عن زلازل القمر العنيفة التي تدوم لساعات!
إذا كنت تعتقد أن كوكب الأرض هو الوحيد الذي يتعرض للزلازل، فأنت مخطيء. ربما كان السبب هو أن مصطلح هزة أرضية Earthquake يثير دومًا ارتباط الزلازل بالأرض، لكن في الواقع أي جرم فضائي يمكن أن يهتز بوجود القوة المناسبة وهكذا يصبح لدينا هزة قمرية Moonquake بل وهزة مريخية Marsquake! ولأن القمر يختلف كثيرًا عن الأرض، فلنا أن نتوقع زلازل قمرية غير معهودة عما نشهده هنا على الأرض … زلازل غريبة وعنيفة للغاية!
لا تحدث الزلازل القمرية بالطريقة التي تحدث بها الزلازل الأرضية؛ فالأخيرة نتاج حركة الصفائح التكتونية Tectonic Plates. هل تتذكر درس مادة الجيولوجيا الخالد عنها؟ تلك الصفائح الشبيهة بقطع الأحاجي المتلاصقة والمتراصة والتي تتكون منها القشرة الأرضية؛ فمتى تحركت (لأي من أسباب كثيرة) تداعت المباني على السطح واجتاحت أمواج تسوتامي المدن الساحلية.لكن القمر لا يملك صفائح تكتونية! لهذا فالزلازل القمرية تحدث لأسباب أخرى ومنها تشتق أنواعها وقد حدد العلماء أربعة أنواع رئيسية للزلازل القمرية: الزلازل القمرية الحرارية Thermal Moonquakes، صدمات النيازك Meteroid Impacts، الزلازل القمرية العميقة Deep Moonquakes، والزلازل القمرية السطحية Shallow Moonquakes.
أثناء تثبيت أحد مستشعرات الرصد السيزمي على القمر ضمن بعثة أبوللو سبعينيات القرن الماضي
1 . الزلازل القمرية الحرارية Thermal Moonquakes تحدث نتيجة تغير الحرارة بتعاقب الليل والنهار أثناء اليوم القمري Lunar Day الذي يدوم 29 يومًا أرضيًا. وبالرغم من أن تلك الزلازل ضعيفة بشكل عام إلا أنها متكررة الحدوث بشكل مدهش حيث تحدث كل يومين أرضيين بعد شروف الشمس وتنتهي بلا إنذار عقب غروب الشمس.
2 . زلازل صدمات النيازك Meteroid Impacts لا تحتاج إلى الكثير من الشرح في الواقع، فهي هزات سيزمية تنطلق جراء القصف العنيف الذي يناله القمر جراء تلقي النيازك الصغيرة. فوهات القمر المنتشرة على سطحه والتي تراها عبر أي منظار هي نتاج مثل هذا القصف، ومع كل فوهة هناك كانت هزة مرعبة ومؤقتة.
3 . الزلازل القمرية العميقة Deep Moonquakes هي الأكثير شيوعًا على القمر، حيث أحصت بعثات أبوللو إلى القمر حوالي 7000 هزة قمرية عميقة في أقل من 10 سنوات عبر شبكة من حسّاسّات وأجهزة رصد الهزات السيزمية الموضوعة على سطح القمر! مع هذا، فهي ضعيفة تتراوح قوتها بين 2 أو أقل على مقياس الهزات السيزمية، لهذا وجراء حدوثها بشكل منتظم كل 27 يومًا تقريبًا، فالعلماء يعزون حدوثها إلى قوة المد والجزر الجذبوية للأرض.
4 . الزلازل القمرية السطحية Shallow Moonquakes هي الأقوي والأكثر عنفًا على الرغم من التناقض مع اسمها الظاهر. فعبر شبكة أبوللو السيزمية نفسها، تم رصد 28 زلزالًا سطحيًا على القمر بين عام 1972 و1977 مع تسجيل 7 منها قوة بلغت 5.5 على مقياس ريختر، وهي قوة كافية لهدم المباني على الأرض. والأسوأ من هذا أنها متى بدأت تبدو وكأنما تدوم إلى الأبد! فبينما لا يطول عمر الزلازل على الأرض عن دقيقة واحدة، إلا أن الزلزال القمري السطحي قد يستمر طيلة النهار، حيث رصدت أجهزة إحدى بعثات أبوللو في سبعينيات القرن الماضي زلزالًا سطحيًا بقوة 5.5 هز السطح القمري بكامل قوته المسجلة لمدة تزيد عن 10 دقائق متواصلة بلا توقف، قبل أن تخف قوته تدريجيًا على مدار ساعات طويلة!
لماذا تدوم الزلازل القمرية كل هذا الوقت خلافًا للزلازل على الأرض؟ بالطبع لسنا مستائين لقصر مدة زلازلنا الأرضية على الإطلاق، فمثل هذه الزلازل المتكررة والتي تمتد لساعات ستكون آثارها كارثية على حضارتنا البشرية. إلا أن السبب الحقيقي لطول مدة الزلازل القمرية يكمن في عنصر حيوي بسيط: الماء!
الماء يُضعِف الصخور، ويمدد بنية المعادن على اختلافها. وعندما تضرب الطاقة عبر تلك البنية القابلة للتمدد والضغط للتربة، فإنها تتصرف كالإسفنجة الرغوية وتهديء من عنفوان الهزات وتأثيرها. هذا ما يحدث على كوكبنا تمامًا، وإنّا لشاكرين لوجود الماء حقًا؛ لكن لسوء حظ القمر، فهو يفتقد إلى عنصر الماء. تربته جافة قاحلة للغاية وهكذا يهتز كما تفعل الشوكة الرنانة! قد تتوقف القوة المسببة للزلازل على سطحه إلا أن الهزة الزلزية ستستمر لساعات طويلة، تمامًا كما تفعل النقرة على الشوكة الثنائية الرنانة … النقرة انتهت إلا أن الشوكة لن تتوقف عن الاهتزاز مباشرة وإنما بطيئًا وتدريجيًا.
لهذا، فالخطر الأعظم الذي يهدد أي مشاريع استعمار مستقبلية للقمر هو التحدي المتمثل في بناء وحدات سكنية بمواد مرنة تتحمل كل هذا الشد والإنحناء المتكرر والطويل بلا توقف تقريبًا؛ وإلا سيجد قاطنو تلك الوحدات القمرية أنفسهم في العراء تمامًا بعد هزة قمرية سطحية واحدة!
وفي النهاية، من الجميل أن تضيف إلى معلوماتك أن الماء على الأرض ليس مصدر الحياة وسرها فحسب، وإنما درعها كذلك الذي يحمي الكوكب بأكمله من تشقق قشرته وإنهياره.
إذا كنت تعتقد أن كوكب الأرض هو الوحيد الذي يتعرض للزلازل، فأنت مخطيء. ربما كان السبب هو أن مصطلح هزة أرضية Earthquake يثير دومًا ارتباط الزلازل بالأرض، لكن في الواقع أي جرم فضائي يمكن أن يهتز بوجود القوة المناسبة وهكذا يصبح لدينا هزة قمرية Moonquake بل وهزة مريخية Marsquake! ولأن القمر يختلف كثيرًا عن الأرض، فلنا أن نتوقع زلازل قمرية غير معهودة عما نشهده هنا على الأرض … زلازل غريبة وعنيفة للغاية!
لا تحدث الزلازل القمرية بالطريقة التي تحدث بها الزلازل الأرضية؛ فالأخيرة نتاج حركة الصفائح التكتونية Tectonic Plates. هل تتذكر درس مادة الجيولوجيا الخالد عنها؟ تلك الصفائح الشبيهة بقطع الأحاجي المتلاصقة والمتراصة والتي تتكون منها القشرة الأرضية؛ فمتى تحركت (لأي من أسباب كثيرة) تداعت المباني على السطح واجتاحت أمواج تسوتامي المدن الساحلية.لكن القمر لا يملك صفائح تكتونية! لهذا فالزلازل القمرية تحدث لأسباب أخرى ومنها تشتق أنواعها وقد حدد العلماء أربعة أنواع رئيسية للزلازل القمرية: الزلازل القمرية الحرارية Thermal Moonquakes، صدمات النيازك Meteroid Impacts، الزلازل القمرية العميقة Deep Moonquakes، والزلازل القمرية السطحية Shallow Moonquakes.
أثناء تثبيت أحد مستشعرات الرصد السيزمي على القمر ضمن بعثة أبوللو سبعينيات القرن الماضي
1 . الزلازل القمرية الحرارية Thermal Moonquakes تحدث نتيجة تغير الحرارة بتعاقب الليل والنهار أثناء اليوم القمري Lunar Day الذي يدوم 29 يومًا أرضيًا. وبالرغم من أن تلك الزلازل ضعيفة بشكل عام إلا أنها متكررة الحدوث بشكل مدهش حيث تحدث كل يومين أرضيين بعد شروف الشمس وتنتهي بلا إنذار عقب غروب الشمس.
2 . زلازل صدمات النيازك Meteroid Impacts لا تحتاج إلى الكثير من الشرح في الواقع، فهي هزات سيزمية تنطلق جراء القصف العنيف الذي يناله القمر جراء تلقي النيازك الصغيرة. فوهات القمر المنتشرة على سطحه والتي تراها عبر أي منظار هي نتاج مثل هذا القصف، ومع كل فوهة هناك كانت هزة مرعبة ومؤقتة.
3 . الزلازل القمرية العميقة Deep Moonquakes هي الأكثير شيوعًا على القمر، حيث أحصت بعثات أبوللو إلى القمر حوالي 7000 هزة قمرية عميقة في أقل من 10 سنوات عبر شبكة من حسّاسّات وأجهزة رصد الهزات السيزمية الموضوعة على سطح القمر! مع هذا، فهي ضعيفة تتراوح قوتها بين 2 أو أقل على مقياس الهزات السيزمية، لهذا وجراء حدوثها بشكل منتظم كل 27 يومًا تقريبًا، فالعلماء يعزون حدوثها إلى قوة المد والجزر الجذبوية للأرض.
4 . الزلازل القمرية السطحية Shallow Moonquakes هي الأقوي والأكثر عنفًا على الرغم من التناقض مع اسمها الظاهر. فعبر شبكة أبوللو السيزمية نفسها، تم رصد 28 زلزالًا سطحيًا على القمر بين عام 1972 و1977 مع تسجيل 7 منها قوة بلغت 5.5 على مقياس ريختر، وهي قوة كافية لهدم المباني على الأرض. والأسوأ من هذا أنها متى بدأت تبدو وكأنما تدوم إلى الأبد! فبينما لا يطول عمر الزلازل على الأرض عن دقيقة واحدة، إلا أن الزلزال القمري السطحي قد يستمر طيلة النهار، حيث رصدت أجهزة إحدى بعثات أبوللو في سبعينيات القرن الماضي زلزالًا سطحيًا بقوة 5.5 هز السطح القمري بكامل قوته المسجلة لمدة تزيد عن 10 دقائق متواصلة بلا توقف، قبل أن تخف قوته تدريجيًا على مدار ساعات طويلة!
لماذا تدوم الزلازل القمرية كل هذا الوقت خلافًا للزلازل على الأرض؟ بالطبع لسنا مستائين لقصر مدة زلازلنا الأرضية على الإطلاق، فمثل هذه الزلازل المتكررة والتي تمتد لساعات ستكون آثارها كارثية على حضارتنا البشرية. إلا أن السبب الحقيقي لطول مدة الزلازل القمرية يكمن في عنصر حيوي بسيط: الماء!
الماء يُضعِف الصخور، ويمدد بنية المعادن على اختلافها. وعندما تضرب الطاقة عبر تلك البنية القابلة للتمدد والضغط للتربة، فإنها تتصرف كالإسفنجة الرغوية وتهديء من عنفوان الهزات وتأثيرها. هذا ما يحدث على كوكبنا تمامًا، وإنّا لشاكرين لوجود الماء حقًا؛ لكن لسوء حظ القمر، فهو يفتقد إلى عنصر الماء. تربته جافة قاحلة للغاية وهكذا يهتز كما تفعل الشوكة الرنانة! قد تتوقف القوة المسببة للزلازل على سطحه إلا أن الهزة الزلزية ستستمر لساعات طويلة، تمامًا كما تفعل النقرة على الشوكة الثنائية الرنانة … النقرة انتهت إلا أن الشوكة لن تتوقف عن الاهتزاز مباشرة وإنما بطيئًا وتدريجيًا.
لهذا، فالخطر الأعظم الذي يهدد أي مشاريع استعمار مستقبلية للقمر هو التحدي المتمثل في بناء وحدات سكنية بمواد مرنة تتحمل كل هذا الشد والإنحناء المتكرر والطويل بلا توقف تقريبًا؛ وإلا سيجد قاطنو تلك الوحدات القمرية أنفسهم في العراء تمامًا بعد هزة قمرية سطحية واحدة!
وفي النهاية، من الجميل أن تضيف إلى معلوماتك أن الماء على الأرض ليس مصدر الحياة وسرها فحسب، وإنما درعها كذلك الذي يحمي الكوكب بأكمله من تشقق قشرته وإنهياره.