لماذا نعشق الشوكولاتة ؟
لماذا نحب الشوكولاتة. أنا الطبيبة سوزان ألبيرز ولقد استشرت بروفيسورة بعلم النفس وعلم الأعصاب، الطبيبة أيمي جو ستافينزر وذلك لمساعدتنا على الإجابة عن هذا السؤال.
د. ألبيرز: على نطاق بيولوجي، لماذا نرغب بالشوكولاتة؟
البروفيسورة ستافينزر: نحن نعشق الشوكولاتة لأنها جيدة! فطعمها لذيذ، ورائحتها زكية، وتمنحنا شعورًا رائعًا عندما تذوب على لساننا.
كل هذه المشاعر تتشكل نتيجة إفراز دماغنا لمواد كيميائية عند أكل الشوكولاتة، إذ تفرز نواقل عصبية مسببة للشعور الإيجابي (بشكل رئيس الدوبامين) في مناطق معينة من الدماغ (الفص الجبهي frontal lobe والحصين hippocampus وتحت المهاد hypothalamus).
يطلق الدوبامين عند القيام بأمور ممتعة، كممارسة الجنس أو الضحك أو مشاهدة الرياضي المفضل لديك يحرز ميدالية ذهبية بالأولمبياد. ترتبط حلقة المكافآت هذه جزئيًا بالمورثات، لكنها تتعلم وتتغير وتستجيب لاختياراتك المفضلة اعتمادًا على تجاربك في الحياة.
تفرّد مرونة الدماغ كلًا منا عن غيره، في الواقع، يُفترض وجود أشخاص في عالمنا لا يحبون الشوكولاتة. ببساطة عبر استخدام نظام ناقل عصبي واحد لربط المكافآت بالأفعال، تطورت شبكة دماغية فعالة قوية تكرر النتيجة الإيجابية.
تكوّن إشارة الدوبامين المُرسلة عبر حلقة المكافآت مشاعر إيجابية وتقيّم الوضع في الفص الجبهي (خلف العين مباشرة)، وتخلق ذكرى للتجربة بما تحتويه من أشخاص وأماكن وأسباب، وتربط كل ذلك بالتجارب الإيجابية عبر الحصين (حوالي إنش داخل كل أذن). أما بالنسبة للطعام، يجمع تحت المهاد (عدة إنشات فوق سقف الفم) معلومات حول المحتوى الغذائي للطعام وسعراته الحرارية من أجل حالات الجوع والشبع في المستقبل.
كان يُعتقد أن للشوكولاتة تأثير مشابه للسجائر والكوكايين على الجسم، إذ اعتقد أنها تحتوي على مركبات تفعل نظام الدوبامين مباشرةً.
تحتوي الشوكولاتة على الثيوبرومين الذي يمكنه أن يزيد من معدل ضربات القلب مولدًا مشاعر اليقظة، وعلى الكافيين الذي يمكن له أن ينبهنا ويرفع مستوى تركيزنا وقدرتنا على العمل، وعلى السكر والدهون التي تعدّ مصادر طاقة مهمة للإنسان كونها غنية بالسعرات الحرارية.
من ناحية أخرى، تشير التجارب -التي فُصلت فيها مكونات الشكوكولاتة عن بعضها- إلى أن مجرد تناول المواد الكيميائية في الشوكولاتة دون الشعور بطعمها في الفم لا يقلل من عشقنا ورغبتنا بها.
د. ألبيرز: أخبرينا عن بحث مثير للاهتمام يتعلق بالشوكولاتة.
البروفيسورة ستافينزر: يُعتبر د. بول روزن من جامعة بنسلفانيا الرائد في مجال اختيار الطعام ومؤلف دراسة أُجريت عام 1994 وقد أشرت إليها سابقًا.
أراد روزون أن يكتشف أي جزء من الشوكولاتة يمكن له أن يخمد ويخفف توقنا لها. أعطى الباحثون محبي الشوكولاتة لوح شوكولاتة هيرشي (كل مكونات الشوكولاتة: الشعور بها بالفم والدهون والسكر ومركب الكاكاو)، وكبسولات مليئة ببودرة كاكاو لوح هيرشي مساوية لما يوجد باللوح (فقط المركب)، وشوكولاتة بيضاء (نفس زبدة الكاكاو المحلّى الموجودة باللوح لكن دون مركبات) ولوح شوكولاتة أبيض مع كبسولات مسحوق الكاكاو (كل مكونات الشوكولاتة لكن بشكل منفصل) وطُلب منهم ان يأكلوها في أوقات مختلفة بترتيب معين. ثم قيّم المشاركون التناقص في رغبتهم بالشوكولاتة بعد ٩٠ دقيقة (وهو الوقت اللازم ليتفعل الثيوبرومين والكافيين).
أدى تناول لوح هيرشي لتناقص الرغبة بتناول الشوكولاتة بمقدار ٦١٪ (أكبر انخفاض)، والشوكولاتة البيضاء وحدها ٤٢٪، وكبسولات الكاكاو وحدها ١٦٪، ما يشير بوضوح إلى أن الانخفاض بالرغبة يعود إلى تناول كافة مكونات الشوكولاتة مع بعضها، لا فقط بسبب الآثار البيولوجية للمركبات الكيميائية.
حتى الآن ما يزال السبب الكامن وراء كون الشوكولاتة مغرية بشدة أمرًا مجهولًا؛ إذ يحوي الكاكاو مئات من المواد الكيميائية المختلفة والمركبات التي تزيد عشقنا للشوكولاتة.
أعلنت مجموعة من المؤلفين الأستراليين عام 2006 أن الشوكولاتة هي التجربة المثالية المثيرة للحواس والقادرة على إغراء ذوقنا بالأطعمة.
د. ألبيرز: كيف تحفز الشوكولاتة الجسم على إفراز الدوبامين؟
البروفيسورة ستافينزر: للإجابة على هذا السؤال يجب علينا تذكر ما يفعله الدوبامين.
يساعدنا الدوبامين على تذكر التجارب الإيجابية التي من شأنها أن تزيد فرص بقائنا، إضافةً لشيء آخر، بمجرد أننا تعلمنا وجود ارتباط إيجابي مع الشوكولاتة، يشعِرنا الدوبامين بالترقب حين نسير بجانب خزانة الحلوى، أو عندما نشم رائحة الشوكولاتة، أو أحيانًا حتى عندما نتخيلها، وهكذا تتولد رغبتنا الشديدة بها.
إذا أكلت الشوكولاتة واستمتعت بها، ففي كل مرة تأكلها ستقوي استجابة الدوبامين والنمط السلوكي الضروري لاستعادة هذا الشعور مجدداً. قد لا تتذكر أول مرة أحببت بها الشوكولاتة، لكن دماغك يتذكر، وذلك بفضل الحصين. وغالباً أنت لم تضطر لتعلُّم حب الشوكولاتة؛ إذ تستمتع بالتجربة الحسية على مستوى بيولوجي غريزي، لكن يرجَح أنك حصلت على الشوكولاتة مكافأة لك أو أثناء قضائك للعطلة.
خلال مسيرة حياتنا تعلّمنا أن الشوكولاتة شيء إيجابي، وساعد على ذلك الإعلام والأصدقاء والعائلة.في كثير من الثقافات يرتبط شهر شباط شهر الحب بالشوكولاتة، فنتلقى رسالة واضحة وخصوصًا من النساء بأن الشوكولاتة ترمز للحب، والآن بما أن نظام الدوبامين لا يُضبط على الحذر من خطر ما (كما لو تناول الشخص التوت السام مثلا ونجا منه)، فيمكنه تحويل هذه الرسائل والتجارب المرافقة لتناول الشوكولاتة إلى ذكريات يُحتمل أنها ستعزز بقاءنا على قيد الحياة.
من منظور تطوري، يقود الحب إلى ممارسة الجنس، وهذا بدوره يؤدي إلى إنجاب الأولاد وبهذه العملية تنتقل معلوماتنا الوراثية عبر الأجيال، ما يؤدي في النهاية إلى استمرارية الجنس البشري.
د. ألبيرز: ما هي علاقة عواطفنا برغبتنا الشديدة بالشوكولاتة؟
البروفيسورة ستافينزر: من السهل إلقاء اللوم على الشراهة وتوقنا للشوكولاتة والانهيارات العاطفية. لكن الأمر ليس بهذه البساطة؛ فالمشاعر جزء واحد مما يفعله الدماغ في أي وقت كان.
توجد في أدمغتنا أماكن مرتبطة تُدعى بالجهاز التنفيذي المركزي (غالبًا الفص الجبهي)، تراقب هذه المناطق وتستجيب باستمرار للتجارب التي نتعرض لها سواء داخلية أم خارجية.
لكن مثلما تتعرض العضلات للتعب، قد يكون للجهاز التنفيذي المركزي الكثير من الأمور ليتعامل معها من وقت لآخر، ما يسبب بعض الفشل.
بعبارة أخرى، لا يشبه هذا الأمر تعدد المهام (وهو بالمناسبة أمر لا نبرع به)، إذ يستطيع الدماغ التعاطي مع قدر معين من المعلومات من أجل الاستخدام الفوري. يتعامل الجهاز التنفيذي المركزي مع المعلومات المكانية والمعلومات اللغوية (المقروءة والمسموعة والمنطوقة) مركبًا كل هذه التجارب مع ذكرياتنا الموجودة مسبقًا.
وجد الباحثون أن إجهاد هذا النظام المعرفي -عن طريق طلبهم من الأشخاص تذكر الكثير من الأرقام في وقت واحد على سبيل المثال- سيؤدي إلى اختيارهم لأطعمة غنية بالسعرات الحرارية بشكل متهور.
يحدث هذا لسببين، السبب الأول: يستهلك دماغنا كميات كبيرة من الغلوكوز (السكر)، فعندما يُفرط بالعمل سيحتاج إلى المزيد من الطاقة. السبب الثاني: عندما يكون الجهاز التنفيذي المركزي منهكًا بالعمل والمعلومات، فلن يتمكن من تخصيص مساحة للتفكير بشأن اختياراتنا الغذائية. وللعلم، فإن العكس صحيح أيضاً، ففي حال إجهاد نظامنا العاطفي بالصور الرسومية أو الحكايات العاطفية، فسيكون أداؤنا ضعيفًا في المهام المعرفية.
د. ألبيرز: ماذا علينا أن نتصرف بشأن هذه الرغبة الشديدة؟
بروفيسورة ستافينزر: افعل كما اقترحت الطبيبة ألبيرز عدة مرات، اتخذ قراراتك المتعلقة بالطعام عندما يكون ذهنك صافيًا قدر الإمكان، واسترخ عدة دقائق لإزالة الضغط الناجم عمّا كنت تفعله أو تفكر به قبل اختيار وجبتك، أو استسلم لرغبتك.
بالطبع لن يؤدي هذا إلى إزالة رغبتك بالكامل، لكنه سيؤدي إلى تراجع الأمور الأقل أهمية التي تشغل مساحة ذهنية لديك، ما يترك مساحة أكبر لقرار أكثر تركيزًا فيما يخص الطعام.
إذا اخترت الشوكولاتة، فإن قضاء الوقت بتناولها سيعزز من تجربتك الإيجابية لأن كل تركيزك سيكون منصبًا عليها، إضافةً لقدرتك على أن تطيل المدة التي تختبر فيها شعور المتعة. وبنفس الوقت فإن تخليص نفسك من هذه الرغبة الشديدة بالشوكولاتة عن طريق اختيار طعام آخر أو التأمل أو ممارسة الرياضة سيقوم أيضاً بنفس المهمة؛ وذلك لأن كيمياء دماغنا تتغير باستمرار.
إذا استطعت تلبية احتياجاتك الغذائية عبر تناولك تفاحة، وشربت بعدها كأسًا من العصير، يرجَّح إفراز بعض المواد الكيميائية التي تعزز شعورك الإيجابي من دماغك. وإن تمكنت من إمضاء 10 دقائق في نزهة سريعة، فستحدث العديد من التغيرات الكيميائية في دماغك، وكلها ستؤدي إلى مشاعر إيجابية ومرضية للغاية، وكل هذا دون تناولك للطعام.
هل سيغير أي من هذا رغبتنا الشديدة بالشوكولاتة؟
على الأرجح لا. في النهاية، ربما نحن نعشق الشوكولاتة لأن لينيوس كان محقاً للغاية عندما أطلق على شجرة الكاكاو اسم (طعام الآلهة).
المصدر
لماذا نحب الشوكولاتة. أنا الطبيبة سوزان ألبيرز ولقد استشرت بروفيسورة بعلم النفس وعلم الأعصاب، الطبيبة أيمي جو ستافينزر وذلك لمساعدتنا على الإجابة عن هذا السؤال.
د. ألبيرز: على نطاق بيولوجي، لماذا نرغب بالشوكولاتة؟
البروفيسورة ستافينزر: نحن نعشق الشوكولاتة لأنها جيدة! فطعمها لذيذ، ورائحتها زكية، وتمنحنا شعورًا رائعًا عندما تذوب على لساننا.
كل هذه المشاعر تتشكل نتيجة إفراز دماغنا لمواد كيميائية عند أكل الشوكولاتة، إذ تفرز نواقل عصبية مسببة للشعور الإيجابي (بشكل رئيس الدوبامين) في مناطق معينة من الدماغ (الفص الجبهي frontal lobe والحصين hippocampus وتحت المهاد hypothalamus).
يطلق الدوبامين عند القيام بأمور ممتعة، كممارسة الجنس أو الضحك أو مشاهدة الرياضي المفضل لديك يحرز ميدالية ذهبية بالأولمبياد. ترتبط حلقة المكافآت هذه جزئيًا بالمورثات، لكنها تتعلم وتتغير وتستجيب لاختياراتك المفضلة اعتمادًا على تجاربك في الحياة.
تفرّد مرونة الدماغ كلًا منا عن غيره، في الواقع، يُفترض وجود أشخاص في عالمنا لا يحبون الشوكولاتة. ببساطة عبر استخدام نظام ناقل عصبي واحد لربط المكافآت بالأفعال، تطورت شبكة دماغية فعالة قوية تكرر النتيجة الإيجابية.
تكوّن إشارة الدوبامين المُرسلة عبر حلقة المكافآت مشاعر إيجابية وتقيّم الوضع في الفص الجبهي (خلف العين مباشرة)، وتخلق ذكرى للتجربة بما تحتويه من أشخاص وأماكن وأسباب، وتربط كل ذلك بالتجارب الإيجابية عبر الحصين (حوالي إنش داخل كل أذن). أما بالنسبة للطعام، يجمع تحت المهاد (عدة إنشات فوق سقف الفم) معلومات حول المحتوى الغذائي للطعام وسعراته الحرارية من أجل حالات الجوع والشبع في المستقبل.
كان يُعتقد أن للشوكولاتة تأثير مشابه للسجائر والكوكايين على الجسم، إذ اعتقد أنها تحتوي على مركبات تفعل نظام الدوبامين مباشرةً.
تحتوي الشوكولاتة على الثيوبرومين الذي يمكنه أن يزيد من معدل ضربات القلب مولدًا مشاعر اليقظة، وعلى الكافيين الذي يمكن له أن ينبهنا ويرفع مستوى تركيزنا وقدرتنا على العمل، وعلى السكر والدهون التي تعدّ مصادر طاقة مهمة للإنسان كونها غنية بالسعرات الحرارية.
من ناحية أخرى، تشير التجارب -التي فُصلت فيها مكونات الشكوكولاتة عن بعضها- إلى أن مجرد تناول المواد الكيميائية في الشوكولاتة دون الشعور بطعمها في الفم لا يقلل من عشقنا ورغبتنا بها.
د. ألبيرز: أخبرينا عن بحث مثير للاهتمام يتعلق بالشوكولاتة.
البروفيسورة ستافينزر: يُعتبر د. بول روزن من جامعة بنسلفانيا الرائد في مجال اختيار الطعام ومؤلف دراسة أُجريت عام 1994 وقد أشرت إليها سابقًا.
أراد روزون أن يكتشف أي جزء من الشوكولاتة يمكن له أن يخمد ويخفف توقنا لها. أعطى الباحثون محبي الشوكولاتة لوح شوكولاتة هيرشي (كل مكونات الشوكولاتة: الشعور بها بالفم والدهون والسكر ومركب الكاكاو)، وكبسولات مليئة ببودرة كاكاو لوح هيرشي مساوية لما يوجد باللوح (فقط المركب)، وشوكولاتة بيضاء (نفس زبدة الكاكاو المحلّى الموجودة باللوح لكن دون مركبات) ولوح شوكولاتة أبيض مع كبسولات مسحوق الكاكاو (كل مكونات الشوكولاتة لكن بشكل منفصل) وطُلب منهم ان يأكلوها في أوقات مختلفة بترتيب معين. ثم قيّم المشاركون التناقص في رغبتهم بالشوكولاتة بعد ٩٠ دقيقة (وهو الوقت اللازم ليتفعل الثيوبرومين والكافيين).
أدى تناول لوح هيرشي لتناقص الرغبة بتناول الشوكولاتة بمقدار ٦١٪ (أكبر انخفاض)، والشوكولاتة البيضاء وحدها ٤٢٪، وكبسولات الكاكاو وحدها ١٦٪، ما يشير بوضوح إلى أن الانخفاض بالرغبة يعود إلى تناول كافة مكونات الشوكولاتة مع بعضها، لا فقط بسبب الآثار البيولوجية للمركبات الكيميائية.
حتى الآن ما يزال السبب الكامن وراء كون الشوكولاتة مغرية بشدة أمرًا مجهولًا؛ إذ يحوي الكاكاو مئات من المواد الكيميائية المختلفة والمركبات التي تزيد عشقنا للشوكولاتة.
أعلنت مجموعة من المؤلفين الأستراليين عام 2006 أن الشوكولاتة هي التجربة المثالية المثيرة للحواس والقادرة على إغراء ذوقنا بالأطعمة.
د. ألبيرز: كيف تحفز الشوكولاتة الجسم على إفراز الدوبامين؟
البروفيسورة ستافينزر: للإجابة على هذا السؤال يجب علينا تذكر ما يفعله الدوبامين.
يساعدنا الدوبامين على تذكر التجارب الإيجابية التي من شأنها أن تزيد فرص بقائنا، إضافةً لشيء آخر، بمجرد أننا تعلمنا وجود ارتباط إيجابي مع الشوكولاتة، يشعِرنا الدوبامين بالترقب حين نسير بجانب خزانة الحلوى، أو عندما نشم رائحة الشوكولاتة، أو أحيانًا حتى عندما نتخيلها، وهكذا تتولد رغبتنا الشديدة بها.
إذا أكلت الشوكولاتة واستمتعت بها، ففي كل مرة تأكلها ستقوي استجابة الدوبامين والنمط السلوكي الضروري لاستعادة هذا الشعور مجدداً. قد لا تتذكر أول مرة أحببت بها الشوكولاتة، لكن دماغك يتذكر، وذلك بفضل الحصين. وغالباً أنت لم تضطر لتعلُّم حب الشوكولاتة؛ إذ تستمتع بالتجربة الحسية على مستوى بيولوجي غريزي، لكن يرجَح أنك حصلت على الشوكولاتة مكافأة لك أو أثناء قضائك للعطلة.
خلال مسيرة حياتنا تعلّمنا أن الشوكولاتة شيء إيجابي، وساعد على ذلك الإعلام والأصدقاء والعائلة.في كثير من الثقافات يرتبط شهر شباط شهر الحب بالشوكولاتة، فنتلقى رسالة واضحة وخصوصًا من النساء بأن الشوكولاتة ترمز للحب، والآن بما أن نظام الدوبامين لا يُضبط على الحذر من خطر ما (كما لو تناول الشخص التوت السام مثلا ونجا منه)، فيمكنه تحويل هذه الرسائل والتجارب المرافقة لتناول الشوكولاتة إلى ذكريات يُحتمل أنها ستعزز بقاءنا على قيد الحياة.
من منظور تطوري، يقود الحب إلى ممارسة الجنس، وهذا بدوره يؤدي إلى إنجاب الأولاد وبهذه العملية تنتقل معلوماتنا الوراثية عبر الأجيال، ما يؤدي في النهاية إلى استمرارية الجنس البشري.
د. ألبيرز: ما هي علاقة عواطفنا برغبتنا الشديدة بالشوكولاتة؟
البروفيسورة ستافينزر: من السهل إلقاء اللوم على الشراهة وتوقنا للشوكولاتة والانهيارات العاطفية. لكن الأمر ليس بهذه البساطة؛ فالمشاعر جزء واحد مما يفعله الدماغ في أي وقت كان.
توجد في أدمغتنا أماكن مرتبطة تُدعى بالجهاز التنفيذي المركزي (غالبًا الفص الجبهي)، تراقب هذه المناطق وتستجيب باستمرار للتجارب التي نتعرض لها سواء داخلية أم خارجية.
لكن مثلما تتعرض العضلات للتعب، قد يكون للجهاز التنفيذي المركزي الكثير من الأمور ليتعامل معها من وقت لآخر، ما يسبب بعض الفشل.
بعبارة أخرى، لا يشبه هذا الأمر تعدد المهام (وهو بالمناسبة أمر لا نبرع به)، إذ يستطيع الدماغ التعاطي مع قدر معين من المعلومات من أجل الاستخدام الفوري. يتعامل الجهاز التنفيذي المركزي مع المعلومات المكانية والمعلومات اللغوية (المقروءة والمسموعة والمنطوقة) مركبًا كل هذه التجارب مع ذكرياتنا الموجودة مسبقًا.
وجد الباحثون أن إجهاد هذا النظام المعرفي -عن طريق طلبهم من الأشخاص تذكر الكثير من الأرقام في وقت واحد على سبيل المثال- سيؤدي إلى اختيارهم لأطعمة غنية بالسعرات الحرارية بشكل متهور.
يحدث هذا لسببين، السبب الأول: يستهلك دماغنا كميات كبيرة من الغلوكوز (السكر)، فعندما يُفرط بالعمل سيحتاج إلى المزيد من الطاقة. السبب الثاني: عندما يكون الجهاز التنفيذي المركزي منهكًا بالعمل والمعلومات، فلن يتمكن من تخصيص مساحة للتفكير بشأن اختياراتنا الغذائية. وللعلم، فإن العكس صحيح أيضاً، ففي حال إجهاد نظامنا العاطفي بالصور الرسومية أو الحكايات العاطفية، فسيكون أداؤنا ضعيفًا في المهام المعرفية.
د. ألبيرز: ماذا علينا أن نتصرف بشأن هذه الرغبة الشديدة؟
بروفيسورة ستافينزر: افعل كما اقترحت الطبيبة ألبيرز عدة مرات، اتخذ قراراتك المتعلقة بالطعام عندما يكون ذهنك صافيًا قدر الإمكان، واسترخ عدة دقائق لإزالة الضغط الناجم عمّا كنت تفعله أو تفكر به قبل اختيار وجبتك، أو استسلم لرغبتك.
بالطبع لن يؤدي هذا إلى إزالة رغبتك بالكامل، لكنه سيؤدي إلى تراجع الأمور الأقل أهمية التي تشغل مساحة ذهنية لديك، ما يترك مساحة أكبر لقرار أكثر تركيزًا فيما يخص الطعام.
إذا اخترت الشوكولاتة، فإن قضاء الوقت بتناولها سيعزز من تجربتك الإيجابية لأن كل تركيزك سيكون منصبًا عليها، إضافةً لقدرتك على أن تطيل المدة التي تختبر فيها شعور المتعة. وبنفس الوقت فإن تخليص نفسك من هذه الرغبة الشديدة بالشوكولاتة عن طريق اختيار طعام آخر أو التأمل أو ممارسة الرياضة سيقوم أيضاً بنفس المهمة؛ وذلك لأن كيمياء دماغنا تتغير باستمرار.
إذا استطعت تلبية احتياجاتك الغذائية عبر تناولك تفاحة، وشربت بعدها كأسًا من العصير، يرجَّح إفراز بعض المواد الكيميائية التي تعزز شعورك الإيجابي من دماغك. وإن تمكنت من إمضاء 10 دقائق في نزهة سريعة، فستحدث العديد من التغيرات الكيميائية في دماغك، وكلها ستؤدي إلى مشاعر إيجابية ومرضية للغاية، وكل هذا دون تناولك للطعام.
هل سيغير أي من هذا رغبتنا الشديدة بالشوكولاتة؟
على الأرجح لا. في النهاية، ربما نحن نعشق الشوكولاتة لأن لينيوس كان محقاً للغاية عندما أطلق على شجرة الكاكاو اسم (طعام الآلهة).
المصدر