منتديات القمر الثقافيه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات القمر الثقافيهدخول

العقيده

power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد
3 مشترك

descriptionالعقيده Emptyالعقيده

more_horiz
الدين

1- معنى الدين.

2- قواعد الدين.

3- مزايا الدين الإسلامي.



1- معنى الدين:

الدين هو الطريق والمنهج والوضع الإلهي الذي يرشد إلى الحق في الاعتقادات وإلى الخير في السلوك والمعاملات.

قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33].

فالدين الإسلامي هو الدين الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى لعباده.

قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3].

ويتضمن الدين الإسلامي العقيدة التي تفسر الوجود وطبيعته، وتحدد للإنسان غايته في هذا الوجود، ويحتوي النظم التي تنبثق عن هذه العقيدة السمحة وتستند إليها، وتجعل لها صورة واقعية في حياة البشر.

كالنظام الاقتصادي، والنظام السياسي، والنظام الأخلاقي، والاجتماعي، والنظام الدولي إلى ما هنالك من أنظمة.

2- قواعد الدين الإسلامي:

إن الإسلام والإيمان والإحسان هي العناصر التي تشكل الدين الإسلامي القويم.

معنى الإسلام:

الإسلام هو النهج الذي به يتحقق استسلام العبد لربه وينقاد ويمتثل لأوامره.

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، فقال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً.

تنبيه: حصر الإسلام بهذه الأمور الخمسة المذكورة للاهتمام بها اهتماماً شديداً زائداً على غيرها، فهو يمتد إلى أكثر من هذه الأركان الخمسة، ويدل على ذلك النصوص الواردة في الكتاب والسنة.

معنى الإيمان:

الإيمان: هو التصديق بكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، فقال: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره".

فمعنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ الإيمان هو التصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.

الإيمان وحقيقته:

الإيمان تصديق القلب بالله وبرسوله، وهو التصديق الذي لا يرد عليه شك ولا ارتياب، وهو التصديق المطمئن الثابت المتيقن الذي لا يتزعزع ولا يضطرب، ولا تهجس فيه الهواجس ولا يتلجلج فيه القلب والشعور.

فالقلب متى تذوق حلاوة الإيمان واطمأن إليه وثبت عليه، لابد من دفع لتحقيق حقيقته في خارج القلب في واقع الحياة في دنيا الناس، يريد أن يوجد مناسبة بين ما يستشعره في باطنه من حقيقة الإيمان، وما يحيط به في ظاهره من مجريات الأمور وواقع الحياة، ولا يطيق الصبر على المفارقة بين الصورة الإيمانية في حسه والصورة الواقعية من حوله لأن هذه المفارقة تؤذيه وتصدمه في كل لحظة.

فالإيمان في حقيقته عمل نفسي يبلغ أغوار النفس ويحيط بجوانبها كلها من إدراك وإرادة ووجدان.

وترتسم حقيقة الإيمان بأمور:

أولاً: إدراك(1) ذهني تنكشف حقائق الوجود على ما هي عليه في واقع الأمر، وهذا الانكشاف لا يتم إلا عن طريق الوحي الإلهي المعصوم.

ثانياً: بلوغ هذا الإدراك الذهني حدَّ الجزم الموقن الذي لا يزلزله شك ولا شبهة قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا(2)} [الحجرات: 15].

ثالثاً: أن يصحب هذه المعرفة الجازمة إذعان قلبي، وانقياد إرادي، يتمثل في الخضوع والطاعة لحكم من آمن به مع الرضا والتسليم.

قال الله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65].

وقال الله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور: 51].

______________________

(1) علم أو معرفة.

(2) لم يشكوا.

وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36].

رابعاً: أن يتبع تلك المعرفة، وهذا الإذعان حرارة وجدانية قلبية، تبعث على العمل بمقتضيات العقيدة، والتمسك بمبادئها الخلقية والسلوكية فهي الجهاد في سبيلها بالمال والنفس، والقرآن الكريم يصف المؤمنين الحقيقيين:

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: 4,2]

معنى الإحسان:

الإحسان: وهو تحقيق الإخلاص في العبادة وهو على مرتبتين كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك".

المرتبة الأولى وهي الأعلى: أن تعبد الله كأنك تراه وهذه مرتبة المشاهدة:

وهي أن يتنور القلب بالإيمان، وتنفذ البصيرة حتى يصير الغيب كالعيان.

فمن عَبَدَ اللهَ عز وجل، وهو يستحضر قربَه منه، وأنه بين يديه، كأنه يراه أوجب له ذلك الخشية والخوف والهيبة والتعظيم.

المرتبة الثانية: وهي دون الأولى: وهي الإخلاص، وهو أن يعمل العبد على استحضار مشاهدة الله إياه واطلاعه عليه، فإذا استحضر العبد هذا في عمله فقد حقق الإخلاص، فهو مخلص لله تعالى غير ملتفت إلى غيره ولا مريد بعمله سواه.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
3- مزايا الدين الإسلامي

أ- دين الفطرة.

ب- دين ثابت.

ج- دين عقائده مبرهنة.

د- دين شامل لكل قضايا الحياة.



أ- دين الفطرة:

إنَّ دين الإسلام موافق لخلقة الإنسان وفطرته، فلا مناقضة بينه وبين فطرة الإنسان ولذلك هو دين الفطرة.

وإن الله عزَّ وجلَّ خلق الإنسان وحدَّد له المنهج الذي يتبعه بما يتوافق مع طبيعة الإنسان ويناسبه، وذلك المنهج هو الدين.

فمن لم يتبع هذا الدين وقع في حالة اضطراب وعدم استقرار وضيقٍ صدري ونفسي.

قال تعالى: {فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 125] وقال تعالى: {فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا(1) } [طه: 123, 124].

ولذا من أراد أن يغير في دين الله، أو يبّدل، أو يشرع ديناً جديداً من عنده عليه أن يغير خلق الله لكي يكون الخلق الجديد مطابقاً للتبديل الجديد.

فدين الإسلام منطبق تماماً على فطرة الإنسان كما أن المفتاح المحّدد منطبق على قفله المحكم، فمن أراد أن يغير القفل عليه أن يُغَيَّر المفتاح، ومن أراد أن يغير المفتاح عليه أن يغير القفل.

وقد صرح القرآن الكريم بأن هذا الدين يتناسب مع الفطرة:

{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا(2) فِطرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ(3)النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ(4) وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [الروم:30] فالآية تدل على أنه لا تبديل لخلق الله، فإذا لم يتبدل خلق الله فلن يكون هنالك تبديل لفطرته وهي الدين الذي لا اعوجاج فيه.

__________________

(1) ضيقة شديدة.

(2) مائلاً إليه، مستقيماً عليه.

(3) جبلهم وطبعهم عليها.

(4) المستقيم الذي لا عوج فيه.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر: "كلُّ مولود يولد على الفطرة، فإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" متفق عليه.

ويدل الحديث الشريف على أن المولود لو ترك ينشأ بعيداً عن أي معتقد لاختار دين الفطرة وهو الإسلام، ولكن تأثير الأبوين على المولود في أن يعتنق ديناً غير الفطرة واضح في الواقع المشاهد.

ب- دين ثابت:

الدين الإسلامي دين ثابت محدد لا يقبل الزيادة ولا النقصان ولا التحريف ولا التبديل فمصدر هذا الدين القرآن والسنة، فليس لحاكم من الحكام أو وزير من الوزراء أو مؤتمر من المؤتمرات أو مجمع من المجامع العلمية أن يضيف إليهما أو يحور فيهما وكل إضافة أو تحوير فيهما يُرَدُّ على صاحبها.

قال الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } [الشورى: 21].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري ومسلم.



ج- دين عقائد مبرهنة:

الدين الإسلامي عقائده مبرهنة لا تكتفي من تقرير مسائلها، وموادها بالإلزام المجرد والتكليف الصارم، ولا تقول كما تقول بعض العقائد الأخرى: (اعتقد، وأنت أعمى) أو (آمن ثم اعلم) أو (أغمض عينيك ثم اتبعني).

بل يقول كتاب الله: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111]، {ادعوا إلى الله على بصيرة}.

وهي لا تكتفي بمخاطبة القلب والوجدان والاعتماد عليهما أساساً للاعتقاد، بل تتبع مسائلها بالحجة المقنعة الدامغة، والبرهان الواضح، والتعليل الصحيح الذي يملك أزمة العقول ويأخذ الطريق إلى القلوب.

فالقرآن الكريم يقيم الأدلة في مسألة الألوهية من الكون، ومن النفس، ومن التاريخ على وجود الله، وعلى وحدانيته وكماله، وفي مسألة البعث يدلل على إمكانية خلق الإنسان، وخلق السماوات والأرض، وإحياء الأرض بعد موتها، ويدلل على حكمته بالعدالة في إثابة المحسن وعقوبة المسيء.

قال الله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم: 31].

قال الله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ* أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمْ الْمُسَيْطِرُونَ} [الطور: 37,35].

وقال تعالى: {قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنْشَرَهُ * كَلا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ * فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلا *وَحَدَائِقَ غُلْبًا(1) *وَفَاكِهَةً وَأَبًّا(2) * مَتَاعًا لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ} [عبس: 32,17].

وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ } [يوسف: 109]

وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ *الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنْ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ *إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: 77،83].

د- دين شامل لكل قضايا الحياة:

الدين الإسلامي شامل لكل نواحي الحياة وَمَرِنُ لأنه متعلق بالفطرة البشرية التي خلق الله الإنسان طبقاً لأحكامها.

وإن وضع القوانين والتنظيمات لأي شيء يتوقف على العلم بحقيقة من توضع له القوانين والظروف المحيطة به.

والإنسان يجهل حقيقة روحه وذاته، ولا يعلم المستقبل الذي سيواجهه، لذلك عجز الإنسان أن يصنع تشريعات، وقوانين دائمة تصلح لكل زمان ومكان، لكن الخالق سبحانه وتعالى هو العليم بحقيقة خلق الإنسان {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِفُ الخَبِيرُ} [الملك: 14] وهو المحيط علماً بما كان وما يكون وما سيكون. لذا لم لا يمكن لبشر أن يأتي بشريعة ثابتة مرنة تتناسب مع كل زمان ومكان إلا إذا كان مرسلاً من عند ربه.

_____________________

(1) كثيرة الأشجار.

(2) ما ترعاه البهائم.

وحسبنا أن شريعتنا الإسلامية حكمت مختلف الحضارات في مختلف البلدان ومختلف العصور طوال مئات السنين ولم توجد مشكلة إلا ووجد لها حل في هذه الشريعة الغراء.

وفي عصرنا الحالي عصر التطورات السريعة والابتكارات الفذة يتأكد هذا المعنى بوضوح حيث فرضت شريعتنا نفسها في زماننا، رغم ضعف أهلها، لأن الإسلام يتمشى مع مقتضايات الحاجات فهو يستطيع أن يتطور دون أن يتضاءل في خلال القرون، ويبقى محتفظاً بكامل ماله من قوة الحياة والمرونة، فهو الذي أعطى للعالم أرسخ الشرائع ثباتاً، وشريعته تفوق كل الشرائع على وجه الأرض.

إنّ الباحثين والدارسين للقانون الدولي والعالمي اليوم قد أثبتوا بجلاء أن الشريعة الإسلامية تقوم على مبادئ ذات قيمة أكيدة لا شك في نفعها، وأن الاختلاف الفرعي في هذا الجهاز الضخم، منطوٍ على ثروة من الآراء الفقهية وعلى مجموعة من الأصول الفنية البديعة التي تتيح لهذا الفقه أن يستجيب بمرونة هائلة لجميع مطالب الحياة الحديثة.

فمن أين لأُمِّيٍّ بعث منذ ألف وأربعمائة سنة وتزيد، أن يأتي بهذا التشريع، لو لم يكن مرسلاً من عند الله سبحانه وتعالى، ويا عجباً للجهلة من المسلمين الذين يريدون إلغاء الشريعة الإلهية واستبدالها بالقوانين البشرية !.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
الإيمان بالله عزَّ وجل

1- العلم وسيلة إلى الإيمان

2- الإيمان بوجود الله

3- ذات الله سبحانه وتعالى

4- أسماء الله سبحانه وتعالى

5- مبدأ التوحيد

6- مبدأ تنزيه الله تعالى

7- من صفات الله تعالى

8- الآيات والأحاديث المتشابهة



1- العلم وسيلة إلى الإيمان بالله سبحانه وتعالى:

إن المنهج الإسلامي في معرفة الله بعيد عن أيِّ خرافة أو وهم أو ظن وهو منهج يقوم على أساس العلم والوعي.

وكثير من الناس تسيطر على حياتهم الأوهام أو الخرافات وتدفعه إلى ممارسة أعمال فاسدة، ليس لها أساس صحيح يدعمها، فتذهب جهودهم عبثاً أو توجه إلى باطل يلحق بالإنسان أكثر الأضرار والمفاسد.

وذلك يعود إلى سلوك منهج فكري معوج، فعندها يقع الإنسان في خديعة الظنون الكاذبة.

ولذلك نرى أن الخطاب الإسلامي يوجِّه الناس إلى اتخاذ العلم وسيلة للوصول إلى اليقين وأن لا يتبع الإنسان ما لا علم له به، لأنه يوقعه في متاهات من الجهل.

قال الله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ والبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسئولاً} [الإسراء: 36].

وقال تعالى في شأن الكافرين: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: 157].

وقال تعالى عن المضلين: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ(1)} [الأنعام: 116].

وقال سبحانه وتعالى فيهم أيضاً: {وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَآئِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام:119].

وإذا أراد الإنسان إيماناً صحيحاً فعليه بالعلم قال الله تعالى: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [الرعد: 19].

لأن الإيمان دون علم ووعي يكون إيمان المقلد لغيره، فهو سرعان ما يهتز عند أول شبهة قال الله تعالى:

{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}[الزمر: 9].

والنتيجة الحتمية للبحث العلمي المنصف في ظاهرة الرجوع الكوني وصول الباحث إلى حقيقة الإيمان بالله تعالى وعظيم صفاته، والشهادة بذلك إذا كان الباحث موضوعياً متجرداً منصفاً.

قال الله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(18)} [آل عمران: 18].

_________________

(1) يكذبون.

(2) مقيماً للعدل في كل أمر.

ومتى وصل الباحث في العالم إلى الإيمان وتحقق من هذه المعرفة فلابد أن يكون أكثر الناس خشية لله تعالى. قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].

2- الإيمان بوجود الله:

وجود الله تعالى أظهر حقيقة في هذا الوجود، وأول شعور يشرق في عمق الإنسان إذا تأمل في نفسه وفي العالم من حوله، شعوره بوجود الله المهيمن على العالم كله والمدِّبر له والذي يتصرف فيه بالحياة والموت والخلق والفناء والتغير والتطور والحركة والسكون وجميع أنواع التغيرات المحكمة التي تجري فيه.

فالإنسان يشعر بهذه الحقيقة وهي وجود الله، ويؤمن بها إيماناً داخلياً عميقاً، سواء استطاع أن يقيم دليلاً عقلياً برهانياً على صدق هذا الشعور أو لم يستطع.

ولكن دليل الفطرة شاهد حق قد يسبق الأدلة النظرية وقد يكون أعمق منها في الشعور والصدق.

قال الله تعالى: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30].

فهذه فطرة لا تنطمس في النفس الإنسانية إلا من بالغ في الانحراف الخُلقي بدافع شهواني ليرضي نفسه أو من حامت حوله الشكوك الفكرية أو من عادي هذه الفطرة استكباراً وتجبراً. ومن هذا المنطلق لابد من إقامة أدلة نظرية عقلية ترفع عن ذهن الإنسان كل شك أو ريب في وجود الله، فبالحجة القاطعة لا يترك مجال لأي شخص بإنكار هذه الحقيقة.

وهنالك أدلة كثيرة لا تحصى على وجود الله تعالى:

- أن العدم لا يخلق شيئاً:

والمعنى أن الذي لا وجود له لا يستطيع أن يصنع شيئاً لأنه غير موجود.

فإذا تأمل المرء في المخلوقات التي تولد في كل يوم من إنسان وحيوان ونبات وتفكر في كل ما يحدث في الوجود من رياح وعواصف وأمطار وليل ونهار، ونظر في المجرات الضخمة (التي تحتوي آلاف ملايين النجوم)، ونظر في كل مجرة فيها بالإضافة إلى النجوم والكواكب والسُّدم الغازية وتسير كلها بسرعات هائلة، وما فيها من النجوم والكواكب التي لها حركتها الخاصة المنتظمة، ومع ذلك فلكل منها مداره المنتظم الذي لا يختلف، ومن نظر في عالم الحياة من الأسرار في وحيدات الخلية وكذا في الورقة الخضراء التي تحتفظ بسر صناعة الغذاء، ومن غاص في عالم الذرة وأسرارها وفي عالم الإنسان وأسراره وغير ذلك من العوالم التي لا يستطيع أن يحصيها الإنسان والتي لا مجال للإفاضة فيها.

فإنه يجزم بأن هذا كله ليس من صنع العدم الذي لا وجود له، بل هو من صنع الخالق الموجود سبحانه.

قال الله سبحانه وتعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ* أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ} [الطور: 35، 36].

كما أن حدوث العالم يدل على الخلق لأنَّ العلوم تثبت بكل وضوح بأن هذا الكون لا يمكن أن يكون قديماً أزلياً أي ليس له بداية. فهنالك انتقال حراري مستمر من الأجسام الحارة إلى الأجسام الباردة ولا يمكن أن يحدث العكس.

فالكون يتجه إلى درجة حرارة تتساوى فيها حرارة جميع الأجسام، وينضب فيها معين الطاقة، ويومئذ لن تكون هناك عمليات كيماوية أو طبيعية، ولن يكون هنالك أثر للحياة نفسها في هذا الكون ولما كانت الحياة لا تزال قائمة، ولا تزال العمليات الكيماوية والطبيعية تسير في طريقها، فإننا نستطيع أن نستنتج أن هذا الكون قد كانت له بداية، وإلا لاستهلكت طاقته منذ زمن بعيد وتوقف كل نشاط في الوجود.

وهذا العالم لم يأتِ من العدم كما ذكرنا في الدليل الأول والحادث كذلك لا يستطيع إخراج نفسه من مرتبة العدم إلى مرتبة الوجود، فينتج أن هناك خالقاً أوجده وأخرجه من العدم إلى الوجود. قال الله تعالى: {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ(1) السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [إبراهيم: 10].

إضافة إلى ذلك فإن الاتقان في الكون يدل على خالق عظيم حكيم: إن إتقان صنعة هذا العالم الزاخر بالمتقنات دليل واضح على الصانع المتقن الحكيم العظيم العليم، يشهد ذلك كل الناس، وبالبداهة يُحكم بأن الله حق وهو على كل شيء قدير، وهكذا نجد أن الصنعة تدل على الصانع، فكل مصنوع لابد له من صانع، وكل اتقان للصنعة يدل على كمال متقنها ولنضرب مثالاً على ذلك:

إذا رأينا باباً من خشب قد أتقن صنعه، فإننا سنعلم أن للمصنوع صانعاً، وأن الصانع يملك الخشب، وأنه يستطيع أن يقطعه بانتظام وأنه قادر على أن يجعل الخشب أملس، وأنه يملك المسامير، وأنه يقدر على تثبيت أجزاء الباب بالمسامير وأن لديه خبرة في صناعة الأبواب وأن لديه إحكاماً في عمله وهكذا نجد كلَّ شيء في المصنوع يدل على صفات عند الصانع، فلا يمكن أن يوجد شيء في المصنوع إلا إذا كان الصانع يملك قدرة أو صفة تمكنه من صنع ذلك الشيء ولله المثل الأعلى.

قال الله تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} [النمل: 88]. وقال تعالى: {إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ (2) لِلْمُؤْمِنِينَ* وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ*وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ (3)آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ* تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} [الجاثية: 3،6].

_______________________

(1) مبدع ومخترع وخالق من العدم إلى الوجود.

(2) علامات.

(3) تقليبها في مهابها وأحوالها.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
3- ذات الله سبحانه وتعالى:

إن الحواس الخمس (السمع، والبصر، اللمس، والذوق، والشم) التي هي نوافذ إلى خارج كيان الإنسان محدودة في قدرتها وفي مجالات عملها.

فالعين مثلاً لا ترى إلا ألوان الطيف السبعة، أما الأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء، والالكترونيات والقوة المغناطسية فلا تستطيع العين رؤيتها.

وقد تسحر العين أو تخدع كأن ترى الشمس كقرص الخبز والحقيقة أنها أكثر من الأرصاد: (1.305.000) مرة، أو ترى العصا في حوض الماء مكسورة عند سطح الانفصال، أو ترى المنازل من الطائرة كعلب السجائر، فلذا نجد عمل العين واضح محدود.

وكذلك الأذن لا تستطيع أن تسمع أصواتاً كثيرة موجودة لأن لها عملاً محدوداً لا يمكن تجاوزه.

والأنف وهو جهاز يعرف به روائح المواد ذات الرائحة ويبطل عمله إذا أصيب بزكام وحدود عمله ضيقة جداً إذ أن قدرته على الشم لا تتجاوز بضعة أمتار.

واللسان آلة لتمييز طعم المواد المختلفة وحدود عمل اللسان ضيقة جداً فتمييزه للطعم محصور في نطاق ما لامس اللسان شرط أن يذوب في اللعاب.

والجلد آلة حس لما يقع على الجسم من أشياء يقدر على الإحساس بها فيميز بين الناعم منها والخشن والصقيل والخفيف والحاد وغير الحاد والحار والبارد، وهو لا يدرك من الأشياء إلا ما كان له ثقل معلوم فهو لا يحس الجراثيم أو الكائنات الدقيقة أو الضوء أو الأمواج الإشعاعية كأمواج الراديو واللاسلكي، وحدود عمل الجلد ضيقة جداً تحد بحدود الجسم.

وقوة التصور وهي مصدر الخيال الواسع، فالإنسان يركِّب ويحلل ما جاء من الحواس الخمس في صورة جديدة مبتكرة، ولا يمكن تصديق ما تأتي به قوة التصور إلا بعد فحصه جيداً أمام العقل ومعظم الأوهام الباطلة التي تتحكم في حياة الإنسان تنبع من تصورات خاطئة، ولكن قوة التصور محدودة في قدرتها ومجالات عملها لأنها محدودة بالحواس الخمس.

والعقل الذي هو آلة ليميز الإنسان الحق من الباطل، فالعقل هو القاضي الذي تعرض عليه كل المعلومات القادمة من الحواس الخمسة ومن قوة التصور فيفصل أمرها، وقد يقع العقل في الخطأ ولكن لا من ذاته ولكن بسبب تغرير به أثناء عرض المعلومات، كأن تقدم له معلومات خاطئة أو ناقصة أو مشوهة، فتأتي أحكامه ناقصة مغلوطة مشوهة، فالخطأ جاء من مؤثرات خارجية، فالعقل هو الأساس لمعرفة الحقائق الثابتة في الكون.

والعقل له حدود فإذا علمنا أن الحواس الخمس محدودة وقوة التصور كذلك، والإنسان لا يعلم شيئاً إلا ما جاء بواسطة هذه الحواس الخمس التي هي نوافذه المفتوحة إلى خارج كيان الإنسان. فالعقل يستطيع أن يثبت الكثير من الحقائق الثابتة التي لا ترد من خلال الوسائل المؤثرة له.

ولكن مجال العقل محدود في كثير من الأمور، فالعقل عاجز عن إدراك كيفية عمله: كيف يفهم؟ وكيف يميز؟ وكيف يعقل؟.

العقل يعجز عن الإحاطة بكثير من الأمور في هذا الكون فمثلاً: هو يعجز عن الإحاطة بأكبر عدد فإذا سألته ما هو أكبر عدد؟ أجاب: أكبر عدد ما لا نهاية.

كما يعجز عن إدراك بداية الزمان أو أن يحيط بنهايته وكذلك يعجز عن إدراك نهاية المكان.

والعقل يعرف أن أحداثاً ستقع غداً، ولكنه يعجز عن إدراكها ومعرفتها مع أنها كائنة لا محالة ومع أن بعض الرؤى المنامية تتفوق على العقل في هذا الباب فتعرف ما سيكون غداً فيأتي كما رأت أو قريباً منه.

والعقل يعجز عن معرفة ما سيحدث لنا بعد موتنا بثوانٍ وصدق الله الذي يقول في كتابه العزيز: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255].

فإذا أدرك الإنسان قصور الحواس الخمس وقوة التصور والعقل، أدرك سخف الذين تطلب إليهم الإيمان بالله فيقولون: أرنا الله!! وحواسهم عاجزة قاصرة.

ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله" رواه البيهقي بإسناد جيد.

فإن المنع في التفكر بذات الله ليس حَجْراً على الفكر ولا جموداً في البحث ولا تضييقاً على العقل ولكن عصمة له من التردي في مهاوي الضلالة، إبعاداً له عن معالجة أبحاث لم تتوافر وسائلها.

ولنضرب مثلاً لتوضيح المسألة:

خلق الله للإنسان قوة يتصور بها الأشياء تعينه على تنظيم الأمور وتخيلها ولكن قوة التصور ضعيفة ومحدودة فإذا وصفت لك مدينة، عقلت أن فيها أشياء وتصورت تلك الأشياء ولكنك إذا رأيت تلك المدينة ستجد أنها على غير الصورة التي تصورتها من قبل.

وإذا طرق شخص الباب استطعت أن تعقل أن طارقاً يطرق الباب، ولكن تصورك يعجز أن يتصور، من الطارق حقيقة؟ وما طوله؟ وما عرضه؟ وما لونه؟ وما حجمه؟ فقوة العقل اخترقت حاجز الباب فعقلت أن طارقاً موجود يطرق الباب فقط بينما عجزت قوة التصور، وحَبَسَها حاجزُ البابِ أن تنفذ إلى هوية الطارق.

- ولله المثل الأعلى - فالعقل يؤمن بوجود الله الخالق سبحانه، وقوة التصور تعجز عن تصور ذات الله سبحانه لأنه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11].

4- أسماء الله تعالى:

إن الله عزَّ وجلَّ تعرَّف إلى خلقه بأسماء تليق بجلاله، فيحسن المؤمن معرفتها وحفظها تبركاً بألفاظها وتلذذاً بذكرها، وتعظيماً لقدرها.

ويتم النفع بأسماء الله تعالى على الوجه التالي:

1- فَهْمُ أسمائه تعالى بحيث يدرك معانيها.

2- الاعتقاد بالقلب وجود معناها في ذات الله تعالى.

3- التفكر بأسمائه تعالى ومشاهدة آثارها في الأكوان.

4- استعظام أسماء الله تعالى حتى تحدث في قلب المؤمن خشية وخوفاً من الله.

5- السعي في اكتساب ما يليق بالإنسان من تلك الأسماء والصفات والتخلق بها والتحلي بمحاسنها.- كالرحمة والعدل وغيرها - وبذلك يصبح المؤمن ربانياً.

- الأسماء الحسنى الواردة في الحديث النبوي:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله تسعة وتسعون اسماً مائة إلا واحداً، لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر" رواه البخاري ومسلم. وفي رواية البخاري: "من أحصاها دخل الجنة".

وزاد الترمذي: "هو الله الذي لا إله إلا هو الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، الباريء، المصور، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعزّ، المذل، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المقيت، الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم،، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين، الولي، الحميد، المحصي، المبديء، المعيد، المحي، المميت، الحي، القيوم، الواجد، الماجد، الواحد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدم، المؤخر، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعالي، البر، التواب، المنتقم، العفو، الروؤف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسط، الجامع، الغني، المغني، المانع، الضارّ، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد الصبور".

ومعنى "من أحصاها" أي أحصاها علماً وإيماناً ويقيناً بأنها صفات الله عز وجلَّ وليس المراد الإحصاء الذي هو العد.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
شرح أسماء الله الحسنى:

1- الرحمن: هذا الاسم يختص بالله سبحانه وتعالى ولا يجوز إطلاقه على غيره. وهو من له الرحمة، وهو الذي رحم كافة خلقه بأن خلقهم وأوسع عليهم في رزقهم.

2- الرحيم: خاص في رحمته لعباده المؤمنين، بأن هداهم إلى الإيمان، وأنه يثيبهم الثواب الدائم الذي لا ينقطع في الآخرة.

3- الملك: هو النافذ الأمر في مُلكه، إذ ليس كلُّ مالك ينفذ أمره، وتصرفه فيما يملكه، فالملك أعم من المالك، والله تعالى مالك المالكين كِلّهم، والمُلاَّك إنما استفادوا التصرف في أملاكهم من جهته تعالى.

4- القدوس: هو الطاهر من العيوب المنزه، عن الأولاد والأنداد.

5- السلام: هو الذي سلم من كل عيب، وبريء من كل آفة، وهو الذي سلم المؤمنون من عقوبته.

6- المؤمن: هو الذي صدق نفسه وصدق عباده المؤمنين، فتصديقه لنفسه علمه بأنه صادق، وتصديقه لعباده: علمه بأنهم صادقون.

7- المهيمن: هو الشهيد على خلقه بما يكون منهم من قول أو عمل.

8- العزيز: هو الغالب الذي لا يغلب، والمنيع الذي لا يوصل إليه.

9- الجبار: وهو الذي لا تناله الأيدي ولا يجري في ملكه إلا ما أراد.

10- المتكبر: وهو المتعالي عن صفات الخلق، والكبرياء صفة لا تكون إلا لله خاصة لأن الله عز وجل هو الذي له القدرة والفضل الذي ليس لأحد مثله، وذلك الذي يستحق أن يقال له المتكبر.

قال الله عزّ وجل في الحديث القدسي: "الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني شيئاً منهما ألقيته في جهنم" رواه أبو داود وابن ماجه.

11- الخالق: وهو الذي أوجد الأشياء جميعها بعد أن لم تكن موجودة وقوله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14] أي تبارك الله أحسن المقدرين لأن الخلق يأتي بمعنى التقدير.

12- الباريء: هو الذي خلق الخلق عن غير مثال سابق.

13- المصور: هو الذي أنشأ خلقه على صور مختلفة.

14- الغفار: هو الذي يستر ذنوب عباده مرة بعد أخرى.

15- القهار: هو الذي قهر العاندين بما أقام من الآيات والدلالات على وحدانيته وقهر الجبابرة بعزِّ سلطانه وقهر الخلق كلهم الموت.

16- الوهَّاب: هو الذي يجود بالعطاء الكثير.

17- الرزاق: هو القائم على كل نفس بما يقيمها من قوتها وطعامها، وما ينتفع به الناس من رزق مباحٍ وغير مباح.

18- الفتاح: وهو الذي يفتح المنغلق على عباده من أمورهم ديناً ودنيا وهو الذي يفتح بين الحق والباطل فيوضح الحق ويبينه ويدحض الباطل فيزهقه ويبطله.

19- العليم: بمعنى العالم على صيغة المبالغة، فالعلم صفة لله تعالى.

20، 21- القابض، الباسط: هو الذي يوسع الرزق ويقدره، يبسطه بجوده ورحمته ويقبضه بحكمته.

22، 23- الخافض، الرافع: هو الذي يخفض الجبارين والمتكبرين أي يضعهم ويهينهم، ويخفض كل شيء يريد خفضه، وهو الذي يرفع المؤمنين بالإسعاد وأولياءه بالتقريب.

24- المعز: وهو تعالى يعز من شاء من أوليائه والإعزاز على أقسام:

القسم الأول: إعزاز من جهة الحكم والفعل: هو ما يفعله الله تعالى بكثير من أوليائه في الدنيا ببسط حالهم وعلو شأنهم، فهو إعزاز حكم وفعل.

القسم الثاني: إعزاز من جهة الحكم: ما يفعله تعالى بأوليائه من قلَّة الحال في الدنيا، وأنت ترى من ليس في دينه فوقه في الرتبة ‍‍‍‍ فذلك امتحان من الله تعالى لوليه، وهو يثيبه إن شاء الله على الصبر عليه.

القسم الثالث: إعزاز من جهة الفعل: ما يفعله الله تعالى بكثير من أعدائه من بسط الرزق وعلو الأمر والنهي، وظهور الثروة في الحال في الدنيا، فذلك إعزاز فعل لا إعزاز حكم، وله في الآخرة عند الله العقاب الدائم، وإنما ذلك ابتلاء من الله تعالى واستدراج.

25- المذل: الله تعالى يذلُّ طغاة خلقه وعُتاتهم حكماً وفعلاً، فمن كان منهم في ظاهر أمور الدنيا ذليلاً، فهو ذليل حكماً وفعلاً.

26- السميع: وهو الذي له سمع يدرك به الموجودات وسمعه وسع كلَّ شيء فسبحان الذي لا يشغله سمع عن سمع، والسمع صفة لله تعالى.

27- البصير: وهو من له بصر يرى به الموجودات، والبصر صفة لله تعالى.

28- الحكم: هو الحاكم، وهو الذي يحكم بين الخلق لأنه الحَكَم في الآخرة، ولا حكم غيره. والحكام في الدنيا إنما يستفيدون الحكم من قبله تعالى.

29- العدل: وهو الذي حكم بالحقِّ، والله عادل في أحكامه وقضاياه عن الجور.

30- اللطيف: هو المحسن إلى عباده، في خفاء وستر من حيث لا يعلمون، ويُسيِّر لهم أسباب معيشتهم من حيث لا يحتسبون.

31- الخبير: هو العالم بحقائق الأشياء.

32- الحليم: هو الذي يؤخر العقوبة على مُستحقيها ثم قد يعفو عنهم.

33- العظيم: هو المستحق لأوصاف العلو والرفعة والجلال والعظمة وليس المراد به وصفه بعظم الأجزاء كالكبر والطول والعرض العمق لأن ذلك من صفات المخلوقين تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

34- الغفور: هو الذي يكثر من المغفرة والستر على عباده.

35- الشكور: هو الذي يشكر اليسير من الطاعة، ويعطي عليه الكثير من المثوبة والأجر.

36- العلي: وهو تعالى عالٍ على خلقه فهو العالي القاهر.

37- الكبير: هو الموصوف بالجلال وكبر الشأن، فصغر دونه تعالى كل كبير.

38- الحفيظ: هو الحافظ لكل شيء أراد حفظه.

39- المقيت: هو المقتدر على كل شيء.

40- الحسيب: هو الكافي.

41- الجليل: هو عظيم الشأن والمقدار، فهو الجليل الذي يصغر دونه كل جليل ويتضع معه كل رفيع.

42- الكريم: هو الجواد المعطي الذي لا ينفد عطاؤه.

43- الرقيب: هو الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء.

44- المجيب: هو الذي يجيب المضطر إذا دعاه، ويغيث الملهوف إذا ناداه.

45- الواسع: هو الغني الذي وسع غناه مفاقر الخلق.

46- الحكيم: هو مُحكِم للأشياء متقن لها.

47- الودود: هو المحب لعباده.

48- المجيد: هو الجليل الرفيع القدر، المحسن الجزيل البرّ.

49- الباعث: يبعث الخلق كلَّهم ليوم لا شك فيه، فهو يبعثهم من الممات، ويبعثهم أيضاً للحساب.

50- الشهيد: هو الذي لا يغيب عنه شيء.

51- الحق: هو الموجود حقاً.

52- الوكيل: هو الذي يستقل بأمر الموكول إليه.

53- القوي: هو الكامل القدرة على كل شيء.

54- المتين: هو شديد القوة الذي لا تنقطع قوته ولا يمسه في أفعاله ضعف.

55- الولي: هو المتولي للأمور القائم بها، بأن يتولى نصر المؤمنين وإرشادهم، ويتولى يوم الحساب ثوابهم وجزاءهم.

56- الحميد: هو المحمود الذي يستحق الحمد.

57- المحصي: لا يفوته شيء من خلقه عداً وإحصاءً.

58- المبديء: هو الذي ابتدأ الأشياء كلها، لا عن شيء فأوجدها.

59- المعيد: هو الذي يعيد الخلائق كلهم ليوم الحساب كما بدأهم.

60- المحيي: هو الذي خلق الحياة في الخلق.

61- المميت: هو الذي خلق الموت، وكتبه على خلقه، واستأثر سبحانه بالبقاء.

62- الحي: هو الذي يدوم وجوده، والله تعالى لم يزل موجوداً ولا يزال موجوداً.

63- القيوم: هو القائم الدائم بلا زوال.

64- الواجد: هو الغني الذي لا يفتقر إلى شيء.

65- الماجد: هو بمعنى المجيد.

66- الواحد: هو الفرد الذي لم يزل وحده بلا شريك.

67- الأحد(1): هو الذي لا شبيه له ولا نظير.

68- الصمد: هو الذي يُقْصَدُ في الحوائج.

69- القادر: هو الذي له القدرة الشاملة، فلا يعجزه شيء ولا يفوته مطلوب.

70- المقتدر: هو التام القدرة الذي لا يمتنع عليه شيء.

____________________________

(1) الأحد في رواية الترمذي.

71، 72- المقدم المؤخر: هو الذي يزن الأشياء منازلها فيقدم ما شاء ومن شاء ويؤخر ما شاء ومن شاء.

73، 74- الأول والآخر: وهو مقدم على الحوادث كلها بأوقات لا نهاية لها، فالأشياء كلها وجدت بعده، وقد سبقها كلها. الأول الذي لا بداية لوجوده والآخر الذي لا نهاية لوجوده.

وهو المتأخر عن الأشياء كلها، ويبقى بعدها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: "أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء" رواه مسلم والترمذي وابن ماجه.

75- الظاهر: هو الذي ظهر للعقول بحججه، وبراهين وجوده، وأدلة وجدانيته.

76- الباطن: هو الذي احتجب عن أبصار الخلائق وأوهامهم فلا يدركه بصر ولا يحيط به وهم.

77- الوالي: هو المالك للأشياء والمتولي لأمرها.

78- المتعالي: هو المنزه عن صفات الخلق.

79- البر: هو المحسن إلى خلقه، المصلح لأحوالهم.

80- التواب: هو الذي يقبل رجوع عبده إليه.

81- المنتقم: هو الذي ينتصر من أعدائه ويجازيهم بالعذاب على معاصيهم.

82- العفو: هو الذي يصفح عن الذنب.

83- الرؤوف: هو الذي تكثر رحمته بعباده.

84- مالك الملك: هو الذي يملك الملك، وهو مالك الملوك، والمُلاَّك يُصرِّفهم تحت أمره.

85- ذو الجلال والإكرام: هو المستَحق أن يُجَلَّ ويُكرم فلا يجحد.

86- المقسط: هو العادل في حكمه.

87- الجامع: هو الذي يجمع الخلق ليوم الحساب.

88- الغني: هو الذي استغنى عن الخلق، فهو الغني وهم الفقراء إليه.

89- المغني: هو الذي أغنى الخلق بأن جعل لهم أموالاً وبنين.

90- المانع: هو الذي يمنع ما أراد منعه، فيمنع العطاء عن قوم والبلاء عن آخرين.

91، 92- الضار، النافع: هو الذي يوصل الضرر إلى من شاء وما شاء ويوصل النفع إلى من شاء وما شاء.

93- النور: هو الهادي الذي يبصر بنوره ذو النهاية ويرشد بهداه ذو الغواية.

94- الهادي: هو الذي بهدايته اهتدى أهل ولايته وبهدايته اهتدى الحيوان لما يصلحه واتقى ما يضره.

95- البديع: هو الذي انفرد بخلق العالم كله فكان إبداعه لا عن مثال سبق.

96- الباقي: هو الذي يدوم وجوده، وهو المستأثر بالبقاء.

97- الوارث: هو الذي يبقى بعد هلاك كل مخلوق.

98- الرشيد: هو الذي أرشد الخلق إلى مصالحهم، وأرشد أولياءه إلى الجنة وطرق الثواب.

99- الصبور: وهو الذي لا يعاجل العصاة بالعقوبة.

- وهذه المذكورات التسع والتسعون ليست كل ما ورد في أسماء الله تعالى بل ذكر في القرآن والأحاديث غيرها مثل: الرب، الحنان، المنان، الباديء، الكافي، المغيث، المولى، المبين، المحيط، القريب، الوتر، العلاَّم، المليك، الأكرم، ذو الطَّول، الجميل، الرفيع.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
شرح هذه الأسماء:

الرب: تطلق في اللغة كلمة الرب على المالك والسيد والمدبر والمربي والقيمِّ والمنعم. ولا يطلق غير مضاف إلا على الله وإذا أطلق على غيره أضيف فتقول: الله هو الرب، ولا تقول: فلان هو الرب بل تقول: فلان رب المنزل - أي فتضيفه إلى كلمة أخرى -

- الحنان: أي ذو الرحمة.

- المنان: هو الكثير العطاء.

- الباديء: بمعنى المبديء.

- الكافي: هو الذي يكفي عباده المُهم ويدفع عنهم المُلِم.

- المغيث: هو الذي يدرك عباده في الشدائد فيخلصهم.

- المولى: هو الناصر المعين.

- المبين: هو الظاهر أمره في الواحدنية.

- المحيط: هو الذي أحاطت قدرته بجميع المقدورات وأحاط علمه بجميع المعلومات.

- القريب: قريب بعلمه من خلقه، قريب ممن يدعوه بإجابته.

- الوتر: هو الفرد الذي لا شريك له ولا نظير.

- العلام: بمعنى العليم.

- المليك: هو المالك.

- الأكرم: هو الذي لا يوازيه كريم.

- ذو الطول: معناه صاحب المنِّ والعطاء.

- الجميل: هو الجميل في ذاته وصفاته وهو المُجمِل المحسن لخلقه وعباده.

- الرفيع: هو الذي لا أرفع قدراً منه وهو المستحق المدح والثناء.

-التوقيف في أسماء الله تعالى:

إن أسماء الله تعالى توقيفية فلا نسمي الله إلا بما سمى به نفسه، فما أطلقه تعالى من اسم أطلقناه وما منعه منعناه، وما لم يرد به إذن شرعي فيه، ولا منع لم نجوِّزه.

ولقد حذر القرآن الكريم من تحريف أسماء الله فقال سبحانه وتعالى:

{وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180].

- تنبيه:

يجب التنبه إلى بعض الإطلاقات التي تصدر من بعض المؤلفين في تركيب اسم لله لم ينص عليه في الكتاب والسنة، كإطلاق عبارة مهندس الكون الأعظم على الله أو المدير العام لشؤون الخلق، أو العقل المدبر، أو الجوهر أو الجسم فكل هذه الإطلاقات وما شابهها لا يجوز إطلاقها بتاتاً.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
5- مبدأ التوحيد:

1- إن دلائل وحدانية الله سبحانه ظاهرة واضحة في نظام هذا الكون المستقر، وأحداثه المنسقة، وسيره المنتظم .. ولو كان هناك إله غير الله لحدث الصراع بينهم على تسيير هذه المخلوقات وعندئذٍ يدب الفساد في الأرض والسماء.

قال الله سبحانه وتعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنبياء: 22].

2- ولو كان مع الله آلهة أخرى لحاول بعضهم أن يستعلي على غيره، وعندئذ يشهد الكون حروباً مروعة مدمرة، ويكون الملكوت ميداناً لصراع جبار بين الآلهة المتنازعة أو لحاول الضعاف من هذه الآلهة المتنازعة أن يتعاونوا على من له القوة والنفوذ في هذا الملكوت.

قال الله سبحانه وتعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لابْتَغَوْا(1) إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً (2)، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الإسراء: 42-43].

3- ولو كان مع الله آلهة أخرى لفصل كل إله ما خلق ولشاهدنا عمليات الانفصال والتجزئة ظاهرة في هذا الكون وكم تكون، الحياة سيئة لو أن للشمس إلهاً منع عنا ضوءها وأن للشجر إلهاً منع عنا ثمارها، وأن للسحب إلهاً منع عنا قطرها.

___________________________

(1) طلبوا.

(2) بالممانعة والمغالبة.

قال الله سبحانه وتعالى: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [المؤمنون: 91].

التوحيد على قسمين: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية:

1- توحيد الربوبية لله تعالى: فالله سبحانه وتعالى هو ربُّ السماوات والأرض ومن فيهن، ولم يشاركه في خلقها وتربيتها ومدَّها بالبقاء شريك.

قال الله سبحانه وتعالى:

{قُلْ لِمَنْ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ*سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ*قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ*سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ*قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ*سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّا تُسْحَرُونَ*بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [المؤمنون: 84 -90].

وقال الله سبحانه وتعالى:

{الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا(2)وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا} [الفرقان:2-3].

2- توحيد الألوهية لله تعالى:

فلله تعالى الأمر والنهي والحكم والقضاء وهو الذي يستحق العبادة وحده.

فإننا نعبد الله وحده ولا نشرك بعبادته ونعبده بما أمرنا أن نعبده وعلى الشكل الذي أمرنا به دون أن نخترع أو نبتدع من عند أنفسنا عبادة لم يأذن بها الله تعالى.

ومن توحيد الإلهية: أن تحكم شريعة الله في كل أعمالنا الفردية والجماعية، لأن الله سبحانه له الخلق، ومن له الخلق فله الأمر.

وعبادة الله تكون بطاعته فيما أمرنا به وفيما نهانا عنه، وكل حكم على خلاف حكم الله يمثل استنكافاً عن طاعته في ذلك الحكم، فإذا كان ذلك طاعة لغير الله تعالى فهو شرك بالله فيما هو من خصائص ألوهيته، وهو يمثل نقضاً جزئياً لتوحيد الألوهية وإذا كان لك اتباعاً لهوى النفس فهو لون في ألوان عبادة الهوى.

قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود: 123].

وقال تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110].

وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5].

فالله هو الواحد الأحد الذي يتصف بصفة الوحدانية، فإنه لا إله في حقيقة الأمر إلا الله.

قال الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1].

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
6- مبدأ تنزيه الله تعالى:

إن صفات الله تعالى وكماله عزَّ وجلَّ حقيقة قائمة ثابتة، يشهد بها كل ما في الكون، وتتحدث بها الفطرة البشرية، فكل إنسان منا يشعر أن فيه نقصاً دون الكمال ويشعر بوجود نقص في كل ما نشاهده في المخلوقات، فهذا الاتجاه التي تتجه الفطرة إليه(الشعور بالنقص) إنما يتبع من تيقنها بوجود من يتصف بالصفات العليا والذي له الأسماء الحسنى، وتلك هي الفطرة الإنسانية المؤمنة التي فطرها الله على الإيمان.

فعلم الإنسان بمخلوقات الله محدود وهو لا يستطيع أن يحيط بالمخلوقات علماً فكيف يستطيع أن يحيط بالله علماً؟

قال الله تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255].

فلا نعرف الله حق معرفته إلا بما علمنا إياه من طريق الشريعة، فقد جاءنا العلم والبيان منه فعرَّفنا الله بنفسه سبحانه وبأسمائه وصفاته فنقف عندها ونمجده ونقدسه وننزه.

فالله سبحانه وتعالى نزه نفسه عن مشابهته بالمخلوقات فهو لا مثيل له ولا نظير ولا شبيه.

فذاته ليست كذوات المخلوقات وأسماؤه ليست كأسماء المخلوقات، - وإن تشابهت الأسماء - كالرحيم مثلاً - ولكن المسمَّى يختلف.

وصفاته ليست كصفات المخلوقات وأفعاله ليست كأفعال المخلوقات.

فكل صفة من صفاته لا تشبه أبداً صفة من صفات الخلق فعلمه ليس كعلم عباده، وحكمته ليست كحكمة البشر، وقدرته ليست كقدرة البشر ورحمته ليست كرحمة المخلوقين وانتقامه من الكافرين ليس كانتقام البشر فكل صفة من البشر يلحقها النقص، أما كل صفة من صفات الله فلها الكمال تعالى الله عزَّ وجلَّ.

قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشوري: 11].

ولنضرب مثلاً يوضح الفكرة: عندما يقال: الملك الفلاني كريم، والبواب الذي عندنا كريم، وطفل الملك كريم. فدون شك أن السامع سيفرق بين كرم الملك وكرم بوابه وكرم طفله، وذلك بالرغم أن الجميع من المخلوقات.

فإذا قلنا: الله كريم، فلا شك أننا سنعلم يقيناً أن كرم المولى عزَّ وجلَّ لا يشابهه شيء من كرم عباده المملوكين الضعفاء.

وعندما يقال: الملك غني، والأمير غني، وضابط الجيش غني، فالسامع مباشرة يفرق بين غنى كل واحد منهم وهؤلاء كلهم من بني آدم، ومع غناهم فهم مفتقرون افتقاراً مطلقاً، فيفتقر كل واحد منهم إلى الطعام والشراب والخلاء والنوم والتنفس والراحة إلى آخره ...

أمَّا غنى المولى سبحانه فلا يشابهه شيء من غنى العباد، فالعباد بالنسبة إلى الله هم فقراء بحاجة إليه في إمدادهم بكل شيء، والله بالنسبة إلى العباد هو الغني الذي لا يحتاج إلى غيره مطلقاً.

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15].

وقال تعالى: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ(1) وَلا نَوْمٌ} [البقرة: 255].

____________________

(1) نعاس وغفوة.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
7- من صفات الله تعالى:

صفات الله تعالى لا حصر لها ولا عد فهو تعالى موصوف بالرحمة والكرم والمغفرة وكل صفات الكمال التي تليق بجلاله. نذكر في هذا الموجز بعضاً من هذه الصفات على أن نتوسع في إصدارات أخرى إن شاء الله تعالى:

أ- صفة الأولية وصفة الآخرية:

لقد وصف الله نفسه بأنه متصف بالأولية والآخرية فقال سبحانه وتعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ} [الحديد: 3].

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول: "اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء" رواه مسلم.

فالأول معناه: لا بداية لوجوده.

والآخر معناه: لا نهاية لوجوده.

فالله هو الأول بحيث لا يتصور قبله وجود قط، وكلما وقع في ذهنك وجوداً، فاعلم أنه مخلوق لله وأن وجود الخالق أسبق منه، فالله هو الأول قبل كل شيء.

والذي نتيقن به أنَّ الله سبحانه وتعالى غير حادث ولا تعتريه صفة من صفات الحوادث، لأنه لو كان الله تعالى حادثاً لاعتراه الفناء والعدم، فيتحصل أن العدم أصل للوجود وهذا مما لا يقبله العقل ولا الواقع.

ومن العجيب أن ينكر الملحدون قول المؤمنين بالله: إنه الأول قبل كل شيء في الوقت الذي يصفون فيه المادة (السديم المادي) بالوصف نفسه، ويقولون: إنه لا خالق له في حين أن الأدلة متضافرة ومشاهدة تنطق بأن هذا الكون مخلوق من عدم، وأنه حدث بعد أن لم يكن شيئاً وأنه ليس أزلياً لا بداية له كما يزعمون بل الله الخالق هو الأول. (انظر دليل وجود الله).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان الله ولم يكن شيء غيره" رواه البخاري.

- والله هو الآخر ووجوده ممتد إلى غير نهاية بحيث لا يتصور بعده وجود، فهو باقٍ عزَّ وجلَّ ويتصف بصفة البقاء وكل ما عداه قابل للفناء وكلما وقع في ذهنك وجوداً فاعلم أن وجوده مخلوق لله تعالى وأنه يفنى ويهلك ويبقى الله الذي ليس بعده شيء.

قال الله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} [القصص: 88] {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ *وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن: 26- 27].

ب- صفة الحياة:

إن الله حي، وحياته ليست كحياتنا لأن حياتنا حادثة وقائمة بالروح ثم مآلنا إلى الموت. فحياته ليس كمثلها شيء.

وما مظاهر الحياة المشاهدة إلا أثر ضئيل لحياة الله القيوم، فالموت لا يكون على الخالق، لأن الموت يأتي عند انعدام أسباب الحياة ومجيء أسباب الموت، فإذا كانت أسباب الحياة من مخلوقات الله فحياة الله إذن قبل وجود هذه الأسباب، فحياة الله كاملة ليست مشروطة بوجود أسباب معينة.

قال الله تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} وقال تعالى: {وَعَنَتْ(1) الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} [طه: 111].

وقال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} [الفرقان: 58].

ج- صفة العلم:

إن الله قد أثبت لنفسه صفة العلم فقال سبحانه وتعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255].

فالله سبحانه وتعالى عليم بكل شيء، لم يسبق علمه جهل ولا يجري عليه نسيان ولا يخالف علمه الواقع، وعلمه محيط بما كان وما هو كائن الآن وما سيكون، فيستوي الماضي والحاضر والمستقبل في علم الله، وسأل فرعون موسى عليه السلام عن الأزمنة السابقة له، فقال الله تعالى في كتابه العزيز: {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى (2) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي (3) وَلا يَنسَى} [طه: 51 - 52].

وما هذا الكون وما فيه من إحكام واتقان إلا برهان وشاهد على شمول علم الله تعالى وحكمته لجميع الموجودات دقيقها وجليلها وعظيمها وحقيرها وصغيرها وكبيرها، فمن يخلق المخلوقات كلها عليم بأسرارها وخفاياها.

قال الله تعالى: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14].

قال الله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59].

وقال تعالى: {وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الأعراف: 89].

وقال تعالى: {وَمَا يَعْزُبُ (4) عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ(5) فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [يونس: 61]. _______________________

(1) خضعت.

(2) فما حال وشأن الأمم.

(3) لا يغيب عن علمه شيء.

(4) لا يغيب.

(5) وزن أصغر هباءة.

وقال تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ(1) وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ } [غافر: 19].

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
وقال تعالى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ (2) الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (3) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ(4) سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ (5) بِالنَّهَارِ } [الرعد: 8 - 10].

وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ (6) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ (7) فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا (8) وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ (9) وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ* يُولِجُ (10) اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الحديد: 4 - 6].

د- صفة الإرادة:

إن الله تعالى موصوف بصفة الإرادة فهو مريد وإن إرادته جلَّ وعلا شاملة، فلا يوجد في الكون شيء إلا ما أراده الله سبحانه تعالى قبل وجوده فما علم اللهُ وقوعَه فقد أراد وقوعه، وكل ما علم عدم وقوعه لم يرد وقوعه.

قال الله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68].

وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود: 107].

وقال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ*فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: 82 - 83].

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يعلم بعضَ بناته أن تقول: "ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن" رواه أبو داود.

والإرادة على معنيين:

إرادة بمعنى المشيئة والتخصيص وهي المقصودة هنا. وإرادة بمعنى المحبة مثل قوله تعالى: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ}[الأنفال: 67].

__________________

(1) العين التي تسرق النظر إلى الحرام.

(2) ما تسقطه.

(3) بقدر وحدّ لا يتعداه.

(4) المستعلي على كل شيء بقدرته.

(5) ذاهب في طريقه ظاهراً.

(6) استواءً يليق بكماله وجلاله.

(7) ما يدخل فيها.

(8) ما يصعد إليها.

(9) بعلمه المحيط بكل شيء.

(10) يُدخله.

هـ- قدرة الله تعالى:

إن الله سبحانه وتعالى اتصف بالقدرة وقدرته لا كقدرتنا لأن قدرته كاملة شاملة توجد الأشياء التي أراد الله أن يوجدها وقدرته غير مستمدة من شيء.

أما قدرتنا فهي ناقصة ومددها من الله سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحج: 6].

وقال تعالى: {يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [النور: 54].

وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنْ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا(1) وَصِهْرًا(2) وَكَانَ رَبُّكَ قديراً} [الفرقان: 54].

و- صفة السمع وصفة البصر:

إن الله يسمع من غير جارحة وغير آلة للسمع ولا شرط من قرب وبعد ومسافة ولا يشغله سمع عن سمع فالله وصف نفسه بأنه سميع.

وصفة السمع: ما تنكشف به الموجودات وإن الله يبصر من غير جارحة ودون انعكاس موجات ضوئية من الشيء المرئي، ولا شرط من قرب أو بعد أو عدم وجود حائل، والله وصف نفسه بأنه بصير.

وصفة البصر: ما به تنكشف المبصرات، هو يرى ولا يخفى عليه شيء.

والسمع والبصر صفتان لله ليس كسمعنا وبصرنا فهو سبحانه وتعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.

قال الله تعالى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى * قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ(3) عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى(4) * قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:43-46].

وقال تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة: 1].

وقال تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق: 9 - 14].

________________________

(1) ذوي نسب ذكوراً يُنسب إليهم.

(2) ذوات صهر إناثاً يصاهر بهن.

(3) يعجل علينا العقوبة.

(4) يزداد طغياناً وعتواً وجرأة.



ز- صفة الكلام:

إن الله سبحانه وتعالى متصف بصفة الكلام فقد ورد في القرآن الكريم أن الله كلمَّ موسى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164].

وأثبت لنفسه الكلام فقال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة: 6].

والقرآن الكريم من كلام الله تعالى مكتوب في المصاحف محفوظ في القلوب، مقروء على الألسن منزل على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومما عُلم أن الله سبحانه عليم بكل شيء بما كان وما هو كائن الآن وما سيكون في المستقبل إلى ما لا نهاية.

وما يدل على هذا العلم من كلمات لا نهاية لها كذلك.

قال الله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا(1) لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ(2) الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الكهف: 109].

وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ(3) مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ(4) كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [لقمان: 27].

فصفة كلامه ليس ككلامنا، فكلامنا له كيفية ألفاظٍ تصنعها الشفتان واللسان وتضبطها الرئتان والحنجرة والأسنان فذاك شأن الإنسان أماَّ صفة كلامه فتنزه عن ذلك، فتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
8- الآيات والأحاديث المتشابهة:

معنى المحكم: وهو النص الذي لا يحتمل إلا معنى واحداً محدداً لا اشتباه فيه.مثل قوله تعالى:

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1].

معنى المتشابه: هو النص الذي يحتمل أوجهاً عديدة فيكون له أكثر من معنى.

مثال الآيات المتشابهات: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5].

{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22].

{هَلْ يَنظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ} [البقرة: 210].

وغير ذلك مما يشابهها.

__________________

(1) المادة التي يكتب بها.

(2) فني وفرغ.

(3) يزيده.

(4) ما تركت وما نفيت.

قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُوْلُوا الأَلْبَابِ * رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 7 - 8].

وفي الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: "ينزل الله عزَّ وجل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: "من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له" رواه البخاري ومسلم.

الصعوبة في معرفة الحقيقة الكاملة من الألفاظ المتشابهة:

قال الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ} فاللفظ المتشابه لا ينطبق تمام الانطباق على الحقيقة التي يرمز إليها إنما يشابهها في وجه من الوجوه.

ومن أراد أو حاول معرفة هذه الحقيقة الكاملة من الألفاظ المتشابهة فلن يصل إلى نتيجة مرضية بل سيقع في زيغ.

ولنضرب مثالاً لتوضيح الفكرة في الأذهان:

لنفرض أن شخصاً في هذا العصر أراد توعية قوم عاشوا قبل ألف سنة، فقال لهم: قد أصبح الحديد يتكلم، ولم يشأ أن يخبرهم بكيفية كلام الحديد الذي يعتمد على الدوائر الكهربائية والموجات أو الملفات المغناطيسية والذبذبات الصوتية لأنهم لن يفهموا بدقة هذه الأمور.

ولكن بعد أن تركهم أرادوا أن يعرفوا الحقيقة في كلام الحديد من اللفظ المتشابه (الحديد يتكلم).

فقال أحدهم: لقد قال لنا: الحديد يتكلم، وهل يتكلم الحديد بغير لسان؟ إذاً لابد أن الحديد لساناً!.

وقال آخر: وهل يكون للحديد لسان دون أن يكون له فم؟ إذاً لابد له من فم!.

وقال آخر: وبما أن الحديد له فم، إذاً لابد له أن يتغذى ويأكل!.

وقال آخر: وبما أن الحديد يتغذى ويأكل، إذاً لابد أن له معدة وأمعاءً، ولابد أنه يبحث عن طعامه!.

فانظر يا أخي إلى أي ضلال ذهب الذين لم يعرفوا حقيقة الألفاظ المتشابهة وأرادوا معرفة الحقيقة منها.

الموقف من الآيات والأحاديث المتشابهة:

أهل الإيمان يؤمنون بأنها حق من عند الله {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُوْلُوا الأَلْبَابِ}.

قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى وقد سئل عن الأحاديث المتشابهة: "نؤمن بها ونصدق بها، ولا كيف ولا معنى ولا نَرُدُّ منها شيئاً، ونعلم أن ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم حق إذا كان بأسانيد صحاح ولا نرد على الله قوله، ولا يوصف الله تبارك وتعالى بأكثر مما به وصف به نفسه بلا حدّ ولا غاية. {ليسَ كمِثْلِهِ شيءٌ}. ذكره الخلال في كتاب السنة.

وجاء رجل إلى الإمام مالك رحمه الله تعالى، فقال: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟ فأطرق مالك رأسه ثم علاه الرخصاء، ثم قال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعاً، فأمر به أن يخرج. رواه البيهقي بإسناد جيد.

وعن محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة رحمهما الله قال: "اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاءت بها الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الرَّب عزّ وجلّ من غير تفسير ولا وصف ولا تشبيه". رواه أبو القاسم الألكائي في كتاب السنة.

وسئل الإمام الأوزاعي ومالك وسفيان الثوري والليث بن سعد عن هذه الأحاديث فقالوا: أمِرُّوها كما جاءت بلا كيفية. رواه البيهقي.

وقال سفيان بن عينية: كل ما وصف الله به نفسه في كتابه، فتفسيره تلاوته والسكوت عليه. رواه البيهقي وهو صحيح الإسناد.

وقال الإمام البيهقي: وفي الجملةيجب أن يعلم أن استواء الله سبحانه وتعالى ليس باستواء

اعتدال عن اعوجاج، ولا استقرار في مكان، ولا مماسة لشيء من خلقه لكنه مستو على عرشه كما أخبر بلا كيف، بلا أين، بائن من جميع خلقه، وأن إتيانه ليس بإتيان من مكان إلى مكان، وأن مجيئه ليس بحركة وأن نزوله ليس بنقلة، وأن نفسه ليس بجسم وأن وجهه ليس بصورة، وأن يده ليست بجارحة، وأن عينه ليست بحدقة وإنما هذه أوصاف جاء بها التوقيف فقلنا بها، ونفينا عنه التكييف، فقد قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11].

وقال: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4].

وقال: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65].

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه الآية: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [آل عمران: 7].

قالت رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم". رواه البخاري ومسلم.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
الإيمان بالملائكة عليهم السلام

1- وجوب الإيمان بالملائكة عليهم السلام

2- حقيقة الملائكة عليهم السلام

3- حكمة وجود الملائكة عليهم السلام والإيمان بهم

4- عصمة الملائكة عليهم السلام من المعصية

5- مرتبة الملائكة عند الله عزَّ وجلَّ

6- عبادة الملائكة وخوفهم من الله عزَّ وجلَّ

7- تمثلات وتشكلات الملائكة عليهم السلام

8- أعداد الملائكة عليهم السلام

9- رؤساء الملائكة

10- خلقة الملائكة الأصلية

11- أصناف الملائكة ووظائفهم :

أ- جبريل عليه السلام : صفاته، وظائفه.

ب- ميكائيل عليه السلام : وظائفه.

ج- إسرافيل عليه السلام : وظائفه.

د- حملة العرش : عددهم، عظمتهم، وظائفهم.

هـ- الملأ الأعلى أو الرفيق الأعلى.

و- الملائكة المقربون.

ز- خزنة الجنة.

حـ- خزنة النار.

ط- الملائكة الموكلون بتصوير النطفة وتطويرها.

ي- الملائكة الموكلون بمراقبة أعمال المكلفين وكتابة أقوالهم وأفعالهم.

ك- الملائكة الموكلون بحفظ الإنسان.

ل- الملائكة الموكلون بقبض الأرواح.

م- الملائكة الموكلون بأمور أخرى في هذا العالم.



1- وجوب الإيمان بالملائكة عليهم السلام:

إن الإيمان بالملائكة من الواجبات الإعتقادية، قال الله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285].

فالمؤمن عليه أن يعتقد اعتقاداً جازماً بأن الله خلق عالماً سماه الملائكة.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور المتضمن أسئلة جبريل عليه السلام للرسول صلى الله عليه وسلم ما الإسلام والإيمان والإحسان: قال - أي جبريل عليه السلام - فأخبرني عن الإيمان، قال - أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره" قال - أي جبريل عليه السلام -: صدقت.

ومن أنكر وجود الملائكة، كان إنكاره كفراً وضلالاً لأنه أنكر ما هو ثابت ثبوتاً صريحاً في القرآن الكريم والسنة الشريفة قال الله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيدًا} [النساء: 136].

2- حقيقة الملائكة:

الملائكة عليهم السلام عالم خلقه الله من نور، لهم قدرة على التمثل بأمثال الأشياء بإذن الله تعالى، لا يوصفون بذكورة ولا أنوثة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجانُّ من مارج(1) من نار، وخُلق آدم مما وصف لكم(2) " رواه مسلم.

فالملائكة نوع من خلق الله تعالى مغاير لنوع الإنس والجن فالإنس والجن يتناسلون ويتناكحون ويوصفون بذكورة وأنوثة بخلاف الملائكة عليهم السلام لا يتناسلون ولا يتناكحون ولا يوصفون بذكورة ولا بأنوثة.

قال الله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَانِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزخرف: 19].

______________________

(1) لهب صاف لا دخان فيه.

(2) أي كما وصفه الله تعالى في كتابه العزيز في مواضع متعددة : بأنه من تراب وماء أي طين قال تعالى: {وبدأ خلق الإنسان من طين} [السجدة : 7] بأنه من طين لازب أي يلتزق بعضه ببعض أي : طين مستقر على حالة من الاعتدال ليصلح لقبول التصوير قال تعالى: {إنا خلقناهم من طين لازب} [صافات: 11] وبأنه من صلصال أي طين يابس كالفخار من حمأ مسنون، أي طين أسود مصوَّر صورة إنسان أجوف، قال تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون}[الحجر: 26] وبأنه قد نفخ فيه الروح قال الله تعالى: {فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقوا له ساجدين} [الحجر: 29].

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
3- حكمة وجود الملائكة عليهم السلام والإيمان بهم:

إن في وجود الملائكة والإيمان بهم حكماً متعددة منها:

أولاً: أن يعلم الإنسان سعة علم الله تعالى وعظم قدرته وبديع حكمته، وذلك أنه سبحانه خلق ملائكة كراماً لا يحصيهم الإنسان كثرة ولا يبلغهم قوة وأعطاهم قوة التشكل بأشكال مختلفة حسبما تقتضيه مناسبات الحال.

ثانياً: الإيمان بالملائكة عليهم السلام هو ابتلاء للإنسان بالإيمان بمخلوقات غيبية عنه، وفي ذلك تسليم مطلق لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثالثاً: أن يعلم الإنسان أن الله تعالى خلق ملائكة أنقياء أقوياء لكلٍ منهم له وظيفة بأمر من الله تعالى إظهاراً لسلطان ربوبيته وعظمة ملكه، وأنه الملك المليك الذي تصدر عنه الأوامر، من الوظائف التي أمروا بها: نفخ الروح في الأجنة ومراقبة أعمال البشر، والمحافظة عليها وقبض الأرواح وغير ذلك... .

رابعاً: أن يعلم الإنسان ما يجب عليه تجاه مواقف الملائكة معه وعلاقة وظائفهم المتعلقة به، فيرعاها حق رعايتها ويعمل بمقتضاها وموجبها.

مثال ذلك: أن الإنسان إذا علم أن عليه ملكاً رقيباً يراقبه وعتيداً حاضراً لا يتركه، متلقياً عنه ما يصدر منه، فعليه أن يحسن الإلقاء والإملاء لهذا الملك المتلقي عنه والمستملي عنه الذي يدون على الإنسان كتابه ويجمعه ثم يبسطه له يوم القيامة وينشره ليقرأه قال الله تعالى: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [الإسراء: 14].

خامساً: وقد اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يجعل ملائكة كراماً وسطاء سفرة بينه وبين أنبيائه ورسله عليهم السلام قال الله تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاتَّقُونِي} [النحل: 2].

وفي ذلك تنبيه إلى عظم النبوة والرسالة، ورفعة منزلة الشرائع الإلهية وشرف العلوم الربانية الموحاة إلى الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، وإن شرائع الله تعالى مجيدة كريمة، لأن الذي شرعها هو العليم الحكيم الذي أحكم للناس أحكامها ووضع لهم نظامها على وجه يضمن مصالح العباد وسعادتهم وعزتهم الإنسانية وكرامتهم الآدمية.

فالجدير بالشرائع الإلهية وحكمة أحكامها وبديع انتظامها أن تتنزل بها أشراف الملائكة وساداتها على أشراف الخليقة الإنسانية وساداتها ألا وهم الأنبياء عليهم السلام.



1- عصمة الملائكة عليهم السلام من المعصية:

-إن الملائكة عليهم السلام معصومون عن المعصية والذنوب، فقد عصمهم الله وحفظهم من ذلك.

- فهم لا يعصون الله ما أمرهم ويأتمرون بأوامر الله تعالى، وكل من كانت صفاته كذلك فلا يقع في معصية أو ذنب قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].

-وهم لا يتقدمون بقول إلا بعد أن يأذن الله تعالى لهم في ذلك ولا يتحركون لعمل إلا بأمره. قال الله تعالى: { وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَانُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء: 26-27].

-وهم في مقام الخشية والخوف من الله، ودأبهم فعل ما يؤمرون به من ربهم قال تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 49 - 50].

فمن كان مقامه الخوف من الله وعدم المخالفة لأوامره فهل يقع منه معصية؟

-وهم يسبحون الله ليلاً ونهاراً، ولا يتعبون ولا يملون من عبادة ربهم. قال الله تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ(1) عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ (2)} [الأنبياء: 19 - 20].

ومن كان هذا دأبه، فأنى تتأتى منه المعصية؟

-وهم المطيعون الصادقون، وقد وصفهم الله تعالى في كتابه العزيز: {كرام بررة(3) } فمن كان باراً مطيعاً فهل يخالف؟

-فمن ذلك الآيات يتبين أن الملائكة عليهم السلام محفوظون بحفظ الله عن المعصية والذنوب.

ويجب تنزيه مقامهم الرفيع عن كل ما يحط من رتبتهم ومنزلتهم عن جليل مقدارهم.

تنبيه: ليس في قصة هاروت وماروت في القرآن الكريم ما يخلُّ في عصمة الملائكة عليهم السلام.

_________________

(1) لا يكلون ولا يعيون.

(2) لا يسكنون عن التسبيح والعبادة.

(3)وهم المطيعون لربهم.

قال الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102].

والقصة: أن اليهود نبذوا كتاب الله واتبعوا كتب السحرة والشعوذة التي كانت تُقْرَأ في زمن ملك سليمان عليه السلام. وذلك أن الشياطين كانوا يسترقون السمع ثم يضمون إلى ما سمعوا أكاذيب يلفقونها ويلقونها إلى الكهنة، وقد دونوها في كتب يقرؤونها ويعلمونها الناس وفشا ذلك في زمان سليمان عليه السلام، حتى قالوا إن الجن تعلم الغيب، وكانوا يقولون هذا علم سليمان عليه السلام، وما تمَّ لسليمان ملكه إلا بهذا العلم وبه سخر الجن والإنس والطير والريح، فأنزل الله هذين الملكين هاروت وماروت لتعليم الناس السحر ابتلاءً من الله وللتمييز بين السحر والمعجزة وظهور الفرق بين كلام الأنبياء عليهم السلام وبين كلام السحرة.

وما يُعلِّم هاروت وماروت من أحدٍ حتى ينصحاه، ويقولا له إنما نحن ابتلاء من الله، فمن تعلم منا السحر واعتقده وعمل به كفر، ومن تعلَّم وتوقَّى عمله ثبت على الإيمان.

فيتعلم الناس من هاروت وماروت علم السحر الذي يكون سبباً في التفريق بين الزوجين، بأن يخلق الله تعالى عند ذلك النفرة والخلاف بين الزوجين، ولكن لا يستطيعون أن يضروا بالسحر أحداً إلا بإذن الله تعالى، لأن السحر من الأسباب التي لا تؤثر بنفسها بل بأمره تعالى ومشيئته وخلقه.

فيتعلم الناس الذي يضرهم ولا ينفعهم في الآخرة لأنهم سخروا هذا العلم لمضرة الأشخاص.

ولقد علم اليهود أن من استبدل الذي تتلوه الشياطين من كتاب الله ليس له نصيب من الجنة في الآخرة، فبئس هذا العمل الذي فعلوه.

والخلاصة: أن الله تعالى إنما أنزلهما ليحصل بسبب إرشادهما الفرق بين الحق الذي جاء به سليمان وأتم له الله به ملكه، وبين الباطل الذي جاءت الكهنة به من السحر، ليفرق بين المعجزة والسحر.

وإن ورد غير ذلك في شأن هذه القصة فلا يبعد أن يكون من الروايات الإسرائيلية.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
5- مرتبة الملائكة عند الله عزَّ وجلَّ:

قال الله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18].

هذه الشهادة هي أعظم الشهادات وأقومها وأعلاها، إنها شهادة الله بأنه لا إله إلا هو عز وجل.

ففي هذه الآية الكريمة أن الله تعالى قرن شهادة الملائكة وأولي العلم بشهادته سبحانه وتعالى التي سجلها في جميع كتبه.

وفي ذلك وجوه من العز والشرف والكرامة وعلو المكانة والمرتبة للملائكة الكرام والعلماء المخلصين الذين قرنهم الله تعالى بملائكته:

أولاً: إن الله تعالى استشهد بشهادة نفسه سبحانه وهو أجلُّ شاهد، وكفى بالله شهيداً، ثم بخيار خلقه وهم الملائكة وأولوا العلم، وحسبهم بذلك رتبة عالية وفضلاً عظيماً، وشرفاً كريماً على غيرهم من المخلوقات.

ثانياً: إنه تعالى لا يستشهد من خلقه إلا الشهود العدول المطيعين، فهذه الآية تدل على عدالتهم وثقتهم وأمانتهم وصونهم وتزكيتهم وتنقيتهم.

ثالثاً: إنه تعالى جعل شهادة الملائكة وأولي العلم حجة على المنكرين، فالملائكة وأولوا العلم عند الله بمنزلة براهينه الدالة على توحيده سبحانه.

وقال تعالى: {وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ(1) عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ(1) * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ(2)} [الأنبياء: 19، 20].

وقال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَانُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنْ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء : 26-27- 28].

وقد وصفهم الله في هذه الآيات بأنهم مقربون يداومون على عبادة الله كما أمرهم تعالى ولا ينثنون ولا يكلون ولا يتعبون بل دأبهم الطاعة والاستمرار عليها، وحالهم التسبيح في الليل والنهار فلا يتوقف نشاطهم عن التسبيح والتمجيد لله تعالى.

ووصفهم بأنهم عباد لهم شأن كريم ومقام عظيم ونعتهم بكمال الطاعة، والانقياد لأمره تعالى،وأنهم بأمره يعملون لا من تلقاء أنفسهم، فهم على مراقبة دائمة في جميع تقلباتهم وحركاتهم وسكناتهم، لأنهم يوقنون أن علمه سبحانه محيط بهم، وهم لا يشفعون إلا لمن أرتضى الله تعالى أن يشفعوا له، وأنزلهم مقام الخوف والخشية منه وكفى هذا المقام رتبة.

وقال الله تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ(3) * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ(4)} [الأنبياء: 19-20].

_________________________

(1) لا يملون عن العبادة التي أمروا بها.

(2) لا يسكتون عن التسبيح.

(3) لا يكلون ولا يعيون.

(4)لا يسكتون عن التسبيح.



وقال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * فَإِنْ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ (1)} [فصلت: 37- 38].

- فالملائكة عليه السلام لا يصيبهم تعب من عبادة الله تعالى ولا فتور ولا كلل من تسبيحه سبحانه وتمجيده، بل حياتهم ودأبهم هي طاعة الله تعالى وعبادته وتسبيحه وتحميده.

وقال تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [شورى: 5].

- فهم يستغفرون لمن أذن الله أن يستغفروا له، فيجيب الله استغفارهم لمن في الأرض، لأنه هو الغفور الرحيم.

وقد وصف الرسول صلى الله عليه وسلم مشهداً من مشاهد عبادتهم فقال: "إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أَطَّتْ (2) السماء وحُقَّ لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك واضع جبهته لله تعالى ساجداً، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، ولما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات (3) تجأرون(4) إلى الله تعالى" رواه الترمذي وأحمد.

وقال تعالى: { والصَّافَّاتِ صَفّاً} [الصافات: 1].

فقد أقسم الله تعالى بطوائف من الملائكة الصافات للصلاة والعبادة بين يدي رب العالمين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم ؟" قلنا وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: " يقيمون الصفوف المتقدمة ويتراصون في الصف" رواه مسلم وأبو داود والنسائي وغيرهم.

قال الله تعالى في خوف الملائكة:

{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50].

{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنْ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: 28].

______________________

(1) لا يملون التسبيح.

(2) ظهر لها صوت من كثرة الملائكة.

(3) مرتفعات الأرض كالتلال والجبال.

(4)تتضرعون إلى الله بالدعاء.

يصف الله ملائكته بأنهم يخافونه ويخشونه لأنه سبحانه مالك ذواتهم وبيده مقاليد أمورهم، وخوفهم، خوف إجلال وإعظام وإن كانوا آمنين من عذاب الله تعالى، وإن خوفهم من الله نشأ لعلمهم بالله عز وجل وبحقه.

قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28].

إن العلماء يخشون الله لأنهم أعلم بالله من غيرهم، فأعلم الناس بالله تعالى هم أخشاهم لله تعالى، قال عليه الصلاة والسلام: "أمَا والله إني لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية" رواه البخاري.

ومع خوفهم وخشيتهم يعلمون أن أحداً لا يقدر الله حق قدره من الثناء عليه والحمد له وتسبيحه وتكبيره والعبادة له.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كفٍّ إلا وفيه ملك ساجد أو ملك راكع، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعاً: ما عبدناك حق عبادتك إلا أنّا لا نشرك بك شيئاً" رواه الطبراني وغيره.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
7- تمثلات وتشكلات الملائكة عليهم السلام:

إن الملائكة عليهم السلام تتشكل بأشكال مختلفة -بإذن من الله- حسب المناسبات التي تقتضيها الحالات.

ومن تمثلات الملائكة حسب المناسبة:

- فقد جاء جبريل عليه السلام متمثلاً بصورة بشرٍ سوي الخلق كامل البنية مريم عليها السلام يبشرها بغلام زكي طاهر النفس وهو المسيح عيسى ابن مريم، قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ(1) مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا(2) فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا(3) فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا(4)} [مريم: 16 - 19].

وقد جاء إلى إبراهيم عليه السلام ملائكة في صورة شبان حسان ضيوفاً وبشروه بغلام

قال الله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ(5) * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ(6) * فَرَاغَ(7) إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ(8) مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ(9)}[الذاريات: 24 - 28].

___________________________

(1) انفردت واعتزلت.

(2) ستراً.

(3) جبريل.

(4) طاهر النفس.

(5) الملائكة.

(6) قوم لا يعرفهم.

(7) ذهب خفية.



وكان جبريل عليه السلام يأتي النبيَّ عليه الصلاة والسلام بصورة رجل أعرابي حسن المنظر غير معلوم لدى الناس.

عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: " بَيْنَما نَحْنُ جُلْوسٌ عِنْدَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَياضِ الثِّيَاِب شَديدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لا يُرَى عليه أَثَرُ السَّفَرِ ولا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتى جَلَسَ إلى النَّبِّي صلى الله عليه وسلم، فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ ووَضَعَ كَفَّيْهِ على فَخِذَيْهِ، وقال: يا محمَّدُ أَخْبرني عَن الإسلامِ، فقالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: الإسلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأَنَّ محمِّداً رسولُ الله، وتُقِيمَ الصَّلاةَ، وتُؤتيَ الزَّكاةَ، وتَصُومَ رَمَضان، وتَحُجَّ الْبَيْتَ إن اسْتَطَعتَ إليه سَبيلاً. قالَ صَدَقْتَ. فَعَجِبْنا لهُ يَسْأَلُهُ ويُصَدِّقُهُ، قال : فَأَخْبرني عن الإِيمان. قال: أَن تُؤمِنَ باللهِ، وملائِكَتِهِ وكُتُبِهِ، ورسُلِهِ، واليَوْمِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالْقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ. قال صدقت. قال : فأخْبرني عَنِ الإحْسانِ. قال: أنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاك. قال: فأَخبرني عَنِ السَّاعةِ، قال:ما المَسْؤولُ عنها بأَعْلَمَ من السَّائِلِ . قال: فأخبرني عَنْ أَمَارَتِها (1)، قال: أن تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَها، وأَنْ تَرَى الحُفاةَ العُراةَ العالَةَ رِعاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُون في الْبُنْيانِ، ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبثْتُ مَلِيّاً، ثُمَّ قال: يا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلْتُ: اللهُ ورسُولُهُ أَعلَمُ . قال: فإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ ". رواه مسلم.

وعن عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحياناً يأتيني مثل صلصة الجرس - وهو أشدُّه عليَّ - فيفِصمُ عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول". قالت عائشة رضي الله عنها ولقد رأيته صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصَّدُ عرقاً. رواه البخاري.

-وكان جبريل عليه السلام يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بصور حسب المناسبة التي اقتضتها تلك الحالة، فجاء يوم نبي قريظة بصورة محارب عليه السلاح.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق وضع السلاح واغتسل، فأتاه جبريل عليه السلام وهو ينفض رأسه من الغبار، فقال: قد وضعت السلاح؟ واللهِ ما وضعناه فاخرج إليهم. قال: فإلى أين. قال: هاها. وأشار إلى بني قريظة، فخرج النبي "صلى الله عليه وسلم إليهم قال أنس رضي الله عنه: كأني أنظر إلى الغبار ساطعاً(2) في زقاق بني غنم(3) موكب جبريل عليه السلام حين سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة. رواه البخاري.

________________

1- علاماتها.

2-مرتفعاً

3- جماعة من الركاب يسيرون برفق.



وقد تمثل المَلك بصورة أبرص ثم بصورة أقرع ثم بصورة أعمى حيث أرسله الله تعالى ليبتلي الذي كان أبرص والذي كان أقرع والذي كان أعمى، فأكرمهم الله بحسن الحال والصحة والكمال فجاء الملَك يختبرهم: أيشكرون نعمة الله عليهم ويعرفونها ويؤدون حقها، أم يجحدون ويكفرون بنعمة الله تعالى.

عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن ثلاثة من بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى أراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً فأتى الأبرص، فقال له: أيُ شيء أحب إليك؟ فقال لون حسن وجلد حسن قد قذرني الناس. قال: فمسحه الملك: فذهب عنه فأعطي لوناً حسناً وجلداً حسناً. فقال له الملك: وأي المال أحب إليك؟ فقال: الإبل، فأعطاه ناقة عشراء، وقال: بارك الله فيها.

وأتى -أي الملَكُ- الأقرع، فقال: أيُّ شيء أحب إليك؟ فقال: شعر حسن ويذهب عني هذا الذي قذرني الناس. فمسحه -أي الملك- فذهب وأعطي شعراً حسناً، فقال الملك: فأيُّ المال أحب إليك؟ فقال: البقر، فأعطاه بقرة حاملاً، وقال: بارك الله لك فيها.

وأتى -أي الملَك- الأعمى، فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: يرد الله عليَّ بصري فأبصر به الناس، قال: فمسحه الملك، فردّ الله إليه بصره، قال: فأيَّ المال أحبُّ إليك؟ قال: الغنم، فأعطاه شاةً والداً.

فأنتج هذان وولد هذا، فكان لهذا وادٍ من إبل ولهذا وادٍ من بقره، ولهذا وادٍ من غنم.

ثم إنه -أي الملَك- أتى الأبرص في صورته -أي في صورة الأبرص حين كان أبرص- وهيئته، فقال -الملك- له: رجل مسكين انقطعت به الحبال(1) فلا بلاغ له اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال، أسألك بعيراً أتبلغ به في سفري، فقال له الأبرص: إن الحقوق كثيرة، فقال له -الملك- كأني أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك الناس، فقيراً فأعطاك الله تعالى؟ فقال الأبرص: إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر(2) فقال له الملك: إن كنت كاذباً صيرك الله إلى ما كنت(3).

وأتى الأقرعَ في صورته وهيئته، فقال له مثل ما قال للأبرص فردَّ عليه الأقرع مثل ما ردَّ على الأبرص، فقال له الملك: إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت(4)

________________________________

1- أي أسباب الرزق في السفر.

2- كبيراً عن كبير في العزّ والشرف (أبّا عن جد).

3- أرجعك إلله إلى الحالة التي كنت عليها وهي البرص.

4- أرجعك الله إلى الحالة التي كنت عليها وهي القرع

وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال له: رجل مسكين وابن سبيل، انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي ردَّ عليك بصرك شاةً أتبلغ بها في سفري، فقال له الأعمى: قد كنت أعمى فردَّ الله علي بصري وفقيراً فقد أغناني، فخذ ما شئت فوالله لا أجهدك بشيء أخذته لله، فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك".

- وكان جبريل عليه السلام يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بصورة دِحْيَة الكلبي إذ كان جميل الصورة وحسن الهيئة.

- أحكام خاصة في تمثلات الملائكة عليهم السلام: تمثلات الملك لها أحكامها الخاصة.

فلا يلزم من تمثل الملك بصورة بشر أن تناله الأحكام البشرية كلها بل تعتريه بعض العوارض المناسبة له:

مثال ذلك:

1- إصابة الملك بغبار فيمسحه، فقد ورد أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من الخندق وضع السلاح واغتسل، فأتاه جبريل وهو ينفض رأسه من الغبار. رواه البخاري.

2- إصابة الجسم بآفة إذا أصيب بضربة كاللطمة على العين فتفقأها، فقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام فقال له: أجب ربك، قال فلطم(1) موسى عين ملك الموت ففقأها، قال فرجع الملك إلى الله تعالى، فقال: إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت وقد فقأ عيني، قال فردَّ الله إليه عينه، وقال: ارجع إلى عبدي - أي إلى موسى - فقل: الحياةَ تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور(2) فما توارت(3) يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة. فقال - أي موسى عليه السلام -: ثم ته(4) ؟ قال - أي ملك الموت -: ثم تموت. قال -موسى عليه السلام-: فالآن من قريب، ربِّ أمتني من الأرض المقدسة رميةً بحجر" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر(5)" متفق عليه واللفظ لمسلم.

________________________________.

(2) ضرب.

(3) ظهر.

(4) غطت.

(5) أي ماذا يكون بعد ذلك.

(6) المجتمع من التراب.

أمَّا العوارض التي لا تعتريهم ولا تنالهم فهي:

- الأكل والشرب لما ورد في الآيات الكريمة لمّا جاءت الملائكة عليهم السلام إلى خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام ضيوفاً وقدم لهم طعاماً -وهو عجل سمين- لم يتناولوا منه شيئاً.

والنوم : لأن الملائكة عليهم السلام لا يسكنون عن عبادة الله أبداً ولا يتعبون.

{فقربه(1) إليهم(2) قال ألا تأكلون * فأوجس(3) منهم خيفة}.

{وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ(4) * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ(5)} [الأنبياء: 19 - 20].

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
8- أعداد الملائكة عليهم السلام:

إن عدد الملائكة لا يعلمه إلا الله عزَّ وجلَّ، فهم لا يحصون في علم المخلوقات لكثرتهم الكاثرة قال الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ} [المدثر: 31].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أطت(6) السماء، وحُقَّ لها أن تئط، ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو راكع".

9- رؤساء الملائكة عليهم السلام:

منهم جبريل،(7) وميكائيل(8) وإسرافيل(9) ولكل منهم أعمال ووظائف يقوم بها بأمر من الله تعالى.

عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: سألت عائشة رضي الله عنها: بأيّ شيء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة إذا قام الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل افتتح صلاته: "اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اخُتلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم". رواه مسلم.

وفي ذكر أسماء الثلاثة (جبريل وميكائيل وإسرافيل) ما يدل على أفضلية هؤلاء، الملائكة الثلاثة وكرامتهم عند الله عزَّ وجلَّ.

_____________________

(1) الطعام الجاهز للأكل وهو العجل السمين.

(2) إلى الضيوف وهم الملائكة.

(3) فأحس.

(4) لا يملون من العبادة.

(5) لا يسكتون عن التسبيح.

(6) ظهر لها صوت من كثرة الملائكة.

(7) معناه عبد الله.

(8) معناه عبيد الله.

(9) معناه عبد الرحمن.

وقد خصص الله تعالى جبريل وميكائيل بالذكر في القرآن الكريم وهذا تنويه على أنهما من أكابر الملائكة قال الله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 98].

10- خلقة الملائكة الأصلية:

قال الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فاطر: 1].

هذه الآية تبين مظاهر قدرة الله تعالى وآثار قوته المشهودة في خلق السماوات والأرض وفي خلق الملائكة العظام فجعلهم رسلاً في تنفيذ أوامره التكوينية وفي تبليغ وحيه وأحكامه التشريعية، وزاد في خلقهم جمالاً وبهاءً وقوة فجعلهم أصحاب أجنحة، فمنهم ذو جناحين ومنهم ذو ثلاثة أجنحة ومنهم ذو أربعة أجنحة ومنهم ذو أجنحة أكثر من ذلك، لأنه سبحانه وتعالى يزيد في الخلق ما يشاء حسب ما تقتضيه الحكمة لأنه على كل شيء قدير.

وفي هذه الآية إيماء إلى زيادة الحسن والجمال في خلق الملائكة عليهم السلام وزيادتهم في القوة وأنهم في ذلك على مراتب متعددة.

تنبيهان مهمان:

تنبيه الأول: ما يصوره بعض الناس في الكتب أو اللوحات أو الصور المنفردة من صور الملائكة على شكل فتيات ولهن أجنحة ويحملن بأيديهن آلات الموسيقى، فهذا لا يجوز مطلقاً، ومن اعتقد ذلك أدَّاه إلى الكفر، وكذلك لا يجوز تعليق هذه الصور في البيوت أو السيارات أو أي مكان بل يجب تنحيتها ومحو الصورة أو إتلافها.

التنبيه الثاني: أن أجنحة الملائكة المذكورة في الآية، هي أجنحة لا نستطيع أن نتصور كيفيتها على حقيقتها لأننا لم نرَ الملائكة أصلاً كما هي. فلا يجوز تشبيه أجنحتهم بأجنحة الحيوان الطائر كالنسر وغيره، فهذا تشابه في الأسماء لا في حقيقة الخلقة. وحسبنا أن نعتقد أن الملائكة ذووا أجنحة كما ذكر القرآن الكريم.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
11- أصناف الملائكة ووظائفهم:

أ- جبريل عليه السلام:

صفاته: قال الله تعالى في بيان صفات جبريل عليه السلام: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} [التكوير: 19- 21].

فمدحه الله بسبع صفات:

1- فهو رسول: فهذا اصطفاء من الله له بهذه المهمة من بين الملائكة.

2- وهو كريم: وفي ذلك تشريف عظيم له في تزكيته عليه السلام.

3- وهو ذو قوة: فهو بقوته يمنع الشياطين من أن تدنو من القرآن الكريم أو تنال منه شيئاً أو يزيدوا فيه أو ينقصوا منه.

4- وهو عند ذي العرش: فله شرف العندية العظمى والرتبة الزلفى.

5- وهو مكين: ذو مكانة عالية ورتبة سامية.

6- وهو مطاع: فهو مطاع في الملأ الأعلى فيما بين الملائكة المقربين عليهم السلام وهذا يدل على رياسته.

7- وهو أمين: فهو أمين وحي الله تعالى، وموصله بأمانة وصدق إلى أنبيائه ورسله عليهم السلام من غير تغيير ولا تحريف.

وقال الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ} [الشعراء: 192-193-194].

وقال تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 102].

قد وصفه الله بأنه روح لأن الروح سبب في الحياة، فهو الروح الأمين لأنه أمين على الوحي الذي فيه الحياة، وهو الروح القدس وصف بذلك لأن روحه تمثل الطهرَ، فهو ينزل بالتقديس من الله تعالى لأنه يطهِّر النفوس ويُقدس العقول والقلوب.

- خلقة جبريل الأصلية:

إن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورته الحقيقية وله ستمائة جناح ما بين كل جناحين كما بين المشرق والمغرب وقد رآه على هذه الصورة مرتين:

فالمرة الأولى كانت في بطحاء مكة رآه منهبطاً من السماء إلى الأرض.

والمرة الثانية كانت عند سِدْرة المنتهى ليلة المعراج.

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح. رواه مسلم.

وعن عائشة رضي الله عنها: "رأى جبريل في صورته التي خلق عليها مرتين، فرآه منهبطاً من السماء إلى الأرض سادّاً عِظَمُ خلقه ما بين السماء والأرض". متفق عليه.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه: "فبينما أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء فرفعت بصري قبل السماء

فإذا الملك الذي جاءني بحراء (1)، قاعد على كرسي بين السماء والأرض، فخشيت منه حتى هويت إلى الأرض فجئت إلى أهلي، فقلت: زملوني زملوني، فدثروني، فأنزل الله تعالى:

{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ(2) * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3) * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ(4)} [المدثر:1- 5].

وقال الله تعالى: {ولقد رآه نزلةً أخرى*عند سدرة المنتهى(5)} [النجم: 13- 14].

والمعنى: أن الرسول عليه الصلاة والسلام رأى جبريل عليه السلام مرة أخرى عند المكان الذي تنتهي إليه علوم الخلائق.



تمثلات جبريل عليه السلام:

كان جبريل عليه السلام يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتراءى له في صفات متعددة منها: في صورة دحية بن خليفة الكلبي إذ كان جميل الصورة بهيَّ المنظر، وتارة يأتيه في صورة أعرابي لا يعرفه أحدٌ من الناس.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
وظائف جبريل عليه السلام:

إن لجبريل عليه السلام وظائف هامة عظيمة يقوم بها من ذلك:

1- تنزيل الشرائع الربانية:

قال الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 192-195].

2- تأييد الله تعالى رسله عليهم السلام بجبريل عليه السلام:

قال الله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا(6) عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4].

___________________________

(1) مكان كان يتعبد لله فيه، وهناك نزل عليه الوحي لأول مرة.

(2) المتغشي بثيابه.

(3) أخصص ربك بالتكبير والتعظيم.

(4) اهجر المآثم الموجبة للعذاب.

(5) التي تنتهي إليها علوم الخلائق.

(6) تتعاونا.



فإن الله يخاطب زوجتي رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة وحفصة رضي الله عنهما ويحثهما على التوبة لأنهما تعاونتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يسوءه من إفراط الغيرة وإفشاء سِرِّه، فان تعاونهما لن يضرَّ برسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله ناصره ومتولي أمره كله وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة كلهم أعوانُ مظاهرون ومؤيدون لهذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

وقال تعالى: {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [البقرة: 253].

فقد أيد اللهُ المسيحَ عيسى ابن مريم عليه السلام بروح القدس وهو جبريل عليه السلام منذ صباه إلى حال كبره، وبهذا التأييد حفظه الله من أعدائه اليهود.

3- تأييد الله تعالى أنصار رسل الله ومؤيديهم بجبريل عليه السلام:

فقد ثبت أن حسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يهجو المشركين وينافح ويدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعره وكان جبريل عليه السلام يؤيده.

عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلَّم قال لحسان بن ثابت: "اهجهم - أي المشركين - وجبريل معك". متفق عليه.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن روح القدس مع حسان مادام ينافح(1) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود.

4- وهو أحد وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم:

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن لي وزيرين من أهل السماء ووزيرين من أهل الأرض فوزيراي من أهل السماء جبريل وميكال، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر". رواه الترمذي بإسناد صحيح.

5- تحبيب الله تعالى جبريل عليه السلام بأحبابه الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتبغيضه سبحانه لجبريل عليه السلام في أعدائه الذين يبغضهم الله رب العالمين :

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَانُ وُدًّا} [مريم: 96].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحبَّ الله عبداً نادى جبريل: إني قد أحببت فلاناً فأحبَّه، فينادي في السماء ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض، فذلك قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمْ الرَّحْمَانُ وُدًّا} [مريم: 96]. وإذا أبغض الله عبداً نادى جبريل إني قد أبغضت فلاناً فينادي في أهل السماء، ثم تنزل له البغضاء في الأرض". متفق عليه.

____________________________

(1) يدافع.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
ب- ميكائيل عليه السلام:

ميكائيل عليه السلام هو أحد أكابر الملائكة عليه السلام.

ولمكائيل وظائف متعددة منها:

1- موكل بأرزاق العباد:

ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في جملة من حديث طويل: "قلت: يا جبريل على أيّ شيء أنت؟ قال: على الرياح والجنود. قلت: على أي شيء ميكائيل؟ فقال: على النبات والقطر(1)". رواه الطبراني والبيهقي وغيرهما.

2- وهو أحد وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لي وزيرين من أهل السماء ووزيرين من أهل الأرض فوزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر". رواه الترمذي بإسناد حسن والحاكم صححه.

ومن أجل هذا المنصب الوزاري نزل جبريل وميكائيل عليهما السلام يوم أحد يقاتلان إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثبت عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنَّه قال: (رأيت على يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى شماله يوم أحد رجلين، عليهما ثياب بيض يقاتلان كأشد القتال ما رأيتهما قبل ولا بعد) متفق عليه. هما جبريل وميكائيل عليهما السلام.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
جـ- إسرافيل عليه السلام:

وهو من جملة أكابر الملائكة عليهم السلام، فهو صاحب الصور(2) الذي ينفخ فيه بأمر الله النفخة الأولى فيهلك من في السماوات إلا من شاء الله أن يستثنيهم من الموت بهذه النفخة، ثم ينفخ فيه النفخة الثانية للبعث إلى الحياة بعد الموت.

قال الله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: 68].

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إسرافيل صاحب الصور، وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، وهو بينهما" رواه الحاكم وصححه، والبيهقي في الشعب، وابن مردوية وأبو الشيخ في العظمة كما في الدر المنثور وغيره.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنعم، وقد التقم صاحب القَرْنِ(3) القرنَ، وحنا جبهته ينتظر أن يؤمر فينفخ ؟!".

_________________

(1) وقد أورد هذا الحديث السيوطي صاحب الدر المنثور، وقال : سنده حسن. أي لغيره لاعتضاده بشواهد متعددة.

(2) هو مجمع الأرواح بعد مفارقة الأجساد.

(3) صاحب الصور.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
د- حملة العرش:

قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمْ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِي السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [غافر: 7- 8-9].

وقال تعالى: {وَانشَقَّتْ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: 16-17].

-عظمة حملة العرش:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أُذِن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش أن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه(1) مسيرة سبعمائة عام". رواه أبو داود.

-وظائفهم: يخبر الله تعالى في الآيات المتقدمة عن حملة عرشه ومن حوله أنهم ملازمون لتسبيحه وتحميده سبحانه دائبون على عبادته والاستغفار للمؤمنين.

هـ- الملأ الأعلى أو الرفيق الأعلى أو النديُّ الأعلى:

هم أشراف الملائكة ومقربوهم.

قال الله تعالى: {قُلْ هُوَ نَبَؤٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ * مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإِ الأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ * إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} [ص: 67-70].

والمعنى: أنه صلى الله عليه وسلم قبل أن ينبأه الله تعالى وينزل عليه القرآن ما كان عنده علم باختصام الملأ الأعلى وما يجري بينهم من التقاول في قضية اعتبارات أعمال بني آدم: من الكفارات والدرجات وتنزيلها في منازلها وإعطائها واستحقاقاتها، فهو صلى الله عليه وسلم لم يكن عنده علم بجميع ذلك قبل أن ينبأ وينزل القرآن عليه لأنه كان أمياً صلى الله عليه وسلم، فلم يقرأ الكتب الماضية ولم يسمعها من أهلها، فمن أين جاء بهذه العلوم الوافرة الكثيرة التي من جملتها العلم باختصام الملأ الأعلى، إذاً حقاً إنه رسول الله صلى عليه وسلم أوحى الله تعالى إليه وعلمه ذلك كله.

والمقصود في هذه الآيات: إقامة الحجة القاطعة على حقية نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لأنه جاء يخبر بأمور لم يكن قبل ذلك يعلمها حتى أنزل الله تعالى الوحي فأعلمه بذلك.

وقد سأل الله سبحانه وتعالى بعد أن أفاض على رسوله صلى الله عليه وسلم من العلوم: فقال جلَّ شأنه يا محمد فيمَ يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الكفارات والدرجات. قال: وما الكفارات ؟

__________________

1. كتفه.



قلت: نقل الأقدام إلى الجماعات، والجلوس في المساجد بعد الصلوات وإسباغ الوضوء عند الكريهات. قال: وما الدرجات؟ قلت: إطعام الطعام، ولين الكلام والصلاة والناس نيام" رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح.

ويسمى الملأ الأعلى بالرفيق الأعلى، عن عائشة رضي الله عنهما قالت كان النبي صلى يقول وهو صحيح(1): "لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير" فلما نزل به، ورأيته على فخذَي غشي عليه صلى الله عليه وسلم ثم أفاق فأشخص بصره إلى السقف ثم قال: "اللهم الرفيق الأعلى". رواه البخاري.

ويسمى الملأ الأعلى بالندي الأعلى وذلك باعتبار اجتماعهم في مجتمع عالي الرتبة.

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل قال: "بسم الله، وضعت جنبي لله، اللهم اغفر لي ذنبي وأخسأ شيطاني(2)، وفُكَّ رِهاني(3)، واجعلني في الندي الأعلى". رواه أبو داود.

و- الملائكة المقربون:

قال الله تعالى: {لَنْ يَسْتَنكِفَ(4) الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [النساء: 172].

الملائكة المقربون: هم سادة الملائكة منهم: جبريل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام.

ز- خزنة الحنة:

قال الله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا(5) حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73].

فخزنة الجنة وُكِّلوا على أبواب الجنة يستقبلون المؤمنين حين دخولهم ويرحبون بقدومهم ويكرمونهم بالتحيات والاحترامات.

وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: آتي باب الجنة فأستفتح، فيقول الخازن: مَن؟ فأقول: محمد. فيقول: - أي الخازن - بك أمرت(6) أن لا أفتح لأحد قبلك. رواه مسلم.

____________________

(1) قبل أن يمرض مرض الوفاة صلى الله عليه وسلم.

(2) اطرد شيطاني.

(3) خلصني مما جنيته من الأعمال التي لا ترتضيها.

(4) لن يسكتبر ويترفَّع.

(5) جماعات متفرقة متتابعة.

(6) أمرني الله.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
هـ- خزنة النار:

قال الله تعالى: { وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا(1) حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ(2) كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر: 71-72].

يخبر الله سبحانه وتعالى عن حال الكافرين أنهم يساقون إلى جهنم جماعات متفرقة متتابعة، وحين وصولهم إلى نار جهنم يفاجؤون بفتح أبوابها ومنظرها الفظيع فيبغتون وتكون الحجة عليهم بأن رسل الله قد أرسلت إليكم وأنذرتكم من عذاب الله فلم تستجيبوا، فعقاب مَن كفر وأعرض عن ذلك أن يدخل أبواب جهنم مهاناً وله عذاب السعير.

وفي ذلك قال تعالى: { وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا(3) وَهِيَ تَفُورُ(4) * تَكَادُ تَمَيَّزُ(5) مِنْ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ(6) سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ * وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ(7)} [الملك: 6-11].

- صفات خزنة النار: هم غلاظ الأقوال شداد الأفعال كما أنهم غلاظ الخُلُق شداد الخَلق.

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6].

- ويقال لخزنة النار : "الزبانية" سميت ملائكة العذاب بذلك لدفعهم الشديد لأهل النار.

قال الله تعالى: {فَلْيَدْعُ8) نَادِيَه * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ(9)}[العلق: 17-18].

نزلت هذه الآيات في أبي جهل حين توعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهمَّ بإيذائه.

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام فمرَّ به أبو جهل، فقال: يا محمد ألم أنهك عن هذا ؟ وتوعده فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم

__________________________

(1) جماعات متفرقة متتابعة.

(2) وجبت وثبتت.

(3) صوتاً منكراً.

(4) تغلي غليان القدر بما فيها.

(5) تتقطع وتتفرق.

(6) جماعة من الكفار.

(7) فبعداً من الرحمة والكرامة.

(8) أهل مجلسه من قومه.

(9) ملائكة العذاب.

وانتهره، فقال أبو جهل: يا محمد بأي شيء تهددني؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادي نادياً! فأنزل الله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَه * سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [ العلق: 17-18]. قال ابن عباس لو دعا ناديه لأخذته ملائكة العذاب من ساعته. رواه الترمذي وصححه.

وقال تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ(1)* لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ(2)* عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} [المدثر: 27-31].

فالله سبحانه يخبر عن خزنة النار أنهم ملائكة أقوياء أشداد لا يقاومون ولا يغالبون وأن عليها تسعة عشرمن الملائكة الموكلين على جهنم، وإليهم مرجع زبانيتها وسائر خزنتها.

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يؤتى بالنار يوم القيامة لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها". رواه مسلم والترمذي.

واسم رئيس خزنة النار "مالك".

قال الله تعالى -حكاية لما يقولوه أهل النار وهم مقيمون في العذاب-: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: 77].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديثه عن الإسراء واجتماعه بالأنبياء عليهم السلام: "فحانت الصلاة فأممتهم(3) فلما فرغت من الصلاة قال قائل: يا محمد هذا مالك صاحب النار فسلِّم عليه فالتفت إليه فبدأني بالسلام". رواه مسلم.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
ط- الملائكة الموكلون بتصوير النطفة وتطويرها ونفخ الأرواح في الأجنة:

عن عامر بن واثلة قال سمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: الشقي من شقي في بطن أمه، والسعيد من وُعِظ بغيره، فأتى عامر رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له حذيفه بن أسيد الغفاري فحدثه بقول ابن مسعود رضي الله عنه فقال: وكيف يشقى رجل بغير عمل؟ فقال الرجل: أتعجب من ذلك؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا مرَّ بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً فصوَّرها وخلق(4) سمعها وبصرها وجلدها وعظمها، ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب! أجله؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب! رزقه؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على ذلك شيئاً ولا ينقص" رواه مسلم.

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
______________________

(1) جهنم.

(2) مُسوِّدة للجلود محرقة بها.

(3) صرت لهم إماماً.

(4) قدَّر.

الصادق المصدوق قال: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثمَّ يكون علقة ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد. فوالله الذي لا إله إلا غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها" رواه البخاري ومسلم.

ي- الملائكة الموكلون بمراقبة أعمال المكلفين وكتابة أقوالهم وأفعالهم:

قال الله تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزخرف: 80].

والمعنى: أن الله تعالى يسمع سرهم ويسمع ما يسرون فيما بينهم وأن ملائكة الله الموكلين بمراقبتهم هم معهم وعلى قرب منهم يكتبون كل قول يصدر منهم .

وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 16-18]. فهذه الآية الكريمة تثبت أن الله جعل لكل إنسان متلقيين من الملائكة يستقبلان ويتلقيان كل أقواله وأفعاله الحسنة والسيئة تلقي معرفة وحفظ وتسجيل، أمَّا أحدهما فعن اليمين وأما الآخر: فعن الشمال، وكل منهما قَعيد: ملازم لا يفارق الإنسان بحال من الأحوال لمراقبة أعماله وأقواله بمنتهى الدقة وكل منهما عتيد: أعده الله لهذه المهمة فهو حاضر للقيام بها كما أمره الله.

قال الله تعالى: {كَلا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [ الانفطار: 9-12]. والمعنى أن الله قد وكل ملائكة حافظين بمراقبة أعمال الناس عندهم كمال القدرة على حفظ جميع الأقوال والأفعال فلا يغيرون ولا يبدلون شيئاً مما يقوله الناس أو يفعلونه فهم يحفظون جميع ما يصدر عن الناس ويسجلون ذلك بصدق وأمانة، وهم مدركون ما يفعله الناس من الأعمال، ويقصدون من الأفعال، فهم يعلمون الطاعات ويعلمون المعاصي ظواهر الأعمال كما يعلمون خفاياها ودقائقها ومقاصدها.

فإذا كان يوم القيامة أخرجوا تلك الكتب المسجلة ونشروها لصاحبها، ويقال له هذا الكتاب كنا في الدنيا نكتبه عليك وتستنسخ فيه ما كنت تعمل فاقرأ كتابك قال الله تعالى:

{وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ(1) فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا(2)} [الإسراء: 13-14]. وقال تعالى: {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} [التكوير: 10].

_________________

(1) عمله المتقَّن عليه لا ينفك عنه.

(2) حاسباً وعاداً.

وقال تعالى: { وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ * وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً(1) كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا(2) الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ(3) مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 27 -29].

- إطلاع الملائكة الكاتبين على قلب الإنسان.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى للملائكة: إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها فاكتبوها بمثلها، وإن تركها من أجلي(4) فاكتبوها له حسنة، وإن أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف". رواه البخاري.

فهذا يدل على أن الملائكة الكاتبين تطلع على ما في قلوب الناس - بإذن الله - من الهم والإرادات وما هنالك من أعمال القلوب.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
ك- الملائكة الموكلون بحفظ الإنسان:

قال الله تعالى:

{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد: 11].

يخبر الله بأنه وكل بابن آدم الملائكة يتعاقبون بالليل والنهار و يحفظونه من المضار والمهلكات بأمر من الله سبحانه وتعالى. لا يفارقونه بل يرافقونه من جميع الجهات من بين يديه ومن خلفه.

ل- الملائكة الموكلون بقبض الأرواح:

قال الله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ (5)} [الأنعام: 61].

وقال تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} [السجدة: 11].

يخبر الله سبحانه وتعالى أنه وكَّل ملائكة للتوفية ولقبض الأرواح، ورئيسهم ملك الموت.

فملائكة التوفية تنزع أرواح الكافرين بعنف وشدة قال الله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [الأنفال: 50-51].

وقال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ(6) وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام: 93].

______________________

(1) جالسة على ركبها.

(2) صحائف أعمالها.

(3) نأمر الملائكة بالنسخ.

(4) مخافة مني.

(5) لا يقصرون.

(6) سكرات الموت وشدائده.

وأما المؤمنون فملائكة التوفية تتلقاهم بالسلام والترحيب والبشارة بالجنة. قال الله تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32].

م- الملائكة الموكلون بأمور أخرى في هذا العالم:

ا- الملائكة الموكلون بعذاب القبر وسؤاله:

إن الله وكل ملكين بعذاب القبر وسؤاله.

واسم الملكين: الأول: منكر، والآخر نكير.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا وُضع في قبره وتولى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا: أتاه ملكان فيقعدانه، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل(1)؟ فأمَّا المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال له: انظر إلى مقعدك في النار، قد أبدلك به مقعداً من الجنة فيراهما جميعاً. وأما المنافق والكافر، فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس، فيقال له: لا دَريْت(2) ولا تليت(3)، ويضرب بمطارق من حديد ضربة، فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين". رواه البخاري ومسلم.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما - المنكر وللآخر النكير، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: هو عبد الله ورسوله، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول هذا، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً في سبعين، ثم ينوَّر له فيه، ثم يقال له: نم. فيقول: ارجع إلى أهلي فأخبرهم! فيقولان: نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحبُّ أهله إليه، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك. وإن كان منافقاً قال: سمعت الناس يقولون قولاً، فقلت مثله، لا أدري(4) فيقولان : قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيقال للأرض: التئمي(5) عليه، فتلتئم عليه فتختلف(6) أضلاعه فلا يزال معذباً حتى يبعثه الله تعالى من مضجعه ذلك". رواه الترمذي وقال: حديث غريب وابن حبان في صحيحه.

_________________________

(1) أي في محمد صلى الله عليه وسلم.

(2) لاعلمت ما هو الحق والصواب.

(3) ولا اتبعت الناجين.

(4) أي أنه نبي أم لا.

(5) اجتمعي وانضمي.

(6) تتفرق.

descriptionالعقيده Emptyرد: العقيده

more_horiz
2- الملائكة الموكلون بتدابير أمور الجبال:

عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليكم يوم كان أشدَّ من يوم أحد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيتُ منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ليل ابن عبد كُلالٍ(1)، فلم يجبني إلى ما أردتُ فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقَرْن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظَلتني، فنظرت فيها فإذا فيها جبريل فناداني، فقال إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلَّم علي ثم قال: يا محمد ذلك فيما شئت - إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين(2) - فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً" رواه البخاري ومسلم.

3- وظائف أخرى للملائكة:

- حضورهم صلاة الجمعة واستماعهم الذكر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول ومثل المهجر(3) كمثل الذي يُهدي بدنه ثم كالذي يُهدي بقرة ثم كبشاً ثم دجاجة ثم بيضة، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم يستمعون الذكر". رواه البخاري ومسلم.

- تأمين الملائكة لفاتحة الصلاة:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه". متفق عليه.

-تحميد الملائكة في الصلاة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة: غفر له ما تقدم من ذنبه". متفق عليه.

- حضور الملائكة الحفظة عند صلاتي الفجر والعصر:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر وصلاة العصر، فيجتمعون في صلاة الفجر فتصعد ملائكة الليل، وتثبت ملائكة النهار، ويجتمعون في صلاة العصر فتصعد ملائكة النهار وتثبت ملائكة الليل، فيسألهم ربهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون، فاغفر لهم يوم الدين" رواه الشيخان وابن خزيمة واللفظ له.

_________________________

(1) شكا إليه أذى قومه في مكة وعرض عليه الإيمان رفض الدعوة فردَّه أقبح رد وقابله أهل الطائف عندئذ بأشد الإيذاء.

(2) الجبلين.

(3) المبكر.

- صلوات الملائكة على عباد الله المؤمنين:

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً(1} وَأَصِيلًا(2)* هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 41، 43].

فالصلاة من الله تشتمل على الرحمة الخاصة والصلاة من الملائكة: هي الدعاء والاستغفار.

ومعنى الآيات: هو الذي يترحم عليكم ويترأف والملائكة يستغفرون لكم ويدعون لكم حين يدعوكم الله إلى الخير ويأمركم بإكثار الذكر والتوفر على الصلاة والطاعة فمن ذكر الله ذكراً كثيراً وسبحه بكرة وأصيلاً فإن الله سبحانه يكرمه فيصلي عليه هو وملائكته.

- حفُّ الملائكة الذين يتلون كتاب الله تعالى ويتدارسونه بينهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا حفتهم الملائكة ونزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه". رواه مسلم وأصحاب السنن.

- وضع الملائكة أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً به إلى الجنة، وإن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وإن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر". رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والبيهقي.

- تدعو الملائكة لمن ينفق بأن يخلف الله عليه:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً ". متفق عليه.

- من داوم على تذكر الجنة والنار دون انقطاع يؤدي إلى مصافحة الملائكة:

- عن حنظلة الأُسَيدي قال: لقيني أبو بكر رضي الله عنه، فقال: كيف أنت يا حنظلة؟

__________________

(1) أول النهار.

(2) آخر النهار.

قال حنظلة: قلت نافق حنظلة، فقال - أبو بكر - سبحان الله ما تقول؟ قال - حنظلة -: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة، حتى كانا رأيُ عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا(1) الأزواج والأولاد والصنيعات(2) نسياً كثيراً.

قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما ذاك؟" قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والصنيعات تدومون نسينا كثيراً! فقال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي في الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة - ثلاث مرات". رواه مسلم.

تأمين المَلك على دعاء المؤمن لأخيه في ظهر الغيب:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكَّل به: آمين، ولك بمثله(3) ". رواه مسلم وغيره.

- تبشير الملائكة لمن زار أخاه حباً في الله تعالى بأن الله يحبه:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن رجلاً زار أخاً له في قرية أخرى، فأرسل الله على مدرجته(4) ملكاً، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية، فقال: هل لك عليه من نعمة تربُّها(5)، فقال: لا، غير أني أحبه في الله، قال - الملك -: فإني رسول الله إليك، إن الله قد أحبَّك كما أحببته فيه". رواه مسلم.

__________________

(1) خالطنا.

(2) المزارع والصناعات.

(3) بمثل ما دعوت لأخيك.

(4) طريقه.

(5) تقوم بها وتسعى في صلاحها.
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد