بعد يناير (كانون الثاني) 1933 لم يكتب هتلر إلا القليل. فبغض النظر عن
بعض الكتابات القصيرة التي تتعلق بمواضيع خاصة، فإن مذكرة خطة السنوات
الاربع لعام 1936 وميثاقه السياسي لعام 1945 يعتبران النصين الاساسيين
الوحيدين له. وما قبل عام 1933 فإنه على العكس كان مؤلفا مكثارا. فقد كتب
العديد من المقالات النازية لصحيفة الحزب النازي «فويكشر بأوباختر» ومجلدي
كتابه «كفاحي»، اضافة الى مؤلفه الثاني الذي يطلق عليه بـ «الكتاب الثاني»
وهو في الواقع تكملة لكتابه الاول «كفاحي»، «الكتاب الثاني» لم ينشر
اطلاقا اثناء حياة هتلر. انه مسودة اكتشفت بعد الحرب من قبل غيرهارد ل.
فاينبرغ في ثنايا الارشيفات الالمانية التي تم الاستيلاء عليها وقام بنشره
عام 1961. في نفس العام ظهرت له ترجمة انجليزية، لكنها رديئة، وحملت
عنوانا غير ملائم «كتاب هتلر السري»، إلا ان النسخة الحالية هي ترجمة
جديدة وجيدة قدمت لها كرستا سميث وحررها البروفيسور الذي اكتشفها بنفسه
غيرهارد ل. فاينبرغ.
يثير الكتاب طرح ثلاثة اسئلة: لماذا كتبه هتلر؟ ما الذي يكشف عن هتلر
وافعاله اللاحقة ان وجدت؟ ولماذا لم يقم بنشره. اما الاجابة عن السؤال
الاول فإنها تكمن في تاريخ تأليفه. فقد افلح فاينبرغ بتدوين تاريخ المسودة
بشكل لا يقبل الشك واحالته الى اواخر شهر يونيو (حزيران) وبداية يوليو
(تموز) من عام 1928. في شهر مايو (ايار) كان النازيون يخوضون انتخابات
عامة لم يحققوا فيها ـ رغم بعض النجاحات المحلية ـ إلا 2.8 بالمائة من
الاصوات. وخلال الايام الاخيرة من الحملة استغل مناوئو الحزب مسألة جنوب
التيرول التي كانت تستثير الجمهور الالماني خلال الاشهر الاولى من عام
1928 والتي تعامل معها النازي تعاملا شعبيا.