الإعتداء الخفي
صوت أنين وصراخ وألم يتعالى من بين الكراسي هناك في إحدى الحافلات في الهند، في حين تعجز تلك الطبيبة الهندية عن تخفيف الألم لأنها كانت هي الضحية، تلك الفتاة الهندية طالبة الطب يعتدي عليها ستة رجال بوحشية وقسوة ماتت فيها ضمائرهم فانقضوا عليها جميعاً بلا رحمة لتموت وأحلامها بعد أيامٍ من المعاناة والعذاب!
ويتكرر المشهد ذاته وأحداثة لكن هذه المرة في شمال افريقيا وتحديداً في جمهورية مصر العربية. هذه الحادثة أو تلك ما هما إلا مثالاً لحوادث عدة تداولتها وسائل الاعلام المحلي والعالمي مشيرة إلى الظلم والقهر اللذين تعاني منهما المرأة حول العالم، ليلقي العالم أجمع باللوم على المجتمعات بـ”الصبغة الذكورية” ودعمها لهم، لكن هل حقاً المرأة تحتاج لحقوق لتحميها من وقوع مثل هذه الحوادث؟
ومن جهة أخرى هناك في أحد الزوايا المظلمة وبعيداً عن الأنظار يعتدي رجل على شابٍ محترم وهو في طريق عودته إلى منزله لكن في هذه المرة ولحسن الحظ لم تمت الضحية وأيضاً لم يعرف أحد بهذه الحادثة ولا بالمعاناة التي قد ترتبت عليها! ولعله ولذات السبب الذي تلام به مجتمعاتنا وهو “الصبغة الذكورية” سيضطر ذلك الشاب لاخفاء الامر ولن يجرؤ على البوح بما حدث معه إما لأنه سيتحول في نظر المجتمع من ضحية إلى مجرم أو لأنه سيفقد احترامه ومكانته وسط أقرانه ومجتمعه، وإن كان الاعتداء على ذلك الشاب من قبل امرأة فسيكون الأمر أظلم وأكثر قسوة ولن يستطيع بأي وقت ولا بأي شكل البوح بهذا الاعتداء لأن المجتمع وبكل بساطة لن يصدقه! هذا ما أكدته نائبة رئيس مركز خدمات الضحايا، وهي منظمة مناهضة للعنف الجنسي، جنيفر مارش قائلة: “في كثير من الأحيان، فإن الضحايا الرجال قد يكونون أقل تعبيراً لوصف ما حدث لهم من إساءة جنسية، بسبب المفهوم العام الذي يشير إلى أن الرجال دائماً يريدون الجنس. وأضافت أن ” أدوار الجنسين تملي أن يكون الرجل أقوى، خصوصاً أن الذكور ينظر إليهم بوصفهم الأشخاص الذين يطمحون إلى العلاقات الجنسية أكثر من أولئك الذين يردعون ذلك.”
قليلة تلك القصص التي تنتشر اعلامياً أو يلقى لها بالاً أو تجد لها أذاناً صاغية أو حتى تعاطفاً للاعتداء الذي يتعرض له الذكور مما يمنعهم عن البوح، في حين تلقى قضايا الاعتداء أو التحرش بالإناث والأطفال تعاطفاً دولياً وعالمياً.
وهنا تبادر لذهني سؤال جوهري تُرى حين تسعى المرأة بشتى السبل لاظهار جمالها ومفاتنها – بغض النظر عن هدفها ونيتها من هذا التصرف – ألا يعتبر اثارة وتحرشاً مباشراً للرجال الذين يؤمن المجتمع بأنهم هم الذين يطمحون إلى العلاقات الجنسية؟
بحثت عن اجابة عادلة بعيدة عن النصوص الدينية لأجد الأجابة في الدراسة التي صدرت عن جامعة فالنسيا الأسبانية ، حين أكدت أن بقاء الرجل لمدة 5 دقائق فقط بمفرده مع امرأة جذابة يرفع معدل الكورتيزول في دمه، والكورتيزول هو هرمون الإجهاد في الجسم ، ينتجه الجسم في حالات الإجهاد الجسدي أو النفسي ولطالما تم ربطه بأمراض القلب، ودعمت الاجابة هذه دراسة أخرى أجريت في ألمانيا أظهرت أن 70% من الشباب يعانون من مشاكل في ضغط الدم والقلب بسبب تعرضهم للاثارة من النساء طوال الوقت بسبب مظهرهم المثير مما يضطرهم لكبت هذه المشاعر والتعايش معها مما أدى ذلك لتدهور صحتهم الجسدية والنفسية ولربما لجوئهم للاعتداء أو الشذوذ.
فحين ترتدي المرأة لباساً يُظهر مفاتنها، وتتعطر بعطر صنع خصيصاً لاثارة الذكور، وتضع أصنافاً من مواد التجميل لتبرز مواطن الجمال فيها لهو “اعتداء خفي” وتحرش وايذاء مقصود للذكور على اختلاف أطيافهم وأعمارهم، وتأكيداً على ذلك اصدار بعض الولايات في أمريكا قوانين تمنع ارتداء بعض الملابس لأسباب خُلقية وتقليلاً للجريمة، وكذلك اصدار بعض الجامعات في الهند قوانين تمنع الملابس الملفتة أو التي تظهر مفاتن المرأة. ورغم أن الأديان أمرتنا بالستر والعفة لتحفظ مجتمعاتنا إلا أننا للأسف غالباً ما نعترض ونرفض القانون إن كان تشريعاً ربانياً.
وبالعودة إلى الاعتداء والتحرش يجدر بالذكر هنا دراسة نشرت في دورية “جاما” التي أظهرت أن معدل الاعتداء الجنسي لدى الرجال بلغ 52%، والذي كان قريباً جداً منه لدى النساء الذي بلغ 48%، لتؤكد هذه الدراسة كيف أن الاعلام والمجتمع بل والعالم أجمع يظلم “الذكر” الضحية مما يزيد المشكلة وانتشارها ولربما يدفع الضحية للتحول إلى معتدٍ! ذلك ما أظهرته الإحصائيات بأن 95% من المعتدين أو الشواذ قد تعرضوا هم أنفسهم للاعتداء في طفولتهم أو شبابهم لنكتشف أننا أمام دائرة مترابطة لا تنتهي إلا بإيقاف ما سبقها من ثم نتسلسل بها لنعود إلى البداية.
إن بقينا نتجاهل الحقائق متعمدين فإن هذه الحوادث والمشكلات التي يواجهها العالم أجمع ستزداد سوءً وانتشاراً فما هي إلا بسبب الانحراف الأخلاقي الواضح والظلم والقهر الذي يفرضه المجتمع على الضحية وازدرائها بدلاً من القصاص لها واحتوائها.
ومحاولتنا اخفاء وتزيف الحقائق لمصالح اقتصادية بحته ودعمنا الكامل لما يمليه علينا أهل المال لن يغير الوضع بل سيزيده سوء، وصمتنا على “الاعتداء الخفي” بحجة أننا لسنا معنيين ما هو إلا كذبة أخرى نكذبها على أنفسنا لنبرر عجزنا وانهزامنا لأن كل واحد منا معرض لأن يكون يوماً ما هو الضحية، لذا فلنحكم عقولنا وقلوبنا ونعمل يداً بيد لتحقيق العدل والقصاص والأمر بالستر والعفة فجمالنا الحقيقي بأخلاقنا لا بمظهرنا.
صوت أنين وصراخ وألم يتعالى من بين الكراسي هناك في إحدى الحافلات في الهند، في حين تعجز تلك الطبيبة الهندية عن تخفيف الألم لأنها كانت هي الضحية، تلك الفتاة الهندية طالبة الطب يعتدي عليها ستة رجال بوحشية وقسوة ماتت فيها ضمائرهم فانقضوا عليها جميعاً بلا رحمة لتموت وأحلامها بعد أيامٍ من المعاناة والعذاب!
ويتكرر المشهد ذاته وأحداثة لكن هذه المرة في شمال افريقيا وتحديداً في جمهورية مصر العربية. هذه الحادثة أو تلك ما هما إلا مثالاً لحوادث عدة تداولتها وسائل الاعلام المحلي والعالمي مشيرة إلى الظلم والقهر اللذين تعاني منهما المرأة حول العالم، ليلقي العالم أجمع باللوم على المجتمعات بـ”الصبغة الذكورية” ودعمها لهم، لكن هل حقاً المرأة تحتاج لحقوق لتحميها من وقوع مثل هذه الحوادث؟
ومن جهة أخرى هناك في أحد الزوايا المظلمة وبعيداً عن الأنظار يعتدي رجل على شابٍ محترم وهو في طريق عودته إلى منزله لكن في هذه المرة ولحسن الحظ لم تمت الضحية وأيضاً لم يعرف أحد بهذه الحادثة ولا بالمعاناة التي قد ترتبت عليها! ولعله ولذات السبب الذي تلام به مجتمعاتنا وهو “الصبغة الذكورية” سيضطر ذلك الشاب لاخفاء الامر ولن يجرؤ على البوح بما حدث معه إما لأنه سيتحول في نظر المجتمع من ضحية إلى مجرم أو لأنه سيفقد احترامه ومكانته وسط أقرانه ومجتمعه، وإن كان الاعتداء على ذلك الشاب من قبل امرأة فسيكون الأمر أظلم وأكثر قسوة ولن يستطيع بأي وقت ولا بأي شكل البوح بهذا الاعتداء لأن المجتمع وبكل بساطة لن يصدقه! هذا ما أكدته نائبة رئيس مركز خدمات الضحايا، وهي منظمة مناهضة للعنف الجنسي، جنيفر مارش قائلة: “في كثير من الأحيان، فإن الضحايا الرجال قد يكونون أقل تعبيراً لوصف ما حدث لهم من إساءة جنسية، بسبب المفهوم العام الذي يشير إلى أن الرجال دائماً يريدون الجنس. وأضافت أن ” أدوار الجنسين تملي أن يكون الرجل أقوى، خصوصاً أن الذكور ينظر إليهم بوصفهم الأشخاص الذين يطمحون إلى العلاقات الجنسية أكثر من أولئك الذين يردعون ذلك.”
قليلة تلك القصص التي تنتشر اعلامياً أو يلقى لها بالاً أو تجد لها أذاناً صاغية أو حتى تعاطفاً للاعتداء الذي يتعرض له الذكور مما يمنعهم عن البوح، في حين تلقى قضايا الاعتداء أو التحرش بالإناث والأطفال تعاطفاً دولياً وعالمياً.
وهنا تبادر لذهني سؤال جوهري تُرى حين تسعى المرأة بشتى السبل لاظهار جمالها ومفاتنها – بغض النظر عن هدفها ونيتها من هذا التصرف – ألا يعتبر اثارة وتحرشاً مباشراً للرجال الذين يؤمن المجتمع بأنهم هم الذين يطمحون إلى العلاقات الجنسية؟
بحثت عن اجابة عادلة بعيدة عن النصوص الدينية لأجد الأجابة في الدراسة التي صدرت عن جامعة فالنسيا الأسبانية ، حين أكدت أن بقاء الرجل لمدة 5 دقائق فقط بمفرده مع امرأة جذابة يرفع معدل الكورتيزول في دمه، والكورتيزول هو هرمون الإجهاد في الجسم ، ينتجه الجسم في حالات الإجهاد الجسدي أو النفسي ولطالما تم ربطه بأمراض القلب، ودعمت الاجابة هذه دراسة أخرى أجريت في ألمانيا أظهرت أن 70% من الشباب يعانون من مشاكل في ضغط الدم والقلب بسبب تعرضهم للاثارة من النساء طوال الوقت بسبب مظهرهم المثير مما يضطرهم لكبت هذه المشاعر والتعايش معها مما أدى ذلك لتدهور صحتهم الجسدية والنفسية ولربما لجوئهم للاعتداء أو الشذوذ.
فحين ترتدي المرأة لباساً يُظهر مفاتنها، وتتعطر بعطر صنع خصيصاً لاثارة الذكور، وتضع أصنافاً من مواد التجميل لتبرز مواطن الجمال فيها لهو “اعتداء خفي” وتحرش وايذاء مقصود للذكور على اختلاف أطيافهم وأعمارهم، وتأكيداً على ذلك اصدار بعض الولايات في أمريكا قوانين تمنع ارتداء بعض الملابس لأسباب خُلقية وتقليلاً للجريمة، وكذلك اصدار بعض الجامعات في الهند قوانين تمنع الملابس الملفتة أو التي تظهر مفاتن المرأة. ورغم أن الأديان أمرتنا بالستر والعفة لتحفظ مجتمعاتنا إلا أننا للأسف غالباً ما نعترض ونرفض القانون إن كان تشريعاً ربانياً.
وبالعودة إلى الاعتداء والتحرش يجدر بالذكر هنا دراسة نشرت في دورية “جاما” التي أظهرت أن معدل الاعتداء الجنسي لدى الرجال بلغ 52%، والذي كان قريباً جداً منه لدى النساء الذي بلغ 48%، لتؤكد هذه الدراسة كيف أن الاعلام والمجتمع بل والعالم أجمع يظلم “الذكر” الضحية مما يزيد المشكلة وانتشارها ولربما يدفع الضحية للتحول إلى معتدٍ! ذلك ما أظهرته الإحصائيات بأن 95% من المعتدين أو الشواذ قد تعرضوا هم أنفسهم للاعتداء في طفولتهم أو شبابهم لنكتشف أننا أمام دائرة مترابطة لا تنتهي إلا بإيقاف ما سبقها من ثم نتسلسل بها لنعود إلى البداية.
إن بقينا نتجاهل الحقائق متعمدين فإن هذه الحوادث والمشكلات التي يواجهها العالم أجمع ستزداد سوءً وانتشاراً فما هي إلا بسبب الانحراف الأخلاقي الواضح والظلم والقهر الذي يفرضه المجتمع على الضحية وازدرائها بدلاً من القصاص لها واحتوائها.
ومحاولتنا اخفاء وتزيف الحقائق لمصالح اقتصادية بحته ودعمنا الكامل لما يمليه علينا أهل المال لن يغير الوضع بل سيزيده سوء، وصمتنا على “الاعتداء الخفي” بحجة أننا لسنا معنيين ما هو إلا كذبة أخرى نكذبها على أنفسنا لنبرر عجزنا وانهزامنا لأن كل واحد منا معرض لأن يكون يوماً ما هو الضحية، لذا فلنحكم عقولنا وقلوبنا ونعمل يداً بيد لتحقيق العدل والقصاص والأمر بالستر والعفة فجمالنا الحقيقي بأخلاقنا لا بمظهرنا.