هل تعتقد إنك حيادي التفكير؟ إليك 10 تحيزات معرفية تضلل تفكيرك
مع أننا نود جميعًا الاعتقاد بأننا عقلانيون ومنطقيون، لكن الحقيقة أننا نقع دومًا تحت تأثير التحيزات المعرفية ، التي تشوه تفكيرنا وتؤثر على معتقداتنا وقراراتنا والأحكام التي نتخذها يوميًّا.
تكون هذه التحيزات المعرفية واضحة أحيانًا، وقد تدرك استعدادك للميل باتجاه معين بسهولة، لكن بعضها خفي لدرجة استحالة ملاحظته. ولأن الانتباه مورد محدود ولا يمكننا تقييم كل التفاصيل والأحداث التي تشكل أفكارنا وآراءنا، يكون للتحيزات مجال واسع للتدخل في تفكيرنا والتأثير على قراراتنا. فيما يلي عدد من التحيزات المعرفية المختلفة التي تؤثر بشدة على طريقة تفكيرك وشعورك وتصرفك.
1) تحيز التأكيد confirmation bias
يتمثل في ميل الناس إلى الاستماع غالبًا إلى المعلومات التي تؤكد معتقداتهم. يتضح هذا عندما يتعلق الأمر بمسائل مثل الاحتباس الحراري وقوانين حيازة الأسلحة، فبدلاً من الاستماع إلى الرأي الآخر والنظر في جميع الحقائق بمنطقية وعقلانية، يميل الناس ببساطة إلى البحث عما يعزز ما يعتقدون أنه صحيح.
كثيرًا ما يستمع شخصان على طرفي النقيض من قضية ما إلى نفس القصة، لكن يتخذ كل منهما تفسيرًا مختلفًا يؤكد وجهة نظره الحالية، ما يدل على نجاح تحيز التأكيد في التأثير على آرائهم.
2) التحيز بأثر رجعي hindsight bias
يميل الناس إلى الظن بأن الأحداث -حتى العشوائية منها- تخضع للتوقعات أكثر مما هي عليه بالواقع. في إحدى تجارب علم النفس الكلاسيكية، طُلب من طلاب إحدى الجامعات توقع الفائز بمنصب رئيس المحكمة العليا في الولايات المتحدة، توقع 58٪ من الطلاب نجاح المرشح كلارنس توماس، لكن عند إعادة استطلاع الرأي بعد اختيار توماس فعليًّا، زعم 78٪ من الطلاب إنهم كانوا يتوقعون اختيار توماس!
هذا الميل إلى إلقاء نظرة على الأحداث والاعتقاد بأننا «كنا نعرفها منذ البداية» منتشر بدرجة مدهش، فبعد الامتحان مثلًا ينظر الطلاب غالبًا إلى الأسئلة ويقولون «بالتأكيد! كنت أعرف ذلك!» مع أن الأمر فاتهم بالفعل. كذلك ينظر المستثمرون إلى الماضي ظانين أنه كان بإمكانهم توقع أن شركات التكنولوجيا ستصبح القوى المهيمنة اليوم.
يسبب هذا التحيز عدة أسباب مجتمعة، تتضمن عدم قدرتنا على تذكر توقعاتنا السابقة بدقة، وميلنا للنظر إلى الأحداث كأنها محتومة، وميلنا إلى الاعتقاد بقدرتنا على توقع الأحداث عمومًا.
3) تحيز التثبيت anchoring bias
يتمثل في ميلنا إلى التأثر بدرجة أكبر بالمعلومات التي نسمعها أولًا، مثلًا يصبح السعر الذي طُرح أولًا في أثناء التفاوض سعرًا أساسيًّا تستند إليه جميع المفاوضات اللاحقة. وجد الباحثون أنه حتى عند اختيار المشاركين لأعداد عشوائية تمامًا، يؤثر ذلك على إجابات الناس عن أسئلة غير ذات صلة لاحقًا، مثل عدد الدول الإفريقية.
ولا يقتصر التأثير على الرواتب أو الأسعار فحسب. يتعرض الأطباء لهذا النوع من التحيزات المعرفية عند تشخيص المرضى، إذ قد يخلق الانطباع الأول عن المريض نقطة ثابتة قد تضلل أحيانًا جميع التقييمات اللاحقة. ولهذا يطلب الطبيب منك دائمًا أن تروي قصتك بأكملها، مع أن كل شيء مسجل في سجلاتك الطبية القديمة، لكنه يخشى غياب جزء مهم من المعلومات بسبب تحيز الطبيب السابق.
4) تأثير التضليل the misinformation effect
تميل ذكرياتنا حول أحداث معينة إلى التأثر بشدة بما يحدث بعد الحدث نفسه، فقد يعتقد الشخص الذي شهد حادث سيارة أو جريمة أن تذكره واضح تمامًا، لكن الباحثين وجدوا أن الذاكرة تتعرض بدرجة مدهشة لتأثيرات خفية للغاية.
في تجربة كلاسيكية أجرتها خبيرة الذاكرة إليزابيث لوفتوس، سُئل الأشخاص الذين شاهدوا شريط فيديو يتضمن حادث سيارة سؤالين مختلفين، الأول: «كم كانت سرعة السيارتين عندما اصطدمتا؟» والثاني: «كم كانت سرعة السيارتين عندما تحطمتا؟».
عندما سُئل الشهود بعد أسبوع، اكتشف الباحثون أن هذا التغيير الطفيف في طرح الأسئلة دفع المشاركين إلى تذكر أشياء لم يشاهدوها بالفعل، فعندما سُئلوا عن رؤيتهم للزجاج المكسور، أجاب بنعم أكثر من تضمن سؤالهم عبارة «تحطيم»، مع أن الزجاج لم يتحطم أصلًا!
5) تحيز المراقب الفاعل The Actor Observer Bias
تتوقف رؤيتنا للآخرين وتحليلنا لأفعالهم على عدة عوامل، منها أنها تتأثر بشدة بكوننا الفاعلين في هذا الموقف أم مجرد مراقبين. فعندما يتعلق الأمر بتصرفاتنا، ننسب غالبًا الأشياء إلى التأثيرات الخارجية، مثل أن ترجع رسوبك في الامتحان إلى أن المعلم طرح الكثير من الأسئلة المخادعة، أو إخفاقك في اجتماع مهم إلى إرهاقك بسبب رحلة جوية طويلة.
أما فيما يتعلق بتصرفات الآخرين فإننا نرجع النتائج غالبًا إلى أسباب شخصية، فمثلًا يرجع إخفاق زميلك في الاجتماع المهم إلى كونه كسول وغير كفء (وليس لإرهاقه بسبب الرحلة الجوية الطويلة كما في حالتك).
6) تأثير الإجماع الخاطئ The False-Consensus Effect
يتمثل هذا في ميل الأشخاص إلى المبالغة في تقدير مدى اتفاق الآخرين مع معتقداتهم وسلوكياتهم ومواقفهم وقيمهم، وهذا يقود الناس ليس فقط إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الجميع يتفقون معهم، بل يدفعهم أيضًا إلى المغالاة في آرائهم. يحدث تأثير الإجماع الخاطئ لعدة أسباب:
1 . عندما نعرض معتقداتنا ونتناقش حولها، فغالبًا سيكون ذلك النقاش مع أصدقائنا وأقربائنا، وهم غالبًا يحملون أفكارًا متقاربة مع أفكارنا، لذا فإن موافقتهم على إفكارنا يشعرنا خطأً أن ثمة إجماع عام على هذا الرأي.
2 . نتحمس للاعتقاد بتشابه أفكار الآخرين معنا كي يزيد شعور التقدير لذواتنا والرضا عن أنفسنا.
3 . تتصدر أفكارنا ومواقفنا ومعتقداتنا الأفكار في أذهاننا، ما يجعلنا نلاحظ على الأرجح الأفكار المماثلة عند الآخرين.
7) تأثير الهالة the halo effect
لاحظ الباحثون ميل الطلاب إلى تقييم المعلم حسن المظهر إنه أذكى وألطف من المعلم الأقل جاذبية. يُعرف هذا الميل لانطباعنا الأولي للشخص باسم تأثير الهالة. لهذا التحيز المعرفي نتائج مؤثرة جدًّا، فمثلًا قد يُنظر لمن يتسمون بالجاذبية بين المتقدمين لوظيفة ما إنهم أكفاء وأذكياء ومؤهلون للوظيفة.
لذا يُعرف هذا التحيز باسم الصورة النمطية للجاذبية الجسدية، أو مبدأ كل جميل جيد. مثل منتج تسوق له امرأة واثقة حسنة الشكل والملبس على شاشة التلفزيون، بالتأكيد ستدفعك مثل هذه الدعاية إلى الخروج وشراء المنتج أكثر مما سيفعل إعلان تقدمه امرأة متلعثمة سيئة الملبس.
8) تحيز حماية الذات self-serving bias
يتمثل هذا في ميل الناس إلى نسب نجاحهم إلى عوامل شخصية وإخفاقهم إلى أسباب خارجية، وهي آلية يستخدمها الناس لتعزيز تقديرهم لذواتهم.
فمثلًا عندما تنجح في مشروع معين، ستفترض غالبًا أن السبب في ذلك هو الجهد الذي بذلته، أما إذا أخفقت فإنك ستلقي اللوم على الظروف والحظ العاثر.
يؤدي هذا غالبًا إلى استنتاجات خاطئة وخلل في تشخيص المشاكل إذ نلقي اللوم فيما يتعلق بإخفاقاتنا على العوامل الخارجية، ونغفل عيوبنا الشخصية وأخطاءنا.
9) توفر الإرشاد The Availability Heuristic
بعد مشاهدة عدة تقارير إخبارية عن سرقة السيارات في منطقتك، ستتصور شيوع هذا النوع من الجرائم أكثر مما هي عليه فعلًا. يُعرف هذا الميل إلى تقدير احتمال حدوث شيء ما استنادًا إلى الأمثلة سريعة الحضور إلى الذهن بتحيز الإرشاد المتوفر، وهو مسار عقلي مختصر يساعدك على توفير الوقت عند التعامل مع الخطر.
لكن هذه الطريقة في التفكير قد تؤدي إلى تقديرات خاطئة وقرارات سيئة، مثل أن يقلل المدخن من شأن مخاطر التدخين لأنه لا يعرف شخصًا مات بسبب التدخين، وعلى العكس إذا كانت قريبتك أو جارتك مصابة بسرطان الثدي، ستظن أنه أكثر شيوعًا مما تثبته الإحصاءات.
10) التحيز التفاؤلي The Optimism Bias
يرتبط هذا النوع بالنوع السابق، إذ نميل غالبًا إلى التفاؤل عندما يتعلق الأمر بمصالحنا، ونبالغ في توقع الأشياء الجيدة واستبعاد الأحداث السلبية في حياتنا، ونفترض أن أحداثًا مثل الطلاق وفقدان الوظيفة والمرض والموت إنما تحدث للآخرين. قد يشجع هذا التفاؤل غير الواقعي على أفعال تتسم بالمخاطرة، مثل التدخين وتناول الطعام غير الصحي وعدم وضع حزام الأمان.
الأمر الجيد بشأن الانحياز التفاؤلي أنه يساعد على التفاؤل بشأن المستقبل، ما يمنح الناس الأمل والدافع الذي يحتاجون إليه لمتابعة حياتهم. لذلك نرى أنه في حين تضلل التحيزات المعرفية تفكيرنا وتؤدي إلى قرارات خاطئة، فهي ليست دائمًا سيئة للغاية.
خاتمة
التحيزات المعرفية التي أسلفنا ذكرها شائعة، وتؤثر على تفكيرنا وعلى قراراتنا، وأكثرها حتمي، فببساطة نحن لا نملك الوقت لتقييم كل فكرة وكل قرار، لكن فهم هذه التحيزات قد يساعدنا على فهم تأثيرها ومن ثم محاولة تجنب القرارات السيئة في حياتنا.
المصدر
مع أننا نود جميعًا الاعتقاد بأننا عقلانيون ومنطقيون، لكن الحقيقة أننا نقع دومًا تحت تأثير التحيزات المعرفية ، التي تشوه تفكيرنا وتؤثر على معتقداتنا وقراراتنا والأحكام التي نتخذها يوميًّا.
تكون هذه التحيزات المعرفية واضحة أحيانًا، وقد تدرك استعدادك للميل باتجاه معين بسهولة، لكن بعضها خفي لدرجة استحالة ملاحظته. ولأن الانتباه مورد محدود ولا يمكننا تقييم كل التفاصيل والأحداث التي تشكل أفكارنا وآراءنا، يكون للتحيزات مجال واسع للتدخل في تفكيرنا والتأثير على قراراتنا. فيما يلي عدد من التحيزات المعرفية المختلفة التي تؤثر بشدة على طريقة تفكيرك وشعورك وتصرفك.
1) تحيز التأكيد confirmation bias
يتمثل في ميل الناس إلى الاستماع غالبًا إلى المعلومات التي تؤكد معتقداتهم. يتضح هذا عندما يتعلق الأمر بمسائل مثل الاحتباس الحراري وقوانين حيازة الأسلحة، فبدلاً من الاستماع إلى الرأي الآخر والنظر في جميع الحقائق بمنطقية وعقلانية، يميل الناس ببساطة إلى البحث عما يعزز ما يعتقدون أنه صحيح.
كثيرًا ما يستمع شخصان على طرفي النقيض من قضية ما إلى نفس القصة، لكن يتخذ كل منهما تفسيرًا مختلفًا يؤكد وجهة نظره الحالية، ما يدل على نجاح تحيز التأكيد في التأثير على آرائهم.
2) التحيز بأثر رجعي hindsight bias
يميل الناس إلى الظن بأن الأحداث -حتى العشوائية منها- تخضع للتوقعات أكثر مما هي عليه بالواقع. في إحدى تجارب علم النفس الكلاسيكية، طُلب من طلاب إحدى الجامعات توقع الفائز بمنصب رئيس المحكمة العليا في الولايات المتحدة، توقع 58٪ من الطلاب نجاح المرشح كلارنس توماس، لكن عند إعادة استطلاع الرأي بعد اختيار توماس فعليًّا، زعم 78٪ من الطلاب إنهم كانوا يتوقعون اختيار توماس!
هذا الميل إلى إلقاء نظرة على الأحداث والاعتقاد بأننا «كنا نعرفها منذ البداية» منتشر بدرجة مدهش، فبعد الامتحان مثلًا ينظر الطلاب غالبًا إلى الأسئلة ويقولون «بالتأكيد! كنت أعرف ذلك!» مع أن الأمر فاتهم بالفعل. كذلك ينظر المستثمرون إلى الماضي ظانين أنه كان بإمكانهم توقع أن شركات التكنولوجيا ستصبح القوى المهيمنة اليوم.
يسبب هذا التحيز عدة أسباب مجتمعة، تتضمن عدم قدرتنا على تذكر توقعاتنا السابقة بدقة، وميلنا للنظر إلى الأحداث كأنها محتومة، وميلنا إلى الاعتقاد بقدرتنا على توقع الأحداث عمومًا.
3) تحيز التثبيت anchoring bias
يتمثل في ميلنا إلى التأثر بدرجة أكبر بالمعلومات التي نسمعها أولًا، مثلًا يصبح السعر الذي طُرح أولًا في أثناء التفاوض سعرًا أساسيًّا تستند إليه جميع المفاوضات اللاحقة. وجد الباحثون أنه حتى عند اختيار المشاركين لأعداد عشوائية تمامًا، يؤثر ذلك على إجابات الناس عن أسئلة غير ذات صلة لاحقًا، مثل عدد الدول الإفريقية.
ولا يقتصر التأثير على الرواتب أو الأسعار فحسب. يتعرض الأطباء لهذا النوع من التحيزات المعرفية عند تشخيص المرضى، إذ قد يخلق الانطباع الأول عن المريض نقطة ثابتة قد تضلل أحيانًا جميع التقييمات اللاحقة. ولهذا يطلب الطبيب منك دائمًا أن تروي قصتك بأكملها، مع أن كل شيء مسجل في سجلاتك الطبية القديمة، لكنه يخشى غياب جزء مهم من المعلومات بسبب تحيز الطبيب السابق.
4) تأثير التضليل the misinformation effect
تميل ذكرياتنا حول أحداث معينة إلى التأثر بشدة بما يحدث بعد الحدث نفسه، فقد يعتقد الشخص الذي شهد حادث سيارة أو جريمة أن تذكره واضح تمامًا، لكن الباحثين وجدوا أن الذاكرة تتعرض بدرجة مدهشة لتأثيرات خفية للغاية.
في تجربة كلاسيكية أجرتها خبيرة الذاكرة إليزابيث لوفتوس، سُئل الأشخاص الذين شاهدوا شريط فيديو يتضمن حادث سيارة سؤالين مختلفين، الأول: «كم كانت سرعة السيارتين عندما اصطدمتا؟» والثاني: «كم كانت سرعة السيارتين عندما تحطمتا؟».
عندما سُئل الشهود بعد أسبوع، اكتشف الباحثون أن هذا التغيير الطفيف في طرح الأسئلة دفع المشاركين إلى تذكر أشياء لم يشاهدوها بالفعل، فعندما سُئلوا عن رؤيتهم للزجاج المكسور، أجاب بنعم أكثر من تضمن سؤالهم عبارة «تحطيم»، مع أن الزجاج لم يتحطم أصلًا!
5) تحيز المراقب الفاعل The Actor Observer Bias
تتوقف رؤيتنا للآخرين وتحليلنا لأفعالهم على عدة عوامل، منها أنها تتأثر بشدة بكوننا الفاعلين في هذا الموقف أم مجرد مراقبين. فعندما يتعلق الأمر بتصرفاتنا، ننسب غالبًا الأشياء إلى التأثيرات الخارجية، مثل أن ترجع رسوبك في الامتحان إلى أن المعلم طرح الكثير من الأسئلة المخادعة، أو إخفاقك في اجتماع مهم إلى إرهاقك بسبب رحلة جوية طويلة.
أما فيما يتعلق بتصرفات الآخرين فإننا نرجع النتائج غالبًا إلى أسباب شخصية، فمثلًا يرجع إخفاق زميلك في الاجتماع المهم إلى كونه كسول وغير كفء (وليس لإرهاقه بسبب الرحلة الجوية الطويلة كما في حالتك).
6) تأثير الإجماع الخاطئ The False-Consensus Effect
يتمثل هذا في ميل الأشخاص إلى المبالغة في تقدير مدى اتفاق الآخرين مع معتقداتهم وسلوكياتهم ومواقفهم وقيمهم، وهذا يقود الناس ليس فقط إلى الاعتقاد الخاطئ بأن الجميع يتفقون معهم، بل يدفعهم أيضًا إلى المغالاة في آرائهم. يحدث تأثير الإجماع الخاطئ لعدة أسباب:
1 . عندما نعرض معتقداتنا ونتناقش حولها، فغالبًا سيكون ذلك النقاش مع أصدقائنا وأقربائنا، وهم غالبًا يحملون أفكارًا متقاربة مع أفكارنا، لذا فإن موافقتهم على إفكارنا يشعرنا خطأً أن ثمة إجماع عام على هذا الرأي.
2 . نتحمس للاعتقاد بتشابه أفكار الآخرين معنا كي يزيد شعور التقدير لذواتنا والرضا عن أنفسنا.
3 . تتصدر أفكارنا ومواقفنا ومعتقداتنا الأفكار في أذهاننا، ما يجعلنا نلاحظ على الأرجح الأفكار المماثلة عند الآخرين.
7) تأثير الهالة the halo effect
لاحظ الباحثون ميل الطلاب إلى تقييم المعلم حسن المظهر إنه أذكى وألطف من المعلم الأقل جاذبية. يُعرف هذا الميل لانطباعنا الأولي للشخص باسم تأثير الهالة. لهذا التحيز المعرفي نتائج مؤثرة جدًّا، فمثلًا قد يُنظر لمن يتسمون بالجاذبية بين المتقدمين لوظيفة ما إنهم أكفاء وأذكياء ومؤهلون للوظيفة.
لذا يُعرف هذا التحيز باسم الصورة النمطية للجاذبية الجسدية، أو مبدأ كل جميل جيد. مثل منتج تسوق له امرأة واثقة حسنة الشكل والملبس على شاشة التلفزيون، بالتأكيد ستدفعك مثل هذه الدعاية إلى الخروج وشراء المنتج أكثر مما سيفعل إعلان تقدمه امرأة متلعثمة سيئة الملبس.
8) تحيز حماية الذات self-serving bias
يتمثل هذا في ميل الناس إلى نسب نجاحهم إلى عوامل شخصية وإخفاقهم إلى أسباب خارجية، وهي آلية يستخدمها الناس لتعزيز تقديرهم لذواتهم.
فمثلًا عندما تنجح في مشروع معين، ستفترض غالبًا أن السبب في ذلك هو الجهد الذي بذلته، أما إذا أخفقت فإنك ستلقي اللوم على الظروف والحظ العاثر.
يؤدي هذا غالبًا إلى استنتاجات خاطئة وخلل في تشخيص المشاكل إذ نلقي اللوم فيما يتعلق بإخفاقاتنا على العوامل الخارجية، ونغفل عيوبنا الشخصية وأخطاءنا.
9) توفر الإرشاد The Availability Heuristic
بعد مشاهدة عدة تقارير إخبارية عن سرقة السيارات في منطقتك، ستتصور شيوع هذا النوع من الجرائم أكثر مما هي عليه فعلًا. يُعرف هذا الميل إلى تقدير احتمال حدوث شيء ما استنادًا إلى الأمثلة سريعة الحضور إلى الذهن بتحيز الإرشاد المتوفر، وهو مسار عقلي مختصر يساعدك على توفير الوقت عند التعامل مع الخطر.
لكن هذه الطريقة في التفكير قد تؤدي إلى تقديرات خاطئة وقرارات سيئة، مثل أن يقلل المدخن من شأن مخاطر التدخين لأنه لا يعرف شخصًا مات بسبب التدخين، وعلى العكس إذا كانت قريبتك أو جارتك مصابة بسرطان الثدي، ستظن أنه أكثر شيوعًا مما تثبته الإحصاءات.
10) التحيز التفاؤلي The Optimism Bias
يرتبط هذا النوع بالنوع السابق، إذ نميل غالبًا إلى التفاؤل عندما يتعلق الأمر بمصالحنا، ونبالغ في توقع الأشياء الجيدة واستبعاد الأحداث السلبية في حياتنا، ونفترض أن أحداثًا مثل الطلاق وفقدان الوظيفة والمرض والموت إنما تحدث للآخرين. قد يشجع هذا التفاؤل غير الواقعي على أفعال تتسم بالمخاطرة، مثل التدخين وتناول الطعام غير الصحي وعدم وضع حزام الأمان.
الأمر الجيد بشأن الانحياز التفاؤلي أنه يساعد على التفاؤل بشأن المستقبل، ما يمنح الناس الأمل والدافع الذي يحتاجون إليه لمتابعة حياتهم. لذلك نرى أنه في حين تضلل التحيزات المعرفية تفكيرنا وتؤدي إلى قرارات خاطئة، فهي ليست دائمًا سيئة للغاية.
خاتمة
التحيزات المعرفية التي أسلفنا ذكرها شائعة، وتؤثر على تفكيرنا وعلى قراراتنا، وأكثرها حتمي، فببساطة نحن لا نملك الوقت لتقييم كل فكرة وكل قرار، لكن فهم هذه التحيزات قد يساعدنا على فهم تأثيرها ومن ثم محاولة تجنب القرارات السيئة في حياتنا.
المصدر