فاتح القسطنطنية
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُأَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ), تلك بشارة خاتم
الأنبياء والمرسلين وسيد ولد آدم, وقد كانت على يد السلطان محمد الفاتح من
سلاطين الدولة العثمانية والذي يعتبر عصره الفاصل بين عصر الدولة الوسطى وعصر الدولة الحديثة في أوروبا .
القسطنطينية
استعصت على الفاتحين على مر العصور وأبت إلا أن تكون درة التاج وجائزة
الظفر للفاتحين المسلمين وهي عاصمة الدولة البيزنطية العتيقة بكل قوتها
ومجدها الضارب في جذور التاريخ وما قد ترمز إليه من معنى لكل المسيحيين في
العالم, أضحت هذه المدينة حلم السلطان فبذل في سبيل تحقيق هذا الحلم الغالي
والنفيس من المال والجهد والعتاد والرجال دون كلل أو ملل ليبلغ أربه وليحقق بشرى خير البشر .
إعداد الجيش
بذل السلطان محمد الفاتح بداية الأمر جهوداً عظيمة في تقوية الجيش العثماني
بالقوى البشرية حتى وصل تعداده إلى قرابة ربع مليون جندي، كما عنى عناية
خاصة بتدريب تلك الجموع على فنون القتال المختلفة وبمختلف أنواع الأسلحة
التي تؤهلهم للغزو الكبير المنتظر، كما إعتنى الفاتح بإعدادهم إعداداً
معنوياً قوياً وغرس روح الجهاد فيهم، وتذكيرهم بثناء النبي على الجيش الذي
يفتح القسطنطينية وعسى أن يكونوا هم الجيش المقصود بذلك، مما أعطاهم قوة
معنوية وشجاعة منقطعة النظير، كما كان لانتشار العلماء بين الجنود أثر كبير في تقوية عزائمهم.
التحرك نحو الحلم والأرب
عقد السلطان محمد الفاتح معاهدات مع أعدائه المختلفين ليتفرغ لعدو واحد،
فعقد معاهدة مع إمارة غلطة المجاورة للقسطنطينية من الشرق ويفصل بينهما
مضيق القرن الذهبي، كما عقد معاهدات مع جنوه والبندقية وهما من الإمارات
الأوروبية المجاورة، ولكن هذه المعاهدات لم تصمد حينما بدأ الهجوم الفعلي
على القسطنطينية، حيث وصلت قوات من تلك المدن وغيرها للمشاركة في الدفاع عن
المدينة وفي هذه الأثناء التي كان السلطان يعد العدة فيها للفتح، استمات
الإمبراطور البيزنطي في محاولاته لثنيه عن هدفه، بتقديم الأموال والهدايا
المختلفة إليه، وبمحاولة رشوة بعض مستشاريه ليؤثروا على قراره ولكن الله
أبى إلا أن يتم نوره بالفتح العظيم واستمرت المعارك والحصار مدة 54 يوماً
من البحر والبر حتى سقطت المدينة فى أيدي قوات السلطان محمد الفاتح .
وفاته
كان السلطان محمد الفاتح شديد الحرص على عدم كشف مخططاته العسكرية حتى
لأقرب وأعز قواده, وقد قال في هذا الصدد عندما سئل مرة لو عرفته شعرة من
لحيتي لقلعتها، وتوفى السلطان في يوم 3 من شهر مايو عام 1481ميلاديه،
الموافق 4 من شهر ربيع الأول سنة 886هـجريه عن ثلاث وخمسين سنة ومدة حكمه
31 عاماً، قضاها في حروب متواصلة للفتح وتقوية الدولة وتعميرها، وأتم في
خلالها مقاصد أجداده، ففتح القسطنطينية وجميع ممالك وأقاليم آسيا الصغرى
والصرب والبشناق وألبانيا، وحقق كثيراً من المنجزات الإدارية الداخلية التي
سارت بدولته على درب الازدهار ومهدت الطريق أمام السلاطين اللاحقين
ليركزوا على توسيع الدولة وفتح أقاليم جديدة فرحمه الله على خير الأمراء قائد خير الجيوش.
