لماذا انتهت الحرب العالمية الأولى بهدنة بدلاً من الإستسلام ؟
عانى الجانبان في هذه الحرب أكثر من اللازم للاستمرار، لكن ألمانيا تعرضت للضرب بشروط قاسية، ففي الساعة الحادية عشرة من اليوم الحادي عشر من شهر نوفمبر من عام 1918، صمتت المدفعية المتواصلة على طول الجبهة الغربية في فرنسا.
وتمكن الضابط الطبي الأمريكي، ستانهوب باين جونز، من سماع الماء الذي يقطر من الأدغال بجانبه، وكانت هذه اللحظة غريبة، لا يمكن تصديقها، وبالرغم من أن جميع الرجال يعرفون معنى الصمت، ولكن لم يصرخ أحد، وقد استغرق الأمر ساعات لسقوط الواقع، شئ لا يصدقه عقل حيث أن الحرب العالمية الأولى كانت تعتبر الصراع الأكثر دموية حتى الآن في تاريخ البشرية، مع أكثر من 8.5 مليون ضحية عسكرية، انتهت أخيرًا.
لكن الحرب انتهت بهدنة، حيث حدث اتفاق، اتفق فيه الطرفان على وقف القتال، بدلاً من الإستسلام، وبالنسبة لكلا الجانبين، كانت الهدنة هي أسرع طريقة لإنهاء مآسي الحرب والمجازر، وبحلول نوفمبر 1918، كان كل من الحلفاء والقوى المركزية يضربون بعضهم بعضًا ولمدة أربع سنوات لم يتوقفوا أبدا، ولقد هُزمت القوات الألمانية في ذلك العام بخسائر فادحة، وفي أواخر الصيف والخريف، قامت القوات البريطانية والفرنسية والأمريكية بدفعهم إلى الخلف بثبات، ومع تمكن الولايات المتحدة من إرسال المزيد والمزيد من القوات الجديدة إلى القتال، فقد تفوق الألمان، ومع انهيار حلفاء ألمانيا من حولهم أيضًا، بدا أن نتيجة الحرب واضحة.
ومع ذلك، كان كلا الجانبين جاهزين لوقف المذبحة، فحتى غزو ألمانيا كان سيتطلب الكثير من حيث الروح المعنوية والموارد، أما عن الوضع السياسي والعسكري في ألمانيا كان ضعيفًا بما يكفي لأن الألمان كانوا يخشون أن يتم غزوهم وكانت ألمانيا تعاني من الجوع.
طلب ألمانيا بالتفاوض على هدنة :
في الواقع، بدأ الألمان في تقديم مبادرات حول الهدنة في أوائل أكتوبر، وفي البداية حاولوا المرور عبر الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون، خشية أن يصر البريطانيون والفرنسيون على شروط قاسية، لكن هذا المدى البعيد لم ينجح، وأرسل الألمان رسالة إذاعية في وقت متأخر من الليل إلى المارشال فرديناند فوش، القائد الأعلى لقوات الحلفاء، وطلبوا الإذن لإرسال وفد عبر الخطوط للتفاوض على الهدنة، وطلبوا وقف إطلاق النار العام، وبعد خمس وأربعين دقيقة، أجاب فوش وتجاهل طلب وقف إطلاق النار، لكنه أعطى الألمان إذنًا للمجيء.
في الساعة 8:00 من مساء يوم 7 نوفمبر، شقّت ثلاث سيارات طريقها بعناية عبر المشهد الكابوسي لحفر المدفعية والأسلاك الشائكة في المنطقة المحرمة في شمال فرنسا، وتحول المبعوثون الألمان إلى سيارة فرنسية ثم استقلوا القطار، وسافروا خلال الليل، وفي صباح يوم 8 نوفمبر، انطلقوا في أحد السكك الحديدية في غابة، وكان هذا هو المكان الذي سيعقد الإجتماع فيه.
موافقة ألمانيا على شروط قاسية :
المهمة التي تنتظر الدبلوماسيين الألمان ثقلت عليهم، فقد كان هناك خوف من الخزي الوطني وكل من اقترح إلقاء السلاح سوف يكرهه الألمان العسكريون لبقية حياته وماتياس إيرزبيرجر، السياسي الذي وافق على مضض على قيادة الوفد الألماني، سوف يقتل بعد ثلاث سنوات على أيدي الألمان المتطرفين.
ولم يكن هناك الكثير من التفاوض، وعندما سُأل الألمان عما إذا كان لديهم عرض من الحلفاء، أجاب فوش قائلاً : "ليس لدي أي اقتراحات لتقديمها"، وكانت تعليماته من حكومات الحلفاء هي تقديم صفقة كما هي ثم قرأ الجنرال الفرنسي ماكسيم ويغان الشروط التي قررها الحلفاء للألمان، ووفقًا لروايات عديدة، أصبح الألمان في حالة ذهول عندما سمعوا أنه سيتعين عليهم نزع سلاحهم، خوفًا من أنهم لن يكونوا قادرين على الدفاع عن حكومتهم المتوترة ضد الثوار الشيوعيين ولكن لديهم القليل من النفوذ.
وفي ساعات الصباح الباكر من 11 نوفمبر، إلتقى إيرز بيرجر وفوش في المفاوضات النهائية، وحاول المبعوث الألماني قصارى جهده لإقناع فوش لجعل الاتفاق أقل حدة، وقام فوش ببعض التغييرات الصغيرة، بما في ذلك السماح للألمان بالاحتفاظ ببعض أسلحتهم، وأخيرا، قبل الفجر، وقعت الاتفاقية، ووافق الألمان على سحب قواتهم من فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ في غضون 15 يومًا، أفضل من المجازفة بأن يصبحوا أسرى الحلفاء، واضطروا إلى تسليم ترسانتهم، بما في ذلك 5000 قطعة مدفعية و25000 مدفع رشاش و1700 طائرة، إلى جانب 5000 قاطرة للسكك الحديدية و5000 شاحنة و150000 عربة، وكان على ألمانيا أيضًا التخلي عن أراضي الألزاس لورين المتنازع عليها.
وفي الواقع أن معاهدة سلام الحرب العالمية الأولى مهدت الطريق إلى الحرب العالمية الثانية، حيث أنه بعد انتهاء الإحتفالات على جانبي المحيط الأطلسي، بعد شهرين من عقد مؤتمر في فرساي، خارج باريس، للتوصل إلى معاهدة سلام نهائية، لم تسير الأمور بسلاسة كما توقع الكثيرون وذلك لأن قوى الحلفاء التي سيطرت على المؤتمر كانت لها أجندات مختلفة، وفي الإتفاقية التي تم توقيعها في يونيو، اضطرت ألمانيا المهزومة إلى قبول شروط قاسية، بما في ذلك دفع تعويضات بلغت في النهاية 37 مليار دولار والتي تساوي حوالي 492 مليار دولار بقيمة الدولار اليوم، وساعد هذا الإذلال والمرارة الدائمة التي ولّدتها على تمهيد الطريق لحرب عالمية أخرى بعد عقدين من الزمن.
ومع ذلك، فإن 11 نوفمبر نفسه أصبح يوم شهير، ففي عام 1919، أعلن الرئيس ويلسون يوم الهدنة الأول، الذي أصبح في عام 1926 عطلة قانونية دائمة والذي يُعرف اليوم أيضًا باسم يوم الذكرى في كومنولث الأمم، وفي عام 1954، غير الكونغرس الأمريكي، بناءً على دعوة منظمات المحاربين القدامى، اسمه ليوم المحاربين القدامى لتكريم أعضاء الخدمة الذين خدموا في الحرب العالمية الثانية والحرب الكورية أيضًا.
عانى الجانبان في هذه الحرب أكثر من اللازم للاستمرار، لكن ألمانيا تعرضت للضرب بشروط قاسية، ففي الساعة الحادية عشرة من اليوم الحادي عشر من شهر نوفمبر من عام 1918، صمتت المدفعية المتواصلة على طول الجبهة الغربية في فرنسا.
وتمكن الضابط الطبي الأمريكي، ستانهوب باين جونز، من سماع الماء الذي يقطر من الأدغال بجانبه، وكانت هذه اللحظة غريبة، لا يمكن تصديقها، وبالرغم من أن جميع الرجال يعرفون معنى الصمت، ولكن لم يصرخ أحد، وقد استغرق الأمر ساعات لسقوط الواقع، شئ لا يصدقه عقل حيث أن الحرب العالمية الأولى كانت تعتبر الصراع الأكثر دموية حتى الآن في تاريخ البشرية، مع أكثر من 8.5 مليون ضحية عسكرية، انتهت أخيرًا.
لكن الحرب انتهت بهدنة، حيث حدث اتفاق، اتفق فيه الطرفان على وقف القتال، بدلاً من الإستسلام، وبالنسبة لكلا الجانبين، كانت الهدنة هي أسرع طريقة لإنهاء مآسي الحرب والمجازر، وبحلول نوفمبر 1918، كان كل من الحلفاء والقوى المركزية يضربون بعضهم بعضًا ولمدة أربع سنوات لم يتوقفوا أبدا، ولقد هُزمت القوات الألمانية في ذلك العام بخسائر فادحة، وفي أواخر الصيف والخريف، قامت القوات البريطانية والفرنسية والأمريكية بدفعهم إلى الخلف بثبات، ومع تمكن الولايات المتحدة من إرسال المزيد والمزيد من القوات الجديدة إلى القتال، فقد تفوق الألمان، ومع انهيار حلفاء ألمانيا من حولهم أيضًا، بدا أن نتيجة الحرب واضحة.
ومع ذلك، كان كلا الجانبين جاهزين لوقف المذبحة، فحتى غزو ألمانيا كان سيتطلب الكثير من حيث الروح المعنوية والموارد، أما عن الوضع السياسي والعسكري في ألمانيا كان ضعيفًا بما يكفي لأن الألمان كانوا يخشون أن يتم غزوهم وكانت ألمانيا تعاني من الجوع.
طلب ألمانيا بالتفاوض على هدنة :
في الواقع، بدأ الألمان في تقديم مبادرات حول الهدنة في أوائل أكتوبر، وفي البداية حاولوا المرور عبر الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون، خشية أن يصر البريطانيون والفرنسيون على شروط قاسية، لكن هذا المدى البعيد لم ينجح، وأرسل الألمان رسالة إذاعية في وقت متأخر من الليل إلى المارشال فرديناند فوش، القائد الأعلى لقوات الحلفاء، وطلبوا الإذن لإرسال وفد عبر الخطوط للتفاوض على الهدنة، وطلبوا وقف إطلاق النار العام، وبعد خمس وأربعين دقيقة، أجاب فوش وتجاهل طلب وقف إطلاق النار، لكنه أعطى الألمان إذنًا للمجيء.
في الساعة 8:00 من مساء يوم 7 نوفمبر، شقّت ثلاث سيارات طريقها بعناية عبر المشهد الكابوسي لحفر المدفعية والأسلاك الشائكة في المنطقة المحرمة في شمال فرنسا، وتحول المبعوثون الألمان إلى سيارة فرنسية ثم استقلوا القطار، وسافروا خلال الليل، وفي صباح يوم 8 نوفمبر، انطلقوا في أحد السكك الحديدية في غابة، وكان هذا هو المكان الذي سيعقد الإجتماع فيه.
موافقة ألمانيا على شروط قاسية :
المهمة التي تنتظر الدبلوماسيين الألمان ثقلت عليهم، فقد كان هناك خوف من الخزي الوطني وكل من اقترح إلقاء السلاح سوف يكرهه الألمان العسكريون لبقية حياته وماتياس إيرزبيرجر، السياسي الذي وافق على مضض على قيادة الوفد الألماني، سوف يقتل بعد ثلاث سنوات على أيدي الألمان المتطرفين.
ولم يكن هناك الكثير من التفاوض، وعندما سُأل الألمان عما إذا كان لديهم عرض من الحلفاء، أجاب فوش قائلاً : "ليس لدي أي اقتراحات لتقديمها"، وكانت تعليماته من حكومات الحلفاء هي تقديم صفقة كما هي ثم قرأ الجنرال الفرنسي ماكسيم ويغان الشروط التي قررها الحلفاء للألمان، ووفقًا لروايات عديدة، أصبح الألمان في حالة ذهول عندما سمعوا أنه سيتعين عليهم نزع سلاحهم، خوفًا من أنهم لن يكونوا قادرين على الدفاع عن حكومتهم المتوترة ضد الثوار الشيوعيين ولكن لديهم القليل من النفوذ.
وفي ساعات الصباح الباكر من 11 نوفمبر، إلتقى إيرز بيرجر وفوش في المفاوضات النهائية، وحاول المبعوث الألماني قصارى جهده لإقناع فوش لجعل الاتفاق أقل حدة، وقام فوش ببعض التغييرات الصغيرة، بما في ذلك السماح للألمان بالاحتفاظ ببعض أسلحتهم، وأخيرا، قبل الفجر، وقعت الاتفاقية، ووافق الألمان على سحب قواتهم من فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ في غضون 15 يومًا، أفضل من المجازفة بأن يصبحوا أسرى الحلفاء، واضطروا إلى تسليم ترسانتهم، بما في ذلك 5000 قطعة مدفعية و25000 مدفع رشاش و1700 طائرة، إلى جانب 5000 قاطرة للسكك الحديدية و5000 شاحنة و150000 عربة، وكان على ألمانيا أيضًا التخلي عن أراضي الألزاس لورين المتنازع عليها.
وفي الواقع أن معاهدة سلام الحرب العالمية الأولى مهدت الطريق إلى الحرب العالمية الثانية، حيث أنه بعد انتهاء الإحتفالات على جانبي المحيط الأطلسي، بعد شهرين من عقد مؤتمر في فرساي، خارج باريس، للتوصل إلى معاهدة سلام نهائية، لم تسير الأمور بسلاسة كما توقع الكثيرون وذلك لأن قوى الحلفاء التي سيطرت على المؤتمر كانت لها أجندات مختلفة، وفي الإتفاقية التي تم توقيعها في يونيو، اضطرت ألمانيا المهزومة إلى قبول شروط قاسية، بما في ذلك دفع تعويضات بلغت في النهاية 37 مليار دولار والتي تساوي حوالي 492 مليار دولار بقيمة الدولار اليوم، وساعد هذا الإذلال والمرارة الدائمة التي ولّدتها على تمهيد الطريق لحرب عالمية أخرى بعد عقدين من الزمن.
ومع ذلك، فإن 11 نوفمبر نفسه أصبح يوم شهير، ففي عام 1919، أعلن الرئيس ويلسون يوم الهدنة الأول، الذي أصبح في عام 1926 عطلة قانونية دائمة والذي يُعرف اليوم أيضًا باسم يوم الذكرى في كومنولث الأمم، وفي عام 1954، غير الكونغرس الأمريكي، بناءً على دعوة منظمات المحاربين القدامى، اسمه ليوم المحاربين القدامى لتكريم أعضاء الخدمة الذين خدموا في الحرب العالمية الثانية والحرب الكورية أيضًا.