انقسام افريقيا مجرد بداية لتغيرات أرضية هائلة
سوف تبدو الأرض بشكل مختلف جدًا في المستقبل.
مقارنة بمعرفتنا للعوالم الصخرية الأخرى في نظامنا الشمسي، فإن كوكبنا هو عالم ديناميكي بشكل لا يصدق. الماء في حالاته المختلفة يغير في شكل اليابسة، فيتسبب بتآكل أجزاء منها بينما يساعد على بناء مناطق أخرى.
كما يقوم الوشاح الأرضي (طبقة الصخور المنصهرة أسفل القشرة الأرضية) بطحن الصخور ومن ثم إعادتها للسطح مرة أخرى. هذه التغييرات التي تنتجها العمليات الجيولوجية والجوية هي عمليات تدريجية وبطيئة جدًا، فمن السهل أن نظن أن كوكبنا سيبدو هكذا دائمًا.
على الرغم من ذلك، توجد تلميحات حول شكل الأرض في المستقبل، فقط إذا عرفنا أين نبحث.
على الرغم من مدى صلابة الأرض التي نشعر بها تحت أقدامنا، إلا أن معظم الأراضي الجافة في كوكبنا تتكون من صفائح من الصخور والمعادن طافية تدور حول طبقة لزجة من الصخور المنصهرة.
بسبب بطء هذه الحركة، لم يدرك أحد حتى أنها كانت تحدث، حتى ذكر عالم جيوفيزيائي يدعى ألفريد فيجنر في عام 1912 أن هذا يمكن أن يفسر سبب توزع الحفريات والتشكيلات الصخرية المتماثلة عبر أركان العالم الأربعة.
رأينا منذ ذلك الحين علامات تشرح كيف ستواصل هذه القوة الهائلة تشكيل قاراتنا.
إفريقيا تنقسم إلى قسمين
ومثلما انفصلت أفريقيا عن أمريكا الجنوبية قبل ملايين السنين، فإن أفريقيا نفسها تنقسم الآن إلى قسمين.
يظهر المشهد بشكل واضح على هيئة صدع عملاق في جنوب غرب كينيا قاطعًا أحد الطرق السريعة الرئيسية دالّا على الانقسام الذي ستشهده القارة.
إنه مؤشر صغير على التحرك فقط بضعة سنتيمترات كل عام. هي صغيرة ولكنها توحي بأنه خلال 10 ملايين عام ستعزل صفيحة شرق أفريقيا الصومالية عبر المحيط، وخلال 50 مليون سنة ستُدفع أفريقيا إلى أوروبا.
منذ ما يقرب من 300 إلى 180 مليون سنة، كانت كل الصفائح القارية تجتمع سويًا فيما كان يسمى بانجيا.
التوقعات الحالية ترى أن كل القارات سوف تجتمع مرة أخرى في حوالي 250 مليون سنة.
يمكن أن يتغير المد والجزر بشكل كبير
هذه الدورة من الانقطاعات وإعادة التشكل لها تأثير مهم على تأثير الشمس والقمر على المحيطات.
التدفقات الشهرية للمد والجزر التي تعودنا على رؤيتها لا يمكن أن تحدث إلا عندما توجد أحواض كبيرة من المياه.
تشير نماذج الكمبيوتر إلى أنه خلال الـ 250 مليون سنة الماضية ربما كان المد والجزر ضعيفًا. وفقط شهدنا خلال المليونين سنة الماضية عمليات غسيل لكوكبنا بسبب حالة المد والجزر القوية.
ما يعني أنه مع استمرار القارات في التحول قد تتغير هذه الأحواض المائية من جديد ضمن المئة مليون سنة القادمة، وتتدخل مرة أخرى في أنشطة المد والجزر.
تتجه أستراليا نحو الشمال بسرعة أكبر من أن يواكبها نظام تحديد المواقع العالمي
في إطار زمني أصغر بكثير، يمكن لحركة توزيع مياه كوكبنا أن يكون لها تأثير غريب على حركة قاراتنا.
تغيرات موسمية على هذه الخريطة المائية تُحدث اختلافًا طفيفًا في كيفية تحرك الصفائح التكتونية، فهي حرفيًا تقوم بتدويرها. تهتز أستراليا ذهابًا وإيابًا بالملليمترات خلال حركتها شمالًا.
في حين أن هذا التمايل تافه على المقاييس الكبيرة، إلا أنه يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا عندما يتم حساب القياسات الدقيقة.
لننسى الآن ملايين السنين في المستقبل ونركز في غضون بضع سنوات فقط، قد تتغير تقديرات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) كثيرًا.
في عالم نعتمد فيه بشكل متزايد على تكنولوجيا الخرائط، قد يكون هذا التغيير الطفيف على سطح كوكبنا مشكلة خطيرة.
الجليد يتحول لمحيط، محيط ثقيل جدًا
يحدث تحول إضافي آخر في موقع القشرة الأرضية بسبب التغيرات في توزيع المياه من جليد إلى مياه المحيط السائلة.
في العام الماضي، أورد علماء من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في كاليفورنيا عن موجة تتكون من 6.68 مليار طن من المياه المتجمدة في طريقها إلى أسفل النهر الجليدي في غرينلاند في عام 2012.
هذا التسونامي البطيء جدًا شوّه القشرة الأرضية بمروره، مما يدل على أثر كل تلك المياه على شكل كوكبنا.
تلك الموجة صغيرة جدًا بالمقارنة مع الضغط في قاع المحيط، نحن بالكاد بدأنا بفهم كيف سيؤدي ارتفاع منسوب مياه البحر لضغوط إضافية على القشرة الأرضية، مما يؤدي لتغيير شكلها على مقياس أكبر بكثير.
توجد آثار واضحة ناتجة عن حركة الأنهار الجليدية في العصر الجليدي الكبير الأخير، وبينما تستمر الآن الأنهار الجليدية بالذوبان فسينتج بلا شك آثار مماثلة.
وهي تتسبب بأكثر من مجرد حفر وديان من الصخور ودفع القشرة للأسفل، حيث تتسبب في تراكم أكوام ضخمة من الرواسب تسمى الإسكيرات في بداية النهر الجليدي، والتي تخترق باطن التدفق الجليدي أثناء تحركه إلى البحر.
اكتشف الباحثون مؤخرًا إسكيرين يشبهون السكين في القارة القطبية الجنوبية بحجم برج إيفل. وتؤدي هذه التشكيلات إلى إضعاف الطبقة الجليدية، الأمر الذي يدعو للقلق بصورة إضافية، إذ يتقلص الغطاء الجليدي للقارة القطبية الجنوبية ببطء بالفعل مما سيساعد على زيادة ارتفاع مستويات البحار والذي سيُعيد تشكيل العالم.
بدأنا في تقدير الطبيعة الديناميكية لوجه كوكبنا بالكاد منذ قرن. فإذا كان في العلم الحديث أي شيء يُعتمد عليه، يبدو أنه لا يزال لدينا الكثير لاكتشافه.
المصدر
سوف تبدو الأرض بشكل مختلف جدًا في المستقبل.
مقارنة بمعرفتنا للعوالم الصخرية الأخرى في نظامنا الشمسي، فإن كوكبنا هو عالم ديناميكي بشكل لا يصدق. الماء في حالاته المختلفة يغير في شكل اليابسة، فيتسبب بتآكل أجزاء منها بينما يساعد على بناء مناطق أخرى.
كما يقوم الوشاح الأرضي (طبقة الصخور المنصهرة أسفل القشرة الأرضية) بطحن الصخور ومن ثم إعادتها للسطح مرة أخرى. هذه التغييرات التي تنتجها العمليات الجيولوجية والجوية هي عمليات تدريجية وبطيئة جدًا، فمن السهل أن نظن أن كوكبنا سيبدو هكذا دائمًا.
على الرغم من ذلك، توجد تلميحات حول شكل الأرض في المستقبل، فقط إذا عرفنا أين نبحث.
على الرغم من مدى صلابة الأرض التي نشعر بها تحت أقدامنا، إلا أن معظم الأراضي الجافة في كوكبنا تتكون من صفائح من الصخور والمعادن طافية تدور حول طبقة لزجة من الصخور المنصهرة.
بسبب بطء هذه الحركة، لم يدرك أحد حتى أنها كانت تحدث، حتى ذكر عالم جيوفيزيائي يدعى ألفريد فيجنر في عام 1912 أن هذا يمكن أن يفسر سبب توزع الحفريات والتشكيلات الصخرية المتماثلة عبر أركان العالم الأربعة.
رأينا منذ ذلك الحين علامات تشرح كيف ستواصل هذه القوة الهائلة تشكيل قاراتنا.
إفريقيا تنقسم إلى قسمين
ومثلما انفصلت أفريقيا عن أمريكا الجنوبية قبل ملايين السنين، فإن أفريقيا نفسها تنقسم الآن إلى قسمين.
يظهر المشهد بشكل واضح على هيئة صدع عملاق في جنوب غرب كينيا قاطعًا أحد الطرق السريعة الرئيسية دالّا على الانقسام الذي ستشهده القارة.
إنه مؤشر صغير على التحرك فقط بضعة سنتيمترات كل عام. هي صغيرة ولكنها توحي بأنه خلال 10 ملايين عام ستعزل صفيحة شرق أفريقيا الصومالية عبر المحيط، وخلال 50 مليون سنة ستُدفع أفريقيا إلى أوروبا.
منذ ما يقرب من 300 إلى 180 مليون سنة، كانت كل الصفائح القارية تجتمع سويًا فيما كان يسمى بانجيا.
التوقعات الحالية ترى أن كل القارات سوف تجتمع مرة أخرى في حوالي 250 مليون سنة.
يمكن أن يتغير المد والجزر بشكل كبير
هذه الدورة من الانقطاعات وإعادة التشكل لها تأثير مهم على تأثير الشمس والقمر على المحيطات.
التدفقات الشهرية للمد والجزر التي تعودنا على رؤيتها لا يمكن أن تحدث إلا عندما توجد أحواض كبيرة من المياه.
تشير نماذج الكمبيوتر إلى أنه خلال الـ 250 مليون سنة الماضية ربما كان المد والجزر ضعيفًا. وفقط شهدنا خلال المليونين سنة الماضية عمليات غسيل لكوكبنا بسبب حالة المد والجزر القوية.
ما يعني أنه مع استمرار القارات في التحول قد تتغير هذه الأحواض المائية من جديد ضمن المئة مليون سنة القادمة، وتتدخل مرة أخرى في أنشطة المد والجزر.
تتجه أستراليا نحو الشمال بسرعة أكبر من أن يواكبها نظام تحديد المواقع العالمي
في إطار زمني أصغر بكثير، يمكن لحركة توزيع مياه كوكبنا أن يكون لها تأثير غريب على حركة قاراتنا.
تغيرات موسمية على هذه الخريطة المائية تُحدث اختلافًا طفيفًا في كيفية تحرك الصفائح التكتونية، فهي حرفيًا تقوم بتدويرها. تهتز أستراليا ذهابًا وإيابًا بالملليمترات خلال حركتها شمالًا.
في حين أن هذا التمايل تافه على المقاييس الكبيرة، إلا أنه يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا عندما يتم حساب القياسات الدقيقة.
لننسى الآن ملايين السنين في المستقبل ونركز في غضون بضع سنوات فقط، قد تتغير تقديرات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) كثيرًا.
في عالم نعتمد فيه بشكل متزايد على تكنولوجيا الخرائط، قد يكون هذا التغيير الطفيف على سطح كوكبنا مشكلة خطيرة.
الجليد يتحول لمحيط، محيط ثقيل جدًا
يحدث تحول إضافي آخر في موقع القشرة الأرضية بسبب التغيرات في توزيع المياه من جليد إلى مياه المحيط السائلة.
في العام الماضي، أورد علماء من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في كاليفورنيا عن موجة تتكون من 6.68 مليار طن من المياه المتجمدة في طريقها إلى أسفل النهر الجليدي في غرينلاند في عام 2012.
هذا التسونامي البطيء جدًا شوّه القشرة الأرضية بمروره، مما يدل على أثر كل تلك المياه على شكل كوكبنا.
تلك الموجة صغيرة جدًا بالمقارنة مع الضغط في قاع المحيط، نحن بالكاد بدأنا بفهم كيف سيؤدي ارتفاع منسوب مياه البحر لضغوط إضافية على القشرة الأرضية، مما يؤدي لتغيير شكلها على مقياس أكبر بكثير.
توجد آثار واضحة ناتجة عن حركة الأنهار الجليدية في العصر الجليدي الكبير الأخير، وبينما تستمر الآن الأنهار الجليدية بالذوبان فسينتج بلا شك آثار مماثلة.
وهي تتسبب بأكثر من مجرد حفر وديان من الصخور ودفع القشرة للأسفل، حيث تتسبب في تراكم أكوام ضخمة من الرواسب تسمى الإسكيرات في بداية النهر الجليدي، والتي تخترق باطن التدفق الجليدي أثناء تحركه إلى البحر.
اكتشف الباحثون مؤخرًا إسكيرين يشبهون السكين في القارة القطبية الجنوبية بحجم برج إيفل. وتؤدي هذه التشكيلات إلى إضعاف الطبقة الجليدية، الأمر الذي يدعو للقلق بصورة إضافية، إذ يتقلص الغطاء الجليدي للقارة القطبية الجنوبية ببطء بالفعل مما سيساعد على زيادة ارتفاع مستويات البحار والذي سيُعيد تشكيل العالم.
بدأنا في تقدير الطبيعة الديناميكية لوجه كوكبنا بالكاد منذ قرن. فإذا كان في العلم الحديث أي شيء يُعتمد عليه، يبدو أنه لا يزال لدينا الكثير لاكتشافه.
المصدر