هرمون البخلاء لعلاج البخل
للكاتبة : نجوى هاشم
من المؤكد أنك جرّبت هروب أحدهم، أو انشغاله بأي شيء غير مهم عند دفع حساب فاتورة عشاء، أو غداء،
اتفقت مع أصدقاء عليها، أو معه بالتحديد.
ومن المؤكد أنك اعتدت مثل هذه الطريقة من بعض من حولك، أو ممن تعرفهم في العمل، أو الأقارب.
ومن المؤكد أن مثل هؤلاء يتعاملون بحرص شديد مع لحظة خروج الريال من محافظهم،
بل ويعرفون الطرق التي يتجه إليها.
صور متعددة من ملامح البخل تصادفها على امتداد العمر، فمثلاً احدى الصديقات خُطبت أختها لشاب
يبدو مهذباً من حكم والدها عليه، ولكن بعد عقد القران بدأت أمور بخله تبدو أكثر وضوحاً، رغم ان دخله جيد،
فالغسالة في الشقة ليست ضرورية وبالامكان أن نغسل عند أهلك، أو والدتي، والمكواة أيضاً،
ولا علاقة لنا بالمكروويف أو التبديد في المطاعم، قليلاً قليلاً وجدت الفتاة نفسها غير قادرة على
التعامل معه خصوصاً عندما تخرج هي وأخوها طالب الجامعة برفقتها لتؤثث المنزل، وتفتح أبواب حوار معه،
المهم حدث الانفصال بعد أن أصرت على رفضه خصوصاً وأن البخل كما هو معروف لا شفاء منه،
واتفقت الأسرة على لقاء أسرته لرد مهره كاملاً وحاجياته، ولكن المفاجأة كانت في الورقة
التي قدمها مكتوبة بالتواريخ والساعة والمأكولات التي تناولتها العروس مع أخيها،
وأغلبها آيسكريم وسندوتشات، وثلاث مرات فشار، وبليلة من الكورنيش وذرة ..
تفاصيل مذهلة حرص على تسجيلها وكتابتها وطالب دون حياء بقيمتها ممتناً عليهم
أنه فصل ما أكله عن طعامهم!
احتفظت أسرة صديقتي بالورقة واستلم هو ماله وغادر ورغم أن الموقف كان قاسياً
إلا أنه بدا كوميدياً وغريباً لرجل يحرص على تسجيل طعام زوجة المستقبل وقيمته،
ومن ثم يسترد ثمنه.
في بريطانيا ومنذ عدة أشهر نجح رجل في العيش لمدة عام كامل دون أن ينفق أي أموال
على متطلبات حياته، وعاش مارك بويل (٣٠ عاماً) الذي درس علم الاقتصاد، في بيت متنقل «كارفان»
بالقرب من مدينة بات جنوب غربي بريطانيا وكان يزرع الخضروات التي يتناولها، ويكسو نفسه بالملابس
التي يعثر عليها في حاويات القمامة، وقال بويل إنه أصبح الآن أكثر سعادة مما مضى بعدما نجح
في عدم إنفاق بنس واحد خلال عام كامل. وقرر انه سيواصل العيش دون أموال «لأجل غير مسمى».
ووصف تجربته بالمرضية وقال: «كانت تحدياً، لكنني وفرت على نفسي الضغط الكامل الناتج
عن الحسابات البنكية والفواتير، وأوقات العمل الطويلة».
وعن الأسلوب المعيشي الذي اتبعه لينجح في عدم إنفاق أي أموال خلال عام ، ذكر بويل أنه كان
ينتقل إلى الأماكن التي يقصدها بالدراجة فقط، وكان لا يستخدم الهاتف سوى في الرد على
من يطلبه، كما كان ينظف أسنانه بعظام الحبار الموجودة على الشاطئ، ويعتمد على الطاقة
الشمسية في تسخين المياه للاستحمام.
تجربة بويل التي اقتنع بها من الصعب التعايش معها، أو حتى التفكير في الاقتراب منها،
لأنها تجربة لايمكن الخوض فيها دون الفشل المنطقي، والعودة إلى الصرف الطبيعي،
الذي اعتدنا عليه. لكن يبدو أن في الحياة من يمتلكون القدرة على عدم صرف ريال واحد،
ولكن هل يعرف هؤلاء أنهم بخلاء، وأن البخل من الصعب الشفاء منه؟
هل هم مقتنعون ببخلهم، متجاوزون أضراره على من حولهم؟
المفرح لمن هم بخلاء إن أرادوا التخلص من هذه الصفة السيئة إعلان باحثين أمريكيين
قرب التوصل إلى عقار جديد يمكنه تحويل الشخص البخيل إلى شخص كريم،
وذلك بفضل هرمون «الاوسيتوسين» الذي يتم إفرازه في المخ لدى الرجال والنساء، الدراسة أجريت
على مجموعة من المتطوعين البخلاء؛ حيث تم إعطاء بعضهم جرعة من هذا الهرمون
قبل أن يطلب منهم اقتسام مبلغ كبير من المال، مع شخص آخر لا يعرفونه، فتبين ان ٨٠٪ من البخلاء
الذين تناولوا الجرعة قبلوا اقتسام المبلغ، بينما رفض ٩٠٪ من البخلاء الذين لم يتناولوا الجرعة
رغم اطلاعهم على الظروف الصعبة التي يمر بها الأشخاص المحتاجون.
وأسعد الخبر من لهم علاقة بالبخلاء عندما ينزل الدواء في الصيدليات قريباً
لكن هل سيشتري البخلاء هذا الدواء؟ أم سيحرص المتضررون منهم على شرائه؟!
للكاتبة : نجوى هاشم
من المؤكد أنك جرّبت هروب أحدهم، أو انشغاله بأي شيء غير مهم عند دفع حساب فاتورة عشاء، أو غداء،
اتفقت مع أصدقاء عليها، أو معه بالتحديد.
ومن المؤكد أنك اعتدت مثل هذه الطريقة من بعض من حولك، أو ممن تعرفهم في العمل، أو الأقارب.
ومن المؤكد أن مثل هؤلاء يتعاملون بحرص شديد مع لحظة خروج الريال من محافظهم،
بل ويعرفون الطرق التي يتجه إليها.
صور متعددة من ملامح البخل تصادفها على امتداد العمر، فمثلاً احدى الصديقات خُطبت أختها لشاب
يبدو مهذباً من حكم والدها عليه، ولكن بعد عقد القران بدأت أمور بخله تبدو أكثر وضوحاً، رغم ان دخله جيد،
فالغسالة في الشقة ليست ضرورية وبالامكان أن نغسل عند أهلك، أو والدتي، والمكواة أيضاً،
ولا علاقة لنا بالمكروويف أو التبديد في المطاعم، قليلاً قليلاً وجدت الفتاة نفسها غير قادرة على
التعامل معه خصوصاً عندما تخرج هي وأخوها طالب الجامعة برفقتها لتؤثث المنزل، وتفتح أبواب حوار معه،
المهم حدث الانفصال بعد أن أصرت على رفضه خصوصاً وأن البخل كما هو معروف لا شفاء منه،
واتفقت الأسرة على لقاء أسرته لرد مهره كاملاً وحاجياته، ولكن المفاجأة كانت في الورقة
التي قدمها مكتوبة بالتواريخ والساعة والمأكولات التي تناولتها العروس مع أخيها،
وأغلبها آيسكريم وسندوتشات، وثلاث مرات فشار، وبليلة من الكورنيش وذرة ..
تفاصيل مذهلة حرص على تسجيلها وكتابتها وطالب دون حياء بقيمتها ممتناً عليهم
أنه فصل ما أكله عن طعامهم!
احتفظت أسرة صديقتي بالورقة واستلم هو ماله وغادر ورغم أن الموقف كان قاسياً
إلا أنه بدا كوميدياً وغريباً لرجل يحرص على تسجيل طعام زوجة المستقبل وقيمته،
ومن ثم يسترد ثمنه.
في بريطانيا ومنذ عدة أشهر نجح رجل في العيش لمدة عام كامل دون أن ينفق أي أموال
على متطلبات حياته، وعاش مارك بويل (٣٠ عاماً) الذي درس علم الاقتصاد، في بيت متنقل «كارفان»
بالقرب من مدينة بات جنوب غربي بريطانيا وكان يزرع الخضروات التي يتناولها، ويكسو نفسه بالملابس
التي يعثر عليها في حاويات القمامة، وقال بويل إنه أصبح الآن أكثر سعادة مما مضى بعدما نجح
في عدم إنفاق بنس واحد خلال عام كامل. وقرر انه سيواصل العيش دون أموال «لأجل غير مسمى».
ووصف تجربته بالمرضية وقال: «كانت تحدياً، لكنني وفرت على نفسي الضغط الكامل الناتج
عن الحسابات البنكية والفواتير، وأوقات العمل الطويلة».
وعن الأسلوب المعيشي الذي اتبعه لينجح في عدم إنفاق أي أموال خلال عام ، ذكر بويل أنه كان
ينتقل إلى الأماكن التي يقصدها بالدراجة فقط، وكان لا يستخدم الهاتف سوى في الرد على
من يطلبه، كما كان ينظف أسنانه بعظام الحبار الموجودة على الشاطئ، ويعتمد على الطاقة
الشمسية في تسخين المياه للاستحمام.
تجربة بويل التي اقتنع بها من الصعب التعايش معها، أو حتى التفكير في الاقتراب منها،
لأنها تجربة لايمكن الخوض فيها دون الفشل المنطقي، والعودة إلى الصرف الطبيعي،
الذي اعتدنا عليه. لكن يبدو أن في الحياة من يمتلكون القدرة على عدم صرف ريال واحد،
ولكن هل يعرف هؤلاء أنهم بخلاء، وأن البخل من الصعب الشفاء منه؟
هل هم مقتنعون ببخلهم، متجاوزون أضراره على من حولهم؟
المفرح لمن هم بخلاء إن أرادوا التخلص من هذه الصفة السيئة إعلان باحثين أمريكيين
قرب التوصل إلى عقار جديد يمكنه تحويل الشخص البخيل إلى شخص كريم،
وذلك بفضل هرمون «الاوسيتوسين» الذي يتم إفرازه في المخ لدى الرجال والنساء، الدراسة أجريت
على مجموعة من المتطوعين البخلاء؛ حيث تم إعطاء بعضهم جرعة من هذا الهرمون
قبل أن يطلب منهم اقتسام مبلغ كبير من المال، مع شخص آخر لا يعرفونه، فتبين ان ٨٠٪ من البخلاء
الذين تناولوا الجرعة قبلوا اقتسام المبلغ، بينما رفض ٩٠٪ من البخلاء الذين لم يتناولوا الجرعة
رغم اطلاعهم على الظروف الصعبة التي يمر بها الأشخاص المحتاجون.
وأسعد الخبر من لهم علاقة بالبخلاء عندما ينزل الدواء في الصيدليات قريباً
لكن هل سيشتري البخلاء هذا الدواء؟ أم سيحرص المتضررون منهم على شرائه؟!