منتديات القمر الثقافيه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات القمر الثقافيهدخول

descriptionالنص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح Emptyالنص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح

more_horiz

النص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح



النص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح 1_2


الخطاب الكامل لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عباس في مؤتمر فتح ..


وهنا النص الحرفي للخطاب، كما وزعته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، مسترعين الإنتباه إلى أنها اعتمدت النص المكتوب، دون أ، تنضيف إليه الفقرات التي خرج بها عباس عن النص:

"بسم الله الرحمن الرحيم

أيتها الأخوات.. أيها الإخوة

الضيوف الكرام،

أتوجه بأطيب التحيات لكم جميعاً، ولشعبنا الفلسطيني في كل مكان، ونحن نعقد المؤتمر السادس لحركة فتح. هنا في هذه المدينة المقدسة، بيت لحم مهد سيدنا المسيح عليه السلام، وهمزة الوصل الروحي والحضاري والتاريخي، بين عاصمتنا الأبدية القدس ومستقر الأنبياء في خليل الرحمن.

وأتوجه بالتحية لضيوفنا الأعزاء من الأشقاء والأصدقاء الذين يحضرون مؤتمرنا هذا، فمشاركتهم هي التعبير عن تضامن احزابهم وحركاتهم وبلدانهم وشعوبهم مع حركة 'فتح' وما تمثله، ومع النضال العادل للشعب الفلسطيني، وأهدافه في الحرية والإستقلال، ومع منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا.

أيتها الأخوات أيها الأخوة،

ها هو شمل حركتنا يلتئم، بعد سنوات طويلة مرت على انعقاد مؤتمرنا الخامس، شهدت العديد من الأحداث والتحديات والمخاطر، تم تجاوزها بتوفيق من الله عز وجل. وبفضل الإرادة والتصميم استطاعت 'فتح' قيادة المشروع الوطني من البداية بجدارة، لتواصل دورها تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية حتى نؤسس دولتنا الفلسطينية المستقلة.

عقود من الزمن مرت منذ الانطلاقة، قدمنا خلالها آلاف الشهداء ومئات الألوف من الجرحى والمعاقين والأسرى، على درب الحرية والإستقلال.

إن مجرد صمود الحركة الوطنية الفلسطينية واستمرارها بعد كل ما أحاط بها من مخاطر ومؤامرات شطب وتصفية وحروب هو شيء أقرب إلى المعجزة، غير أنه بعدالة قضيتنا وبتضحيات شعبنا وبوعي قيادتنا تمكنا من الثبات على اهدافنا وكفاحنا. ونحن اليوم على يقين من حتمية الانتصار. لأن من ثار وصمد وبنى وأبدع، رغم دوائر النار المحيطة به في كل يوم من أيام حياته، هو جدير بالنصر، حتى لو بدا هذا النصر في ساعات الشدة بعيداً.

وإذا كنا نعيش اليوم واحدا من أهم انجازات كفاحنا الصعب، بتواجدنا هنا على أرض وطننا فلسطين، لا بد وأن نستذكر معا بتحليل موضوعي، تلك الفترة التي فكرت فيها الطليعة الأولى من هذا الشعب في إطلاق الشرارة الأولى للثورة – ثم اتخذت قرارها التاريخي بذلك، الأمر الذي كان في حينه أشبه بمجازفة تقف بين حدي الموت والحياة.

فمنذ أن واجه شعبنا النكبة وهُجر من أرض وطنه، وأجبر على اللجوء إلى ما تبقى منه، أو إلى دول الجوار، أو الدول البعيدة. كان جيلنا دائم التفكير في إيجاد الإجابة الصحيحة على السؤال الأهم والأصعب، ما العمل؟ وكانت الإجابة بأن انتمى البعض من هذا الجيل إلى تشكيلات عربية قائمة أو قامت في سياق التعامل السياسي أو الإستثمار الح....... للنكبة، وانضم البعض إلى تشكيلات دينية، وربط البعض مصيره بما يمكن أن يفعل أولو الأمر من الحكام والنظم العربية.

فقد كان التمزق في زمن البحث عن الخيار، يجسد كارثة أخرى فوق كارثة فقدان الوطن والهوية. وأوشكت قضية العصر، وربما كل العصور، أن تتلاشى في خضم بحر عربي متلاطم الأمواج، يئن تحت عجز مطبق، وفوضى في التفكير، والافتقار إلى اتخاذ القرار المطلوب لنقطة بداية، تسمح لنا بوضع أادامنا على الطريق المفضي إلى استعادة الهوية والحقوق.

كان الفلسطينيون رغم توزع اجتهاداتهم وخياراتهم يتحِدون في حلم الوطن، والحنين إليه، والعودة إلى ربوعه، غير أن هذا التوزع أوشك أن يجعل الحالة الفلسطينية بإجمالها ملحقاً ضعيفاً بجسم أكثر ضعفاً، هو الجسم العربي المثخن بالإنقسامات.

حيث كان من نتائج النكبة أن قامت عدة ثورات وانقلابات في عدد من الدول العربية، يتضمن بيانها الأول باستمرار شعار تحرير فلسطين، ثم لا يلبث النظام الجديد أن ينشغل بهمومه الإقليمية والداخلية، حتى كادت قضيتنا أن تنسى تماما، أو أن تعتبر مجرد قضية لاجئين. الأمر الذي دفع الطليعة المؤسسة، للتنادي من فلسطين، ومن المنافي

العربية والعالمية، لأخذ زمام المبادرة، وإطلاق ثورة شعبية تقول للعالم: شعب فلسطين لم يمت، وها هي فتح حركة تحرره الوطني واستقلاله تطلق الرصاصة الأولى.

أما أشقاؤنا العرب، فهم المحيط الواسع الذي سيوفر الدعم والإسناد والمشاركة، وليس البديل للعنصر الفلسطيني، ودوره الحتمي في المعادلة. لأننا كنا ندرك ونحن نبدأ الثورة، أننا جزء من أمتنا العربية من محيطها إلى خليجها، وأن قيامنا بواجبنا لا يعفي اشقاءنا من مسئولياتهم تجاه صراع يمسهم أيضا. فشعار استقلالية القرار الوطني، كان هدفه عدم الانجرار إلى الصراعات ما بين الأنظمة، بخاصة وأن قرارنا كان عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية.

وحين أمكن للطليعة الفتحاوية، التي كانت تلتقي في مناخات سرية محاطة بالشكوك والهواجس والتساؤلات، أن تجمع ما يصلح لنقطة البداية طَرَح السؤال الكبير نفسه كيف ومتى؟

الجواب على كيف كان المقاومة بالكفاح المسلح كضرورة وخيار. إلا أن الاختلاف كان وبأقصى درجات الحدة، حول متى.؟

وكانت حجة الذين يقولون الآن قبل الغد، تنطلق من الخوف على الظاهرة الفلسطينية من التبدد في خضم عواصف الإختلاف العربي، وفوضى الخيارات، ومشاعر اليأس من الحاضر والمستقبل، إلى جانب اعتبارات كثيرة.

أما الذين يدعون إلى التريث، فقد كانت حجتهم الإنتظار، إلى حين تأمين جميع ضمانات ومقومات النجاح، وكان ذلك مستحيلاً بالطبع.

وإنني إذ أتذكر اليوم الأحداث التي مرت علينا عامي 1963 – 1964، فإنني أعتز اعتزازا كبيرا بالقرار الذي أعتبره من أهم القرارات في حياتي، وهو أنني كنت إلى جانب أخي ورفيق دربي الشهيد ياسر عرفات، أصحاب الصوتين المرجحين لقرار انطلاقة فتح – انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في الفاتح من كانون الثاني 1965.

وعندما نستذكر تاريخ الإنطلاقة والحركة الوطنية الفلسطينية فكيف لا نبدأ بالحديث عن ياسر عرفات المؤسس والقائد الرمز. ونحن اليوم نجتمع في ذكرى ميلاده. وتحت راية إسمه الكبير.

ياسر عرفات 'أبو عمار' كانت فلسطين ساكنة فيه ومرادفة لروحه وممتزجة بدمه وسابحة في فكره وتطلعاته. ياسر عرفات، الذي كان من الميلاد حتى الممات، ظاهرة قلما يجود الزمان بمثلها. ففي كل مكان حل فيه، كان يحمل فلسطين في قلبه وبريق عينيه اللافت. ولا غرابة في أن قرار الإنطلاقة الذي اتخذ نهاية العام 64، أخذ أبو عمار على عاتقه مهمة تنفيذه.

لم تتأخر الولادة كثيراً، ففي الأول من كانون الثاني عام 65 نجحت أول عملية عسكرية، كانت الإشارة الأولى لولادة - الفلسطيني الجديد – الذي قرر أن يتمرد على واقع الظلم والنكبة، وعلى صفة اللاجئ بلا وطن، لتتحول المخيمات إلى قاعدة اساسية للثورة الفلسطينية، وإلى رمز للإرادة الفلسطينية وإلى مستنبت للبطولة والمقاومة والبناء والإبداع.

descriptionالنص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح Emptyرد: النص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح

more_horiz
لقد قالت فتح، من قلب المخيم، والقرية، والمدينة، ومضرب العشيرة، وبأعلى الصوت وبأصدق السلوك والعمل، المخيم لا يصلح وطناً، واللجوء لن يكون قدراً، وستعود فلسطين إلى الجغرافيا صرحا، كما هي صرح في التاريخ.

ونحن على بداية التاريخ الذي سيصلنا إلى الدولة المستقلة، بعقدنا المؤتمر على أرض الوطن.

يا أبناء وبنات فتح، يا أبناء وبنات فلسطين،

منذ الانطلاقة، وحتى أيامنا هذه والشكوك والدسائس والإشاعات تبث حولنا، والاتهامات توجه إلينا، فغالبا ما كنا نسمع عبارات – إنكم تورطون الدول العربية في حرب لم يأت زمانها، ولم يتحدد مكانها.

في البدايات استشهد من استشهد، تارة بفعل فتنة، وتارة أخرى على ساحة المواجهة مع إسرائيل، إلا إننا صمدنا، ولم نيأس فزاد التفاف الشعب الفلسطيني حول حركتنا وثورتنا، ولم يجنِ المتآمرون على فتح والمشككون بها سوى الفشل والخذلان.

ويحق لياسر عرفات أن نسجل له، أنه عنوان وقائد تلك الحقبة الهامة من حياته وحياتنا، حقبة التأسيس الأولى، كان رحمه الله ينتقل من فضاء إلى فضاء، مخترقاً الحدود والسدود، يعرف ما يريد وكيف يصل إلى ما يريد، والكثيرون لا يعرفون أن أبو عمار دخل الأراضي الفلسطينية مرتين وخرج منها بسلام.

وإن كنا نعطي لأبي عمار كل هذه المساحة من الحديث وتسجيل المآثر، فلأنه في حياته واستشهاده كان الممثل الشرعي لنا جميعاً، كان فيه صبر أبو جهاد، ودأبه على العمل بصمت ودون توقف. وكان فيه قوة شخصية أبو إياد، ومواقفه الشجاعة، وقدرته على منح فتح القوة المعنوية اللازمة في الشدائد، وكذلك نسجه للتحالفات الضرورية لمصلحة القضية ببراعة. وفيه من أبو يوسف النجار، ذلك الرجل المتزن الوقور الذي أعطى الكثير دون أن ينتبه أو يفكر في إعلام صاخب أو ترويج للدور.

وفيه من المثقف الكبير والمنظر العميق والمتحدث البارع خالد الحسن ' ابو السعيد' الذي اضفى على فتح رونقا فكريا وثقافيا وسياسيا راقيا.

وفيه من هايل عبد الحميد 'ابو الهول' رجل الأمن، وحارس الطيبة والمحبة في فتح والانضباط والدأب المتواصل.

وفيه من ابو صبري التفرغ المطلق للفكرة والعمل المواظب من اجل تجسيدها على ارض الواقع.

وفيه من كمال عدوان، الذي بشر بفكر جديد، وتجدد لا يتوقف، غير انه قضى في أول الطريق، كنا نسميه معمل الأفكار الذي دائما يعمل ويفكر.

وفيه من ابنه وتلميذه ماجد أبو شرار الذي كان يُستقبل في منتديات العالم كوعد حضاري يصغي إليه القريب والبعيد. وفيه من سعد صايل، أبو الوليد، العسكرية الصارمة والفعالة، الذي بنى لعسكريتنا مجداً مهنياً، وصمد في كل الحروب وتميز.

وفيه من أبو المنذر، التقوى والسلوك الحميد، والفتحاوية الصافية والعمل السري الفعال والمؤثر. وفيه من فيصل الحسيني رائحة وروح القدس، وقوة الحركة والنشاط والانتشار، والعيش مع الناس في الحلوة والمرة.

وفيه من عبد الفتاح حمود، الذي أخذ عنه أبو عمار صفة الشهيد الحي، فقد كان يقول عنه 'لقد رحل عبد الفتاح مبكراً جداً، لعله يعبد أمامنا طريق الشهادة حتى ونحن على قيد الحياة'.

وفيه من ابو علي اياد، الذي جسد احد أهم شعارات العاصفة – نقاتل ونموت ونحن واقفون ولن نركع.

كانت السنوات التي تلت العام 65 سنوات بناء الخلايا والتشكيلات السرية على ارض الوطن، وفي الشتات، في ظل ظروف صعبة، إلى أن جاء زلزال هزيمة حزيران، الذي لا نزال نعاني من تداعياته المعنوية والسياسية، فتلك الهزيمة أوصلت أمة بأسرها إلى حافة الانهيار المعنوي.

عندما وقعت حرب حزيران أصيب العالم والأمتين العربية والإسلامية بنكبة، وللأسف سميت بنكسة، لكنها نكبه على كل المستويات.

انتظرت أبو عمار حينها، فجاء في سيارة مغطاة بالوحل وباللباس العسكري، قلت له لقد انهزمنا يا أبا عمار وأنت ما زلت تلبس اللباس العسكري، قال انهزموا ولم ننهزم، ولذلك جاءت زيارته للضفة الغربية مرتين خلال الاحتلال.

كانت فتح، مطالبة بملء فراغ قاتل، والتعويض عن خسارة فادحة، وإبعاد شبح اليأس والانهيار النفسي عن أمة بأسرها، فعاجلت الاحتلال بسلسلة من العمليات العسكرية الناجحة، توجت بمعركة الكرامة التي كانت أول مواجهة عسكرية، وقعت بين فتح وأشقاؤها من الفصائل اللذين كانوا جميعا في المعركة. من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، دون أن نغفل دور الجيش العربي الأردني الشقيق الباسل الذي توحد معنا بالدم على أرض الكرامة والعزة، كان هناك هدنة ونكسة ونكبة والجميع يلملم جراحة لكن الجيش الأردني قاتل معنا ببسالة.

رأت الجماهير المحبطة من هزيمة حزيران، دبابات إسرائيلية محترقة في الكرامة، فكانت بارقة الأمل التي أثارت حماسة الجماهير الفلسطينية والعربية، ولفتت انتباه القادة العرب، وقال عنها الزعيم جمال عبد الناصر: 'إن الثورة الفلسطينية وجدت لتبقى' - وهذه أول مرة نسمع زعيما عربيا يقول هذا-، وأضاف ياسر عرفات إليها كلمته الشهيرة (ولتنتصر).

شهدت مرحلة ما بعد الكرامة، الانتشار الفتحاوي الواسع، وبدء الظهور لفصائل فلسطينية جديدة شاركت معنا في مواصلة مسيرة الكفاح الوطني.

ومع أن هذه المعركة شكلت بداية جديدة لأمل جديد، إلا أنها أيضا حركت قوى بدأت تعد العدة للقضاء عليها، ولقد وصف الجنرال جياب حالنا بعد الكرامة، في لقاء جمعه بالراحل الكبير أبو عمار حذار، فإنكم تجسدون عود ثقاب بجانب بحيرة نفط.

ولقد قادت فتح تلك الحقبة، بكثير من الذكاء، ولكن في ذات الوقت برزت عوامل عديدة في تلك المرحلة أدت إلى ارتكاب أخطاء، وكانت هناك اجتهادات غير موفقة لا أريد الإطالة في الحديث عنها، وفرت في النهاية فرصاً نموذجية لخسارتنا للكثير من المواقع، وأهمها خسارة الجغرافيا الأردنية.

وقد شهدت مرحلة انتقالنا إلى الجغرافية السورية واللبنانية، أهم مراحل نضوجنا سواء كحركة أم كفصائل منضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية.

محطات عديدة وصعبة مررنا بها حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم، حيث الاعتراف العربي والدولي بنا، ولعل من بين تلك المحطات الأولى دخولنا منظمة التحرير، كنا تنظيما خارج المنظمة حتى العام 69، وفي ذلك العام فرض علينا أن ندخل المنظمة، وفرض على ياسر عرفات أن يكون رئيسا للمنظمة، وأذكر أنه بكى لا أريد هذا الموقع، ورئاسة زعيم فتح ومؤسسها للجنة التنفيذية فجعلت فتح من المنظمة إطارا جبهويا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إطار تجتمع فيه كل مكونات الشعب الفلسطيني، ويشكل وطنا معنويا للفلسطينيين في جميع أماكن تواجدهم.

أخواتي إخوتي،،

مثلما كانت حركتنا رائدة في اطلاق الرصاصة الأولى، فقد كانت ولا تزال رائدة في مجال الواقعية السياسية أيضا، الواقعية التي تحقق الممكن دون مساس بما اصطلحنا على تسميته بالثوابت الوطنية، مسلحين اولاً باستقلالية القرار، وثانياً بامتلاك الوعي والقدرة على قراءة متغيرات العالم وسياساته ومصالح قواه المؤثرة، وثالثاً بحسن الأداء السياسي.


في تلك المرحلة بدأنا نتعامل مع الواقع السياسي، لأننا لا نستطيع أن ننفصل عن هذا الواقع، كان هناك قرار 242 وغيره من القرارات، وكان هناك ما يسمى بداية بهذه الشرعية الدولية، ولذلك لا بد أن نفكر أن نتعامل مع الواقع، وأذكر حادثتين الحادث الأول أننا في عام 1969 أطلقنا شعار أربك العالم وأربك اسرائيل، شعار 'الدولة الديمقراطية الفلسطينية' الذي يعيش فيها الجميع على قدم المساواة والواجبات، الذي أطلقه الشهيد أبو إياد، وعمل هذا الشعار خبطة في كل أنحاء العالم والإرباك في اسرائيل. نحن لا نريد أن نلقيكم في البحر إن كنتم تتهمونا بهذا فنحن لسنا كذلك، نحن نريد أن نتعايش معكم، تقبلو بنا ونقبلكم، ولكن مع الأسف الشعار أجهض إما من داخلنا أو من كثرة التفاصيل وبكثرة الحديث قلنا كلمة 'دولة ديمقراطية فلسطينية' الجميع يعيشون فيها على قدم المساواة بالحقوق والواجبات، طبعا اسرائيل يستحيل أن تقبل هذا، لذلك أجهض وكان هذا بداية التعامل مع العمل السياسي.

ثم جاءت حرب أكتوبر أو حرب رمضان، وخرجنا من المجلس الوطني بالنقاط العشر، بناء الدولة الفلسطينية على أي شيء من أرضنا يتحرر، أيضا هذا كان نوعا من التعامل السياسي، بلى لا شك أنه لفت أنظار العالم، إلى هذه الظاهرة الفلسطينية التي هي ليست ظاهرة عدائية نريد القتال من أجل القتال، نريد القتل من أجل القتل، إنما نريد حلا سياسيا، ومن هنا بدأت شبكة التواصل السياسي بهذا الإتجاه مع العالم.

ومن المحطات الهامة، تجربتنا النضالية خلال مرحلة وجود الثورة في لبنان حيث شعبنا المعطاء هناك، وشعبنا الذي وصل إلى هنا، وحيث الإحتضان الأخوي الدافئ من اشقائنا، شعب لبنان الأصيل، فوصلت قوتنا العسكرية والشعبية إلى أوجها، وتوطدت علاقاتنا على المستوى الدولي، وتوسعت دائرة الإعتراف بحقوقنا وبمنظمة التحرير الفلسطينية، مما دفع اسرائيل ووزير جيشها آنذاك بالإقدام على غزو لبنان عام 1982، وحصار بيروت الذي قادها استراتيجيا ياسر عرفات، وميدانيا سعد صايل، وكافة القيادات الفلسطينية، وهنا يجب أن أوجه التحية لروح الرفيق جورج حبش، والرفيق نايف حواتمة.

لم تكن تلك الحرب مجرد عمل عسكري لاقتلاع قوة عسكرية تقض مضجع اسرائيل، وإنما كانت محاولة للقضاء على ما أصبحت تمثله فتح ومنظمة التحرير من عنوان، لحتمية حصول الشعب الفلسطيني على حق إقامة دولته المستقلة.

وفي عام 74 أيضا وفي قمة الرباط حصلنا على قرار أن المنظمة هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهو قرار نسجله للعرب دعما للشعب الفلسطيني وللمنظمة.

وأود أن أُذَِكّر هنا بمحطة تاريخية هامة في مسيرتنا الحافلة. ففي دورة مجلسنا الوطني العام 1988 في الجزائر، أعلنا قيام دولة فلسطين وأعلنا وثيقة الاستقلال.

وفي الوقت نفسه طرحنا وللمرة الأولى، رؤيتنا التفصيلية لحل الصراع عبر مبادرتنا وبرنامجنا للسلام. كانت لحظات صعبة ومؤلمة وقاسية، ولكننا امتلكنا الشجاعة والجرأة والواقعية، التي يجب أن تتحلى بها أي قيادة مسئولة للدفاع عن مصالح شعبها. وكنا بذلك نحدد الممكن والواقعي في مسيرة استرداد حقوقنا.

إن هذا البرنامج بما احتواه من واقعية وطنية من قبلنا، ما زال هو قاعدة مشروعنا الوطني والمحدد الرئيسي له، وهو البرنامج الذي اقتحمنا به المحافل الدولية، وحصلنا على اعتراف أكثر من 125 دولة بدولة فلسطين حيث رفعت هذه الدول العلم الفلسطيني في عواصمها.

descriptionالنص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح Emptyرد: النص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح

more_horiz
أخواتي إخوتي،

من المحطات الهامة أيضا الحقبة التونسية، التي كان من ثمارها الاستفادة من تجربة الأشقاء في هذا البلد العزيز، حيث المدرسة الواقعية، مدرسة الحبيب بورقيبة، وخلفه زين العابدين بن علي، كما أن الضيافة التونسية الأصيلة، وفرت للقيادة الفلسطينية بعد الخروج من بيروت، حرية الحركة بكل ابعادها، فجرى على أرض تونس أول لقاء فلسطيني اميركي العام 1988.

وخلالها جرت كذلك المفاوضات السرية في اوسلو، بعد أن أخذ مؤتمر مدريد وما تلاه مساراً نمطياً، اوصلنا إلى التأكد من أن مفاوضات واشنطن، لن تفضي إلى النتائج المرجوة.

فكان خط اوسلو السري، الذي أفضى الى اتفاق اعلان المبادئ عام 1993.

لم يكن ما توصلنا إليه في اوسلو اتفاقاً أو معاهدة، وإنما إعلان مبادئ أو إطارا للعمل، في مشروع سياسي تاريخي كبير.

ولكي يأخذ إعلان المبادئ شرعيته الدستورية، فقد عرض على المجلس المركزي وتم إقراره، ومنذ البداية لم نخدع أحداً، ولم نزوق أو نسوق ما تم التوصل اليه، على أنه انجاز متكامل لا خطأ فيه، بل كان انجازا سياسيا يتطلب المتابعة والإستمرارية، والتنبه إلى امكانية أن يتعرض للإنهيار، بخاصة أمام المعارضة التي ظهرت له في اسرائيل، أو عدم التزام اسرائيل بتنفيذ ما يتفق عليه.

كنا نعرف ذلك جيداً ونضعه في حسابنا قبل التوقيع عليه في واشنطن.

إنني أكثر من يعرف جوانب الخلل والنقص في هذا الإتفاق الأولي. ولكن ذلك يجب أن لا ينتقص مما أنجزناه. فقد حققنا أمورا هامة كثيرة، في مقدمتها إقامة أول سلطة وطنية على الأرض الفلسطينية، لتكون الحجر الأساس للدولة المستقلة، وقد وفر هذا الفرصة لعودة مئات الألوف من المنافي الى ارض الوطن. حيث يؤمن كل واحد فينا بأن الوجود على ارض الوطن ضمن سيادة ناقصة أو حتى معدومة هو أفضل من البقاء في المنفى. ولأن ذلك يعني أننا بشرعيتنا ومؤسساتنا ومقومات صمودنا، أصبحنا في المكان الصحيح، وأن كل المنغصات على ارض الوطن تظل أخف وطأة على النفس والروح من اللجوء الأبدي.

لقد أعدنا بالفعل ثلاثمئة وخمسين ألف فلسطيني الى مناطق السلطة (شفوي القادمون من لبنان وسوريا)، وأصبح لدينا جواز سفر معترف به في جميع دول العالم. كما تمكنا من الحصول على هويات فلسطينية لخمسة وخمسين الف عائلة كانت عالقة على ارض الوطن تحت عنوان 'المخالفون'.

إن تقويم اتفاق أوسلو اليوم ليس مسألة فلسفية أو نظرية، وإنما علينا رؤية الخلاصات والحقائق على الأرض وكيف نطورها، وكيف نتفادى الخطأ فيها، وكيف نحول الحكم الذاتي إلى دولة طبيعية كباقي دول العالم.

أيتها الأخوات أيها الإخوة

بعد هذا العرض المكثف جدا، للمحطات والساحات التي مرت بها مسيرتنا، واعذروني عن عدم ذكر العديد من التفاصيل الهامة، اسمحوا لي أن أقدم تقويماً لأهم تطورات السنوات الأخيرة. لقد تراجعنا كثيرا على صُعد متعددة، وكان الدور المركزي لإسرائيل في ذلك، وكان من نتائجه أن دفعنا حياة ياسر عرفات ـ وما أغلاها ـ ثمنا في حصار بشع من كل الجوانب وبكل المقاييس. وأود أن أؤكد هنا، أنه ينبغي ألا يتسلل إلى ذهن أحد في العالم على اتساعه، اننا سنتوقف لحظة عن مواصلة البحث والتحري وجمع الأدلة لمعرفة أسباب الوفاة، ومواصلة الإتصال بالدول المعنية الصديقة لمساعدتنا في هذا الأمر. ولقد انشأنا مؤسسة كاملة، ذات امكانيات، لمتابعة هذا الأمر إلى جانب تخليد ذكراه. ولن ينفع البعض المتاجرة أو استغلال هذا الدم الطاهر.

إن روح ياسر عرفات لن تذهب هدرا، وما أن نتوصل الى الحقيقة سيكون الشعب الفلسطيني اول من يعرف ذلك.

في السنوات ما بين 2001 إلى 2005، وصلت السلطة الوطنية، وجراء الحرب الإسرائيلية الشرسة ضدها، إلى حافة الانهيار المادي والسياسي، وأظهر الورثة المختبئون في الجحور وفي ثنايا التاريخ، نزوعا نحو الإستفادة من مؤامرة حرب الإستئصال الإسرائيلية. وارسلوا رسائل للإسرائيليين والأميركيين مفادها، تعالوا الينا لنحاوركم وستجدون ما يسركم. ونحن من سيقاتل السلطة وفتح. لقد بدأ الإعداد للإنقضاض على السلطة، وتقويض حلم إقامة الدولة في نفس الوقت الذي كانت فيه حرب الإستئصال الإسرائيلية في ذروتها.

ثم جاءت المرحلة التي أعقبت استشهاد أبو عمار وبدأنا بالإنهماك في معالجة آثار الحرب الإسرائيلية على السلطة. وبفعل انسداد آفاق عملية السلام، وأيضا بسبب اخطائنا، وجملة من ممارساتنا وسلوكياتنا المرفوضة جماهيريا، وأدائنا الضعيف، وابتعادنا عن نبض الجماهير، وضعف انضباطنا التنظيمي، خسرنا انتخابات المجلس التشريعي الثانية. وبعد ذلك خسرنا غزة، وأوشكنا على خسارة ما تبقى من السلطة. غير أنني وبكل المسؤولية أقول: قاومنا وصمدنا، وبادرنا. قاومنا على الأرض - بالصمود – وحافظنا على السلطة بديلا عن خطر إعادة كل الأمور للإحتلال. عملنا ليل نهار من أجل توفير الأمن لمواطنينا، وهو أمر كان يبدو مستحيلا بسبب الفوضى والفلتان الأمني الداخلي، والتدخل المتواصل من قبل اسرائيل لمنعنا من توجيه رسالة ذات مصداقية للشعب الفلسطيني والعالم. تعبنا من أجل تأمين الحد الأدنى من مستلزمات الحياة لشعبنا في جميع أماكن تواجده، في الضفة الغربية المثخنة بالعدوان والحصار الإسرائيلي وفي غزة الجريح جراء حروب اسرائيل عليها وحصارها وتآمر الإنقساميين وأعمال القتل والإغتيال والتخريب الداخلي ضد السلطة. وحققنا القدر المطلوب من الأمن وسيادة القانون في مناطقنا، وحققنا شعار 'سلطة واحدة، قانون واحد وسلاح واحد'. بدءاً من حزام أمان السيارة، إلى تأمين الأرواح والممتلكات، وإلى إقامة مشاريع تنموية وتشجيع الإستثمار في مجال بناء الإنسان والصناعة ومختلف المجالات، وتطوير البنية التحتية والإهتمام بالمناطق المهمشة، وتشجيع مهرجانات الثقافة والفنون والإنتاج والتسوق، وتكريس مقولة شاعرنا الكبير محمود درويش 'على هذه الأرض ما يستحق الحياة'. أيضا نجحنا في تأمين اكبر قدر من الشفافية في مؤسساتنا شهدت له المؤسسات الدولية.

descriptionالنص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح Emptyرد: النص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح

more_horiz
لقد فعلنا ذلك وسنواصل العمل على نفس الدرب.

إن معركة البناء التي نخوضها بكل جدارة، ونحشد من اجلها كل طاقات وإمكانات الشعب الفلسطيني، تحتاج حتما إلى غلاف سياسي يحميها ويوفر كل أسباب النجاح لها. ونعلم أن كل ما نفعله وهو اساسي وضروري يظل عرضة للتآكل في غياب الحل السياسي، ذلك إننا لسنا من يسعى إلى الخبز وحده، بل نسعى إلى حريتنا أولاً وأخيراً. وحين يحاول نتنياهو حرف أنظار العالم من خلال اقتراح تسهيلات اقتصادية كبديل عن الحقوق السياسية، نقول له إن الهدف الوطني الأسمى، هو الإستقلال وإقامة الدولة وعاصمتها القدس، وحسم جميع قضايا الوضع الدائم وفي مقدمتها قضية اللاجئين التي هي جذر همنا وأساس نكبتنا ومفتاح مستقبلنا..

إنني أيتها الأخوات أيها الإخوة، وانا أتحدث عن التنمية، إنما أتحدث أيضا عن المفاوضات. ولقد شاءت الأقدار أن تكون جدارتنا بالحرية والإستقلال، مرتبطة بجدارتنا في بناء مجتمع، وقيادة شعب، ضمن آليات ومفاهيم القرن الحادي والعشرين. إننا نفاوض ليس على الطاولات، وفي الغرف المغلقة فقط، وإنما بالأداء على الأرض أيضا، وعلى مستوى العلاقات مع العالم كله.

الكثيرون لامونا في كامب ديفيد، على أننا رفضنا عروضا تاريخية، لكن الحقيقة أنهم لم يعرضوا علينا شيئ ملائم لصالح القضية لنقبل به.

ولقد توصلنا إلى محطات ذات مغزى، واسمحوا لي هنا أن أسوق مثلا: هو خطة خارطة الطريق، التي أعلن الرئيس الراحل أبو عمار من قلب المقاطعة قبولنا بها. واستعدادنا لتنفيذ ما يترتب علينا فيها. ومن جهتنا نفذنا ونواصل تنفيذ البنود المتعلقة بنا كاملة، ولو رجعنا إلى خطة خارطة الطريق نرى أننا قطعنا شوطا كاملا في تنفيذ التزاماتنا، في الوقت الذي لم تلتزم به اسرائيل بأي من الإلتزامات المترتبة عليها.

وحين شرعنا في المطالبة بتنفيذ ما يترتب على اسرائيل، بدأت المماطلة وسوق الذرائع. الا أن ما حققناه فعلا هو تجنيد العالم كله معنا في الضغط على اسرائيل، لتنفيذ ما عليها وهذا ما نراه اليوم بوضوح. وما نراه على صعيد الموقف الأميركي، الذي أعلنه الرئيس اوباما من واشنطن والقاهرة والرياض. حيث المطالبة بتطبيق خطة خارطة الطريق بما فيها المبادرة العربية للسلام، وتجميد الإستيطان، والمضي قدما في عملية السلام، ليس من نقطة الصفر، وإنما من النقاط التي تم التوصل اليها، بما في ذلك التفاهمات التي اقتربنا منها في الحوار المطول مع رئيس الوزراء اولمرت.

إننا أيها الأخوات والإخوة نقوم بعملية مزدوجة صعبة ومتداخلة مفادها، مفاوضات صعبة تم تجميدها في عهد الحكومة الإسرائيلية الحالية، وننتظر أن تعود بعد إعلان اسرائيل الصريح الموافقة على حل الدولتين، وتجميد الإستيطان في جميع اراضينا وبخاصة القدس. وفي ذات الوقت الإنتقال بالمفاوضات من واقع الحكم الذاتي المحدود إلى واقع الدولة الحقيقية، مع مواصلة المطالبة بالضغط على اسرائيل لإزالة الحواجز والإفراج عن ابنائنا المعتقلين ووقف الإستيطان والإجتياحات.

وهنا أشير إلى أن القدس تتعرض منذ بدء الإحتلال لحملة بشعة لطمس عروبتها، وقد شهدت الأشهر الأخيرة تصعيدا في هذه الحملة، من خلال تكثيف النشاطات الإستيطانية وهدم المنازل ومصادرتها، وعزل المدينة المقدسة عن باقي الأراضي الفلسطينية، ومحاصرتها بسلسلة من المستوطنات والجدران والحواجز، ضمن خطة تطهير عرقي، تريد دفع المواطنين خارج مدينتهم، لمحاولة فرض أمر واقع يستبق مفاوضات الوضع النهائي، التي يجب أن تقود إلى انسحاب اسرائيل من الأراضي المحتلة العام 1967، وفي مقدمتها القدس عاصمة دولتنا الفلسطينية.

إن هذه الهجمة المتصاعدة والمترافقة برفض اسرائيلي لوقف النشاطات الإستيطانية، كفيلة بإجهاض الجهد الدولي لإحياء عملية السلام. لقد ساهمت الهجمة الإستيطانية في السنوات الماضية، في تبديد زخم الآمال التي اطلقها توقيع اتفاقات السلام في العام 1993، وفي إثارة الشكوك لدى شعبنا، حول جدوى وجدية العملية التفاوضية بأسرها، وفي نشر أجواء اليأس من امكانية التوصل إلى السلام. وقبل يومين فقط قدمت حكومة اسرائيل حمايتها للإستيلاء على بيوت مقدسية في الشيخ جراح، عائلتي غاوي وحنون في إطار سياسة تطهير عنصري وسلب لبيوت المقدسيين لا مثيل لها في عالم اليوم.

إن هذا المناخ الذي تصنعه السياسة الإستيطانية الإسرائيلية، وبخاصة في القدس، كفيل بإثارة التوتر، وإطلاق دورات عنف لا تنتهي، وجر المنطقة إلى ويلات صراعات جديدة. فلا أحد يمكنه تصديق جدية مفاوضات سلام وإسرائيل تعمل على خلق وقائع جديدة على الأرض، لفرض نتائج هذه المفاوضات بما يتناقض ومرجعيات الشرعية الدولية والإتفاقات الموقعة. ولهذا يمثل الوقف الشامل لجميع النشاطات الإستيطانية الإسرائيلية، وهو استحقاق ملزم لإسرائيل في خطة خارطة الطريق، متطلبا أساسيا لاطلاق مفاوضات جادة.

وواهم من يعتقد أننا نقبل بشرعية ووجود الإستيطان، وواهم من يظن أننا نقبل المساومة على أرضنا وحقوقنا.

descriptionالنص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح Emptyرد: النص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح

more_horiz
وفي هذه المناسبة أود الإشارة إلى أن المقاومة الجماهيرية، التي تمارسها جماهير شعبنا ضد الإستيطان وجدار الفصل وهدم ومصادرة البيوت، تقدم نموذجا على قدرة شعبنا على استنباط أشكال النضال المختلفة، القادرة على اختراق ضمير العالم واستقطاب تأييد شعوبه. وهنا أوجه التحية والتقدير لجماهيرنا في القدس وبلعين ونعلين والمعصرة وفي مختلف المواقع، حيث يخرج المتظاهرون العزل إلا من سلاح الأمل والإصرار والثقة بالإنتصار، في مظاهرات تؤكد رفض ممارسات الإحتلال، وتؤكد أن لهذا الوطن شعبا يصونه ويدافع عنه. وما تنفيذ الحكومة لسياسة دعم المناطق المهددة بالإستيطان والجدار، من خلال عدد كبير من المشاريع فيها، إلا أحد أشكال الدعم الذي ينبغي أن يتعزز ويتسع لهذه النضالات الجماهيرية، التي باتت تشكل نقطة جذب واهتمام في العالم، بل في بعض الأوساط في اسرائيل، نحو عذاباتنا ونحو بشاعة ممارسات الإحتلال ونحو إصرار شعبنا على نيل حقوقه.

وأود الإشارة إلى أن شعبنا الفلسطيني عندما تبنى خيار السلام، فقد كان يؤكد على توافقه مع روح الشرعية الدولية، التي أكدت قراراتها على حقوقه. وإن تمسكنا بخيار السلام لا يعني وقفنا عاجزين أمام تواصل الإنتهاكات المدمرة لعملية السلام. وإننا في الوقت الذي نؤكد فيه اعتمادنا خيار السلام والتفاوض، على قاعدة الشرعية الدولية، نحتفظ بحقنا الأصيل في المقاومة المشروعة التي يكفلها القانون الدولي.

إن هذا الحق يرتبط أيضا بفهمنا وإجماعنا الوطني، على تحديد اشكالها الملائمة وتوقيتها المناسب، مستفيدين من تجاربنا. حريصين على رفض الإنجرار، إلى ما يمكن أن يسيء لصمود شعبنا وتمسكه بتفوقه الأخلاقي وبمبادئ نضاله.

لقد وقفنا بحزم، ومن خلال صوت قائدنا ومعلمنا ياسر عرفات الذي أعلن عام 1988 مع إطلاق إعلان الاستقلال الفلسطيني، رفضنا للإرهاب بجميع اشكاله، وتصميمنا على رفض وصم كفاحنا المشروع بتهمة الإرهاب كذلك. وسيظل هذا موقفنا الثابت والدائم.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة،

إن بناء وتعزيز صمود جبهتنا الداخلية، يتطلب حسم العلاقة مع حركة "حماس"، أولا بينها وبين "فتح"، وبذات القدر وربما أكثر، حسم العلاقة بينها وبين الفصائل ومنظمة التحرير والسلطة. وهنا أجد نفسي ملزماً بالحديث مع بعض التفاصيل الضرورية عن هذه القضية الهامة. فمنذ اليوم الأول لوصول الرئيس الراحل ياسر عرفات إلى أرض الوطن، كان النداء الأول من أجل الحوار والتفاهم موجها للشهيد الشيخ أحمد ياسين، وظل ذلك النداء هو عنوان سياستنا تجاه "حماس" - التي وإن شابها بعض التوترات، إلا أنها ظلت في اطار حرصنا على الشراكة وليس الإستبعاد والإستئثار.

وفي عهد حكومتي أرسيت أسس علاقة موضوعية مع "حماس"، عبر لقاءات تمت مع الشهيد الشيخ أحمد ياسين والعديد من مساعديه. وحين فازت "حماس" بالإنتخابات التشريعية قمت بالإجراءات الدستورية كافة، لتمكينها من تشكيل الحكومة، رغم قرار اللجنة التنفيذية باشتراط ذلك باعتراف "حماس" الصريح والمباشر بمنظمة التحرير كممثل وحيد للشعب الفلسطيني، والإلتزام ببرامجها أسوة بكل الفلسطينيين و العرب والمسلمين والعالم. إلا أنهم رفضوا وما زالوا، وبالفعل حصلت حكومة "حماس" على موافقة المجلس التشريعي، وحين فرض على الحكومة، وبالتالي على شعبنا الحصار، لم أترك وسيلة إلا ولجأت إليها، كي أخفف من الحصار، أو أضع حداً له إن أمكن، وكنت أقوم بتحويل أي قرش يأتينا إلى وزارة المالية، التي كانت "حماس" تديرها، وحين عجزت "حماس" عن القيام بأعباء الحكم بسبب الحصار، وقلة الخبرة، وانعدام الحلفاء المحليين، وقع اتفاق مكة، وشكلنا معا حكومة الوحدة الوطنية، بمبادرة كريمة من خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي عمل معنا بكل عزمه وحبه وإخلاصه لشعبنا وللأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، كنت أعمل ليل نهار لإنجاح حكومة الوحدة الوطنية، ولقد تحركت دوليا لتسويق هذه الحكومة، ونجحت في جانب وأخفقت في جوانب أخرى.

ورغم ذلك كانت "حماس" تخطط وتعد العدة للإنقسام والإنقلاب، الذي وقع بتاريخ 15 – 6 – 2006، والذي قوض حكومة الوحدة الوطنية، لمصلحة ما يمكن اعتباره استئثارا بإمارة حمساوية في غزة.

تعاملنا مع الإنقلاب بمنطق الحرص على أن لا تغرق غزة، وربما الوطن كله، في بحر من الدم. وحسمنا أمرنا في أن تظل لغة الحوار هي اللغة السياسية الأسلم والأرقى، رغم جراح الإنقلاب، ورغم رؤيتنا لإعدامات تم تنفيذها بحق مناضلينا، ورؤيتنا لأبناء من شعبنا تم إلقاؤهم من أعلى الأبراج في غزة. وسمعنا بكل أسى عبارة 'دعني أدخل به الجنة'، في سباق على قتل الفتحاويين ومواطنين آخرين، الأمر الذي يناقض تماما أحكام وتعاليم وأخلاق ديننا الإسلامي الحنيف.

رغم كل ذلك دعوت إلى حوار وطني شامل، كي نُخرج أهلنا في غزة من مآسي الحصار والإغلاق والموت اليومي. وكان أن بادرت الشقيقة الكبرى مصر بقيادة الرئيس محمد حسني مبارك إلى رعاية الحوار، وبذل الجهود الشاقة والمخلصة لإنجاحه، بصبر وتصميم قل نظيره، وبحرص كامل على شعبنا وقضيته ووحدته الوطنية، ومصر تاريخا وحضارة تستحق منا كل التقدير والإحترام، فقد صبروا علينا لإنجاح الحوار، طالبوها فتح معبر رفح وكأنها هي التي تغلقه، وكالوا لها المسبات لكنها صبرت ولا زالت.

ومنذ ذلك الوقت، ونحن نمضي آلاف الساعات في حوار يتقدم خطوة إلى الأمام ويتراجع خطوتين إلى الوراء، وهكذا، دخلنا دوامة حوار لا ينتهي للوصول إلى اتفاق، ولقد قدمت باسم فتح، وباسم منظمة التحرير، المبادرات المختلفة من أجل التوصل لاتفاق كامل يضع حدا للإنقسام الفلسطيني، ويضع اساسا لشراكة حقيقية بين كل الأطياف الفلسطينية، لبناء هذا الوطن واستكمال مهام الحرية والإستقلال.

وها نحن ما زلنا ندور في الحلقة المفرغة، من تأجيل إلى آخر، من شرط تعجيزي إلى آخر، من مساومة إلى أخرى، حتى وصلنا إلى حال مأساوية أضحت "حماس" بمقتضاها تتعامل بالحوار مع فتح كمشروع ابتزاز ومساومة، سواء حين نحتاج إلى اخوتنا من غزة لعقد اجتماع للجنة التنفيذية، أو المركزية أو أي مؤسسة وطنية وحتى هذا المؤتمر، وهذا الأمر نرفضه رفضا مطلقا.

ومع ذلك فإن المهمة الملحة والأبرز امامنا، كشعب ومنظمة وحركة اليوم، هي إنهاء الإنقسام، واستعادة وحدة الشعب والوطن والمؤسسات. لأن هذا الإنقسام الذي صنعه الإنقلاب يلحق أكبر الأضرار وأخطرها بقضيتنا الوطنية منذ العام 1948، ويقدم الذرائع لإسرائيل التي تتهرب من التزاماتها.

إننا نسعى بكل طاقتنا لإنجاز اتفاق، من خلال الحوار، لاستعادة الوحدة الوطنية بحيث نحمي شعبنا من تجدد الحصار. والجميع يعلم ما حصل بعد اتفاق مكة حين ابلغنا من قبل جميع دول العالم بأن الأساس السياسي للإتفاق غير كاف، وأنه لا بد من الإشارة الواضحة والصريحة، لالتزام أي حكومة فلسطينية بما التزمت به منظمة التحرير. والحديث هنا يعني الشرعية الفلسطينية والشرعية العربية والشرعية الدولية.

إن الشرعيات، ومهما بلغ الإجحاف في بعض جوانبها، أضحت هي أساس التعامل الدولي. ومن يشترط أي معادلة لا تحترم هذه الشرعيات، سيجد نفسه معزولا عن العالم. وهذا أمر يضر بالشعب الفلسطيني ومصالحه.

اخواتي اخوتي..

إن اشتراط "حماس" الإتفاق المطلق على أدق التفاصيل أو لا اتفاق، يعني اشتراط المستحيل، ذلك أن الساحة الفلسطينية لا يمكن أن يصل الأمر فيها إلى حد الإتفاق المطلق.

رغم كل هذا سنواصل عملنا وتعاوننا ومبادراتنا، بخاصة وأننا نعد انفسنا لاستحقاق دستوري على الجميع الإلتزام به. وهو استحقاق الإنتخابات في موعدها، التشريعية والرئاسية في كانون الثاني القادم، وهذه مسألة لا يحق لأي فرد أو فصيل أو قوة القفز عنها، أو إحاطتها بشروط تعجيزية.

إن الإنتخابات التشريعية والرئاسية يجب أن تتم في جميع انحاء الوطن، في غزة والضفة والقدس، ولن نسمح لكائن من كان بلعب دور الطابور الخامس لتقويض هذا الأساس الديمقراطي لحياتنا وعلاقاتنا. لن نسمح لكائن من كان أن يكرس قسمة الوطن بتخريب الإنتخابات. ذلك أن الإنتخابات ليست بدعة تستخدم لمرة واحدة، من أجل الوصول إلى السلطة وعند الوصول يتم الغاءها. ولا هي مطية لمصالح فصائلية ضيقة.

أيتها الأخوات أيها الإخوة

رغم كل الصعوبات استطاع نضالنا الطويل أن يخلق معادلة جديدة في الشرق الأوسط، تعتبر قيام الدولة الفلسطينية شرطا موضوعيا وحتميا من شروط الإستقرار الإقليمي والدولي، وهذا ما ابلغني به الأميركيون والأوروبيون والروس والأمم المتحدة. وهذا ما يؤمن به ويعمل معنا من اجله كل اشقائنا في الدول العربية والإسلامية وعدم الانحياز.

إن الدولة الفلسطينية أضحت موضع إجماع دولي، إذن أقول لكم بكل الأمانة والصدق، أن قيامها على جميع الأراضي التي احتلت في العام 67 بما فيها القدس الشريف أضحت مسألة وقت.

descriptionالنص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح Emptyرد: النص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح

more_horiz
واذا كانت في اسرائيل حكومة تقف في زاوية معزولة عن العالم، وتعمل من أجل تفريغ هذا الإجماع الدولي من محتواه، فإنني أؤكد لكم أن زمن التحكم الإسرائيلي بالخيارات الدولية ولى، وأن مصلحة اسرائيل تكمن في الإنسجام مع الإجماع الإقليمي والدولي، وليس الإنقلاب عليه. وإنني ومن منبر فتح العالي والهام أقول: أن على اسرائيل أن تصغي لصوت العقل، وأن تخاطب العرب والعالم بلغة واضحة وعقلانية، وأن تقبل بحل الدولتين، وأن تجمد الإستيطان كليا وبدون استثناءات، وأن تستجيب لمبادرة السلام العربية، وتأتي إلى طاولة المفاوضات من أجل صنع سلام عادل وحقيقي وفق الشرعية الدولية والإتفاقات الموقعة.

لقد بعث الرئيس اوباما بمواقفه وخطواته وتركيزه على اولوية حل الصراع العربي الإسرائيلي، ودعمه لحل الدولتين، بعث الكثير من الآمال بدور اميركي فاعل ومتوازن. ونحن إذ نثمن هذه المواقف الإيجابية، وبخاصة المتعلقة بمطلب الوقف الشامل للإستيطان، نؤكد موقفنا الثابت الملتزم بحقوق شعبنا وبالشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

إن كلمة السر في هذا الأمر هو العدالة لفلسطين، وللشعب الفلسطيني. ولقد تكفلت خطة خارطة الطريق في تحديد المعالم وتكفلت قرارات الشرعية الدولية في تحديد المضمون. وكذلك المبادرة العربية التي هي جزء من خطة خارطة الطريق.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة،

قضيتنا لها أبعاد مختلفة عربية وإسلامية ودولية، ونحن مطالبون اليوم، وربما أكثر من الماضي بحسن التعاطي مع هذه الأبعاد.

إن العلاقات التي نسعى إلى اقامتها تستند إلى الإحترام المتبادل، وإلى مدى تفهم واقعنا واحترام قراراتنا.

إن فلسطين، وهذا ما آمنت به فتح ولا تزال، لن تفقد عمقها العربي وسماتها العربية وهوائها الذي نتنفس، إننا نواصل علاقاتنا الهادئة والإيجابية مع جميع الأشقاء العرب دون استثناء.

أيتها الأخوات والإخوة أعضاء المؤتمر السادس،

إن أبناء حركتنا وجماهير شعبنا تترقب نتائج مؤتمرنا باهتمام بالغ، حيث عقد المؤتمر يعتبر معجزة، وعقده على أرض الوطن معجزة أخرى، لكن النتيجة ستكون أهم من هاتين المعجزتين.

وجماهيرنا تنتظر الكثير من الحركة الرائدة للشعب الفلسطيني، إن هذا المؤتمر يجب أن يشكل منصة لانطلاقة جديدة، تعزز نضالنا لاستكمال مهامنا الوطنية الرئيسة، وهي انجاز الحرية والإستقلال، باستعادة اراضينا المحتلة، وبناء دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وانجاز حل عادل لقضية اللاجئين وفق القرار 194 ومبادرة السلام العربية، ومواصلة جهدنا المتصل لتشييد البنى التحتية وركائز الدولة القادمة، عبر عمل السلطة الوطنية الفلسطينية.

نحن مطالبون بأن نقدم لشعبنا الإجابات الوطنية المسئولة على التحديات الماثلة أمامنا، ونحن مطالبون بان يشكل مؤتمرنا ونتائجه رافعة لنهوض وطني جديد على قاعدة المشروع الوطني الفلسطيني بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية. وهنا أشدد أن مهمة تطوير وتفعيل عمل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية يحتل أهمية قصوى، ويجب المبادرة على الفور للتعاون معها مع أشقائنا ورفاقنا في الفصائل والمستقلين والفعاليات الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني لإنجاز هذه المهمة.

إن هذا المؤتمر مطالب بأن يقدم من خلال قراراته وتوصياته رؤية فتح، حول مختلف القضايا التي تشكل مجال عمل السلطة الوطنية الفلسطينية، رؤية تعكس فيها الحركة قناعاتها ومواقفها، حول طبيعة الدولة التي نناضل لبنائها من خلال نموذج السلطة الوطنية. دولة نريدها أن تكون وطنا حرا لشعب من الأحرار. دولة ترسي وترسخ سيادة القانون، وتحترم حقوق الإنسان، وتصون الحريات العامة، وتحقق المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، رافضة أي شكل من أشكال التمييز. دولة تقوم على تكريس التعددية والممارسة الديمقراطية، واعتماد صناديق الإقتراع وتداول السلطة، والتسامح وقبول الرأي الآخر، والإنفتاح على العالم، كي تكون فلسطين كما كانت في حقب تاريخية عديدة، مصدرا للإشعاع الحضاري. دولة توفر الأمن والأمان لمواطنيها، وتسعى لتوفير أفضل فرص العيش والتنمية والتقدم والازدهار لهم.

كما أن مهمتنا الأبرز كفتحاويين هو أن تستعيد حركتنا، مفجرة الثورة وقائدتها، مكانتها ووهجها وروحها الأصيلة، كي تواصل القيام بأعباء دورها التاريخي، في قيادة شعبنا نحو الحرية والإستقلال.

descriptionالنص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح Emptyرد: النص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح

more_horiz
إننا مطالبون بتوسيع القاعدة الإجتماعية والسياسية لحركتنا، حتى تكون حركة لكل القوى الفاعلة والحية في صفوف الشعب، لجميع الطاقات المنتجة بالعمل والفكر. من العمال والفلاحين والمثقفين والأكاديميين وقطاع المهنيين ورجال الأعمال، للطلاب والمعلمين والنساء والشبيبة، للاجئين الصامدين في مخيماتهم داخل الوطن وخارجه.

إننا مطالبون بأن نعتمد الوسائل وأساليب التحرك والعمل لتعزيز قدرتنا على الاتصال والتواصل والتفاعل، مع أوسع وأعرض قاعدة من قطاعات شعبنا، اتصال يستعيد تجاربنا من نجاح وإخفاق، ويقوم على القدرة على الانصات باهتمام واخلاص لهموم ومشاكل المواطنين. وعلى أن نطرح بثقة وتواضع الثوري الأصيل الإجابات والحلول. والقدرة على أن نتقبل النقد والانتقاد. وأن نمارس النقد الذاتي. وأن نتعلم من أاطائنا ونسعى على الدوام إلى تصويب مسارنا، وتصحيح طرق عملنا، كي نكون الأقرب إلى نبض الشارع، وكي تتعزز قدرتنا على ممارسة دورنا، وكي نستعيد الروح الفتحاوية الأصيلة، في العطاء والإيثار ونكران الذات لصالح الهدف الوطني العام.

إن مؤتمرنا هذا يوفر فرصة نادرة، كي نطلق من خلال جلساته وأعمال لجانه، ورشة عمل حقيقية، تسعى لتطوير وتحديث بنيتنا وأنظمتنا الداخلية، بما يستجيب للتطورات والمستجدات الجذرية التي طرأت خلال العقدين الماضيين، والبحث عما هو أكثر موائمة وانسجاما مع الطبيعة المزدوجة الخاصة لنضالنا، التي تجمع ثنائية استكمال مهام انجاز الإستقلال، ومهمة ترسيخ قواعد الدولة المستقلة في وضع كوضعنا يقف فيه الإحتلال متربصا.

إن علينا أن نوفر كل ما هو مطلوب من أنظمة وقواعد ومدونات سلوك، تعمق الممارسة الديمقراطية في صفوف حركتنا بضمان الإنعقاد المنتظم للمؤتمر العام، وحسن أداء الهيئات القيادية. واعتماد الأنظمة واللوائح التي تضمن أكبر قدر ممكن من المساءلة والمراجعة والمحاسبة، لجميع المراتب والهيئات القيادية من قبل المؤسسات الحركية. وتوفر متطلبات تحقيق الشفافية في عمل هيئاتنا ومؤسساتنا ومنظماتنا الشعبية وأطرنا الجماهيرية، كي نزيل أي ترهل، ونسد أي منافذ قد تسمح بالفساد أو استغلال النفوذ وإساءة استخدام السلطة. وكي نضمن الإنضباط التنظيمي دون أن يمس ذلك بجوهر التجربة الفتحاوية الأصيلة، في ضمان حق وحيوية النقاش والجدل والإختلاف.

كما أن علينا أن نولي اهتماما خاصا بدور المرأة، التي أتمنى وأتوقع أن يكون حضورها في مؤتمرنا لافتا ومؤثرا، وأن نرى وأن ندعم وصول اخواتنا إلى صدارة الهيئات القيادية. كما أن علينا أن نحرص على العمل الجاد في أوساط القطاعات المهنية والأكاديمية والاقتصادية والمثقفين، وأن نفتح أمام فعاليتها الأبواب العريضة للمشاركة والعطاء والإسهام في مسيرتنا. وأن نعزز حضورنا واسهامنا في مؤسسات المجتمع المدني. وأن نولي اهتماما خاصا بأبنائنا من ذوي الإحتياجات الخاصة وتفعيل وتعزيز دورهم في المجتمع.

وأن نولي اهتماماً مماثلاً بقطاع الشبيبة والطلبة القاعدة الصلبة لحركتنا وخزانها التنظيمي. وأن نوفر لهم فرص خوض غمار التجارب لصقل قدراتهم وتأهيلهم لتحمل الأعباء وتسلم الراية في المستقبل.

أيضا فإن علينا ونحن نعيش على أرض الوطن، أن نولي اهتماما فائقا بأبناء شعبنا في المنافي والشتات وبخاصة في المخيمات. وبأقاليمنا في الخارج، وأن نضع الصيغ والخطط الملائمة للعمل بين أوساط شعبنا وجالياتنا في مختلف أنحاء العالم.

قد تبدو هذه المهام صعبة، وهي كذلك، وقد يبدو سقف الطموح عاليا، لكن ' فتح ' القائدة ' فتح الثورة والنضال والانتفاضة الشعبية، فتح البناء لا تملك غير هذا الخيار، هذا هو قدرها، وهذا هو دورها، وأنا على ثقة أن ابناءها قادرون على تنفيذ هذه المهام.

أيها الإخوة والأخوات،

حين أتحدث عن فتح وفلسطين والشعب الفلسطيني فلن أمر مرور الكرام عن الشهداء وذويهم الذين هم كل الشعب، فلنوفر لساكن الجنة في السماء ما يستحق ذووه على الأرض. وهذه مسؤولية فتح قبل السلطة ومنظمة التحرير وهيئة الأمم.

أما أولئك الذين نعيش معاناتهم كل يوم وكل لحظة، اسرانا الإبطال في السجون الإسرائيلية، صناع ملحمة الصمود البطولية، إنهم معنا جزء لا يتجزأ من حياتنا بحلوها ومرها، ولن يهدأ لنا بال قبل أن نراهم جميعا ينعمون بالحرية بين ذويهم وعائلاتهم. ولقد اعلناها كالتزام لا رجعة فيه: لا توقيع ولا اتفاق دائم مع اسرائيل ما دام في السجون أسير واحد.

أيتها الأخوات أيها الإخوة..

إنكم تعقدون هذا المؤتمر على أرض الوطن، من أجل استنهاض فتح وأصدقائها وحلفائها. ودون هذا الإستنهاض الضروري والمصيري، لن نحقق الإنتصار على ما ينتظرنا من تحديات.

بوحدتنا ننتصر

بانضباطنا ننتصر

بعزيمتنا ننتصر

بوحدتنا الوطنية ننتصر

بمنظمة التحرير.. الوطن المعنوي وممثلنا الشرعي الوحيد، الى حين تكريس الوطن المادي ننتصر.

بالتمسك بالبرنامج الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، إعلان ياسر عرفات ومحمود درويش وجورج حبش وكل قادة شعبنا الكبار ننتصر.

بالإصرار على مشروعنا الوطني ومبادرة السلام الفلسطينية ومبادرة السلام العربية ننتصر.

وبفتح العظيمة والقوية والواضحة ننتصر.

وفي الختام نقول لياسر عرفات: نم قرير العين بين الصديقين والشهداء. إن اخوانك وأبناءك يكملون المشوار، وهم ماضون في طريق الحرية والإستقلال ليتحقق حلمك ووعدك بأن يرفع شبل فلسطيني العلم على أسوار القدس ومآذن القدس وكنائس القدس.

العهد هو العهد.. والقسم هو القسم

عاشت فتح

عاشت منظمة التحرير الفلسطينية

عاشت فلسطين

والسلام عليكم ورحمة الله

descriptionالنص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح Emptyرد: النص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح

more_horiz
أشكرك يا صديقي

descriptionالنص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح Emptyرد: النص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح

more_horiz
أشكرك على هذا الإبداع كما أشكرك عالكلمات الرائعه والمميزه

descriptionالنص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح Emptyرد: النص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح

more_horiz
مشكور أخي الكريم على هذا الموضوع المميز

بارك الله بك

descriptionالنص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح Emptyرد: النص الكامل لخطاب محمود عباس في مؤتمر فتح

more_horiz
موضوع إخباري متميّز ..شكراً لك
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد