هيجز بوزون
تخيّل أننا مدعوون لحفلة بها عددٌ لا بأس به من الحضور , و بينما الجميع مشغولون فى شئونهم الخاصة , إذ دخل شخصٌ شهيرٌ الى الحفل و بسرعة شديدة التفت الجميع حول هذا الشخص الشهير من أجل الترحيب او ابداء الاعجاب او التقاط صورا تذكارية !
و بينما نراقب انا و أنت حال الجميع من الالتفات حول الشخصية الشهيرة , لاحظنا أيضا دخول شخص آخر الى الحفل و لكن لم يهتم به أحد ! فشّق مكانه بين الحضور دون أن يلاحظه أحد و وجد لنفسه مكانا بجانبنا ..
و الآن انتهينا من التخيل و لنعد الى الحياة الواقعية .
و حيث أن الواقع أغرب من الخيال , فبطل هذه القصة الواقعية هو عالم تخصّص فى الفيزياء النظرية يُدعى ” بيتر هيجز ” .
فى عام 1964 افترض ” بيتر هيجز ” أن الكون يتخلله حقل من الطاقة فأسماه باسمه ” حقل هيجز ” , و أضاف ان هذا الحقل احدى مكوناته هى ” هيجز بوزون ” أو ” بوزون هيجز ” كما يطلق عليه البعض و هى المسئولة عن اكساب المادة لكتلتها !
ربما راودك هذا السؤال يومًا ! ما الذى يجعل كتلة البروتون أكبر من كتلة الالكترون ؟!
بالطبع الإجابة ليست بسبب اختلاف حجم الالكترون و البروتون و الا لكانت كتلة ” بالون ” تفوق كتلة كرة حديدية على سبيل المثال .
على المستوى الذرى الاجابة هى هيجز بوزون , نعم , تلك البوزونات هى المسئولة عن اكساب المادة لكتلتها .
و للتبسيط أكثر اذا عدنا الى تخيّل شكل الحفل التى حضرناها سابقا , فان الحفلة هى مجال هيجز اما الحضور فهم ” هيجز بوزون ” .
و الشخص الشهير هو البروتون الذى تفاعل بصورة كبيرة مع مجال هيجز و التفت حوله العديد من هيجز بوزون , بينما الشخص الذى لم يلفت الانتباه اليه و جلس بجانبنا هو الالكترون الذي لم يتفاعل مع مجال هيجز و لم يلتفت حوله ايًا من هيجز بوزون لذلك لم يكتسب أى كتلة .
ما يثير الحماس فى هذا الموضوع هو أنه بعد كل هذا العناء تم التأكيد عمليا وجود هيجز بوزون و بعد مرور 49 عاما كاملا تُّوجّ أخيرا بيتر هيجز بجائزة نوبل مناصفة مع ” فرانسوا أنجليرت ” و ذلك لاكتشافهما لهيجز بوزون .