ماذا نعرف عن معاني وأصول أسماء دولنا العربية تاريخيا ولغويا – الجزء الأول (صور)
المناطق التي تقع عليها الدول التي تنطق بالعربية حالياً, تعتبر من أقدم
مناطق العالم القديم المأهولة بالسكان والتي ازدهرت واندثرت في طياتها
الكثير من الحضارات التاريخية القديمة, وكانت تلك المناطق هي المركز الذي
انطلفت منه جميع الديانات السماوية, ونطق سكانها العديد من اللغات القديمة
التي تعتبر أصول اللغات المتداولة حاليا في منطقتنا (كالآرامية والأكادية
والأوجاريتية والعربية القديمة والعبرية القديمة والفينيقة والجعزية),
بعضها اندثر وبعضها لا زال متداولا حتى يومنا. هذا الحراك السياسي واللغوي
والديني والثقافي على مر التاريخ في المنطقة أثر كثيرا على التسميات
الجغرافية لبلدان ومدن ومناطق هذا العالم والتي لايزال الكثير منها
(التسميات القديمة) متداولا حتى يومنا هذا. هذا المقال هو الجزء الأول من
جزئين والتي سنحكي فيه قصص ومعاني أسماء الدول الـ 22 التابعة لجامعة الدول العربية.
سنتناول في هذا المقال 10 دول عربية وهي الأردن وفلسطين والكويت وسوريا
وقطر ومصر والسعودية والعراق ولبنان وليبيا. وسنتناول بقية البلدان العربية
في الجزء الثاني من هذا الموضوع والذي سينشر في الأيام القادمة بإذن الله.
الصورة التالية لخارطة مادبا والمعروفة أيضا بخارطة الموازيك وهي خارطة
فسيفسائية قديمة جدا وأقدم خريطة أصلية للأراضي المقدسة في العالم في كنيسة
القديس جورج في مدينة مادبا الأردنية.
إعادة تشكيل ورسم للخريطة في الصورة التالية.
الأردن: لقد تم تسمية الدولة الأردنية تيمنا بإسم نهر الأردن التاريخي
الذي له خصوصية ومكانة عند كل معتنقي الديانات السماوية الثلاث في كل أنحاء
المعمورة, والإسم الأردن له أصول في اللغة العربية واللغات السامية الأخرى
كالكنعانية والعبرية ففي العربية يعود أصل الإسم إلى (يرد/أرد) والتي تعني
(الحاد/المنحدر) والأصل الكنعاني للإسم (أردا \ Arda), والأصل في اللغة
العبرية (يارد \ ירד \ Yarad) والتي تعود كلها إلى كلمة (ياردين \ Yarden)
في اللغة الآرامية والتي تعني (التدفق المنخفض أو الشخص الذي ينحدر نزولا)
وتفسير ذلك هو أن النهر موجود ويجري في غور الأردن والذي يصب في البحر
الميت أكثر نقطة إنخفاضا في اليابسة على سطح الكرة الأرضية.
أما بالنسبة لبقية إسم الدولة المملكة الأردنية الهاشمية فكلمة المملكة
تعود إلى وصف نظام الحكم في الدولة وهو نظام ملكي أما كلمة الهاشمية فيعود
إلى نسب العائلة الحاكمة الذي يعود إلى هاشم من قبيلة قصي الجد الأكبر
للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
يعتقد أن إسم فلسطين ذاعت شهرته بعد أن استخدم من قبل الحضارات القديمة
في الإشارة إلى الحضارات والشعوب القديمة المختلفة كالكنعانيون وغيرهم
الذين سكنوا تلك المنطقة الجغرافية, بحيث كان أول وأقدم إستخدام تاريخي
موثق وصل إلينا في عصرنا الحالي لكلمة فلسطين (Παλαιστινη
“پَلَيْسْتِينِيه”) هو من قبل المؤرخ الإغريقي هيرودوت (Herodotus) في
مؤلفاته من القرن الخامس قبل الميلاد أي قبل حوالي 7 آلاف سنة وقد استخدم
هذا المؤرخ اسم فلسطين كمصطلح جغرافي يصف به منطقتي بلاد الشام والرافدين
كسوريا حاليا وجنوبها كفلسطين وكما أستخدم المصطلح (Peleset أو كما تكتب
بالهيروغليفية P-r-s-t) في العديد من الوثائق المصرية الفرعونية القديمة
كإشارة تصف الأرض والشعب المجاور لمصر وذلك منذ عام 1150 قبل الميلاد أثناء
فترة حكم الأسرة العشرون. الرسم الجداري في الصورة التالية يصور
شعوب Peleset وقد هزمت بواسطة الفرعون رمسيس الثالث في معبد رمسيس الثالث
الجنائزي (Medinet Habu).
وكما وصف الآشوريون وهم الشعوب التي سكنت شمال بلاد الرافدين نفس
المنطقة الجغرافية بـ (بالاشتو\Palashtu) أو (بيليستو\Pilistu) بداية بحكم
النمرود عداد نيرادي الثالث في عام 800 قبل الميلاد. وكما أشرنا فقد أعطى
التاريخ الفرعوني والآشوري آنذاك تسمية واضحة للحدود السياسية للمنطقة التي
كانت تسود في تلك الحقبة التاريخية هذا بالإضافة إلى إستخدامات تاريخية لا
تعد ولا تحصى للإسم فلسطين في الوثائق التاريخية القديمة التي لا يتسع لها
المجال في مقال واحد. وتجدر الإشارة أن المفارقة الغريبة التي وجدناها
أثناء بحثنا أن المصادر تذكر أن فلسطين لايوجد لها معنى باللغة العربية وأن
معنى الإسم بالعبرية يعني الغزاة مع أن إسم فلسطين أقدم من اللغة العبرية نفسها!.
الصورة التالية لنفس الخريطة بعد تكبيرها ليتضح إسم الكويت أو القرين (لمشاهدة الخريطة بحجمها الأصلي من هنا).
كانت مدينة الكويت تعرف منذ أوائل القرن السابع عشر بالقرين ثم طغى اسم
الكويت، وتسمية “القرين” و”الكويت” هي تصغير من “قرن” و”كوت”، والقرن يعني
التل أو الأرض العالية، وأما الكوت فهي القلعة أو الحصن ومعناه البيت
المبني على هيئة قلعة أو حصن بجانب الماء وقد شاعت هذه التسمية في العراق
ونجد وما جاورها من البلدان العربية، ولا يعرف على وجه التحديد تأصيل كلمة
“كوت” إلا أن هناك من يرى أنها من أصل بابلي حيث كان للبابليين مدينة تدعى
كوت وقد ورد ذكر هذه المدينة في كتاب العهد القديم سفر الملوك الثاني الفصل
17 أية 24 ما نصه: ”واتى ملك اشور من بابل وكوت وعوا وحماه”
وهناك من يرجع أصل الكلمة إلى اللغة الهندية حيث توجد مدينة “كال كوت”
بالهند والتي تعني “قلعة كال” فيما يرجعها البعض إلى اللغة العربية حيث
يحتمل أنها محرفة من كلمة قوت العربية بحيث يكون الكوت هو مخزن الاقوات
بقلب حرف القاف إلى كاف.
الصورة التالية لخريطة قديمة تعود لعام 1820 توضح إسم سوريا.
دعيت البلاد باسم سوريا خلال العهد السلوقي في القرن الثالث قبل
الميلاد، وعلى الرغم من ذلك فلم يرد في أي من الأدبيات العربية القديمة هذا
الاسم، وأول من تناوله معجم البلدان لياقوت الحموي حين نسب الاسم على لسان
الإمبراطور هرقل لدى مغادرته البلاد؛ أما في الأدب الإغريقي فإن هيرودت
وهوميروس سميّا البلاد (سوريا\Σύριοι\Sýrioi\Sýroi). والتفسيرات المقدمة
لمعنى الاسم (سوريا) متعددة أبرزها:
الصورة التالية لإله آشور. يحتمل أن يكون اسم سوريا تحريفا يونانيا للفظة آشور.
أما ما سمّى به العرب هذه المنطقة الجغرافية فهو الشام، ولا يزال هذا
المصطلح يستخدم للإشارة إلى بلاد الشام كما يستخدم في اللهجات المحكية في
سوريا للإشارة إلى مدينة دمشق، وقد تعددت النظريات حول أصل تسمية شام أيضًا أبرزها:
سميت قطر نسبة إلى قطر المطر لأنها كانت مشهورة بأمطارها الكثيرة وقيل
نسبة إلى الشاعر قطري بن الفجاءة. مصادر أخرى تشير ان لاسم يأتي من الفعل
“قَطَرَ” و”تقطير” وقد تشير أيضا لمادة القطران أو الراتنج الذي يشتق من
منتجات النفط والتي تشير لثروة البلاد النفطية ومن الغاز الطبيعي.
الصورة التالية لخارطة قديمة لمصر رسمت عام 1861 م
أولا: الإسم العربي (مصر\Misr)
ينسب البعض اسم مصر في اللغة العربية واللغات السامية الأخرى إلى مصرايم
بن حام بن نوح، ويفسره البعض الآخر بانه مشتق من جذر سامي قديم قد يعني
البلد أو البسيطة (الممتدة)، وقد يعني أيضا الحصينة أو المكنونة. وقد عرفها
العرب والمصريون باسم “مصر”. أما الاسم الذي عرف به الفراعنة موطنهم في
اللغة هو كِمِت وتعني “الأرض السوداء”، كناية عن أرض وادي النيل السوداء
تمييزا لها عن الأرض الحمراء الصحراوية دِشْرِت المحيطة بها. أما بالنسبة
للغة العبرية فعرفت أرض مصر عند اليهود بـ (مصرايم\Mitzráyim\מִצְרַיִם)
والتي تعني حرفيا (المضيقين) إشارة للمنطقة المنطقة التي تقسم صعيد مصر عن
منطقة الدلتا.
ثانيا: ما تعرف به مصر في اللغات المشتقة من اللاتينية واللغات الأخرى (إيجيبت\Egypt).
الأسماء التي تعرف بها في لغات أوربية عديدة مشتقة من اسمها في
اللاتينية إجبتوس Aegyptus المشتق بدوره من اللفظ اليوناني أيجيبتوس
Αίγυπτος، الذي يرجع إلى وحي خيال هوميروس في أسطورته التي ألفها في وقت
يقع بين عامي 1600، 1200 قبل الميلاد، حيث كان حلم هوميروس والحلم الإغريقي
القديم بصفة عامة هو الاستيلاء على مصر، وتحقق ذلك بالفعل على يد الإسكندر
الأكبر بعد ذلك في عام 313 قبل الميلاد، فأطلق البطالمة لفظ “إيجيبتوس”
على مصر وسكانها من وحي أسطورة هوميروس المشار إليها. وإحدى الروايات التي
تفسر الإسم أن أصل الإسم مستعار من أقباط مصر من التسمية
(gyptios\kyptios).
صورة لجزء خريطة قديمة رسمها الفنان الهولندي Jansson عام 1650 م توضح
منطقة الجزيرة العربية التي تشكل المملكة العربية السعودية نسبة كبيرة منها.
بعد أن خضعت كافة أقاليم ومدن المملكة لقيادة الملك عبدالعزيز بن
عبدالرحمن (الملك المؤسس للدولة السعودية الثالثة وهي السعودية كما تعرف
اليوم) منذ بداية عام 1925 م، وذلك بعد أن بايعه أهالي هذه الأقاليم بمدنها
وقراها، وكانت البلاد حينها تسمى ”مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها”، ولُقب
قائدها الملك عبدالعزيز “ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها”، وفي 1932 م رأى
بعض المواطنين في مدينة الطائف وبعض أعضاء مجلس الشورى ضرورة تحويل مسمى
البلاد إلى “المملكة العربية السعودية” عبر برقية رفعوها للملك عبدالعزيز
الذي وافق على المقترح بناءً على ما رفع من برقيات مماثلة حول المسمى
الجديد وتفسير المسمى بالمملكة نسبة إلى نظام الحكم الملكي والعربية نسبة
إلى هوية وقومية البلد العربية والسعودية نسبة لآل سعود الذين كان لهم
الدور الأكبر في توحيد أقاليم المملكة كما تعرف حاليا.
الصورة التالية للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وهو يقرأ إحدى البرقيات.
وعليه أصدر الملك عبدالعزيز في 18 سبتمبر عام 1932م الأمر الملكي الآتي تحت رقم (2716)
بعد الاعتماد على الله، وبناء على ما رفع من برقيات من كافة
رعايانا في مملكه الحجاز ونجد وملحقاتها، ونزولاً على رغبة الرأي العام في
بلادنا، وحباً في توحيد أجزاء المملكة العربية أمرنا بما هو آت:
المادة الأولى: تحول اسم “المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها” إلى اسم
“المملكة العربية السعودية”، ويصبح لقبنا بعد الآن “ملك المملكة العربية السعودية”.
يعود بدء استخدام تسمية العراق إلى حوالي القرن السادس الميلادي، ويعتقد
أن أصل التسمية تعود إلى تعريب لمدينة الوركاء (أوروك\Uruk) السومرية.
الصورة التالية يبين خريطة للمملكة السومرية ومدنها الرئيسية تبين موقع
مدينة الوركاء.
بينما يعتقد باحثون آخرون التسمية مشتقة من الفارسية الوسطى
(عيراق\erāq) والتي تعني “الأراضي المنخفضة”. دعيت المنطقة التي تشكل معظم
أنحاء العراق خلال عصور ما قبل الميلاد بـ “بيت نهرين” باللغة الأكادية
بمعنى “أرض الأنهار” ومنها اشتقت التسمية الإغريقية “Μεσοποταμία” والتي
تعني “ما بين الأنهار”. كما عرفت المنطقة خلال فترة القرون الوسطى
بتسمية ”عراق العرب” وذلك تفريقا لمنطقة عراق العجم والتي تقع غرب إيران
حاليا. وشملت هذه التسمية الأخيرة وادي دجلة والفرات جنوبي تلال حمرين ولم
تشمل شمال العراق ومنطقة الجزيرة الفراتية.
صورة لخريطة قديمة توضح الأراضي الفلسطينية واللبنانية رسمت عام 1877 م.
إسم لبنان أيضا يعتبر من أسماء الدول العربية القديمة جدا, فقد عُرفت
سلسلة الجبال الواقعة على الساحل الشرقي للبحر المتوسط باسم “جبال لبنان”
منذ زمن سحيق. فقد ذُكرت 12 مرة في ملحمة جلجامش (للمزيد عن الملحمة إضغط هنا)، قرابة عام 2900 قبل الميلاد، وفي أثار (إبلا\Ebla) في سوريا، و 64 مرة في العهد القديم.
يرد أصل اسم لبنان إلى ثلاث احتمالات:
الصورة التالية لغابات أرز لبنان مكسوة باللون الأبيض والتي يعتقد أنها مصدر تسمية الدولة.
كما أشير إلى لبنان في الكتابات الفرعونية بـ (ر م ن ن\Rmnn). والمعروف
أن (ر\R) الفرعونية ترمز للكنعانيين. وفي عام 1920 خلال الانتداب الفرنسي
على سوريا ولبنان ضمت المدن الساحلية ومناطق الشمال ووادي البقاع وسفوح
سلسلة جبال لبنان الشرقية إلى مناطق متصرفية جبل لبنان وسميت بدولة لبنان
الكبير. فأصبحت تسمى هذه المناطق كلها بلبنان. وعندما حصل لبنان على
الاستقلال في 22 نوفمبر 1943 اعتمد اسم (الجمهورية اللبنانية).
أشير إلى ليبيا في النقوش المصرية القديمة إشارة إلى القبائل الليبية
التي كانت تقطن جبل برقة والصحراء الغربية لمصر (والتي يعتقد أنها ما تنحدر
إليه قبيلة لواته الآن)، فورد ذكرها على لوحة الملك مرنبتاح (لوح النصر
الذي سنخصص له مقالا في مجلتنا) وكذلك في معبد الكرنك. من الناحية
التاريخية يبدو الإسم اشتق من الكلمة المصرية القديمة (Rebu\ريبو\الليبو)
وتقابلها في اليونانية (ليبوس) مما يقابلها في العربية ليبيا، وورد اسم
الليبو أو ليبيا في نقش مصري قديم يرجع إلى عهد رمسيس الثاني (1298-1232)
قبل الميلاد كما في الصورة التالية إسم الليبو كما في اللكتابة الهيروغليفية.
وكان يطلق هذا الإسم على إحدى الفرق العسكرية التي عملت في الجيش المصري
ثم انتقل الاسم ليبيا حيث تلقفه الفينيقيون قبل هجرتهم إلى الشمال
الإفريقي وعُثر على نقوش فينيقية متعددة ورد بها هذا اللفظ (ليبيا) وما لبث
أن انتقل إلى الإغريق سكان اليونان الحالية .أما هيروديت أبو التاريخ
(الذي سبق وذكرنا أنه أول من أشار إلى البليست إشارة عن فلسطين سابقا) الذي
زار ليبيا في النصف الثاني من القرن الخامس قبل الميلاد فذكر ليبيا في عدة
مواضع وكان يعنى بها قارة إفريقيا بأسرها والصورة التالية توضح خريطة
العالم كما تصورها هيروديت.
المناطق التي تقع عليها الدول التي تنطق بالعربية حالياً, تعتبر من أقدم
مناطق العالم القديم المأهولة بالسكان والتي ازدهرت واندثرت في طياتها
الكثير من الحضارات التاريخية القديمة, وكانت تلك المناطق هي المركز الذي
انطلفت منه جميع الديانات السماوية, ونطق سكانها العديد من اللغات القديمة
التي تعتبر أصول اللغات المتداولة حاليا في منطقتنا (كالآرامية والأكادية
والأوجاريتية والعربية القديمة والعبرية القديمة والفينيقة والجعزية),
بعضها اندثر وبعضها لا زال متداولا حتى يومنا. هذا الحراك السياسي واللغوي
والديني والثقافي على مر التاريخ في المنطقة أثر كثيرا على التسميات
الجغرافية لبلدان ومدن ومناطق هذا العالم والتي لايزال الكثير منها
(التسميات القديمة) متداولا حتى يومنا هذا. هذا المقال هو الجزء الأول من
جزئين والتي سنحكي فيه قصص ومعاني أسماء الدول الـ 22 التابعة لجامعة الدول العربية.
سنتناول في هذا المقال 10 دول عربية وهي الأردن وفلسطين والكويت وسوريا
وقطر ومصر والسعودية والعراق ولبنان وليبيا. وسنتناول بقية البلدان العربية
في الجزء الثاني من هذا الموضوع والذي سينشر في الأيام القادمة بإذن الله.
- المملكة الأردنية الهاشمية
الصورة التالية لخارطة مادبا والمعروفة أيضا بخارطة الموازيك وهي خارطة
فسيفسائية قديمة جدا وأقدم خريطة أصلية للأراضي المقدسة في العالم في كنيسة
القديس جورج في مدينة مادبا الأردنية.
إعادة تشكيل ورسم للخريطة في الصورة التالية.
الأردن: لقد تم تسمية الدولة الأردنية تيمنا بإسم نهر الأردن التاريخي
الذي له خصوصية ومكانة عند كل معتنقي الديانات السماوية الثلاث في كل أنحاء
المعمورة, والإسم الأردن له أصول في اللغة العربية واللغات السامية الأخرى
كالكنعانية والعبرية ففي العربية يعود أصل الإسم إلى (يرد/أرد) والتي تعني
(الحاد/المنحدر) والأصل الكنعاني للإسم (أردا \ Arda), والأصل في اللغة
العبرية (يارد \ ירד \ Yarad) والتي تعود كلها إلى كلمة (ياردين \ Yarden)
في اللغة الآرامية والتي تعني (التدفق المنخفض أو الشخص الذي ينحدر نزولا)
وتفسير ذلك هو أن النهر موجود ويجري في غور الأردن والذي يصب في البحر
الميت أكثر نقطة إنخفاضا في اليابسة على سطح الكرة الأرضية.
أما بالنسبة لبقية إسم الدولة المملكة الأردنية الهاشمية فكلمة المملكة
تعود إلى وصف نظام الحكم في الدولة وهو نظام ملكي أما كلمة الهاشمية فيعود
إلى نسب العائلة الحاكمة الذي يعود إلى هاشم من قبيلة قصي الجد الأكبر
للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- فلسطين
يعتقد أن إسم فلسطين ذاعت شهرته بعد أن استخدم من قبل الحضارات القديمة
في الإشارة إلى الحضارات والشعوب القديمة المختلفة كالكنعانيون وغيرهم
الذين سكنوا تلك المنطقة الجغرافية, بحيث كان أول وأقدم إستخدام تاريخي
موثق وصل إلينا في عصرنا الحالي لكلمة فلسطين (Παλαιστινη
“پَلَيْسْتِينِيه”) هو من قبل المؤرخ الإغريقي هيرودوت (Herodotus) في
مؤلفاته من القرن الخامس قبل الميلاد أي قبل حوالي 7 آلاف سنة وقد استخدم
هذا المؤرخ اسم فلسطين كمصطلح جغرافي يصف به منطقتي بلاد الشام والرافدين
كسوريا حاليا وجنوبها كفلسطين وكما أستخدم المصطلح (Peleset أو كما تكتب
بالهيروغليفية P-r-s-t) في العديد من الوثائق المصرية الفرعونية القديمة
كإشارة تصف الأرض والشعب المجاور لمصر وذلك منذ عام 1150 قبل الميلاد أثناء
فترة حكم الأسرة العشرون. الرسم الجداري في الصورة التالية يصور
شعوب Peleset وقد هزمت بواسطة الفرعون رمسيس الثالث في معبد رمسيس الثالث
الجنائزي (Medinet Habu).
وكما وصف الآشوريون وهم الشعوب التي سكنت شمال بلاد الرافدين نفس
المنطقة الجغرافية بـ (بالاشتو\Palashtu) أو (بيليستو\Pilistu) بداية بحكم
النمرود عداد نيرادي الثالث في عام 800 قبل الميلاد. وكما أشرنا فقد أعطى
التاريخ الفرعوني والآشوري آنذاك تسمية واضحة للحدود السياسية للمنطقة التي
كانت تسود في تلك الحقبة التاريخية هذا بالإضافة إلى إستخدامات تاريخية لا
تعد ولا تحصى للإسم فلسطين في الوثائق التاريخية القديمة التي لا يتسع لها
المجال في مقال واحد. وتجدر الإشارة أن المفارقة الغريبة التي وجدناها
أثناء بحثنا أن المصادر تذكر أن فلسطين لايوجد لها معنى باللغة العربية وأن
معنى الإسم بالعبرية يعني الغزاة مع أن إسم فلسطين أقدم من اللغة العبرية نفسها!.
- دولة الكويت (الصورة التالية لرسام الخرائط الإنجليزي جون كيري عام 1811 تظهر فيها الكويت تحت اسمي القرين والكويت).
الصورة التالية لنفس الخريطة بعد تكبيرها ليتضح إسم الكويت أو القرين (لمشاهدة الخريطة بحجمها الأصلي من هنا).
كانت مدينة الكويت تعرف منذ أوائل القرن السابع عشر بالقرين ثم طغى اسم
الكويت، وتسمية “القرين” و”الكويت” هي تصغير من “قرن” و”كوت”، والقرن يعني
التل أو الأرض العالية، وأما الكوت فهي القلعة أو الحصن ومعناه البيت
المبني على هيئة قلعة أو حصن بجانب الماء وقد شاعت هذه التسمية في العراق
ونجد وما جاورها من البلدان العربية، ولا يعرف على وجه التحديد تأصيل كلمة
“كوت” إلا أن هناك من يرى أنها من أصل بابلي حيث كان للبابليين مدينة تدعى
كوت وقد ورد ذكر هذه المدينة في كتاب العهد القديم سفر الملوك الثاني الفصل
17 أية 24 ما نصه: ”واتى ملك اشور من بابل وكوت وعوا وحماه”
وهناك من يرجع أصل الكلمة إلى اللغة الهندية حيث توجد مدينة “كال كوت”
بالهند والتي تعني “قلعة كال” فيما يرجعها البعض إلى اللغة العربية حيث
يحتمل أنها محرفة من كلمة قوت العربية بحيث يكون الكوت هو مخزن الاقوات
بقلب حرف القاف إلى كاف.
- الجمهورية العربية السورية (سوريا\سورية)
الصورة التالية لخريطة قديمة تعود لعام 1820 توضح إسم سوريا.
دعيت البلاد باسم سوريا خلال العهد السلوقي في القرن الثالث قبل
الميلاد، وعلى الرغم من ذلك فلم يرد في أي من الأدبيات العربية القديمة هذا
الاسم، وأول من تناوله معجم البلدان لياقوت الحموي حين نسب الاسم على لسان
الإمبراطور هرقل لدى مغادرته البلاد؛ أما في الأدب الإغريقي فإن هيرودت
وهوميروس سميّا البلاد (سوريا\Σύριοι\Sýrioi\Sýroi). والتفسيرات المقدمة
لمعنى الاسم (سوريا) متعددة أبرزها:
- أنها سميت نسبة إلى الإمبراطورية (الآشورية\Assyrians) التي أسست حضارة
وثقافة واسعة في الهلال الخصيب، مع إبدال حرف الشين بالسين، وهو أمر مألوف
في اللغات السامية. كان ثيودور نولدكه أول من اقترح وجود علاقة بين
الأسمين. وتلقى هذه الفرضية انتشارا واسعا بين الباحثين، خصوصًا إثر اكتشاف
نقوش مكتوبة باللغتين اللوية والفينيقية في قيليقية حيث تشير الفينيقية
إلى لفظة آشور بينما تذكر اللوية سوريا في نفس المقطع. - أنها سميت نسبة إلى مدينة (صور\Τύρος\Tyre) اللبنانية الواقعة على شاطئ
البحر الأبيض المتوسط، وقد عرفها الإغريق بهذا الاسم نتيجة العلاقات
التجارية المزدهرة بين الطرفين.
الصورة التالية لإله آشور. يحتمل أن يكون اسم سوريا تحريفا يونانيا للفظة آشور.
أما ما سمّى به العرب هذه المنطقة الجغرافية فهو الشام، ولا يزال هذا
المصطلح يستخدم للإشارة إلى بلاد الشام كما يستخدم في اللهجات المحكية في
سوريا للإشارة إلى مدينة دمشق، وقد تعددت النظريات حول أصل تسمية شام أيضًا أبرزها:
- أن الشام منسوبة إلى (سام\Shem\Σημ) بن نوح، كما نسبت لغة البلاد
القديمة وهي الآرامية إلى ابنه آرام، مع إبدال حرف السين بالشين وهو أمر
مألوف في اللغات السامية. - أن الشام في العربية تعني اليسار وبالتالي وانطلاقًا من الموقع
الجغرافي للحجاز سميت اليمن نسبة إلى اليمين والشام نسبة إلى اليسار
والمعروف أيضًا بالشمال.
- دولة قطر
سميت قطر نسبة إلى قطر المطر لأنها كانت مشهورة بأمطارها الكثيرة وقيل
نسبة إلى الشاعر قطري بن الفجاءة. مصادر أخرى تشير ان لاسم يأتي من الفعل
“قَطَرَ” و”تقطير” وقد تشير أيضا لمادة القطران أو الراتنج الذي يشتق من
منتجات النفط والتي تشير لثروة البلاد النفطية ومن الغاز الطبيعي.
- جمهورية مصر العربية
الصورة التالية لخارطة قديمة لمصر رسمت عام 1861 م
أولا: الإسم العربي (مصر\Misr)
ينسب البعض اسم مصر في اللغة العربية واللغات السامية الأخرى إلى مصرايم
بن حام بن نوح، ويفسره البعض الآخر بانه مشتق من جذر سامي قديم قد يعني
البلد أو البسيطة (الممتدة)، وقد يعني أيضا الحصينة أو المكنونة. وقد عرفها
العرب والمصريون باسم “مصر”. أما الاسم الذي عرف به الفراعنة موطنهم في
اللغة هو كِمِت وتعني “الأرض السوداء”، كناية عن أرض وادي النيل السوداء
تمييزا لها عن الأرض الحمراء الصحراوية دِشْرِت المحيطة بها. أما بالنسبة
للغة العبرية فعرفت أرض مصر عند اليهود بـ (مصرايم\Mitzráyim\מִצְרַיִם)
والتي تعني حرفيا (المضيقين) إشارة للمنطقة المنطقة التي تقسم صعيد مصر عن
منطقة الدلتا.
ثانيا: ما تعرف به مصر في اللغات المشتقة من اللاتينية واللغات الأخرى (إيجيبت\Egypt).
الأسماء التي تعرف بها في لغات أوربية عديدة مشتقة من اسمها في
اللاتينية إجبتوس Aegyptus المشتق بدوره من اللفظ اليوناني أيجيبتوس
Αίγυπτος، الذي يرجع إلى وحي خيال هوميروس في أسطورته التي ألفها في وقت
يقع بين عامي 1600، 1200 قبل الميلاد، حيث كان حلم هوميروس والحلم الإغريقي
القديم بصفة عامة هو الاستيلاء على مصر، وتحقق ذلك بالفعل على يد الإسكندر
الأكبر بعد ذلك في عام 313 قبل الميلاد، فأطلق البطالمة لفظ “إيجيبتوس”
على مصر وسكانها من وحي أسطورة هوميروس المشار إليها. وإحدى الروايات التي
تفسر الإسم أن أصل الإسم مستعار من أقباط مصر من التسمية
(gyptios\kyptios).
- المملكة العربية السعودية
صورة لجزء خريطة قديمة رسمها الفنان الهولندي Jansson عام 1650 م توضح
منطقة الجزيرة العربية التي تشكل المملكة العربية السعودية نسبة كبيرة منها.
بعد أن خضعت كافة أقاليم ومدن المملكة لقيادة الملك عبدالعزيز بن
عبدالرحمن (الملك المؤسس للدولة السعودية الثالثة وهي السعودية كما تعرف
اليوم) منذ بداية عام 1925 م، وذلك بعد أن بايعه أهالي هذه الأقاليم بمدنها
وقراها، وكانت البلاد حينها تسمى ”مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها”، ولُقب
قائدها الملك عبدالعزيز “ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها”، وفي 1932 م رأى
بعض المواطنين في مدينة الطائف وبعض أعضاء مجلس الشورى ضرورة تحويل مسمى
البلاد إلى “المملكة العربية السعودية” عبر برقية رفعوها للملك عبدالعزيز
الذي وافق على المقترح بناءً على ما رفع من برقيات مماثلة حول المسمى
الجديد وتفسير المسمى بالمملكة نسبة إلى نظام الحكم الملكي والعربية نسبة
إلى هوية وقومية البلد العربية والسعودية نسبة لآل سعود الذين كان لهم
الدور الأكبر في توحيد أقاليم المملكة كما تعرف حاليا.
الصورة التالية للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وهو يقرأ إحدى البرقيات.
وعليه أصدر الملك عبدالعزيز في 18 سبتمبر عام 1932م الأمر الملكي الآتي تحت رقم (2716)
بعد الاعتماد على الله، وبناء على ما رفع من برقيات من كافة
رعايانا في مملكه الحجاز ونجد وملحقاتها، ونزولاً على رغبة الرأي العام في
بلادنا، وحباً في توحيد أجزاء المملكة العربية أمرنا بما هو آت:
المادة الأولى: تحول اسم “المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها” إلى اسم
“المملكة العربية السعودية”، ويصبح لقبنا بعد الآن “ملك المملكة العربية السعودية”.
- الجمهورية العراقية
يعود بدء استخدام تسمية العراق إلى حوالي القرن السادس الميلادي، ويعتقد
أن أصل التسمية تعود إلى تعريب لمدينة الوركاء (أوروك\Uruk) السومرية.
الصورة التالية يبين خريطة للمملكة السومرية ومدنها الرئيسية تبين موقع
مدينة الوركاء.
بينما يعتقد باحثون آخرون التسمية مشتقة من الفارسية الوسطى
(عيراق\erāq) والتي تعني “الأراضي المنخفضة”. دعيت المنطقة التي تشكل معظم
أنحاء العراق خلال عصور ما قبل الميلاد بـ “بيت نهرين” باللغة الأكادية
بمعنى “أرض الأنهار” ومنها اشتقت التسمية الإغريقية “Μεσοποταμία” والتي
تعني “ما بين الأنهار”. كما عرفت المنطقة خلال فترة القرون الوسطى
بتسمية ”عراق العرب” وذلك تفريقا لمنطقة عراق العجم والتي تقع غرب إيران
حاليا. وشملت هذه التسمية الأخيرة وادي دجلة والفرات جنوبي تلال حمرين ولم
تشمل شمال العراق ومنطقة الجزيرة الفراتية.
- الجمهورية اللبنانية
صورة لخريطة قديمة توضح الأراضي الفلسطينية واللبنانية رسمت عام 1877 م.
إسم لبنان أيضا يعتبر من أسماء الدول العربية القديمة جدا, فقد عُرفت
سلسلة الجبال الواقعة على الساحل الشرقي للبحر المتوسط باسم “جبال لبنان”
منذ زمن سحيق. فقد ذُكرت 12 مرة في ملحمة جلجامش (للمزيد عن الملحمة إضغط هنا)، قرابة عام 2900 قبل الميلاد، وفي أثار (إبلا\Ebla) في سوريا، و 64 مرة في العهد القديم.
يرد أصل اسم لبنان إلى ثلاث احتمالات:
- لبنان مشتق من كلمة (ل ب ن\lbn) في اللغة السامية والتي تعني “أبيض” وذلك بسبب لون الثلوج المكللة لجباله.
- مشتقة من كلمة “اللبنى” أي شجرة الطيب، أو اللبان أي البخور، وذلك لطيب رائحة أشجاره وغاباته.
- هي اسم سرياني مؤلف من “لب” و”أنان” وتعني “قلب الله” إذ اشتهر جبال لبنان كموقع للآلهة عند الأقدمين.
الصورة التالية لغابات أرز لبنان مكسوة باللون الأبيض والتي يعتقد أنها مصدر تسمية الدولة.
كما أشير إلى لبنان في الكتابات الفرعونية بـ (ر م ن ن\Rmnn). والمعروف
أن (ر\R) الفرعونية ترمز للكنعانيين. وفي عام 1920 خلال الانتداب الفرنسي
على سوريا ولبنان ضمت المدن الساحلية ومناطق الشمال ووادي البقاع وسفوح
سلسلة جبال لبنان الشرقية إلى مناطق متصرفية جبل لبنان وسميت بدولة لبنان
الكبير. فأصبحت تسمى هذه المناطق كلها بلبنان. وعندما حصل لبنان على
الاستقلال في 22 نوفمبر 1943 اعتمد اسم (الجمهورية اللبنانية).
- ليبيا
أشير إلى ليبيا في النقوش المصرية القديمة إشارة إلى القبائل الليبية
التي كانت تقطن جبل برقة والصحراء الغربية لمصر (والتي يعتقد أنها ما تنحدر
إليه قبيلة لواته الآن)، فورد ذكرها على لوحة الملك مرنبتاح (لوح النصر
الذي سنخصص له مقالا في مجلتنا) وكذلك في معبد الكرنك. من الناحية
التاريخية يبدو الإسم اشتق من الكلمة المصرية القديمة (Rebu\ريبو\الليبو)
وتقابلها في اليونانية (ليبوس) مما يقابلها في العربية ليبيا، وورد اسم
الليبو أو ليبيا في نقش مصري قديم يرجع إلى عهد رمسيس الثاني (1298-1232)
قبل الميلاد كما في الصورة التالية إسم الليبو كما في اللكتابة الهيروغليفية.
وكان يطلق هذا الإسم على إحدى الفرق العسكرية التي عملت في الجيش المصري
ثم انتقل الاسم ليبيا حيث تلقفه الفينيقيون قبل هجرتهم إلى الشمال
الإفريقي وعُثر على نقوش فينيقية متعددة ورد بها هذا اللفظ (ليبيا) وما لبث
أن انتقل إلى الإغريق سكان اليونان الحالية .أما هيروديت أبو التاريخ
(الذي سبق وذكرنا أنه أول من أشار إلى البليست إشارة عن فلسطين سابقا) الذي
زار ليبيا في النصف الثاني من القرن الخامس قبل الميلاد فذكر ليبيا في عدة
مواضع وكان يعنى بها قارة إفريقيا بأسرها والصورة التالية توضح خريطة
العالم كما تصورها هيروديت.