خلف وزير الخزانة البريطاني جوردون براون رئيس الوزراء توني بلير بعدما فاز
بزعامة حزب العمال يوم الاحد وتسلم يوم الاربعاء رئاسة الحكومة بعد 10 اعوام قضاها
وزيرا للخزانة.
معارضو براون يتهمونه بحب السيطرة بينما يرى انصاره ومؤيدوه انه من السياسيين
الكبار الذين لم ينصفوا من قبل الجمهور.
علاقته برئيس الوزراء السابق توني بلير اثارت جدلا واسعا في بريطانيا، ومرت
بمراحل عدة يمكن تلخيصها حسب المحللين بالعلاقة التي بدأت بتحالف عادي وانتهت
بخصومة حادة جدا.
ويقول المقربون من براون انه منذ اعلان بلير عن تنحيه الشهر الماضي وتسمية براون
لتولي رئاسة حزب العمال، ومن ثم رئاسة الحكومة، ووزير الخزانة البالغ من العمر 56
عاما يحاول جاهدا تحسين صورته.
ويقول مساعدو براون ان صورة وزير الخزانة “رائعة في المجالس الخاصة ولكن على
براون العمل على تحسينها بشكل كبير، وبخاصة حين يتعلق الامر بوسائل الاعلام
والاجتماعات العامة”.
ولد جيمس جوردون براون في عام 1951 في اسكتلندا، ونشأ هناك ودخل الى جامعة
ادينبرة عن عمر الـ16 عاما فقط ليدرس التاريخ حيث حازعلى شهادته بتفوق، قبل ان يحصل
على دكتوراه في التاريخ بعد بضعة اعوام.
ودرس براون خلال هذه الفترة في عدة جامعات اسكتلندية قبل ان ينتقل ليعمل كصحفي
في تلفزيون اسكتلندا الذي يعتبر احد فروع شركة “آي تي في” وهي الشركة التلفزيونية
التجارية الاكبر في بريطانيا.
وخلال هذه الاعوام كلها، توطدت علاقة براون مع حزب العمال الذي التحق به رسميا
عندما كان في الـ18 من العمر.
خسر في 1979 وفاز في
1983وخسر براون في الانتخابات التشريعية عام 1979، الا انه عاد وفاز بمقعد
عام 1983 الذي شهد ايضا فوز توني بلير بمقعد للمرة الاولى وانصرافه الى تولي عدة
مهام في حزب العمال الذي امضى 18 عاما في المعارضة.
براون تولى وزارة الخزانة لعشرة اعوام |
البريطاني واطلاق ورشة العمل على تطوير وتحديث حزب العمال، ويقال في هذا الشأن ان
براون كان بمثابة استاذ لبلير في مجال السياسة الداخلية.
وفي عام 1992، وبعدما مني حزب العمال البريطاني بهزيمته الرابعة على التوالي عين
براون الناطق الاقتصادي الرسمي للمعارضة، وخلال هذه الفترة، برز براون الى جانب
بلير كمرشح لتولي زعامة الحزب بعد الزعيم السابق جون سميث.
وبعد عامين على ذلك، توفي سميث، وحسبما يقال ان بلير ببراون اجتمعا في احد مطاعم
شمالي لندن حيث اتفقا على ان يدعم براون ترشيح بلير لرئاسة الحزب على ان يستقيل
بلير بعد اربعة اعوام ليحل براون مكانه.
وبعد ان فاز حزب العمال بانتخابات عام 1997 تولى براون وزارة الخزانة البريطانية
وفي غضون اسبوع واحد اعطى البنك المركزي البريطاني استقلالية تامة تسمح له بكبح
التضخم.
واصبح براون هذا العام وزير الخزانة البريطاني الوحيد الذي يمضي فترة عشرة اعوام
متتالية ودون انقطاع في هذا المنصب.
ولكن معارضي براون ينتقدوه بسبب ما يعتبروه “حب وزير الخزانة للسيطرة والتحكم اذ
وصفه احد كبار المسؤولين الحكوميين بانه “ستاليني” بينما قال عنه زميل آخر له انه
“مهووس بالسيطرة”.
وكانت الثقة ببراون في مجال ادارة الاقتصاد قد تأذت من جراء عدد من الازمات
المالية منها ما هو على علاقة بصندوق معاشات الموظفين الحكوميين.
اقرب الى واشنطنكما ان
سياسة براون التي تميزت بما بات يعرف بمبدأ “الترقب والاحتراس المالي” والتي جلبت
له لقب “وزير المالية الحديدي” اصبحت اليوم في موقع الشك واعادة النظر لدى
المعارضين.
ويعتبر براون اقتصاديا اقرب الى الولايات المتحدة مما هو من اوروبا، وكان قد وقف
بوجه بلير عندما اراد الاخير دفع بريطانيا نحو تبني العملة الاوروبية.
براون تولى وزارة الخزانة لعشرة اعوام |
البلدان النامية.
واقر براون بان اخطاء ارتكبت خلال “المغامرة الاكبر لبلير في السياسة الخارجية”
اي الحرب على العراق، ولكنه على الرغم من ذلك كان موقفه دوما داعما للعمليات
العسكرية البريطانية ان في العراق او في افغانستان.
وخلال الفترة التي قضاها براون في وزارة الخزانة تمكن من اعادة اطلاق عجلة النمو
الاقتصادي بطريقة غير مسبوقة، وتنشيط سوق العمل بدرجة عالية ما ادى الى معدلات
بطالة منخفضة جدا، والمحافظة على معدلات منخفضة للفوائد.
علاقته ببلير في الاعوام الاخيرة كانت مصدر جدل كبير اذ احتلت مرارا الصفحات
الاولى للصحف. وفي عام 2006، اتهم براون بالتخطيط “لانقلاب على بلير” عندما استقال
ثمانية وزراء دولة بريطانيين في غضون ايام، ودعوا بلير الى التنحي. ولكن براون نفي
ان يكون له اي علاقة بهذه القضية.
وفي عام 2002، ولدت ابنة براون الاولى قبل الموعد المحدد لها، فتوفيت بعد 10
ايام فقط، الا انه منذ ذلك الحين، رزق بطفلين، ولكن ابنه الثاني يعاني من مرض وراثي
يؤدي الى موت مبكر.