القنبلة النووية العملاقة: تعرف على أكبر تجربة نووية في العالم
اختبر الاتحاد السوفييتي عام 1961م، قُنبلةً نوويةً قويةً لدرجةٍ تجعلها أقوى من أن تُستخدم في الحرب، وكانت لها آثارٌ بعيدة المدى من نوعٍ مُختلفٍ تمامًا.
وفي صباح الـ 30 من أكتوبر عام 1961م، أقلعت قاذفة صواريخٍ سوفييتية (Tu-95) من مطار (أولينيا – Olenya) في شبه جزيرة (كولا – Kola) بأقصى شمال روسيا، وهي – Tu-95- نُسخة مُعدّلة خصيصًا من نوعٍ خرج للخدمة قبلها بسنواتٍ قليلة، وهي عبارةٌ عن وحشٍ له جناحٌ كاسحٌ عملاقٌ ذو أربعة مُحرِّكات، مُهمته حمل الترسانة الروسية من القنابل النووية.
لقد شهد العقد الماضي خطواتٍ هائلةً في البحث النووي السوفييتي، إذ وَضعت الحرب العالمية الثانية الولايات المُتحدة، والاتحاد السوفييتي في نفس المخيم، وشهدت فترة ما بعد الحرب ازدهارًا، ثم تجمُّدًا في العلاقات، ولا يملك المجلس السوفييتي، الذي يُنافس ضد القوى العُظمى النووية الوحيدة في العالم، إلا خيارًا واحدًا فقط لإنقاذ الأمور سريعًا.
وفي الـ 29 من أغسطس عام 1949م، اختبر المجلس السوفييتي أول جهازٍ نوويٍ له، والمعروف في الغرب باسم (Joe-1)، على البوادي البعيدة التي تُمثِّل كازاخستان الآن، عن طريق استخدام معلوماتٍ ذكيّةٍ تم جمعها من خلال التسلل إلى برنامج القنبلة الذرية للولايات المُتحدة.
وخلال تلك السنوات، تطوّر برنامجهم التجريبي، مُفجّرين أكثر من 80 جهازٍ نوويٍ؛ حيثُ اختبر الاتحاد السوفييتي 38 قنبلةً نوويةً عام 1958م فقط. أكبر التجارب النووية في العالم.
لا يُمكن مُقارنة أيٍّ ممَّا اختبره الاتحاد السوفييتي بذلك، فقد حملت الـ (Tu-95) قنبلةً ضخمةً، أسفلها أداةٌ أكبر بكثير من أن يستوعبها مستودع القذائف الداخلي للطائرة، حيثما يتم تخزين ذخائر مثل تلك، وكان يبلغ طول القنبلة 8 أمتار، أي: (26 قدمًا)، بقُطرٍ يبلغ 2.6 متر تقريبًا، أي: (7 أقدام)، وتَزِن أكثر من 27 طنًا، وكانت فيزيائيًا، تُشبه قنبلة (الطفل الصغير – The Little Boy)، و(الرجل السمين – Fat Man) التي دمّرت المُدن اليابانية (هيروشيما، وناجازاكي)، قبل عقدٍ ونصف، وعُرِفت القنبلة بعددٍ لا يُحصى من التسميات التقنيّة، مثل: (مشروع 27000 – Project 27000)، و(كود المُنتَج 202 – Product Code 202)،و (RDS-220)، و(والدة كوزكا – Kuzka’s Mother)، أو (Kuzinka Mat) – هو تعبير روسي يدل على تعليم أحدٍ درسًا أو مُعاقبته-، واليوم هي معروفة أكثر باسم قنبلة: (القيصر – Tsar).
أرخبيل (مجموعة جُزُر- نوفويا زيمليا)، الروسية البعيدة التي تم تحديدها كهدفٍ لاختبار القنبلة.
لم تكن قنبلة (Tsar) عادية، فقد كانت نتيجة مُحاولةٍ مُفعمةٍ بالحرارة من قِبَل عُلماء الاتحاد السوفييتي؛ لصُنع أقوى سلاحٍ نووي، مدفوعةٌ برغبة رئيس الوزراء (نيكيتا خروتشوف) في جعل العالم يرتعد من القدرة التكنولوجيّة السوفييتيّة، وكانت القنبلة أكثر من مُجرد شيء معدنيٍ مُوحِش، وأكبر بكثيرٍ من أن تُلائم حتى أضخم الطائرات، لقد كانت مُدمِّرةً للمُدن، وسلاحُ الملاذ الأخير.
وصلت طائرة (Tupolev)، المطليّة باللون الأبيض الناصع؛ لتقليل آثار وميض القنبلة إلى نقطة هدفها (نوفيا زيمليا – أرخبيل) – شبهٌ مأهولٌ في بحر بارنتيس، وأعلى الحدود الشمالية المُتجمِّدة للاتحاد السوفييتي-، ووصل قائد الطائرة (Tupolev)، الرائد (أندريه دورنوفتسيف)، بالطائرة إلى (خليج ميتيوشيكا – Mityushikha Bay)، وهي منطقة تجارب سوفيتيّة، على ارتفاع حوالي 34,000 قدم، أي: (10 كيلومتر)، بينما حلّقت بجانبها مُدمِّرة أصغر مُعدًّلة (Tu-16)، جاهزةٌ لتصوير الانفجار الناشئ، ورصد عينات هواءٍ بينما تُحلِّق من نطاق الانفجار.
ولإعطاء الطائرتين فرصةً للنجاة – تم قياس ذلك حيثُ لم يتعدّ نسبة 50%- تم قذف قنبلة (Tsar) بواسطة منطادٍ عملاقٍ يزن حوالي طن، وبدأت القنبلة بالانجراف ببطء إلى ارتفاعٍ مُحددٍ مُسبقًا، 13,000 قدم، أي: (3,940 متر)، ثم تنفجر، وخلال ذلك الوقت، تكون المُدمرتين على بعد 50 كيلومتر تقريبًا، أي: (30 ميل)، وينبغي على تلك المسافة، أن تكون كافيةً بالنسبة إليهم للنجاة.
الآثار كانت كارثيّة في (نوفيا زيمليا).
انفجرت قنبلة Tsar)) الساعة 11:32 بتوقيت موسكو، وصنعت كرةً ناريةً يبلغ عرضها 5 أميالٍ في ومضة، تمدّدت الكرة النارية لأعلى بفِعل قوة الاصطدام الخاصة بها، وكان بالإمكان رؤية الوميض من على بُعد 1,000 كيلومتر، أي: (630 ميلًا).
ارتفعت (سحابة الفطر – Mushroom Cloud) للقنبلة، إلى 64 كيلومتر، أي: (40 ميلًا)، بينما امتدت قلنسوتها للخارج، واستطالت حوالي 100 كيلومتر، أي: (63 ميلًا) عرضًا، وهو مشهدٌ لابُد أنه كان مُرعبًا، حتى من على مسافة بعيدة.
لقد كانت الآثار كارثيّةً في (نوفيا زيمليا)، ففي قرية (سيفيرني – Severny)، التي تبعُد حوالي 55 كيلومتر، أي: (34 ميلًا) من أقرب نقطةٍ لمكان الانفجار، تدمّرت جميع المنازل – هذا مُماثلٌ لتدمير مطار (Gatwick) عند سقوط قنبلة في مُنتصف لندن-، وفي الأحياء السوفيتيّة على بُعد مئات الأميال من منطقة الانفجار، تم الإبلاغ عن أضرارٍ من كل الأنواع، كانهيار المنازل، وسقوط الأسطُح، وتلف الأبواب، وتحطُّم النوافذ، وتعطّلت الاتصالات اللاسلكية لأكثر من ساعة.
مُجسّم قنبلة (Tsar) يُوضّح الحجم الهائل للسلاح.
كانت طائرة دورنوفتسيف، (Tupolev)، محظوظةً بالنجاة؛ فقد تسبّبت موجة الانفجار لقنبلة (Tsar) في هبوط المُدمّرة العملاقة سريعًا لأكثر من 1,000 متر، أي: (3,300 قدم)، قبل أن يستعيد قائد الطائرة التحكُّم.
وقال مُصوِّرٌ من الاتحاد السوفييتي ممن شهدوا الانفجار: “أضيئت السُحُب أسفل الطائرة وما حولها بواسطة الوميض القوي، وانتشر الضوء أسفل الحُجرة، حتى بدأت الغيوم في التوهُّج، وأصحبت شفّافةً، وفي تلك اللحظة، برزت طائرتنا من بين طبقتين من الغيوم، وبالأسفل في الفجوة، بدأت تظهر كُرةً برتقاليةً مضيئةً هائلةً، كانت تلك الكرة قويّةً، وعنيدة، مثل كوكب المُشتري، فتسلّلت ببطءٍ، وفي صمتٍ لأعلى، آخذةً في النمو، بينما تتخلّل بين الطبقات السميكة للغيوم، وبدت كأنها تمتص كوكب الأرض بأكمله داخلها، وكان المشهد رائعًا، وخياليًا، وخارقًا للطبيعة”.
لقد أطلقت قنبلة (Tsar) طاقةً غير معقولة، واتُّفق الآن على أنّها تُقدّر في حدود الـ (57 ميجا طن)، أو (57 مليون طن) من متفجّرات (TNT)، وهذا أكثر بـ (1,500 مرةً) مما نتج عن قنبلتي (هيروشيما وناجازاكي) مُجتمعتين، وأقوى بـ (10 مرات) من الذخيرة التي اُستُخدِمَت خلال الحرب العالمية الثانية، وقد سجّلت أجهزة الاستشعار دوران موجة انفجار القنبلة، ليس لمرة واحدة، أو مرتين، بل لثلاث مرّات.
كانت هُناك نسبةٌ مُنخفضةٌ من الإشعاع بشكلٍ مُدهشٍ بسبب عدم احتكاك الكرة النارية بالأرض.
لا يُمكن أن يظل انفجارًا مثل ذلك سرًّا، فقد كان للولايات المُتحدة طائرةَ تجسسٍ، على بُعد عشرات الكيلومترات فقط من الانفجار، وحملت تلك الطائرة جهازًا بصريًا خاصًا يُدعى Bhangmeter)) لحساب قوة التفجيرات النووية بعيدة المدى، واستُخدِمت البيانات من تِلك الطائرة المُسمّاة بـ (سرعة الضوء – Speedlight)، من قِبل هيئة تقييم الأسلحة الغريبة لحساب الناتج من ذلك الاختبار الغامض.
وبعدها جاءت لجنة الإدانة الدوليّة، ليس فقط من الولايات المُتحدة وبريطانيا، بل ومن المناطق الإسكندنافية المجاورة للاتحاد السوفييتي مثل السويد، والجانب الجيّد من سحابة الفطر هذه، هي أنّ كرة النار لم تحتك بالأرض، ومن ثم كانت هُناك نسبةً مُنخفضةً من الإشعاع.
كان يُمكن أن يُصبح الوضع أصعب، وكان يمكن أن تصبح قنبلة ((Tsar أقوى الضعف، لولا وجود تغيير في تصميمها، كبح بعضًا من القوة التي كانت لتُطلِقها.
وكان أحد مُهندسي ذلك الجهاز الهائل، فيزيائيٌ سوفييتيٌ، يُدعى: (أندريه ساخاروف)، كان ليُصبح رجلًا مشهورًا عالميًا؛ لمُحاولته تخليص العالم من الأسلحة التي ساعد في صناعتها، كان هذا الرجل الخبير لبرنامج القنبلة الذريّة السوفييتيّة من البداية، وكان شريكًا ضمن الفريق الذي صنع بعضًا من القنابل الذريّة الأوليّة للاتحاد السوفييتي.
بدأ ساخاروف العمل على أداة ثلاثية الطبقات (انشطار- اندماج- انشطار)، وهي قنبلة يُمكنها صُنع طاقة أكبر بكثير في لُبّها من العمليّات النووية، تضمّن ذلك تغليف الديوتيريوم – نظيرٌ مُستقرٌ للهيدروجين- مع طبقةٍ من اليورانيوم غير المُخصّب، الذي يقوم بجمع النيوترونات من الديوتيريوم المُشتعل، ويبدأ في التفاعل من نفسه، أطلق عليها ساخاروف (الكعكة الطبقيّة – Sloika)، وسمح هذا الإنجاز للاتحاد السوفييتي في صُنع أول قنبلة هيدروجينية، وهي أداة أقوى بكثيرٍ من القنابل الذريّة، قبل بضع سنوات فقط، وتم إعلام ساخاروف من قِبل خروتشوف، أن يصنع قنبلةً أقوى بكثيرٍ من أي شيءٍ على الإطلاق.
تم نقل قنبلة (Tsar) إلى موقع الإسقاط بواسطة نُسخة مُعدَّلة من (Tu-95) المُدمِّرة الدُب.
كان الاتحاد السوفييتي – وفقًا لما قاله فيليب كويل، القائد السابق لاختبارات الأسلحة النووية بالولايات المُتحدة برئاسة بيل كلينتون، والذي قضى 30 عامًا في المساعدة لصنع واختبار أسلحة ذريّة- في أمس الحاجةٍ إلى إظهار أنّه قادرٌ على أن يتقدّم على الولايات المُتحدة في سباق التسلُّح النووي.
يقول كويل: “كانت الولايات المُتحدة مُتقدِّمةً بكثيرٍ؛ بسبب العمل الذي أجرته لتجهيز القنابل لـ (هيروشيما وناجازاكي)، وقامت بعددٍ كبيرٍ من الاختبارات في الجو، قبل أن يقوم الروسيون باختبارٍ واحد حتى، لقد كُنّا في المُقدّمة، وكان السوفييتيون يحاولون فعل شيءٍ؛ ليُخبروا العالم أنّه لا يُمكن الاستهانة بهم، إذ صُمِّمت قنبلة (Tsar) في الأساس؛ لجعل العالم ينهض، وينتبه للاتحاد السوفييتي على حدٍ سواء”.
قد كان بالإمكان للتصميم الأصلي – عبارةٌ عن قنبلةٍ من ثلاثة طبقات، وطبقة يورانيوم تفصل كل مرحلة – أن يكون له قوةً تُساوي (100 ميجا طن)، أي ما تُعادل 3,000 مرة، قنبلتي (هيروشيما وناجازاكي)، وقد سبق وأن اختبر السوفييتيون أدوات ضخمة في الجو، تُعادل عدّة ميجا أطنان، وكان ليُصبح ذلك أضخم بكثير جدًا، إذ بدأ بعض العُلماء بالاعتقاد، أنّها كانت ضخمةً بشكلٍ هائلٍ، وبهذه القوة الهائلة، لن يكون هُناك أي ضمانةٍ بأنّ القنبلة العملاقة، لن تُغرِق شمال الاتحاد السوفييتي في غيومٍ شاسعةٍ من الإشعاع.
يقول الفيزيائي (فرانك فون هيبل)، ورئيس الشؤون العامة، والدوليّة بجامعة برينستون: “كان ذلك موضع اهتمامٍ خاصٍ بالنسبة لساخاروف، فقد كان قلِقًا حقًا حول كمية الإشعاع التي ستُولِّدها، والآثار الجينية التي ستحل على الأجيال القادمة، وكانت تلك بداية رحلته من مصمّمِ قنابلٍ إلى خارجٍ عن القانون”.
تم استبدال طبقات اليورانيوم التي كانت لتساعد القنبلة لتحقيق مردودها الهائل، بطبقاتٍ من الرصاص، قبل جاهزيتها للاختبار، مما قلّل من شدة التفاعل النووي.
وصنع السوفييتيون سلاحًا قويًا للغاية، لدرجةٍ تجعلهم غير راغبين حتى في اختباره بكامل قوته، وكان ذلك أحد المشاكل بالنسبة لتلك الأداة الفتّاكة.
وتم تصميم المُدمّرات (Tu-95)، التي صُنِعت لتَحمِل الأسلحة النووية للاتحاد السوفييتي، لحمل أسلحة أخف بكثير، وكانت قنبلة (Tsar) كبيرةً جدًا، لدرجةٍ تمنع أن يتم حملها في قذيفةٍ، وثقيلةٌ للغاية لدرجة أنّ الطائرات المُصمَّمة لحملها، لن تكون قادرةً على إيصالها طول الطريق إلى هدفها بوقودٍ كافٍ، وإن كانت القنبلة قويةً بالدرجة المقصودة، ستكون الطائرة لديها مُهمة طريق ذهابٍ فقط على أي حال.
أقنعت قوة القنبلة عالم الفيزياء النووية أندريه ساخاروف بالتخلّي عن الأسلحة النووية.
يقول كويل، العضو الرئيسي في مركز الحد من التسلٌّح، وعدم انتشار الأسلحة النووية، – مركز بحوثٍ في العاصمة واشنطن- : “حتى عندما يتعلّق الأمر بالأسلحة النووية، قد يوجد شيءٌ مُماثلٌ بالغ القوّة، ومن الصعب إيجاد أي استخدام لها، إلا إن أردت إبادة مُدُنٍ كبيرةٍ، فبكل بساطةٍ، ستكون كبيرةً جدًا لاستخدامها”.
ويُوافق فون هيبل على ذلك قائلًا: “صُمِّمت هذه الأشياء – القنابل النووية الضخمة حُرّة السقوط –؛ لهدف أنك إن أردت أن تُدمِّر الهدف حتى وإن كان يبعُد عنك مسافة ميل، سيحدث ذلك، وقد ذهبت الأمور إلى اتجاهٍ آخر، مثل: زيادة دقّة القذيفة، والرؤوس الحربيّة المُتعددة”.
قد كان لقنبلة (Tsar) آثارٌ أُخرى، وهو الشيء المُقلِق حول الاختبار الذي كان يُمثِّل 20% من حجم الاختبارات الجويّة السابقة لها، مُجتمِعة – كما يقول فون هيبل-، والذي عجّل من نهاية الاختبارات الجويّة عام 1963م، ويقول فون هيبل إنّ ساخاروف كان قلِقًا بشأن كميّة الكربون (14) المُشع التي تنتشر في الجو، وهو نظيرٌ للكربون، له نصف العمر، وتم تخفيف ذلك بواسطة كُل الكربون الأحفوري في الجو.
وكان ساخاروف قلِقًا من أن تُصَد قنبلة أكبر من التي تم اختبارها بواسطة موجة انفجارها – مثلما حدث مع قنبلة (Tsar) – وقد تُسبِّب دمارًا عالميًا، ناشرةً غُبارًا سامًا عبر الكوكب، فأصبح بعد ذلك داعِمًا مُتحمِّسًا لمُعاهدة الحظر الجُزئي للتجارب النووية عام 1963م، وناقدًا صريحًا لعملية الانتشار النووي، وجِهات الدفاع المضادة للصواريخ، التي كان يخشى أن تُحفِّز سباق تسلّحٍ نوويٍ آخر في أواخر الستينيات، وأصبح بذلك منبوذًا بشكلٍ مُتزايدٍ من الولاية، وشخصًا مُعارضًا للقمع، وحصل على جائزة نوبل للسلام عام 1975م، وشخصًا يُشار إليه على أنّه (ضمير البشرية) وِفقًا لما قاله فون هيبل.
المصدر
اختبر الاتحاد السوفييتي عام 1961م، قُنبلةً نوويةً قويةً لدرجةٍ تجعلها أقوى من أن تُستخدم في الحرب، وكانت لها آثارٌ بعيدة المدى من نوعٍ مُختلفٍ تمامًا.
وفي صباح الـ 30 من أكتوبر عام 1961م، أقلعت قاذفة صواريخٍ سوفييتية (Tu-95) من مطار (أولينيا – Olenya) في شبه جزيرة (كولا – Kola) بأقصى شمال روسيا، وهي – Tu-95- نُسخة مُعدّلة خصيصًا من نوعٍ خرج للخدمة قبلها بسنواتٍ قليلة، وهي عبارةٌ عن وحشٍ له جناحٌ كاسحٌ عملاقٌ ذو أربعة مُحرِّكات، مُهمته حمل الترسانة الروسية من القنابل النووية.
لقد شهد العقد الماضي خطواتٍ هائلةً في البحث النووي السوفييتي، إذ وَضعت الحرب العالمية الثانية الولايات المُتحدة، والاتحاد السوفييتي في نفس المخيم، وشهدت فترة ما بعد الحرب ازدهارًا، ثم تجمُّدًا في العلاقات، ولا يملك المجلس السوفييتي، الذي يُنافس ضد القوى العُظمى النووية الوحيدة في العالم، إلا خيارًا واحدًا فقط لإنقاذ الأمور سريعًا.
وفي الـ 29 من أغسطس عام 1949م، اختبر المجلس السوفييتي أول جهازٍ نوويٍ له، والمعروف في الغرب باسم (Joe-1)، على البوادي البعيدة التي تُمثِّل كازاخستان الآن، عن طريق استخدام معلوماتٍ ذكيّةٍ تم جمعها من خلال التسلل إلى برنامج القنبلة الذرية للولايات المُتحدة.
وخلال تلك السنوات، تطوّر برنامجهم التجريبي، مُفجّرين أكثر من 80 جهازٍ نوويٍ؛ حيثُ اختبر الاتحاد السوفييتي 38 قنبلةً نوويةً عام 1958م فقط. أكبر التجارب النووية في العالم.
لا يُمكن مُقارنة أيٍّ ممَّا اختبره الاتحاد السوفييتي بذلك، فقد حملت الـ (Tu-95) قنبلةً ضخمةً، أسفلها أداةٌ أكبر بكثير من أن يستوعبها مستودع القذائف الداخلي للطائرة، حيثما يتم تخزين ذخائر مثل تلك، وكان يبلغ طول القنبلة 8 أمتار، أي: (26 قدمًا)، بقُطرٍ يبلغ 2.6 متر تقريبًا، أي: (7 أقدام)، وتَزِن أكثر من 27 طنًا، وكانت فيزيائيًا، تُشبه قنبلة (الطفل الصغير – The Little Boy)، و(الرجل السمين – Fat Man) التي دمّرت المُدن اليابانية (هيروشيما، وناجازاكي)، قبل عقدٍ ونصف، وعُرِفت القنبلة بعددٍ لا يُحصى من التسميات التقنيّة، مثل: (مشروع 27000 – Project 27000)، و(كود المُنتَج 202 – Product Code 202)،و (RDS-220)، و(والدة كوزكا – Kuzka’s Mother)، أو (Kuzinka Mat) – هو تعبير روسي يدل على تعليم أحدٍ درسًا أو مُعاقبته-، واليوم هي معروفة أكثر باسم قنبلة: (القيصر – Tsar).
أرخبيل (مجموعة جُزُر- نوفويا زيمليا)، الروسية البعيدة التي تم تحديدها كهدفٍ لاختبار القنبلة.
لم تكن قنبلة (Tsar) عادية، فقد كانت نتيجة مُحاولةٍ مُفعمةٍ بالحرارة من قِبَل عُلماء الاتحاد السوفييتي؛ لصُنع أقوى سلاحٍ نووي، مدفوعةٌ برغبة رئيس الوزراء (نيكيتا خروتشوف) في جعل العالم يرتعد من القدرة التكنولوجيّة السوفييتيّة، وكانت القنبلة أكثر من مُجرد شيء معدنيٍ مُوحِش، وأكبر بكثيرٍ من أن تُلائم حتى أضخم الطائرات، لقد كانت مُدمِّرةً للمُدن، وسلاحُ الملاذ الأخير.
وصلت طائرة (Tupolev)، المطليّة باللون الأبيض الناصع؛ لتقليل آثار وميض القنبلة إلى نقطة هدفها (نوفيا زيمليا – أرخبيل) – شبهٌ مأهولٌ في بحر بارنتيس، وأعلى الحدود الشمالية المُتجمِّدة للاتحاد السوفييتي-، ووصل قائد الطائرة (Tupolev)، الرائد (أندريه دورنوفتسيف)، بالطائرة إلى (خليج ميتيوشيكا – Mityushikha Bay)، وهي منطقة تجارب سوفيتيّة، على ارتفاع حوالي 34,000 قدم، أي: (10 كيلومتر)، بينما حلّقت بجانبها مُدمِّرة أصغر مُعدًّلة (Tu-16)، جاهزةٌ لتصوير الانفجار الناشئ، ورصد عينات هواءٍ بينما تُحلِّق من نطاق الانفجار.
ولإعطاء الطائرتين فرصةً للنجاة – تم قياس ذلك حيثُ لم يتعدّ نسبة 50%- تم قذف قنبلة (Tsar) بواسطة منطادٍ عملاقٍ يزن حوالي طن، وبدأت القنبلة بالانجراف ببطء إلى ارتفاعٍ مُحددٍ مُسبقًا، 13,000 قدم، أي: (3,940 متر)، ثم تنفجر، وخلال ذلك الوقت، تكون المُدمرتين على بعد 50 كيلومتر تقريبًا، أي: (30 ميل)، وينبغي على تلك المسافة، أن تكون كافيةً بالنسبة إليهم للنجاة.
الآثار كانت كارثيّة في (نوفيا زيمليا).
انفجرت قنبلة Tsar)) الساعة 11:32 بتوقيت موسكو، وصنعت كرةً ناريةً يبلغ عرضها 5 أميالٍ في ومضة، تمدّدت الكرة النارية لأعلى بفِعل قوة الاصطدام الخاصة بها، وكان بالإمكان رؤية الوميض من على بُعد 1,000 كيلومتر، أي: (630 ميلًا).
ارتفعت (سحابة الفطر – Mushroom Cloud) للقنبلة، إلى 64 كيلومتر، أي: (40 ميلًا)، بينما امتدت قلنسوتها للخارج، واستطالت حوالي 100 كيلومتر، أي: (63 ميلًا) عرضًا، وهو مشهدٌ لابُد أنه كان مُرعبًا، حتى من على مسافة بعيدة.
لقد كانت الآثار كارثيّةً في (نوفيا زيمليا)، ففي قرية (سيفيرني – Severny)، التي تبعُد حوالي 55 كيلومتر، أي: (34 ميلًا) من أقرب نقطةٍ لمكان الانفجار، تدمّرت جميع المنازل – هذا مُماثلٌ لتدمير مطار (Gatwick) عند سقوط قنبلة في مُنتصف لندن-، وفي الأحياء السوفيتيّة على بُعد مئات الأميال من منطقة الانفجار، تم الإبلاغ عن أضرارٍ من كل الأنواع، كانهيار المنازل، وسقوط الأسطُح، وتلف الأبواب، وتحطُّم النوافذ، وتعطّلت الاتصالات اللاسلكية لأكثر من ساعة.
مُجسّم قنبلة (Tsar) يُوضّح الحجم الهائل للسلاح.
كانت طائرة دورنوفتسيف، (Tupolev)، محظوظةً بالنجاة؛ فقد تسبّبت موجة الانفجار لقنبلة (Tsar) في هبوط المُدمّرة العملاقة سريعًا لأكثر من 1,000 متر، أي: (3,300 قدم)، قبل أن يستعيد قائد الطائرة التحكُّم.
وقال مُصوِّرٌ من الاتحاد السوفييتي ممن شهدوا الانفجار: “أضيئت السُحُب أسفل الطائرة وما حولها بواسطة الوميض القوي، وانتشر الضوء أسفل الحُجرة، حتى بدأت الغيوم في التوهُّج، وأصحبت شفّافةً، وفي تلك اللحظة، برزت طائرتنا من بين طبقتين من الغيوم، وبالأسفل في الفجوة، بدأت تظهر كُرةً برتقاليةً مضيئةً هائلةً، كانت تلك الكرة قويّةً، وعنيدة، مثل كوكب المُشتري، فتسلّلت ببطءٍ، وفي صمتٍ لأعلى، آخذةً في النمو، بينما تتخلّل بين الطبقات السميكة للغيوم، وبدت كأنها تمتص كوكب الأرض بأكمله داخلها، وكان المشهد رائعًا، وخياليًا، وخارقًا للطبيعة”.
لقد أطلقت قنبلة (Tsar) طاقةً غير معقولة، واتُّفق الآن على أنّها تُقدّر في حدود الـ (57 ميجا طن)، أو (57 مليون طن) من متفجّرات (TNT)، وهذا أكثر بـ (1,500 مرةً) مما نتج عن قنبلتي (هيروشيما وناجازاكي) مُجتمعتين، وأقوى بـ (10 مرات) من الذخيرة التي اُستُخدِمَت خلال الحرب العالمية الثانية، وقد سجّلت أجهزة الاستشعار دوران موجة انفجار القنبلة، ليس لمرة واحدة، أو مرتين، بل لثلاث مرّات.
كانت هُناك نسبةٌ مُنخفضةٌ من الإشعاع بشكلٍ مُدهشٍ بسبب عدم احتكاك الكرة النارية بالأرض.
لا يُمكن أن يظل انفجارًا مثل ذلك سرًّا، فقد كان للولايات المُتحدة طائرةَ تجسسٍ، على بُعد عشرات الكيلومترات فقط من الانفجار، وحملت تلك الطائرة جهازًا بصريًا خاصًا يُدعى Bhangmeter)) لحساب قوة التفجيرات النووية بعيدة المدى، واستُخدِمت البيانات من تِلك الطائرة المُسمّاة بـ (سرعة الضوء – Speedlight)، من قِبل هيئة تقييم الأسلحة الغريبة لحساب الناتج من ذلك الاختبار الغامض.
وبعدها جاءت لجنة الإدانة الدوليّة، ليس فقط من الولايات المُتحدة وبريطانيا، بل ومن المناطق الإسكندنافية المجاورة للاتحاد السوفييتي مثل السويد، والجانب الجيّد من سحابة الفطر هذه، هي أنّ كرة النار لم تحتك بالأرض، ومن ثم كانت هُناك نسبةً مُنخفضةً من الإشعاع.
كان يُمكن أن يُصبح الوضع أصعب، وكان يمكن أن تصبح قنبلة ((Tsar أقوى الضعف، لولا وجود تغيير في تصميمها، كبح بعضًا من القوة التي كانت لتُطلِقها.
وكان أحد مُهندسي ذلك الجهاز الهائل، فيزيائيٌ سوفييتيٌ، يُدعى: (أندريه ساخاروف)، كان ليُصبح رجلًا مشهورًا عالميًا؛ لمُحاولته تخليص العالم من الأسلحة التي ساعد في صناعتها، كان هذا الرجل الخبير لبرنامج القنبلة الذريّة السوفييتيّة من البداية، وكان شريكًا ضمن الفريق الذي صنع بعضًا من القنابل الذريّة الأوليّة للاتحاد السوفييتي.
بدأ ساخاروف العمل على أداة ثلاثية الطبقات (انشطار- اندماج- انشطار)، وهي قنبلة يُمكنها صُنع طاقة أكبر بكثير في لُبّها من العمليّات النووية، تضمّن ذلك تغليف الديوتيريوم – نظيرٌ مُستقرٌ للهيدروجين- مع طبقةٍ من اليورانيوم غير المُخصّب، الذي يقوم بجمع النيوترونات من الديوتيريوم المُشتعل، ويبدأ في التفاعل من نفسه، أطلق عليها ساخاروف (الكعكة الطبقيّة – Sloika)، وسمح هذا الإنجاز للاتحاد السوفييتي في صُنع أول قنبلة هيدروجينية، وهي أداة أقوى بكثيرٍ من القنابل الذريّة، قبل بضع سنوات فقط، وتم إعلام ساخاروف من قِبل خروتشوف، أن يصنع قنبلةً أقوى بكثيرٍ من أي شيءٍ على الإطلاق.
تم نقل قنبلة (Tsar) إلى موقع الإسقاط بواسطة نُسخة مُعدَّلة من (Tu-95) المُدمِّرة الدُب.
كان الاتحاد السوفييتي – وفقًا لما قاله فيليب كويل، القائد السابق لاختبارات الأسلحة النووية بالولايات المُتحدة برئاسة بيل كلينتون، والذي قضى 30 عامًا في المساعدة لصنع واختبار أسلحة ذريّة- في أمس الحاجةٍ إلى إظهار أنّه قادرٌ على أن يتقدّم على الولايات المُتحدة في سباق التسلُّح النووي.
يقول كويل: “كانت الولايات المُتحدة مُتقدِّمةً بكثيرٍ؛ بسبب العمل الذي أجرته لتجهيز القنابل لـ (هيروشيما وناجازاكي)، وقامت بعددٍ كبيرٍ من الاختبارات في الجو، قبل أن يقوم الروسيون باختبارٍ واحد حتى، لقد كُنّا في المُقدّمة، وكان السوفييتيون يحاولون فعل شيءٍ؛ ليُخبروا العالم أنّه لا يُمكن الاستهانة بهم، إذ صُمِّمت قنبلة (Tsar) في الأساس؛ لجعل العالم ينهض، وينتبه للاتحاد السوفييتي على حدٍ سواء”.
قد كان بالإمكان للتصميم الأصلي – عبارةٌ عن قنبلةٍ من ثلاثة طبقات، وطبقة يورانيوم تفصل كل مرحلة – أن يكون له قوةً تُساوي (100 ميجا طن)، أي ما تُعادل 3,000 مرة، قنبلتي (هيروشيما وناجازاكي)، وقد سبق وأن اختبر السوفييتيون أدوات ضخمة في الجو، تُعادل عدّة ميجا أطنان، وكان ليُصبح ذلك أضخم بكثير جدًا، إذ بدأ بعض العُلماء بالاعتقاد، أنّها كانت ضخمةً بشكلٍ هائلٍ، وبهذه القوة الهائلة، لن يكون هُناك أي ضمانةٍ بأنّ القنبلة العملاقة، لن تُغرِق شمال الاتحاد السوفييتي في غيومٍ شاسعةٍ من الإشعاع.
يقول الفيزيائي (فرانك فون هيبل)، ورئيس الشؤون العامة، والدوليّة بجامعة برينستون: “كان ذلك موضع اهتمامٍ خاصٍ بالنسبة لساخاروف، فقد كان قلِقًا حقًا حول كمية الإشعاع التي ستُولِّدها، والآثار الجينية التي ستحل على الأجيال القادمة، وكانت تلك بداية رحلته من مصمّمِ قنابلٍ إلى خارجٍ عن القانون”.
تم استبدال طبقات اليورانيوم التي كانت لتساعد القنبلة لتحقيق مردودها الهائل، بطبقاتٍ من الرصاص، قبل جاهزيتها للاختبار، مما قلّل من شدة التفاعل النووي.
وصنع السوفييتيون سلاحًا قويًا للغاية، لدرجةٍ تجعلهم غير راغبين حتى في اختباره بكامل قوته، وكان ذلك أحد المشاكل بالنسبة لتلك الأداة الفتّاكة.
وتم تصميم المُدمّرات (Tu-95)، التي صُنِعت لتَحمِل الأسلحة النووية للاتحاد السوفييتي، لحمل أسلحة أخف بكثير، وكانت قنبلة (Tsar) كبيرةً جدًا، لدرجةٍ تمنع أن يتم حملها في قذيفةٍ، وثقيلةٌ للغاية لدرجة أنّ الطائرات المُصمَّمة لحملها، لن تكون قادرةً على إيصالها طول الطريق إلى هدفها بوقودٍ كافٍ، وإن كانت القنبلة قويةً بالدرجة المقصودة، ستكون الطائرة لديها مُهمة طريق ذهابٍ فقط على أي حال.
أقنعت قوة القنبلة عالم الفيزياء النووية أندريه ساخاروف بالتخلّي عن الأسلحة النووية.
يقول كويل، العضو الرئيسي في مركز الحد من التسلٌّح، وعدم انتشار الأسلحة النووية، – مركز بحوثٍ في العاصمة واشنطن- : “حتى عندما يتعلّق الأمر بالأسلحة النووية، قد يوجد شيءٌ مُماثلٌ بالغ القوّة، ومن الصعب إيجاد أي استخدام لها، إلا إن أردت إبادة مُدُنٍ كبيرةٍ، فبكل بساطةٍ، ستكون كبيرةً جدًا لاستخدامها”.
ويُوافق فون هيبل على ذلك قائلًا: “صُمِّمت هذه الأشياء – القنابل النووية الضخمة حُرّة السقوط –؛ لهدف أنك إن أردت أن تُدمِّر الهدف حتى وإن كان يبعُد عنك مسافة ميل، سيحدث ذلك، وقد ذهبت الأمور إلى اتجاهٍ آخر، مثل: زيادة دقّة القذيفة، والرؤوس الحربيّة المُتعددة”.
قد كان لقنبلة (Tsar) آثارٌ أُخرى، وهو الشيء المُقلِق حول الاختبار الذي كان يُمثِّل 20% من حجم الاختبارات الجويّة السابقة لها، مُجتمِعة – كما يقول فون هيبل-، والذي عجّل من نهاية الاختبارات الجويّة عام 1963م، ويقول فون هيبل إنّ ساخاروف كان قلِقًا بشأن كميّة الكربون (14) المُشع التي تنتشر في الجو، وهو نظيرٌ للكربون، له نصف العمر، وتم تخفيف ذلك بواسطة كُل الكربون الأحفوري في الجو.
وكان ساخاروف قلِقًا من أن تُصَد قنبلة أكبر من التي تم اختبارها بواسطة موجة انفجارها – مثلما حدث مع قنبلة (Tsar) – وقد تُسبِّب دمارًا عالميًا، ناشرةً غُبارًا سامًا عبر الكوكب، فأصبح بعد ذلك داعِمًا مُتحمِّسًا لمُعاهدة الحظر الجُزئي للتجارب النووية عام 1963م، وناقدًا صريحًا لعملية الانتشار النووي، وجِهات الدفاع المضادة للصواريخ، التي كان يخشى أن تُحفِّز سباق تسلّحٍ نوويٍ آخر في أواخر الستينيات، وأصبح بذلك منبوذًا بشكلٍ مُتزايدٍ من الولاية، وشخصًا مُعارضًا للقمع، وحصل على جائزة نوبل للسلام عام 1975م، وشخصًا يُشار إليه على أنّه (ضمير البشرية) وِفقًا لما قاله فون هيبل.
المصدر