ماذا يحدث إذا سافرت عبر الزمن وقتلت جدك قبل أن يتزوج؟ محاكاة للعملية تحلّ المعضلة
ما الذي قد يحدث إذا أردت الرجوع بالزمن وقتل جدك؟ كشف نموذج يستخدم الفوتونات عن قدرة ميكانيكا الكم على حل هذا المأزق، وربما حتى فك رموز التشفير الكمومي.
في الثامن والعشرين من يونيو عام 2009، أقام الفيزيائي الشهير ستيفن هوكنج حفلة في جامعة كامبريدج، وكانت حفلة صاخبة مليئة بالبالونات والمأكولات والمشروبات، ودعي الجميع إليها، غير أن لا أحد تمكن من الحضور! وكان هوكنج قد توقع هذا الأمر، لأنه لم يرسل بطاقات الدعوة إلا بعد انتهاء الحفلة! وقال في الدعوات «استقبال ترحيبي بالمسافرين من المستقبل» ومثلت الحفلة تجربة ساخرة لتأكيد تكهناته بأن السفر إلى الماضي مستحيل.
لكن هوكنج قد يكون على الجانب الخاطئ من التاريخ، فقد أظهرت تجارب حديثة دعمًا مؤقتًا لإمكانية السفر عبر الزمن – على الأقل من منظور رياضي، إذ تعمقت دراسة ما في فهمنا الجوهري للكون والسفر عبر الزمن بعيدًا عن كونه موضوع خيال علمي، والآثار التي قد يحدثها على الفيزياء الأساسية إضافة إلى تطبيقاتها العملية كالتشفير الكمومي والحوسبة.
منحنيات الزمن المغلق
يندرج مصدر التخمينات المتعلقة بالسفر عبر الزمن في حقيقة أن أفضل نظرياتنا الفيزيائية لا تحوي أي قيود إزاء السفر بالزمن إلى الوراء، إذ يمكن تحقيق هذا الإنجاز استنادًا إلى نظرية أينشتاين في النسبية العامة، والتي تنظر إلى الجاذبية كزمكان تم طيه بفعل الطاقة والمادة، وبإمكان مجال ذو جاذبية شديدة جدًا، كالموجود حول ثقب أسود، طي نسيج الوجود بحيث ينحني الزمكان حول ذاته، ما يؤدي إلى خلق منحنى زمني مغلق أو «سي تي سي» وهو عبارة عن عقدة يمكن من خلالها السفر بالزمن إلى الوراء.
يبغض هوكنج وفيزيائيون آخرون فكرة المنحنى الزمني المغلق، وهذا لأن أي جسم ميكروسكوبي يسافر عبر إحدى المنحنيات سيخلق بلا شك مفارقة ينعدم عندها تأثير السبب والنتيجة، إلا أن النظري ديفيد داتش اقترح نموذجًا عام 1991، يتجنب من خلاله المفارقة التي تصنعها منحنيات الزمن المغلق على مقياس كمومي نتيجة لسلوكيات الجسيمات الأساسية، والتي تتبع الاحتمالية بدلًا من الحتمية الصارمة، ويقول الفيزيائي تيم رالف من جامعة كوينزلاند «إن ما يثير الاهتمام أنه وعلى الرغم من تنبؤ النسبة العامة بهذه المفارقة، فإن هذه المفارقات تختفي تمامًا عندما ننظر إليها من منظور كمي، ما يجعلك تتساءل ما إذا كان ذلك الاختلاف يشكل أهمية عند صياغة نظرية توحد النسبية العامة مع ميكانيكا الكم.»
تجارب على المنحنى
قاد رالف برفقة طالبه مارتن رينجباور فريقًا أجرى محاكاة تجريبية على نموذج داتش للمنحنى الزمني المغلق لأول مرة، فاختبروا وأكدوا عديدًا من المفاهيم النظرية، ونشرت اكتشافاتهم في مجلة «نيتشر كوميونيكيشن»، واستغرق جزءٌ كبير من محاكاتهم في التحقق من مفارقة الجد، أما مفارقة الجد فتمثل سيناريو افتراضي يستخدم فيه أحد ما منحنى الزمن المغلق للسفر بالزمن إلى الوراء لارتكاب جريمة بحق جده، ليؤدي ذلك في النهاية إلى عدم ولادة الأول.
ويمكن تلخيص حل داتش الكمومي لمفارقة الجد كالتالي:
عوضًا عن قطع منحنى زمني مغلق لقتل جدك، تخيل أن جسيم أساسي يسافر بالزمن إلى الوراء ليشغل آلة توليد الجسيمات التي صنعت الجسيم المسافر، فإذا أدار الجسيم مفتاح الآلة وشغلها، فإن الآلة ترسل جسيمًا ما -ولنفرض أنه الجسيم المسافر ذاته –مرة أخرى إلى المنحنى الزمني المغلق، أما إذا لم يدر المفتاح، فإن الآلة لا ترسل شيئًا على الإطلاق.
يجدر ملاحظة أنه لا يوجد يقينية حتمية مسبقة لانبعاثات الجسيمات في هذا السيناريو، ولكن توزيعًا للاحتمالات فقط.
افترض داتش اتساقًا ذاتيًا في العالم الكمومي يضمن أن أي جسيم يدخل إحدى طرفي المنحنى الزمني المغلق يجب أن يخرج من الطرف الآخر ممتلكًا للخصائص ذاتها، ولذلك فإن الجسيم الذي تبعثه الآلة والذي يمتلك احتمالية 50% فإنه سيدخل إلى المنحنى الزمني المغلق ويخرج إلى الطرف الآخر كي يدير المفتاح بالاحتمالية ذاتها، فالجسيم يمتلك عند ولادته احتمال 50% بالرجوع وإدارة المفتاح، وإذا كان الجسيم شخصًا ما، فإنه سيولد ممتلكًا لاحتمالية 50% بقتل جده ما يعطي الجد فرصة 50% بالهرب من الموت على يد حفيده، وهذا جيد بما فيه الكفاية لإغلاق الحلقة السببية والهروب من المفارقة، وبقدر ما يبدو هذا الحل غريبًا، فإنه يلتزم بقوانين ميكانيكا الكم.
درس رالف وزملاؤه في محاكاتهم نموذج داتش مستعينين بالتفاعلات بين أزواج الفوتونات المستقطبة داخل النظام الكمومي والتي ذهبوا إلى أنها متساوية رياضيًا إلى عبور الفوتون لمنحنى الزمن المغلق، ويقول رينجباور «نعمل على ترميز استقطاب الفوتونات كي تتصرف المستنسخة منها كما لو سافرت الفوتونات الأصلية إلى الماضي»، لذا عوضًا عن إرسال شخص ما إلى حلقة زمنية، فإنهم صنعوا «دوبلير» أو شبيهًا لذلك الشخص وجعلوه يدخل في محاكاة لحلقة الزمن لمراقبة ما إذا كان الدوبلير الخارج من المنحنى الزمني المغلق يشبه تمامًا الشخص الأصلي كما لو كان الأصلي في تلك اللحظة من الماضي.
بقياس الحالات الاستقطابية للفوتون الآخر بعد استنساخه من الأول، وبعد تجارب عديدة، نجح الفريق في إظهار الاتساق الذاتي في نموذج داتش، ويقول رالف «إن الحالة التي حصلنا عليها في مخرجاتنا، والفوتون الآخر الناتج عن مخرج محاكاة المنحنى الزمني المغلق، كانا مشابهان تمامًا لمدخلاتنا، أي للفوتون الأول الذي تم ترميزه على مدخل منحنى الزمن المغلق» ويضيف رالف «لا يمكننا أن نقول بالطبع أننا أرسلنا أي شيء إلى الماضي، لكن المحاكاة تسمح لنا بدراسة التطورات الغريبة التي لا يسمح بتواجدها عادة في ميكانيكا الكم.»
تلك التطورات الغريبة التي سمح بها المنحنى الزمني المغلق، من شأنها أن تمتلك تطبيقات عملية فذة، كتحطيم التشفير الكمومي عبر استنساخ الحالات الكمومية للجسيمات الأساسية، ويدوّن رينجباور «إذا تمكنا من استنساخ الحالات الكمومية، نستطيع عندها انتهاك مبدأ هايزنبرج لعدم التيقن»، ما قد يؤتي ثماره في التشفير الكمومي لأن مبادئه تمنع القياسات الدقيقة عند نفس اللحظة لأنواع معينة من المتغيرات المقترنة، كالموقع والزخم «ولكن إذا استنسخت ذلك النظام، ستتمكن من قياس كمية معينة في الجسيم الأول، وكمية أخرى في الجسيم المستنسخ، لتسمح بذلك بفك تشفير الرسالة المشفرة».
يقول تود بيرن، الفيزيائي في جامعة كاليفورنيا الجنوبية «في حضرة منحنى الزمن المغلق، تسمح ميكانيكا الكم بإجراء مهمات معالجة معلومات بالغة القوى، أكثر مما تستطيع الحواسيب الكلاسيكية أو الكمومية إجراءه».
ويضيف «إذا كان نموذج داتش صحيحًا، إذن يمكننا القول بأن هذه التجربة تستطيع محاكاة ما قد يحصل في منحنى زمني مغلق حقيقي، لكن هذه التجربة لا تستطيع اختبار نموذج داتش ذاته، فلا يمكن تنفيذ ذلك إلا بالدخول في منحنى حقيقي».
منطق بديل
لا يعد نموذج داتش النموذج الوحيد، إذ اقترح سيث لويد؛ النظري من معهد ماساتشوستس للتقنية عام 2009، نموذج بديلًا للمنحنى الزمني المغلق، باستثناء أنه أقل تطرفًا، فيحل مفارقة الجد باستخدام الانتقال اللحظي الكمومي وتقنية تسمى بالاختيار اللاحق، فبدلًا من نموذج داتش ذو الاستقرار الكمومي الذاتي، أجرى سيث ومعاونوه الكندييون محاكات مخبرية ناجحة لنموذجه عام 2011، وقال لويد «تمتلك نظرية داتش تأثيرًا غريبًا يدمر العلاقات الارتباطية، فالمسافر عبر الزمن الخارج من نموذج منحنى الزمن المغلق لداتش يدخل إلى كون لا يبت بصلة مع الكون الموجود في المستقبل، وبالمقابل، نستطيع باستخدام منحنيات زمنية مختارة لاحقًا حفظ تلك العلاقات الارتباطية، بحيث يعود مسافر الزمن إلى الكون ذاته الذي يتذكره في الماضي».
هذه الخاصية الموجودة في نموذج لويد ستقلل من قدرة المنحنيات الزمنية المغلقة على معالجة المعلومات، وبرغم أنها ما زالت متفوقة بأشواط على ما يمكن للحواسيب تحقيقه في مناطق تقليدية من الزمكان، فإنه وحسب لويد «فإن نوعية المشاكل التي تستطيع منحنياتنا حلها تتساوى تقريبًا مع صعوبة إيجاد إبر في قش، غير أن الحاسوب في نموذج داتش يستطيع التوصل لسبب وجود القش منذ البداية».
وبرغم إقرار لويد للطبيعة التخمينية لمنحنيات الزمن المغلق فإن يقول «لا أملك أدنى فكرة أي نموذج هو الصحيح حقًا، فربما كان كلاهما مخطئًا»، وربما كان هوكنج محقًا أيضًا «أي أن منحنيات الزمن المغلق لا يمكنها التواجد ببساطة» لذلك، ربما يجب على مخططي رحلات السفر عبر الزمن توفير المشروبات لأنفسهم، فآمالهم لاستقبال ضيوف من المستقبل تبدو بعيدة المنال.
المصدر
ما الذي قد يحدث إذا أردت الرجوع بالزمن وقتل جدك؟ كشف نموذج يستخدم الفوتونات عن قدرة ميكانيكا الكم على حل هذا المأزق، وربما حتى فك رموز التشفير الكمومي.
في الثامن والعشرين من يونيو عام 2009، أقام الفيزيائي الشهير ستيفن هوكنج حفلة في جامعة كامبريدج، وكانت حفلة صاخبة مليئة بالبالونات والمأكولات والمشروبات، ودعي الجميع إليها، غير أن لا أحد تمكن من الحضور! وكان هوكنج قد توقع هذا الأمر، لأنه لم يرسل بطاقات الدعوة إلا بعد انتهاء الحفلة! وقال في الدعوات «استقبال ترحيبي بالمسافرين من المستقبل» ومثلت الحفلة تجربة ساخرة لتأكيد تكهناته بأن السفر إلى الماضي مستحيل.
لكن هوكنج قد يكون على الجانب الخاطئ من التاريخ، فقد أظهرت تجارب حديثة دعمًا مؤقتًا لإمكانية السفر عبر الزمن – على الأقل من منظور رياضي، إذ تعمقت دراسة ما في فهمنا الجوهري للكون والسفر عبر الزمن بعيدًا عن كونه موضوع خيال علمي، والآثار التي قد يحدثها على الفيزياء الأساسية إضافة إلى تطبيقاتها العملية كالتشفير الكمومي والحوسبة.
منحنيات الزمن المغلق
يندرج مصدر التخمينات المتعلقة بالسفر عبر الزمن في حقيقة أن أفضل نظرياتنا الفيزيائية لا تحوي أي قيود إزاء السفر بالزمن إلى الوراء، إذ يمكن تحقيق هذا الإنجاز استنادًا إلى نظرية أينشتاين في النسبية العامة، والتي تنظر إلى الجاذبية كزمكان تم طيه بفعل الطاقة والمادة، وبإمكان مجال ذو جاذبية شديدة جدًا، كالموجود حول ثقب أسود، طي نسيج الوجود بحيث ينحني الزمكان حول ذاته، ما يؤدي إلى خلق منحنى زمني مغلق أو «سي تي سي» وهو عبارة عن عقدة يمكن من خلالها السفر بالزمن إلى الوراء.
يبغض هوكنج وفيزيائيون آخرون فكرة المنحنى الزمني المغلق، وهذا لأن أي جسم ميكروسكوبي يسافر عبر إحدى المنحنيات سيخلق بلا شك مفارقة ينعدم عندها تأثير السبب والنتيجة، إلا أن النظري ديفيد داتش اقترح نموذجًا عام 1991، يتجنب من خلاله المفارقة التي تصنعها منحنيات الزمن المغلق على مقياس كمومي نتيجة لسلوكيات الجسيمات الأساسية، والتي تتبع الاحتمالية بدلًا من الحتمية الصارمة، ويقول الفيزيائي تيم رالف من جامعة كوينزلاند «إن ما يثير الاهتمام أنه وعلى الرغم من تنبؤ النسبة العامة بهذه المفارقة، فإن هذه المفارقات تختفي تمامًا عندما ننظر إليها من منظور كمي، ما يجعلك تتساءل ما إذا كان ذلك الاختلاف يشكل أهمية عند صياغة نظرية توحد النسبية العامة مع ميكانيكا الكم.»
تجارب على المنحنى
قاد رالف برفقة طالبه مارتن رينجباور فريقًا أجرى محاكاة تجريبية على نموذج داتش للمنحنى الزمني المغلق لأول مرة، فاختبروا وأكدوا عديدًا من المفاهيم النظرية، ونشرت اكتشافاتهم في مجلة «نيتشر كوميونيكيشن»، واستغرق جزءٌ كبير من محاكاتهم في التحقق من مفارقة الجد، أما مفارقة الجد فتمثل سيناريو افتراضي يستخدم فيه أحد ما منحنى الزمن المغلق للسفر بالزمن إلى الوراء لارتكاب جريمة بحق جده، ليؤدي ذلك في النهاية إلى عدم ولادة الأول.
ويمكن تلخيص حل داتش الكمومي لمفارقة الجد كالتالي:
عوضًا عن قطع منحنى زمني مغلق لقتل جدك، تخيل أن جسيم أساسي يسافر بالزمن إلى الوراء ليشغل آلة توليد الجسيمات التي صنعت الجسيم المسافر، فإذا أدار الجسيم مفتاح الآلة وشغلها، فإن الآلة ترسل جسيمًا ما -ولنفرض أنه الجسيم المسافر ذاته –مرة أخرى إلى المنحنى الزمني المغلق، أما إذا لم يدر المفتاح، فإن الآلة لا ترسل شيئًا على الإطلاق.
يجدر ملاحظة أنه لا يوجد يقينية حتمية مسبقة لانبعاثات الجسيمات في هذا السيناريو، ولكن توزيعًا للاحتمالات فقط.
افترض داتش اتساقًا ذاتيًا في العالم الكمومي يضمن أن أي جسيم يدخل إحدى طرفي المنحنى الزمني المغلق يجب أن يخرج من الطرف الآخر ممتلكًا للخصائص ذاتها، ولذلك فإن الجسيم الذي تبعثه الآلة والذي يمتلك احتمالية 50% فإنه سيدخل إلى المنحنى الزمني المغلق ويخرج إلى الطرف الآخر كي يدير المفتاح بالاحتمالية ذاتها، فالجسيم يمتلك عند ولادته احتمال 50% بالرجوع وإدارة المفتاح، وإذا كان الجسيم شخصًا ما، فإنه سيولد ممتلكًا لاحتمالية 50% بقتل جده ما يعطي الجد فرصة 50% بالهرب من الموت على يد حفيده، وهذا جيد بما فيه الكفاية لإغلاق الحلقة السببية والهروب من المفارقة، وبقدر ما يبدو هذا الحل غريبًا، فإنه يلتزم بقوانين ميكانيكا الكم.
درس رالف وزملاؤه في محاكاتهم نموذج داتش مستعينين بالتفاعلات بين أزواج الفوتونات المستقطبة داخل النظام الكمومي والتي ذهبوا إلى أنها متساوية رياضيًا إلى عبور الفوتون لمنحنى الزمن المغلق، ويقول رينجباور «نعمل على ترميز استقطاب الفوتونات كي تتصرف المستنسخة منها كما لو سافرت الفوتونات الأصلية إلى الماضي»، لذا عوضًا عن إرسال شخص ما إلى حلقة زمنية، فإنهم صنعوا «دوبلير» أو شبيهًا لذلك الشخص وجعلوه يدخل في محاكاة لحلقة الزمن لمراقبة ما إذا كان الدوبلير الخارج من المنحنى الزمني المغلق يشبه تمامًا الشخص الأصلي كما لو كان الأصلي في تلك اللحظة من الماضي.
بقياس الحالات الاستقطابية للفوتون الآخر بعد استنساخه من الأول، وبعد تجارب عديدة، نجح الفريق في إظهار الاتساق الذاتي في نموذج داتش، ويقول رالف «إن الحالة التي حصلنا عليها في مخرجاتنا، والفوتون الآخر الناتج عن مخرج محاكاة المنحنى الزمني المغلق، كانا مشابهان تمامًا لمدخلاتنا، أي للفوتون الأول الذي تم ترميزه على مدخل منحنى الزمن المغلق» ويضيف رالف «لا يمكننا أن نقول بالطبع أننا أرسلنا أي شيء إلى الماضي، لكن المحاكاة تسمح لنا بدراسة التطورات الغريبة التي لا يسمح بتواجدها عادة في ميكانيكا الكم.»
تلك التطورات الغريبة التي سمح بها المنحنى الزمني المغلق، من شأنها أن تمتلك تطبيقات عملية فذة، كتحطيم التشفير الكمومي عبر استنساخ الحالات الكمومية للجسيمات الأساسية، ويدوّن رينجباور «إذا تمكنا من استنساخ الحالات الكمومية، نستطيع عندها انتهاك مبدأ هايزنبرج لعدم التيقن»، ما قد يؤتي ثماره في التشفير الكمومي لأن مبادئه تمنع القياسات الدقيقة عند نفس اللحظة لأنواع معينة من المتغيرات المقترنة، كالموقع والزخم «ولكن إذا استنسخت ذلك النظام، ستتمكن من قياس كمية معينة في الجسيم الأول، وكمية أخرى في الجسيم المستنسخ، لتسمح بذلك بفك تشفير الرسالة المشفرة».
يقول تود بيرن، الفيزيائي في جامعة كاليفورنيا الجنوبية «في حضرة منحنى الزمن المغلق، تسمح ميكانيكا الكم بإجراء مهمات معالجة معلومات بالغة القوى، أكثر مما تستطيع الحواسيب الكلاسيكية أو الكمومية إجراءه».
ويضيف «إذا كان نموذج داتش صحيحًا، إذن يمكننا القول بأن هذه التجربة تستطيع محاكاة ما قد يحصل في منحنى زمني مغلق حقيقي، لكن هذه التجربة لا تستطيع اختبار نموذج داتش ذاته، فلا يمكن تنفيذ ذلك إلا بالدخول في منحنى حقيقي».
منطق بديل
لا يعد نموذج داتش النموذج الوحيد، إذ اقترح سيث لويد؛ النظري من معهد ماساتشوستس للتقنية عام 2009، نموذج بديلًا للمنحنى الزمني المغلق، باستثناء أنه أقل تطرفًا، فيحل مفارقة الجد باستخدام الانتقال اللحظي الكمومي وتقنية تسمى بالاختيار اللاحق، فبدلًا من نموذج داتش ذو الاستقرار الكمومي الذاتي، أجرى سيث ومعاونوه الكندييون محاكات مخبرية ناجحة لنموذجه عام 2011، وقال لويد «تمتلك نظرية داتش تأثيرًا غريبًا يدمر العلاقات الارتباطية، فالمسافر عبر الزمن الخارج من نموذج منحنى الزمن المغلق لداتش يدخل إلى كون لا يبت بصلة مع الكون الموجود في المستقبل، وبالمقابل، نستطيع باستخدام منحنيات زمنية مختارة لاحقًا حفظ تلك العلاقات الارتباطية، بحيث يعود مسافر الزمن إلى الكون ذاته الذي يتذكره في الماضي».
هذه الخاصية الموجودة في نموذج لويد ستقلل من قدرة المنحنيات الزمنية المغلقة على معالجة المعلومات، وبرغم أنها ما زالت متفوقة بأشواط على ما يمكن للحواسيب تحقيقه في مناطق تقليدية من الزمكان، فإنه وحسب لويد «فإن نوعية المشاكل التي تستطيع منحنياتنا حلها تتساوى تقريبًا مع صعوبة إيجاد إبر في قش، غير أن الحاسوب في نموذج داتش يستطيع التوصل لسبب وجود القش منذ البداية».
وبرغم إقرار لويد للطبيعة التخمينية لمنحنيات الزمن المغلق فإن يقول «لا أملك أدنى فكرة أي نموذج هو الصحيح حقًا، فربما كان كلاهما مخطئًا»، وربما كان هوكنج محقًا أيضًا «أي أن منحنيات الزمن المغلق لا يمكنها التواجد ببساطة» لذلك، ربما يجب على مخططي رحلات السفر عبر الزمن توفير المشروبات لأنفسهم، فآمالهم لاستقبال ضيوف من المستقبل تبدو بعيدة المنال.
المصدر