درة العالم قرطــــبـة
في عصور خلت ليست بالبعيده كانت منارة العلم
والحضارة في جميع أنحاء العالم شرقه وغربه دونما استثناء, وكانت تشع
المعارف في شتى مناحي العلوم دون أن تضن على أي إنسان رغب أن ينهل من نبع
العلوم والمعارف, هي حاضرة الأندلس والعالم مدينة قرطبة والتي لا تزال حتى
يومنا هذا آثارها شاهدة على دورها وريادتها القديمة .
وتقع مدينة قرطبة في دولة أسبانيا بالقارة
العجوز أوروبا والتي تحتل مساحة خمسة وثمانين بالمائة من شبه جزيرة
أيبيريا، و يفصلها عن قارة أفريقيا مضيق جبل طارق ويربطها بالقارة
الأوروبية سلسة جبال البيرينيه, فتحها المسلمون بقيادة طارق بن زياد في
عام 711 ميلاديه وإنتصروا في معركة وادي لكة على قوات القوط، ودخلت أغلب
أراضي إسبانيا تحت حكم الخلافة الأموية لمدة ثمانية قرون حتى سقطت دولتهم,
ومن ثم عادت أسبانيا الى العهد المسيحي بطريقة همجية ووحشية لا ينساها
تاريخ الإنسانية على مر العصور
وتبلغ مساحة إسبانيا الإجمالية حوالي
نصف مليون كيلو متر مربع، لتكون بذلك ثالث دولة من حيث المساحة في أوروبا
ويبلغ تعداد سكانها 40 مليون نسمة
وتقع مدينة قرطبة في الغرب من دولة أسبانيا,
وقد تأسست قرطبة في العصر الروماني عام 152 قبل الميلاد على نهر الوادي
الكبير, وذاعت شهرتها منذ الصراع بين قرطاجنة (تونس) وروما أثناء فترة حكم
الامبراطور هانيبال, وفي عام 93هـجريه – 711 ميلاديه فتحت قرطبة من قبل
الجيوش المسلمة بقيادة طارق بن زياد, وقد كان الفتح الإسلامي للمدينة أمراً
سهلاً، وبدأت منذ ذلك الحين قصة قرطبة منارة العلم في العالم
وفي عام 139هـجرية – 756 ميلاديه بدأ نجم
قرطبة بالتربع على عرش مدن العالم قاطبة عندما أعلنها عبد الرحمن الداخل
عاصمة له بعد أن سانده مسلموا الأندلس، وقد جعل منها الخليفة الأموي عبد
الرحمن الداخل مهداً للعلم والثقافة ومركزاً للفنون والآداب وقد وصلت إلى
مستوى من الرخاء والثراء لم تبلغه حاضرة أخرى من قبل, ولقد نافست قرطبة
بغداد العباسية، والقاهرة الفاطمية , والقسطنطينية البيزنطية .
وتربعت قرطبة في هذه الفترة من الزمن على
سائر مدن الأرض حتى سقطت الخلافة الأموية عام 404هـجريه – 1013 ميلاديه،
فدخلها ملوك القوط ودمروا قصور الخلفاء فيها، وهدموا آثار المدينة، وحولوا
مساجدها إلى كنائس ومنذ ذلك الحين إنطفأت شعلة تفوقها، وتخلت عن مكانتها في
المصاف الأولى للمدن المتقدمة العلمية على مستوى العالم