عملية سرية للـ "كي جي بي" في بيروت
نقلت وكالات الانباء العالمية يوم 30 سبتمبر/ايلول عام 1985 نبأ مثيرا مفاده ان
تنظيما مجهولا يدعى " قوات القدس لواء خالد بن الوليد " اختطفت في بيروت
4 من موظفي السفارة السوفيتية هناك. فقد شهدت شوارع العاصمة اللبنانية في
هذا اليوم اعتداءين على سيارتين تابعتين للسفارة السوفيتية في بيروت اسفرا
عن اختطاف الملحق في السفارة اوليغ سبيرين وموظف القسم القنصلي في السفارة
اركادي كاتكوف وموظف الممثلية التجارية السوفيتية في بيروت فاليري
ميريكوف والطبيب نيقولاي سفيرسكي. ووقع الهجومان بالقرب المباشر من مبنى السفارة السوفيتية.
وكان اثنان من الرهائن السوفيت عنصرين في المخابرات الروسية "كي جي بي" عملا تحت ستار دبلوماسيين في السفارة.
لم يكن اختطاف الرهائن في بلد نشبت فيه الحرب الاهلية مفاجأة لاي احد. ووقعت
اختطافات كهذة بشكل منتظم على خلفية اشتباكات مسلحة دامية عمت لبنان كلها.
وشهدت بيروت اختطاف امريكيين وبريطانيين وفرنسيين وغيرهم . لكن المسلحين
كانوا يفضلون آنذاك عدم الاعتداء على الروس. لذا فان ما حدث في 30
سبتمبر/ايلول لم يتماشى وسيناريوهات المخططات والهجمات المعتاد عليها
سابقا. وحتى الساسة اللبنانيون فوجئوا بالامر حيث قالوا للمسؤولين الروس
:" اي اختطاف؟ لديكم علاقات طيبة مع الجميع".
ولكن الارهابيين الذين قاموا بعملية الاختطاف اشهروا نواياهم بسرعة فاعلنوا شروطهم التي لم تكن عادية بالمرة. وجاء في بيانهم الاول ان "الكفار الروس هم اعداء الامة الاسلامية ويتحملون المسؤولية عن جرائم يرتكبها حليفهم السوري الذي يقتل
الاخوة المسلمين في ضواحي طرابلس في شمال لبنان . لذا يجب على موسكو الضغط على
دمشق لتقوم بوقف عملياتها العسكرية.. والسفارة السوفيتية منبع الوباء
المعادي للاسلام ويجب اجلاؤها خلال بضعة ايام، والا ستتعرض لهجوم في يوم
الجمعة القادم بعد اقامة صلاة الفجر".
وهدد الارهابيون في حال رفض تنفيذ شروطهم بقتل الرهائن واحدا بعد الاخر .
وطلبت وزارة الخارجية الروسية من ايران والاردن وليبيا المساعدة بهذا الشأن ،
وتعهدت كلها بتقديم المساعدة اللازمة. ولكن لم يجري القيام باية خطوة. وقد
سلم الارهابيون الى الصحفيين صور الرهائن الواقفين تحت فوهات المسدسات.
كتب يوري بيرفيليف الرئيس السابق لمحطة الاستخبارات الخارجية السوفيتية في
بيروت كتابا تحت عنوان" الارهاب في بيروت .. اكتوبر الحار". واصدرته دار
"القرن الحادي والعشرون .. الوفاق" للطباعة والنشر في موسكو. واورد الكتاب
حقائق كثيرة غيرمعروفة سابقا لكونها كانت تحفظ في الارشيف السري. وتفيد الوثائق السرية بان محطة الـ "كي جي بي" في
بيروت فوجئت بان فكرة اختطاف الرهائن السوفيت ولدت في خلية محلية لمنظمة
التحرير الفلسطينية التي كان ياسرعرفات يسيطرعليها تماما. وقام رجاله
بالتعاون مع مقاتلي "حزب الله" الموالي لايران باختطاف الرهائن السوفيت.
وقد قام بالتخطيط لعملية الاختطاف والاشراف على تنفيذها عماد مغنية ( كان
يلقب بالضبع) الحارس الشخصي السابق لياسر عرفات. كما شارك في عملية
الاختطاف حارس شخصي آخر لعرفات يسمى" الحاج" . واصيب احد الرهائن- كاتكوف
- اثناء اختطافه بجرح تسبب في مرض الغنغرينا. وقام الارهابيون بنقله الى
ملعب حيث اعدموه آنذاك ، وقد قام بعملية اعدامه " الضبع" نفسه .
بعد عملية اختطاف الرهائن السوفيت صرح ياسر عرفات ان الاتحاد السوفيتي صديق
للعرب وانه( عرفات) يتخذ خطوات عاجلة للافراج عن الدبلوماسيين السوفيت.
وانحصرت تلك الخطوات في ان عرفات اقترح على رئيس شبكة "كي جي بي" السوفيتية
في بيروت بان يشارك مدبرو اختطاف الرهائن في المفاوضات كممثلين له. ثم
اعلن عرفات انه اتفق على اطلاق سراح الرهائن وادعى انه دفع مبلغ 100 الف
دولار مقابل الافراج عنهم. وبعدها تم نقل الرهائن الى كراج صغير حيث
لفو كل واحد منهم بشريط لاصق من اسفل القدم لاعلى الرأس بحيث بدا يشيه
المومياء ، وابقوا على فتحة صغيرة فقط لكي يتنفس. ثم وضعو الرهائن في
صندوق السيارة ونقلوهم الى وادي البقاع حيث ابقوهم في كوخ مربوطين
بالارضية بسلاسل حديدية وقفل. وهكذا سلم عرفات مسؤولية " الحفاظ عليهم"
الى تنظيم حزب الله. اما المختطفون فاقاموا في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين.
وجه الزعيم السوفيتي انذاك ميخائيل غورباتشوف رسالة
شخصية الى رئيس سورية حافظ الاسد رجاه فيها بالامتناع عن خوض عمليات حربية
ضد فصائل المقاومة الفلسطينية في منطقة طرابلس. فوافق الاسد على طلب
غورباتشوف وامر بوقف الاشتباكات المسلحة. وبدا حينها كما لو ان الرهائن على
وشك التحرير. لكن عرفات اتصل بقيادة تنظيم حزب الله وامر بعدم الافراج
عنهم الى ان تقدم ضمانات. فسألوه "ضمانات مَن؟" . قال: "ضماناتي انا".
وتم التقاط هذه المكالمة الهاتفية من قبل المكتب الثاني للمخابرات العسكرية
اللبنانية التي اطلعت بكل سرور الدبلوماسيين السوفيت عليها لكي تقول لهم
بشماتة " هذا هو صديقكم المفضل". ويبدو ان عرفات استلذ بالامر فاراد
القيام بمقلب اخر للكرملين ، فاصدر بيانا مفاده إما تحثون دمشق على
التخلي عن تمشيط ضواحي بيروت وإما نقتل الرهائن، مما اثار غضب حافظ الاسد.
لكن الرئيس السوري وافق في النهاية على هذا الطلب اكراما لموسكو . الا ان
الارهابين واصلوا المماطلة ولم يطلقوا سراح الرهائن.
ويذكر المجلد السادس من تاريخ الاستخبارات الخارجية الروسية" ان موسكو امرت مسؤول محطتها الاستخبارية في بيروت بان
يلتقي اية الله محمد حسين فضل الله الزعيم الروحي انذاك لحزب الله في لبنان
ليمارس الضغط عليه. فقال المسؤول السوفيتي لفضل الله ان الاتحاد السوفيتي
كان يتحلى بالصبر طوال هذه الفترة ، لكنه قد يلجأ الى اتخاذ خطوات جدية!
فقال فضل الله بعد تفكير عميق انه "يأمل انشاء الله بالافراج عن
الرهائن". ويبدو ان التحذيرالسوفيتي المبطن هذا فعل فعلته.
وفي مساء يوم 30 اكتوبر/تشرين الاول لاحظ حارس في السفارة السوفيتية 3 رجال
ملتحين يقتربون من مبنى السفارة وتبين فيما بعد انهم الرهائن السابقون
فاليري ميريكوف ونيقولاي سفيرسكي واوليغ سبيرين اوصلهم الارهابيون بسيارة الى منطقة السفارة السوفيتية.
لقد بين اختطاف الرهائن السوفيت
لاول مرة في بيروت ان المواطنون السوفينت لا يحظون بحصانة امام الارهابيين ،
وان التعاون مع الارهابيين لن يقود الى شيء حسن.
نقلت وكالات الانباء العالمية يوم 30 سبتمبر/ايلول عام 1985 نبأ مثيرا مفاده ان
تنظيما مجهولا يدعى " قوات القدس لواء خالد بن الوليد " اختطفت في بيروت
4 من موظفي السفارة السوفيتية هناك. فقد شهدت شوارع العاصمة اللبنانية في
هذا اليوم اعتداءين على سيارتين تابعتين للسفارة السوفيتية في بيروت اسفرا
عن اختطاف الملحق في السفارة اوليغ سبيرين وموظف القسم القنصلي في السفارة
اركادي كاتكوف وموظف الممثلية التجارية السوفيتية في بيروت فاليري
ميريكوف والطبيب نيقولاي سفيرسكي. ووقع الهجومان بالقرب المباشر من مبنى السفارة السوفيتية.
وكان اثنان من الرهائن السوفيت عنصرين في المخابرات الروسية "كي جي بي" عملا تحت ستار دبلوماسيين في السفارة.
لم يكن اختطاف الرهائن في بلد نشبت فيه الحرب الاهلية مفاجأة لاي احد. ووقعت
اختطافات كهذة بشكل منتظم على خلفية اشتباكات مسلحة دامية عمت لبنان كلها.
وشهدت بيروت اختطاف امريكيين وبريطانيين وفرنسيين وغيرهم . لكن المسلحين
كانوا يفضلون آنذاك عدم الاعتداء على الروس. لذا فان ما حدث في 30
سبتمبر/ايلول لم يتماشى وسيناريوهات المخططات والهجمات المعتاد عليها
سابقا. وحتى الساسة اللبنانيون فوجئوا بالامر حيث قالوا للمسؤولين الروس
:" اي اختطاف؟ لديكم علاقات طيبة مع الجميع".
ولكن الارهابيين الذين قاموا بعملية الاختطاف اشهروا نواياهم بسرعة فاعلنوا شروطهم التي لم تكن عادية بالمرة. وجاء في بيانهم الاول ان "الكفار الروس هم اعداء الامة الاسلامية ويتحملون المسؤولية عن جرائم يرتكبها حليفهم السوري الذي يقتل
الاخوة المسلمين في ضواحي طرابلس في شمال لبنان . لذا يجب على موسكو الضغط على
دمشق لتقوم بوقف عملياتها العسكرية.. والسفارة السوفيتية منبع الوباء
المعادي للاسلام ويجب اجلاؤها خلال بضعة ايام، والا ستتعرض لهجوم في يوم
الجمعة القادم بعد اقامة صلاة الفجر".
وهدد الارهابيون في حال رفض تنفيذ شروطهم بقتل الرهائن واحدا بعد الاخر .
وطلبت وزارة الخارجية الروسية من ايران والاردن وليبيا المساعدة بهذا الشأن ،
وتعهدت كلها بتقديم المساعدة اللازمة. ولكن لم يجري القيام باية خطوة. وقد
سلم الارهابيون الى الصحفيين صور الرهائن الواقفين تحت فوهات المسدسات.
كتب يوري بيرفيليف الرئيس السابق لمحطة الاستخبارات الخارجية السوفيتية في
بيروت كتابا تحت عنوان" الارهاب في بيروت .. اكتوبر الحار". واصدرته دار
"القرن الحادي والعشرون .. الوفاق" للطباعة والنشر في موسكو. واورد الكتاب
حقائق كثيرة غيرمعروفة سابقا لكونها كانت تحفظ في الارشيف السري. وتفيد الوثائق السرية بان محطة الـ "كي جي بي" في
بيروت فوجئت بان فكرة اختطاف الرهائن السوفيت ولدت في خلية محلية لمنظمة
التحرير الفلسطينية التي كان ياسرعرفات يسيطرعليها تماما. وقام رجاله
بالتعاون مع مقاتلي "حزب الله" الموالي لايران باختطاف الرهائن السوفيت.
وقد قام بالتخطيط لعملية الاختطاف والاشراف على تنفيذها عماد مغنية ( كان
يلقب بالضبع) الحارس الشخصي السابق لياسر عرفات. كما شارك في عملية
الاختطاف حارس شخصي آخر لعرفات يسمى" الحاج" . واصيب احد الرهائن- كاتكوف
- اثناء اختطافه بجرح تسبب في مرض الغنغرينا. وقام الارهابيون بنقله الى
ملعب حيث اعدموه آنذاك ، وقد قام بعملية اعدامه " الضبع" نفسه .
بعد عملية اختطاف الرهائن السوفيت صرح ياسر عرفات ان الاتحاد السوفيتي صديق
للعرب وانه( عرفات) يتخذ خطوات عاجلة للافراج عن الدبلوماسيين السوفيت.
وانحصرت تلك الخطوات في ان عرفات اقترح على رئيس شبكة "كي جي بي" السوفيتية
في بيروت بان يشارك مدبرو اختطاف الرهائن في المفاوضات كممثلين له. ثم
اعلن عرفات انه اتفق على اطلاق سراح الرهائن وادعى انه دفع مبلغ 100 الف
دولار مقابل الافراج عنهم. وبعدها تم نقل الرهائن الى كراج صغير حيث
لفو كل واحد منهم بشريط لاصق من اسفل القدم لاعلى الرأس بحيث بدا يشيه
المومياء ، وابقوا على فتحة صغيرة فقط لكي يتنفس. ثم وضعو الرهائن في
صندوق السيارة ونقلوهم الى وادي البقاع حيث ابقوهم في كوخ مربوطين
بالارضية بسلاسل حديدية وقفل. وهكذا سلم عرفات مسؤولية " الحفاظ عليهم"
الى تنظيم حزب الله. اما المختطفون فاقاموا في مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين.
وجه الزعيم السوفيتي انذاك ميخائيل غورباتشوف رسالة
شخصية الى رئيس سورية حافظ الاسد رجاه فيها بالامتناع عن خوض عمليات حربية
ضد فصائل المقاومة الفلسطينية في منطقة طرابلس. فوافق الاسد على طلب
غورباتشوف وامر بوقف الاشتباكات المسلحة. وبدا حينها كما لو ان الرهائن على
وشك التحرير. لكن عرفات اتصل بقيادة تنظيم حزب الله وامر بعدم الافراج
عنهم الى ان تقدم ضمانات. فسألوه "ضمانات مَن؟" . قال: "ضماناتي انا".
وتم التقاط هذه المكالمة الهاتفية من قبل المكتب الثاني للمخابرات العسكرية
اللبنانية التي اطلعت بكل سرور الدبلوماسيين السوفيت عليها لكي تقول لهم
بشماتة " هذا هو صديقكم المفضل". ويبدو ان عرفات استلذ بالامر فاراد
القيام بمقلب اخر للكرملين ، فاصدر بيانا مفاده إما تحثون دمشق على
التخلي عن تمشيط ضواحي بيروت وإما نقتل الرهائن، مما اثار غضب حافظ الاسد.
لكن الرئيس السوري وافق في النهاية على هذا الطلب اكراما لموسكو . الا ان
الارهابين واصلوا المماطلة ولم يطلقوا سراح الرهائن.
ويذكر المجلد السادس من تاريخ الاستخبارات الخارجية الروسية" ان موسكو امرت مسؤول محطتها الاستخبارية في بيروت بان
يلتقي اية الله محمد حسين فضل الله الزعيم الروحي انذاك لحزب الله في لبنان
ليمارس الضغط عليه. فقال المسؤول السوفيتي لفضل الله ان الاتحاد السوفيتي
كان يتحلى بالصبر طوال هذه الفترة ، لكنه قد يلجأ الى اتخاذ خطوات جدية!
فقال فضل الله بعد تفكير عميق انه "يأمل انشاء الله بالافراج عن
الرهائن". ويبدو ان التحذيرالسوفيتي المبطن هذا فعل فعلته.
وفي مساء يوم 30 اكتوبر/تشرين الاول لاحظ حارس في السفارة السوفيتية 3 رجال
ملتحين يقتربون من مبنى السفارة وتبين فيما بعد انهم الرهائن السابقون
فاليري ميريكوف ونيقولاي سفيرسكي واوليغ سبيرين اوصلهم الارهابيون بسيارة الى منطقة السفارة السوفيتية.
لقد بين اختطاف الرهائن السوفيت
لاول مرة في بيروت ان المواطنون السوفينت لا يحظون بحصانة امام الارهابيين ،
وان التعاون مع الارهابيين لن يقود الى شيء حسن.