الدولة السلجوقية

الدولة السلجوقية 594654062

دولة السلاجقة العظام- كما كان يُطلق عليها لعظمتها وتميزها عن دول السلاجقة الأخرى التي ظهرت بعد تفكك الدولة السلجوقيّة- هي إحدى أكبر الدول في التاريخ الإسلامي القديم بالإضافة لإقليم وسط آسيا، لعبت الدولة السلجوقيّة دوراً كبيراً سواء في تاريخ الدولة العباسيّة أو في فترة الصراع الإسلامي البيزنطي والحروب الصليبيّة.

أسس السلاجقة – وهم سلالة تنحدر من أصولٍ تركيّة – دولتهم القويّة عام ألفٍ وسبعٍ وثلاثين ميلادي على يد طغرل بك بعد دخوله لمرو في أواسط آسيا، وامتدت لتحكم أفغانستان وإيران وأواسط آسيا حتى وصلت إلى كاشغر في تركستان، بالإضافة للأناضول والعراق وبلاد الشام حتى وصلت مشارف القسطنطينيّة في أوج ازدهارها.

تأسيس الدولة السلجوقيّة


ينتمي السلاجقة إلى قبيلة قنق التركيّة، بدأت هذه القبيلة بالهجرة باتجاه بلاد الأناضول لعددٍ من الأسباب، واستقرّت لفترةٍ في طبرستان وجرجان، في تلك الفترة خدم السلاجقة الملك بيغو التركي، ومن هؤلاء سلجوق بن دقاق؛ حيث كان يعتبر من كبارهم؛ فقد تمكّن من الحصول على رتبة قائد الجيش عند الملك بيغو، لكن الملك بدأ يقلق في وقتٍ لاحق من قوّة بن دقاق وسيطرته على الجيش التركي وتبعيّة القبيلة له، وأخذ يدبر له مكيدةً لقتله والتخلص منه. علم سلجوق بالأمر ورحل على الفور بعد أن جمع قبيلته متجهاً بها إلى مدينة خجندة القريبة من نهر سيحون، كان الإسلام هو الدين السائد في المنطقة، فأعلن بن دقاق إسلامه وحارب الوثنيين الأتراك في تركستان.

في مطلع القرن الخامس للهجرة قوي عضد السلاجقة وأسسوا دولةً قويّة الأمر الذي أثار قلق سلطان دولة الغزنويّة ومقرها بلاد فارس والهند السلطان محمود الغزنوي، فشن حملةً على السلاجقة كانت من نتائجها القبض على سلطان السلاجقة أرسلان بيغوا وأسره برفقة العديد من أتباعه. قضى السلطان في سجنه مدّة أربعة أعوام حتى وافته المنيّة وهو أسير. ثار السلاجقة على السلطان محمود حتى تمكّنوا من الخروج عن سيطرته وتمكنوا من هزم جنوده، وتابعوا سيرهم عابرين بلاد ما وراء النهر، ومخلّفين الدمار في البلاد التي مروا منها بعد نهبها.

استمر أمير طوس محمود الغزنوي في ملاحقة السلاجقة للقضاء عليهم، لكنّه توفّي قبل أن يتمكّن من هذا فتولى ابنه مسعود بن محمود مهمة ملاحقتهم والقضاء عليهم، وبعد وصوله إليهم طالبوا بالصلح، وبهذا توقّفت النزاعات بين الطرفين لكن لفترة قصيرة عادت بعدها عند مسير الأمير مسعود إلى الهند ليقمع آخر تمرّد للسلاجقة، فأرسل جيشاً إليهم وحدث النزال في نيسابور، وانتهت تلك المواجهة بهزيمة السلاجقة، على إثر هذه الهزيمة انسحبوا إلى الري (طهران)، وهناك حدثت آخر مواجهةٍ بينهم وبين الأمير مسعود الذي تمكّن من هزيمتهم وإخضاعهم.

استمرّت النزاعات بين جيوش الأمير مسعود والسلاجقة حتى ملّ الأمير من متابعة ملاحقتهم، فعرض عليهم وهبهم أراضٍ من دولته شرط أن يكفوا عن محاربتهم، فقابلوا عرضه هذا بالرفض، وعاد من جديد يرسل بجيوشه إليهم لمحاربتهم، وكان مصير تلك الجيوش الهزيمة باستمرار، وفي آخر معركةٍ انتصر فيها السلاجقة على جيش الأمير مسعود فرضوا سيطرتهم بعدها على خراسان.

استمرت النزاعات بين الطرفين لسنواتٍ بعدها، وجمع مسعود جيشاً جراراً وأغار على خراسان، والتقى مع السلاجقة في معركةٍ حاسمة سميت معركة (داندقان)، وكانت نتيجتها هزيمة الأمير مسعود، ووضع لبنة الأساس في دولة السلاجقة وبداية حكمهم بعد هزيمتهم الغزنويين وقوّتهم، ومنها تمّ تأسيس ما وصفت بأنها أقوى دول المشرق عام أربعمئةٍ وتسعٍ وعشرين للهجرة، وهو العام الحقيقي لتأسيس الدولة السلجوقيّة العظيمة.