لماذا لايستمتع المسلم بالنوادي اليليلة
طالب غير مسلم يسأل الشيخ محمدالمنجد منكراً على طالب مسلم عدم استمتاعه معهم بالنوادي الليلية!
سؤال:
في فصلي طالب مسلم في الجامعة ، ولا يأتي أبداً ويجلس معنا
، ولا يخرج إلى النادي الليلي ، أو للمتعة معنا ، سؤالي هو : لماذا الإسلام يعلِّم
الناس أن لا يمتعوا أنفسهم ، وأن يكونوا تعيسين طول الوقت . لنبتهج !
الجواب:
الحمد لله
إن فكرة
مراسلتك لموقع إسلامي هي فكرة جيدة بحد ذاتها ، وهي تدل أنك على الطريق الصحيح
للاستفسار عما تريد ، وقد أحسنتَ صنعاً بذلك ، ونحن أُمرنا أن نقول للمحسن أحسنتَ ،
وأن نثني على تصرفه إن كان صحيحاً .
ونحن بدورنا يسعدنا أن نرد على تساؤلاتك
واستفساراتك ليس في هذا الموضوع فحسب ، بل بكل ما ترغب أن تعرفه عن هذا الدين ، أو
كل ما تراه مناسباً أن يكون عندك به علم ومعرفة .
ونطلب منك أن تُعيرنا انتباهك
، فمؤكد أنك لم تسأل لأجل التسلية ، ولا لأجل النيل من أحكام الدين الإسلامي ،
وظننا بك أنك لم تسأل إلا من أجل زيادة المعرفة …
ويسرنا أن يكون جوابنا
في نقاط محددة مركَّزة ، ونظن أنك أهلٌ لأن تفهم عنَّا ما نقوله .
وما رأيك لو أن شخصاً
كان يأكل معك على طاولة واحدة ، وفي أثناء تناولكما للطعام ‘ تجشأ ‘ ؟! هل كنتَ
تقبل منه ذلك ؟! نظن أن الجواب : لا ، غير مقبول منه هذا التصرف ؛ لأن هذا الفعل
منافٍ لآداب الطعام ، أليس كذلك ؟ والسؤال : ما الذي قيَّد حرية ذلك الشخص ومنعه من
هذا الفعل أثناء الطعام ؟ إنه الذوق والأدب ، أليس كذلك ؟ فالمرء إذاً ليس حرّاً في
أن يفعل ما يشاء أثناء تناول الطعام مع الآخرين ، كالجشاء ، ووضع الإصبع في الأنف ،
وما يشبه ذلك ؛ لأن الذوق السليم يفرض عليه أشياء ، ويمنعه من أخرى …..
وما رأيك
لو أن سائقاً يقود سيارته عكس اتجاه السير ، أو يقف في مكان يُمنع الوقوف فيه ؟ هل
كنتَ تقبل منه ذلك ؟ نظن أن الجواب : لا ، غير مقبول منه هذه التصرفات ؛ لأن فعله
هذا مرفوض ومستنكر ؛ لأن حق السير في الطريق ليس على هواه ، وليست الأماكن كلها
تصلح لأن يوقف سيارته فيها ، أليس كذلك ؟ والسؤال : ما الذي قيَّد حريَّة ذلك
السائق فمنعه من السير عكس اتجاه السير ، ومنعه من الوقوف في هذا المكان ؟ إنه
القانون ، أليس كذلك ؟ فالمرء إذاً ليس حرّاً في تصرفاته حتى يقود سيارته على هواه
، أو يوقفها حيث شاء ؛ لأن القانون يفرض عليه السير باتجاه معيَّن ، ويمنعه من
الوقوف في أماكن مخصوصة .
إذاً أيها السائل أنت ترى أن ‘ العادة ‘ و ‘ الذوق ‘ و
‘ القانون ‘ لهم من السلطة على الناس بحيث امتنعوا عن فعل أشياء ، وأُلزموا بأخرى
من أجلها ، فلم الاستغراب من أن يكون ‘ الله تعالى ‘ أو ‘ الدين ‘ له السلطة على
الناس ، فنرى ما يمنعنا منه ربنا تعالى ويحرمه عليه ديننا فنمتنع عنه ونحرمه على
أنفسنا ؟ هذا هو الواقع باختصار ، والظن بك أنك ستقدِّر أن منع الرب تعالى وتحريم
الدين أولى من كل ما ذكرناه بالاستجابة له ، والكف عنه ؛ لأنه الخالق تعالى الذي
رضينا لأنفسنا أن نكون عبيداً له ، ورضينا به ربّاً مشرعاً وحاكماً .
وما فعله
الطالب المسلم من عدم ذهابه للنادي الليلي ، وعدم شربه للمسكر : إنما فعل ذلك من
أجل أن الله تعالى حرَّم عليه ذلك .
وإذا خالفتَ الفطرة ، والواقع الذي تعيشه ،
ورضيتَ بأن يستمتع معك طلاب آخرون بطالبة واحدة تعشقها وتعلق قلبك بها : فهل ترضى
الأمر نفسه أن يحصل مع زوجتك ؟! ونأمل أن لا تغضب لهذا السؤال ، فإنما أردنا أن
نبين لك أن هناك تناقضاً في واقع مجتمعاتكم حيث تدعون للمتعة ، ثم تقيدونها بأشياء
تتعلق بنفوسكم وأهوائكم ، وإذا امتنع عنها المسلم بسبب دينه كان محط سخرية وانتقاد
، ثم إن هذا السؤال له أصل في ديننا ! أتعرف كيف ذاك ؟ جاء شاب عند نبينا محمد صلى
الله عليه وسلم يستأذنه في ‘ الزنى ‘ ! نعم ، يستأذنه في أن يزني ببنات الناس
ونسائهم ، أتدري ماذا قال له نبينا صلى الله عليه وسلم ؟ قال له : أترضاه لأمك ؟
أترضاه لأختك ؟ أترضاه لابنتك ؟ وفي كل مرة كان الشاب جيب بالنفي ، وأنه لا يرضى أن
يزني أحد بأمه ، أو بأخته ، أو بابنته ، وفي كل مرَّة كان يقول له النبي صلى الله
عليه وسلم : وكذلك الناس لا يرضون لأمهاتهم وأخواتهم وبناتهم ، فدعا له النبي صلى
الله وسلم ، وخرج من عنده والزنى أبغض الأفعال إلى قلبه ….
وأنت تدعو هذا المسلم
ليستمتع ، ونحن سألنا سؤالا منطقيا أترضى أن يستمتع بعشيقتك التي تحبها ؟ أترضى أن
يستمتع بزوجتك ؟ أترضى أن يستمتع بابنتك ؟ نحن نعتقد جازمين أن ما يحصل من حوادث
قتل لزوجات خائنات إنما هو بسبب الفطرة التي خلق الله الناس عليها ، والتي يأبى
أصحابها ذلك وينكرونه أشد الإنكار ، ولو أدى به الأمر لقتلها ، أو لقتلها وعشيقها ،
حتى لو كان نهاية الأمر سجن مؤبد ، أو إعدام ، والعشيقة الخائنة ليست كالزوجة
الخائنة قطعاً ، ولكن حتى العشاق لا يرضون أن تكون عشيقاتهم مشاعاً للناس جميعاً
……
وقد قال لنا نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله : ( الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ
الْكَافِرِ ) رواه مسلم ( 2956 ) ….
وقد فسَّرها علماؤنا بقولهم :
معناه : أن
كل مؤمن مسجون ممنوع في الدنيا من الشهوات المحرمة ، والمكروهة ، مكلَّف بفعل
الطاعات الشاقة ، فإذا مات : استراح من هذا ، وانقلب إلى ما أعدَّ الله تعالى له من
النعيم الدائم ، والراحة الخالصة من النقصان .
وأما الكافر : فإنما له من ذلك ما
حصل في الدنيا ، مع قلته ، وتكديره بالمنغصات ، فإذا مات : صار إلى العذاب الدائم ،
وشقاء الأبد .
‘ شرح النووي ‘ ( 18 / 93 ) …
فنرجو منك التأمل في هذه المسألة
حق التأمل ، ونرجو أن تكون مفتاحاً لقلبك لتصل إلى الحق .
وإذا كنتم تستمتعون
بزوجة واحدة : فنحن أبيح لنا الاستمتاع بأربع زوجات ! فما بال قومك ينكرون علينا
الليل والنهار ويسيئون لديننا لأنه حكم لنا بهذا الاستمتاع ؟
وإننا نستمتع
بالحياة مع أبنائنا وبناتنا ، ولذلك ترى الأسرة المسلمة تنجب أعداداً وفيرة من
الأولاد ، فما هو حال استمتاعكم في هذا الجانب ؟
وإننا نستمتع بحب أمهاتنا
وآبائنا ، فهل تعلم حقيقة العلاقة بين الواحد منكم وبين أمه وأبيه ؟
ونحن نستمتع
بالطعام اللذيذ المباح ، ونستمتع بالشراب المباح اللذيذ ، وهكذا في أبواب كثيرة ،
والمهم في ذلك أن يكون الله تعالى أباحها لنا وأذن لنا في الاستمتاع بها
.
ويكفينا أن نكون سعداء ، ومستمتعين بما هدانا الله تعالى له ، وهو أننا نسير
على الطريق الصحيح الذي يرضى الله تعالى عنّا به ، والذي سار عليه الأنبياء الكرام
من قبلُ ، وهذه السعادة حرمها الملايين من الناس ، والذين رضوا لأنفسهم أن يعبدوا
حجراً ، أو صنماً ، أو بشراً مثلهم ، وقد أخبرنا الله تعالى أن هؤلاء لن تكون
حياتهم هنيئة ، ولن تكون صدورهم منشرحة ؛ لأنهم تركوا توحيد الرب الذي خلقهم ،
وأشركوا معه آلهة أخرى ، فعاقبهم الله في الدنيا بضيق الصدر ، ثم سيعاقبهم بضيق
القبر ، ثم بضيق الحشر ، ثم يكون مصيرهم جهنم خالدين فيها أبداً …..
وإذا أردت
أن تعرف صدق هذا القول فاقرأ قصص من دخل في الإسلام من بني قومك ، أو من غيرهم ،
وانظر إلى التحول العظيم في حياتهم ، وانظر إلى السعادة البالغة التي هم عليها الآن
، هذا هو الاستمتاع الذي ينبغي أن تحرص عليه ، وكما دعوتنا لنبتهج ونستمتع فإننا
ندعوك بصدق إلى أن تستمتع أنت معنا ، وتسلك طريق السعداء ، وتتذوق السعادة الحقيقية
التي تنام معك ، وتستيقظ معك ، لا تفارقك ، حتى لو دخلت قبرك ، إلى أن يدخلك ربك
دار السعداء ، وهي جنته التي عرضها السموات والأرض .
سائلين الله تعالى ربنا أن
يهديك لمعرفة الحق ، وأن لا يميتك إلا على الدين الذي ختم به الرسالات .
1. ما رأيك لو جاءت امرأة لتعزيتك في وفاة قريب لك
وهي تلبس ‘ ملابس السباحة ‘ ؟! هل كنتَ تقبل
منها هذا ؟ نظن أن الجواب : لا ، غير مقبول ؛ لأن المناسبة تقتضي من المعزي لباساً
يليق بالمناسبة ، أليس كذلك ؟ والسؤال : ما الذي قيَّد حرية هذا المعزِّي بلباسه
ففرض عليه لباساً ومنعه من آخر ؟ إنه العادة ، أليس كذلك ؟ فالمرء إذاً ليس حرّاً
في تصرفاته في كل حال ، بل العادة تمنعه أحياناً من أشياء وتحد حريته . 2. ثم إنك
تنكر على ذلك الطالب المسلم عدم ذهابه للنادي الليلي ، وعدم استمتاعه معكم ، ونحن
نسألك : هل لهذه المتعة حدود أم هي مطلقة لا حدَّ لها ؟ ولنكن صرحاء معك أكثر ،
هل ترضى أن تكون عشيقتك من الطالبات هي عشيقة
لغيرك من الطلاب أو المدرسين ؟! وهل ترضى أن يستمتع بها غيرك كما تستمتع بها أنت ؟
إننا على علم بكثرة جرائم القتل التي تحصل في الثانويات والمعاهد جراء مثل هذه
الأفعال ، ولست بحاجة لأن تجيبنا ؛ لأننا رأينا وسمعنا وقرأنا عن حوادث شجار وصل
كثير منها إلى القتل ، وكل ذلك بسبب التنافس على قلب طالبة ، أليس كذلك ؟ فأين
المتعة الذي تنادي بها إذاً ؟ ولم تحرمونها على الطلاب أو المدرسين الذين يرغبون
بالاستمتاع بالطالبة نفسها ، وقد تكون هذه هي رغبتها أصلاً ؟ . 3. ثم إن الإسلام
جاء بأحكام غاية في الإحكام والإتقان ، وهي تصب في مصلحة الفرد ، والمجتمع ،
والدولة ، وعندما حرَّم الإسلام العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج إنما أراد أن
تكون المجتمعات نظيفة في قلوبها ، وأبدانها ، ويكفي أن تعلم النسبة المهولة للأمراض
الجنسية التي سببتها العلاقات الآثمة ، والشاذة ، والتي ينبغي أن لا يُختلف في
تحريمها بين الأديان ، فكم هم ضحايا ‘ الإيدز ‘ ؟ وكم عدد الإصابات ؟ وكيف يعيش من
لم يمت منهم ؟ إنها حياة مأساوية ، وميتة بشعة شنيعة يرضاها لنفسه من يدفع حياته من
أجل متعة دقائق ! والإسلام جاء بما يحفظ على المسلم دينه ، وقلبه ، وبدنه ، فامتنع
المسلم عن فعل الحرام ، ورضي بما حكم الله تعالى له به ، وهو الخبير سبحانه بما
يصلح الناس .. 4. واعلم أيها السائل أن الدنيا ليس فيها ما يُتحسر على فواته ، وأن
هذه الدنيا بالنسبة للمسلم سجنٌ ! وجنته ومتعته الحقيقية إنما هي في الآخرة ، وأما
الكافر فجنته في الدنيا فقط ، يلتذ ويستمتع ثم يصير مآله إلى هوان وخسارة . 5. ومن
قال لك إن الإسلام ليس فيه متعة ؟! إننا نستمتع ، لكن بما أباح الله تعالى لنا ، بل
إننا نستمتع أضعاف ما تستمتعون – وتظنون أنها متعة – ؛ لأن الشيء المحرَّم ليس فيه
متعة ، وإنما المتعة الحقيقية هي المباحات ، والمعصية تعقبها حسرة ، ولن يكون
صاحبها في سعادة وهناء ، وانظر حولك لترى صدق هذا القول .
والله الموفق
محمد المنجد
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islamqa.com/index.php?ref=113836&ln=ara
طالب غير مسلم يسأل الشيخ محمدالمنجد منكراً على طالب مسلم عدم استمتاعه معهم بالنوادي الليلية!
سؤال:
في فصلي طالب مسلم في الجامعة ، ولا يأتي أبداً ويجلس معنا
، ولا يخرج إلى النادي الليلي ، أو للمتعة معنا ، سؤالي هو : لماذا الإسلام يعلِّم
الناس أن لا يمتعوا أنفسهم ، وأن يكونوا تعيسين طول الوقت . لنبتهج !
الجواب:
الحمد لله
إن فكرة
مراسلتك لموقع إسلامي هي فكرة جيدة بحد ذاتها ، وهي تدل أنك على الطريق الصحيح
للاستفسار عما تريد ، وقد أحسنتَ صنعاً بذلك ، ونحن أُمرنا أن نقول للمحسن أحسنتَ ،
وأن نثني على تصرفه إن كان صحيحاً .
ونحن بدورنا يسعدنا أن نرد على تساؤلاتك
واستفساراتك ليس في هذا الموضوع فحسب ، بل بكل ما ترغب أن تعرفه عن هذا الدين ، أو
كل ما تراه مناسباً أن يكون عندك به علم ومعرفة .
ونطلب منك أن تُعيرنا انتباهك
، فمؤكد أنك لم تسأل لأجل التسلية ، ولا لأجل النيل من أحكام الدين الإسلامي ،
وظننا بك أنك لم تسأل إلا من أجل زيادة المعرفة …
ويسرنا أن يكون جوابنا
في نقاط محددة مركَّزة ، ونظن أنك أهلٌ لأن تفهم عنَّا ما نقوله .
وما رأيك لو أن شخصاً
كان يأكل معك على طاولة واحدة ، وفي أثناء تناولكما للطعام ‘ تجشأ ‘ ؟! هل كنتَ
تقبل منه ذلك ؟! نظن أن الجواب : لا ، غير مقبول منه هذا التصرف ؛ لأن هذا الفعل
منافٍ لآداب الطعام ، أليس كذلك ؟ والسؤال : ما الذي قيَّد حرية ذلك الشخص ومنعه من
هذا الفعل أثناء الطعام ؟ إنه الذوق والأدب ، أليس كذلك ؟ فالمرء إذاً ليس حرّاً في
أن يفعل ما يشاء أثناء تناول الطعام مع الآخرين ، كالجشاء ، ووضع الإصبع في الأنف ،
وما يشبه ذلك ؛ لأن الذوق السليم يفرض عليه أشياء ، ويمنعه من أخرى …..
وما رأيك
لو أن سائقاً يقود سيارته عكس اتجاه السير ، أو يقف في مكان يُمنع الوقوف فيه ؟ هل
كنتَ تقبل منه ذلك ؟ نظن أن الجواب : لا ، غير مقبول منه هذه التصرفات ؛ لأن فعله
هذا مرفوض ومستنكر ؛ لأن حق السير في الطريق ليس على هواه ، وليست الأماكن كلها
تصلح لأن يوقف سيارته فيها ، أليس كذلك ؟ والسؤال : ما الذي قيَّد حريَّة ذلك
السائق فمنعه من السير عكس اتجاه السير ، ومنعه من الوقوف في هذا المكان ؟ إنه
القانون ، أليس كذلك ؟ فالمرء إذاً ليس حرّاً في تصرفاته حتى يقود سيارته على هواه
، أو يوقفها حيث شاء ؛ لأن القانون يفرض عليه السير باتجاه معيَّن ، ويمنعه من
الوقوف في أماكن مخصوصة .
إذاً أيها السائل أنت ترى أن ‘ العادة ‘ و ‘ الذوق ‘ و
‘ القانون ‘ لهم من السلطة على الناس بحيث امتنعوا عن فعل أشياء ، وأُلزموا بأخرى
من أجلها ، فلم الاستغراب من أن يكون ‘ الله تعالى ‘ أو ‘ الدين ‘ له السلطة على
الناس ، فنرى ما يمنعنا منه ربنا تعالى ويحرمه عليه ديننا فنمتنع عنه ونحرمه على
أنفسنا ؟ هذا هو الواقع باختصار ، والظن بك أنك ستقدِّر أن منع الرب تعالى وتحريم
الدين أولى من كل ما ذكرناه بالاستجابة له ، والكف عنه ؛ لأنه الخالق تعالى الذي
رضينا لأنفسنا أن نكون عبيداً له ، ورضينا به ربّاً مشرعاً وحاكماً .
وما فعله
الطالب المسلم من عدم ذهابه للنادي الليلي ، وعدم شربه للمسكر : إنما فعل ذلك من
أجل أن الله تعالى حرَّم عليه ذلك .
وإذا خالفتَ الفطرة ، والواقع الذي تعيشه ،
ورضيتَ بأن يستمتع معك طلاب آخرون بطالبة واحدة تعشقها وتعلق قلبك بها : فهل ترضى
الأمر نفسه أن يحصل مع زوجتك ؟! ونأمل أن لا تغضب لهذا السؤال ، فإنما أردنا أن
نبين لك أن هناك تناقضاً في واقع مجتمعاتكم حيث تدعون للمتعة ، ثم تقيدونها بأشياء
تتعلق بنفوسكم وأهوائكم ، وإذا امتنع عنها المسلم بسبب دينه كان محط سخرية وانتقاد
، ثم إن هذا السؤال له أصل في ديننا ! أتعرف كيف ذاك ؟ جاء شاب عند نبينا محمد صلى
الله عليه وسلم يستأذنه في ‘ الزنى ‘ ! نعم ، يستأذنه في أن يزني ببنات الناس
ونسائهم ، أتدري ماذا قال له نبينا صلى الله عليه وسلم ؟ قال له : أترضاه لأمك ؟
أترضاه لأختك ؟ أترضاه لابنتك ؟ وفي كل مرة كان الشاب جيب بالنفي ، وأنه لا يرضى أن
يزني أحد بأمه ، أو بأخته ، أو بابنته ، وفي كل مرَّة كان يقول له النبي صلى الله
عليه وسلم : وكذلك الناس لا يرضون لأمهاتهم وأخواتهم وبناتهم ، فدعا له النبي صلى
الله وسلم ، وخرج من عنده والزنى أبغض الأفعال إلى قلبه ….
وأنت تدعو هذا المسلم
ليستمتع ، ونحن سألنا سؤالا منطقيا أترضى أن يستمتع بعشيقتك التي تحبها ؟ أترضى أن
يستمتع بزوجتك ؟ أترضى أن يستمتع بابنتك ؟ نحن نعتقد جازمين أن ما يحصل من حوادث
قتل لزوجات خائنات إنما هو بسبب الفطرة التي خلق الله الناس عليها ، والتي يأبى
أصحابها ذلك وينكرونه أشد الإنكار ، ولو أدى به الأمر لقتلها ، أو لقتلها وعشيقها ،
حتى لو كان نهاية الأمر سجن مؤبد ، أو إعدام ، والعشيقة الخائنة ليست كالزوجة
الخائنة قطعاً ، ولكن حتى العشاق لا يرضون أن تكون عشيقاتهم مشاعاً للناس جميعاً
……
وقد قال لنا نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله : ( الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ
الْكَافِرِ ) رواه مسلم ( 2956 ) ….
وقد فسَّرها علماؤنا بقولهم :
معناه : أن
كل مؤمن مسجون ممنوع في الدنيا من الشهوات المحرمة ، والمكروهة ، مكلَّف بفعل
الطاعات الشاقة ، فإذا مات : استراح من هذا ، وانقلب إلى ما أعدَّ الله تعالى له من
النعيم الدائم ، والراحة الخالصة من النقصان .
وأما الكافر : فإنما له من ذلك ما
حصل في الدنيا ، مع قلته ، وتكديره بالمنغصات ، فإذا مات : صار إلى العذاب الدائم ،
وشقاء الأبد .
‘ شرح النووي ‘ ( 18 / 93 ) …
فنرجو منك التأمل في هذه المسألة
حق التأمل ، ونرجو أن تكون مفتاحاً لقلبك لتصل إلى الحق .
وإذا كنتم تستمتعون
بزوجة واحدة : فنحن أبيح لنا الاستمتاع بأربع زوجات ! فما بال قومك ينكرون علينا
الليل والنهار ويسيئون لديننا لأنه حكم لنا بهذا الاستمتاع ؟
وإننا نستمتع
بالحياة مع أبنائنا وبناتنا ، ولذلك ترى الأسرة المسلمة تنجب أعداداً وفيرة من
الأولاد ، فما هو حال استمتاعكم في هذا الجانب ؟
وإننا نستمتع بحب أمهاتنا
وآبائنا ، فهل تعلم حقيقة العلاقة بين الواحد منكم وبين أمه وأبيه ؟
ونحن نستمتع
بالطعام اللذيذ المباح ، ونستمتع بالشراب المباح اللذيذ ، وهكذا في أبواب كثيرة ،
والمهم في ذلك أن يكون الله تعالى أباحها لنا وأذن لنا في الاستمتاع بها
.
ويكفينا أن نكون سعداء ، ومستمتعين بما هدانا الله تعالى له ، وهو أننا نسير
على الطريق الصحيح الذي يرضى الله تعالى عنّا به ، والذي سار عليه الأنبياء الكرام
من قبلُ ، وهذه السعادة حرمها الملايين من الناس ، والذين رضوا لأنفسهم أن يعبدوا
حجراً ، أو صنماً ، أو بشراً مثلهم ، وقد أخبرنا الله تعالى أن هؤلاء لن تكون
حياتهم هنيئة ، ولن تكون صدورهم منشرحة ؛ لأنهم تركوا توحيد الرب الذي خلقهم ،
وأشركوا معه آلهة أخرى ، فعاقبهم الله في الدنيا بضيق الصدر ، ثم سيعاقبهم بضيق
القبر ، ثم بضيق الحشر ، ثم يكون مصيرهم جهنم خالدين فيها أبداً …..
وإذا أردت
أن تعرف صدق هذا القول فاقرأ قصص من دخل في الإسلام من بني قومك ، أو من غيرهم ،
وانظر إلى التحول العظيم في حياتهم ، وانظر إلى السعادة البالغة التي هم عليها الآن
، هذا هو الاستمتاع الذي ينبغي أن تحرص عليه ، وكما دعوتنا لنبتهج ونستمتع فإننا
ندعوك بصدق إلى أن تستمتع أنت معنا ، وتسلك طريق السعداء ، وتتذوق السعادة الحقيقية
التي تنام معك ، وتستيقظ معك ، لا تفارقك ، حتى لو دخلت قبرك ، إلى أن يدخلك ربك
دار السعداء ، وهي جنته التي عرضها السموات والأرض .
سائلين الله تعالى ربنا أن
يهديك لمعرفة الحق ، وأن لا يميتك إلا على الدين الذي ختم به الرسالات .
1. ما رأيك لو جاءت امرأة لتعزيتك في وفاة قريب لك
وهي تلبس ‘ ملابس السباحة ‘ ؟! هل كنتَ تقبل
منها هذا ؟ نظن أن الجواب : لا ، غير مقبول ؛ لأن المناسبة تقتضي من المعزي لباساً
يليق بالمناسبة ، أليس كذلك ؟ والسؤال : ما الذي قيَّد حرية هذا المعزِّي بلباسه
ففرض عليه لباساً ومنعه من آخر ؟ إنه العادة ، أليس كذلك ؟ فالمرء إذاً ليس حرّاً
في تصرفاته في كل حال ، بل العادة تمنعه أحياناً من أشياء وتحد حريته . 2. ثم إنك
تنكر على ذلك الطالب المسلم عدم ذهابه للنادي الليلي ، وعدم استمتاعه معكم ، ونحن
نسألك : هل لهذه المتعة حدود أم هي مطلقة لا حدَّ لها ؟ ولنكن صرحاء معك أكثر ،
هل ترضى أن تكون عشيقتك من الطالبات هي عشيقة
لغيرك من الطلاب أو المدرسين ؟! وهل ترضى أن يستمتع بها غيرك كما تستمتع بها أنت ؟
إننا على علم بكثرة جرائم القتل التي تحصل في الثانويات والمعاهد جراء مثل هذه
الأفعال ، ولست بحاجة لأن تجيبنا ؛ لأننا رأينا وسمعنا وقرأنا عن حوادث شجار وصل
كثير منها إلى القتل ، وكل ذلك بسبب التنافس على قلب طالبة ، أليس كذلك ؟ فأين
المتعة الذي تنادي بها إذاً ؟ ولم تحرمونها على الطلاب أو المدرسين الذين يرغبون
بالاستمتاع بالطالبة نفسها ، وقد تكون هذه هي رغبتها أصلاً ؟ . 3. ثم إن الإسلام
جاء بأحكام غاية في الإحكام والإتقان ، وهي تصب في مصلحة الفرد ، والمجتمع ،
والدولة ، وعندما حرَّم الإسلام العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج إنما أراد أن
تكون المجتمعات نظيفة في قلوبها ، وأبدانها ، ويكفي أن تعلم النسبة المهولة للأمراض
الجنسية التي سببتها العلاقات الآثمة ، والشاذة ، والتي ينبغي أن لا يُختلف في
تحريمها بين الأديان ، فكم هم ضحايا ‘ الإيدز ‘ ؟ وكم عدد الإصابات ؟ وكيف يعيش من
لم يمت منهم ؟ إنها حياة مأساوية ، وميتة بشعة شنيعة يرضاها لنفسه من يدفع حياته من
أجل متعة دقائق ! والإسلام جاء بما يحفظ على المسلم دينه ، وقلبه ، وبدنه ، فامتنع
المسلم عن فعل الحرام ، ورضي بما حكم الله تعالى له به ، وهو الخبير سبحانه بما
يصلح الناس .. 4. واعلم أيها السائل أن الدنيا ليس فيها ما يُتحسر على فواته ، وأن
هذه الدنيا بالنسبة للمسلم سجنٌ ! وجنته ومتعته الحقيقية إنما هي في الآخرة ، وأما
الكافر فجنته في الدنيا فقط ، يلتذ ويستمتع ثم يصير مآله إلى هوان وخسارة . 5. ومن
قال لك إن الإسلام ليس فيه متعة ؟! إننا نستمتع ، لكن بما أباح الله تعالى لنا ، بل
إننا نستمتع أضعاف ما تستمتعون – وتظنون أنها متعة – ؛ لأن الشيء المحرَّم ليس فيه
متعة ، وإنما المتعة الحقيقية هي المباحات ، والمعصية تعقبها حسرة ، ولن يكون
صاحبها في سعادة وهناء ، وانظر حولك لترى صدق هذا القول .
والله الموفق
محمد المنجد
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islamqa.com/index.php?ref=113836&ln=ara