بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمـد لله تعـالى نحمـده ، ونستعينـه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ، أما بعد ...
* ماذا يعني انتمائي للإسلام ؟؟
يا شباب المسلمين ، يا أمل الأمة الإسلامية ، يا دعاة الغد ، يا رجال المستقبل : اعلموا أننا جميعاً ينبغي أن نكون على يقين بأن المستقبل لهذا الدين الذي ننتمي إليه مهما تكالب عليه أعداء الإسلام وحاولوا أن يبعدونا عن ديننا أو يحولوا بيننا وبين نبع الدين الصافي .
* ولكن ما معنى انتمائي وانتمائك للإسلام ؟
هل تظن أن كَفَّكَ الأذى واجتهادَك في عملك وأداءَك للفرائض وحسْبُ هو تمام الانتماء ؟! أو تظن أن تمسكك بسنة ظاهرة أو تركك لظلم الناس هو كمال الانتماء للإسلام ؟! أتحسب أن استحواذك على بطاقة تحمل ديانتك يُعد انتماء للإسلام ؟!
أخي الحبيب : إن كل هذه المعاني هي جزء من انتمائك للإسلام ، ولكن الإسلام هو الانقياد والطاعة والرضا والتسليم لله تعالى ، والمسلم الحق هو الذي يُذْعِنُ لأمر الله ولأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولنهي الله ولنهي رسوله - صلى الله عليه وسلم - إذعانَ رِضًا وقبول وخضوع ، والإسلام معناه الاستسلام لله تعالى ، وأن تُسلم لله وجهك وإرادتك فلا تنظر إلى الحياة إلا من خلال تعاليم الإسلام وأوامره ، فأنت قد أسلمت ، أي سلمت كل ما معك لمالكه الحق ، يأمر فيه بما شاء ، سلمت سمعك وبصرك وعقلك وفكرك ورغباتك وشهواتك ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا ) [ الإسراء : 36 ] ومن هنا فإن قضية الالتزام أو التدين ليست مِزاجاً شخصياً ولا تخضع للهوى أو موافقة ولي الأمر ، فإن كل مسلم يجب أن يكون ملتزماً بالإسلام .
ولا يقبل منك عذرك أخي الشاب بأنك شاب في مرحلة المراهقة ، أو أنك صغير والعمر أمامك طويل ، أو أن الفتن كثيرة ولا تستطيع أن تتحكم في نفسك أو تصبر عن الشهوة ، أو أنك وقعت فريسة في شراك الشيطان وحب النساء والنظر إليهن ثم ارتكاب الفواحش والمحرمات ، فليست هذه بأعذار .. لا .. لا .. بل إنك مع ذلك كله مأمور بالإسلام ..
واعلم أنك لست وحدك مأمورًا بالإسلام بل قد أمر الله - عز وجل - نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يُبلّغ أنه مأمور بالإسلام فقال : ( وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِين ) [ الأنعام : 71 ] وأمر الله - عز وجل - إبراهيم عليه السلام به فقال : ( إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِين ) [ البقرة : 131 ] .
إنَّ قضية الالتزام بالإسلام من الأهمية بمكان ، فقد وصى بها الأنبياء أبنائهم ، فقال تعالى : ( وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون ) [ البقرة : 132 ] .
كيف لا ننتمي للإسلام والله يقول : ( فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا ) [ آل عمران : 20 ] ويقول تعالى : ( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلام ) [ الأنعام ] ؟!
كيف لا ننتمي للإسلام وقد دعا الأنبياء ربهم ليكونوا من المسلمين ( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَك ) [ البقرة : 128 ] ؟!
كيف لا ننتمي للإسلام وقد رضيه الله لنا ديناً ومنهاجاً ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ) [ المائدة : 3 ] ؟!
كيف لا ننتمي للإسلام وأمامَنا مَصرعُ فرعون وهو يتمنى الانتماء للإسلام حين أدركه الغرق فقال ( لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِين ) [ يونس : 90 ] ؟!
كيف لا ننتمي للإسلام والله لا يساوي بين المسلم والكافر ( أَفَنَجْعَلُ المُسْلِمِينَ كَالمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) [ القلم : 35-36 ] ؟!
كيف لا ننتمي للإسلام ، وهو دين الكون كله ، قال تعالى : ( أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) [ آل عمران : 83 ] ؟!
أخي الحبيب : إن انتماءك للإسلام ليس كلمة تقال أو شعاراً يرفع ، ولكنه إيمان ويقين وعمل بتعاليم ذلك الدين .