روسيا تسدد ديون دولة لا وجود لها
جاء في المقال:
تواصل روسيا سداد ديون الاتحاد السوفياتي، وترى أن التخلص من هذا العبء، حتى في مثل هذه الظروف أمر له أهميته.
فقد اتفقت الحكومة الروسية مع سلطة البوسنة والهرسك على تسوية ديون الاتحاد السوفياتي في الجزء الرسمي من إرث سراييفو بعد تفكك جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية الاشتراكية.
وتم تسجيل هذا الدين بمعدل 1 مقاصة الدولار (كليرينغ) يساوي 0.625 دولار أمريكي. وبعد عملية التصريف أصبح عموم المبلغ المستحق دينا يساوي 125.158 مليون دولار أمريكي، يجب أن تدفعه روسيا مرة واحدة خلال 45 يوما من دخول الاتفاق الدولي حيز التفعيل الزمني. ولدى استلامه، تلتزم سلطات البوسنة والهرسك بالتنازل عن أي مطالب مالية تجاه روسيا، كانت قائمة في إطار التعامل التجاري السابق بين الاتحاد السوفياتي ويوغوسلافيا.
أيضا، وبعد استلام البوسنة والهرسك المبلغ المتفق عليه (125.158مليون دولار)، تلتزم بدورها وخلال فترة الأيام الخمسة التالية توزيع هذه الأموال بالنسب التالية: 58% من إجمالي المبلغ (72.592 مليون دولار) لاتحاد البوسنة والهرسك، 29% (36.292 مليون دولار) لجمهورية صربيا، 10%(12.516 مليون دولار) لمنطقة الحكم الذاتي في بركو. أما المبلغ المتبقي 12,5 مليون دولار (10%) فتصرف لاحتياجات المؤسسات الحكومية في البوسنة والهرسك.
والجدير بالذكر أن روسيا أخذت على عاتقها ديون الاتحاد السوفياتي بعد انهياره في عام 1991، وتكونت مديونيته أمام يوغوسلافيا، نتيجة للقرض الذي منحته بلغراد لموسكو في الأعوام ما بين 1988ـ 1990، و "كان هذا القرض غير نقدي ـ إذ إن التداول التجاري بين بلدان المعسكر الاشتراكي كانت تعتمد فقط على العملة المشترطة (كوحدة مالية يتفق على قيمتها)، وفي الواقع كان يجري تبادل للسلع والمواد والخدمات. وبسبب انخفاض سعر النفط في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، تأثر كذلك سعره سلبا في الاتفاقيات المبرمة بين دول المنظومة الاشتراكية، وأصبح سعر النفط الذي كانت تستورده يوغوسلافيا من الاتحاد السوفياتي رخيصا، في حين أن يوغوسلافيا واصلت تصدير منتوجاتها إلى الاتحاد السوفياتي بسعرها الكامل، ومن دون أن تتأثر أسعارها. وبناء على هذه المفارقة الحسابية، تكوَّن دين الاتحاد السوفياتي أمام يوغوسلافيا، والذي جرى تقديره بعد تفكك الاتحاد السوفياتي بقيمة 806 ملايين دولار أمريكي" كما قال إيفان أندرييفسكي من اتحاد المهندسين الروس، والذي بين أيضا أن هذا المبلغ تم توزيعه بين جمهوريات يوغوسلافيا السابقة كافة، وتلقت صربيا والجبل الأسود. 38%، كرواتيا ـ 23%، سلوفينيا ـ 16% والبوسنه والهرسك ـ 15.5%، مقدونيا ـ 7.5% من الدين المستحق.
لقد سددت روسيا ديونها أمام غالبية الجمهوريات اليوغوسلافية، ولكن هذه العملية تغيرت لعدة سنوات لتسويتها مع جمهورية البوسنة والهرسك لأسباب كان منها ـ الخلاف على توزيع الأموال ما بين مناطق الحكم الذاتي المقسمة عرقيا.
وعلى العموم، من كل ديون الاتحاد السوفياتي، بقيت روسيا مديونة أمام مقدونيا، الوحيدة من الجمهوريات الخمس التي انبثقت عن انهيار يوغوسلافيا، إضافة إلى جمهورية كوريا.
ومن المؤكد، أن روسيا اعترفت بديون الاتحاد السوفياتي وتلتزم بسداد ديونه، هذا على الرغم من أن غالبية حالات الدفع هذه، تبدو غير عادلة، وخاصة أن الجميع يعرف ولو في السياق حجم الاستثمارات الضخمة التي وضعها الاتحاد السوفياتي في بلدان الحلفاء.
وقال إيفان أندرييفسكي: "لو عدنا إلى التاريخ بنظرة تعمق إلى الحسابات اعتمادا على مبدأ (من هو المدين للآخر؟)، فإن هذا سوف يثير الاستغراب الشديد في يومنا. كيف أن الاتحاد السوفياتي الذي تزعم المنظومة الاشتراكية، والتي اعتمد بناؤها السياسي-الاقتصادي عليه، أصبح لاحقا مدينا للجميع؟ في حين أن العملية الحسابية في التعامل الاقتصادي بين هذه البلدان اعتمدت المبادلة التجارية. لهذا، فإن ما يثير الدهشة هنا أنه لم يحسب أحد مساهمة الاتحاد السوفياتي في إقامة الصناعات في بلدان المعسكر الشرقي مثل المصانع الكبيرة ومحطات الطاقة النووية ومصافي النفط وغيرها، والتي لا يزال الكثير منها، يعمل اليوم، حيث تم بناؤها بالمشاركة المباشرة من قبل المختصين السوفييت"
أندرييفسكي أورد بعض الأمثلة على ذلك؛ مشيرا إلى أن هنغاريا كانت قبل الحرب العالمية الثانية دولة زراعية، ولكن بعد عام 1945 ظهر فيها صناعة السيارات والآليات الثقيلة والكيميائية وغيرها، وينطبق الوضع نفسه على بلغاريا التي بنى الاتحاد السوفياتي على أرضها مصانع تكرير النفط في بورغاس وفارنا، ومحطة الطاقة النووية في "كوزلودوي". ولم يتذكر أحد المساعدة التي قدمها الاتحاد السوفياتي إلى بولندا أثناء الازمة في الأعوام ما بين 1980 -1986 والتي تقدر بمليارات الدولارات.
أما رومانيا، فسجلت على الاتحاد السوفياتي دينا بقيمة 200 مليون دولار بسبب مساعدتها في بناء مصنع المعادن في مدينة "كريفويروغ" وهي مدينة أوكرانية. بيد أن أحدا لم يحسب أن الاتحاد السوفياتي ساهم في الفترة ما بين 1940 - 1970 ببناء أكثر من 100 مصنع في رومانيا.
إن الحالة الوحيدة التي استفادت منها روسيا في أخذها على عاتقها ديون الاتحاد السوفياتي هي فقط وضعية الوريث القانوني الذي أمن لها مقعدا دائما في مجلس الأمن وفي نادي باريس ومكانة الاتحاد السوفياتي في الهيئات الدولية الأخرى. هذا إضافة إلى حقها في تحصيل ديون الاتحاد السوفياتي الخارجية. ولكن المسألة تكمن في أن هذه الدول لا تملك شيئا لسداد ديونها، وخلال فترة السنوات العشرين الماضية شطبت موسكو أكثر من 140 مليار دولار، كديون لحكومات أجنبية، منها فقط 30 مليار لكوبا وحدها.
جاء في المقال:
تواصل روسيا سداد ديون الاتحاد السوفياتي، وترى أن التخلص من هذا العبء، حتى في مثل هذه الظروف أمر له أهميته.
فقد اتفقت الحكومة الروسية مع سلطة البوسنة والهرسك على تسوية ديون الاتحاد السوفياتي في الجزء الرسمي من إرث سراييفو بعد تفكك جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية الاشتراكية.
وتم تسجيل هذا الدين بمعدل 1 مقاصة الدولار (كليرينغ) يساوي 0.625 دولار أمريكي. وبعد عملية التصريف أصبح عموم المبلغ المستحق دينا يساوي 125.158 مليون دولار أمريكي، يجب أن تدفعه روسيا مرة واحدة خلال 45 يوما من دخول الاتفاق الدولي حيز التفعيل الزمني. ولدى استلامه، تلتزم سلطات البوسنة والهرسك بالتنازل عن أي مطالب مالية تجاه روسيا، كانت قائمة في إطار التعامل التجاري السابق بين الاتحاد السوفياتي ويوغوسلافيا.
أيضا، وبعد استلام البوسنة والهرسك المبلغ المتفق عليه (125.158مليون دولار)، تلتزم بدورها وخلال فترة الأيام الخمسة التالية توزيع هذه الأموال بالنسب التالية: 58% من إجمالي المبلغ (72.592 مليون دولار) لاتحاد البوسنة والهرسك، 29% (36.292 مليون دولار) لجمهورية صربيا، 10%(12.516 مليون دولار) لمنطقة الحكم الذاتي في بركو. أما المبلغ المتبقي 12,5 مليون دولار (10%) فتصرف لاحتياجات المؤسسات الحكومية في البوسنة والهرسك.
والجدير بالذكر أن روسيا أخذت على عاتقها ديون الاتحاد السوفياتي بعد انهياره في عام 1991، وتكونت مديونيته أمام يوغوسلافيا، نتيجة للقرض الذي منحته بلغراد لموسكو في الأعوام ما بين 1988ـ 1990، و "كان هذا القرض غير نقدي ـ إذ إن التداول التجاري بين بلدان المعسكر الاشتراكي كانت تعتمد فقط على العملة المشترطة (كوحدة مالية يتفق على قيمتها)، وفي الواقع كان يجري تبادل للسلع والمواد والخدمات. وبسبب انخفاض سعر النفط في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، تأثر كذلك سعره سلبا في الاتفاقيات المبرمة بين دول المنظومة الاشتراكية، وأصبح سعر النفط الذي كانت تستورده يوغوسلافيا من الاتحاد السوفياتي رخيصا، في حين أن يوغوسلافيا واصلت تصدير منتوجاتها إلى الاتحاد السوفياتي بسعرها الكامل، ومن دون أن تتأثر أسعارها. وبناء على هذه المفارقة الحسابية، تكوَّن دين الاتحاد السوفياتي أمام يوغوسلافيا، والذي جرى تقديره بعد تفكك الاتحاد السوفياتي بقيمة 806 ملايين دولار أمريكي" كما قال إيفان أندرييفسكي من اتحاد المهندسين الروس، والذي بين أيضا أن هذا المبلغ تم توزيعه بين جمهوريات يوغوسلافيا السابقة كافة، وتلقت صربيا والجبل الأسود. 38%، كرواتيا ـ 23%، سلوفينيا ـ 16% والبوسنه والهرسك ـ 15.5%، مقدونيا ـ 7.5% من الدين المستحق.
لقد سددت روسيا ديونها أمام غالبية الجمهوريات اليوغوسلافية، ولكن هذه العملية تغيرت لعدة سنوات لتسويتها مع جمهورية البوسنة والهرسك لأسباب كان منها ـ الخلاف على توزيع الأموال ما بين مناطق الحكم الذاتي المقسمة عرقيا.
وعلى العموم، من كل ديون الاتحاد السوفياتي، بقيت روسيا مديونة أمام مقدونيا، الوحيدة من الجمهوريات الخمس التي انبثقت عن انهيار يوغوسلافيا، إضافة إلى جمهورية كوريا.
ومن المؤكد، أن روسيا اعترفت بديون الاتحاد السوفياتي وتلتزم بسداد ديونه، هذا على الرغم من أن غالبية حالات الدفع هذه، تبدو غير عادلة، وخاصة أن الجميع يعرف ولو في السياق حجم الاستثمارات الضخمة التي وضعها الاتحاد السوفياتي في بلدان الحلفاء.
وقال إيفان أندرييفسكي: "لو عدنا إلى التاريخ بنظرة تعمق إلى الحسابات اعتمادا على مبدأ (من هو المدين للآخر؟)، فإن هذا سوف يثير الاستغراب الشديد في يومنا. كيف أن الاتحاد السوفياتي الذي تزعم المنظومة الاشتراكية، والتي اعتمد بناؤها السياسي-الاقتصادي عليه، أصبح لاحقا مدينا للجميع؟ في حين أن العملية الحسابية في التعامل الاقتصادي بين هذه البلدان اعتمدت المبادلة التجارية. لهذا، فإن ما يثير الدهشة هنا أنه لم يحسب أحد مساهمة الاتحاد السوفياتي في إقامة الصناعات في بلدان المعسكر الشرقي مثل المصانع الكبيرة ومحطات الطاقة النووية ومصافي النفط وغيرها، والتي لا يزال الكثير منها، يعمل اليوم، حيث تم بناؤها بالمشاركة المباشرة من قبل المختصين السوفييت"
أندرييفسكي أورد بعض الأمثلة على ذلك؛ مشيرا إلى أن هنغاريا كانت قبل الحرب العالمية الثانية دولة زراعية، ولكن بعد عام 1945 ظهر فيها صناعة السيارات والآليات الثقيلة والكيميائية وغيرها، وينطبق الوضع نفسه على بلغاريا التي بنى الاتحاد السوفياتي على أرضها مصانع تكرير النفط في بورغاس وفارنا، ومحطة الطاقة النووية في "كوزلودوي". ولم يتذكر أحد المساعدة التي قدمها الاتحاد السوفياتي إلى بولندا أثناء الازمة في الأعوام ما بين 1980 -1986 والتي تقدر بمليارات الدولارات.
أما رومانيا، فسجلت على الاتحاد السوفياتي دينا بقيمة 200 مليون دولار بسبب مساعدتها في بناء مصنع المعادن في مدينة "كريفويروغ" وهي مدينة أوكرانية. بيد أن أحدا لم يحسب أن الاتحاد السوفياتي ساهم في الفترة ما بين 1940 - 1970 ببناء أكثر من 100 مصنع في رومانيا.
إن الحالة الوحيدة التي استفادت منها روسيا في أخذها على عاتقها ديون الاتحاد السوفياتي هي فقط وضعية الوريث القانوني الذي أمن لها مقعدا دائما في مجلس الأمن وفي نادي باريس ومكانة الاتحاد السوفياتي في الهيئات الدولية الأخرى. هذا إضافة إلى حقها في تحصيل ديون الاتحاد السوفياتي الخارجية. ولكن المسألة تكمن في أن هذه الدول لا تملك شيئا لسداد ديونها، وخلال فترة السنوات العشرين الماضية شطبت موسكو أكثر من 140 مليار دولار، كديون لحكومات أجنبية، منها فقط 30 مليار لكوبا وحدها.