أسباب وراثية قد تكون وراء بعض الإصابات الشديدة بفيروس كورونا

أسباب وراثية قد تكون وراء بعض الإصابات الشديدة بفيروس كورونا Image_13

تتراوح الأعراض التي تظهر على الأشخاص المصابين بفيروس كورونا المستجد من خفيفة إلى مميتة، ويشير تحليلان جديدان إلى أن بعض الحالات المميتة ترجع إلى الضعف في جهاز المناعة لدى المصابين. أكثر من 3.5% من المرضى المصابين بأعراض شديدة من فيروس كوفيد-19 كان لديهم طفرات في الجينات التي تنتج الإنترفيرونات المضادة للفيروسات، وأكثر من 10% من المرضى كان الجهاز المناعي لديهم ينتج أجسامًا مضادة تهاجم الجسم بدلًا من مكافحة الفيروس.

أُبلغ عن النتائج في ورقتين في مجلة Science في 24 سبتمبر الماضي، وحددت النتائج الأسباب الرئيسية التي تجعل لدى بعض الأشخاص أعراضًا مميتة كما يقول مؤلف الدراسة جان لوران كازانوفا ويضيف أن رؤية مثل هذه الأجسام المضادة في العديد من المرضى كانت ملاحظة مذهلة.

يقول جان لوران: «إن هاتين الورقتين تقدمان تفسيرًا للسؤال: لماذا يُظهر فيروس كورونا أعراضًا شديدةً عند الأشخاص، في حين لا يحدث هذا عند آخرين؟»، ويؤكد كازانوفا أن هذا العمل له آثار فورية على التشخيص والعلاج ويجب على الأشخاص أن يقوموا باختبار الأجسام المضادة، ويضيف: «مع المتابعة الطبية، إذا كانت نتائج هذه الاختبارات إيجابية، نستطيع إزالة هذه الأجسام المضادة من الدم وهذا قد يساعد في تقليل الأعراض».

أسباب وراثية قد تكون وراء بعض الإصابات الشديدة بفيروس كورونا 1-some10

جهود عالمية

بدأ الفريق في تسجيل حالات لمرضى كوفيد-19 منذ فبراير الماضي لأشخاص يعانون من أعراض شديدة للمرض ومعرفة هل كانوا يعانون من نقاط ضعف في جهازهم المناعي جعلهم أكثر عرضة للمرض.

قام الفريق بمسح الجينوم الخاص بالمرضى وخاصةً مجموعة من الجينات المشاركة في تصنيع بروتين الإنترفيرون، الذي يعمل بمثابة نظام أمان الجسم ضد الفيروسات والبكتيريا إذ ينبه الخلايا المناعية ويجذبها إلى مكان الإصابة.

وقد اكتشف الفريق الطفرات التي تحدث في الجهاز المناعي وتسبب عدم إنتاج الإنترفيرون، ووجدوا أن الذين لديهم هذه الطفرات أكثر عرضة للإصابة بمسببات أمراض مثل الإنفلونزا. إن العثور على مثل هذه الطفرات في مرضى كوفيد-19 قد يساعد الأطباء على تحديد الأشخاص المعرضين لظهور أعراض حادة وسيُظهر إتجاهات جديدة للعلاج.

في مارس الماضي كان فريق كازانوفا يهدف إلى عمل دراسة على 500 شخص يعانون أعراضًا حادة لفيروس كورونا، وبحلول أغسطس أصبح العدد 1500. بدأ الفريق البحث في عينات الجينوم للمرضى والبحث عن الطفرات الضارة التي تحدث في الجهاز المناعي، وجد الفريق أن 23 مريضًا من أصل 659 لديهم طفرات في الجينات التي تشارك في إنتاج الإنترفيرونات.

دون الإنترفيرونات لن يكون مرضى كوفيد-19 قادرين على مقاومة الفيروس، وأثارت هذه الدراسة فكرة جديدة وهي أن المرضى الآخرين الذين يعانون من أعراض شديدة قد تكون لديهم مشكلة في إنتاج الإنترفيرونات ولكن لسبب مختلف.

ربما في بعض المرضى كانت جزيئات الإنترفيرون تُهاجم الجسم نفسه، كما يحدث في العديد من اضطرابات المناعة الذاتية مثل مرض السكري من النوع الأول والتهاب المفاصل الروماتويدي.

وجد الفريق أن الأجسام المضادة كانت تهاجم الإنترفيرونات عند 101 من أصل 987 مريضًا مصابين بكوفيد-19. هذه الأجسام المضادة لم تكن موجودة عند الذين يعانون أعراضًا خفيفة من الإصابة بكوفيد-19.

تقول إيزابيل ميتس: «هذه النتائج مذهلة فهي توضّح لنا من الذي سيصاب بأعراض حادة».

ووجد الفريق أن 94% من الذين لديهم هذه الأجسام المضادة كانوا رجالًا، فالرجال أكثر عرضة للإصابة بأعراض حادة وهذا يفسر الاختلاف بين الجنسين.

يبحث كازانوفا وفريقه عن العامل الوراثي وراء تلك الأجسام المضادة، فقد تكون هذه الطفرات موجودة على كروموسوم X فلا تظهر على النساء لأن لديهم كروموسومي X يعالج أحدهما أي طفرات تحدث في الآخر ولكن الرجال لديهم كروموسوم X واحد فقط لذلك تظهر عليهم أي طفرات تحدث به.

بالنظر إلى المستقبل قد تغير هذه الدراسة الطريقة التي يفكر بها الأطباء ومسؤولو الصحة وحتى طريقة العلاج، فعلى سبيل المثال قد تفحص التجارب هل يستفيد الذين لديهم أجسام مضادة من العلاج إذا أُعطوا واحدًا من الإنترفيرونات التي لا تستطيع الأجسام المضادة التغلب عليه أو مع إزالة الأجسام المضادة من دم المريض.

تقول ميتس: «إن أيًا من الأسلوبين قد يواجه تأثير هذه الأجسام المضادة الضارة».

بالإضافة إلى تلك الدراسة يعمل ميتس وكازانوفا ومئات من العلماء لفهم الجزء الثاني من لغز الفيروس التاجي، بدلًا من البحث عن العوامل التي تجعل الأشخاص عرضة لفيروس كوفيد-19 ويبحثون عن العوامل الوراثية التي تجعل الأشخاص أكثر مقاومة لهذا الفيروس.

المصدر