أجنحة الملائكة!
قصة بقلم: نادر أبو تامر
لا أريد أن ألعب معك!!! هذه هي الكلمات التي قالها لي صديقي رامي وكان غاضبا. أدار ظهره إليّ وأراد أن يتركني ويعود إلى البيت.
رامي جاري. أحبه كثيرا. دائمًا نلعب معًا. أحيانا يأتي إليّ. أحيانًا أذهب إليه. أحيانًا نذهب أنا ورامي وإخوته مع أهلي وأهله إلى حديقة. نلعب هناك حتى نتعب كثيرا. لم أتذكر في أي مرة كيف كانت طريق العودة. طريق الذهاب دائمًا أحفظها لأنني أكون نشيطة وأتابع الطريق بعينيّ. أما في طريق العودة فمن شِدَّة التعب أنام في سيارة أبي حتى نصل إلى البيت. في الأسبوع الأخير شعرت أن هناك شيئا ناقصا في هذا البيت. في كثير من الأحيان أفيق عندما نصل من الحديقة إلى البيت. لكنني أتظاهر بأنني نائمة. أحب أن يحملني أبي على الدرج إلى البيت. أبي يحملني حتى إذا كان متعبا. وهو يقبلني قبلة جميلة. قال لي قبلة الملائكة. خفيفة وناعمة وطيبة وبريئة ومليئة بالحنان. أبي دائمًا حنون لكن قبلاته في الفترة الأخيرة صارت أطول وأكثر حنانا. لماذا يا ترى؟
انتبهت أيضا أن رامي فعل مثلي. لكن أباه لا يحمله على الدرج. يطلب منه أن يفيق. يبدو أن أباه ليس قويا مثل أبي. أبي يستطيع أن يحملني بسهولة. لكن رامي ربما ر يعرف ماذا حدث في الأسبوع الأخير عندنا.
عندما غضب رامي وزعل مني، عرفت ما السبب. انه يحب أن العب كرة القدم مثله. ربما لا يعرف أنني بنت ولا أحب كرة القدم. أنا أحب الدمى الجميلة. وخصوصا دُمى أخي. أخي عفيف لم يلعب بهذه الدمى منذ أسبوع.
حاولت أن أراضي رامي. ضربت الكرة مرة أخرى باتجاهه. لكن الضربة كانت ضعيفة. غضب رامي أكثر. انه لا يعرف أنني لا ألعب الكرة.
لكن أكثر ما أزعله هو أنني انظر كثيرا إلى فوق عندما ألعب معه. سألني مرتين: إلى أين تنظرين يا شوشو؟ لماذا لا تركزين معي باللعب؟ لم أرغب أن أقول له. كان هذا سرا بيني وبين أبي وأمي. خفت أنني إذا قلته له فقد يزعل أبي. أو قد يحزن. ظن رامي أنني أحب الطائرات وأراقبها. فعلا. أنا أحب الطائرات. منذ سافر أبي إلى الخارج بالطائرة ولم يأخذني معه وأنا أتساءل : كيف تسافر الطائرة في الجو؟ لماذا لا تقع؟ وخلال الأسبوع الأخير صرت أراقب الطائرات والغيوم وحتى النجوم.
لكن ليست الطائرة هي ما كان يهمني. لا.
عاد رامي وسألني مرة أخرى لماذا انظر طوال الوقت إلى السماء. ما الذي أبحث عنه بين الغيوم.
رامي طيب كثيرا. لكنه لا يعرف ماذا حدث في بيتنا قبل أسبوع. أخي عفيف كان ينام في سريره في غرفتنا المشتركة. أنا وهو في نفس الغرفة. ثم سمعت أبي يقول إنه قد مرض وأخذناه إلى المستشفى. زرته في المستشفى وضحكت معه. خلال الأيام الأخيرة تجمع عندنا الكثير الكثير من الناس. لم أشاهد بحياتي مثل هذا العدد من الناس. دخلت إلى غرفة عفيف هذا الأسبوع أكثر من مرة فلم أجده.
حدثت رامي بكل هذه التفاصيل. رامي أكبر مني بقليل. وهو أقوى مني بلعب كرة القدم. لكنه لا يعرف أنني أعرف أكثر منه عن أخي عفيف.
سألت أبي أين ذهب عفيف؟
سكت أبي طويلا. أبي لا يسكت. هو الوحيد الذي لا يسكت. حتى أمي تسكت أحيانا. إلا أبي. يحب الكلام. هو وجارنا. والد رامي. لا يتوقفان عن الكلام. لكنه هذه المرة سكت طويلا ثم عانقني. ربما كان هذا أطول عناق في العالم. ثم نظر إليَّ وقال لي: لقد أتى إلينا الملاك هذا الأسبوع.. وأعطى جناحيه لعفيف. أخوك ذهب إلى السماء يا بابا...
ومنذ ذلك اليوم وأنا ابحث عن أخي كلّ يوم. أحب النزول إلى الساحة. منها أنظر إلى السماء. من بيتنا تبدو السماء صغيرة. من الساحة تبدو كبيرة. والطائرة الكبيرة التي حدثني عنها أبي. تبدو مثل قطرة صغيرة صغيرة في السماء عندما أنظر إليها من الساحة. إنني أنظر إلى السماء وأبحث وأراقب فربما، ربما يمرّ أخي في السماء من فوق بيتنا. ربما.
قصة بقلم: نادر أبو تامر
لا أريد أن ألعب معك!!! هذه هي الكلمات التي قالها لي صديقي رامي وكان غاضبا. أدار ظهره إليّ وأراد أن يتركني ويعود إلى البيت.
رامي جاري. أحبه كثيرا. دائمًا نلعب معًا. أحيانا يأتي إليّ. أحيانًا أذهب إليه. أحيانًا نذهب أنا ورامي وإخوته مع أهلي وأهله إلى حديقة. نلعب هناك حتى نتعب كثيرا. لم أتذكر في أي مرة كيف كانت طريق العودة. طريق الذهاب دائمًا أحفظها لأنني أكون نشيطة وأتابع الطريق بعينيّ. أما في طريق العودة فمن شِدَّة التعب أنام في سيارة أبي حتى نصل إلى البيت. في الأسبوع الأخير شعرت أن هناك شيئا ناقصا في هذا البيت. في كثير من الأحيان أفيق عندما نصل من الحديقة إلى البيت. لكنني أتظاهر بأنني نائمة. أحب أن يحملني أبي على الدرج إلى البيت. أبي يحملني حتى إذا كان متعبا. وهو يقبلني قبلة جميلة. قال لي قبلة الملائكة. خفيفة وناعمة وطيبة وبريئة ومليئة بالحنان. أبي دائمًا حنون لكن قبلاته في الفترة الأخيرة صارت أطول وأكثر حنانا. لماذا يا ترى؟
انتبهت أيضا أن رامي فعل مثلي. لكن أباه لا يحمله على الدرج. يطلب منه أن يفيق. يبدو أن أباه ليس قويا مثل أبي. أبي يستطيع أن يحملني بسهولة. لكن رامي ربما ر يعرف ماذا حدث في الأسبوع الأخير عندنا.
عندما غضب رامي وزعل مني، عرفت ما السبب. انه يحب أن العب كرة القدم مثله. ربما لا يعرف أنني بنت ولا أحب كرة القدم. أنا أحب الدمى الجميلة. وخصوصا دُمى أخي. أخي عفيف لم يلعب بهذه الدمى منذ أسبوع.
حاولت أن أراضي رامي. ضربت الكرة مرة أخرى باتجاهه. لكن الضربة كانت ضعيفة. غضب رامي أكثر. انه لا يعرف أنني لا ألعب الكرة.
لكن أكثر ما أزعله هو أنني انظر كثيرا إلى فوق عندما ألعب معه. سألني مرتين: إلى أين تنظرين يا شوشو؟ لماذا لا تركزين معي باللعب؟ لم أرغب أن أقول له. كان هذا سرا بيني وبين أبي وأمي. خفت أنني إذا قلته له فقد يزعل أبي. أو قد يحزن. ظن رامي أنني أحب الطائرات وأراقبها. فعلا. أنا أحب الطائرات. منذ سافر أبي إلى الخارج بالطائرة ولم يأخذني معه وأنا أتساءل : كيف تسافر الطائرة في الجو؟ لماذا لا تقع؟ وخلال الأسبوع الأخير صرت أراقب الطائرات والغيوم وحتى النجوم.
لكن ليست الطائرة هي ما كان يهمني. لا.
عاد رامي وسألني مرة أخرى لماذا انظر طوال الوقت إلى السماء. ما الذي أبحث عنه بين الغيوم.
رامي طيب كثيرا. لكنه لا يعرف ماذا حدث في بيتنا قبل أسبوع. أخي عفيف كان ينام في سريره في غرفتنا المشتركة. أنا وهو في نفس الغرفة. ثم سمعت أبي يقول إنه قد مرض وأخذناه إلى المستشفى. زرته في المستشفى وضحكت معه. خلال الأيام الأخيرة تجمع عندنا الكثير الكثير من الناس. لم أشاهد بحياتي مثل هذا العدد من الناس. دخلت إلى غرفة عفيف هذا الأسبوع أكثر من مرة فلم أجده.
حدثت رامي بكل هذه التفاصيل. رامي أكبر مني بقليل. وهو أقوى مني بلعب كرة القدم. لكنه لا يعرف أنني أعرف أكثر منه عن أخي عفيف.
سألت أبي أين ذهب عفيف؟
سكت أبي طويلا. أبي لا يسكت. هو الوحيد الذي لا يسكت. حتى أمي تسكت أحيانا. إلا أبي. يحب الكلام. هو وجارنا. والد رامي. لا يتوقفان عن الكلام. لكنه هذه المرة سكت طويلا ثم عانقني. ربما كان هذا أطول عناق في العالم. ثم نظر إليَّ وقال لي: لقد أتى إلينا الملاك هذا الأسبوع.. وأعطى جناحيه لعفيف. أخوك ذهب إلى السماء يا بابا...
ومنذ ذلك اليوم وأنا ابحث عن أخي كلّ يوم. أحب النزول إلى الساحة. منها أنظر إلى السماء. من بيتنا تبدو السماء صغيرة. من الساحة تبدو كبيرة. والطائرة الكبيرة التي حدثني عنها أبي. تبدو مثل قطرة صغيرة صغيرة في السماء عندما أنظر إليها من الساحة. إنني أنظر إلى السماء وأبحث وأراقب فربما، ربما يمرّ أخي في السماء من فوق بيتنا. ربما.