لماذا تفشت سلالات فيروس كورونا الجديدة حول العالم بهذه السرعة؟
لقد اجتاحت السلالات المتطورة الجديدة لفيروس كورونا جميع أنحاء المملكة المتحدة، واكتُشفت في الولايات المتحدة وكندا وأماكن أخرى أيضًا، وأبدى العلماء قلقهم من سهولة انتشار هذه السلالات الجديدة بسرعة وسهولة أكبر.
تتمحور أبحاث علماء الأحياء التطورية حول دراسة كيفية الجمع بين الطفرات والانتقاء لتشكيل التغيرات في الجماعات مع مرور الوقت، وصرّح أحد العلماء أنه لم يسبق لهم التعاطي مع كثيرٍ من البيانات عن تطور فيروس ما في وقت واحد كما هو الحال الآن مع SARS-CoV-2، فقد عُرف تسلسل أكثر من 380,000 جينوم للفيروس في العام الماضي.
ظهرت الطفرات في هذا الفيروس بالتزامن مع انتشاره، مولدًا اختلافات طفيفة في جينومه، وتسمح هذه الطفرات للعلماء بتتبع التشابهات والارتباطات عبر شجرة عائلة هذا الفيروس.
وقد حذر علماء الأحياء التطورية من الإفراط في تفسير التهديد الذي تشكله هذه الطفرات، فمعظم الطفرات لن تساعد الفيروس، والأمر أشبه بركل آلة معطلة عشوائيًا لجعلها تعمل، من المرجح ألّا ينجح هذا.
ولكن بين الحين والآخر قد تنجح طفرة -أو مجموعة من الطفرات- بإعطاء الفيروس نقطة قوة، إذ تشير البيانات الجديدة إلى أن الطفرات التي يحملها تحور الفيروس الذي ظهر أول مرة في المملكة المتحدة (المعروف باسم B.1.1.7) تجعل الفيروس أكثر تكيفًا إن صح التعبير.
هل أصبح الفيروس أكثر تكيفًا أم أنها محض صدفة؟
عندما يزداد الشكل الجديد المتحور للفيروس شيوعًا، يبدأ العلماء بالبحث وراء سبب سرعة انتشاره، وقد يزداد انتشار الفيروس ذي الطفرة الجديدة بالصدفة إذا تزامن مع الحالات الآتية:
ويطلق على المثالين الأخيرين اسم الحدث المؤسس، ويقصد بهذا المصطلح تأسيس جماعات جديدة من عدد قليل من الأفراد كانوا ينتسبون سابقًا لعدد كبير من الأجداد، فقد ترتفع وتيرة الإصابة سريعًا إذا دخل تحور جديد في مجموعة جديدة مسببًا وباءً محليًا، وتفسر هذه المصادفات ارتفاع وتيرة العديد من تحورات الفيروس المختلفة.
لكن B.1.1.7 تعد حالةً استثنائيةً، إذ تظهر دليلًا قويًا جدًا للانتقاء، ففي أواخر أكتوبر 2020، ارتفع انتشار الفيروس ذي الطفرة B.1.1.7 بوتيرة أسرع من الفيروس غير المتحوّر أسبوعيًا في مختلف القطاعات الصحية في إنجلترا، وساعدت هذه البيانات التي ظهرت في 21 ديسمبر 2020 في إقناع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بوضع أغلب مناطق البلاد قيد الإغلاق، وأدت إلى حظر سفر واسع النطاق من المملكة المتحدة.
ولا يمكن تفسير الارتفاع الملحوظ لفيروس طفرة B.1.1.7 بمفهوم الحدث المؤسس، لأن انتشار فيروس كوفيد-19 الذي بدأ يحوم بأحداث مؤسسة في أرجاء المملكة المتحدة مع شريحة جديدة من السكان -بعد مؤتمر مثلًا- غير معقول نظرًا للقيود واسعة النطاق المفروضة على التجمعات الكبيرة في ذلك الوقت.
وبوسعنا تتبع تطور فيروس كوفيد-19 بفضل الجهد الهائل الذي يبذله العلماء في تبادل البيانات وتحليلها آنيًا، لكن المعلومات المفصلة التي نملكها عن هذا التحور تعود إلى الحظ وحده، إذ غيرت إحدى الطفرات قسمًا من الجينوم المستخدم لاختبار كوفيد-19 في المملكة المتحدة، ما سمح برسم صورة الانتشار التطوري لأكثر من 275,000 حالة.
آثار تطور الفيروس:
صرح علماء الأوبئة أن طفرة B.1.1.7 قد تكون أكثر انتشارًا لكنها ليست أشد فتكًا بالضرورة، وقدّر البعض أنها قد تزيد الرقم المنتج (عدد الحالات الجديدة التي يسببها شخص مصاب) بنسبة من 40% إلى 80%، بينما وجدت دراسة أولية أخرى أن النسبة من 50% إلى 74%.
الزيادة بهذه النسبة تعني أن الفيروس أصبح أكثر تكيفًا بهذه الطفرة كثيرًا لا قليلًا، وحتى عندما يكون الانتقاء بهذه القوة فالتطور ليس فوريًا، إذ تشير النماذج الرياضية -التي تتفق مع نماذج أميركية وكندية- أن B.1.1.7 تستغرق عدة أشهر لتصل إلى ذروتها، لأن نسبةً صغيرةً من المصابين يحملونها منذ البداية.
في العديد من البلدان -كالولايات المتحدة وكندا حيث تزداد الحالات المصابة بكوفيد-19 بلا استقرار- طفرة جديدة كهذه -مع زيادة نسبة انتقال العدوى بمقدار من 40% إلى 80%- تهدد بدفعهم إلى الانهيار، إذ قد تؤدي إلى تزايد أسي في الحالات، ما سيغرق النظام الصحي المتداعي أساسًا. ويستغرق التغير التطوري في الفيروس بعض الوقت، ما يمنحنا بعض الوقت لنتجهز.
مزيد من الطفرات:
تفاجأ الباحثون بأن فيروس B.1.1.7 يحمل عددًا ملحوظًا من الطفرات الجديدة، فقد راكم هذا التحور نحو الطفرة حوالي 30 إلى 35 تغييرًا في السنة الماضية، ولا تتشكل الطفرات بمعدلٍ عالٍ في B.1.1.7، ولكن يبدو أن نوبةً من التغيير السريع طرأت في الماضي القريب.
من الممكن أن شخصًا ضعيف المناعة قد حمل الفيروس، إذ يحارب ضعيفو المناعة الفيروس باستمرار، فهم يعانون التهابات أطول وجولات مكررة من الإصابات الفيروسية لكن استجابتهم المناعية جزئية، ما يساعد الفيروس على التطور باستمرار.
وقد رصدت تقارير البحوث الأولية -التي تنتظر التحقق منها- تحورين مختلفين آخرين من الفيروس يثيران القلق، أحدهما من جنوب أفريقيا (B.1.351) والآخر من البرازيل (P1). ويبين كلاهما تاريخًا حديثًا من الطفرات الزائدة والزيادات سريعة التواتر بين الجماعات المحلية، ويجمع العلماء حاليًا جميع البيانات المتاحة لتأكيد أن الانتقاء للانتشار الأسرع هو المسؤول عن زيادة الإصابات وليس الصدفة.
ما الذي جعل الانتشار الفيروسي أسهل؟
يؤدي الانتقاء دورين أساسيين في تطور هذه الطفرات، يكمن أولهما في الأفراد الذين ظهرت بينهم أعداد كبيرة من المتغيرات، فطفرات B.1.1.7 -التي بلغت 23- وطفرات P1 -التي بلغت 21- لا تصطف عشوائيًا عبر الجينوم بل تتجمع في ترميز الجينوم الذي يشكل بروتين يسمى سبايك (spike).
وقد ظهر تغيير N501Y مستقلًا في التحورات الثلاثة جميعها وعند المرضى ضعيفي المناعة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بينما ظهرت تغييرات أخرى (E484K, del69-70) في اثنين منها.
إلى جانب بروتين سبايك، تتقاسم التحورات الثلاثة المعنية طفرةً إضافيةً تحذف جزءًا صغيرًا من البروتين غير الهيكلي -6 (NSP6)، ولا نعرف بعد ما يفعله الحذف، لكن هذا البروتين يساعد فيروسات كورونا الأخرى على خداع الدفاع الخلوي، ويعزز الإصابة بالعدوى، ويساعدها أيضًا في إجبار الخلية على نسخ الجينوم الفيروسي، وفي كلتا الحالتين قد يغير الحذف قدرة الفيروس على الترسخ والتضاعف داخل خلايانا.
الانتشار الفيروسي السريع:
يشير التطور المتوازي لنفس الطفرات في مختلف البلدان ومختلف المرضى قليلي المناعة إلى ميزة انتقائية في غزو الجهاز المناعي للأفراد الذين حصلت لديهم الطفرات، وبالنسبة للطفرة N501Y فقد دُعمت هذه المعلومات بتجارب على الفئران.
ولكن ما الذي يفسر ارتفاع معدل انتقال العدوى بين الأفراد؟ نواجه تحديًا في إجابة هذا السؤال؛ لأن العديد من الطفرات التي نشأت في وقت واحد هي الآن مجتمعة معًا في هذه التحورات، وقد يكون أي منها أو مزيج منها سبب هذا الانتشار الواسع للفيروس.
ومع ذلك، فقد نشأت العديد من هذه التحورات من قبل من تلقاء نفسها ولم تؤدِ إلى انتشار سريع، إذ أظهرت إحدى الدراسات أن N501Y بمفردها لم يكن لها سوى ميزة انتقال ضعيفة، إذ تزداد نسبة انتقالها بنسبة كبيرة فقط عند اقترانها بمجموعة الطفرات التي لوحظت في B.1.1.7.
ومع أن القصة التطورية لكوفيد-19 لا تزال قيد الكتابة، فإن الرسالة الأهم حاليًا واضحة معنا، فنسبة الانتشار أعلى بين 40% إلى 80% لتحور B.1.1.7 والأخرى المحتملة (B.1.351 إلى جانب P1) قد تغزو العديد من البلدان في الأشهر القليلة القادمة.
نحن في سباق ضد التطور الفيروسي، ويجب نشر اللقاحات في أسرع وقت ممكن ووقف تدفق التحورات بتقييد التفاعلات والسفر، والوقوف بوجه الانتشار بتكثيف المراقبة وتتبع المخالطين.
المصدر
لقد اجتاحت السلالات المتطورة الجديدة لفيروس كورونا جميع أنحاء المملكة المتحدة، واكتُشفت في الولايات المتحدة وكندا وأماكن أخرى أيضًا، وأبدى العلماء قلقهم من سهولة انتشار هذه السلالات الجديدة بسرعة وسهولة أكبر.
تتمحور أبحاث علماء الأحياء التطورية حول دراسة كيفية الجمع بين الطفرات والانتقاء لتشكيل التغيرات في الجماعات مع مرور الوقت، وصرّح أحد العلماء أنه لم يسبق لهم التعاطي مع كثيرٍ من البيانات عن تطور فيروس ما في وقت واحد كما هو الحال الآن مع SARS-CoV-2، فقد عُرف تسلسل أكثر من 380,000 جينوم للفيروس في العام الماضي.
ظهرت الطفرات في هذا الفيروس بالتزامن مع انتشاره، مولدًا اختلافات طفيفة في جينومه، وتسمح هذه الطفرات للعلماء بتتبع التشابهات والارتباطات عبر شجرة عائلة هذا الفيروس.
وقد حذر علماء الأحياء التطورية من الإفراط في تفسير التهديد الذي تشكله هذه الطفرات، فمعظم الطفرات لن تساعد الفيروس، والأمر أشبه بركل آلة معطلة عشوائيًا لجعلها تعمل، من المرجح ألّا ينجح هذا.
ولكن بين الحين والآخر قد تنجح طفرة -أو مجموعة من الطفرات- بإعطاء الفيروس نقطة قوة، إذ تشير البيانات الجديدة إلى أن الطفرات التي يحملها تحور الفيروس الذي ظهر أول مرة في المملكة المتحدة (المعروف باسم B.1.1.7) تجعل الفيروس أكثر تكيفًا إن صح التعبير.
هل أصبح الفيروس أكثر تكيفًا أم أنها محض صدفة؟
عندما يزداد الشكل الجديد المتحور للفيروس شيوعًا، يبدأ العلماء بالبحث وراء سبب سرعة انتشاره، وقد يزداد انتشار الفيروس ذي الطفرة الجديدة بالصدفة إذا تزامن مع الحالات الآتية:
- إذا كان الناقل الحامل للفيروس سريع الانتشار.
- إذا انتقل الفيروس إلى منطقة جديدة غير موبوءة به سابقًا.
- إذا أصاب الفيروس شريحةً جديدةً من السكان.
ويطلق على المثالين الأخيرين اسم الحدث المؤسس، ويقصد بهذا المصطلح تأسيس جماعات جديدة من عدد قليل من الأفراد كانوا ينتسبون سابقًا لعدد كبير من الأجداد، فقد ترتفع وتيرة الإصابة سريعًا إذا دخل تحور جديد في مجموعة جديدة مسببًا وباءً محليًا، وتفسر هذه المصادفات ارتفاع وتيرة العديد من تحورات الفيروس المختلفة.
لكن B.1.1.7 تعد حالةً استثنائيةً، إذ تظهر دليلًا قويًا جدًا للانتقاء، ففي أواخر أكتوبر 2020، ارتفع انتشار الفيروس ذي الطفرة B.1.1.7 بوتيرة أسرع من الفيروس غير المتحوّر أسبوعيًا في مختلف القطاعات الصحية في إنجلترا، وساعدت هذه البيانات التي ظهرت في 21 ديسمبر 2020 في إقناع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بوضع أغلب مناطق البلاد قيد الإغلاق، وأدت إلى حظر سفر واسع النطاق من المملكة المتحدة.
ولا يمكن تفسير الارتفاع الملحوظ لفيروس طفرة B.1.1.7 بمفهوم الحدث المؤسس، لأن انتشار فيروس كوفيد-19 الذي بدأ يحوم بأحداث مؤسسة في أرجاء المملكة المتحدة مع شريحة جديدة من السكان -بعد مؤتمر مثلًا- غير معقول نظرًا للقيود واسعة النطاق المفروضة على التجمعات الكبيرة في ذلك الوقت.
وبوسعنا تتبع تطور فيروس كوفيد-19 بفضل الجهد الهائل الذي يبذله العلماء في تبادل البيانات وتحليلها آنيًا، لكن المعلومات المفصلة التي نملكها عن هذا التحور تعود إلى الحظ وحده، إذ غيرت إحدى الطفرات قسمًا من الجينوم المستخدم لاختبار كوفيد-19 في المملكة المتحدة، ما سمح برسم صورة الانتشار التطوري لأكثر من 275,000 حالة.
آثار تطور الفيروس:
صرح علماء الأوبئة أن طفرة B.1.1.7 قد تكون أكثر انتشارًا لكنها ليست أشد فتكًا بالضرورة، وقدّر البعض أنها قد تزيد الرقم المنتج (عدد الحالات الجديدة التي يسببها شخص مصاب) بنسبة من 40% إلى 80%، بينما وجدت دراسة أولية أخرى أن النسبة من 50% إلى 74%.
الزيادة بهذه النسبة تعني أن الفيروس أصبح أكثر تكيفًا بهذه الطفرة كثيرًا لا قليلًا، وحتى عندما يكون الانتقاء بهذه القوة فالتطور ليس فوريًا، إذ تشير النماذج الرياضية -التي تتفق مع نماذج أميركية وكندية- أن B.1.1.7 تستغرق عدة أشهر لتصل إلى ذروتها، لأن نسبةً صغيرةً من المصابين يحملونها منذ البداية.
في العديد من البلدان -كالولايات المتحدة وكندا حيث تزداد الحالات المصابة بكوفيد-19 بلا استقرار- طفرة جديدة كهذه -مع زيادة نسبة انتقال العدوى بمقدار من 40% إلى 80%- تهدد بدفعهم إلى الانهيار، إذ قد تؤدي إلى تزايد أسي في الحالات، ما سيغرق النظام الصحي المتداعي أساسًا. ويستغرق التغير التطوري في الفيروس بعض الوقت، ما يمنحنا بعض الوقت لنتجهز.
مزيد من الطفرات:
تفاجأ الباحثون بأن فيروس B.1.1.7 يحمل عددًا ملحوظًا من الطفرات الجديدة، فقد راكم هذا التحور نحو الطفرة حوالي 30 إلى 35 تغييرًا في السنة الماضية، ولا تتشكل الطفرات بمعدلٍ عالٍ في B.1.1.7، ولكن يبدو أن نوبةً من التغيير السريع طرأت في الماضي القريب.
من الممكن أن شخصًا ضعيف المناعة قد حمل الفيروس، إذ يحارب ضعيفو المناعة الفيروس باستمرار، فهم يعانون التهابات أطول وجولات مكررة من الإصابات الفيروسية لكن استجابتهم المناعية جزئية، ما يساعد الفيروس على التطور باستمرار.
وقد رصدت تقارير البحوث الأولية -التي تنتظر التحقق منها- تحورين مختلفين آخرين من الفيروس يثيران القلق، أحدهما من جنوب أفريقيا (B.1.351) والآخر من البرازيل (P1). ويبين كلاهما تاريخًا حديثًا من الطفرات الزائدة والزيادات سريعة التواتر بين الجماعات المحلية، ويجمع العلماء حاليًا جميع البيانات المتاحة لتأكيد أن الانتقاء للانتشار الأسرع هو المسؤول عن زيادة الإصابات وليس الصدفة.
ما الذي جعل الانتشار الفيروسي أسهل؟
يؤدي الانتقاء دورين أساسيين في تطور هذه الطفرات، يكمن أولهما في الأفراد الذين ظهرت بينهم أعداد كبيرة من المتغيرات، فطفرات B.1.1.7 -التي بلغت 23- وطفرات P1 -التي بلغت 21- لا تصطف عشوائيًا عبر الجينوم بل تتجمع في ترميز الجينوم الذي يشكل بروتين يسمى سبايك (spike).
وقد ظهر تغيير N501Y مستقلًا في التحورات الثلاثة جميعها وعند المرضى ضعيفي المناعة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بينما ظهرت تغييرات أخرى (E484K, del69-70) في اثنين منها.
إلى جانب بروتين سبايك، تتقاسم التحورات الثلاثة المعنية طفرةً إضافيةً تحذف جزءًا صغيرًا من البروتين غير الهيكلي -6 (NSP6)، ولا نعرف بعد ما يفعله الحذف، لكن هذا البروتين يساعد فيروسات كورونا الأخرى على خداع الدفاع الخلوي، ويعزز الإصابة بالعدوى، ويساعدها أيضًا في إجبار الخلية على نسخ الجينوم الفيروسي، وفي كلتا الحالتين قد يغير الحذف قدرة الفيروس على الترسخ والتضاعف داخل خلايانا.
الانتشار الفيروسي السريع:
يشير التطور المتوازي لنفس الطفرات في مختلف البلدان ومختلف المرضى قليلي المناعة إلى ميزة انتقائية في غزو الجهاز المناعي للأفراد الذين حصلت لديهم الطفرات، وبالنسبة للطفرة N501Y فقد دُعمت هذه المعلومات بتجارب على الفئران.
ولكن ما الذي يفسر ارتفاع معدل انتقال العدوى بين الأفراد؟ نواجه تحديًا في إجابة هذا السؤال؛ لأن العديد من الطفرات التي نشأت في وقت واحد هي الآن مجتمعة معًا في هذه التحورات، وقد يكون أي منها أو مزيج منها سبب هذا الانتشار الواسع للفيروس.
ومع ذلك، فقد نشأت العديد من هذه التحورات من قبل من تلقاء نفسها ولم تؤدِ إلى انتشار سريع، إذ أظهرت إحدى الدراسات أن N501Y بمفردها لم يكن لها سوى ميزة انتقال ضعيفة، إذ تزداد نسبة انتقالها بنسبة كبيرة فقط عند اقترانها بمجموعة الطفرات التي لوحظت في B.1.1.7.
ومع أن القصة التطورية لكوفيد-19 لا تزال قيد الكتابة، فإن الرسالة الأهم حاليًا واضحة معنا، فنسبة الانتشار أعلى بين 40% إلى 80% لتحور B.1.1.7 والأخرى المحتملة (B.1.351 إلى جانب P1) قد تغزو العديد من البلدان في الأشهر القليلة القادمة.
نحن في سباق ضد التطور الفيروسي، ويجب نشر اللقاحات في أسرع وقت ممكن ووقف تدفق التحورات بتقييد التفاعلات والسفر، والوقوف بوجه الانتشار بتكثيف المراقبة وتتبع المخالطين.
المصدر