أنواع ومناطق التنوع البيولوجي
يشمل التنوع
البيولوجي «الاحيائي» جميع الأنواع النباتية والحيوانية ومواردها الوراثية والنظم
الايكولوجية التي تنتمي اليها هذه الانواع، انه باختصار تنوع كافة اشكال الحياة على
وجه الأرض سواء كانت على اليابسة او في المياه. ويوفر التنوع البيولوجي للعالم
ضمانة للحصول على امدادات متصلة من الاغذية ومن انواع لا حصر لها من المواد الخام
التي يستخدمها الانسان في حياته اليومية ولبناء حاضره ومستقبله. ولا يشمل التنوع
البيولوجي الأنواع الاحيائية الموجودة في محيط بيئي مائي او
على اليابسة في
وحدة زمنية محددة فحسب بل يشمل النظم البيئية والوراثية التي جاءت منها هذه
الأنواع.
أقسام التنوع
البيولوجي
يمكن تقسيم
التنوع البيولوجي الى ثلاث فئات موزعة حسب التسلسل الهرمي ويضاف النوع الرابع
باعتباره يمثل ثقافة البشرية وجزءا من حضارتها وأهم هذه الفئات:
التنوع
الوراثي
ويقصد به تنوع
الموروثات داخل الأنواع ويشمل ذلك مجاميع متميزة من نفس النوع مثال اعداد كبيرة من
انواع القطف وهو نبات مقاوم للجفاف والملوحة، او الاف الانواع من الأرز الموجودة في
تايلاند والهند مثلا. وقد يكون التنوع الوراثي داخل المجموعة الواحدة، وهو شديد بين
وحيد القرن الهندي ومنخفض عند الفهد الصياد. وإذا كانت قياسات التنوع الوراثي قد
طبقت على الأنواع المستأنسة والمدجنة المحتفظ بها في حدائق الحيوان والحدائق
النباتية فقد بدأ الانسان بتطبيق نفس التقنيات على الأنواع البرية في مواطنها
الاصلية. ويعتبر التنوع الوراثي من اهم منتجات البيئة وعلى كل المقاييس الحيوية
والاقتصادية والصحية والاجتماعية، ويمكن قياس انتاجية منطقة معينة بناء على التنوع
الوراثي الموجود فيها، ويمكن استنتاج انتاجية نظام بيئي معين من خلال الذخيرة
الوراثية الموجودة في هذا النظام فمثلا مجتمع الطيور البرية والدجاج البري مقاوم
لمعظم الأمراض وظروف انخفاض وارتفاع درجات الحرارة ونقص الغذاء بينما لا يحتمل نفس
النظام الكثير من الامراض اذا كان مربى بشكل قطعان كما في المداجن او مزارع الطيور
مثلا. وينظر الاقتصاد البيئي الحديث الى مناطق التنوع الوراثي على انها بنوك وراثية
تحوي تلك الموروثات المنتجة وقد بدأ العلماء بتصنيفها منذ بداية هذا القرن.
تنوع
الأنواع
ويقصد به اختلاف
الانواع داخل اقليم معين، ويمكن القول بتعبير بيئي «اختلاف الانواع في وسط بيئي
معين» فالبيئة الكويتية البرية عموما فقيرة بالانواع بعكس البيئة البحرية التي
تعتبر من اغنى بيئات العالم المائية بالانواع الحياتية، ويختلف توزع هذه الانواع من
اماكن الى اخرى في نفس الوسط البيئي. فتنوع الانواع يختلف من جون الكويت الى ما حول
جزيرتي وربة وبوبيان وهكذا بالنسبة للبيئة البرية، حيث تختلف الانواع الحيوية من
وادي الباطن الى منطقة الروضتين مثلا. وفقد عدد الأنواع الموجودة في وسط بيئي محدد
دلالة على غنى الاوساط بالأنواع الحيوية، ولو ان هناك مقياسا ادق وهو التنوع
التصنيفي، الذي يأخذ بعين الاعتبار درجة ارتباط كل نوع بالانواع الاخرى، فمثلا اذا
كان في جزيرة نوعان من الطيور ونوع من السحالي واخر من الحشرات، يكون فيها تنوع
تصنيفي اكثر من جزيرة فيها خمسة انواع من الحشرات، ولا توجد فيها طيورا ولا سحال.
ولا يعتبر تعدد الانواع ضمن الجنس الواحد غنى بالتنوع الحيوي، فلو كان هناك انواع
من الطيور على سطح الارض اكثر مما عليها من جميع الانواع الاخرى مختلفة فانها لا
تعبر عن الجانب الاكبر من تعدد الانواع لأنها مرتبطة ببعضها ارتباطا وثيقا. ولو
قارنا بين اليابسة والبحار من انواع لوجدنا انه تعيش على اليابسة انواع تزيد كثيرا
عما تعيش في البحار، ولكن الانواع البرية اكثر ارتباطا فيما بينها عن الارتباط في
الانواع البحرية، ولذلك يعد التنوع اعلى في الانظمة الايكولوجية البحرية منه في
البرية حيث لا يرتبط التنوع باعداد الأنواع فقط. انما يعتمد على العلاقات الحيوية
القائمة بين هذه الانواع.
تنوع الأنظمة
البيئية
ويصعب قياس هذا
التنوع لأسباب عديدة منها ان هناك تداخلا واضحا بين الانظمة البيئية الأساسية
والثانوية فمثلا هناك تداخل في التنوع البيولوجي بين نظام اليابسة والمياه ويقوم
هذا التداخل على اكتاف البرمائيات التي تشكل القاسم المشترك بين النظامين البيئين،
وحتى ضمن النظام الأساسي الواحد فهناك نباتات مائية تعيش في المياه المالحة والعذبة
ويشكل نبات الطرفاء القاسم المشترك بين الوسطين حيث يستطيع العيش في المياه المالحة
والعذبة في الوقت نفسه. وهكذا تتداخل الانظمة البيئية الى درجة يصعب فرزها وتحديدها
تحديدا كاملا. وتتلخص الصعوبة الثانية في عدم مقدرة تحديد الانظمة البيئية والانواع
الحية والروابط الحيوية التي تقوم بين هذه الانواع والامثلة هنا متعددة ولا حصر
بها، فيستطيع جرذ الحقل العيش في مناطق زراعية وفي مناطق المراعي المجاورة.
والى جانب تنوع
الانظمة البيئية هناك عوامل اخرى تساهم في اثراء فكرة التنوع البيولوجي ومن هذه
العوامل:
ü الوفرة النسبية
للأنواع في منطقة معينة وطبيعة العلاقة بين هذه الانواع (افتراس - تعايش - تطفل..
الخ).
ü التركيب العمري
للمجموعات الاحيائية وقدرة هذه المجموعات على التكاثر.
ü أنماط
المجموعات الاحيائية في الوسط البيئي الواحد.
ü التركيب
المعيشي لهذه الانواع وقابليتها للتغير على مر الزمن.
ü العلاقات بين
المجموعات ضمن الوسط البيئي الواحد وتغير هذه العلاقات مع مرور الزمن.. فأطلاء
الغزال تلعب مع جراء الذئب لكن هذا اللعب لن يستمر طويلا فسيتحول الغزال الى فريسة
ربما لنفس الذئب الذي كان جروا صغيرا يلعب معه.
وهكذا فمن المهم
دراسة التنوع في بنية وتركيب ووظيفة الأنظمة البيئية وعدم الاكتفاء بدراسة التنوع
الوراثي وتنوع الأنواع الأخرى.
التنوع الثقافي
البشري
ويعتبر جزءا من
التنوع البيولوجي شأنه شأن التنوع الوراثي وتنوع الأنواع، حيث تمثل بعض خصائص
الثقافات البشرية حلولا لمشاكل البقاء والحفاظ على الأنواع الحيوية المختلفة،
وتناولت الثقافات البشرية المتنوعة قضية التنوع البيولوجي بشكل مباشر أو غير
مباشر.. ففي القرآن الكريم يقول الحق عز وجل: «هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه
شراب ومنه شجر فيه تسيمون، ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والاعناب ومن كل
الثمرات ان في ذلك لآية لقوم يتفكرون» (النحل 10-11)، وفي الآية عرض واضح للتنوع
البيولوجي واهميته للإنسان وضرورة المحافظة عليه، لقد شكلت مراحل تطور البشرية من
البداوة مثلا الى الريف ثم المناطق الحضرية حلولا لكثير من المشاكل ومست هذه الحلول
بطريقة مباشرة او غير مباشرة قضية التنوع البيولوجي الذي يختلف من المدينة حيث
الأنواع المنتقاة من الاشجار والازهار الى الريف حيث الأنواع غير المحددة من
المحاصيل والاشجار الاقتصادية والاعشاب الاخرى، ثم الى البر حيث الاعداد الكبيرة من
الانواع الحيوية، فتقلصت هذه الأنواع في المدينة تبعا لثقافة الانسان وتناقصت في
البر نتيجة لحاجة الإنسان الى هذه المواد، ولو ان الانسان بطبعه ظل يحن الى الطبيعة
الرحبة، فقديما كان سكان المدن يرسلون أبناءهم الى البادية للتعلم ولتقسية اجسامهم
وسلامة نطقهم. ولقد ساهم التنوع البيولوجي في تكوين المعتقدات الدينية والتقاليد
الاجتماعية فالشاعر علي بن الجهم الذي قدم من البادية الى الخليفة في المدينة مدحه
بقوله:
أنت كالكلب في
حفاظك للود
وكالتيس في قراع
الخطوب
وبعد أن عاش
الشاعر ردحا من الزمن في المدينة ونتيجة للتفاعل بينه وبين مكونات البيئة الحضرية
هو نفسه الذي أنشد:
كن كالنخيل عن
الأحقاد مرتفعا
بالطوب يرمى
ويرمي أطيب الثمر
وشبه شاعر آخر
التواضع بامتلاء السنبلة بالحبوب
ملأى السنابل
تنحني بتواضع
والفارغات رؤوسهن
شوامخ
ولم يتوقف التنوع
البيولوجي في تدخله بأدق التفاصيل في حياة الإنسان الثقافية والاجتماعية بكافة
صورها وأشكالها عند هذا الحد بل تغلغل الى ابعد من ذلك حيث يبدأ نطق الطفل بالتعرف
على اهم انواع الفواكه والخضار والحيوانات والطيور الأليفة المحيطة بالإنسان.
مناطق التنوع
البيولوجي
نظرا لأن قضايا
التنوع البيولوجي قضايا معقدة بتنوع الكم الهائل من الاحياء الذي يضمه التنوع فيمكن
النظر للتنوع من زوايا ثلاث متداخلة عالمية وإقليمية ومحلية، فالزوايا العالمية
تعطي نظرة شاملة للأحياء في العالم وتحدد المناطق الساخنة، التي يكون فيها التنوع
الاحيائي اكثر ثراء وفي الوقت نفسه اكثر تعرضا للمخاطر وهذه المناطق بالنسبة لنا
بعيدة تعتبر معرفتها او السفر اليها نوعا من المتعة الثقافية في حين تشكل المناطق
الاقليمية جانبا شبه ملموس بالنسبة لنا يسهل معرفته كالوطن العربي ودول مجلس
التعاون الخليجي، أما الجانب المحلي فهو الذي نحرص على المحافظة عليه. ومن أهم
مناطق التنوع البيولوجي:
1- غابات
المناطق المدارية: وهي من اكثر المناطق غني بالأنواع الحيوية وتحتوي على 50 - 90%
من الانواع في العالم رغم انها لا تغطي سوى 7% من مساحة اليابسة على سطح الكرة
الأرضية، وتحتوي على 30% من الفقاريات البرية وثلثي الأنواع العالمية من النباتات
الوعائية و96% من المفصليات العالمية، ولا تعتبر الغابات المدارية فقط منطقة تنوع
احيائي غنية بل تدعم ثقافات بشرية وتنظم هذه الغابات الدورات البيولوجية
والجيولوجية والكيماوية.
2- الغابات
المطيرة المعتدلة: وتحتوي هذه الغابات على تنوع حيوي واسع وكانت تشغل في وقت من
الأوقات ما يقرب من 30 مليون هكتار، وهذه المناطق شديدة التنوع وتقوم بدور أساسي في
المحافظة على مخزون المياه العالمي ومجمعات المياه العالمية الجوفية.
3- الشعب
المرجانية: وتعتبر النظير المائي للغابات المدارية حيث تحتوي على انواع حيوية هائلة
ولا تقارن بأية مناطق اخرى تتوزع على المحيطين الهندي حيث توجد أكبر الشعب وأكثرها
عددا من حيث الانواع وفي المحيط الهادي لاسيما الجزء المداري الغربي منه، وتتوزع
الاحياء في مناطق الشعب المرجانية توزعا عشوائيا بخلاف الغابات المدارية حيث توجد
مناطق ترتفع فيها نسبة كثافة الاحياء مقارنة بمناطق أخرى.
4-بحيرات
المياه العذبة: كما هي الحال بالنسبة للجزر المنفردة حيث تعيش فيها انواع منفردة
كذلك تعيش في البحيرات العذبة انواع مماثلة، وتحتوي هذه البحيرات على رصيد هائل من
أنواع الأسماك والضفادع والثعابين المائية والنباتات، ففي بحيرات وادي الصدع الكبير
في افريقيا توجد كميات ونوعيات هائلة من الاحياء اكثر مما تحتويه أية بحيرة
أخرى.
5-مناطق زراعة المحاصيل الحقلية ومواطنها الأصلية:
وتعتبر هذه المناطق من المناطق الغنية في العالم بالأنواع الحيوية لاسيما النباتات
الزراعية التي استخدمها الإنسان منذ 12 الف سنة عندما عرف الزراعة.
يشمل التنوع
البيولوجي «الاحيائي» جميع الأنواع النباتية والحيوانية ومواردها الوراثية والنظم
الايكولوجية التي تنتمي اليها هذه الانواع، انه باختصار تنوع كافة اشكال الحياة على
وجه الأرض سواء كانت على اليابسة او في المياه. ويوفر التنوع البيولوجي للعالم
ضمانة للحصول على امدادات متصلة من الاغذية ومن انواع لا حصر لها من المواد الخام
التي يستخدمها الانسان في حياته اليومية ولبناء حاضره ومستقبله. ولا يشمل التنوع
البيولوجي الأنواع الاحيائية الموجودة في محيط بيئي مائي او
على اليابسة في
وحدة زمنية محددة فحسب بل يشمل النظم البيئية والوراثية التي جاءت منها هذه
الأنواع.
أقسام التنوع
البيولوجي
يمكن تقسيم
التنوع البيولوجي الى ثلاث فئات موزعة حسب التسلسل الهرمي ويضاف النوع الرابع
باعتباره يمثل ثقافة البشرية وجزءا من حضارتها وأهم هذه الفئات:
التنوع
الوراثي
ويقصد به تنوع
الموروثات داخل الأنواع ويشمل ذلك مجاميع متميزة من نفس النوع مثال اعداد كبيرة من
انواع القطف وهو نبات مقاوم للجفاف والملوحة، او الاف الانواع من الأرز الموجودة في
تايلاند والهند مثلا. وقد يكون التنوع الوراثي داخل المجموعة الواحدة، وهو شديد بين
وحيد القرن الهندي ومنخفض عند الفهد الصياد. وإذا كانت قياسات التنوع الوراثي قد
طبقت على الأنواع المستأنسة والمدجنة المحتفظ بها في حدائق الحيوان والحدائق
النباتية فقد بدأ الانسان بتطبيق نفس التقنيات على الأنواع البرية في مواطنها
الاصلية. ويعتبر التنوع الوراثي من اهم منتجات البيئة وعلى كل المقاييس الحيوية
والاقتصادية والصحية والاجتماعية، ويمكن قياس انتاجية منطقة معينة بناء على التنوع
الوراثي الموجود فيها، ويمكن استنتاج انتاجية نظام بيئي معين من خلال الذخيرة
الوراثية الموجودة في هذا النظام فمثلا مجتمع الطيور البرية والدجاج البري مقاوم
لمعظم الأمراض وظروف انخفاض وارتفاع درجات الحرارة ونقص الغذاء بينما لا يحتمل نفس
النظام الكثير من الامراض اذا كان مربى بشكل قطعان كما في المداجن او مزارع الطيور
مثلا. وينظر الاقتصاد البيئي الحديث الى مناطق التنوع الوراثي على انها بنوك وراثية
تحوي تلك الموروثات المنتجة وقد بدأ العلماء بتصنيفها منذ بداية هذا القرن.
تنوع
الأنواع
ويقصد به اختلاف
الانواع داخل اقليم معين، ويمكن القول بتعبير بيئي «اختلاف الانواع في وسط بيئي
معين» فالبيئة الكويتية البرية عموما فقيرة بالانواع بعكس البيئة البحرية التي
تعتبر من اغنى بيئات العالم المائية بالانواع الحياتية، ويختلف توزع هذه الانواع من
اماكن الى اخرى في نفس الوسط البيئي. فتنوع الانواع يختلف من جون الكويت الى ما حول
جزيرتي وربة وبوبيان وهكذا بالنسبة للبيئة البرية، حيث تختلف الانواع الحيوية من
وادي الباطن الى منطقة الروضتين مثلا. وفقد عدد الأنواع الموجودة في وسط بيئي محدد
دلالة على غنى الاوساط بالأنواع الحيوية، ولو ان هناك مقياسا ادق وهو التنوع
التصنيفي، الذي يأخذ بعين الاعتبار درجة ارتباط كل نوع بالانواع الاخرى، فمثلا اذا
كان في جزيرة نوعان من الطيور ونوع من السحالي واخر من الحشرات، يكون فيها تنوع
تصنيفي اكثر من جزيرة فيها خمسة انواع من الحشرات، ولا توجد فيها طيورا ولا سحال.
ولا يعتبر تعدد الانواع ضمن الجنس الواحد غنى بالتنوع الحيوي، فلو كان هناك انواع
من الطيور على سطح الارض اكثر مما عليها من جميع الانواع الاخرى مختلفة فانها لا
تعبر عن الجانب الاكبر من تعدد الانواع لأنها مرتبطة ببعضها ارتباطا وثيقا. ولو
قارنا بين اليابسة والبحار من انواع لوجدنا انه تعيش على اليابسة انواع تزيد كثيرا
عما تعيش في البحار، ولكن الانواع البرية اكثر ارتباطا فيما بينها عن الارتباط في
الانواع البحرية، ولذلك يعد التنوع اعلى في الانظمة الايكولوجية البحرية منه في
البرية حيث لا يرتبط التنوع باعداد الأنواع فقط. انما يعتمد على العلاقات الحيوية
القائمة بين هذه الانواع.
تنوع الأنظمة
البيئية
ويصعب قياس هذا
التنوع لأسباب عديدة منها ان هناك تداخلا واضحا بين الانظمة البيئية الأساسية
والثانوية فمثلا هناك تداخل في التنوع البيولوجي بين نظام اليابسة والمياه ويقوم
هذا التداخل على اكتاف البرمائيات التي تشكل القاسم المشترك بين النظامين البيئين،
وحتى ضمن النظام الأساسي الواحد فهناك نباتات مائية تعيش في المياه المالحة والعذبة
ويشكل نبات الطرفاء القاسم المشترك بين الوسطين حيث يستطيع العيش في المياه المالحة
والعذبة في الوقت نفسه. وهكذا تتداخل الانظمة البيئية الى درجة يصعب فرزها وتحديدها
تحديدا كاملا. وتتلخص الصعوبة الثانية في عدم مقدرة تحديد الانظمة البيئية والانواع
الحية والروابط الحيوية التي تقوم بين هذه الانواع والامثلة هنا متعددة ولا حصر
بها، فيستطيع جرذ الحقل العيش في مناطق زراعية وفي مناطق المراعي المجاورة.
والى جانب تنوع
الانظمة البيئية هناك عوامل اخرى تساهم في اثراء فكرة التنوع البيولوجي ومن هذه
العوامل:
ü الوفرة النسبية
للأنواع في منطقة معينة وطبيعة العلاقة بين هذه الانواع (افتراس - تعايش - تطفل..
الخ).
ü التركيب العمري
للمجموعات الاحيائية وقدرة هذه المجموعات على التكاثر.
ü أنماط
المجموعات الاحيائية في الوسط البيئي الواحد.
ü التركيب
المعيشي لهذه الانواع وقابليتها للتغير على مر الزمن.
ü العلاقات بين
المجموعات ضمن الوسط البيئي الواحد وتغير هذه العلاقات مع مرور الزمن.. فأطلاء
الغزال تلعب مع جراء الذئب لكن هذا اللعب لن يستمر طويلا فسيتحول الغزال الى فريسة
ربما لنفس الذئب الذي كان جروا صغيرا يلعب معه.
وهكذا فمن المهم
دراسة التنوع في بنية وتركيب ووظيفة الأنظمة البيئية وعدم الاكتفاء بدراسة التنوع
الوراثي وتنوع الأنواع الأخرى.
التنوع الثقافي
البشري
ويعتبر جزءا من
التنوع البيولوجي شأنه شأن التنوع الوراثي وتنوع الأنواع، حيث تمثل بعض خصائص
الثقافات البشرية حلولا لمشاكل البقاء والحفاظ على الأنواع الحيوية المختلفة،
وتناولت الثقافات البشرية المتنوعة قضية التنوع البيولوجي بشكل مباشر أو غير
مباشر.. ففي القرآن الكريم يقول الحق عز وجل: «هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه
شراب ومنه شجر فيه تسيمون، ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والاعناب ومن كل
الثمرات ان في ذلك لآية لقوم يتفكرون» (النحل 10-11)، وفي الآية عرض واضح للتنوع
البيولوجي واهميته للإنسان وضرورة المحافظة عليه، لقد شكلت مراحل تطور البشرية من
البداوة مثلا الى الريف ثم المناطق الحضرية حلولا لكثير من المشاكل ومست هذه الحلول
بطريقة مباشرة او غير مباشرة قضية التنوع البيولوجي الذي يختلف من المدينة حيث
الأنواع المنتقاة من الاشجار والازهار الى الريف حيث الأنواع غير المحددة من
المحاصيل والاشجار الاقتصادية والاعشاب الاخرى، ثم الى البر حيث الاعداد الكبيرة من
الانواع الحيوية، فتقلصت هذه الأنواع في المدينة تبعا لثقافة الانسان وتناقصت في
البر نتيجة لحاجة الإنسان الى هذه المواد، ولو ان الانسان بطبعه ظل يحن الى الطبيعة
الرحبة، فقديما كان سكان المدن يرسلون أبناءهم الى البادية للتعلم ولتقسية اجسامهم
وسلامة نطقهم. ولقد ساهم التنوع البيولوجي في تكوين المعتقدات الدينية والتقاليد
الاجتماعية فالشاعر علي بن الجهم الذي قدم من البادية الى الخليفة في المدينة مدحه
بقوله:
أنت كالكلب في
حفاظك للود
وكالتيس في قراع
الخطوب
وبعد أن عاش
الشاعر ردحا من الزمن في المدينة ونتيجة للتفاعل بينه وبين مكونات البيئة الحضرية
هو نفسه الذي أنشد:
كن كالنخيل عن
الأحقاد مرتفعا
بالطوب يرمى
ويرمي أطيب الثمر
وشبه شاعر آخر
التواضع بامتلاء السنبلة بالحبوب
ملأى السنابل
تنحني بتواضع
والفارغات رؤوسهن
شوامخ
ولم يتوقف التنوع
البيولوجي في تدخله بأدق التفاصيل في حياة الإنسان الثقافية والاجتماعية بكافة
صورها وأشكالها عند هذا الحد بل تغلغل الى ابعد من ذلك حيث يبدأ نطق الطفل بالتعرف
على اهم انواع الفواكه والخضار والحيوانات والطيور الأليفة المحيطة بالإنسان.
مناطق التنوع
البيولوجي
نظرا لأن قضايا
التنوع البيولوجي قضايا معقدة بتنوع الكم الهائل من الاحياء الذي يضمه التنوع فيمكن
النظر للتنوع من زوايا ثلاث متداخلة عالمية وإقليمية ومحلية، فالزوايا العالمية
تعطي نظرة شاملة للأحياء في العالم وتحدد المناطق الساخنة، التي يكون فيها التنوع
الاحيائي اكثر ثراء وفي الوقت نفسه اكثر تعرضا للمخاطر وهذه المناطق بالنسبة لنا
بعيدة تعتبر معرفتها او السفر اليها نوعا من المتعة الثقافية في حين تشكل المناطق
الاقليمية جانبا شبه ملموس بالنسبة لنا يسهل معرفته كالوطن العربي ودول مجلس
التعاون الخليجي، أما الجانب المحلي فهو الذي نحرص على المحافظة عليه. ومن أهم
مناطق التنوع البيولوجي:
1- غابات
المناطق المدارية: وهي من اكثر المناطق غني بالأنواع الحيوية وتحتوي على 50 - 90%
من الانواع في العالم رغم انها لا تغطي سوى 7% من مساحة اليابسة على سطح الكرة
الأرضية، وتحتوي على 30% من الفقاريات البرية وثلثي الأنواع العالمية من النباتات
الوعائية و96% من المفصليات العالمية، ولا تعتبر الغابات المدارية فقط منطقة تنوع
احيائي غنية بل تدعم ثقافات بشرية وتنظم هذه الغابات الدورات البيولوجية
والجيولوجية والكيماوية.
2- الغابات
المطيرة المعتدلة: وتحتوي هذه الغابات على تنوع حيوي واسع وكانت تشغل في وقت من
الأوقات ما يقرب من 30 مليون هكتار، وهذه المناطق شديدة التنوع وتقوم بدور أساسي في
المحافظة على مخزون المياه العالمي ومجمعات المياه العالمية الجوفية.
3- الشعب
المرجانية: وتعتبر النظير المائي للغابات المدارية حيث تحتوي على انواع حيوية هائلة
ولا تقارن بأية مناطق اخرى تتوزع على المحيطين الهندي حيث توجد أكبر الشعب وأكثرها
عددا من حيث الانواع وفي المحيط الهادي لاسيما الجزء المداري الغربي منه، وتتوزع
الاحياء في مناطق الشعب المرجانية توزعا عشوائيا بخلاف الغابات المدارية حيث توجد
مناطق ترتفع فيها نسبة كثافة الاحياء مقارنة بمناطق أخرى.
4-بحيرات
المياه العذبة: كما هي الحال بالنسبة للجزر المنفردة حيث تعيش فيها انواع منفردة
كذلك تعيش في البحيرات العذبة انواع مماثلة، وتحتوي هذه البحيرات على رصيد هائل من
أنواع الأسماك والضفادع والثعابين المائية والنباتات، ففي بحيرات وادي الصدع الكبير
في افريقيا توجد كميات ونوعيات هائلة من الاحياء اكثر مما تحتويه أية بحيرة
أخرى.
5-مناطق زراعة المحاصيل الحقلية ومواطنها الأصلية:
وتعتبر هذه المناطق من المناطق الغنية في العالم بالأنواع الحيوية لاسيما النباتات
الزراعية التي استخدمها الإنسان منذ 12 الف سنة عندما عرف الزراعة.