مرض قديم اسمه "الحرية"
لا أصدق أنه وفي زمن الثورات العربية المطالبة بالحرية أصبح الحديث، أي حديث، يسبب لصاحبة
الأذى، هذا ما يحصل الآن في الدول الحاصلة على حريتها من الحاكم المستبد، او تلك المطالبة بها، وما لايُصدق أيضا أن الفاعل هم اولئك الثوار المظلومون المطالبون بالحرية، أما التهمة فهي الخيانة... خيانة الشارع.
في تونس او القاهرة او طرابلس أصبح من الخطر الاعتراض على سلوك فردي او جماعي، فالاعتراض الآن رجعية تَقذِفَ بك خارج الجماعة، و الوقوف بوجه معتصم يحاول التحرش بفتاة هو عمالة، و طلب تنظيف الميادين والساحات من مخلفات المتظاهرين هو تدنيس لاسم الشهيد، هلا أفسحتم للشهيد مكانا بعيدا عن مزابل المتظاهرين؟ ألا يمكن لساحات الحرية أن تكون اكثر نظافة وتسامحا؟
في دول الحرية العربية الآن، تَغتالُ الفكرةُ الفكرةَ والرأيُ يَقتلُ الرأيَ والحرُ يَغدرُ بالحر، و هذا كله غريب عن منطق الأشياء وبعيد كل البعد عن طبيعة السلوك الصحي، لأنه لا يُقوَّمُ إلا كخلل قيَمي ومعرفي يرتبط بكل جزء من مكونات الثائر المطالب بذلك المجهول الرمادي المتكوم على نفسه والمختصر بكلمة حرية.
إن لم تكن الحرية قبولا للآخر بالمعنى الثقافي والديني وافساح المكان والزمان للآخر للتعبير عن نفسه فما هي إذا تلك الحرية السرية، ترياق انتقال البلاد من الاستبداد الى الرفاهية والكرامة؟ ثم لماذا تتحول معارك الحرية فجأة الى معارك طائفية بغيضة كريهة او عنصرية فجة مقروحة؟ او الى تخوين واتهام وتزوير؟
ذلك الشاب الذي حمل سلاحا صارخا ومطالبا بحريته وحرية قومه وقد كان مستعدا ليُقتل ويَقتل في سبيل ذلك، تحول الآن الى متعصب لا يُعيرك أذنيه دقيقة ليسمع رأيك الذي لا يتماها مع مكونات حريته.
في احدى الدول العربية الخارجة لتوها من ثورة، اجتمع البعض وقطعوا اشجارا كانت قد زُرعت منذ سنوات بشق الانفس ضمن برنامج لوقف التصحر الزاحف نحو المدن، عمليات القطع جرت بحجة أن الاشجار هذه قد زرعت من قبل الحاكم السابق المستبد، هذه الاشجار هي انجاز بلد كامل ونتيجة جهود كبيرة لم يُرق فيها سيادة الرئيس قطرة من العرق.
هل تَقطع الحريةُ الاشجار؟ أم أن الحريةَ تُخوِّنُ الآخرَ لأنه يُعارض سلوكك الفج في التعامل مع مكوناتك الثقافية.
لا أنتقص من ثوار ولا ثورة ولا اعيب على أحد أنْ يكافح من أجل حريته وحرية وطنه، لكن على الثورة في يوم ما أن تتعلم كيف تحاسب الثائر وتحاكم البطل، وتلك التماثيل التي هُدمت عند هروب الحاكم او تنحيه او قتله، يجب أن تعلمنا أن نصبح قادرين على هدم تماثيل الثوار أيضا عند الحاجة، لافساح متسع لثائرين قادمين.
بشار النعيمي
لا أصدق أنه وفي زمن الثورات العربية المطالبة بالحرية أصبح الحديث، أي حديث، يسبب لصاحبة
الأذى، هذا ما يحصل الآن في الدول الحاصلة على حريتها من الحاكم المستبد، او تلك المطالبة بها، وما لايُصدق أيضا أن الفاعل هم اولئك الثوار المظلومون المطالبون بالحرية، أما التهمة فهي الخيانة... خيانة الشارع.
في تونس او القاهرة او طرابلس أصبح من الخطر الاعتراض على سلوك فردي او جماعي، فالاعتراض الآن رجعية تَقذِفَ بك خارج الجماعة، و الوقوف بوجه معتصم يحاول التحرش بفتاة هو عمالة، و طلب تنظيف الميادين والساحات من مخلفات المتظاهرين هو تدنيس لاسم الشهيد، هلا أفسحتم للشهيد مكانا بعيدا عن مزابل المتظاهرين؟ ألا يمكن لساحات الحرية أن تكون اكثر نظافة وتسامحا؟
في دول الحرية العربية الآن، تَغتالُ الفكرةُ الفكرةَ والرأيُ يَقتلُ الرأيَ والحرُ يَغدرُ بالحر، و هذا كله غريب عن منطق الأشياء وبعيد كل البعد عن طبيعة السلوك الصحي، لأنه لا يُقوَّمُ إلا كخلل قيَمي ومعرفي يرتبط بكل جزء من مكونات الثائر المطالب بذلك المجهول الرمادي المتكوم على نفسه والمختصر بكلمة حرية.
إن لم تكن الحرية قبولا للآخر بالمعنى الثقافي والديني وافساح المكان والزمان للآخر للتعبير عن نفسه فما هي إذا تلك الحرية السرية، ترياق انتقال البلاد من الاستبداد الى الرفاهية والكرامة؟ ثم لماذا تتحول معارك الحرية فجأة الى معارك طائفية بغيضة كريهة او عنصرية فجة مقروحة؟ او الى تخوين واتهام وتزوير؟
ذلك الشاب الذي حمل سلاحا صارخا ومطالبا بحريته وحرية قومه وقد كان مستعدا ليُقتل ويَقتل في سبيل ذلك، تحول الآن الى متعصب لا يُعيرك أذنيه دقيقة ليسمع رأيك الذي لا يتماها مع مكونات حريته.
في احدى الدول العربية الخارجة لتوها من ثورة، اجتمع البعض وقطعوا اشجارا كانت قد زُرعت منذ سنوات بشق الانفس ضمن برنامج لوقف التصحر الزاحف نحو المدن، عمليات القطع جرت بحجة أن الاشجار هذه قد زرعت من قبل الحاكم السابق المستبد، هذه الاشجار هي انجاز بلد كامل ونتيجة جهود كبيرة لم يُرق فيها سيادة الرئيس قطرة من العرق.
هل تَقطع الحريةُ الاشجار؟ أم أن الحريةَ تُخوِّنُ الآخرَ لأنه يُعارض سلوكك الفج في التعامل مع مكوناتك الثقافية.
لا أنتقص من ثوار ولا ثورة ولا اعيب على أحد أنْ يكافح من أجل حريته وحرية وطنه، لكن على الثورة في يوم ما أن تتعلم كيف تحاسب الثائر وتحاكم البطل، وتلك التماثيل التي هُدمت عند هروب الحاكم او تنحيه او قتله، يجب أن تعلمنا أن نصبح قادرين على هدم تماثيل الثوار أيضا عند الحاجة، لافساح متسع لثائرين قادمين.
بشار النعيمي