلى ضَخِّ الأموالِ بكثرةٍ إلى الدّولِ السّياحيّةِ.