نظرية الارتباط السياقي ودورها في تشكيل ذكرياتنا
أين كنت قبل ساعة من الآن؟ أين كنت قبل شهرين من الآن؟ حينما كنت تفكر للإجابة، حتمًا كانت ذاكرتك في السؤال الأول أقوى؛ إذ يميل الإنسان إلى تذكر الحوادث الجديدة. هل حصل معك أن مررت بجانب مدرستك الابتدائية، ابتسمت فضحكت بعد أن تذكرت موقفًا من مواقف طفولتك فيها؟ السؤال، لماذا لم تتذكر هذا الموقف وأنت جالس في بيتك وتشاهد التلفاز؟ بعبارة أخرى، لِماذا لم تتذكر جيدًا إلا حين مررت قرب مدرستك؟ الإجابة هي ضمن ما يعرف بنظرية الارتباط السياقي contextual binding theory.
ماذا نعني بالسياق؟
ليس السياق فقط المكان الفيزيائي الذي رأيته؛ بل هو مجموع الحالات العقلية التي مررت بها أثناء قيامك بنشاط معين -أفكارك، عواطفك، الرائحة… إلخ- من الجزئيات التي مررت بها حينها.
تفترض هذه النظرية أنك حينما كنت طفلًا في المدرسة ومررت بحادثة معينة فإنك لم تحتفظ بذكرى الحادثة فقط؛ بل بسياقها أيضًا من عمرك الصغير إلى المكان الذي جرت فيه الحادثة وهكذا. عندما كبرت ومررت بجانب المدرسة، أنت مررت بنفس السياق القديم، المكان نفسه مثلًا. تُساهم وحدة السياق هذه في استذكار المعلومات.
باختصار أنت لا تتذكر الحادثة أو المعلومة لوحدها بل تتذكرها مع سياقها.
في تجربة قديمة أُجريت عام 1975، تعلَّم مجموعة من المشاركين كلمات جديد على اليابسة وكلمات أخرى تحت الماء. بعدها بفترة، طُلِب منهم استذكار الكلمات. لاحظ الباحثون أنه عند وضعهم في السياق نفسه الذي تعلموا فيه الكلمة ازدادت ذاكرتهم.
إن كنت طالبًا لعلك مررت بهذه الحالة؛ صعبَ عليك حفظ نص معين فلحّنته بما يشابه أغنية معينة أنت تحفظها أو تحدثت بصوت مرتفع أو طلبت من أحدهم الجلوس معك ومساعدتك في حفظها. عند الامتحان، إذا تذكرت أيًا من هذه الحالات المجنونة فستتذكر المعلومة على الفور.
يمكن لنظرية الارتباط السياقي أن تفسر لنا أمورًا أخرى منها:
* لعلك سمعت ضمن نظريات التعلم بنظرية التكرار المتباعد التي تفترض أن عملية الحفظ تزداد كلما كررت المادة المحفوظة مرات عدة وفي أوقات متباعدة. لكن ما السبب؟
يمكن لهذه النظرية تفسير ذلك بأن التكرار في أوقات متباعدة يجعل السياقات متعددة، فمرة تكرر النص وأنت حزين، وأخرى وأنت فرح، وثالثة وأنت عادي المزاج، ورابعة في بيتك، وأخرى في الحديقة وهكذا. لذا لاحقًا وحين محاولتك استذكار المعلومة المكررة هذه لن تواجه صعوبة في الاستذكار؛ إذ إنك ذكرت المعلومة في كثير من السياقات الممكنة.
* أخذ راحة قبل تعلم شيء وبعده، ما يساهم في تحديد المعلومات المُدخلة ضمن سياق محدد ومميز بشكل واضح. يُرجح أن عملية اتحاد السياقات هذه تحدث في الحصين hippocampus الذي يستلم المُدخلات من أغلب مناطق الدماغ ما يُفعِّل الارتباطات بين المبصرات والمسموعات والعواطف والأفكار؛ لذا فعند إصابة الحصين بصدمة فإن الإنسان يفقد عملية تكوين ذكريات جديدة.
المصدر
أين كنت قبل ساعة من الآن؟ أين كنت قبل شهرين من الآن؟ حينما كنت تفكر للإجابة، حتمًا كانت ذاكرتك في السؤال الأول أقوى؛ إذ يميل الإنسان إلى تذكر الحوادث الجديدة. هل حصل معك أن مررت بجانب مدرستك الابتدائية، ابتسمت فضحكت بعد أن تذكرت موقفًا من مواقف طفولتك فيها؟ السؤال، لماذا لم تتذكر هذا الموقف وأنت جالس في بيتك وتشاهد التلفاز؟ بعبارة أخرى، لِماذا لم تتذكر جيدًا إلا حين مررت قرب مدرستك؟ الإجابة هي ضمن ما يعرف بنظرية الارتباط السياقي contextual binding theory.
ماذا نعني بالسياق؟
ليس السياق فقط المكان الفيزيائي الذي رأيته؛ بل هو مجموع الحالات العقلية التي مررت بها أثناء قيامك بنشاط معين -أفكارك، عواطفك، الرائحة… إلخ- من الجزئيات التي مررت بها حينها.
تفترض هذه النظرية أنك حينما كنت طفلًا في المدرسة ومررت بحادثة معينة فإنك لم تحتفظ بذكرى الحادثة فقط؛ بل بسياقها أيضًا من عمرك الصغير إلى المكان الذي جرت فيه الحادثة وهكذا. عندما كبرت ومررت بجانب المدرسة، أنت مررت بنفس السياق القديم، المكان نفسه مثلًا. تُساهم وحدة السياق هذه في استذكار المعلومات.
باختصار أنت لا تتذكر الحادثة أو المعلومة لوحدها بل تتذكرها مع سياقها.
في تجربة قديمة أُجريت عام 1975، تعلَّم مجموعة من المشاركين كلمات جديد على اليابسة وكلمات أخرى تحت الماء. بعدها بفترة، طُلِب منهم استذكار الكلمات. لاحظ الباحثون أنه عند وضعهم في السياق نفسه الذي تعلموا فيه الكلمة ازدادت ذاكرتهم.
إن كنت طالبًا لعلك مررت بهذه الحالة؛ صعبَ عليك حفظ نص معين فلحّنته بما يشابه أغنية معينة أنت تحفظها أو تحدثت بصوت مرتفع أو طلبت من أحدهم الجلوس معك ومساعدتك في حفظها. عند الامتحان، إذا تذكرت أيًا من هذه الحالات المجنونة فستتذكر المعلومة على الفور.
يمكن لنظرية الارتباط السياقي أن تفسر لنا أمورًا أخرى منها:
* لعلك سمعت ضمن نظريات التعلم بنظرية التكرار المتباعد التي تفترض أن عملية الحفظ تزداد كلما كررت المادة المحفوظة مرات عدة وفي أوقات متباعدة. لكن ما السبب؟
يمكن لهذه النظرية تفسير ذلك بأن التكرار في أوقات متباعدة يجعل السياقات متعددة، فمرة تكرر النص وأنت حزين، وأخرى وأنت فرح، وثالثة وأنت عادي المزاج، ورابعة في بيتك، وأخرى في الحديقة وهكذا. لذا لاحقًا وحين محاولتك استذكار المعلومة المكررة هذه لن تواجه صعوبة في الاستذكار؛ إذ إنك ذكرت المعلومة في كثير من السياقات الممكنة.
* أخذ راحة قبل تعلم شيء وبعده، ما يساهم في تحديد المعلومات المُدخلة ضمن سياق محدد ومميز بشكل واضح. يُرجح أن عملية اتحاد السياقات هذه تحدث في الحصين hippocampus الذي يستلم المُدخلات من أغلب مناطق الدماغ ما يُفعِّل الارتباطات بين المبصرات والمسموعات والعواطف والأفكار؛ لذا فعند إصابة الحصين بصدمة فإن الإنسان يفقد عملية تكوين ذكريات جديدة.
المصدر