قصة نبي الله يحيى عليه السلام

قصة نبي الله يحيى عليه السلام  The-st16

كان نبي الله يحيى عليه السلام ابن النبي زكريا عليه السلام ، وكان الله قد استجاب لدعاء زكريا كما ذكرنا في قصة سيدنا زكريا عليه السلام ورزقه بـ يحيي عليه السلام وجعل الله له اية ان لا يكلم الناس لمدة 3 ليال ، وكان يحيى عليه السلام بارا وتقيا منذ صغره .

وقال الله تعالى "هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً اِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء (38) فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ اَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ" فى سورة ال عمران .

وقالى تعالى "يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَاتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا (14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا" فى سورة مريم، وقال تعالى فى سورة مريم ايضا " يَا زَكَرِيَّا اِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا " .

يحيى عليه السلام هو نبي الله الذى قال عنه الله سبحانه وتعالى انه ليس له شبيه ولا مثيل، يحيى عليه السلام هو النبي الذى قال عنه الحق سبحانه وتعالى "وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا"، اى انه اوتى حنانا من الله ، الحنان هو العلم الشمولى ، وكان الحنان احدي درجات الحب الذى ينبع من العلم .

وقد كان يحيى عليه السلام نموذجا لا شبيه له فى الزهد والنسك والحب الالهي، فقد كان يحيى عليه السلام يحب كل الكائنات ، وكان يحبه الناس والوحوش والطيور والجبال والصحاري ، ولكن اهدر دم يحيى عليه السلام بسبب كلمة حق قالها لملك ظالم بشأن موضوع يتعلق براقصة بغي .

وكان يحيى عليه السلام معاصرا لنبي الله عيسي عليه السلام ، وقد كان قريبه (ابن خالة امه)، وقد ذكر العلماء الكثير من الامثلة عن فضل نبي الله يحيى عليه السلام ، وقد روي فى السنة النبوية الشريفة ان يحيى عليه السلام التقي ذات يوم مع عيسي عليه السلام ، فقال يحيي لعيسي "استغفر لى يا عيسي انت خير مني" ، فرد عيسي " بل انت خير مني، سلمت على نفسي وسلم الله عليك" .

وكان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتذكرون فضل الانبياء ، فقال احدهم موسي كليم الله، وقال الاخر وعيسي روح الله ، وقال ثالث وابراهيم خليل الله ، فتدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم "اين الشهيد ابن الشهيد ، الذى كان يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب ، اين يحيي ابن زكريا عليهما السلام ؟ .

ميلاد يحيى عليه السلام كان معجزة ، فقد وهبه الله عز وجل لسيدنا زكريا بعد ان اصبح عجوزا ، بعد ان دعا ربه واستجاب له، وكانت طفولة يحيى عليه السلام غريبة عن طفولة باقى الاطفال ، فكان الاطفال يلهون طوال الوقت ما عدا يحيي كان جادا طوال الوقت ، وبعض من الاطفال كانوا يعذبون الحيوانات ، ولكن يحيى عليه السلام كان يطعم الطيور والحيوانات من طعامه رحمة بهم وكان يبقي هو بدون طعام وكان يأكل اوراق وثمار الشجر .

وكلما كان يحيى عليه السلام يكبر فى السن كلما كان يزداد النور فى وجهه وكان يمتلأ قلبه بالمعرفة والحكمة والسلام وحب الله ، وكان يحيى عليه السلام محبا للقراءة ، ومنذ طفولته كان يقرأ فى العلم وعندما صار صبيا يقول تعالى "يا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَاتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا " ، اى صدر الامر لـ يحيى عليه السلام ان يدرس كتاب الشريعة باحكام ، فقد كان يحيى عليه السلام اعلم الناس واشدهم حكمة ، فقد درس الشريعة كلها ولذلك اتاه الله الحكم وهو صبي ، فقد كان يحيى عليه السلام يحكم بين الناس ، ويطلعهم على اسرار الدين ، ويرشدهم على طريق الحق ويحذرهم من طريق الخطأ .

وعندما كبر يحيى عليه السلام زاد علمه ورحمته وحنانه بوالديه وبالناس والمخلوقات والاشجار والطيور ، فقد كان يدعو الناس ان يتوبون من الذنوب وكان يدعو لهم ، ولم يكن يوجد انسان يكره او يتنمى له السوء ، فقد كان محبوبا وسط الناس لرحمته وعلمه وتقواه ، وزاد على ذلك التنسك ، وكان يحيى عليه السلام اذا وقف لدعوة الناس لله كانوا يبكون من الخشوع والحب، فقد كان يؤثر فى قلوبهم بصدق كلماته .

وذات صباح خرج يحيى عليه السلام الى الناس فى المسجد الممتلئ بالناس وتحدث للناس قائلا "ان الله تعالى امرنى بكلمات يجب ان اعمل بها وامركم ان تعملوا بها ايضا، ان تعبدوه وحده لا شريك له، وامركم بالصلاة وذلك لان الله عز وجل ينظر الى عبده وهو يصلي ، اذا لم يلتفت عن صلاته، لذلك اخشعوا عند صلاتكم ، وامركم الله ايضا بالصيام، وامركم بذكر الله سبحانه وتعالى كثيرا ، فان ذلك مثل رجل طلبه اعداؤه ولكنه اسرع الى حصن حصين واغلقه عليه، واعظم الحصون هو ذكر الله عز وجل ، واعلموا ان لا نجاة بغير هذا الحصن .

وكان ملك من ملوك هذا الزمن طاغية اسود القلب وضيق العقل ومستبد برأيه ، وكان قد انتشر الفساد فى بلاطه، وكان يندهش من حب الناس لـ يحيى عليه السلام بهذا القدر، ورغم انه ملك لكن لم يكن يحبه احد .

وكان هذا الملك الفاسد يريد ان يتزوج من ابنة اخيه ، فقد اعجب بجمالها وكانت هى ايضا طمعانه فى الملك وكانت امها تشجعها على ذلك، وعلى الرغم من انهم كانوا يعلمون ان ذلك حرام ، الا ان الملك اراد ان يأخذ الاذن من يحيى عليه السلام ، وذهبوا الى يحيي ليغرونه بالاموال لكي يستثني الملك ، وكانت هذه الفتاة فاجرة ولم يكن لديها مانع ان تتزوج بالحرام .

ولكن يحيى عليه السلام خرج واعلن امام الجميع بتحريم زواج البنت من عمها ، حتى يعرف الناس انه اذا فعلها الملك فسيكون انحراف، فامتنع الملك عن الزواج ، ولكن الفتاة كانت مازالت تسعي للزواج من الملك ، ذات ليلة اخذت تغني وترقص ، وعندما ارادها الملك لنفسه رفضت ، وقالت له انه يجب ان يتزوجها ، فقال لها ان يحيى عليه السلام نهانا عن ذلك ، فطلبت منه رأس يحيي مهرا لها ، واغرته حتى امر احضار راس يحيي له ، وذهب جنوده لـ يحيى عليه السلام وكان يصلي فى المحراب ، وقاموا بقتله ، ثم قدموا رأسه على صحن للملك ، ثم قدم الصحن لهذه الفتاة البغي ثم تزوجها بالحرام .