أهميةُ الاستغفار
وفوائدُه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ،
القائل في محكم كتابه العزيز { وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا
إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي
فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ
كَبِيرٍ (3)} [هود/3]
والصلاة والسلام على من أرسله الله تعالى رحمة للعالمين ،
وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
فقد
ورد الحثُّ على الاستغفار في القرآن الكريم والسنَّة النبوية ، وذلك لحاجة الإنسان
إليه في كل وقت ، لتقصيره في الطاعات، ووقوعه في معصية الله تعالى
.
فجاء الاستغفار ليعالج هذا النقص عند الإنسان ، فعَنْ أَبِى
سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -- يَقُولُ: « إِنَّ
إِبْلِيسَ قَالَ لِرَبِّهِ بِعِزَّتِكَ وَجَلاَلِكَ لاَ أَبْرَحُ أُغْوِى بَنِى
آدَمَ مَا دَامَتِ الأَرْوَاحُ فِيهِمْ. فَقَالَ اللَّهُ فَبِعِزَّتِى وَجَلاَلِى
لاَ أَبْرَحُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِى » .
الاِسْتِغْفَارُ
فِي اللُّغَةِ : طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ بِالْمَقَال وَالْفِعَال .
وَعِنْدَ
الْفُقَهَاءِ : سُؤَال الْمَغْفِرَةِ كَذَلِكَ ، وَالْمَغْفِرَةُ فِي الأَْصْل :
السَّتْرُ ، وَيُرَادُ بِهَا التَّجَاوُزُ عَنِ الذَّنْبِ وَعَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ
بِهِ ، وَأَضَافَ بَعْضُهُمْ : إِمَّا بِتَرْكِ التَّوْبِيخِ وَالْعِقَابِ رَأْسًا
، أَوْ بَعْدَ التَّقْرِيرِ بِهِ فِيمَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ
.
والاستغفار ينبغي أن يكون بتذلل وتضرع وانكسار وخضوع وافتقار،
وبعيون دامعة وقلوب خاشعة ونفوس إلى رحمة ربها وصفحه وفضله طامعة, وينبغي أن يكون
معه حرارة الابتهال والصدق في السؤال والتضرع في الحال والشعور بالفقر إلى المغفرة
في الاستقبال. ويستحب أن يكون متواصلا بالليل والنهار، وبالأخص في الأسحار، حينما
ينزل الله جل جلاله بعظمته وعزته ورحمته إلى السماء الدنيا، وينادي عباده بنداء
لطيف لنيل مصالحهم وغفران زلاتهم وقضاء حاجاتهم،
فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ
- رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - - قَالَ « يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ
وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ
اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِى
فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ » .
قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ : " يَا بُنَيَّ أَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ :
رَبِّ اغْفِرْ لِي ، فَإِنَّ لِلَّهِ سَاعَاتٍ لَا يُرَدُّ فِيهَا سَائِلٌ "
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : " أَكْثِرُوا
مِنَ الِاسْتِغْفَارِ فِي بُيُوتِكُمْ ، وَعَلَى مَوَائِدِكُمْ ، وَفِي طُرُقِكُمْ
، وَفِي أَسْوَاقِكُمْ ، وَفِي مَجَالِسِكُمْ ، أَيْنَمَا كُنْتُمْ فَإِنَّكُمْ مَا
تَدْرُونَ مَتَى تَنْزِلُ الْمَغْفِرَةُ "
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " بَيْنَا رَجُلٌ مُسْتَلْقٍ إِذْ نَظَرَ إِلَى
السَّمَاءِ وَإِلَى النُّجُومِ فَقَالَ : إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ لَكِ رَبًّا
وَخَلَّاقًا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ "
وَعَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ : جَاءَ حَبِيبُ بْنُ الْحَارِثِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - -
فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي رَجُلٌ مِقْرَافٌ . قَالَ : " فَتُبْ إِلَى
اللَّهِ يَا حَبِيبُ " . قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَتُوبُ ثُمَّ
أَعُودُ . قَالَ : " فَكُلَّمَا أَذْنَبْتَ فَتُبْ " . قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
، إِذًا تَكْثُرُ ذُنُوبِي ، قَالَ : " عَفْوُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ ذُنُوبِكَ يَا
حَبِيبُ بْنَ الْحَارِثِ "
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ --
فِيمَا يَحْكِى عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ « أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا
فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى ذَنْبِى. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ
عَبْدِى ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ
بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَىْ رَبِّ اغْفِرْ لِى ذَنْبِى.
فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْدِى أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا
يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَىْ
رَبِّ اغْفِرْ لِى ذَنْبِى. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِى ذَنْبًا
فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ وَاعْمَلْ
مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ » .
وعن أبي هُرَيْرَةَ قالَ :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -- يَقُولُ: « إِنَّ عَبْدًا أَذْنَبَ ذَنْبًا ».
وَذَكَرَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: « أَذْنَبَ ذَنْبًا ». وَفِى الثَّالِثَةِ :« قَدْ
غَفَرْتُ لِعَبْدِى فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ ».
وأمّا استغفارُ
اللسان مع إصرار القلب على الذنب ، فهو دُعاء مجرَّد إنْ شاء الله أجابه ، وإنْ شاء
ردَّه، وقد يكون الإصرار مانعاً من الإجابة ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو
ابْنِ الْعَاصِ، عَنِ النَّبِىِّ - - أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ:
ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يَغْفِرِ اللَّهُ لَكُمْ، وَيْلٌ لأَقْمَاعِ
الْقَوْلِ، وَيْلٌ لِلْمُصِرِّينَ الَّذِينَ يُصِرُّونَ عَلَى مَا فَعَلُوا، وَهُمْ
يَعْلَمُونَ.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :
" التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ، وَالْمُسْتَغْفِرُ مِنَ
الذَّنْبِ وَهُوَ مُقِيمٌ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِرَبِّهِ ، وَمَنْ أَذَى مُسْلِمًا
كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ كَذَا وَكَذَا " ذَكَرَ شَيْئًا "
ومن أنواع
الاستغفار أنْ يقولَ العبدُ : " أستغفرُ الله الذي لا إله إلا هو الحيّ القيُّوم
وأتوب إليه " فعن زَيْدٍ مَوْلَى النَّبِىِّ -- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ
-- يَقُولُ: « مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ
الْحَىُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ
الزَّحْفِ » .
« سَيِّدُ
الاِسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ
، خَلَقْتَنِى وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا
اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ
عَلَىَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِى ، اغْفِرْ لِى ، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
إِلاَّ أَنْتَ » . قَالَ « وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا ،
فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِىَ ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ،
وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ مُوقِنٌ بِهَا ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ
يُصْبِحَ ، فَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » ..
الاِسْتِغْفَارُ
لِلأَْمْوَاتِ :
الاِسْتِغْفَارُ عِبَادَةٌ قَوْلِيَّةٌ يَصِحُّ فِعْلُهَا
لِلْمَيِّتِ . وَقَدْ ثَبَتَ فِي السُّنَّةِ الاِسْتِغْفَارُ لِلأَْمْوَاتِ ، فَفِي
صَلاَةِ الْجِنَازَةِ وَرَدَ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِالْمَغْفِرَةِ ، لَكِنْ لاَ
يُسْتَغْفَرُ لِصَبِيٍّ وَنَحْوِهِ ، وَعَقِبَ الدَّفْنِ يُنْدَبُ أَنْ يَقِفَ
جَمَاعَةٌ يَسْتَغْفِرُونَ لِلْمَيِّتِ ، لأَِنَّهُ حِينَئِذٍ فِي سُؤَال مُنْكَرٍ
وَنَكِيرٍ ، رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ كَانَ
النَّبِىُّ -- إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ «
اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ » .
.
الاِسْتِغْفَارُ عِنْدَ النَّوْمِ :
يُسْتَحَبُّ
الاِسْتِغْفَارُ عِنْدَ النَّوْمِ مَعَ بَعْضِ الأَْدْعِيَةِ الأُْخْرَى ،
لِيَكُونَ الاِسْتِغْفَارُ خَاتِمَةَ عَمَلِهِ إِذَا رُفِعَتْ رُوحُهُ ، رَوَى
التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ : مَنْ قَال حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَإِنْ كَانَتْ
مِثْل زَبَدِ الْبَحْرِ .
أهم فوائد الاستغفار
*-الاستغفارُ أفضل العبادات وأنفعها للعباد
*-مغفرة
الذنوب
*-المتاع الحسن :لقد أمر الله هذه الأمة بالاستغفار والتوبة, ووعدهم
بأن يمتِّعهم متاعًا حسنًا من إغداق في النعم والطيبات وسَعة في العيش وتمتع
بالأموال
*-إنزال المطر وزيادة القوة
*-إجابة الدعاء
*-الرحمة والودُّ
*-الاستغفار زاد الداعية إلى الله
*-الاستغفارُ سببٌ في جلب النعم ودفع النقم.
*-يدفع العقوبة عن
صاحبه ويمنع نزول المصائب به
*-الاستغفار دواء وعلاج:
قَالَ رسول
الله ص: " مَنْ أَحَبَّ أَنْ تَسُرَّهُ صَحِيفَتُهُ ; فَلْيُكْثِرْ فِيهَا مِنَ
الِاسْتِغْفَارِ " . فالمكثر من الاستغفار يُبعث طاهرًا نقيًا فرحًا مسرورًا لا ذنب
يؤاخذ عليه، ويزداد فرحًا وحبورًا عندما يقبض صحيفته بيمينه ويجدها ممتلئة
بالاستغفار.
*-إذا أعيتك المسائل ففر إلى الاستغفار
*-سبب
لانشراح الصدر
*-سبب لحسن الخلق والسهولة مع الخلق
*-سبب لمغفرة
الذنوب وتكفير السيئات
*-الاستغفارُ يدفع عن النفس الشعورَ
بالكبر
*-المستغفرُ يُقرُّ بصفة الله تعالى الغفار
*-
الاستغفارُ سببٌ لمحو الذنوب ورفع العقوبة
*-رفع البلايا عن الناس
*-الاستغفارُ سببٌ لصفاءِ القلب ونقائه
*-زوال الهم
والغم وتفريج الكرب
وفوائدُه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ،
القائل في محكم كتابه العزيز { وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا
إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي
فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ
كَبِيرٍ (3)} [هود/3]
والصلاة والسلام على من أرسله الله تعالى رحمة للعالمين ،
وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
فقد
ورد الحثُّ على الاستغفار في القرآن الكريم والسنَّة النبوية ، وذلك لحاجة الإنسان
إليه في كل وقت ، لتقصيره في الطاعات، ووقوعه في معصية الله تعالى
.
فجاء الاستغفار ليعالج هذا النقص عند الإنسان ، فعَنْ أَبِى
سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -- يَقُولُ: « إِنَّ
إِبْلِيسَ قَالَ لِرَبِّهِ بِعِزَّتِكَ وَجَلاَلِكَ لاَ أَبْرَحُ أُغْوِى بَنِى
آدَمَ مَا دَامَتِ الأَرْوَاحُ فِيهِمْ. فَقَالَ اللَّهُ فَبِعِزَّتِى وَجَلاَلِى
لاَ أَبْرَحُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِى » .
الاِسْتِغْفَارُ
فِي اللُّغَةِ : طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ بِالْمَقَال وَالْفِعَال .
وَعِنْدَ
الْفُقَهَاءِ : سُؤَال الْمَغْفِرَةِ كَذَلِكَ ، وَالْمَغْفِرَةُ فِي الأَْصْل :
السَّتْرُ ، وَيُرَادُ بِهَا التَّجَاوُزُ عَنِ الذَّنْبِ وَعَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ
بِهِ ، وَأَضَافَ بَعْضُهُمْ : إِمَّا بِتَرْكِ التَّوْبِيخِ وَالْعِقَابِ رَأْسًا
، أَوْ بَعْدَ التَّقْرِيرِ بِهِ فِيمَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ
.
والاستغفار ينبغي أن يكون بتذلل وتضرع وانكسار وخضوع وافتقار،
وبعيون دامعة وقلوب خاشعة ونفوس إلى رحمة ربها وصفحه وفضله طامعة, وينبغي أن يكون
معه حرارة الابتهال والصدق في السؤال والتضرع في الحال والشعور بالفقر إلى المغفرة
في الاستقبال. ويستحب أن يكون متواصلا بالليل والنهار، وبالأخص في الأسحار، حينما
ينزل الله جل جلاله بعظمته وعزته ورحمته إلى السماء الدنيا، وينادي عباده بنداء
لطيف لنيل مصالحهم وغفران زلاتهم وقضاء حاجاتهم،
فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ
- رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - - قَالَ « يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ
وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ
اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِى
فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ » .
قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ : " يَا بُنَيَّ أَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ :
رَبِّ اغْفِرْ لِي ، فَإِنَّ لِلَّهِ سَاعَاتٍ لَا يُرَدُّ فِيهَا سَائِلٌ "
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ ، يَقُولُ : " أَكْثِرُوا
مِنَ الِاسْتِغْفَارِ فِي بُيُوتِكُمْ ، وَعَلَى مَوَائِدِكُمْ ، وَفِي طُرُقِكُمْ
، وَفِي أَسْوَاقِكُمْ ، وَفِي مَجَالِسِكُمْ ، أَيْنَمَا كُنْتُمْ فَإِنَّكُمْ مَا
تَدْرُونَ مَتَى تَنْزِلُ الْمَغْفِرَةُ "
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " بَيْنَا رَجُلٌ مُسْتَلْقٍ إِذْ نَظَرَ إِلَى
السَّمَاءِ وَإِلَى النُّجُومِ فَقَالَ : إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ لَكِ رَبًّا
وَخَلَّاقًا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ "
وَعَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ : جَاءَ حَبِيبُ بْنُ الْحَارِثِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - -
فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي رَجُلٌ مِقْرَافٌ . قَالَ : " فَتُبْ إِلَى
اللَّهِ يَا حَبِيبُ " . قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَتُوبُ ثُمَّ
أَعُودُ . قَالَ : " فَكُلَّمَا أَذْنَبْتَ فَتُبْ " . قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ
، إِذًا تَكْثُرُ ذُنُوبِي ، قَالَ : " عَفْوُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ ذُنُوبِكَ يَا
حَبِيبُ بْنَ الْحَارِثِ "
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ --
فِيمَا يَحْكِى عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ « أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا
فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى ذَنْبِى. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ
عَبْدِى ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ
بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَىْ رَبِّ اغْفِرْ لِى ذَنْبِى.
فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْدِى أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا
يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَىْ
رَبِّ اغْفِرْ لِى ذَنْبِى. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِى ذَنْبًا
فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ وَاعْمَلْ
مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ » .
وعن أبي هُرَيْرَةَ قالَ :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -- يَقُولُ: « إِنَّ عَبْدًا أَذْنَبَ ذَنْبًا ».
وَذَكَرَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: « أَذْنَبَ ذَنْبًا ». وَفِى الثَّالِثَةِ :« قَدْ
غَفَرْتُ لِعَبْدِى فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ ».
وأمّا استغفارُ
اللسان مع إصرار القلب على الذنب ، فهو دُعاء مجرَّد إنْ شاء الله أجابه ، وإنْ شاء
ردَّه، وقد يكون الإصرار مانعاً من الإجابة ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو
ابْنِ الْعَاصِ، عَنِ النَّبِىِّ - - أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ:
ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، وَاغْفِرُوا يَغْفِرِ اللَّهُ لَكُمْ، وَيْلٌ لأَقْمَاعِ
الْقَوْلِ، وَيْلٌ لِلْمُصِرِّينَ الَّذِينَ يُصِرُّونَ عَلَى مَا فَعَلُوا، وَهُمْ
يَعْلَمُونَ.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :
" التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ، وَالْمُسْتَغْفِرُ مِنَ
الذَّنْبِ وَهُوَ مُقِيمٌ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِرَبِّهِ ، وَمَنْ أَذَى مُسْلِمًا
كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ كَذَا وَكَذَا " ذَكَرَ شَيْئًا "
ومن أنواع
الاستغفار أنْ يقولَ العبدُ : " أستغفرُ الله الذي لا إله إلا هو الحيّ القيُّوم
وأتوب إليه " فعن زَيْدٍ مَوْلَى النَّبِىِّ -- أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ
-- يَقُولُ: « مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ
الْحَىُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فَرَّ مِنَ
الزَّحْفِ » .
« سَيِّدُ
الاِسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ
، خَلَقْتَنِى وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا
اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ
عَلَىَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِى ، اغْفِرْ لِى ، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
إِلاَّ أَنْتَ » . قَالَ « وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا ،
فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِىَ ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ،
وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ مُوقِنٌ بِهَا ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ
يُصْبِحَ ، فَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » ..
الاِسْتِغْفَارُ
لِلأَْمْوَاتِ :
الاِسْتِغْفَارُ عِبَادَةٌ قَوْلِيَّةٌ يَصِحُّ فِعْلُهَا
لِلْمَيِّتِ . وَقَدْ ثَبَتَ فِي السُّنَّةِ الاِسْتِغْفَارُ لِلأَْمْوَاتِ ، فَفِي
صَلاَةِ الْجِنَازَةِ وَرَدَ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِالْمَغْفِرَةِ ، لَكِنْ لاَ
يُسْتَغْفَرُ لِصَبِيٍّ وَنَحْوِهِ ، وَعَقِبَ الدَّفْنِ يُنْدَبُ أَنْ يَقِفَ
جَمَاعَةٌ يَسْتَغْفِرُونَ لِلْمَيِّتِ ، لأَِنَّهُ حِينَئِذٍ فِي سُؤَال مُنْكَرٍ
وَنَكِيرٍ ، رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ كَانَ
النَّبِىُّ -- إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ «
اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ » .
.
الاِسْتِغْفَارُ عِنْدَ النَّوْمِ :
يُسْتَحَبُّ
الاِسْتِغْفَارُ عِنْدَ النَّوْمِ مَعَ بَعْضِ الأَْدْعِيَةِ الأُْخْرَى ،
لِيَكُونَ الاِسْتِغْفَارُ خَاتِمَةَ عَمَلِهِ إِذَا رُفِعَتْ رُوحُهُ ، رَوَى
التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ : مَنْ قَال حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَإِنْ كَانَتْ
مِثْل زَبَدِ الْبَحْرِ .
أهم فوائد الاستغفار
*-الاستغفارُ أفضل العبادات وأنفعها للعباد
*-مغفرة
الذنوب
*-المتاع الحسن :لقد أمر الله هذه الأمة بالاستغفار والتوبة, ووعدهم
بأن يمتِّعهم متاعًا حسنًا من إغداق في النعم والطيبات وسَعة في العيش وتمتع
بالأموال
*-إنزال المطر وزيادة القوة
*-إجابة الدعاء
*-الرحمة والودُّ
*-الاستغفار زاد الداعية إلى الله
*-الاستغفارُ سببٌ في جلب النعم ودفع النقم.
*-يدفع العقوبة عن
صاحبه ويمنع نزول المصائب به
*-الاستغفار دواء وعلاج:
قَالَ رسول
الله ص: " مَنْ أَحَبَّ أَنْ تَسُرَّهُ صَحِيفَتُهُ ; فَلْيُكْثِرْ فِيهَا مِنَ
الِاسْتِغْفَارِ " . فالمكثر من الاستغفار يُبعث طاهرًا نقيًا فرحًا مسرورًا لا ذنب
يؤاخذ عليه، ويزداد فرحًا وحبورًا عندما يقبض صحيفته بيمينه ويجدها ممتلئة
بالاستغفار.
*-إذا أعيتك المسائل ففر إلى الاستغفار
*-سبب
لانشراح الصدر
*-سبب لحسن الخلق والسهولة مع الخلق
*-سبب لمغفرة
الذنوب وتكفير السيئات
*-الاستغفارُ يدفع عن النفس الشعورَ
بالكبر
*-المستغفرُ يُقرُّ بصفة الله تعالى الغفار
*-
الاستغفارُ سببٌ لمحو الذنوب ورفع العقوبة
*-رفع البلايا عن الناس
*-الاستغفارُ سببٌ لصفاءِ القلب ونقائه
*-زوال الهم
والغم وتفريج الكرب