عصر تجارة المعلومات وقوانينها
ذهب عصر المحركات البخارية وأتى عصر المعلوماتية. أصبحت الغلبة لمن يعرف كيف يحصل على المعلومة ويسوقها. وكل يوم نشارك أنا وأنت وأصدقاؤنا وأهلنا، في صنع المعلومة بل وكلنا يضيف عليها بصمته "الخاصة جدا"... وبكامل إرادته..
كل يوم ندخل على الشبكة العنكبوتية ونشارك في نقل وصنع وتطوير المعلومة ونشرها في كل صورها المقروءة والمسموعة والمرئية. نعطي تقاريرمفصلة عن تحركاتنا وحياتنا، ميولنا ورغباتنا، أرائنا الحالية وأفكارنا المستقبلية.
ولكن أليس لكل شيئ ثمن؟ وإن كنت لا تدفع ثمنا إذا أنت لست "العميل"، وإن كنت لا تتلقى الثمن فبكل تأكيد أنت لست "المالك"، لم يبق في المنظومة التجارية إذا إلا أن نكون نحن "السلعة" .. في صورة معلوماتية. وإن كانت تجارتك هي المعلومة فعملاؤك لا يقتصرون على فئة أو جهة بعينها. أما المالك، فالإجابة عليه أصعب. فالمعلومة مفهوم غير مادي: إن استطعت حيازته، لا تستطيع امتلاكه. من السهل نسخها واستنساخها. وهي ملك لكل من يملك القدرة على تحليلها واستخدامها.
هذا بعض ما يجعل سن قوانين تحكم انتقال المعلومة أمر ليس باليسير، والحكم في قضايا المعلوماتية بالتالي صعب كذلك.
إذا أخذنا مثلا الأفلام المتداولة على المواقع الالكترونية، فبالفعل يخسر أصحاب الملكية الفكرية لها جزءا من أرباحهم المفترضة، ولكنهم من جانب آخر يجنون عائد التسويق والدعاية لأفلامهم، والتي قدرتها بعض الإحصاءات بزيادة بلغت 23% من مبيعات بعض أفلام الـ "دي في دي".
مثالا آخر يمكن طرحه بقضية ويكيليكس والتي فرضت عدة أسئلة كان من أبرزها .. من يمتلك المعلومات بعد تسريبها؟ الحكومة الأمريكية، ويكيليكس، أم الصحف التي نشرت هذه المعلومات؟
صعوبة الاتفاق على قوانين جديدة أعطى مجالا رحبا لاستخدام قوانين قديمة لا تنطبق على واقع المجال المعلوماتي الحالي. في الولايات المتحدة مثلا ثلاث ولايات هي ماساشوسيتس وميريلاند وإيلينوي منعت الاعتراف القضائي بأي فيديو يصور لأفراد الأمن أثناء تأدية عملهم ويبث على شبكة الإنترنت، وذلك استنادا لقانون قديم يحرم تصوير الأشخاص بدون إذن نيابي. إلا ان تلك القوانين القديمة لم تمنع الحكومة الأمريكية في الوقت ذاته من التقدم بطلب إلى موقع تويتر للحصول على جميع المراسلات الخاصة بالمواطن الأسترالي جوليان أسانج والعاملين معه في موقع ويكيليكس.
الأمر الذي يزيد من حيرة المشرع أكثر هو الطبيعة المتحولة دائما للمعلومة. فالمعلومات لا تظل على شكل واحد طيلة الوقت الذي تتنقل فيه. تحليل المعلومة يولد الكثير من المعلومات الأخرى وبالتالي تفرض واقعا جديدا. إلا انها في الوقت ذاته لا تنفصل عن أصلها. بل تظل بصمات كل من شارك في صنعها عالقة بها كشريط DNA يمكن من خلاله الكشف عن هوياتهم. وهو ما أثبتته على سبيل المثال فضيحة شركة AOL عام 2006. وقتها جمعت الشركة 650.000 كلمة بحث من عملائها على الانترنت واتاحتها للاستخدام البحثي بدون الإفصاح عن هويات المستخدمين. إلا ان جريدة نيويورك تايمز إستطاعت ان تصل إلى بعض هؤلاء المستخدمين بعد تحليل البيانات المنشورة.
منذ عام 2006 وحتى الان زاد عدد المشتركين بخدمات الانترنت كما زادت المواقع الاجتماعية والبيانات المتاحة عليها، ولم تعد السلعة الرائجة حكرا على عدد محدود من تجار وسماسرة المعلومات، ولكل منهم غايته التي قد نتفق أو لا نتفق معها. قد تكون معلوماتك سلعة لشركة تأمين على الحياة وقد تكون سلعة لحكومة تحدد لك على أساسها ما تعرف من معلومات وكذا الصورة التي ترى بها العالم.
سلوى عبد التواب، موقع "روسيا اليوم"
ذهب عصر المحركات البخارية وأتى عصر المعلوماتية. أصبحت الغلبة لمن يعرف كيف يحصل على المعلومة ويسوقها. وكل يوم نشارك أنا وأنت وأصدقاؤنا وأهلنا، في صنع المعلومة بل وكلنا يضيف عليها بصمته "الخاصة جدا"... وبكامل إرادته..
كل يوم ندخل على الشبكة العنكبوتية ونشارك في نقل وصنع وتطوير المعلومة ونشرها في كل صورها المقروءة والمسموعة والمرئية. نعطي تقاريرمفصلة عن تحركاتنا وحياتنا، ميولنا ورغباتنا، أرائنا الحالية وأفكارنا المستقبلية.
ولكن أليس لكل شيئ ثمن؟ وإن كنت لا تدفع ثمنا إذا أنت لست "العميل"، وإن كنت لا تتلقى الثمن فبكل تأكيد أنت لست "المالك"، لم يبق في المنظومة التجارية إذا إلا أن نكون نحن "السلعة" .. في صورة معلوماتية. وإن كانت تجارتك هي المعلومة فعملاؤك لا يقتصرون على فئة أو جهة بعينها. أما المالك، فالإجابة عليه أصعب. فالمعلومة مفهوم غير مادي: إن استطعت حيازته، لا تستطيع امتلاكه. من السهل نسخها واستنساخها. وهي ملك لكل من يملك القدرة على تحليلها واستخدامها.
هذا بعض ما يجعل سن قوانين تحكم انتقال المعلومة أمر ليس باليسير، والحكم في قضايا المعلوماتية بالتالي صعب كذلك.
إذا أخذنا مثلا الأفلام المتداولة على المواقع الالكترونية، فبالفعل يخسر أصحاب الملكية الفكرية لها جزءا من أرباحهم المفترضة، ولكنهم من جانب آخر يجنون عائد التسويق والدعاية لأفلامهم، والتي قدرتها بعض الإحصاءات بزيادة بلغت 23% من مبيعات بعض أفلام الـ "دي في دي".
مثالا آخر يمكن طرحه بقضية ويكيليكس والتي فرضت عدة أسئلة كان من أبرزها .. من يمتلك المعلومات بعد تسريبها؟ الحكومة الأمريكية، ويكيليكس، أم الصحف التي نشرت هذه المعلومات؟
صعوبة الاتفاق على قوانين جديدة أعطى مجالا رحبا لاستخدام قوانين قديمة لا تنطبق على واقع المجال المعلوماتي الحالي. في الولايات المتحدة مثلا ثلاث ولايات هي ماساشوسيتس وميريلاند وإيلينوي منعت الاعتراف القضائي بأي فيديو يصور لأفراد الأمن أثناء تأدية عملهم ويبث على شبكة الإنترنت، وذلك استنادا لقانون قديم يحرم تصوير الأشخاص بدون إذن نيابي. إلا ان تلك القوانين القديمة لم تمنع الحكومة الأمريكية في الوقت ذاته من التقدم بطلب إلى موقع تويتر للحصول على جميع المراسلات الخاصة بالمواطن الأسترالي جوليان أسانج والعاملين معه في موقع ويكيليكس.
الأمر الذي يزيد من حيرة المشرع أكثر هو الطبيعة المتحولة دائما للمعلومة. فالمعلومات لا تظل على شكل واحد طيلة الوقت الذي تتنقل فيه. تحليل المعلومة يولد الكثير من المعلومات الأخرى وبالتالي تفرض واقعا جديدا. إلا انها في الوقت ذاته لا تنفصل عن أصلها. بل تظل بصمات كل من شارك في صنعها عالقة بها كشريط DNA يمكن من خلاله الكشف عن هوياتهم. وهو ما أثبتته على سبيل المثال فضيحة شركة AOL عام 2006. وقتها جمعت الشركة 650.000 كلمة بحث من عملائها على الانترنت واتاحتها للاستخدام البحثي بدون الإفصاح عن هويات المستخدمين. إلا ان جريدة نيويورك تايمز إستطاعت ان تصل إلى بعض هؤلاء المستخدمين بعد تحليل البيانات المنشورة.
منذ عام 2006 وحتى الان زاد عدد المشتركين بخدمات الانترنت كما زادت المواقع الاجتماعية والبيانات المتاحة عليها، ولم تعد السلعة الرائجة حكرا على عدد محدود من تجار وسماسرة المعلومات، ولكل منهم غايته التي قد نتفق أو لا نتفق معها. قد تكون معلوماتك سلعة لشركة تأمين على الحياة وقد تكون سلعة لحكومة تحدد لك على أساسها ما تعرف من معلومات وكذا الصورة التي ترى بها العالم.
سلوى عبد التواب، موقع "روسيا اليوم"