عن أسباب وتأثيرات رغبة مشعل في التنحي عن قيادة حماس
جدد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل نيته عدم الترشح مرة أخرى لقيادة الحركة. ويطرح تنحي مشعل عن رئاسة المكتب السياسي للحركة تساؤلات حول الأسباب الحقيقية لهذه الخطوة، وانعكاساتها على سياسات حماس وعلاقاتها العربية والدولية، وقضية الصراع مع إسرائيل، ومتابعة ملفات المصالحة الفلسطينية. ويصعب التكهن بمستقبل الاختلافات المحتدمة في صفوف الحركة بين عدة تيارات على خلفية القضايا المطروحة. ورغم أن التوقعات تنحصر بين نائب رئيس المكتب السياسي زعيم الحركة السابق موسى أبو مرزوق، ورئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة إسماعيل هنية ، فإن مفاجآت قد تحصل حتى نهاية العام ومنها اختيار شخصية أخرى أو حتى اقناع مشعل بالعدول عن فكرته مؤقتا بسبب الظروف التي تعيشها المنطقة العربية.
عن أسباب الاستقالة...
ترددت الأنباء عن عدم نية مشعل الترشح مرة أخرى منذ أشهر تزامنا مع بداية انتخابات الحركة لمجلس الشورى في فلسطين والأقاليم الخارجية. مصدر قيادي في حركة حماس نفى لموقع "روسيا اليوم" أن يكون قرار خالد مشعل عدم الترشح لقيادة المكتب السياسي للحركة مرتبطا بأي "تطورات داخل أو خارج الحركة". وشدد أن القرار ينبع من قناعة الرجل(مشعل) أنه يجب صناعة نموذج حركي إسلامي في ترك المناصب من قبل القادة المؤسسين وترك المجال لدماء جديدة كي تسري في عروق الحركة. وكشف أن مشعل بدأ بالتفكير بعدم ترشيح نفسه في بداية العام 2011، وأعلن قراره صراحة في اجتماع للحركة منذ نحو سبعة أشهر.
لكن تسريبات صحفية كثرت حول خلافات كبيرة بين تيار يقوده محمود الزهار وخليل الحية القياديان في الحركة من قطاع غزة، واتهامات منهما لمشعل بعدم الكفاءة وتقديم تنازلات سياسية للسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس. واحتدمت الاختلافات بعد تصريحات في العام الماضي دعا فيها مشعل إلى اعطاء فرصة للتسوية السلمية، وتفاقمت عقب التوقيع على "إتفاق الدوحة" في فبراير/شباط الماضي للمصالحة، وينص على انهاء حالة الانقسام والتحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية، وطفت الخلافات على السطح إثر رفض قيادات حماس القبول برئاسة محمود عباس لحكومة تحضر للانتخابات في مايو/ أيار من العام الجاري. ويرى معارضو مشعل أن توقيعه على "اتفاق الدوحة" ذروة ما وصفوه بـ"تراكم أخطائه وفرديته في العمل واتخاذ قرارات إستراتيجية دون العودة إلى قيادة الحركة"، وأشاع بعضهم أنه أوعز لكتائب عز الدين القسام بتجميد المقاومة المسلحة ضد إسرائيل إلى أجل غير مسمى، وإعلانه أن حماس تتفق مع فصائل منظمة التحرير على إقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود الأراضي المحتلة في العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وبأن حركته ستركز في عملها مستقبلاً على الكفاح الشعبي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
كما برزت خلافات بين قيادة الخارج وقيادة غزة على خلفية الموقف من التحالفات مع سورية وإيران وحزب الله، وتواتر أنباء عن زيارة الزهار بيروت سرا ولقائه أمين عام حزب الله حسن نصر. وأثارت دعوة إيران، التي نفتها فيما بعد، لاسماعيل هنية بصفته رئيسا للوزراء لحضور قمة عدم الانحياز، تساؤلات كثيرة.
صعوبة شغل مكان مشعل...
ترأس مشعل المكتب السياسي لحركة حماس عقب اعتقال نائبه الحالي الرئيس السابق للمكتب السياسي موسى أبو مرزوق في العام 1996. وبعدها بعام حاول الموساد الإسرائيلي اغتيال مشعل في عمان لكنه نجا من الموت بالسم بأعجوبة، وعقد الملك الراحل حسين بن عبد الله صفقة أنقذت حياة مشعل من الموت وأخرجت مؤسس الحركة الشيخ الراحل أحمد ياسين من السجن. وبعد اغتيال ياسين وعبد العزيز الرنتيسي ازدادت قوة مشعل في صفوف الحركة، واستطاع نسج علاقات عربية ودولية مميزة.
ومع إعلان مشعل عدم نيته الترشح للقيادة لم يستبعد المصدر القيادي في حماس في حديث مع موقع "روسيا اليوم" أن "تواجه الحركة صعوبة في المرحلة المقبلة على صعيد العلاقات الدولية وخاصة العربية منها"، وأشار إلى أن "أبو الوليد" استطاع "اختراق مجالات كانت تعتبر أبعد ما يكون عن فضاء الحركة الإخوانية". وكشف المصدر لموقع "روسيا اليوم" أن "هناك رغبة لدى بعض القادة العرب في بقاء مشعل خصوصاً أن بعضهم يستصعب التعامل مع غيره من قيادات حماس"، وأوضح أن هذه كانت "إحدى النقاط التي دفعت قيادة الحركة للضغط على مشعل للعدول عن قراره".
كما أن القيادات العسكرية للجناح العسكري التابع لحماس ترتبط بعلاقات قوية مع مشعل وترغب في استمرار قيادته للحركة، وكشفت مصادر أن أحمد الجعبري القيادي في كتائب عز الدين القسام التقى مشعل واعلن تأييده لبقائه على رأس المكتب السياسي.
أبومرزوق الأوفر حظا للخلافة
تكاد تنحصر المنافسة على خلافة رئاسة المكتب السياسي بين اسماعيل هنية وأبو مرزوق، ولكن شخصيات أخرى قد تبرز نظرا لوجود صف قيادي كبير في الحركة. ويؤخذ على رئيس وزراء الحكومة المقالة هنية ضعف تجربته في السياسة الخارجية رغم تمتعه بدعم شعبي في صفوف الحركة، كما أن عدم توفر حرية الحركة في ظل أوضاع غزة يقوي احتمال اختيار شخصية من الخارج. ويبرز أبو مرزوق بصفته المرشح الأوفر حظا لعدة أسباب، فالرجل ترأس المكتب السياسي سابقا قبل مشعل، ويستقر حاليا في القاهرة وهو مقرب من الرئيس محمد مرسي زميل الدراسة، كما أنه يملك خبرة كبيرة في السياسة الخارجية، وترأس ملف مفاوضات المصالحة منذ فترة طويلة. وبالنسبة لتوازنات القوى في داخل الحركة فإن أصوله الغزية تجعل منه شخصية مقبولة بالنسبة للزهار والحية والفريق المتشدد في حماس. ولعل الأهم أن أبو مرزوق ببراغماتيته المعروفة يمكن أن يحافظ على مسار الحركة في المرحلة المقبلة وضمان عدم حدوث انشقاقات فيها.
ولا يمكن التقليل من حظوظ القيادي صالح العاروري المقيم حاليا في تركيا، فهو أسير سابق لمدة 17 عاما، ويترأس حالياً ملف الأسرى والدائرة السياسية في الضفة الغربية، ويعد مهندس الافراج عن أسرى فلسطينيين بمقتضى صفقة شاليط، ويرتبط العاروري بعلاقة جيدة مع مشعل، وله شعبية واسعة في الضفة والخارج، ويحظى باحترام الأجنحة العسكرية.
التأثيرات المستقبلية ...
لا يخفى على أحد وجود خلاف بين جناحين في حماس في شأن المصالحة الفلسطينية، وضرورة إنهاء الانقسام والمحافظة على مكتسبات الحكومة المقالة، وفيما تعتبر قيادة الخارج أن المصالحة أهم من أي مكتسبات لصالح الحفاظ على إستراتيجية الحركة العامة المتمثلة بتحرير فلسطين "كاملة"، ترى قيادة غزة "أن التفريط بمكتسبات الحكومة سيعني العودة إلى وضع قديم يصعب تحمله ومن الممكن إدخال الحركة في دوامة جديدة مع فتح".
وفي حال تمكن التيار المتشدد في حماس من فرض رؤيته فإن ذلك يمثل خسارة مؤلمة للشعب الفلسطيني بسبب احتمال ضياع كل الجهود المبذولة لإتمام المصالحة بين فصائله وقواه السياسية وإعادة بناء مؤسساته الوطنية الجامعة، وإنهاء الانقسام الكياني بين قطاع غزة والضفة الغربية، كما أن هروب حماس نحو مزيد من البراغماتية سوف يجلب لها إشكالات غير مسبوقة، سوف تؤثر لاحقاً على دورها ومكانتها وتماسك جسمها التنظيمي، وهو ما أدركه مشعل وقلة قليلة تقف إلى جانبه في قيادة الحركة، فالمرحلة لم تعد تحتمل سياسات وبرامج تتحايل على الاستحقاقات من خلال اشتقاقات آنية وظرفية متقلبة، جرى تمريرها في السابق باستخدام تكتيكات "الباب الدوار".
وأخيرا فإن إصرار مشعل على عدم الترشح لرئاسة المكتب السياسي لحركة حماس لضخ دماء جديدة في الحركة يعطي درسا لبقية قادة الفصائل الفلسطينية بضرورة التغيير والتجديد، لكنه في ذات الوقت يؤثر سلبا خصوصا في ظل المرحلة الصعبة التي تشهدها المنطقة والتي تحتاج إلى سياسيين أقوياء ومؤثرين ولا يخشون مواجهة الاستحقاقات المطلوبة حتى ولو أثارت موجة من السخط على المدى القصير في صفوف تنظيماتهم، وربما يعوض عن ذلك انتخاب شخصية ناضجة سياسيا تسعى إلى انهاء الانقسام الفلسطيني، واتخاذ مواقف تعيد الألق للقضية الفلسطينية في زمن الربيع العربي دون مراعاة الحسابات الضيقة.
جدد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل نيته عدم الترشح مرة أخرى لقيادة الحركة. ويطرح تنحي مشعل عن رئاسة المكتب السياسي للحركة تساؤلات حول الأسباب الحقيقية لهذه الخطوة، وانعكاساتها على سياسات حماس وعلاقاتها العربية والدولية، وقضية الصراع مع إسرائيل، ومتابعة ملفات المصالحة الفلسطينية. ويصعب التكهن بمستقبل الاختلافات المحتدمة في صفوف الحركة بين عدة تيارات على خلفية القضايا المطروحة. ورغم أن التوقعات تنحصر بين نائب رئيس المكتب السياسي زعيم الحركة السابق موسى أبو مرزوق، ورئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة إسماعيل هنية ، فإن مفاجآت قد تحصل حتى نهاية العام ومنها اختيار شخصية أخرى أو حتى اقناع مشعل بالعدول عن فكرته مؤقتا بسبب الظروف التي تعيشها المنطقة العربية.
عن أسباب الاستقالة...
ترددت الأنباء عن عدم نية مشعل الترشح مرة أخرى منذ أشهر تزامنا مع بداية انتخابات الحركة لمجلس الشورى في فلسطين والأقاليم الخارجية. مصدر قيادي في حركة حماس نفى لموقع "روسيا اليوم" أن يكون قرار خالد مشعل عدم الترشح لقيادة المكتب السياسي للحركة مرتبطا بأي "تطورات داخل أو خارج الحركة". وشدد أن القرار ينبع من قناعة الرجل(مشعل) أنه يجب صناعة نموذج حركي إسلامي في ترك المناصب من قبل القادة المؤسسين وترك المجال لدماء جديدة كي تسري في عروق الحركة. وكشف أن مشعل بدأ بالتفكير بعدم ترشيح نفسه في بداية العام 2011، وأعلن قراره صراحة في اجتماع للحركة منذ نحو سبعة أشهر.
لكن تسريبات صحفية كثرت حول خلافات كبيرة بين تيار يقوده محمود الزهار وخليل الحية القياديان في الحركة من قطاع غزة، واتهامات منهما لمشعل بعدم الكفاءة وتقديم تنازلات سياسية للسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس. واحتدمت الاختلافات بعد تصريحات في العام الماضي دعا فيها مشعل إلى اعطاء فرصة للتسوية السلمية، وتفاقمت عقب التوقيع على "إتفاق الدوحة" في فبراير/شباط الماضي للمصالحة، وينص على انهاء حالة الانقسام والتحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية، وطفت الخلافات على السطح إثر رفض قيادات حماس القبول برئاسة محمود عباس لحكومة تحضر للانتخابات في مايو/ أيار من العام الجاري. ويرى معارضو مشعل أن توقيعه على "اتفاق الدوحة" ذروة ما وصفوه بـ"تراكم أخطائه وفرديته في العمل واتخاذ قرارات إستراتيجية دون العودة إلى قيادة الحركة"، وأشاع بعضهم أنه أوعز لكتائب عز الدين القسام بتجميد المقاومة المسلحة ضد إسرائيل إلى أجل غير مسمى، وإعلانه أن حماس تتفق مع فصائل منظمة التحرير على إقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود الأراضي المحتلة في العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وبأن حركته ستركز في عملها مستقبلاً على الكفاح الشعبي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
كما برزت خلافات بين قيادة الخارج وقيادة غزة على خلفية الموقف من التحالفات مع سورية وإيران وحزب الله، وتواتر أنباء عن زيارة الزهار بيروت سرا ولقائه أمين عام حزب الله حسن نصر. وأثارت دعوة إيران، التي نفتها فيما بعد، لاسماعيل هنية بصفته رئيسا للوزراء لحضور قمة عدم الانحياز، تساؤلات كثيرة.
صعوبة شغل مكان مشعل...
ترأس مشعل المكتب السياسي لحركة حماس عقب اعتقال نائبه الحالي الرئيس السابق للمكتب السياسي موسى أبو مرزوق في العام 1996. وبعدها بعام حاول الموساد الإسرائيلي اغتيال مشعل في عمان لكنه نجا من الموت بالسم بأعجوبة، وعقد الملك الراحل حسين بن عبد الله صفقة أنقذت حياة مشعل من الموت وأخرجت مؤسس الحركة الشيخ الراحل أحمد ياسين من السجن. وبعد اغتيال ياسين وعبد العزيز الرنتيسي ازدادت قوة مشعل في صفوف الحركة، واستطاع نسج علاقات عربية ودولية مميزة.
ومع إعلان مشعل عدم نيته الترشح للقيادة لم يستبعد المصدر القيادي في حماس في حديث مع موقع "روسيا اليوم" أن "تواجه الحركة صعوبة في المرحلة المقبلة على صعيد العلاقات الدولية وخاصة العربية منها"، وأشار إلى أن "أبو الوليد" استطاع "اختراق مجالات كانت تعتبر أبعد ما يكون عن فضاء الحركة الإخوانية". وكشف المصدر لموقع "روسيا اليوم" أن "هناك رغبة لدى بعض القادة العرب في بقاء مشعل خصوصاً أن بعضهم يستصعب التعامل مع غيره من قيادات حماس"، وأوضح أن هذه كانت "إحدى النقاط التي دفعت قيادة الحركة للضغط على مشعل للعدول عن قراره".
كما أن القيادات العسكرية للجناح العسكري التابع لحماس ترتبط بعلاقات قوية مع مشعل وترغب في استمرار قيادته للحركة، وكشفت مصادر أن أحمد الجعبري القيادي في كتائب عز الدين القسام التقى مشعل واعلن تأييده لبقائه على رأس المكتب السياسي.
أبومرزوق الأوفر حظا للخلافة
تكاد تنحصر المنافسة على خلافة رئاسة المكتب السياسي بين اسماعيل هنية وأبو مرزوق، ولكن شخصيات أخرى قد تبرز نظرا لوجود صف قيادي كبير في الحركة. ويؤخذ على رئيس وزراء الحكومة المقالة هنية ضعف تجربته في السياسة الخارجية رغم تمتعه بدعم شعبي في صفوف الحركة، كما أن عدم توفر حرية الحركة في ظل أوضاع غزة يقوي احتمال اختيار شخصية من الخارج. ويبرز أبو مرزوق بصفته المرشح الأوفر حظا لعدة أسباب، فالرجل ترأس المكتب السياسي سابقا قبل مشعل، ويستقر حاليا في القاهرة وهو مقرب من الرئيس محمد مرسي زميل الدراسة، كما أنه يملك خبرة كبيرة في السياسة الخارجية، وترأس ملف مفاوضات المصالحة منذ فترة طويلة. وبالنسبة لتوازنات القوى في داخل الحركة فإن أصوله الغزية تجعل منه شخصية مقبولة بالنسبة للزهار والحية والفريق المتشدد في حماس. ولعل الأهم أن أبو مرزوق ببراغماتيته المعروفة يمكن أن يحافظ على مسار الحركة في المرحلة المقبلة وضمان عدم حدوث انشقاقات فيها.
ولا يمكن التقليل من حظوظ القيادي صالح العاروري المقيم حاليا في تركيا، فهو أسير سابق لمدة 17 عاما، ويترأس حالياً ملف الأسرى والدائرة السياسية في الضفة الغربية، ويعد مهندس الافراج عن أسرى فلسطينيين بمقتضى صفقة شاليط، ويرتبط العاروري بعلاقة جيدة مع مشعل، وله شعبية واسعة في الضفة والخارج، ويحظى باحترام الأجنحة العسكرية.
التأثيرات المستقبلية ...
لا يخفى على أحد وجود خلاف بين جناحين في حماس في شأن المصالحة الفلسطينية، وضرورة إنهاء الانقسام والمحافظة على مكتسبات الحكومة المقالة، وفيما تعتبر قيادة الخارج أن المصالحة أهم من أي مكتسبات لصالح الحفاظ على إستراتيجية الحركة العامة المتمثلة بتحرير فلسطين "كاملة"، ترى قيادة غزة "أن التفريط بمكتسبات الحكومة سيعني العودة إلى وضع قديم يصعب تحمله ومن الممكن إدخال الحركة في دوامة جديدة مع فتح".
وفي حال تمكن التيار المتشدد في حماس من فرض رؤيته فإن ذلك يمثل خسارة مؤلمة للشعب الفلسطيني بسبب احتمال ضياع كل الجهود المبذولة لإتمام المصالحة بين فصائله وقواه السياسية وإعادة بناء مؤسساته الوطنية الجامعة، وإنهاء الانقسام الكياني بين قطاع غزة والضفة الغربية، كما أن هروب حماس نحو مزيد من البراغماتية سوف يجلب لها إشكالات غير مسبوقة، سوف تؤثر لاحقاً على دورها ومكانتها وتماسك جسمها التنظيمي، وهو ما أدركه مشعل وقلة قليلة تقف إلى جانبه في قيادة الحركة، فالمرحلة لم تعد تحتمل سياسات وبرامج تتحايل على الاستحقاقات من خلال اشتقاقات آنية وظرفية متقلبة، جرى تمريرها في السابق باستخدام تكتيكات "الباب الدوار".
وأخيرا فإن إصرار مشعل على عدم الترشح لرئاسة المكتب السياسي لحركة حماس لضخ دماء جديدة في الحركة يعطي درسا لبقية قادة الفصائل الفلسطينية بضرورة التغيير والتجديد، لكنه في ذات الوقت يؤثر سلبا خصوصا في ظل المرحلة الصعبة التي تشهدها المنطقة والتي تحتاج إلى سياسيين أقوياء ومؤثرين ولا يخشون مواجهة الاستحقاقات المطلوبة حتى ولو أثارت موجة من السخط على المدى القصير في صفوف تنظيماتهم، وربما يعوض عن ذلك انتخاب شخصية ناضجة سياسيا تسعى إلى انهاء الانقسام الفلسطيني، واتخاذ مواقف تعيد الألق للقضية الفلسطينية في زمن الربيع العربي دون مراعاة الحسابات الضيقة.
