الخاسرون والرابحون من "التعويم" .. هذه هي الفئات والشرائح المستفيدة والمتضررة من قرار تحرير سعر صرف الجنيه في مصر
استيقظ المصريون صباح اليوم على خبر يترقبه معظمهم منذ عدة أسابيع، بعد أن كثرت التكهنات حوله، إذ قرر البنك المركزي المصري تحرير سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية، على أن يتم شراء الدولار الأمريكي من العملاء في البنوك بسعر استرشادي 13.1 جنيه وبيعه بسعر 13.50 مع منح البنوك حرية ومرونة التعامل في حدود 10% خفضاً أو زيادة عن السعر المحدد من البنك المركزي.
هذا القرار الذي جاء بعد أن تخطى الدولار حاجز الـ 18 جنيهاً في السوق السوادء، وكان يتوقع العديد صدوره خلال هذه الأيام، أصاب جهات وفئات كثيرة من المصريين بالحسرة، فيما هللت له فئات أخرى واعتبرته خطوة على طريق الإنعاش الاقتصادي المنتظر.
نحاول في هذا التقرير رصد فئات المواطنين الخاسرين والرابحين من قرار تعويم الجنية المصري.
الخاسرون
1- المساهمون في قناة السويس
في سبتمبر/ أيلول 2014، ومع ادخار العديد من المواطنين في شهادات الاستثمار بقناة السويس كان سعر الدولار في البنك المركزي 7.15 جنيه للشراء، ثم وصل إلى 8.85 قرش، ومع تعويم الجنيه اليوم، وصل سعره إلى 13.1 جنيه. أي أن قيمة الجنيه انخفضت بما يقرب من 50% منذ شراء شهادات قناة السويس، وذلك بالسعر الرسمي فقط.
وانخفضت قيمة الجنيه أمام الدولار أكثر من مرة بالسوق السوداء، ووصل الدولار إلى 18جنيهاً خلال الأيام الماضية، وبعدها اضطربت الأسواق، ومن المتوقع بعد "تعويم اليوم" ألا تتم السيطرة على الجنيه مرة أخرى.
شهادات الاستثمار بالقناة كانت بفائدة سنوية 12%، بمعنى أن من ادخر 100 ألف جنيه، ربح 24 ألفاً، ولكن في القيمة الفعلية خسر في هذين العامين ما يقرب من 26 ألف جنيه مصري. بذلك تكون قيمة الخسارة 26% في أي مبلغ تم إيداعه في القناة بالسعر الرسمي.
2- كل من يتقاضى أجراً بالجنيه
"الموظفون، العمال، الصنايعية، السائقون، وغيرهم".. كل من يتقاضى أجراً بالجنيه بعد قرار التعويم خسر ما يقرب من 40% من راتبه ومستحقاته من حيث القوة الشرائية، وتعد هذه الطبقة من أكثر المتضررين، خاصة أن هذه الفئات لن تستفيد من الأثر الإيجابي لتخفيض قيمة الجنيه.
3- التجار والمستوردون
يعد كل من يتعامل بعملة الدولار بالاستيراد والشراء من الخارج، من أكثر الخاسرين بالنسبة لتعويم الجنيه، لأن القيمة المالية للجنيه انخفضت أمام الدولار، ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع وتحميلها للمواطنين، وعزوف المستهلكين عن الشراء.
وأطلق اتحاد الغرف التجارية المصرية مبادرة تحت عنوان "توقف عن شراء الدولار"، مع الحد من الاستيراد من الخارج.
بموجب المبادرة، من المتوقع أن يجمد الكثير من التجار عمليات الاستيراد وجعلها تقتصر على على السلع الرئيسية والاستراتيجية فقط.
وتحدثت "هافينغتون بوست عربي" مع العديد من التجار، الذين أوضحوا أن تعويم الجنيه يعد أكبر ضرر على كل فئات الشعب، وأن أكثر المتحملين لأضراره سيكون المواطن البسيط، من ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.
وقال أحد التجار -الذي فضل عدم ذكر اسمه- إنه من الممكن تقليل نسبة الاستيراد متسائلاً: "ولكن إلى متى"؟.
وأضاف "توفير العملة الأجنبية، عودة السياحة، دعم قناة السويس، تحويلات العاملين بالخارج، تشجيع المستثمر، وغيرها مع دعم الجنيه المحلي هي من سبل الاستقرار ودعم الاقتصاد، أما "تعويم الجنيه" فهو ضار بالفقير والغني".
ووصل العجز في الميزان التجاري إلى 37.6 مليار دولار خلال العام المالي 2015/2016، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.
البعض يشير إلى أن الكثير من السلع لا يتم استيرادها من الخارج، وبالتالي لن تتأثر أسعارها كثيرًا. ولكن في ظل الاضطراب الذي يشهده السوق المصري وعدم الرقابة فإن جميع الباعة يرفعون أسعارهم تأثرًا بما يحدث.
اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، قال سابقاً في إحدى البرامج الفضائية: "إن ارتفاع سعر الدولار أدى إلى ارتفاع الأسعار المرتبطة بالدولار، وغير المرتبطة". موضحًا أن تجار الخضراوات والفاكهة، بالرغم من عدم ارتباط سلعهم بالدولار، إلا أنهم يرفعون سعرها، لمواجهة الغلاء العام. وأضاف: "إن جشع التجار واضح جداً في السوق المصرية".
4- المدخرون في البنوك
يتجه الكثير من المصريين إلى ادخار أموالهم في البنوك منذ زمن بعيد بالجنيه. ولكن في الأعوام الماضية ومع انخفاض قيمة الجنيه كانت تلك الفئة من أكثر الخاسرين. ونسبة خسائرهم تقترب من فئة المودعين في شهادات قناة السويس.
البنوك المصرية تعطي أرباحًا 10% كل عام، وبمعنى أوضح كما أشرنا في فئة "المستثمرين في شهادات قناة السويس"، فإن من ادخر مبلغاً قدره 100 ألف جنيه في البنك فقد ربح 20 ألف خلال العامين الماضيين، ولكنه خسر 30 ألف من قيمته الفعلية، وهذا بالتعامل الرسمي. أما بالنسبة للسوق السوداء فإن المدخر في البنوك خسر ما يقرب من 60% من قيمة الجنيه.
5- أسواق الصرافة
تأتي "أسواق الصرافة" هي الأخرى من ضمن المتأثرين بعملية "تعويم الجنيه"، خاصة لما تشهده السوق من ارتباك واضطرابات، وعملية التراجع التي يشهدها الجنيه.
وقالت مصادر بسوق الصرف إن حركة بيع وشراء العملات الأجنبية والعربية توقفت تمامًا بشركات الصرافة، ترقبًا لما سيحدث فى سوق الصرف خلال الساعات المقبلة.
ويتوقع أن هذا القرار بالإضافة إلى الإجراءات المشددة على شركات الصرافة سيحد بشكل كبير من مزاولة هذه الشركات للنشاط الموازي لتغيير العملة، وبالتالي يؤدي إلى تراجع في معدل أرباحها.
إلا أن هناك رأيا يرى أن شركات الصرافات تأتي ضمن المستفيدين من "تعويم الجنيه" خاصة بعد جذبهم العملاء لتناسب أسعارهم مع السوق السوداء. وذلك حتى الوقت الحالي لأن أصحاب الصرافات أوضحوا أن تأثير "التعويم" سيظهر بالسوق السوداء بداية من "الأحد" المقبل.
وقال رئيس شركة القدس للصرافة، حاتم الجندي، إن تعويم الجنيه مفيد للصرافات، مشيرًا إلى أن السعر الرسمي الحالي 13.1 جنيه مقارب لسعر السوق السوداء، وهو ما يؤدى إلى وجود تناسب وجذب للعملاء.
وأضاف الجندي لـ"هافينغتون بوست عربي"، أن الاضطراب الذي شهده الجنيه الفترة الماضية أدى إلى ارتباك بحركة البيع والشراء وتوقفها نهائيًا، لأن العميل كان يلجأ إلى السوق السوداء للتعامل معها بدلاً عن البنوك والصرافات.
الخبير الاقتصادي، أشرف دوابة، أكد أن الخاسرين أكثر من الرابحين في عملية "تعويم الجنيه"، متسائلًا: "من يهم الدولة أكثر المواطن البسيط والموظفون أم السائح والمستثمر الذي هجر البلد منذ أكثر من 5 أعوام؟".
وأضاف دوابة لـ"هافينغتون بوست عربي"، أن الحكومة أرادت تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي حرفياً، متوقعاً ارتفاعاً مهولاً في الأسعار الفترة المقبلة وزيادة كبيرة في الدين الخارجي.
وأشار إلى أن معالجة أزمة "الدولار الأميركي" حالياً "بزيادة الصادرات، ودعم التحويلات من العاملين بالخارج".
وتؤكد التحليلات أن قرار "تعويم الجنيه" يأتي استجابة لشروط قرض "صندوق النقد الدولي"، دون الاكتراث للأضرار التي ستقع على معظم فئات الشعب المصري من "المواطن البسيط، والمساهمين في قناة السويس، والتجار، وأسوق الصرافة، والمدخرين في البنوك، والغرف التجارية، والمستوردين، وغيرهم".
الرابحون
1- المؤسسات والأفراد التي لديها ودائع دولارية
الشركات التي تحتفظ بكميات من العملات الرئيسية، وبخاصة الدولار، كتلك التي تعتمد على التصدير، فلديها فرصة كبيرة في تحقيق مكاسب عالية، دون أن تتحرك هذه الودائع خطوة واحدة.
فالشركة التي لديها فائض دولاري قدره مليون دولار مثلًا قبل قرار التعويم الجزئي، سترتفع قيمة فائضها بعد قرار التعويم الجزئي من 8.8 مليون جنيه إلى 13 مليون جنيه.
وكذلك بالنسبة للعديد من الأفراد الذين لديهم ودائع دولارية بالبنوك. ولكن من طبيعة الشعب المصري أن أغلبه يتعامل مع البنوك بادخار الأموال بالعملة المحلية، وقليلًا ما تجد مواطناً عادياً يدخر أمواله ودائع دولارية.
2- المضاربون
خلال الشهور الماضية نشطت تجارة شراء الدولار من الأسواق من قبل أفراد عاديين وتجار ومؤسسات، كنوع من أنواع المضاربة واكتناز الدولار وتوقعاً لقرار تعويم الجنيه، بما يعود عليهم بأرباح كبيرة وبمجهود بسيط، حتى إن حركة سحب الدولار باستخدام البطاقات الائتمانية في الخارج نشطت بشكل كبير جداً، مما دفع البنك المركزي لإصدار قرارات مققنة لاستخدام هذه البطاقات من الخارج، والآن جاءت الفرصة المناسبة لحصد جهود سحب الدولار من الخارج، وشرائه من الداخل.
وربما يرى هؤلاء المضاربون أن الفرصة ما زالت سانحة لمزيد من ارتفاع الدولار مقابل الجنيه، لذا فقد يرى بعضهم التريث قليلاً حتى يرى ما ستأتي به الأيام المقبلة.
3- الذين يتقاضون أجورهم بالدولار
وعلى نقيض الفئة التي تتقاضى أجورها بالجنيه المصري، تأتي هذه الفئة من العاملين بالشركات الأجنبية والمؤسسات التي تتعامل في هيكل أجورها بالدولار، وكذلك العاملون بشكل غير نظامي، أو ما يطلق عليهم "فري لانسر".
4- السائح الأجنبي والعاملون في قطاع السياحة
"تعويم الجنيه" أو انخفاضه يؤدي إلى إغراء السائح بالقدوم لذلك البلد، ولكن مع ضمان أمنه واستقراره، بعيدا عن الاضطرابات التي تخشاها العديد من الدول، وتحذر رعاياها من القدوم لمصر.
على سبيل المثال فإن السائح الذي يدفع 100 دولار ليحصل على خدمات بمقابل 880 جنيهاً، فإنه من الآن سيحصل على خدمات تقدر بـ1300 جنيه.
5- المستثمر الأجنبي
مع انخفاض "قيمة الجنيه" يؤدي هذا إلى إغراء المستثمر، ولكن بشرط توفر سبل الاستثمار المتاحة مع تواجد عامل الأمن والاستقرار.
ويمهد قرض صندوق النقد الدولى لاستثمارات فى مجالات الطاقة والصناعات الثقيلة، وتسعى الحكومة لجذب استثمارات للصناعات كثيفة العمالة، بما يسهم فى فتح باب التشغيل أمام قطاعات واسعة.
استيقظ المصريون صباح اليوم على خبر يترقبه معظمهم منذ عدة أسابيع، بعد أن كثرت التكهنات حوله، إذ قرر البنك المركزي المصري تحرير سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية، على أن يتم شراء الدولار الأمريكي من العملاء في البنوك بسعر استرشادي 13.1 جنيه وبيعه بسعر 13.50 مع منح البنوك حرية ومرونة التعامل في حدود 10% خفضاً أو زيادة عن السعر المحدد من البنك المركزي.
هذا القرار الذي جاء بعد أن تخطى الدولار حاجز الـ 18 جنيهاً في السوق السوادء، وكان يتوقع العديد صدوره خلال هذه الأيام، أصاب جهات وفئات كثيرة من المصريين بالحسرة، فيما هللت له فئات أخرى واعتبرته خطوة على طريق الإنعاش الاقتصادي المنتظر.
نحاول في هذا التقرير رصد فئات المواطنين الخاسرين والرابحين من قرار تعويم الجنية المصري.
الخاسرون
1- المساهمون في قناة السويس
في سبتمبر/ أيلول 2014، ومع ادخار العديد من المواطنين في شهادات الاستثمار بقناة السويس كان سعر الدولار في البنك المركزي 7.15 جنيه للشراء، ثم وصل إلى 8.85 قرش، ومع تعويم الجنيه اليوم، وصل سعره إلى 13.1 جنيه. أي أن قيمة الجنيه انخفضت بما يقرب من 50% منذ شراء شهادات قناة السويس، وذلك بالسعر الرسمي فقط.
وانخفضت قيمة الجنيه أمام الدولار أكثر من مرة بالسوق السوداء، ووصل الدولار إلى 18جنيهاً خلال الأيام الماضية، وبعدها اضطربت الأسواق، ومن المتوقع بعد "تعويم اليوم" ألا تتم السيطرة على الجنيه مرة أخرى.
شهادات الاستثمار بالقناة كانت بفائدة سنوية 12%، بمعنى أن من ادخر 100 ألف جنيه، ربح 24 ألفاً، ولكن في القيمة الفعلية خسر في هذين العامين ما يقرب من 26 ألف جنيه مصري. بذلك تكون قيمة الخسارة 26% في أي مبلغ تم إيداعه في القناة بالسعر الرسمي.
2- كل من يتقاضى أجراً بالجنيه
"الموظفون، العمال، الصنايعية، السائقون، وغيرهم".. كل من يتقاضى أجراً بالجنيه بعد قرار التعويم خسر ما يقرب من 40% من راتبه ومستحقاته من حيث القوة الشرائية، وتعد هذه الطبقة من أكثر المتضررين، خاصة أن هذه الفئات لن تستفيد من الأثر الإيجابي لتخفيض قيمة الجنيه.
3- التجار والمستوردون
يعد كل من يتعامل بعملة الدولار بالاستيراد والشراء من الخارج، من أكثر الخاسرين بالنسبة لتعويم الجنيه، لأن القيمة المالية للجنيه انخفضت أمام الدولار، ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع وتحميلها للمواطنين، وعزوف المستهلكين عن الشراء.
وأطلق اتحاد الغرف التجارية المصرية مبادرة تحت عنوان "توقف عن شراء الدولار"، مع الحد من الاستيراد من الخارج.
بموجب المبادرة، من المتوقع أن يجمد الكثير من التجار عمليات الاستيراد وجعلها تقتصر على على السلع الرئيسية والاستراتيجية فقط.
وتحدثت "هافينغتون بوست عربي" مع العديد من التجار، الذين أوضحوا أن تعويم الجنيه يعد أكبر ضرر على كل فئات الشعب، وأن أكثر المتحملين لأضراره سيكون المواطن البسيط، من ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.
وقال أحد التجار -الذي فضل عدم ذكر اسمه- إنه من الممكن تقليل نسبة الاستيراد متسائلاً: "ولكن إلى متى"؟.
وأضاف "توفير العملة الأجنبية، عودة السياحة، دعم قناة السويس، تحويلات العاملين بالخارج، تشجيع المستثمر، وغيرها مع دعم الجنيه المحلي هي من سبل الاستقرار ودعم الاقتصاد، أما "تعويم الجنيه" فهو ضار بالفقير والغني".
ووصل العجز في الميزان التجاري إلى 37.6 مليار دولار خلال العام المالي 2015/2016، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.
البعض يشير إلى أن الكثير من السلع لا يتم استيرادها من الخارج، وبالتالي لن تتأثر أسعارها كثيرًا. ولكن في ظل الاضطراب الذي يشهده السوق المصري وعدم الرقابة فإن جميع الباعة يرفعون أسعارهم تأثرًا بما يحدث.
اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، قال سابقاً في إحدى البرامج الفضائية: "إن ارتفاع سعر الدولار أدى إلى ارتفاع الأسعار المرتبطة بالدولار، وغير المرتبطة". موضحًا أن تجار الخضراوات والفاكهة، بالرغم من عدم ارتباط سلعهم بالدولار، إلا أنهم يرفعون سعرها، لمواجهة الغلاء العام. وأضاف: "إن جشع التجار واضح جداً في السوق المصرية".
4- المدخرون في البنوك
يتجه الكثير من المصريين إلى ادخار أموالهم في البنوك منذ زمن بعيد بالجنيه. ولكن في الأعوام الماضية ومع انخفاض قيمة الجنيه كانت تلك الفئة من أكثر الخاسرين. ونسبة خسائرهم تقترب من فئة المودعين في شهادات قناة السويس.
البنوك المصرية تعطي أرباحًا 10% كل عام، وبمعنى أوضح كما أشرنا في فئة "المستثمرين في شهادات قناة السويس"، فإن من ادخر مبلغاً قدره 100 ألف جنيه في البنك فقد ربح 20 ألف خلال العامين الماضيين، ولكنه خسر 30 ألف من قيمته الفعلية، وهذا بالتعامل الرسمي. أما بالنسبة للسوق السوداء فإن المدخر في البنوك خسر ما يقرب من 60% من قيمة الجنيه.
5- أسواق الصرافة
تأتي "أسواق الصرافة" هي الأخرى من ضمن المتأثرين بعملية "تعويم الجنيه"، خاصة لما تشهده السوق من ارتباك واضطرابات، وعملية التراجع التي يشهدها الجنيه.
وقالت مصادر بسوق الصرف إن حركة بيع وشراء العملات الأجنبية والعربية توقفت تمامًا بشركات الصرافة، ترقبًا لما سيحدث فى سوق الصرف خلال الساعات المقبلة.
ويتوقع أن هذا القرار بالإضافة إلى الإجراءات المشددة على شركات الصرافة سيحد بشكل كبير من مزاولة هذه الشركات للنشاط الموازي لتغيير العملة، وبالتالي يؤدي إلى تراجع في معدل أرباحها.
إلا أن هناك رأيا يرى أن شركات الصرافات تأتي ضمن المستفيدين من "تعويم الجنيه" خاصة بعد جذبهم العملاء لتناسب أسعارهم مع السوق السوداء. وذلك حتى الوقت الحالي لأن أصحاب الصرافات أوضحوا أن تأثير "التعويم" سيظهر بالسوق السوداء بداية من "الأحد" المقبل.
وقال رئيس شركة القدس للصرافة، حاتم الجندي، إن تعويم الجنيه مفيد للصرافات، مشيرًا إلى أن السعر الرسمي الحالي 13.1 جنيه مقارب لسعر السوق السوداء، وهو ما يؤدى إلى وجود تناسب وجذب للعملاء.
وأضاف الجندي لـ"هافينغتون بوست عربي"، أن الاضطراب الذي شهده الجنيه الفترة الماضية أدى إلى ارتباك بحركة البيع والشراء وتوقفها نهائيًا، لأن العميل كان يلجأ إلى السوق السوداء للتعامل معها بدلاً عن البنوك والصرافات.
الخبير الاقتصادي، أشرف دوابة، أكد أن الخاسرين أكثر من الرابحين في عملية "تعويم الجنيه"، متسائلًا: "من يهم الدولة أكثر المواطن البسيط والموظفون أم السائح والمستثمر الذي هجر البلد منذ أكثر من 5 أعوام؟".
وأضاف دوابة لـ"هافينغتون بوست عربي"، أن الحكومة أرادت تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي حرفياً، متوقعاً ارتفاعاً مهولاً في الأسعار الفترة المقبلة وزيادة كبيرة في الدين الخارجي.
وأشار إلى أن معالجة أزمة "الدولار الأميركي" حالياً "بزيادة الصادرات، ودعم التحويلات من العاملين بالخارج".
وتؤكد التحليلات أن قرار "تعويم الجنيه" يأتي استجابة لشروط قرض "صندوق النقد الدولي"، دون الاكتراث للأضرار التي ستقع على معظم فئات الشعب المصري من "المواطن البسيط، والمساهمين في قناة السويس، والتجار، وأسوق الصرافة، والمدخرين في البنوك، والغرف التجارية، والمستوردين، وغيرهم".
الرابحون
1- المؤسسات والأفراد التي لديها ودائع دولارية
الشركات التي تحتفظ بكميات من العملات الرئيسية، وبخاصة الدولار، كتلك التي تعتمد على التصدير، فلديها فرصة كبيرة في تحقيق مكاسب عالية، دون أن تتحرك هذه الودائع خطوة واحدة.
فالشركة التي لديها فائض دولاري قدره مليون دولار مثلًا قبل قرار التعويم الجزئي، سترتفع قيمة فائضها بعد قرار التعويم الجزئي من 8.8 مليون جنيه إلى 13 مليون جنيه.
وكذلك بالنسبة للعديد من الأفراد الذين لديهم ودائع دولارية بالبنوك. ولكن من طبيعة الشعب المصري أن أغلبه يتعامل مع البنوك بادخار الأموال بالعملة المحلية، وقليلًا ما تجد مواطناً عادياً يدخر أمواله ودائع دولارية.
2- المضاربون
خلال الشهور الماضية نشطت تجارة شراء الدولار من الأسواق من قبل أفراد عاديين وتجار ومؤسسات، كنوع من أنواع المضاربة واكتناز الدولار وتوقعاً لقرار تعويم الجنيه، بما يعود عليهم بأرباح كبيرة وبمجهود بسيط، حتى إن حركة سحب الدولار باستخدام البطاقات الائتمانية في الخارج نشطت بشكل كبير جداً، مما دفع البنك المركزي لإصدار قرارات مققنة لاستخدام هذه البطاقات من الخارج، والآن جاءت الفرصة المناسبة لحصد جهود سحب الدولار من الخارج، وشرائه من الداخل.
وربما يرى هؤلاء المضاربون أن الفرصة ما زالت سانحة لمزيد من ارتفاع الدولار مقابل الجنيه، لذا فقد يرى بعضهم التريث قليلاً حتى يرى ما ستأتي به الأيام المقبلة.
3- الذين يتقاضون أجورهم بالدولار
وعلى نقيض الفئة التي تتقاضى أجورها بالجنيه المصري، تأتي هذه الفئة من العاملين بالشركات الأجنبية والمؤسسات التي تتعامل في هيكل أجورها بالدولار، وكذلك العاملون بشكل غير نظامي، أو ما يطلق عليهم "فري لانسر".
4- السائح الأجنبي والعاملون في قطاع السياحة
"تعويم الجنيه" أو انخفاضه يؤدي إلى إغراء السائح بالقدوم لذلك البلد، ولكن مع ضمان أمنه واستقراره، بعيدا عن الاضطرابات التي تخشاها العديد من الدول، وتحذر رعاياها من القدوم لمصر.
على سبيل المثال فإن السائح الذي يدفع 100 دولار ليحصل على خدمات بمقابل 880 جنيهاً، فإنه من الآن سيحصل على خدمات تقدر بـ1300 جنيه.
5- المستثمر الأجنبي
مع انخفاض "قيمة الجنيه" يؤدي هذا إلى إغراء المستثمر، ولكن بشرط توفر سبل الاستثمار المتاحة مع تواجد عامل الأمن والاستقرار.
ويمهد قرض صندوق النقد الدولى لاستثمارات فى مجالات الطاقة والصناعات الثقيلة، وتسعى الحكومة لجذب استثمارات للصناعات كثيفة العمالة، بما يسهم فى فتح باب التشغيل أمام قطاعات واسعة.