منتديات القمر الثقافيه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات القمر الثقافيهدخول

العقيده

power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد
3 مشترك

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
الإيمان بالكتب المنزَّلة

1- معنى الكتاب المنزَّل.

2- وجوب الإيمان بالكتب المنزَّلة.

3- احتياج الناس إلى الكتب المنزَّلة.

4- الكتب والصحف التي ذكرت في القرآن الكريم.

أ- صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام.

ب- التوراة.

ج- الزبور.

د- الإنجيل.

هـ- القرآن العظيم.



1- معنى الكتاب المنزَّل:

- هو كلام من كلام الله تعالى، فيه هدى ونور يوحي الله به إلى رسول من رسله بواسطة جبريل ليبلغه للناس.

ويطلق على ما يشمل الصحف والألواح وجميع أنواع الوحي اللفظي أو الكتابي التي ينزلها الله تعالى على رسله وبأية لغة من اللغات كانت، قصيراً أو طويلاً، مدون كان أو غير مدون، فيه صفة الإعجاز اللفظي للناس أو ليس فيه ذلك.

2- وجوب الإيمان بالكتب المنزَّلة:

- إن من أسس الإيمان: الإيمان بالكتب التي أوحى الله بها إلى رسله.

فالإيمان بالكتاب: هو التصديق الجازم بأن جميع الكتب التي أوحي بها منزلة من عند الله عزَّ وجلَّ.

- فالمؤمن يؤمن بكتب الله كلِّها إجمالاً فيما يجهل منها وتفصيلاً فيما يعلم منها -كالتوراة والزبور والإنجيل والقرآن- كما آمن برسل الله وأنبيائه جميعاً إجمالاً فيمن جهل منهم وتفصيلاً فيمن علم.

- والإيمان وحدة متماسكة لا تنفك عن بعضها أبداً، فيمن لم يؤمن بالكتب المنزَّلة فقد نقض إيمانه وخرج عن دائرة الإيمان.

قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا} [النساء: 136].

3- احتياج الناس إلى الكتب المنزَّلة:

- الناس بحاجة ماسَّة إلى كتب المنزلة، وذلك لأمور منها:

أولاً: ليكون الكتاب المنزَّل على الرسول هو المرجع لأمته، وفيه تبيينُ أوامر الله ونواهيه
وسبل السعادة والهداية.

ثانياً: ليكون الكتاب المنزَّل على الرسول هو الحكم العدل لأمته في كل ما يختلفون فيه،
مما تتناوله أحكام شريعة الله لهم.

قال الله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}[البقرة: 213].

ثالثاً: ليصون الكتاب المنزَّل بعد وفاة الرسول عقائد الدين وشرائعه من التحريف والتغيير،
فإن غُيِّرَ فيه وحرف، فيكون حجة يوم القيامة على من حرف وغير في كتاب الله.

4- الكتب والصحف التي ذكرت في القرآن الكريم:

أ- صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام:

- المؤمن يؤمن إيماناً جازماً بأن الله أنزل صحفاً على إبراهيم وموسى عليهما السلام.

- وقد ذكر القرآن الصحف الأولى وذكر منها صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام.

- وذكر القرآن بعض ما في صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام.

قال الله تعالى: { أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى(1)* أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى * وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى(3) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا * وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى(4) * وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى(5) * وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى(6) * وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى(1)* وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى(2) * وَثَمُودَ(3) فَمَا أَبْقَى * وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى * وَالْمُؤْتَفِكَةَ(4) أَهْوَى(5)* فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى} [النجم: 36- 45].

وقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى: 14-19].

فهذه الآيات مما جاء في صحف إبراهيم وموسى عليهما السلام فكل الصحف اليوم مفقودة غير معلومة ولم يصلنا منها شيء إلا ما ورد في القرآن مِنَ الآيات التي ذكرناها من قبل.

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
ب- التوراة(6):

التوراة: كتاب أنزله الله على موسى عليه السلام ويتضمن كتاب التوراة والصحف التي أنزلت على موسى عليه السلام والألواح التي جاء بها بعد مناجاته لربه في جانب الطور، قال الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} [المائدة: 44].

ذكر القرآن الكريم التوراة، وذكر بعض ما يتضمن من الأحكام الشرعية منها: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا(7) أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45].

وتتضمن التوراة البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم وذكرَ بعض صفاته، قال الله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ(156)الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ(8) وَالأَغْلالَ(9) الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ(10) وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 156- 157].

ويتضمن التوراة الحث على الجهاد بالنفس والمال. قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111].

______________________

(1) كوكب معروف كان بعض العرب يعبدونه في الجاهلية.

(2) قوم هود.

(3) قوم صالح.

(4) قرى قوم لوط.

(5) أسقطها إلى الأرض بعد رفعها.

(6) لفظ عبراني معناه الشريعة.

(7) في التوراة.

(8) عهدهم بالعمل بما في التوراة.

(9) التكاليف الشاقة في التوراة.

(10) وقروه وعظموه.

ويتضمن التوراة صفة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى:{

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ(1) فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ} [الفتح: 29].

فهذه الآيات تثبت نماذج لما يتضمنه التوراة الذي أنزل على موسى عليه السلام، وقد جاءتنا من طريق القرآن الكريم فنؤمن بثبوتها.

تنبيه: التوراة التي أمرنا أن نؤمن بها والتي صدقها القرآن إنما هي الأصول الأولى التي أنزلها الله على موسى عليه السلام، أما التوراة الحالية الموجودة عند أهل الكتاب فليس لها سند متصل يصحح سندها إلى موسى عليه السلام.

كما دخل إليها التحريف والتبديل من غير تمييز بين الأصل والمحرَّف، لذلك فلا يصح أن يوثق بها.

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
د- الإنجيل(2):

الإنجيل: وهو الكتاب الذي أنزل على عيسى ابن مريم عليه السلام قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ(26)ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ(3) بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ} [الحديد: 26-27].

المؤمن يؤمن بأن الله أنزل على عيسى عليه السلام كتاباً اسمه الإنجيل، أمَّا الأناجيل الحالية عند النصارى فلا يعرف لها سند متصل يصحح نسبتها إلى عيسى عليه السلام، ولا يصح نسبته إليه عليه السلام، إنما هي مصنفات تاريخية حول سيرة المسيح عليه السلام وبعض وصاياه ومواعظه ومعجزاته لكن فيها الكثير من الأغلاط والمتناقضات. ذكر القرآن الكريم بعض ما جاء في الإنجيل:

____________________

(1) علامتهم.

(2) لفظ يوناني بمعنى البشرى.

(3) أتبعناهم وبعثنا بعدهم.

- يتضمن الإنجيل الهدى والنور والتصديق بالتوراة والموعظة للمتقين.

قال الله تعالى: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} [المائدة: 46].

- ويتضمن الإنجيل مجموعة من الأحكام والشرائع الإلهية:

قال الله تعالى: {وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} [آل عمران: 50].

وقال تعالى: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ} [المائدة:47].

- ويتضمن الإنجيل البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم وذكر بعض صفاته، قال الله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ(1) وَالأَغْلَالَ(2) الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ(3) وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 156-157].

-ويتضمن الإنجيل الحث على الجهاد بالنفس والمال:

قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 111].

- ويتضمن الإنجيل صفة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم{ومثلهم(4) في الإنجيل كزرع أخرج شطأهُ(5) فآزره(6) فاستغلظ(7) فاستوى على سوقه(8) يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار}.

_________________

(1) عهدهم بالعمل بما في التوراة.

(2) التكاليف الشاقَّة في التوراة.

(3) وقروه وعظموه.

(4) مثل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.

(5) فِراخه المتفَّرعة في جوانبه.

(6) فقوَّى ذلك الشطء الزرع.

(7) فصار غليظاً.

(8) فاستقام على أصوله وجذوعه.

{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 29].

فالآيات السابقة تثبت نماذج لما يتضمنه الإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام، وقد جاءتنا من طريق القرآن الكريم فنؤمن بثبوتها.

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
هـ- القرآن العظيم:

القرآن: كتابٌ أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم.

قال الله تعالى: {لَكِنْ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: 166].

وقال تعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ(1) لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ(2) وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلا} [الإسراء: 106].

تكفَّل الله بحفظه من أي تحريف أو تبديل قال الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ(3) وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].

وقال تعالى: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42].

والقرآن نزل على قلب محمد بواسطة جبريل عليه السلام باللسان العربي المبين.

قال الله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 193-195]

ويحتوي القرآن العظيم: على أحكام تنظم كلَّ شؤون الحياة:

1- العقائد، 2- العبادات، 3- المعوضات والمعاملات، 4- الأخلاق، 5- العقوبات، 6- قصص الأنبياء والرسل للعبر والعظات.

والقرآن هو أعظم معجزة خالدة للرسول صلى الله عليه وسلم: ويتجلى إعجاز القرآن العظيم في نواحٍ كثيرة منها:

1- الإعجاز البلاغي.

2- الإعجاز التشريعي.

3- الإعجاز العلمي.

4- الإخبار عن المغيَّبات والأمم السابقة.

5- تحقق ما وعد به وما أخبر عنه أنه سيقع في المستقبل.

__________________

(1) أنزلناه مفرقاً.

(2) على تؤدة وتأنٍ.

(3) القرآن.

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
الإيمان بالرسل والأنبياء عليهم السلام



1- وجوب الإيمان بالرسل والأنبياء عليهم السلام:

أ- الإيمان بالرسل والأنبياء عليهم السلام من أسس الدين.

ب- معنى النبوة والرسالة (معنى النبي والرسول).

ج- الفرق بين النبي والرسول.

د- النبوة فضل وهبة من الله عزَّ وجلَّ.

هـ- الفرق بين النبوة والملك.

و- الفرق بين النبوات والعبقريات.

ز- الفرق بين النبوات والفلسفات.

ح- وظيفة الرسل عليهم السلام.

ط- حاجة الناس إلى الرسل عليهم السلام.

ي- حكمة إرسال الرسل عليهم السلام.

2- مزايا دعوة الرسل والأنبياء عليهم السلام.

أ- المزية الأولى: دعوة الأنبياء عليهم السلام ربانية.

ب- المزية الثانية: دعوة الأنبياء عليهم السلام خالصة لله تعالى.

ج- المزية الثالثة: تصحيح العقيدة وإخلاص الدين لله وإفراد العبادة لله جلَّ وعزَّ.

د- المزية الرابعة: البساطة في الدعوة وعدم التكلف.

هـ- المزية الخامسة: وضوح الهدف والغاية من دعوة الأنبياء عليهم السلام.

و- المزية السادسة: الزهد في الدنيا وإيثار الآخرة على الحياة الدنيا.

3- صفات الرسل عليهم السلام:

أ- الفطانة

ب- الصدق

ج- الأمانة

د- العصمة

هـ- التبليغ

و- السلامة من العيوب المنفِّرة

ز- صفة البشرية لازمة لهم

4- المعجزة دليل الرسالة.

أ- معنى المعجزة.

ب- الحكمة من المعجزة.

ج- أنواع المعجزات.

د- الشروط المتوفرة في المعجزة.

هـ- أمثلة عن معجزات الرسل عليهم السلام.

5- بيان عدد الرسل والأنبياء عليهم السلام.

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
أ- الإيمان بالرسل والأنبياء عليهم السلام من أسس الدين:

إن من أسس العقيدة الإسلامية الإيمان بجميع الرسل والأنبياء عليهم السلام فالمؤمنون يعتقدون إيماناً راسخاً ثابتاً لا يتزعزع بالرسل والأنبياء عليهم السلام وقد وصف القرآن الكريم إيمان المؤمنين: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285].

عدم التفريق بإيماننا بين الرسل أو بين الأنبياء عليهم السلام: فالمؤمن يعلن دائماً أنه لا يفرق بين أحدٍ من رسل الله في ذات الرسالة أو بين أحد من أنبيائه في ذات النبوة، فهو يؤمن بهم جميعاً دون تفريق ويعظمهم جميعاً لأنهم هم المصطفون الأخيار.

والله سبحانه وتعالى يأمر نبينا محمداً صلى الله عليه وسلَّم ويأمرنا معه بذلك في كتابه العزيز: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 84].

اختلاف رتبة الرسل والأنبياء فيما بينهم:

إن الله عزَّ وجلَّ فضلَّ بعض الرسل على بعض، وخصَّ بعضهم بخصائص لم توجد في غيرهم ورفع رتبة بعضهم فوق رتبة الآخرين من الرسل قال الله تبارك وتعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [البقرة: 253].

ب- معنى النبوة والرسالة (أي معنى النبي والرسول):

النبوة: هي اصطفاء الله تعالى إنساناً موصوفاً بالذكورة والحرية بالوحي إليه بواسطة جبريل عليه السلام.

النبي : هو إنسان ذكر حر أوحى الله إليه بواسطة جبريل عليه السلام.

الرسالة : هي تكليف الله نبياً من أنبيائه بتبليغ شريعته للناس.

الرسول: هو النبيُّ المكلَّف من قبل الله تعالى بواسطة جبريل عليه السلام بتبليغ شريعته للناس.

ج- الفرق بين النبوة والرسالة (وبين النبي والرسول):

أولاً: إن الوصف بالرسالة مغاير للوصف بالنبوّة، قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا} [مريم: 51].

فهذا يشعر بتغاير في مفهوميهما، وهو يشهد له عطف أحدهما على الآخر عطف تغاير. وهذا مشاهد في قوله تعالى أيضاً: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحج: 52].

ثانياً: إن النبوة سابقة للرسالة، فلا يتم الاصطفاء بالرسالة إلا لمن تمَّ اصطفاؤه بالنبوة.

وقوله تعالى: {وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الأَوَّلِينَ} [الزخرف: 6] وقوله تعالى:

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: 45-46] فالآيتان تدلان على أن النبوة متحققة أولاً ثم يأتي بعدها الإرسال.

فالنبي يمر في فترة الاصطفاء بالوحي قبل أن يؤمر بالتبليغ فيكون في هذه الفترة نبياً لا رسولاً. فإذا أمر بالتبليغ صار نبياً رسولاً.

وقد عاش محمد صلى الله عليه وسلم الفترتين، فترة النبوة وهي بين بدء الوحي وبين أمر الله له بالتبليغ، وفترة الرسالة التي كلف بها محمد صلى الله عليه وسلم بالتبليغ كانت بعد النبوة فصار نبياً ورسولاً. وهذا في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ} [المدثر:1-2].

ثالثاً: قد نجد الاصطفاء بالنبوة مقتصراً على بعض الأنبياء دون تبليغ لرسالة معينة، فهؤلاء أنبياء لا رسل. فعلى هذا تكون مهمة النبي الذي لم يؤمر بتبليغ رسالة: العمل والفتوى بشريعة رسول سابق له.

وذكر القرآن الكريم قصة نبيٍ لم يذكر في عداد الرسل، وله قصة مع بني إسرائيل من بعد موسى. قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [البقرة: 246].

ويؤيد ذلك أيضاً الأحاديث النبوية التي تفرق بين عدد الأنبياء وعدد الرسل عليهم الصلاة والسلام.

عن أبي ذرٍ الغفاري رضي الله عنه أنه قال: قلت يا رسول الله أي الأنبياء كان أول؟ قال: "آدم". قلت: يا رسول الله، ونبي كان؟ قال: "نعم، نبي مكلم". قلت: يا رسول الله، كم المرسلون؟ قال: "ثلاثمائة وبضعة عشر، جمَّاً غفيراً". رواه أحمد.

وفي رواية أبي أمامة قال أبو ذرٍ. قلت: يا رسول الله، كم وفاء عدة الأنبياء، قال: "مائة ألفٍ وعشرون ألفاً، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جمَّاً غفيراً". رواه أحمد.

خلاصة القضية: أن كلَّ رسول هو نبي، وليس كل نبي هو رسول.

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
د- النبوة فضل وهبة وعطاء من الله سبحانه وتعالى:

النبوة فضل واختيار إلهي، وهي هبة ربانية يهبها لمن يشاء من عباده ويخص بها من يشاء من خلقه، وهي لا تنال بالجهد والتعب والرياضة ولا تدرك بكثرة المجاهدة والطاعات والعبادات وإنما هي بمحض الفضل الإلهي: {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [البقرة: 105].

وهي اصطفاء واختيار من الله تبارك وتعالى لأفضل خلقه وصفوة عباده، فيختارهم الله لحمل الرسالة ويصطفيهم من بين سائر البشر قال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنْ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [الحج: 75].

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 33].

وقال تعالى: {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنْ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ} [ص: 47].

ومما يدلُّ على أن النبوة فضل وهبة من الله سبحانه وتعالى قصة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم مع المشركين، حيث اعترض المشركون من قريش على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم واستغربوا نزولها على يتيم فقير لا يملك أسباب القوة والغنى وليس له من مظاهر السلطان والملك ما يجعله عظيماً في نظرهم.

ورأوا بنظرهم القاصر أن النبوة ينبغي أن تكون لغني عظيم شريف من الكبراء والسادة والعظماء ومن الوجهاء ولكن الله ردّ عليهم بأسلوب مفحم فقال جل ثناؤه: {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ * أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف: 31-32].

فمن حكمة الله أنه قد قسم لكل إنسان رزقه ولكل مخلوق حظَّه من المال، والمال بالنسبة إلى النبوة أمر حقير فكيف يترك الأمر الجليل العظيم وهو الرسالة والنبوة إلى أهواء الناس ونزعاتهم ورغباتهم؟ فهذا الأمر متروك لله سبحانه وتعالى وهو يفعل ما يشاء.

قال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124].

هـ- الفرق بين النبوة والملك:

تختلف النبوة عن الملك والسلطان في عدة نقاط جوهرية:

النقطة الأولى: النبوة لا تكون من طريق الإرث، فهي ليست موروثة بل هي بمحض الفضل الإلهي والاصطفاء الرباني.

قال تعالى: {وَلَقَدْ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [ الدخان: 32 ].

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 33].

أما الملك تجري فيها عادة الإرث، أي أن الابن يرث عن أبيه الملك والحكم في أغلب الأحيان، وهذا ملاحظ في الواقع.

أما قوله تعالى:{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: 16] أي ورث العلم والحكمة لأنه تربى في بيت النبوة فمن البدهي أن يرث هذا الأمر العظيم. ولو تمت الوراثة في هذا الأمر فهي اصطفاء من الله لهذه السلالة الطاهرة.

النقطة الثانية: النبوة لا تعطى إلا لرجل مؤمن فهي لا تعطى لكافر أمَّا الملك والسلطان فقد يعطيان لغير مؤمن: مثل فرعون والنمروذ.

قال الله تعالى حكاية عن فرعون: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الزخرف: 51].

وقال تعالى في شأن النمروذ الذي ادعى الألوهية في زمن إبراهيم عليه السلام:

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 258].

النقطة الثالثة: النبوة خاصة بالرجال ولا تكون للنساء أبداً.

قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].

أمَّا الملك فقد يكون للنساء من طريق التسلط أو غيره، قال تعالى في قصة سليمان مع بلقيس: {إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [النمل: 23]

النقطة الرابعة: النبوة دعوتها الأساسية الإيمان بالله عزّ وجلَّ والإيمان باليوم الآخر، وإيثار الآخرة على الحياة الدنيا الفانية التي يطمع بها كثير من الناس {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185].

أمَّا الملك والسلطان فدعوتهما في الأغلب سياسية وهذا للتمكن على العرش والسيطرة.

والملك والسلطان عادة يدلان على مظهر من مظاهر العظمة الدنيوية وهذا يعارض الخط النبوي الذي جاء بالتزهيد في الحياة الدنيا، فإذا كان الأنبياء يعيشون حياة الملوك ثم يأمرون الناس بالزهد فهل يستمع إلى كلامهم أحد أو يتبعهم أحد. فالداعي إلى الله إذا لم يكن بسيرته قدوة فلن يكون لكلامه أيُّ تأثير.

ربَّ قائل يقول: هذا سليمان بن داود عليهما السلام قد جمع الله له النبوة والملك، والنبوة والملك يتعارضان في خطهما.

الجواب: لا يمنع اجتماع النبوة والملك في شخص واحد، فإنهما يجتمعان في شخص واحد كما حصل بسليمان بن داود عليهما السلام وهذا الأمر قليل ونادر والحكم دائماً للأغلب والأكثر.

قال الله تعالى حكاية عن سليمان عليه السلام: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ * هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [ص: 35-36-37-38-39].

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
و- الفرق بين النبوات والعبقريات (1):

العبقرية هي حالة فكرية متطورة، والعباقرة مصدر علومهم ونظمهم العقل البشري، والعقل قد يخطئ لتفاوت الناس في مداركهم ومفاهيمهم لذا فالعبقري مهما سما في فكره وابتكاره ولكنه عرضة للخطأ والسقطات الخلقية، ولو استعرضنا كل العباقرة في العالم لوجدنا لهم زلاتٍ إما فكرية أو خلقية بسبب عدم عصمتهم عن الخطأ بخلاف الأنبياء عليهم السلام فإن الله سبحانه وتعالى أيدهم بالعصمة، وحفظهم عن الزلات الفكرية والخلقية.

أما الأنبياء، فمصدر علومهم ونظمهم الوحي، والوحي لا يتطرق إليه خطأ.

ز- الفرق بين النبوات والفلسفات:

تعريف للمذهب الفلسفي: إن المذهب الفلسفي هو عبارة عن مجموعة مفاهيم أساسية عن العالم.

والمتأمل في النظريات الفلسفية حول الكون وتكوين النفس الإنسانية وحول الأمور التي تتصل بما وراء المادة يجد أكثرها متناقضة متهافتة، ومخالفة للواقع ويرى أن لا وحدة في وجهات النظر الفلسفية بين الفلاسفة.

والمتأمل في طريق الأنبياء عليهم السلام لا يجد اختلافاً بينهم في الأصول الاعتقادية والأسس العلمية فهو يرى وحدة في المعارف التي أتوا بها، والاعتقادات التي نادوا بالإيمان بها من أمور الغيب.

- والنظريات الفلسفية تعتمد في أمور الغيب ضروباً من الظن والحدس والتخمين، ومعظم استدلالتها خطابي وشعري مما يؤثر على العواطف والأحاسيس ولا يكون بالضرورة صادقاً.

وعلم الأنبياء وما يتعلق بأخبار الغيب وما يرتبط بإصلاح الناس، كالحساب والجنة والنار. لا سبيل إلى إثباته إلا عن طريق المتصلين بعالم الغيب، وهم الرسل والأنبياء عليهم السلام.

حـ- وظيفة الرسل عليهم السلام:

من خلال النصوص القرآنية نستطيع أن نتبين وظائف الرسل عليهم السلام ومن أبرز هذه الوظائف:

أولاً: دعوة الخلق إلى عبادة الله الواحد الذي لا إله غيره، والإيمان بوحدانيته وهذه هي الوظيفة الأساسية والكبرى لمهمة الرسل عليهم السلام.

قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25].

___________________

(1)عبقر : هي قرية تسكنها الجنُّ فيما زعموا، فكلما رأوا شيئاً عجيباً فائقاً غريباً مما يصعب عمله ويَدِقُّ أو شيئاً عظيماً في نفسه نسبوه إليها، فقالوا عبقري

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
هـ- الفرق بين النبوة والملك:

تختلف النبوة عن الملك والسلطان في عدة نقاط جوهرية:

النقطة الأولى: النبوة لا تكون من طريق الإرث، فهي ليست موروثة بل هي بمحض الفضل الإلهي والاصطفاء الرباني.

قال تعالى: {وَلَقَدْ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [ الدخان: 32 ].

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 33].

أما الملك تجري فيها عادة الإرث، أي أن الابن يرث عن أبيه الملك والحكم في أغلب الأحيان، وهذا ملاحظ في الواقع.

أما قوله تعالى:{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل: 16] أي ورث العلم والحكمة لأنه تربى في بيت النبوة فمن البدهي أن يرث هذا الأمر العظيم. ولو تمت الوراثة في هذا الأمر فهي اصطفاء من الله لهذه السلالة الطاهرة.

النقطة الثانية: النبوة لا تعطى إلا لرجل مؤمن فهي لا تعطى لكافر أمَّا الملك والسلطان فقد يعطيان لغير مؤمن: مثل فرعون والنمروذ.

قال الله تعالى حكاية عن فرعون: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الزخرف: 51].

وقال تعالى في شأن النمروذ الذي ادعى الألوهية في زمن إبراهيم عليه السلام:

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 258].

النقطة الثالثة: النبوة خاصة بالرجال ولا تكون للنساء أبداً.

قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].

أمَّا الملك فقد يكون للنساء من طريق التسلط أو غيره، قال تعالى في قصة سليمان مع بلقيس: {إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [النمل: 23]

النقطة الرابعة: النبوة دعوتها الأساسية الإيمان بالله عزّ وجلَّ والإيمان باليوم الآخر، وإيثار الآخرة على الحياة الدنيا الفانية التي يطمع بها كثير من الناس {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185].

أمَّا الملك والسلطان فدعوتهما في الأغلب سياسية وهذا للتمكن على العرش والسيطرة.

والملك والسلطان عادة يدلان على مظهر من مظاهر العظمة الدنيوية وهذا يعارض الخط النبوي الذي جاء بالتزهيد في الحياة الدنيا، فإذا كان الأنبياء يعيشون حياة الملوك ثم يأمرون الناس بالزهد فهل يستمع إلى كلامهم أحد أو يتبعهم أحد. فالداعي إلى الله إذا لم يكن بسيرته قدوة فلن يكون لكلامه أيُّ تأثير.

ربَّ قائل يقول: هذا سليمان بن داود عليهما السلام قد جمع الله له النبوة والملك، والنبوة والملك يتعارضان في خطهما.

الجواب: لا يمنع اجتماع النبوة والملك في شخص واحد، فإنهما يجتمعان في شخص واحد كما حصل بسليمان بن داود عليهما السلام وهذا الأمر قليل ونادر والحكم دائماً للأغلب والأكثر.

قال الله تعالى حكاية عن سليمان عليه السلام: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ * هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [ص: 35-36-37-38-39].



و- الفرق بين النبوات والعبقريات (1):

العبقرية هي حالة فكرية متطورة، والعباقرة مصدر علومهم ونظمهم العقل البشري، والعقل قد يخطئ لتفاوت الناس في مداركهم ومفاهيمهم لذا فالعبقري مهما سما في فكره وابتكاره ولكنه عرضة للخطأ والسقطات الخلقية، ولو استعرضنا كل العباقرة في العالم لوجدنا لهم زلاتٍ إما فكرية أو خلقية بسبب عدم عصمتهم عن الخطأ بخلاف الأنبياء عليهم السلام فإن الله سبحانه وتعالى أيدهم بالعصمة، وحفظهم عن الزلات الفكرية والخلقية.

أما الأنبياء، فمصدر علومهم ونظمهم الوحي، والوحي لا يتطرق إليه خطأ.

ز- الفرق بين النبوات والفلسفات:

تعريف للمذهب الفلسفي: إن المذهب الفلسفي هو عبارة عن مجموعة مفاهيم أساسية عن العالم.

والمتأمل في النظريات الفلسفية حول الكون وتكوين النفس الإنسانية وحول الأمور التي تتصل بما وراء المادة يجد أكثرها متناقضة متهافتة، ومخالفة للواقع ويرى أن لا وحدة في وجهات النظر الفلسفية بين الفلاسفة.

والمتأمل في طريق الأنبياء عليهم السلام لا يجد اختلافاً بينهم في الأصول الاعتقادية والأسس العلمية فهو يرى وحدة في المعارف التي أتوا بها، والاعتقادات التي نادوا بالإيمان بها من أمور الغيب.

- والنظريات الفلسفية تعتمد في أمور الغيب ضروباً من الظن والحدس والتخمين، ومعظم استدلالتها خطابي وشعري مما يؤثر على العواطف والأحاسيس ولا يكون بالضرورة صادقاً.

وعلم الأنبياء وما يتعلق بأخبار الغيب وما يرتبط بإصلاح الناس، كالحساب والجنة والنار. لا سبيل إلى إثباته إلا عن طريق المتصلين بعالم الغيب، وهم الرسل والأنبياء عليهم السلام.

حـ- وظيفة الرسل عليهم السلام:

من خلال النصوص القرآنية نستطيع أن نتبين وظائف الرسل عليهم السلام ومن أبرز هذه الوظائف:

أولاً: دعوة الخلق إلى عبادة الله الواحد الذي لا إله غيره، والإيمان بوحدانيته وهذه هي الوظيفة الأساسية والكبرى لمهمة الرسل عليهم السلام.

قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25].

___________________

(1)عبقر : هي قرية تسكنها الجنُّ فيما زعموا، فكلما رأوا شيئاً عجيباً فائقاً غريباً مما يصعب عمله ويَدِقُّ أو شيئاً عظيماً في نفسه نسبوه إليها، فقالوا عبقري

وقال تعالى:{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [النحل: 36].

ثانياً: تبليغ الشريعة الربانية وأوامر الله عزّ وجلّ ونواهيه إلى البشر. فالشريعة الربانية لابد لها من مبلِّغ، وكان المبلغون للشريعة هم الرسل عليهم السلام الذين هم من البشر.

قال تعالى: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا * الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [الأحزاب: 38- 39].

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 67].

ثالثاً: هداية الناس الذين أرسل إليهم وإرشادهم إلى الصراط المستقيم، وهذه وظيفة مهمة، فالرسول في أمته هادٍ ومعلم لهم ومرشدهم إلى طريق الخير.

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم: 5].

وقال تعالى في شأن خاتم الأنبياء والرسل عليه السلام: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} [الأحزاب: 45-46].

وورد في الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدلّ أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم" من حديث طويل رواه مسلم.

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
رابعاً: توضيح وتبيين معاني ما أنزل على الرسول من نصوص: فالنصوص التي تنزل على الرسل تكون ذات طابع شمولي وعام وتختزن الكليات الدستورية، وكل هذا الأمر بحاجة إلى تبيين وتوضيح، فكان الرسول مبيّناً وشارحاً لتلك النصوص المنزَّلة للناس ولمدلولاتها وإشارتها.

قال الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44].

خامساً: تذكير الناس باليوم الآخر والإيمان به وما يتعلق بما بعد الموت من شدائد وأهوال وتحويل اهتمام الناس من الحياة الفانية إلى الحياة الباقية وهي الآخرة.

قال تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ * ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} [الأنعام: 130-131].

وقال تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ(1) لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 60].

وقال تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [الحديد: 20].

ط- حاجة الناس إلى الرسل عليهم السلام:

تتحقق حاجة الناس إلى الرسل في عدة نقاط:

أولاً: إن الناس بحاجة في إصلاح أفرادهم ومجتمعاتهم إلى مصلح مثالي يكون أسوة حسنة. وشخصية المصلح المثالي تتوفر فيها: صفة القدوة الحسنة والعصمة من الخطأ والزلل في المبادئ والعلوم والأخلاق والأعمال.

وهذه الصفات لا تتوافر إلا في رسول معصوم مؤيد من عند الله بالمعجزات، ولذلك كان الناس بحاجة إلى قادة من الرسل يتحلون بتلك الصفات، ويكونون أسوة حسنة لجميع الناس، ولذلك أختار الله عز وجل الرسل ليكونوا نموذجاً للكمال وعنواناً للضياء وعنواناً للفضل وحملة لمشعل النور والضياء ولرفع مستوى الحضارة الإنسانية، اجتباهم الله ليكونوا هداةً مصلحين واصطفاهم على علمه ورعاهم رعاية كاملة وشرفهم بأكمل الأوصاف.

قال تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} [الأنعام: 89-90].

ثانياً: إن الناس لا يمكنهم التوصل إلى جميع الخيرات والفضائل الإنسانية والكمالات الخلقية، ويتفقوا عليها، لأن عوامل الغرائز والشهوات والأهواء والأنانيات تصرفهم عن الحقّ والخير، فتزين لهم الباطل والشر بل يتحول الحكم فيصير الحق باطلاً والباطل حقاً، والعدل ظلماً، والظلم عدلاً. فلذلك أرسل الله الرسل ليقوموا بالعدل ويأمروا بفعل الخيرات وإقامة العبادة البدنية والمالية لله الواحد القهار.

_________________________

(1) أي الحياة الحقيقية.

قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25].

ثالثاً: إن الله سبحانه وتعالى خلق الناس ليبلوهم أيهم أحسن عملاً، قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 1-2].

ولو لم يرسل الله رسلاً مبشرين ومنذرين لكان عند الناس حجة يوم القيامة وعذر لدى محاسبتهم على كفرهم وطغيانهم ومخالفاتهم بأنه لم يرسل إليهم رسل ينبهونهم ويحذرونهم هذا اليوم الخطير الذي يفرّ فيه المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبينه، وبأنه لم يأت رسلٌ يبينون لهم الفضائل وطريق الخير والعمل الصالح.

ولذلك قال تعالى: {رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لأَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 165].

وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} [طه: 134].

ي- الحكمة في إرسال الرسل عليهم السلام:

أرسل الله سبحانه وتعالى الرسل عليهم السلام إلى الناس لحِكَم أرادها فمن هذه الحكم:

أولاً: أرسل الله عزَّ وجلَّ الرسل عليهم السلام لدعوة الناس إلى عبادة الله وحده والكفر بما يُعَبد من دونه وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25].

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ (1)} [النحل: 36].

وقال جل شأنه: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَانِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف: 45].

ثانياً: بعث الله تعالى الرسل عليهم السلام لينقذوا الناس من الاختلاف في أصول حياتهم وليدلوهم إلى الحق الذي يريده خالقهم.

قال الله سبحانه وتعالى: {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل: 64].

_________________________________

(1) كل معبود باطل يعبد من دون الله وكل داع إلى ضلاله.

ثالثاً: بعث الله تعالى الرسل عليهم السلام لتعليم الناس الأعمال الصالحة ولتزكية نفوسهم وتطهيرها من الأدناس ولغرس الخير والصلاح فيها.

قال الله تبارك وتعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2].

رابعاً: أرسلوا عليهم السلام لإقامة الدين وللحفاظ عليه، وللنهي عن التفرق فيه وللحكم بما أنزل الله، قال الله تبارك وتعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: 13].

وقال جلّ ثناؤه: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105].

خامساً: بُعثوا لإعطاء القدوة والأسوة الحسنة للناس في السلوك والأخلاق الحميدة والطريق المستقيم على هدى الله.

قال الله تعالى في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ(1) لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].

سادساً: أرسلهم الله تعالى ليبشروا المؤمنين بما أعدَّ لهم من النعيم الدائم جزاءً لطاعتهم، ولينذروا الكافرين بعواقب كفرهم وإقامة الحجة على الناس من ربهم وإسقاط كلِّ عذر. قال الله تبارك ا وتعالى: {رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لأَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 165].

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
2- مزايا دعوة الأنبياء عليهم السلام

أ- المزية الأولى: دعوة الأنبياء عليهم السلام ربانية:

إن أوّل وأهم ما يمتاز به الأنبياء عليهم السلام العقيدة التي يدعون إليها، ودعوتهم التي يقومون بها، فهي لا تنبع من ذكائهم أو حميتهم أو تألمهم من الواقع المزري الذي يعيشون فيه، أو من شعورهم الحساس، وقلبهم الرقيق الفياض أو تجاربهم الواسعة الحكيمة، إنما مصدره الوحي والرسالة التي يصطفون لها، ويكرمون بها .. فلا يقاسون أبداً على الحكماء أو الزعماء أو المصلحين وجميع أصناف القادة الذين جربتهم البشرية، والذين هم نتيجة بيئتهم وغرس حكمتهم، وصدى محيطهم ورد فعل لما كان يجيش به مجتمعهم من فساد وفوضى، وقد بيَّن القرآن الكريم ذلك على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [يونس: 16]، {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52].

ويقول القرآن الكريم عن طبيعة الرسالة التي يختار لها الرسل وعن مبدئها ومصدرها: {يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاتَّقُونِ} [النحل: 2].

لذلك لا يخضع الرسول لعوامل نفسية داخلية، أو حوادث وقتية خارجية ولا يدير رسالته حيث دارت الأحوال والأوضاع وشاء المجتمع، وقد قال الله تعالى عن رسوله الكريم: {وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3-4].

والنبي لا يستطيع أن يحدث تغييراً أو تبديلاً أو تحويراً أو تعديلاً في أحكام الله وأوامره وقد قال الله تعالى لرسوله: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [يونس: 15].

وهذه هي السمة الفاصلة الأساسية المميزة بين الأنبياء صلوات الله عليهم وبين القادة والزعماء الذين تكون رسالتهم وكفاحهم نتاج بيئتهم وثقافتهم ومشاعرهم، والذين يلاحظون دائماً البيئة والمجتمع والظروف والأحوال ويراعون مصالحهم ومنافعهم.

فدعوة الأنبياء ربانية أي بوحي وتكليف من الله عزّ وجل، فليست هي نابعة من نفوسهم وليست نتيجة للعوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تكون في عصرهم وإنما هي اتباع لوحي من الله سبحانه وتعالى: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ}

ب- المزية الثانية: دعوة الأنبياء خالصة لله تعالى:

إن عنصر التجرد عن الغرض الشخصي في دعوة الأنبياء عليهم السلام من أهم المزايا المؤثرة التي تجعل المنصفين يستجيبون لها ويتأثرون بكلام الأنبياء عليهم السلام ونصحهم وتوجيههم.

فالأنبياء عليهم السلام لا يطلبون أجراً من أحد، ولا يقبلون على تبليغ الرسالة ثمناً من أي شخص إنما يطلبون الأجر والثواب من الله الذي فطرهم وخلقهم ومنَّ عليهم.

وكان شعارهم وإعلانهم وقرارهم بكل وضوح وجلاء وعلانية أن دعوتهم لم تكن من أجل الدنيا أو المال أو المنصب أو الجاه إنما هي لله خالصة، لا يبتغون من غير الله أجراً، فهم في دعوتهم لا يطلبون ثناء ولا مديحاً إنما يقصدون ثواب الآخرة ورضاء الله تبارك وتعالى.

وانظر إلى خطابهم لقومهم في القرآن الكريم {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} [الأنعام: 90]. {يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ} [هود: 51]. {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا} [الفرقان: 57].

{قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86]. {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 109- 127-145-164-180]. {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 72].

ج- المزية الثالثة: تصحيح العقيدة وإخلاص الدين لله وإفراد العبادة لله جلَّ وعزّ:

إن الأنبياء عليهم السلام كان أول هدفهم وأول دعوتهم في كل زمان، وفي كل مكان، وفي كلِّ بيئة هو تصحيح العقيدة في الله سبحانه وتعالى، وتصحيح الصلة بين العبد وربه والدعوة إلى إخلاص الدين وإفراد العبادة لله وحده، وأنه هو النافع والضار المستحق وحده للعبادة والدعاء والالتجاء والتنسك(1).

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
وكانت حملتهم مركزة وموجهة إلى الوثنية القائمة في عصورهم، الممثلة بصورة واضحة في عبادة الأوثان والأصنام، والصالحين والمقدسين من الأحياء والأموات الذي كان يعتقد أهل الجاهلية أن الله قد خلع عليهم لباس الشرف، وجعلهم متصرفين في الأمور. فلذا أرسل الله جميع الرسل بهذه الدعوة الكريمة وهي دعوة التوحيد وإخلاص النية والعمل له تعالى عن طريق إفراده بالعبادة.

قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25] {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5].

د- المزية الرابعة : البساطة في الدعوة وعدم التكلف:

إن التعقيد والتكلف بعيدان عن منهج الأنبياء عليهم السلام، والبساطة مزية واضحة في دعوة جميع الأنبياء، فهم يسيرون على منهج الفطرة ويخاطبون الناس على قدر عقولهم، فلا يتكلفون ولا يتشدقون بخطاباتهم ولا يتصنعون، والقرآن الكريم يقرر هذه الحقيقة. {وَمَا أَنَا مِنْ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86].

_________________

(1) النسك : العبادة.

وقال عليه الصلاة والسلام في ذلك: "نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم".

فالأسلوب الفطري الذي اتبعه الأنبياء هو أنجح أسلوب لأنه بعيد عن الأساليب الصناعية والمناهج الكلامية والأمور العويصة.

ومن تأمل الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية يجدها لا تشفي العليل ولا تروي الغليل.

وأقرب طريق إلى الحقيقة وخير طريق هو القرآن الكريم، أن أدلته كالماء الذي ينتفع به الصبي والرضيع والرجل القوي والرجل الضعيف، وسائر الأدلة كالأطعمة التي ينتفع بها الأقوياء مّرة ويمرضون بها أخرى، ولا ينتفع بها الصبيان أصلاً.

وأسلوب القرآن خالٍ من التعقيد والتكلف، وكان الله تعالى يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو إلى أفضل أسلوب وأنجح طريق: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125].

هـ- المزية الخامسة: وضوح الهدف والغاية في دعوة الأنبياء عليهم السلام:

إن الأنبياء عليهم السلام دعوا الناس إلى رسالة ربانية ذات هدف واضح وغاية نبيلة، وهم في دعوتهم لا يسلكون الطرق الملتوية والأساليب الاحتيالية التي تخفي وراءها الهدف والغرض من تلك الدعوة كما هو الحال عند بعض الساسة أو القادة أو الزعماء الذين لا يوضحون قصدهم ولا غرضهم ولا هدفهم حيث يبقى غامضاً، أما الأنبياء فدعوتهم لا غموض فيها ولا لبس.

قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108].

وقال عليه الصلاة والسلام: "تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك".

ز- المزية السادسة: الزهد في الدنيا وإيثار الآخرة على الحياة الدنيا:

دعوة الرسل إلى الآخرة وإيثارها على الدنيا، والاستهانة بقيمتها ومتاعها، لم تكن دعوة باللسان فقط، بل كان ذلك مبدأ ومنهاجاً لحياتهم، فكانوا زاهدين في الدنيا، مقبلين على الآخرة، قد زهدوا في المناصب الكبيرة والمراكز الخطيرة، وضحوا بها في سبيل دعوتهم.

وحياة النبي صلى الله عليه وسلم ومعيشته وحياة أهل بيته معروفة في التاريخ والسيرة النبوية، فهي تثير العجب، وتسحر النفوس، وتملأ القلوب عظمة ومهابة وتنصب للدعاة والسائرين على منهاج النبوة مناراً عالياً من نور.

وكان الشعار الدائم لمعيشة الرسول صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة".

والزهد مزية ملازمة لدعوة الأنبياء عليهم السلام، فليس غرضهم الاستمتاع بزينة الحياة الدنيا وزخرفتها، فكان الأنبياء عليهم السلام يعيشون في شظف من العيش وفي شدة الضيق، مع أنهم كانوا قادرين أن يتنعموا في الدنيا وان يتلذذوا بها وأن يعيشوا فيها عيشة الأغنياء والزعماء، ولكنهم آثروا الحياة الآخرة الباقية على الحياة الدنيا الفانية {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَ} [القصص: 60] {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ للأبرار} [آل عمران: 198].

وكان الله سبحانه وتعالى يعلِّم نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم إلى عدم الافتتان بالحياة الدنيا فيقول: {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 131].

وحين طلب أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يوسع ويزيد عليهن في النفقة، ويعاملهن كبقية النساء اللواتي يعشن في رغد من الدنيا وفي بحبوحة من النعيم، خُيِّرن بين البقاء مع الرسول صلى الله عليه وسلم على الحالة المعهودة أو الفراق بينه وبينهن.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 28-29].

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
الإيمان باليوم الآخر



1- وجوب الإيمان باليوم الآخر.

2- ثمرة الإيمان باليوم الآخر.

3- أشراط الساعة وعلاماتها.

4- الموت وحقيقته.

5- البرزج وعذاب القبر ونعيمه، وسؤال الملكين.

6- البعث.

7- الحشر.

8- العرض.

9- السؤال.

10- أخذ كتب الأعمال.

11- الحساب.

12- موقف الشهادات.

13- الميزان.

14- الصراط.

15- الشفاعة.

16- الحوض.

17- الجنة والنار.

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
1- وجوب الإيمان باليوم الآخر:

الإيمان باليوم الآخر من أسس الإيمان يجب التصديق به، ويدخل في ذلك: الإيمان بأشراط الساعة وأماراتها التي تكون قبلها وبالموت وما بعدهُ من فتنة القبر وعذابه ونعيمه، وبالنفخ في الصور وخروج الخلائق من القبور، وما في موقف القيامة من الأهوال والأفزاع، والحشر والنشر ووضع الموازين وبالصراط، والحوض، والشفاعة لمن أذن الله له وبالجنة ونعيمها وبالنار وعذابها وغير ذلك من الأمور التي ورد ذكرها في القرآن الكريم أو في الصحيح من السنة النبوية المطهرة.

قال الله تعالى: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ(1) هُدًى(2) لِلْمُتَّقِينَ(3) * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ} [لبقرة: 1-5].

وقال تعالى:{وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [الحج: 7].

وقال تعالى: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} [الذاريات: 5-6].

2- ثمرة الإيمان باليوم الآخر:

الإيمان باليوم الآخر يجعل للإنسان غايةً سامية وعالية، وهذه الغاية هي فعل الخيرات، وترك المنكرات، والتحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل الضارة بالدين والنفس والمال والأعراض والعقل.

3- الساعة:

أ- وقت الساعة:

إن وقت الساعة أي يوم القيامة من الأمور الغيبية وقد أخفاها الله عن عباده لحكمة يعلمها فلا سبيل إلى معرفة وقتها فلا يعلمها إلا الله تعالى.

قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا(4) قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا(5) لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً} [الأعراف: 187].



____________________

(1) لا شك في أنه حق من عند الله.

(2) هادٍ.

(3) الذين اجتنبوا المعاصي وأدوا الفرائض فوقوا أنفسهم العذاب.

(4) متى إثباتها ووقوعها؟

(5) لا يُظهرها ولا يكشف عنها.

ب- قرب الساعة:

وقد أخبر الله عن قرب الساعة قال الله تعالى: {اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: 1-2].

وانشقاق القمر هو معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث إن أهل مكة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر مرتين.

وقال الله تعالى: {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنْ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} [الأحزاب: 63].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت أنا والساعة كهاتين" مشيراً بإصبعيه: السبابة والوسطى. رواه البخاري ومسلم

ج- وللساعة أشراط وعلامات، قال الله تعالى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا(1) فَأَنَّى لَهُمْ(2) إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ(3)} [محمد: 18].

وقد وردت الأشراط والعلامات في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ما قد ظهر ورأيناه ومنها لم يَحصل بعد وستظهر لا محالة في ذلك.

فمن العلامات التي أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم:

1- كثرة الزنا وكثرة شرب الخمر:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم(4) ويكثر الجهل(5)، ويكثر الزنا ويكثر الخمر" رواه البخاري ومسلم.

وقال عليه الصلاة والسلام: "إن ناساً من أمتي يشربون الخمر ويسمونها بغير اسمها" رواه الحاكم في مستدركه.

وقد رأينا من يشرب الخمر ويقول هذه بيرة ليست خمراً أو أسماء أخرى كالويسكي والشمبانيا وغيرها كثير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وقال عليه الصلاة والسلام: "لا تقوم الساعة حتى توجد المرأة نهاراً تنكح وسط الطريق، لا ينكر ذلك أحدٌ، فيكون أمثلهم يومئذ الذي يقول لو نحيتها عن الطريق قليلاً" رواه الحاكم.

وهذا الأمر مشاهد في أمريكا وأوروبا أعاذنا الله من ذلك.

_________________

(1) علاماتها.

(2) فكيف لهم أو من أين لهم؟

(3) تذكرُهم واضيعوا من طاعة الله.

(4) رفع العلم يكون بموت العلماء.

(5) الجهل بالدين.

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
2- تبرج النساء:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة(1) البخت(2) المائلة، لا يدخلون الجنة، ولا يجدون ريحها وإن ريحا لتوجد من مسيرة كذا وكذا". رواه مسلم

وقد وجد هذا في كثير من البلاد حيث إن النساء يلبسن الثياب الضيقة التي تجعل تفاصيل جسم المرأة ظاهرة، وكأنها عارية، والثياب الشفافة التي يظهر ما تحتها وكأنهن لم يلبسن شيئاً، ووجدنا النساء يلبسن الثياب في المنازل ويتحللن منها في شواطئ البحر إلا من قطع صغيرة على الفرج والثديين، أو على الفرج وحده، وحيث يصففن شعورهن ويجملنها ويضعن المثبت فترى شعورهن كأسنمة الجمال تميل يمنة ويسرة، وقد وضعوا لهن في أحذيتهن كعوباً عالية لاستكمال الميل في الأجسام، وهن بهذا الميل مميلات لكثير من الشباب مضلات لهم بفتنتهن المعروضة.

فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "كاسيات عاريات" لقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

3- تشبه النساء بالرجال وتشبه الرجال بالنساء:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اقتراب الساعة تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال". رواه أبو نعيم في الحلية

ولقد فاجأنا الزمان بهذه المصيبة حيث إن الرجل يتشبه بالمرأة فيضع الحلي والقراريط كما تضع ذلك المرأة، وتتشبه المرأة بالرجل من حيث اللباس وقصات الشعر، وغير ذلك كما هو مشاهد في عصرنا. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

4- التعامل بالربا وانتشاره:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليأتين على الناس زمان لا يبقى منهم أحد إلا أكل الربا فمن لم يأكله أصابه من غباره". رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم.

واليوم في زماننا نشاهد أكبر عملية انتشار للربا بواسطة البنوك الربوية التي تعتبر مؤسسات عالمية ضخمة تعمل على نشر المشروع الربوي في كل العالم، ومهما احترز المؤمن عن التعامل بالربا اليوم فإنه سيناله نصيب منه ولو قليلاً.

________________________

(1) السنام : وهو ظهر الجمل أي حَدَبَتُهُ.

(2) الجِمَال.

5- قبض العلم، وكثرة الزلازل، وتقارب الزمان، وظهور الفتن وإطالة البناء:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان وتظهر الفتن، وحتى يتطاول الناس في البنيان". رواه البخاري.

فإن قبض العلم يكون بقبض العلماء وعدم وجود من يخلف العلماء الربانيين الذين هم علماء الأمة الإسلامية، وهذا واضح وجلي في زماننا.

ومما نشعر به ونسمع عنه اليوم كثرة الزلازل في شتى المناطق العالمية في أمريكا، في أوروبا، في البلاد العربية وغيرها، وهذا من علامات قرب الساعة، أعاذنا الله من ذلك.

وتقارب الزمن، وهو أن الأيام تمر بسرعة، وكأنها ساعات قليلة وهذا ما يلاحظه كل شخص يعيش في عصر التطور والتكنولوجيا، وهذا يعود إلى كثرة آلات اللهو المتنوعة والتفنن في اختراع أجهزة مسلية وابتكار أساليب للترفيه.

وعوامل الضغط الاقتصادي التي تجعل الإنسان حركة آلية يعمل وقتاً طويلاً لاكتساب لقمة عيشه فلا يشعر بالوقت إلا وهو ذاهب.

وظهور الفتن والمعنى أن الفتن تكثر، في محيطنا اليوم نشاهد كثرة الفتن التي تفتِن الإنسان عن دينه، فيصبح المرء مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، فالإنسان يتعرض لإغراءات كثيرة منها إغراءات فكرية فاسدة فينزلق في المتاهات الفكرية فيبتعد عن دينه فيفتن، وهذا ما نلحظه في العصر الحديث من وجود أفكار ونظريات كثيرة الشيوعية وداروينية وغير ذلك، وفتن بها الكثير من الناس، وراح ضحية هذه الأفكار والنظريات أجيال من الشباب وما ثبت بوجه ذلك إلا من تسلح بالإيمان والعلم.

وإطالة البناء: وهو علامة عن قرب الساعة فنجد أبنية شاهقة تتألف من طبقات وتسمى ناطحات السحاب وورد أيضاً: "لا تقوم الساعة حتى يبني الناس بيوتاً يوشونها وشيء المراجيل(1)" رواه البخاري في الأدب المفرد. أي يزينون بيوتهم تزييناً كما تزين الثياب المخططة.

6- تسليم الخاصة وفشو(2) التجارة وقطع الأرحام وانتشار الكتابة والطباعة وشهادة الزور.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة وقطع الأرحام. وفشو القلم، وظهور الشهادة بالزور وكتمان شهادة الحق". رواه البخاري

_____________

(1) الثياب المخططة.

(2) انتشار.

فاليوم يخص الإنسان بالسلام من يريد وهذا دليل على مجتمع يغلب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة.

والمسلَّم ينبغي أن يسلم على من عرف ومن لم يعرف كما ورد في الحديث الذي رواه البخاري: "أقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف".

ونرى في عصرنا انتشار أشكال التجارة بشكل مذهل وعجيب، وإعانة المرأة لزوجها في ذلك بسبب الضائقة الاقتصادية.

ونشاهد في زماننا قطيعة الأرحام منتشرة في العائلة الواحدة لسبب التخاصم والتشاحن. وكذلك انتشار الطباعة، والكتابة بطريقة متطورة فآلاف الكتب تطبع بوقت يسير، وهذا معنى فشو القلم.

والمشاهد اليوم ظهور شهادة الزور وكتمان شهادة الحق في المحاكم القضائية بسبب عدم الالتزام بدين الله تعالى وعدم المخافة منه عزَّ وجلَّ.

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
7- كثرة ولد الزنا والتحية بالتلاعن:

قال رسول الله عليه وسلم: "لا تزال الأمة على شريعة حسنة ما لم تظهر فيهم ثلاث ما لم يقبض منهم العلم، ويكثر فيهم ولد الخُبْث(1)، ويظهر فيهم السَّقَّارون" قالوا: وما السقَّارون؟ قال: "نشأ يكونون في آخر الزمان تكون تحيتهم بينهم إذا تلاقوا التلاعن". رواه أحمد والحاكم والطبراني.

فكثرة ولد الزنا لأن الزنا قد كثر في هذا الزمان الذي تحَّدث عنه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وتتفاقم نسبة ولد الزنا في الدول الأوروبية والأميركية، وهي أنقص في البلاد الإسلامية.

وظهر في زماننا من يحيي غيره باللعن والشتم بدل أن يحييه بتحية الإسلام الذي يأمر بالتحية الحسنة والردِّ الأحسن. قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} [النساء: 86].

8- حديث السباع ونطق الجماد:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تُكلم السباعُ الإنسانَ، وحتى تكلم الرجلَ عذبةُ سوطه، وشراك نعله وتخبره بما أحدث أهله من بعده". رواه الترمذي وقال: حسن غريب والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ورواه أحمد في مسنده.

وقال عليه الصلاة والسلام: "إنها أمارات من أمارات بين يدي الساعة أو شك الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى يحدثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهله من بعده". رواه أحمد.

__________________

(1) ولد الزنا.



ما كان أحدٌ يتصور أن الجماد ينطق، فقد اخترعت اليوم أجهزة يحملها الإنسان في يده فتنقل له الأصوات والكلام من بيته أو بيت غيره، وتتشكل هذه الأجهزة بأشكال مختلفة وخاصة الأجهزة الدقيقة المعدّة للتنصت، فيمكن تركيبها في طرف عصا أو في مكان ما كالحذاء بحيث لا تُرى.

وأما حديث السباع، ففي زماننا نرى حيوانات السيرك تأتي بالغرائب وكأنها تتكلم مع الإنسان فتفهم عليه، وكذلك الكلاب البوليسية التي تكشف مخابئ المخدرات، فتظهر براعتها يعجز عنها الإنسان، وتساعد الشرطة على اكتشاف الجرائم، وكل ذلك من طريق تعليمها والتكلم معها. فلعل هذا المعنى مقصود في الحديث، والمستقبل متسع لما هو أكبر ليظهر مصداقية الحديث أكثر فأكثر.

9- الموت بالسكتة القلبية:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اقتراب الساعة موت الفجاءة" رواه ابن أبي شيبة.

وفي عصرنا يكثر الموت الفجائي، وهو السكته القلبية، وهو مرض من أمراض المدنية الحديثة لم يكن شائعاً في المجتمعات السابقة.

10- تربية الكلاب وكراهة الأولاد:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اقترب الزمان يربي الرجل جرواً خير له من أن يربي ولداً له". رواه الطبراني والحاكم.

وهذا نراه في أمريكا والدول الأوروبية، فبعض الناس هناك يفضلون تربية الحيوانات وخاصة الكلاب لوفائها على أن يربوا ولداً لهم من صلبهم.

11- المواصلات الحديثة:

1ً- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على السروج كأشباه الرجال ينزلون أبواب المساجد". رواه أحمد والحاكم.

2ً- وقال عليه الصلاة والسلام: "ولتتركن القلاص(1) فلا يسعى عليها". رواه مسلم.

فقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ترك استخدام الجمال للتنقل وحمل الأمتعة فقوله: "ولتتركن القلاص فلا يسعى عليها".

ومعلوم أن عدم استخدام الجمال مع وجودها إنما يكون لسبب وجود وسيلة أحسن وليس هناك من الحيوانات ما هو أقدر من الجمال على السفر في الصحراء لأن الجمل كما يقال سفينة الصحراء.

والحديث الأول يصف أن الركوب على السروج لا على الجمال أو الخيول أو غيرها من الحيوانات، إنا نجد الوصف ينطبق اليوم على السيارات ذات المقاعد التي تشبه السروج العظيمة والتي يركب الناس عليها إلى أبواب المساجد.

ومما يدلُّ على ذلك قوله صلى الله عليه وسلَّم: "لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان وتزوى الأرض زياً" رواه الطبراني أي تطوى ويضم بعضها إلى بعض.

12- كثرة القتل:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب وتتقارب الأسواق، ويتقارب الزمان، ويكثر الهرج، قيل: وما الهرج؟ قال: القتل". رواه أحمد.

13- اختلاف الأخوة في الدين:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تتباكى القلوب، وتختلف الأقاويل، ويختلف الأخوان من الأب والأم في الدين". رواه الدَّيلمي.

14- حسن القول وسوء العمل:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه يكون في أمتي اختلاف وفُرقة، وقوم يحسنون القول ويسيئون العمل". رواه أبو داود والحاكم في مستدركه.

15- كثرة النساء وقلة الرجال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويكثر الجهل ويكثر الزنى، ويكثر شرب الخمر، ويقلَّ الرجل وتكثر النساء، حتى يكون لخمسين امرأة القيِّمُ الواحد". رواه البخاري ومسلم.

16- تضييع الأمانة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحدث إذ جاء أعرابي، فقال: متى الساعة؟ قال: "إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة" قال: كيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة". رواه البخاري

__________

(1) الجِمال.

17- مقاتلة المسلمين اليهود:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر أو الشجر، فيقول: الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد(1) فإنه من شجر اليهود". رواه البخاري ومسلم.

18- استخراج الكفار للمعادن:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستكون معادن يحضرها شرار الناس". رواه أحمد.

19- كثرة المال وفيضه وعودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض، حتى يُخرج الرجل زكاة ماله فلا يجد أحداً يقبلها منه، وحتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً". رواه مسلم

- وقد ثبتت الإمارات الكبرى في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال: اطَّلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: "ما تذكرون؟" قالوا: نذكر الساعة، قال: "إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات: فذكر الدخان، والدَّجَّال، والدابة وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم". رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه.

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
ومن العلامات الكبرى اليقينية:

1- الدجَّال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلَّم الدجَّال فقال: "إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم.

إنه شاب قطط(2)، عينه طافئة، كأني أشبهه بعبد العزَّى بن قَطَن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه بفواتح سورة الكهف فإنها جواركم من فتنته، إنه خارج خَلَّة(3) بين الشام والعراق، فعاث يميناً، وعاث شمالاً، يا عباد الله فاثبتوا فقلنا: يا رسول الله، وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره. قلنا: يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرت الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء

(1) هو شجر له شوك.

(2) شديد جعودة الرأس.

(3) طريقاً.

فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذُرَى(1) وأسبغه(2) ضروعاً، وأمدّه خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم، فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين(3) ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمرّ بالخَرِبَةِ، فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسب النحل، ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً، فيضربه بالسيف فيقطعه جِزْلتين(4) ثم رمية الغرض(5)، ثم يدعوه، فيقبل ويتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مُهرودتين(6) واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدَّر منه جُمان كاللؤلؤ(7) فلا يحل لكافر يجد ريح نَفَسِه إلا مات. ونَفَسُه ينتهي حيث ينتهي طرْفُه، فيطلبه حى يدركه بباب لُدِّ(8)، فيقتله ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم، ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحدٍ يقاتلهم، فأحرِّزْ عبادي إلى الطور(9).

ويبعث الله يأجوج ومأجوج، وهم من كل حَدَب ينسلون، فيمرُّ أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم، فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماءً!! ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر(10)، فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض، هلمَّ فلنقتلْ من في السماء، فيرمون بنُشَّابهم إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دماً!! ويُحصر نبي الله وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغب نبي الله عيسى، وأصحابه نقص أنوف الإبل والغنم في رقابهم فيصبحون فرسى(11) كموت نفس واحدة.

ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه رهمُهم(12) ونَتْنهم.

فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسلُ الله طيراً كأعناق البخت(13) فتحملهم،فتطرحهم حيث شاء الله.

________________

(1) جمع ذُروة.

(2) أطوله.

(3) مجدين.

(4) قطعيتين.

(5) مقدار رمية السهم إلى الهدف.

(6) بين ثوبين فيهما صفرة خفيفة.

(7) حبات كاللؤلؤ بصفاتها.

(8) بلدة في فلسطين قريبة من بيت المقدس.

(9) اذهب بهم إلى الطور ليكون لهم حرزاً.

(10) جبل بيت المقدس.

(11) قتلى.

(12) رسمهم.

(13) نوع من أنواع الإبل طوال الأعناق.



ثم يرسل الله مطراً لا يكُنُّ منه بيت مدّر ولا وَبَر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزَّلفة(1).

ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك، وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصَابة(2) من الرُّمانة، ويستظلون بقحِفِها، ويبارك في الرَّسل(3) حتى إن اللَقَحة من الإبل(4) لتكفي الفئام(5) من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس.

فبينما هم كذلك، إذ بعث الله ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحُمُر(6) فعليهم تقوم الساعة". رواه مسلم

والدجَّال لقب لهذا الرجل، لُقِب به لشدة كذبه وتدجيله، ولقدرته العجيبة الخارقة على تغطية الحق بالباطل، وهو رجلٌ يهودي، ولا يولد له ولد وإن الله حرم عليه دخول مكة.

عن أبي سعيد الخدري قال: قال لي ابن صائد - واسمه صاف، يهودي الأصل يمارس الكهانة، كان يشاع في المدينة أنه ربما كان هو الدجال -: ما لي وما لكم يا أصحاب محمد، ألم يقل نبي الله صلى الله عليه وسلم إنه يهودي وقد أسلمت، وقال لا يولد له وقد ولد لي، وقال إن الله حرم عليه مكة وقد حججتُ، قال فما زال حتى كاد أن يأخذ في قوله. رواه مسلم

والدجال يدعي الألوهية ومعه خوارق، وقد حذَّر الرسول الله صلى الله عليه وسلم منه ومن فتنته العظيمة.

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله، ثم ذكر الدجال، فقال: "لأنذركموه وما من نبي إلا وقد أنذر قومه، ولكني سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبي لقومه، إنه أعور، وإن الله ليس بأعور". رواه البخاري ومسلم

عن حذيفة أن عقبة قال له: حدثني ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدجال، فقال: إن الدجال يخرج وإن معه ماءً وناراً، فأمَّا الذي يراه الناس ماءً فنار تحرق، وأما الذي يراه الناس ناراً فماء بارد عذب، فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه ناراً، فإنه عذب طيب.

فقال عقبة: وأنا قد سمعته، تصديقاً لحذيفة.

ويكون هلاك الدجال على يد المسيح عيسى ابن مريم بعد نزوله من السماء انظر الحديث الأول في الدجَّال عن النواس بن سمعان.

________________

(1) كالمرآة.

(3) الجماعة.

(3) الحليب.

(4) الناقة الحلوب.

(5) الجماعة الكثيرة.

(6) الحمير.

2- نزول عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء:

ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء إلى الأرض فيمكث في الأرض مدة من الزمن فيقتل الدجَّال، ويقيم على الأرض دعائم العقيدة الإسلامية التي بعث الأنبياء كلهم لإقامتها، وينفذ الشريعة الإسلامية التي جاء بها محمد رسول الله خاتم النبيين والمرسلين ولا يوحى إليه بشرع جديد.

قال الله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 157 - 158].

فالآيات تقرر بطلان دعوى اليهود من قتل عيسى ابن مريم وصلبه بل الأمر بخلاف ما ادعوه. فإنما شبه لهم فقتلوا الشبه وهم لا يتبينون ذلك، ثم إن الله تعالى رفعه إلى السماء وإنه باقٍ حي، وإنه سينزل قبل يوم القيامة كما دلت عليه الأحاديث المتواترة، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية يعني لا يقبلها من أحدٍ من أهل الأديان بل لا يقبل إلا الإسلام أو السيف أي القتال، فتخبر الآية {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159] أنه لا يبقى أحدٌ من أهل الكتاب بعد نزول عيسى ابن مريم عليه السلام إلا آمن به قبل موته عليه السلام، فلا يتخلف عن التصديق به واحد منهم.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده ليوشِكنَّ(1) أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة خيراً من الدنيا وما فيها" ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: "اقرؤوا إن شئتم": {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء : 159] رواه البخاري في صحيحه.

وقال تعالى: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ(2) * وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلا جَدَلا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ(3) (58)إِنْ هُوَ إِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ * وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ(4) لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} [الزخرف: 57 -61].

(1) لقد قرب.

(2) من أجله يضجون ويصيحون فرحاً.

(3) شداد الخصومة بالباطل.

(4) آية وعبرة.

ففي الآية الأخيرة {وإنه لعلم للساعة} إشارة إلى نزوله عليه السلام من السماء في آخر الزمان أنه من أمارات الساعة وعلامات قرب وقوعها، ولا يكون ذلك إلا بنزوله عليه السلام كما بينته الأحاديث المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
3- ظهور يأجوج ومأجوج:

قال الله تعالى في شأن يأجوج ومأجوج: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا(1) عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا(2) * قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا(3) * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ(4) حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ(5) قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا(6) * فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ(7) وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا(8) * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ(9) وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا * وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ(10) فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ(11) فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا} [الكهف:94-99].

وقال الله تعالى في شأنهم أيضاً:{ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ(12) يَنسِلُونَ(13) * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ(14) فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ(15) الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ} [الأنبياء: 96- 97].

إن يأجوج ومأجوج كلمتان عبَّر القرآن بهما عن أمة كبيرة من الناس تخرج من مكان ما من الأرض تنشر الفساد والدمار والخراب فيها على طريقة مذهلة مرعبة.

وخروج يأجوج ومأجوج من العلامات الكبرى لاقتراب الساعة، لا يعلم هذا الخروج إلا الله عزَّ وجلَّ.

__________________________

(1) يُعلَم قرب الساعة بنزول عليه السلام.

(2) نصيباً من المال تستعين به في البناء.

(3) حاجزاً فلا يصلون إلينا.

(4) حاجزاً حصيناً متيناً.

(5) قطَع حديد عظيمة ضخمة.

(6) بين الجبلين.

(7) نحاساً مذاباً.

(8) خرقاً وثقباً لصلابته وتخانته.

(9) مدكوكاً مسوىً بالأرض.

(10) يختلط ويضطرب.

(11) نفخة البعث.

(12) مرتفع من الأرض.

(13) يسرعون المشي في الخروج.

(14) البعث والحساب والجزاء.

(15) مرتفعة لا تكاد تَطْرِفُ أبصارهم.



تنبيه: فليكن المرء على حذر من الأحاديث الواهية أو المنكرة أو الموضوعة التي تذكر تفاصيل أخبار يأجوج ومأجوج وصفاتهم وأشكال جسومهم.

وحسبنا أن نؤمن بأن هذه الأمة الكبيرة إذا خرجت فإن خروجها سيتكفل بالتعريف بها للناس كلهم تعريفاً لا يشوبه شك ولا احتمال ولا ظن ولا يحوج إلى استنتاج أو اجتهاد أو ضرب في الغيب.

4- خروج الدابة:

قال الله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ(1) عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ} [النمل: 82].

فهذه الدابة نَكِلُ علم نوعها وشكلها إلى الله عزَّ وجلَّ تخرج للناس قبيل الساعة تكلمهم وتصف كلاً منهم بصفته من الإيمان أو الكفر، فتسم الكافر بوسم الكفر، وتسم المؤمن بوسم الإيمان، وهذا كله خارج عن المعتاد والمألوف.

وعن عبد الله بن عمرو قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً لم أنسه بعد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى وأيتها كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها". رواه مسلم.

5- طلوع الشمس من مغربها:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون، فذاك حين {لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158]. رواه البخاري.

وطلوع الشمس من مغربها أي أن الشمس تطلع من جهة المغرب بدل أن تطلع من جهة المشرق.

أخي القارئ ما تحقق ووقع من علامات الساعة التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ألف وأربعمائة عام يشهد بصدق نبوته وبأنه نذير لنا بين يدي عذاب شديد فكما رأينا اليوم علامات الساعة الصغرى، تحققت أمام أعيننا، فسنرى العلامات الكبرى وستقع الساعة دون ريب ولا شك، لأن المخبر بها واحدٌ وهو الصادق المصدوق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

______________________

(1) قربت الساعة وأهوالها الموعودة.

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
الإيمان بالقدر



1- معنى القدر.

2- وجوب الإيمان بالقدر خيره وشره من الله تعالى.

3- أثر الإيمان بالقدر في نفوس المؤمنين.

4- اختيار الإنسان وكسبه.



1- معنى الإيمان بالقدر:

الإيمان بالقدر: هو الإيمان بتقدم علم الله سبحانه وتعالى بما يكون وبما سيكون من أعمال المخلوقات كلها، وصدور جميعها عن تقدير منه وخلقٍ لها خيرها وشرها.

- فقد شاء الله أن يخلق الخلائق، وقضى أن تكون بأقدار وأوصاف محددة، وهو العالم بما كان ويكون وما سيكون، وكل ما في الوجود من حركات وسكنات إنما هو كائن بمشيئة الله سبحانه وتعالى، ولا يحدث شيء، إلا بقدرة الله ومشيئته، فما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن.

قال الله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: 70].

وقال تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2].

وقال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49].

وقال تعالى: {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم: 54].

وقال تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف:23-24].

وقال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الإنسان: 30].

2- وجوب الإيمان بالقدر:

الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره". رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

3- أثر الإيمان بالقدر في نفوس المؤمنين:

إن من يدعي أن الإيمان بالقدر مدعاة للتواكل والكسل والخمول فهذه دعوى فاسدة باطلة وسبها عدم الفهم لمعنى الإيمان بالقدر لأن من آمن أن الله تعالى خلق كل شيء بقدر فهو حريص على معرفة أقدار الخير ليدفع بها أقدار الشرِّ، فهو يدفع قدر الجوع بقدر الطعام، وقدر المرض بقدر الدواء، وقدر الفقر بقدر السعي في طلب الرزق.

وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرُّقى والأدوية: هل تَرُدُّ من قَدَر الله شيئاً؟

قال: "هي من قدر الله" رواه أحمد.

ومن آمن بقدر الله تعالى لا يصيبه اليأس ولا القنوط بسبب كثرة المصائب، ولا يحزن على ما فاته، ولا يفخر ولا يتكبر مهما أوتي من مال وجاهٍ ومنصب وغير ذلك من حظوظ الدنيا.

قال الله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا(1) عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا(2) بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ(3) فَخُورٍ} [الحديد: 22-23].

ومن آمن بقدر الله وقدرته ومشيئته، وأدرك عجزهُ، وحاجته إلى خالقه تعالى، فهو يصدق في توكلِّه على ربَّه ويأخذ بالأسباب التي خلقها الله، ويطلب من ربه العون والسداد.

والمؤمن يردد في يقين قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 51].

ويوقن بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك".

4- اختيار الإنسان وكسبه:

الإنسان مختار في عمله وكسبه، غير مجبر وهو مفطور على حركة الاختيار، ويمثل هذه الحركة ويطبقها في حياته اليومية، ويقرر بعمله وسلوكه الاختيار وينكر الجبر، فلا يعاقب الجمادَ ولا يغضب على الحجر والخشب والماء والنار والريح مهما لحقه الأذى والعنت من هذه الأشياء، أما إذا تعرض إنسان لإهانتك أو هتك عرضك ثُرتَ عليه ثوراناً عجيباً وعاقبته عقاباً شديداً.

أفلا يدل ذلك على أن الإنسان يميز بين المجبور والمختار، وأن الإنسان صاحب اختيار وإرادة يحاسب ويعاتب ويعاقب ويلام ولا يقبل منه عذر فيما تعمده فهو مخير ليس بمجبور.

- شبهة وردُّها:

الشبهة: قد يتساءل البعض كيف لا يكون ما قد كتب في اللوح المحفوظ مجبراً للإنسان على العمل مع أنه قد كتب قبل وجود الإنسان؟

__________

(1) تحزنوا.

(2) فرح بطر واختيال.

(3) متكبر متباه.



ردُّها: سنضرب مثالاً لكشف هذه الشبهة:

ألا ترى أن الأستاذ الذكي الخبير بأحوال طلابه الذي يضع أسئلة الامتحان، لو أنه كتب في ورقة أسماء من هو متأكد أنهم سيرسبون في الامتحان في أخرى أسماء من هو متأكد من نجاحهم، ثم جاء الامتحان وظهرت النتيجة، ثم جاء الذين رسبوا محتجين بقولهم: إن ما كتبه الأستاذ علينا في الورقة بأننا سنرسب هو السبب في رسوبنا! فهل سيُقبل عذرهم؟ أم أنه سيقال لهم: إن ما كتبه الأستاذ في الورقة أمر متعلق بعلمه وخبرته السابقة بأحوالكم، ورسوبُكم متعلق بإهمالكم، فلا تعتذروا لإهمالكم بعلم الأستاذ وخبرته. (ولله المثل الأعلى) فهو سبحانه وتعالى خالق الخلق وهو العليم بأحوالهم قال تعالى: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14].

ولقد خلقنا الله سبحانه لقضاء فترة الامتحان في هذه الحياة الدنيا وهو جلَّ شأنه يعلم نتيجة الامتحان فكتب الشقاء على الأشقياء وكتب السعادة للسعداء حسب علمه المحيط بما كان وما يكون وما سيكون.

وربما أخطأ الأستاذ في تقديره لنتائج طلابه لكنَّ قدرَ الله لا يخطئ في تقديره لأعمال خلقه.

والكتابة في اللوح المحفوظ أمر متعلق بعلم الله السابق، فترك الصلاة مثلاً أمر متعلق بتمرد وإهمال ومعصيةِ تارك الصلاة، وقد أراد الجاحدون أن يعتذروا ويتحججوا للمعصية والضلال بعلم الله تعالى، وهذا مرفوض لأن علم الله سابق لا سائق، فما أخبر الله مما هو كائن إلى يوم القيامة من أفعال العباد الاختيارية ليس فيه أي إجبار ولا فيها سوق للإنسان دون إرادته.

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
عالم الجن



1- وجوب الإيمان بوجود الجن.

2- حقيقة الجن.

3- الجن مطالبون بالتكاليف الشرعية.

4- بلوغ دعوة الرسل إلى عالم الجن.

5- بلوغ دعوة رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم إلى الجن.

6- أصناف الجن.

7- عداوة الشيطان للإنسان.

8- مدى تأثير الشيطان على الإنسان.

9- هل الجن تخبر بعلوم أو أخبار غيبية أو غير غيبية للإنسان.

10- مصير الجن في الآخرة.



1- وجوب الإيمان بوجود الجن:

أثبت القرآن الكريم في مواضع متعددة وجود عالم الجن، فوجب الإيمان بوجود الجن إيماناً جازماً.

قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذاريات: 56-57].

وقال تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا(1) مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا(2) لا تَنفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ(3)} [الرحمن: 33].

وقال تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا(4) إِلَيْكَ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف: 29-31].

______________

(1) تخرجوا هرباً من قضاء الله.

(2) فاخرجوا وهذا أمر للتعجيز.

(3) بقوة وقهر، وهيهات .. !

(4) وجَّهنا إليك يا محمد.



الواجب علينا أن نؤمن بالجن بأنهم عالم حقيقي ليس وهمياً تخيلياً ولا نفساً بشرية شريرة،وليس هو من البشرية الخبيثة، ولا من نوع الجراثيم المكروبية الضارة، فإن جميع هذه الأوهام والأفهام حَوْل الجن هي تحريف لكلام الله عن معانيه المرادة منه، وصرف له عن الوجه المخبَر عنه إلى وجه آخر هو في معزل عنه، وإنما الجن عالم غيبي حقيقي الوجود له شأنه وأحكامه.

2- حقيقة الجن:

قال الله تعالى: {خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرحمن: 14-15].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خُلِقَتِ الملائكة من نور وخُلِقَتِ الجانُّ من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم". رواه مسلم.

- فالجن صنف غير صنف الملائكة وغير جنس الإنسان:

فالملائكة: خلقت من نور.

والإنسان: خلق من طين يابس كالفخار.

والجن: من مارج من نار أي من أخلاط من نار.

والجن مخلوقون قبل الإنسان:

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ(1) مِنْ حَمَإٍ(2) مَسْنُونٍ(3) * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ(4)} [الحجر: 26-27].

قال تعالى:{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا} [الكهف: 50].

ففي أمر سجود إبليس - الذي هو من الجن - لآدم عليه السلام دلالة واضحة على أن الجن مخلوقون قبل آدم وهو الإنسان الأول.

- الجن يتناسلون ولهم ذرية.

قال الله تعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا} [الكهف: 50].

فقد نص القرآن على أن له ذرية.

_________________

(1) طين يابس كالفخار.

(2) طين أسود متغير.

(3) مصور صورة إنسان أجوف.

(4) الريح الحارة القاتلة.

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
وقال تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الإِنسِ يَعُوذُونَ(1) بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا(2)} [الجن: 6].

فحيث كان في الجن رجال ففيهم الإناث، وذلك يقتضي التناسل.

- إن من شأنهم أن يرونا من حيث لا نراهم وهذا في شأن خلقتهم الأصلية.

قال الله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 27].

- إن من شأنهم أن يتشكلوا بصور مختلفة كصورة إنسي أو حيوان فنراهم عندئذ.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ فجعل يحثو من الطعام، فأخذته، وقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: دعني فإني محتاج وعليّ عيال ولي حاجة شديدة، فخلَّيت عنه، فأصبحت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟" فقلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً، فرحمته وخليت سبيله، فقال صلى الله عليه وسلم: "أما إنه قد كذبك، وسيعود" قال أبو هريرة: فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيعود، فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول صلى الله عليه وسلم، فقال: دعني فأني محتاج وعلي عيال، لا أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟" قلت: يا رسول شكا حاجة وعيالاً فرحمته، فخليت سبيله، فقال: "أما إنه قد كذبك وسيعود".

وقال أبو هريرة: فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته، فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا آخر ثلاث مرات، إنك تزعم أنك لا تعود ثم تعود! فقال دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت وما هي؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم ... } حتى تختم الآية فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله، فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما فعل أسيرك البارحة؟" قلت: يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله! فقال صلى الله عليه وسلم: "وما هي؟ " قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك

______________
(1) يلتجؤون.

(2) إثماً وطغياناً وغياً، وتعباً.

(3) ذريته.



شيطان حتى تصبح، فقال صلى الله عليه وسلم: "أما أنه صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب من ثلاث ليال يا أبا هريرة؟" قلت: لا، فقال: "ذاك شيطان".

- الجن لهم قدرات كبيرة ومهارات عالية، وقد أخبر سبحانه عن قوة الجن، وأن منهم العفاريت(1) الأشداء الأقوياء، فسخر لسليمان جنوداً قوية من الجن تعمل بين يديه يقومون له بأعمال البناء والغوص في البحار والأعمال الصناعية كالجفان(2) الكبيرة والقدور الراسية والأعمال الفنية كالتماثيل(3) والمحاريب إلى غير ذلك من أعمال كبيرة مختلفة.

قال الله تعالى: {قَالَ عِفْريتٌ مِنْ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} [النمل: 39].

وذلك أن سليمان عليه السلام لما أراد إحضار عرش بلقيس(4) إلى مقام سليمان من مسافات بعيدة، انبرى عفريت من الجن أنه هو يأتيه به قبل أن يقوم سليمان من مقامه، فهذا التعهد من العفريت الجني والتزامه إحضار ذلك العرش مع قطعه تلك المسافات الشاسعة دليل على شدته وقوته وقدرته الكبيرة.

قال تعالى: {يَعْمَلُونَ لَهُ(5) مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ(6) وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ(7) اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ} [سبأ: 13]

وقال تعالى: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً(8) حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ(9)} [ص: 36-37].

- الجن يأكلون أكلاً لا نعلم كيفيته وماهيته، وأن الله قد جعل زادهم من العظام وروث البهائم والفحم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تستنجوا بالروث ولا بالعظم فإنها زاد إخوانكم من الجن" رواه مسلم والترمذي.

____________

(1) الأقوياء الماكرين الدهاة.

(2) قصاع.

(3) كانت التماثيل جائزة ثم حرمت في الإسلام.

(4) ملكة سبأ في اليمن.

(5) لسليمان.

(6) قصاع كبار كالحياض العظام.

(7) ثابتات على المواقد لعظمها.

(8) منقادة حيث أراد.

(9) في البحر لاستخراج نفائسه.

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لما قدم وفد الجن على النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: يا رسول الله انْهَ أمتك أن يستنجوا بعظم أو روثة أو حممة(1) فإن الله جعل لنا فيها رزقاً، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك. رواه أبو داود بإسناد صحيح.

- إن الجن يموتون.

قال الله تعالى: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ(2) لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ(3) وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي(4) وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ(5) * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمْ الْقَوْلُ(6) فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ(7) مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ} [الأحقاف: 17-18].

فهذا دليل على موت الجن طائفة بعد أخرى كالإنس.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: "اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون".

3- الجن مطالبون بالتكاليف الشرعية:

الجن مكلفون كما أن الإنس مكلفون بالتكاليف الشرعية، وقد يختص الجن بأحكام لا يكلف بها الإنس وكذلك قد يختص الإنسان بأحكام لا يكلف بها الجن، لاختلاف الجنسين عن بعضهما البعض.

قال الله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام: 130].

وقال تعالى إخباراً عن الجن: {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا(8) وَلا رَهَقًا (9)} [الجن: 13].

دلت الآيتان على أن الجن مكلفون كتكليف الإنس، وتوجه الخطاب الشرعي عليهم كما هو في الإنس.

_____________

(1) فحم.

(2) كلمة تضجر وتبرم وكراهيته.

(3) أن أبعث من القبر بعد الموت.

(4) مضت الأمم ولم تبعث.

(5) أباطيل الأولين المسطرة في كتبهم.

(6) وجب عليهم العذاب.

(7) مضت وتقدمت وهلكت.

(8) نقصاً في ثوابه.

(9) ولا غشيان ذلةٍ له.



وقال تعالى في شأن الجن: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِي اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الأحقاف:29-32].

ومما يظهر في هذه الآيات أنهم مكلفون، وأنهم قالوا لقومهم: يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به، فهم مأمورون بإجابة الرسول وتصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر به صلى الله عليه وسلم.

4- بلوغ دعوة الرسل إلى الجن:

قال الله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ * ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} [الأنعام: 130-131].

فهذا إقرار من الجن والإنس بأن الرسل قد بلغت وأوضحت وأنذرت، والكافرون منهم يشهدون على أنفسهم بالكفر وأنهم غرتهم الحياة الدنيا، ثم نبه الله سبحانه وتعالى بعد اعترافهم وإقرارهم بإقامة الحجة عليهم بأن الله لا يعذب قوماً، لم يرسل إليهم من ينبههم من غفلاتهم، ويوقظهم من سكراتهم، ويخرجهم من ظلماتهم حتى لا يبقى عذراً لمعتذر ولا حجة لمن يحتج حتى إذا عذبهم عذبهم بحق وعدل.

5- بلوغ دعوة رسول الرحمة إلى الجن:

إن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم عامَّة إلى الجن والإنس وقد بلغ رسول الله دعوته إلى الجن دون شك ولا ريب.

قال الله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19].

- وقد بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن للجن قال الله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن: 1-2].

قال تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} [الأحقاف: 29].

وهذا يثبت بلوغ دعوته إلى الجن قطعاً، وكان ذلك عن طريق توافدهم عليه، واستماعهم إليه صلى الله عليه وسلم، وعن طريق ذهابه إليهم، وقراءته عليهم وسؤالاتهم وجواباته لهم.

عن علقمة قال: سألت ابن مسعود رضي الله عنه هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن؟ قال: لا ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه، فالتمستاه في الأودية والشعاب! فقيل استطير؟! أو اغتيل؟!- استفهام تعجبي - قال ابن مسعود: فبتنا بشرِّ ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حِراء، فقلنا: يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فقال صلى الله عليه وسلم: "أتاني داعي الجن، فذهبت معهم، فقرأت عليهم القرآن" (22).

قال ابن مسعود: فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم، وسألوه عن الزاد، فقال: "كل عظم ذكر اسم الله يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحماً، وكل بعرة أو روثة علف لدوابكم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم" رواه مسلم.

وعن جابر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه، فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها، فسكتوا. فقال: "لقد قرأتها على الجن فكانوا أحسن مردوداً منكم! كنت كلما أتيت على قوله - تعالى -: {فَبِأَيِّ ءالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} قالوا: لا شيء من نعمك ربَّنا نكذب، فلله الحمد".

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
6- أصناف الجن:

* الجن أصناف متعددة:

- منهم الصالح وغير الصالح:

قال الله تعالى إخباراً عن قول الجن: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} [الجن: 11].

- ومنهم المسلم والكافر:

قال الله تعالى إخباراً عن قول الجن: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ(1) فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا(2)* وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن:14-15].

{وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام: 130].

- والجن أصحاب آراء مختلفة ومشارب متفرقة وطرق متعددة، قال الله تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (3)} [الجن: 11].

____________________

(1) الجائرون بكفرهم العادلون عن طريق الحق.

(2) خيراً وصلاحاً ورحمة.

(3) مذاهب متفرقة ومختلفة.



- إبليس من الجن. قال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ(1) عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} [الكهف: 50].

- الكافر من الجن يسمى شيطاناً قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [الأنعام: 112].

7- عداوة الشيطان للإنسان:

قال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} [فاطر: 6].

ومن عداوة الشيطان للإنسان:

أنه يزين للإنسان أعماله من كفر وطغيان وفساد، قال الله تعالى: {تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمْ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل: 63].

وقال تعالى: {وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ} [النمل: 24].

وأنَّ الشيطان يثير ويوقع العداوة والبغضاء بين الناس، ويصد عن سبيل الله.

قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ} [المائدة: 91].

وأنَّ الشيطان يوقع الشرور ويفسد ذات البين: قال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ(2) بَيْنَهُمْ} [الإسراء: 53].

وأن الشيطان يعد الإنسان بالفقر واليأس ويأمره بالفحشاء: قال الله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة: 268].

وأن الشيطان يسعى في تحزين الإنسان: قال الله تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ} [المجادلة: 10].

وأن الشيطان يقذف في قلب الإنسان الظنون السيئة والأباطيل:

عن الحسين بن علي رضي الله عنهما أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً، فحدثته، ثم قمت لأنقلب(3) فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمرَّ رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

____________

(1) خرج عن طاعة الله.

(2) يفسد ويهيِّج الشر.

(3) لأرجع.



"على رِسلكما(1)، إنها صفية بنت حُييَّ"، فقالا: سبحان الله يا رسول الله! فقال:" إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً - أو قال شيئاً(2) -" متفق عليه.

وأن الشيطان يوسوس للإنسان:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي الشيطان أحدَكم فيقول: من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربَّك؟ فإذا بلغه فلتستعذ بالله ولينته".

والمعنى فليترك هذا الخاطر الباطل، وليفكر بالأمر الحق، لئلا يسيطر عليه الشيطان بذلك الوسوسة الفاسدة.

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
8 - مدى تأثير الشيطان على الإنسان:

إن الشيطان ليس له سلطان على الذين آمنوا، فلا سبيل له عليهم إنما سبيله على الذين اتبعوه قال الله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ} [الحجر: 42].

عمل الشيطان في نفس الإنسان ينحصر بالوسوسة الخفية، فالمؤمن يطرد هذه الوسوسة بفضل الإستعاذة بالله والذكر، أما غير المؤمن فيستجيب لوسوسة الشيطان وينساق إلى طريقه، فيتسلط الشيطان عليه، ويمده في الغيِّ ويزين له الشر والضلالة.

قال الله تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ(3) مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ(4) فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ(5) مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا(6) فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ(7) ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ(8)} [الأعراف: 200-202].

9- هل الجن تخبر بعلوم أو أخبار غيبية أو غير غيبية للإنسان؟

العلوم والأخبار على قسمين:

القسم الأول: علوم تتعلق بالأمور المشهودة أو الأخبار عن الوقائع الماضية، قد تلقي الجن هذه العلوم، أو علوم لم تبلغنا، وقد بلغت للجن على قرنائهم من الكهان، ويجب أن لا نثق بكلامهم لأنه لا يوجد مقاييس عند الإنسان لمعرفة الكاذبين منهم والصادقين.

_________________

(1) مهلكما.

(2) شك من الراوي.

(3) يُصيبنَّك.

(4) وسوسة.

(5) أصابتهم وسوسة ما.

(6) تذكروا أمر الله ونهيه وعداوة الشيطان.

(7) تعاونهم مع الشياطين في الضلال.

(8) لا يكفُّون عن إغوائهم.

القسم الثاني: علوم غيبية:

- إمَّا أن تكون استأثر الله بعلمها، وهذا لا يمكن لنبي مرسل ولا ملك مقرب ولا جني ولا إنسي معرفة شيء منها.

فإذا أخبرت الشياطين وادعت أنه من علم الغيب مما استأثر الله به فإنه كذب وافتراء على الله.

قال الله تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النمل: 65].



- وإمَّا أن تكون من المغيبات التي قضي أمرها في السماء وأصبحت معلومة لبعض الملائكة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الملائكة تنزل في العنان فتذكر الأمر الذي قضي في السماء، فتسترق الشياطين السمع فتسمعه إلى الكهان، فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم" رواه البخاري.

فالجن قد تسترق السمع من الملائكة بعد نزولها إلى جو الأرض، وتخبر الكهان، ولكن لا نثق بأخبارهم لأن دأبهم أن يكذبوا.

- أمَّا استراق الشياطين السمع من السماء فقد منعوا منه بالشهب عند بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى إخباراً عن الجن {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا(1) وَشُهُبًا(2) * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعْ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا(3)} [الجن: 8-9].

ولا يجوز أن يتلقى المرء أيَّ خبر من الشياطين، وكل من يفعل ذلك فهو آثم عند الله عزَّ وجلَّ.

قال الله تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ} [الشعراء: 221 -223].

تنبيه: فليحذر المرء من المشعوذين والسحرة الذين يدعون أنهم يعرفون الغيب، وأنهم يتصلون بالجن، وينسبون إلى الجن النفع والضرر، فهؤلاء عصاة لله وللرسول، ويريدون أن يلعبوا بعقول السذج من الناس، وأن يستولوا على المغفلين ضعفاء الإيمان ليضلوهم، وليجعلوا من الشعوذة والسحر والتعامل بالجن مهنة ومصلحة تدرُّ لهم الأموال الطائلة، فلا يجوز لأي شخص أن يأتي الكهان ليطلع منهم على بعض الأمور، وقد ورد في الحديث "من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد".

______________

(1) حرَّاساً أقوياء من الملائكة.

(2) شُعَل نار تنقضُّ كالكواكب

(3) راصداً مترقباً يرجمه.



وليعلم كل امرئ أنه لا ضارَّ ولا نافع إلا الله سبحانه وتعالى، وأن الجن لا يضرون ولا ينفعون إلا أن يشاء الله، ويأذن قال الله تعالى: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ} [المجادلة: 10].

descriptionالعقيده - صفحة 2 Emptyرد: العقيده

more_horiz
10- مصير الجن في الآخرة:

إن كفار الجن هم في النار يوم القيامة.

قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا(1) لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ} [الأعراف: 179].

وقال تعالى: { وَتَمَّتْ(2) كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود: 119]

قال الله تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ(3) مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ(4) وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: 13].

شبهة: إن الجن خلقوا من نار فكيف تؤثر فيهم نار العذاب في الآخرة؟

دفعها: لا يلزم من كون الجن خلقوا من نار أن يكونوا ناراً أو أن النار لا تؤلمهم، فإن الإنس من تراب، ولكن ليسوا تراباً بل أنشأهم الله تعالى وطورهم وصورهم، ولو أن إنساناً وقع عليه تراب كثيراً وهدم عليه بيت من التراب لهلك، ومات أو استغاث من الآلام والأوجاع، وهكذا الجن خلقوا من نار ولكنهم ليسوا ناراً بل أنشأهم الله تعالى وطورهم وصورهم، وإن النار تؤلمهم وتحرقهم وتعذبهم.

- وإن مؤمنين الجن في الجنة.

قال الله تعالى إخباراً عن الجن: {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا} [الجن: 13].

والمعنى من آمن بربه فلا يخاف نقصان الثواب، ولا الزيادة في العقوبة وهذا نظير قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا(5)} [طه: 112].

وقال تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ(6) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ(7) إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 56-57].

_______________

(1) أوجدنا.

(2) وجبت وثبتت.

(3) ثنبت وتحقق ونفذ القضاء.

(4) الجن.

(5) نقصان في ثوابه.

(6) قَصَرْن أبصارهن على أزواجهن.

(7) لم يفتضَّهُنُّ قبل أزواجهن أحد.

وقال تعالى: {حُورٌ(1) مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ(2) * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 72 - 75].

وهذا مما يشير إلى أن مؤمني الجن في الجنة.



_________________

(1) نساء بيض حسان.

(2) مخدَّرات في بيوت اللؤلؤ.
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد