المخابرات الأمريكية تعرف كل شئ وشبح الأفغنة يخيم على المنطقة
د. أشرف الصباغ
أخيرا اعترفت المخابرات الأمريكية بأن الهجوم على القنصلية في بنغازي كان عملا إرهابيا، حيث قتل السفير الأمريكي في ليبيا كريستوفر ستيفينس وشون سميث الموظف بإدارة الصحافة التابعة للخارجية الأمريكية، إضافة لاثنين من مشاة البحرية الأمريكية كانا يقومان بحراسة السفير. وجاء الاعتراف على لسان رئيس المركز القومي لمكافحة الإرهاب ماثيو أولسن في جلسة الاستماع بمجلس الشيوخ الأمريكي يوم الأربعاء 19 سبتمبر. وعلى الرغم من أن المسؤول الأمريكي أكد بأن المسؤولين الأمريكيين قتلوا في هجوم إرهابي على القنصلية، إلا أنه أشار إلى عدم امتلاكه أدلة تثبت وجود أي تخطيط مسبق للهجوم. بل وأعلن أن "الأحداث تطورت بشكل عشوائي وأن المسلحين الذي استهدفوا القنصلية، كما يبدو، انتهزوا الفرصة السانحة لهم". وأفاد أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) يحقق حاليا فيما إذا كان للمعتدين على الدبلوماسيين الأمريكيين أي علاقة بتنظيم "القاعدة" أو غيره من الجماعات الإرهابية.
وفي يوم الخميس 20 سبتمبر/ايلول، أي بعد يوم واحد فقط من اعتراف المسؤول الأمريكي وبعد 9 أيام من العملية، تقدم وزير الخارجية الليبي عاشور بن خيال بإعتذار لوليام بيرنس نائب وزيرة الخارجية الأمريكي الذي وصل إلى طربلس في زيارة تتضمن لقاءات مع كل من رئيس وزراء ليبيا الجديد مصطفى أبو شاقور ورئيس المؤتمر الوطني الليبي محمد المقريف.
تساؤلات كثيرة ستظل تتردد في هذا الشأن من قبيل هل كانت احتجاجات الليبيين في 11 سبتمبر 2012 أمام مبنى القنصلية الأمريكية في بنغازي على فيلم "براءة المسلمين" ضخمة إلى ذلك الحد الذي سمح بقصف القنصلية الأمريكية بالقنابل؟ وماذا يعني المسؤول الأمريكي بعبارة "الأحداث تطورت بشكل عشوائي"؟ هل يعني أن السفير وموظف إدارة الصحافة والعسكريين الأمريكيين قتلوا بطريق الخطأ؟ وهل كل ذلك يعني أن المخابرات والسفارات والقنصليات الأمريكية على اتصال بعناصر المنظمات أو المجموعات الإرهابية الجهادية، أو في أحسن الأحوال على اتصال مع عملاء لها داخل هذه المجموعات يقومون بتوضيح الأمور؟!
في كل الأحوال، لقد قام وزير الخارجية الليبي شخصيا بتقديم اعتذاره لنائب وزيرة الخارجية الأمريكية. ولكن هل يعتبر ذلك نهاية الموضوع، أم أن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الأمريكية ستظل تعمل على أراضي ليبيا وبقية الدول التي تأفغنت مثل باكستان والعراق للعثور على قتلة الدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين؟ وماذا ستكون طبيعة عمل أجهزة الاستخبارات الأمريكية في ليبيا، ومع من ستتصل، وبمن ستستعين؟ وهل يمكن أن نعتبر مقتل الدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين مسمار جحا في ليبيا؟
في الواقع، قد لا نكون من أنصار نظرية المؤامرة، ولكن يمكن أن نفترض جدلا أننا من أنصار نظرية الأفغنة. أي سيناريوهات تطبيق النسق الأفغاني في دول أخرى. إذ أنه من الصعب تكرار عملية الأفغنة بحذافيرها، بل يمكن وضع سيناريوهات متحركة على النسق الأفغاني، وقد رأينا، وما زلنا نرى، أحدها بالفعل في العراق. وما يحدث في ليبيا منذ القضاء على ثورة الشباب ضد نظام معمر القذافي (بدءا من تاريخ أول مؤتمر صحافي في 28 فبراير 2011 في بنغازي للمجلس الوطني الانتقالي والذي اعترف فيه عبد الحفيظ غوقة بأن المجلس على اتصال بوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون) يمثل أيضا سيناريو متحركا على النسق الأفغاني. والمثير هنا أن التاريخ لا يتوقف عند الدروس المستفادة والتحذيرات. وكثيرا ما تتكرر بعض الأمور التي تؤكد تكرار ليس التجربة بالضبط، وإنما أحد وجوهها، وهو ما نطلق عليه النسق. ولنتذكر جيدا من كان يقوم بتمويل المجاهدين الأفغان في ثمانينيات القرن العشرين، ومن كان يرسل مجاهديه ومواطنيه للحرب ضد الإلحاد السوفيتي، ومن كان يقدم السلاح والدعم الاستخباراتي والمالي أيضا!
في حديث لرئيس لجنة الشؤون الدولية في المجلس الفيدرالي الروسي ميخائيل مارجيلوف مع إحدى وكالات الأنباء الروسية، قال "أنا اتفق مع الخبراء الذين يعتقدون أن المملكة العربية السعودية وقطر تقفان خلف الاحداث في سورية وفي العالم العربي". وأضاف: "إن الأنظمة الدكتاتورية العلمانية في بلدان الربيع العربي، ومنها مصر وتونس قد دخلت في طريق مسدود حيث لم تفلح في إنجاز التحديث. وفي النتيجة ساعدت بصورة مباشرة أو غير مباشرة على أسلمة بلدانها والمنطقة عموما". وأكد ما رجيلوف أن "هذه الانظمة خلقت وضعا قررت فيه غالبية السكان أن الرجوع إلى العقيدة الدينية فقط يمكن أن يحسن معيشتهم. وغدا هذا الأمر الاتجاه الرئيسي في شمال أفريقيا والشرق الأوسط".
وذهب مارجيلوف إلى أن "البلدان الغربية ولاسيما واشنطن قررت الارتكاز على من يسمون بالمسلمين المعتدلين في العالم الإسلامي وليس على المتشددين. وقررت الولايات المتحدة لدى نشرها الديمقراطية عدم السير ضد التيار بل ركوب موجة العمليات الجارية. ولهذا الغرض وجب دعم الإسلاميين المعتدلين المتنفذين. وأصبح من الصعب الآن الجزم بما ستؤول إليه سياسة الغرب هذه. ومن المحتمل أن تعم الفوضى التي ستصبح نمط الحياة في جزء من العالم الإسلامي. ويجب ألا ننسى أن المتطرفين قد يوجهون لدى الضرورة السلاح ضد الإسلاميين المعتدلين". قد نختلف مع مارجيلوف في وصفه للأنظمة الديكتاتورية في بلدان الربيع العربي بالعلمانية. وقد نرى أيضا أن المتطرفين لا يوجهون أسلحتهم فقط إلى الإسلاميين المعتدلين، بل وأيضا إلى المواطنين الذين يخالفونهم في الرؤية والدين والثقافة. ولكن هذا ليس جوهر الموضوع بالضبط وإن كان ذلك أمرا مهما للغاية، إذ أن الصراع يدور بين أنظمة ديكتاتورية رعت الإرهاب في فترات تاريخية وبين مجموعات إرهابية تلقت دعما إقليميا ودوليا لتنفيذ أجندات جيوسياسية وجيواقتصادية. والطريف هنا، هو أن غالبية قادة "الإسلام المعتدل حاليا كانوا يناصرون ويدعمون ويساندون تلك المجموعات الإرهابية الجهادية في تلك الفترات التاريخية، بل ويغازلونهم على الدوام حتى بعد أن وصلوا إلى السلطة. ولا يمكن أن نستبعد أن تحدث صدامات جزئية وفقا لرؤية الراعي الأمريكي.
إن جوهر الموضوع هنا، هو أن الصراعات التي تضمنتها الأفغنة بشكلها الكلاسيكي في أفغانستان وبعناصرها، من حيث التمويل والتسليح والأفراد، تدور الآن في دول شاركت أنظمتها بطرق مختلفة في السيناريو الأفغاني الكلاسيكي. الأمر الآخر، هو أن نفس مصادر الإمدادات بالمال وبالأفراد وبالمعدات العسكرية والمعلومات الاستخباراتية هي نفسها ولكن الأحداث تدور في ليبيا وسورية واليمن، وربما السودان، ومن قبلها في العراق.. وتدور أيضا في مصر ولكن بشكل بطيء نظرا لطبيعة المصريين وتحالفات القوى السياسية الوطنية والليبرالية واليسارية وطبيعة تركيبة الدولة التي تحتاج فترة أطول للتفكيك والانهيار الكامل. أما الأحداث الجارية في تونس، فهي لا تختلف كثيرا عن ما يجري في الدول السابقة، لكن الآلة الإعلامية المتنفذة ترى عدم التركيز على تلك الأحداث المأساوية حاليا. كما أن طبيعة الدولة في تونس ونشاطات القوى السياسية المعارضة للإسلام السياسي والتراكمات الاجتماعية والثقافية قد تلعب دورا هاما في عدم التعجيل بتحقيق النسق الأفغاني. ولكن الأوضاع في كل الأحوال، وفي ظل محاولات السيطرة الكاملة من جانب تيارات الإسلام السياسي سواء كان في السلطة أو خارجها، تتجه نحو فوضى غير خلاقة بالمرة تتسم بطابع الأفغنة، وما يجري في أفغانستان وباكستان من جهة، وفي العراق وليبيا وسورية واليمن من جهة أخرى أكبر الشواهد على ذلك.
د. أشرف الصباغ
أخيرا اعترفت المخابرات الأمريكية بأن الهجوم على القنصلية في بنغازي كان عملا إرهابيا، حيث قتل السفير الأمريكي في ليبيا كريستوفر ستيفينس وشون سميث الموظف بإدارة الصحافة التابعة للخارجية الأمريكية، إضافة لاثنين من مشاة البحرية الأمريكية كانا يقومان بحراسة السفير. وجاء الاعتراف على لسان رئيس المركز القومي لمكافحة الإرهاب ماثيو أولسن في جلسة الاستماع بمجلس الشيوخ الأمريكي يوم الأربعاء 19 سبتمبر. وعلى الرغم من أن المسؤول الأمريكي أكد بأن المسؤولين الأمريكيين قتلوا في هجوم إرهابي على القنصلية، إلا أنه أشار إلى عدم امتلاكه أدلة تثبت وجود أي تخطيط مسبق للهجوم. بل وأعلن أن "الأحداث تطورت بشكل عشوائي وأن المسلحين الذي استهدفوا القنصلية، كما يبدو، انتهزوا الفرصة السانحة لهم". وأفاد أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) يحقق حاليا فيما إذا كان للمعتدين على الدبلوماسيين الأمريكيين أي علاقة بتنظيم "القاعدة" أو غيره من الجماعات الإرهابية.
وفي يوم الخميس 20 سبتمبر/ايلول، أي بعد يوم واحد فقط من اعتراف المسؤول الأمريكي وبعد 9 أيام من العملية، تقدم وزير الخارجية الليبي عاشور بن خيال بإعتذار لوليام بيرنس نائب وزيرة الخارجية الأمريكي الذي وصل إلى طربلس في زيارة تتضمن لقاءات مع كل من رئيس وزراء ليبيا الجديد مصطفى أبو شاقور ورئيس المؤتمر الوطني الليبي محمد المقريف.
تساؤلات كثيرة ستظل تتردد في هذا الشأن من قبيل هل كانت احتجاجات الليبيين في 11 سبتمبر 2012 أمام مبنى القنصلية الأمريكية في بنغازي على فيلم "براءة المسلمين" ضخمة إلى ذلك الحد الذي سمح بقصف القنصلية الأمريكية بالقنابل؟ وماذا يعني المسؤول الأمريكي بعبارة "الأحداث تطورت بشكل عشوائي"؟ هل يعني أن السفير وموظف إدارة الصحافة والعسكريين الأمريكيين قتلوا بطريق الخطأ؟ وهل كل ذلك يعني أن المخابرات والسفارات والقنصليات الأمريكية على اتصال بعناصر المنظمات أو المجموعات الإرهابية الجهادية، أو في أحسن الأحوال على اتصال مع عملاء لها داخل هذه المجموعات يقومون بتوضيح الأمور؟!
في كل الأحوال، لقد قام وزير الخارجية الليبي شخصيا بتقديم اعتذاره لنائب وزيرة الخارجية الأمريكية. ولكن هل يعتبر ذلك نهاية الموضوع، أم أن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الأمريكية ستظل تعمل على أراضي ليبيا وبقية الدول التي تأفغنت مثل باكستان والعراق للعثور على قتلة الدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين؟ وماذا ستكون طبيعة عمل أجهزة الاستخبارات الأمريكية في ليبيا، ومع من ستتصل، وبمن ستستعين؟ وهل يمكن أن نعتبر مقتل الدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين مسمار جحا في ليبيا؟
في الواقع، قد لا نكون من أنصار نظرية المؤامرة، ولكن يمكن أن نفترض جدلا أننا من أنصار نظرية الأفغنة. أي سيناريوهات تطبيق النسق الأفغاني في دول أخرى. إذ أنه من الصعب تكرار عملية الأفغنة بحذافيرها، بل يمكن وضع سيناريوهات متحركة على النسق الأفغاني، وقد رأينا، وما زلنا نرى، أحدها بالفعل في العراق. وما يحدث في ليبيا منذ القضاء على ثورة الشباب ضد نظام معمر القذافي (بدءا من تاريخ أول مؤتمر صحافي في 28 فبراير 2011 في بنغازي للمجلس الوطني الانتقالي والذي اعترف فيه عبد الحفيظ غوقة بأن المجلس على اتصال بوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون) يمثل أيضا سيناريو متحركا على النسق الأفغاني. والمثير هنا أن التاريخ لا يتوقف عند الدروس المستفادة والتحذيرات. وكثيرا ما تتكرر بعض الأمور التي تؤكد تكرار ليس التجربة بالضبط، وإنما أحد وجوهها، وهو ما نطلق عليه النسق. ولنتذكر جيدا من كان يقوم بتمويل المجاهدين الأفغان في ثمانينيات القرن العشرين، ومن كان يرسل مجاهديه ومواطنيه للحرب ضد الإلحاد السوفيتي، ومن كان يقدم السلاح والدعم الاستخباراتي والمالي أيضا!
في حديث لرئيس لجنة الشؤون الدولية في المجلس الفيدرالي الروسي ميخائيل مارجيلوف مع إحدى وكالات الأنباء الروسية، قال "أنا اتفق مع الخبراء الذين يعتقدون أن المملكة العربية السعودية وقطر تقفان خلف الاحداث في سورية وفي العالم العربي". وأضاف: "إن الأنظمة الدكتاتورية العلمانية في بلدان الربيع العربي، ومنها مصر وتونس قد دخلت في طريق مسدود حيث لم تفلح في إنجاز التحديث. وفي النتيجة ساعدت بصورة مباشرة أو غير مباشرة على أسلمة بلدانها والمنطقة عموما". وأكد ما رجيلوف أن "هذه الانظمة خلقت وضعا قررت فيه غالبية السكان أن الرجوع إلى العقيدة الدينية فقط يمكن أن يحسن معيشتهم. وغدا هذا الأمر الاتجاه الرئيسي في شمال أفريقيا والشرق الأوسط".
وذهب مارجيلوف إلى أن "البلدان الغربية ولاسيما واشنطن قررت الارتكاز على من يسمون بالمسلمين المعتدلين في العالم الإسلامي وليس على المتشددين. وقررت الولايات المتحدة لدى نشرها الديمقراطية عدم السير ضد التيار بل ركوب موجة العمليات الجارية. ولهذا الغرض وجب دعم الإسلاميين المعتدلين المتنفذين. وأصبح من الصعب الآن الجزم بما ستؤول إليه سياسة الغرب هذه. ومن المحتمل أن تعم الفوضى التي ستصبح نمط الحياة في جزء من العالم الإسلامي. ويجب ألا ننسى أن المتطرفين قد يوجهون لدى الضرورة السلاح ضد الإسلاميين المعتدلين". قد نختلف مع مارجيلوف في وصفه للأنظمة الديكتاتورية في بلدان الربيع العربي بالعلمانية. وقد نرى أيضا أن المتطرفين لا يوجهون أسلحتهم فقط إلى الإسلاميين المعتدلين، بل وأيضا إلى المواطنين الذين يخالفونهم في الرؤية والدين والثقافة. ولكن هذا ليس جوهر الموضوع بالضبط وإن كان ذلك أمرا مهما للغاية، إذ أن الصراع يدور بين أنظمة ديكتاتورية رعت الإرهاب في فترات تاريخية وبين مجموعات إرهابية تلقت دعما إقليميا ودوليا لتنفيذ أجندات جيوسياسية وجيواقتصادية. والطريف هنا، هو أن غالبية قادة "الإسلام المعتدل حاليا كانوا يناصرون ويدعمون ويساندون تلك المجموعات الإرهابية الجهادية في تلك الفترات التاريخية، بل ويغازلونهم على الدوام حتى بعد أن وصلوا إلى السلطة. ولا يمكن أن نستبعد أن تحدث صدامات جزئية وفقا لرؤية الراعي الأمريكي.
إن جوهر الموضوع هنا، هو أن الصراعات التي تضمنتها الأفغنة بشكلها الكلاسيكي في أفغانستان وبعناصرها، من حيث التمويل والتسليح والأفراد، تدور الآن في دول شاركت أنظمتها بطرق مختلفة في السيناريو الأفغاني الكلاسيكي. الأمر الآخر، هو أن نفس مصادر الإمدادات بالمال وبالأفراد وبالمعدات العسكرية والمعلومات الاستخباراتية هي نفسها ولكن الأحداث تدور في ليبيا وسورية واليمن، وربما السودان، ومن قبلها في العراق.. وتدور أيضا في مصر ولكن بشكل بطيء نظرا لطبيعة المصريين وتحالفات القوى السياسية الوطنية والليبرالية واليسارية وطبيعة تركيبة الدولة التي تحتاج فترة أطول للتفكيك والانهيار الكامل. أما الأحداث الجارية في تونس، فهي لا تختلف كثيرا عن ما يجري في الدول السابقة، لكن الآلة الإعلامية المتنفذة ترى عدم التركيز على تلك الأحداث المأساوية حاليا. كما أن طبيعة الدولة في تونس ونشاطات القوى السياسية المعارضة للإسلام السياسي والتراكمات الاجتماعية والثقافية قد تلعب دورا هاما في عدم التعجيل بتحقيق النسق الأفغاني. ولكن الأوضاع في كل الأحوال، وفي ظل محاولات السيطرة الكاملة من جانب تيارات الإسلام السياسي سواء كان في السلطة أو خارجها، تتجه نحو فوضى غير خلاقة بالمرة تتسم بطابع الأفغنة، وما يجري في أفغانستان وباكستان من جهة، وفي العراق وليبيا وسورية واليمن من جهة أخرى أكبر الشواهد على ذلك.