الرادار
سنعالج في هذه المادة موضوع الرادارات، وكيفية عملها، ودورها
في التحكم بحركة الطيران، كما وفي الاقمار الصناعيه.
يعود تاريخ الرادار الى نهايات الالف وثمانمايه،
حين اثبت هينريش هيرتز ان موجات الراديو، اي الموجات الكهرومغناطيسيه كالضوء، يمكن
ان تنعكس بالقطع المعدنيه. بعد ذلك مباشرة، قامت المانيا وفرنسا وانغلترا والولايات
المتحده، بتطوير انظمة كاشفه توجت في الثلاثينات، بولادة،
الرادار.
الرادار، هو
مختصر لانذار كاشف للموجات. يكتشف الاهداف البعيدة في الفضاء. كما انه يفتح ابواب
بعض المباني، ويشغل اشارات السير، وهو مستعمل في السفن، والطائرات والموانيء
والمطارات.
كالمنارة
في الظلام الحالك، يرسل الرادار موجات كهربائيه نحو جانب من الفضاء، لا يمكن رؤية
موجات الراديو، فهي تنتقل بسرعة الضوء، اي بسرعة ثلاثمئة الف كيلومتر في
الثانيه.
تنعكس
الموجة المرسله حين تسطدم بأي هدف يعترضها، كأن تسطدم بطائره. بما ان سرعة الموجة
معروفه، يصبح بالامكان معرفة المسافة التي تفصل بين الرادار والهدف بقياس الوقت
الذي يفصل بين الاشارة ورجع الصدى.
يتشكل الرادار مبدئيا من جهاز ارسال، وهوائي، وجهاز
استقبال.
يتولى جهاز
الارسال بث ومضات قصيره، طول كل منها اقل من جزء على المليون من الثانيه. تشكل هذه
الموجات ما يعرف بقطار موجات الراديو. يتم ارسال قطار الموجات بأتجاه الهوائي عبر
انبوب معدني يسمونه دليل الموجات.
حين تنبعث من دليل الموجات، توجه الموجات الى عاكس الهوائي،
الذي يتشكل عادة من شبكة معدنيه. يقوم العاكس بدفع وتحديد الموجات ضمن اشعاعات
متعددة الاتساع.
شكل
وحجم الهوائي يحدد دقة الاشعاعات كما ومستوى بلوغها.
فكلما كبر الهوائي كلما طالت وضاقت اشعتها وامكن
تحديدها بشكل ادق. الهوائي المستطيل الشكل، الذي يزيد عرضه عن ارتفاعه، ترسل
اشعاعات ضيقة ولكنها مسهبة في الارتفاع.
عادة ما تستهدف الهوائيات المتعرجه، او التي تجول حول محورها،
تصوير الفضاء في جميع الاتجاهات. فعلى سبيل المثال بعض الرادارات المستخدمة للتحكم
بالمواصلات الجويه، تدور بوتيرة ستة مرات في الدقيقه، وتحدد موقع الطائرة مرة كل
عشر ثوان.
بعد ارسال
الاشعاعات نحو الفضاء، يتنبه الرادار، لصدى موجاته. يفعل ذلك لمدة تقل عن جزء من
الالف في الثانيه. ما يكفي من الوقت للاشعاع، كي يصل الى الهدف، ويعود الى الهوائي
قبل ان يتم ارسال ومضة اشعاع اخرى.
يتم التقاط الصدى من خلال الهوائي ذاته الذي يستخدم لارسال
الاشارة الاوليه. اذ يقوم بدور المفتاح العاكس جهاز يسمونه خلية الارسال والاستقبال
TR cell.
يقوم هذا
الجهاز بأقفال اللاقط مؤقتا خلال الفترة القصيرة لمرحلة الارسال، في حين يعاود
تنشيطه في حال استقبال اي صدى لموجاته.
للحؤول دون مزج الاصداء وموجات الراديو القادمة من رادارات
اخرى، لدى اللاقط حساسية محدده تجاه الموجات التي يقوم الرادار نفسه
بأرسالها.
في المرحلة
الاولى يكشف اللاقط ويكبر الأشارة التي يستقبلها، لانها صغيرة جدا، فهي اصغر بآلاف
بلايين المرات من الاشارة الاساسيه.
في المرحلة الثانيه، يحدد اللاقط نوع الصدى الذي يستقبله. اذا
كانت وظيفة الرادار الكشف عن الطائرات، سيلغي اللاقط اي صدى لاهداف محيطة اخرى
كالاشجار والابنيه.
وهو يفعل ذلك باللجوء الى ظاهرة فيزيائية تعرف بظاهرة
دوبلر.
نلاحظ هذه
الظاهرة حين نسمع صفير قطار متحرك مثلا. حين يتحرك القطار بأتجاهنا يرتفع صوت
الصفارة عاليا، لينخفض صوتها بالمقابل، ان كان القطار يرحل. وهذا ما يحدث في
اشعاعات الراديو.
اذا
كان الهدف الذي يكشفه طائرة قادمه، عادة ما يكون صدى الموجات مضغوطا، فتزداد
وتيرتها. اما اذا كانت الطائرة تبتعد عن الرادار، فيتمدد صدى موجاتها، وتقل
وتيرتها.
وبالمقابل
حين يكشف الرادار عن هدف ثابت، كتلة جبل مثلا، تبقى وتيرة الصدى كما كانت لحظة
انطلاقها.
هكذا يتمكن
اللاقط من تمييز صدى متحرك يرده هدف متحرك، او هدف ثابت غير مرغوب فيه. ظاهرة دوبلر
تساعد اللاقط ايضا، على تحديد سرعة الهدف، بقياس الفارق بين وتيرة الموجات التي
يرسلها الرادار، والموجات التي يعكسها الهدف.
الرادارات التي تستخدمها الشرطه، للكشف عن
السيارات التي تخالف السرعة القصوى المسموح بها، تعمل بالاعتماد على المبدأ
ذاته.
بما ان الرادار
يعرف اتجاه الهوائي الذي يعكس الصدى الاقوى، كما والتأخير في عودة رجع الصدى، فقد
اصبحت لديه كل التفاصيل اللازمة لتحديد موقع الهدف المتحرك. تقوم الة حاسبه بعملية
لجميع الموجات المفيده، بعد تحديدها وترجمتها الى معلومات يمكن لمستخدم الرادار ان
يفهمها.