حقيقة الصراع العربى الصهيونى
الصراع على أشده مع أعداء الأمس واليوم والغد، مع أحفاد بني قريظة والنضير وقينقاع عليهم لعائن الله المتتابعة
الحمد لله المحمود بجميع المحامد تعظيماً وتشريفاُ وثناءً، المتصف بصفة الكمال عزةً وقوةً وكبرياءً، به نصول، وبه نجول، وبه نأمل دفع الكروب شدة وبلاءً، ودرء الخطوب ضنكاً ولأواءً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له اختص المسجد الأقصى بالفضائل معراجاً وإسراءً، وحذرنا من كيد اليهود ووصفهم بأنهم أشد الناس للمؤمنين عداءً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل هذه الأمة جهاداً وفداءً، وأعظمها قدوةً واصطفاء، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين ضربوا أروع الأمثلة صفاءً ووفاءً وطهراً ونقاءً، والتابعين ومن تبعهم وسار على نهجهم اهتداءً واقتداءً واقتفاءً، صلاة لا تطاولها أرضٌ أرضاً ولا سماءُ ُ وسلم تسليما يزيده بهجةً وبهاءً ونوراً وضياءً وبركةً وثناءً.
أما بعد : فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تبارك وتعالى، تضرعوا بها شدةً ورخاءً، سراء وضراء، واعمروا بها أوقاتكم صباحاً ومساءً، فبها تُدفع المحن والبلايا، والفتن والرزايا، وبها تبوّأ الجنان عاقبةً وجزاءً.
أيها المسلمون:
في ذروة تداعيات الأحداث في الأمة، وفي ظل التهاب الأوضاع في المنطقة، بل وفي خضم تفجر القضايا في العالم ووسط هذا الصمت العالمي والتخاذل الدولي، والغليان في الشارع الإسلامي، لا بد من وقفة حازمة نستقرئ فيها التاريخ، ونتأمل في سنن الله الكونية والشرعية لنقوّم من خلالها مسيرة الأمة، ونقف طويلا مع الذات للمحاسبة الدقيقة والمراجعة الشاملة بمصداقية وشفافية، ثم الأخذ بزمام المبادرات للعمل الجاد لتحقيق مصالح الأمة أفراداً ومجتمعات، حفاظاً على المكتسبات وتوطيداً للأمجاد والحضارات، قبل أن يجرفها تيار المتغيرات وتضمحل في أتون المستجدات.
معاشر المسلمين :
وللتفاعل الإيجابي مع الحدث وللعيش مع القضية عن كثب، أستسمحكم - يرعاكم الله، أن أنتقل بكم نقلة شعورية من هنا حيث المسجد الحرام حيث تعيشون الأمن والأمان إلى هناك وما أدراك ما هناك حيث المسجد الأقصى المبارك وما يعيشه في هذه الأيام من أوضاع مأساوية، وما نكأته الأحداث الأخيرة من جراحات دموية لا يسع الغيورين على أحوال أمتهم السكوت عليها والتغاضي عنها ( لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) ولعل ذلك الإسراء المشاعري يؤكد الارتباط الشرعي والتاريخي الوثيق بين هذين المسجدين الشريفين ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ )
إخوة العقيدة :
لم يبرز التاريخ قضية تتجلى فيها ثوابتنا الشرعية وحقوقنا التاريخية وأمجادنا الحضارية كما برزت فيها الأحقاد الدولية وظهرت فيها المتناقضات العالمية وانكشفت فيها حرب المصطلحات وتعرّى فيها بريق الشعارات وسقط القناع عن التلاعب فيها بالوثائق والقرارات كقضية المسلمين الأولى قضية فلسطين المسلمة المجاهدة الصامدة والقدس المقدسة والأقصى المبارك، حيث تشابكت حلقات الكيد في سلاسل المؤامرة لتمثل منظومة شمطاء من العداء المعلن والمكر المبطّن في تآمر رهيب من القوى العالمية كان من أبرز إفرازاته الخطيرة انخداع كثير من بني جلدتنا بخطط أعدائنا ويتجلى ذلك في إقصاء قضية فلسطين والقدس والأقصى من دائرتها الشرعية ومنظمتها الإسلامية إلى متاهات ومستنقعات من الشعارات القومية والإقليمية والنعرات الح.......ة والطائفية، وذلك لعمر الحق بتر لها عن قوتها المحركة وطاقتها الدافعة المؤثرة حتى تاهت القضية في دهاليز الشعارات والتواء المسارات وظلام المفاوضات ودياجير المساومات وأنفاق المراوغات في معايير منتكسة، وموازين منعكسة، ومكاييل مزدوجة، تسوّي بين أصحاب الحقوق المشروعة والادعاءات الممنوعة حتى خُيّل لبعض المنهزمين أن القضية غامضة شائكة لغياب التأصيل العقدي والشرعي لهذه القضية، أولسنا أمة لها مصادرها الشرعية وثوابتها العقدية وحقوقها التاريخية.
إخوة الإيمان:
ماذا يؤكد قرآننا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ماذا تقرر عقيدتنا؟ ماذا يدون تاريخنا عن القضية وأطرافها مما يؤكد بجلاء أن الصراع بيننا وبين اليهود صراع عقيدة وهوية ووجود. ألم نقرأ قول الحق تبارك وتعالى( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ) وقوله سبحانه( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ )
اقرءوا التاريخ لتدركوا أن يهود الأمس سلفا سيئا ويهود اليوم خلف أسوأ، كفّار النعم، محرّفوا الكلم، عُبّاد العجل، قتلة الأنبياء، مكذّبوا الرسالات، خصوم الدعوات، شذّاذ الآفاق، حثالة البشرية ( مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ )، هؤلاء هم اليهود، سلسلة متصلة من اللؤم والمكر والعناد والبغي والشر والفساد ( وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) حلقات من الغدر والكيد والخسة والدناءة، تطاولوا على مقام الربوبية والألوهية ( لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ )
( وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ) تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا، لقد رموا الرسل بالعظائم، واتهموهم بالشناعات والجرائم، آذوا موسى، وكفروا بعيسى، وقتلوا زكريا ويحيى، وحاولوا قتل محمد صلى الله عليه وسلم، عملوا له السحر، ودسوا له السم بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام ( أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (
أمة الإسلام:
فاليوم تواجه الأمة الصراع على أشده مع أعداء الأمس واليوم والغد، مع أحفاد بني قريظة والنضير وقينقاع عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة، فهل يعي بني قومنا حقيقة أمة الغضب والضلال بعد أن تفاقم شرهم، وتطاير شرارهم، وطفح بالعدوان كيلهم، فالصراع أخذ يتفجر ويتعاظم، والاستغلال والأطماع تزداد وتتفاقم، والتمادي بالاستخفاف بالعرب والمسلمين ومقدساتهم بلغ أوج خطورته من جرذان العالم نقضة العهود والمواثيق، من عشش الغدر والتخريب والمكر في عقولهم، وسرى الظلم والطغيان في عروقهم فأبوا إلا الصلف والرعونة والفساد والأذى، فاستحقوا لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لما جنحت الأمة للسلم تحقيقا للمصالح الكبرى ودرءا للمفاسد العظمى لم يجنحوا لها ولا عجب فهو سلام مع جهة لا يرضيها إلا تصفية الخصم، واستلاب أرضه، وتشريد أهله، والعبث باقتصاده، وإلغاء كرامته، وانتقاص سيادته، وتقطيع أوصاله، وتناثر أشلائه، ألا فلتعلم الأمة أن هؤلاء القوم قوم تاريخهم مفضوح، وسجلهم بالسواد مكلوء، ولن يرضوا إلا بتحقيق أطماعهم – لا بلغهم الله مرادهم، يريدون إقامة دولة إسرائيل الكبرى وأن تكون القدس عاصمة لهم، كما يطمحون ويطمعون إلى هدم المسجد الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم على أساسه، يريدون إبادة دولة التوحيد والقرآن وإشادة دولة التوراة والتلمود على أنقاضها عليهم من الله ما يستحقون، فعلى مبادرات السلام مع قوم هذا ديدنهم عبر التاريخ، وتلك أطماعهم ومؤامراتهم، ولعل ما شهدته الساحة الفلسطينية هذه الأيام من مشاهد مرعبة ومآسي مروعة حيث المجازر والمجنزرات والقذائف والدبابات، جثث وجماجم، حصار وتشريد، تقتيل ودمار في حرب إبادة بشعة وانتهاك صارم للقيم الإنسانية وممارسة إرهاب الدولة الذي تقوم به الصهيونية العالمية مما لم ينسه التاريخ بل يسجله بمداد قاتمة تسطره دماء الأبرياء الذين رويت الأرض بمسك دمائهم من إخواننا وأخواتنا على أرض فلسطين المجاهدة، عشرات المساجد دمرت، ومئات البيوت هدمت، وآلاف الأنفس أزهقت، كم من نساء أُهينت، وأطفال يُتّمت، ومقابر جماعية أُقيمت، فإلى متى الذل والمهانة، والضعف والهزيمة والاستسلام؟ أما آن لهذا الهوان أن ينتهي، وللضعف والذل أن ينقضي، وليل الليل الطويل أن ينجلي، فهل تفيق أمتنا من ثُباتها؟
نداء حار إلى قادة المسلمين أن أدركوا فلسطين قبل أن تضيع، واعملوا على إنقاذ الأقصى قبل أن يُستقصى، إن من يشن هذه الحرب الضروس ومن يقف وراءها انطلاقا من فلسفة الإبادة العنصرية لن يفلت من قبضة الجبار جل جلاله، كما لم يسلم من غضب الشعوب وسخط التاريخ، إنها مأساة يعجز اللسان عن تصويرها ويخفق الجنان عند عرض أحداثها, يعيَ البيان عن ذكر مآسيها ويقصر الوصف عن بيان أبعادها وخطورتها، مأساة بكل المقاييس ومعضلة بكل المعايير، ليس لها من دون الله كاشفة، فرحماك ربنا رحماك، واللهم سلم سلم.
إن هذه الكارثة من أوضح الدلائل على سجيّة القوم وما يكنونه لأمتنا ومقدساتنا ، إنه لأمر تبكي له العيون دم، يقتل الأبرياء العزل على أيدي سفاحي الصهاينة، ورثة النازية والفاشية، فأي حق لهم في فلسطين الأرض العربية الإسلامية التاريخية إلى قيام الساعة التي تبوأت منذ فجر التاريخ مكانتها المرموقة لدى المسلمين بل هي جزء من ثوابتهم وأمانة في أعناقهم، ولن يفرطوا بشبر من أرضها بإذن الله ما دام فيهم عرق ينبض، وإن الحق الذي يدعيه يهود في فلسطين خرافة لا سند لها، وصلافة لا مبرر لها، لقد مضى أكثر من خمسة عقود من الزمان على قضية المسلمين الكبرى والمأساة تتجدد يوما بعد يوم فأين المسلمون؟
إني أنادي والرياح عصيبـــة والأرض جمر والديار ضرام
يا ألف مليون ألا من سامع هل من مجيـــــــب أيها الأقوام
قد بحّ صوتي من نداك أمتي هلا فتىً شــــاك السـلاح همام
لقد نكأت الأوضاع المستجدة الجراح، فأين منا خالد والمثنى وصلاح، يا ويح أمتنا ما ذا أصابها أيطيب لنا عيش ويهدأ لنا بال ويرقأ لنا دمع ومقدساتنا تئن وقدسنا تستنجد وفلسطيننا تنادي والأقصى يصرخ قائلا
الصراع على أشده مع أعداء الأمس واليوم والغد، مع أحفاد بني قريظة والنضير وقينقاع عليهم لعائن الله المتتابعة
الحمد لله المحمود بجميع المحامد تعظيماً وتشريفاُ وثناءً، المتصف بصفة الكمال عزةً وقوةً وكبرياءً، به نصول، وبه نجول، وبه نأمل دفع الكروب شدة وبلاءً، ودرء الخطوب ضنكاً ولأواءً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له اختص المسجد الأقصى بالفضائل معراجاً وإسراءً، وحذرنا من كيد اليهود ووصفهم بأنهم أشد الناس للمؤمنين عداءً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل هذه الأمة جهاداً وفداءً، وأعظمها قدوةً واصطفاء، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين ضربوا أروع الأمثلة صفاءً ووفاءً وطهراً ونقاءً، والتابعين ومن تبعهم وسار على نهجهم اهتداءً واقتداءً واقتفاءً، صلاة لا تطاولها أرضٌ أرضاً ولا سماءُ ُ وسلم تسليما يزيده بهجةً وبهاءً ونوراً وضياءً وبركةً وثناءً.
أما بعد : فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تبارك وتعالى، تضرعوا بها شدةً ورخاءً، سراء وضراء، واعمروا بها أوقاتكم صباحاً ومساءً، فبها تُدفع المحن والبلايا، والفتن والرزايا، وبها تبوّأ الجنان عاقبةً وجزاءً.
أيها المسلمون:
في ذروة تداعيات الأحداث في الأمة، وفي ظل التهاب الأوضاع في المنطقة، بل وفي خضم تفجر القضايا في العالم ووسط هذا الصمت العالمي والتخاذل الدولي، والغليان في الشارع الإسلامي، لا بد من وقفة حازمة نستقرئ فيها التاريخ، ونتأمل في سنن الله الكونية والشرعية لنقوّم من خلالها مسيرة الأمة، ونقف طويلا مع الذات للمحاسبة الدقيقة والمراجعة الشاملة بمصداقية وشفافية، ثم الأخذ بزمام المبادرات للعمل الجاد لتحقيق مصالح الأمة أفراداً ومجتمعات، حفاظاً على المكتسبات وتوطيداً للأمجاد والحضارات، قبل أن يجرفها تيار المتغيرات وتضمحل في أتون المستجدات.
معاشر المسلمين :
وللتفاعل الإيجابي مع الحدث وللعيش مع القضية عن كثب، أستسمحكم - يرعاكم الله، أن أنتقل بكم نقلة شعورية من هنا حيث المسجد الحرام حيث تعيشون الأمن والأمان إلى هناك وما أدراك ما هناك حيث المسجد الأقصى المبارك وما يعيشه في هذه الأيام من أوضاع مأساوية، وما نكأته الأحداث الأخيرة من جراحات دموية لا يسع الغيورين على أحوال أمتهم السكوت عليها والتغاضي عنها ( لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) ولعل ذلك الإسراء المشاعري يؤكد الارتباط الشرعي والتاريخي الوثيق بين هذين المسجدين الشريفين ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ )
إخوة العقيدة :
لم يبرز التاريخ قضية تتجلى فيها ثوابتنا الشرعية وحقوقنا التاريخية وأمجادنا الحضارية كما برزت فيها الأحقاد الدولية وظهرت فيها المتناقضات العالمية وانكشفت فيها حرب المصطلحات وتعرّى فيها بريق الشعارات وسقط القناع عن التلاعب فيها بالوثائق والقرارات كقضية المسلمين الأولى قضية فلسطين المسلمة المجاهدة الصامدة والقدس المقدسة والأقصى المبارك، حيث تشابكت حلقات الكيد في سلاسل المؤامرة لتمثل منظومة شمطاء من العداء المعلن والمكر المبطّن في تآمر رهيب من القوى العالمية كان من أبرز إفرازاته الخطيرة انخداع كثير من بني جلدتنا بخطط أعدائنا ويتجلى ذلك في إقصاء قضية فلسطين والقدس والأقصى من دائرتها الشرعية ومنظمتها الإسلامية إلى متاهات ومستنقعات من الشعارات القومية والإقليمية والنعرات الح.......ة والطائفية، وذلك لعمر الحق بتر لها عن قوتها المحركة وطاقتها الدافعة المؤثرة حتى تاهت القضية في دهاليز الشعارات والتواء المسارات وظلام المفاوضات ودياجير المساومات وأنفاق المراوغات في معايير منتكسة، وموازين منعكسة، ومكاييل مزدوجة، تسوّي بين أصحاب الحقوق المشروعة والادعاءات الممنوعة حتى خُيّل لبعض المنهزمين أن القضية غامضة شائكة لغياب التأصيل العقدي والشرعي لهذه القضية، أولسنا أمة لها مصادرها الشرعية وثوابتها العقدية وحقوقها التاريخية.
إخوة الإيمان:
ماذا يؤكد قرآننا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ماذا تقرر عقيدتنا؟ ماذا يدون تاريخنا عن القضية وأطرافها مما يؤكد بجلاء أن الصراع بيننا وبين اليهود صراع عقيدة وهوية ووجود. ألم نقرأ قول الحق تبارك وتعالى( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ) وقوله سبحانه( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ )
اقرءوا التاريخ لتدركوا أن يهود الأمس سلفا سيئا ويهود اليوم خلف أسوأ، كفّار النعم، محرّفوا الكلم، عُبّاد العجل، قتلة الأنبياء، مكذّبوا الرسالات، خصوم الدعوات، شذّاذ الآفاق، حثالة البشرية ( مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ )، هؤلاء هم اليهود، سلسلة متصلة من اللؤم والمكر والعناد والبغي والشر والفساد ( وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) حلقات من الغدر والكيد والخسة والدناءة، تطاولوا على مقام الربوبية والألوهية ( لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ )
( وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ) تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا، لقد رموا الرسل بالعظائم، واتهموهم بالشناعات والجرائم، آذوا موسى، وكفروا بعيسى، وقتلوا زكريا ويحيى، وحاولوا قتل محمد صلى الله عليه وسلم، عملوا له السحر، ودسوا له السم بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام ( أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (
أمة الإسلام:
فاليوم تواجه الأمة الصراع على أشده مع أعداء الأمس واليوم والغد، مع أحفاد بني قريظة والنضير وقينقاع عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة، فهل يعي بني قومنا حقيقة أمة الغضب والضلال بعد أن تفاقم شرهم، وتطاير شرارهم، وطفح بالعدوان كيلهم، فالصراع أخذ يتفجر ويتعاظم، والاستغلال والأطماع تزداد وتتفاقم، والتمادي بالاستخفاف بالعرب والمسلمين ومقدساتهم بلغ أوج خطورته من جرذان العالم نقضة العهود والمواثيق، من عشش الغدر والتخريب والمكر في عقولهم، وسرى الظلم والطغيان في عروقهم فأبوا إلا الصلف والرعونة والفساد والأذى، فاستحقوا لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لما جنحت الأمة للسلم تحقيقا للمصالح الكبرى ودرءا للمفاسد العظمى لم يجنحوا لها ولا عجب فهو سلام مع جهة لا يرضيها إلا تصفية الخصم، واستلاب أرضه، وتشريد أهله، والعبث باقتصاده، وإلغاء كرامته، وانتقاص سيادته، وتقطيع أوصاله، وتناثر أشلائه، ألا فلتعلم الأمة أن هؤلاء القوم قوم تاريخهم مفضوح، وسجلهم بالسواد مكلوء، ولن يرضوا إلا بتحقيق أطماعهم – لا بلغهم الله مرادهم، يريدون إقامة دولة إسرائيل الكبرى وأن تكون القدس عاصمة لهم، كما يطمحون ويطمعون إلى هدم المسجد الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم على أساسه، يريدون إبادة دولة التوحيد والقرآن وإشادة دولة التوراة والتلمود على أنقاضها عليهم من الله ما يستحقون، فعلى مبادرات السلام مع قوم هذا ديدنهم عبر التاريخ، وتلك أطماعهم ومؤامراتهم، ولعل ما شهدته الساحة الفلسطينية هذه الأيام من مشاهد مرعبة ومآسي مروعة حيث المجازر والمجنزرات والقذائف والدبابات، جثث وجماجم، حصار وتشريد، تقتيل ودمار في حرب إبادة بشعة وانتهاك صارم للقيم الإنسانية وممارسة إرهاب الدولة الذي تقوم به الصهيونية العالمية مما لم ينسه التاريخ بل يسجله بمداد قاتمة تسطره دماء الأبرياء الذين رويت الأرض بمسك دمائهم من إخواننا وأخواتنا على أرض فلسطين المجاهدة، عشرات المساجد دمرت، ومئات البيوت هدمت، وآلاف الأنفس أزهقت، كم من نساء أُهينت، وأطفال يُتّمت، ومقابر جماعية أُقيمت، فإلى متى الذل والمهانة، والضعف والهزيمة والاستسلام؟ أما آن لهذا الهوان أن ينتهي، وللضعف والذل أن ينقضي، وليل الليل الطويل أن ينجلي، فهل تفيق أمتنا من ثُباتها؟
نداء حار إلى قادة المسلمين أن أدركوا فلسطين قبل أن تضيع، واعملوا على إنقاذ الأقصى قبل أن يُستقصى، إن من يشن هذه الحرب الضروس ومن يقف وراءها انطلاقا من فلسفة الإبادة العنصرية لن يفلت من قبضة الجبار جل جلاله، كما لم يسلم من غضب الشعوب وسخط التاريخ، إنها مأساة يعجز اللسان عن تصويرها ويخفق الجنان عند عرض أحداثها, يعيَ البيان عن ذكر مآسيها ويقصر الوصف عن بيان أبعادها وخطورتها، مأساة بكل المقاييس ومعضلة بكل المعايير، ليس لها من دون الله كاشفة، فرحماك ربنا رحماك، واللهم سلم سلم.
إن هذه الكارثة من أوضح الدلائل على سجيّة القوم وما يكنونه لأمتنا ومقدساتنا ، إنه لأمر تبكي له العيون دم، يقتل الأبرياء العزل على أيدي سفاحي الصهاينة، ورثة النازية والفاشية، فأي حق لهم في فلسطين الأرض العربية الإسلامية التاريخية إلى قيام الساعة التي تبوأت منذ فجر التاريخ مكانتها المرموقة لدى المسلمين بل هي جزء من ثوابتهم وأمانة في أعناقهم، ولن يفرطوا بشبر من أرضها بإذن الله ما دام فيهم عرق ينبض، وإن الحق الذي يدعيه يهود في فلسطين خرافة لا سند لها، وصلافة لا مبرر لها، لقد مضى أكثر من خمسة عقود من الزمان على قضية المسلمين الكبرى والمأساة تتجدد يوما بعد يوم فأين المسلمون؟
إني أنادي والرياح عصيبـــة والأرض جمر والديار ضرام
يا ألف مليون ألا من سامع هل من مجيـــــــب أيها الأقوام
قد بحّ صوتي من نداك أمتي هلا فتىً شــــاك السـلاح همام
لقد نكأت الأوضاع المستجدة الجراح، فأين منا خالد والمثنى وصلاح، يا ويح أمتنا ما ذا أصابها أيطيب لنا عيش ويهدأ لنا بال ويرقأ لنا دمع ومقدساتنا تئن وقدسنا تستنجد وفلسطيننا تنادي والأقصى يصرخ قائلا