سواق الأتوبيس ..!!
( صوت صراخ العجلات
لاحتكاكها بالإسفلت أيقظنا مذعورين ،
مالت أجسامنا للأمام على إثر إمساك السائق
بالكوابح ،
توقفت الحافلة فجأة ،
تخبط الواقفون ببعضهم البعض ، اصطدمت رؤوس
الجالسين بمساند المقاعد أمامهم ،
تساؤلات بدأت تتعالى هنا و هناك )
ـ حصل إيه ؟
ـ فيه إيه ؟
ـ استر يا رب …..
ـ خير اللهم اجعله خير ؟
( أتانا صوت الكمساري الواقف بجوار السائق )
ـ معلش يا جدعان ، السواق تعبان شوية .
( بدأ القلق يسيطر على الجميع ، أخذ البعض يتساءل ساخطا )
ـ و مصالحنا و أشغالنا يا جماعة ؟
ـ ده أنا متأخرة على العيال و الله .
( وقف الشاب الذي كان يجلس بجوار السائق )
ـ إيه يا جماعة ؟ أبويا تعبان و مش قادر يكمل ، يعني الراجل
يموت نفسه عشان ترتاحم ؟
( يصرخ الكمساري )
ـ حد يجي يشيل معانا عشان نمدده ورا .
( ابن السائق و الكمساري
و بعض الركاب يحملون السائق إلى مؤخرة الحافلة )
ـ وسعوا شوية عشان الراجل يقدر ياخد نفسه .
ـ مية ، شوية مية الله يخليكم ، حد معاه كالونيا ؟
ـ الراجل شكله تعبان مش ها يقدر يكمل .
ـ طب و العمل إيه دلوقتي ؟
ـ ما تشوفوا لنا سواق تاني .
ـ ما
تسوق انته يا عم الحاج .( عندها أجاب الكمساري )
ـ هي فتة و إلا فتة ؟ هو أي حد يسوق فيها و خلاص ؟
ـ طب و العمل إيه دلوقتي ؟
( ينادي الكمساري على ابن السائق )ـ
قوم يا كمال سوق بينا .
ـ كمال مين لا مؤاخذة ؟
ـ كمال ابن السواق هو اللي ها
يسوق ، ده سواق أبا عن جد ، و بقى له مدة بيتدرب مع أبوه ع السواقة .
( عندها قام أحد الرجال معترضا )
ـ كمال مين يا أبو كمال ؟ لا طبعا ، ها
تتعلموا الحلاقة في روس اليتامى ؟
( صرخت فيهم )
ـ فيه إيه يا جماعة ؟ كل دكتور عاوز يخلي ابنه دكتور
بالعافية ، و كل حلاق عاوز ابنه يبقى
حلاق ، حتى لعيب الكورة عاوز ابنه يبقى
لعيب كورة ، و السواق كمان عاوز ابنه سواق ؟
ـ و هو حرام و إلا إيه ؟ ما أنا
ترزي و ابني ترزي .
ـ لا طبعا مش حرام ، بس المفروض إنك تعلم أكتر من واحد ، مش
بس ابنك و بعد كده
تخلي الناس بقى هي اللي تقرر إن كان ابنك ترزي شاطر و إلا فيه
اللي أحسن منه .
( صرخ أحد الرجال )
ـ ده شكله عمره ما ساق
موتوسيكل حتى ، تلاتة بالله العظيم ما يسوق بينا أبدا طول ما إحنا في الاتوبيس ده .
( حاول الكمساري الدفاع عن وجهة نظره )
ـ يا جماعة ، و الله ده سواق
ميكروباس قد الدنيا ، يلا يا كمال ….
( يذهب كمال إلى مقدمة الحافلة ، يقف أحد الرجال معترضا طريقه )
ـ هي تركة و بتقسموها ؟ عليا النعمة ما هو سايق …
( يصرخ الكمساري )
ـ
طب عليا الطلاق بالتلاتة ما حد ها يسوق غيره ، تعالى يا كمال ..
( يسحب كمال من يده ،يقفز أحد المعترضين و ينزع المفاتيح من مكانها )
ـ طب طلاق على طلاقك
ما هو سايق ، الميكروباس حاجة و الأتوبيس حاجة تانية خالص .
( تصرخ إحدى النساء )
ـ ما يسوق يا جماعة ، أكيد هو أكتر واحد
فينا بيعرف يسوق ، المهم إننا نوصل بالسلامة .
ـ و مين قالك إن شاء الله إننا ها نوصل كده بالسلامة ؟
ـ لا طبعا ما يسوقش ، هو العمر بعزقة و إلا بعزقة ؟
( ساد الهرج و المرج ، انقسمت
الجموع إلى فرقتين ،
عزف الفريقان كونشترو من السب العلني ،
تطور العزف إلى
تشابك بالأيدي ،
تسلل الشجار إلى خارج الحافلة ،
نزلت أحاول فض النزاع )
ـ يا جماعة صلوا ع النبي ، بلاش كده ،
حرام عليكم ، خليك انته الكبير يا عم الحاج ..
ـ ما تشوف ابن ستين في سبعين ده بيقول إيه …
ـ ستين في سبعين يا ابن تمانيين في تسعين ؟ ….
( عندها تقدم أحد الرجال )
ـ خلاص يا عم
الحاج ، خلاص يا أستاذ ، أنا ممكن أسوق الأتوبيس ، أنا أصلا سواق تاكس ….
( عندها قال آخر )
ـ و ما أسوقش
أنا ليه ؟ على الأقل ابن عمي سواق أتوبيس ، و أنا اللي كل يوم أركن له الأتوبيس بتاعه في الجراج .
ـ تلاتة بالله العظيم ما حد ها يسوق الاتوبيس ده إلا كمال ،يا جماعة افهموا الله يخليكم ،
الأتوبيس ده متلصم ، ده المفروض يتكهن من عشر سنين ، ده لولا الأسطى (حسيني)
الله يخليه ، هو اللي قعد يرقع فيه من هنا و من هنا لغاية
ما خلاه زي ما انتم شايفين كده ، ما حدش
في الدنيا دي كلها يعرف البلاوي
المستخبية اللي فيه إلا هو و ابنه كمال ….
ـ تقولش ها نسوق (الفانتوم) يا خي ؟
( تصرخ إحدى النساء )
ـ ما تشوفوا لنا حل في الورطة اللي إحنا فيها دي يا ناس حرام عليكم .
( في هذه الأثناء تأتي شاحنة و تتوقف بجوارنا ، ينزل منها السائق يتساءل )ـ سلام عليكم …
( يسلم على أحد الرجال ، فيحتضنه الرجل )
ـ الحاج محمد ؟ أخبارك ؟ عامل إيه ؟ انته رجعت إمتى من بلاد بره ؟
ـ أهلا
يا عم حسن ، بقى لي شهرين دلوقتي ، أخبارك إيه ؟ خير ؟ إيه اللي موقفكم في الحتة المقطوعة دي ؟
ـ السواق بعافية شوية ، و مش قادر يكمل .
ـ طيب ، ما
تيجي معايا أوصلك ؟
ـ شكرا ، الله يخليك ، أصل معايا العيال .
ـ طيب ، و ها تعملوا إيه ؟
ـ أدينا بندور على حد
يسوق الأتوبيس ..
( تقاطعهم إحدى النساء
)
ـ ما ينفعش تسوق بينا انته يا
أسطى الله يستر عرضك ؟
( عندها
يلتف حوله بعض الركاب )
ـ أيوة الله يخليك ، لو ممكن تسوق بينا
و تنجدنا م اللي احنا فيه ده .
ـ عشان خاطري يا اسطى ، الواد تعبان ربنا يخلي لك
عيالك .
ـ أيوة بس أنا ….
(
يقاطعه ثالث )
ـ لو على الترلة يا
سيدي ، روح اركنها في أي بنزينة …..
ـ أيوة روح يا شيخ الله يعمر بيتك و لا
يوقعك في ضيقة …
( يقاطعهم رابع )
ـ و لو عايز فلوس يا سيدي ها
نجمع لك فلوس من بعضينا .
ـ مش موضوع فلوس و الله …. أنا بس …
ـ إحنا واقعين
في عرضك ربنا يسترك …
ـ حاضر ، حاضر ، طيب بس أروح أركن الشاحنة بتاعتي في أي
بنزينة على الطريق و أرجع لكم .
ـ روح إلهي يسترك يا شيخ ، بس بسرعة الله يخليك
أصل الواد تعبان .
( يذهب السائق يركب شاحنته و ينطلق بها ، ينادي أحد الرجال في الجموع )
ـ خلاص يا جماعة ، اتحلت خلاص ، سواق الترلة وافق و ها يروح يركن في أقرب بنزينة و يرجع يسوق بينا
( عندها يصرخ الكمساري )
ـ مين ده اللي ها
يسوق ؟ هي سايبة و إلا سايبة ؟ طب ده سواق ترلة ، ماله و مال الأتوبيسات ؟
ـ هو انته عاوز تعطلنا و خلاص ؟
ـ طب لو راجل من ظهر راجل خليه بس
كده يلمس الأتوبيس ، تلاتة بالله العظيم قاتل يا مقتول النهاردة .
ـ هو أنت يا
ابن السواق هو اللي يسوق بينا يا بلاش .
ـ على الأقل ابن السواق عارف الأتوبيس
ده و حافظه مسمار مسمار و ترس ترس .
ـ لأ بقى ، لو جيت للحق بقى الراجل ده كان
أكبر سواق في بلاد بره ، ده غير المعارف اللي ليه
في كل حته ، يعني لا قدر الله
لو حصل للأتوبيس أيتها حاجة ممكن يتصرف .
ـ تلاتة بالله العظيم ما حد ها يسوق
إلا كمال .
ـ طب يمين على يمينك ما حد سايق إلا الحاج محمد .
ـ طب ابقى وريني
كده الحاج محمد بتاعك ده ها يسوق إزاي .
ـ و انته
ابقى وريني ها تاخد المفاتيح مني إزاي ؟
ـ هات المفاتيح أحسن لك .
يحاول الكمساري التهجم على الرجل ، إلا أن بعض الرجال يمسكون بالكمساري و يقيدونه
بالحبال ،
عندها يحاول كمال التدخل ،
عندها يصرخ أحد الرجال
)
ـ كتفوه هو كمان ابن السواق ده …
(
يقيدون كمال أيضا بالحبال ، يمددونه بجوار الكمساري ،
ما هي إلا لحظات حتى تتوقف
أحد السيارات الآتية من الاتجاه المعاكس ، ينزل منها سائق
الشاحنة ، يصعد إلى
مقعد السائق ، يصيح بالجموع )
ـ يلا بينا .
ـ يلا يا جدعان ، كله يطلع الأتوبيس .
( يصعد الركاب إلى الحافلة ،صرخت فيهم )
ـ طب و الكمساري و كمال ؟
ـ ها نخليهم هنا ، هيه ، ها تيجي معانا و إلا تخليك معاهم ؟
ـ أيوة بس حرام نسيبهم كده …
( صرخ أحدهم )
ـ سيبك منه و
اطلع يا اسطى ، ده شكله معاهم …
( لم أجد فائدة من البقاء بجوارهم ، على الأقل
حتى أستطيع إرسال من ينقذهم ، صعدت
إلى الحافلة ، صرخت إحدى النساء )
ـ الله
يخليك يا أسطى نفسي أقعد شوية بالواد التعبان ده .
( يقف السائق يأمر الجالسين )
ـ
الجماعة اللي قاعدين يقفوا و يخلوا الواقفين يقعدوا .
( يتذمر الجالسون بينما يهلل الواقفون )
ـ يا إما تلاتة بالله العظيم ما أنا سايق .
( يتوسط أحد الواقفين )
ـ خلينا
نريح بعض بس شوية يا جماعة .
( يقف بعض الجالسين و يجلس بعض الواقفين ، عندها
تتحرك الحافلة ، أما أنا فوقفت أعلق
عيني على الكمساري و كمال اللذان تمددا على
الأرض لا يستطيعان الحراك ،
ما هي إلا لحظات حتى شق الصمت صوت احتكاك العجلات
بالإسفلت ،
اهتزت عجلة القيادة بشدة في يد الحاج محمد ، تمايلت الحافلة يمينا و
يسارا و خرجت عن الطريق ،
صراخ و عويل هنا
و هناك ،
حاولت الإمساك بأي شيء تطوله يداي ،
انقلبنا رأسا
على عقب ،
دقة قوية دقت رأسي ،
سالت الدماء على وجهي ،
أفقت على ألم فظيع
يسيطر على جسدي ،
تأوهات الرجال تختلط بصرخات النساء و الأطفال من حولي ،
تحرش بسمعي صوت شماتة إحدى المغنيات يأتي من خلال سماعات الحافلة )
ـ الصراحة راحة يا سيدي و انته ما بتعرفش .
( صوت صراخ العجلات
لاحتكاكها بالإسفلت أيقظنا مذعورين ،
مالت أجسامنا للأمام على إثر إمساك السائق
بالكوابح ،
توقفت الحافلة فجأة ،
تخبط الواقفون ببعضهم البعض ، اصطدمت رؤوس
الجالسين بمساند المقاعد أمامهم ،
تساؤلات بدأت تتعالى هنا و هناك )
ـ حصل إيه ؟
ـ فيه إيه ؟
ـ استر يا رب …..
ـ خير اللهم اجعله خير ؟
( أتانا صوت الكمساري الواقف بجوار السائق )
ـ معلش يا جدعان ، السواق تعبان شوية .
( بدأ القلق يسيطر على الجميع ، أخذ البعض يتساءل ساخطا )
ـ و مصالحنا و أشغالنا يا جماعة ؟
ـ ده أنا متأخرة على العيال و الله .
( وقف الشاب الذي كان يجلس بجوار السائق )
ـ إيه يا جماعة ؟ أبويا تعبان و مش قادر يكمل ، يعني الراجل
يموت نفسه عشان ترتاحم ؟
( يصرخ الكمساري )
ـ حد يجي يشيل معانا عشان نمدده ورا .
( ابن السائق و الكمساري
و بعض الركاب يحملون السائق إلى مؤخرة الحافلة )
ـ وسعوا شوية عشان الراجل يقدر ياخد نفسه .
ـ مية ، شوية مية الله يخليكم ، حد معاه كالونيا ؟
ـ الراجل شكله تعبان مش ها يقدر يكمل .
ـ طب و العمل إيه دلوقتي ؟
ـ ما تشوفوا لنا سواق تاني .
ـ ما
تسوق انته يا عم الحاج .( عندها أجاب الكمساري )
ـ هي فتة و إلا فتة ؟ هو أي حد يسوق فيها و خلاص ؟
ـ طب و العمل إيه دلوقتي ؟
( ينادي الكمساري على ابن السائق )ـ
قوم يا كمال سوق بينا .
ـ كمال مين لا مؤاخذة ؟
ـ كمال ابن السواق هو اللي ها
يسوق ، ده سواق أبا عن جد ، و بقى له مدة بيتدرب مع أبوه ع السواقة .
( عندها قام أحد الرجال معترضا )
ـ كمال مين يا أبو كمال ؟ لا طبعا ، ها
تتعلموا الحلاقة في روس اليتامى ؟
( صرخت فيهم )
ـ فيه إيه يا جماعة ؟ كل دكتور عاوز يخلي ابنه دكتور
بالعافية ، و كل حلاق عاوز ابنه يبقى
حلاق ، حتى لعيب الكورة عاوز ابنه يبقى
لعيب كورة ، و السواق كمان عاوز ابنه سواق ؟
ـ و هو حرام و إلا إيه ؟ ما أنا
ترزي و ابني ترزي .
ـ لا طبعا مش حرام ، بس المفروض إنك تعلم أكتر من واحد ، مش
بس ابنك و بعد كده
تخلي الناس بقى هي اللي تقرر إن كان ابنك ترزي شاطر و إلا فيه
اللي أحسن منه .
( صرخ أحد الرجال )
ـ ده شكله عمره ما ساق
موتوسيكل حتى ، تلاتة بالله العظيم ما يسوق بينا أبدا طول ما إحنا في الاتوبيس ده .
( حاول الكمساري الدفاع عن وجهة نظره )
ـ يا جماعة ، و الله ده سواق
ميكروباس قد الدنيا ، يلا يا كمال ….
( يذهب كمال إلى مقدمة الحافلة ، يقف أحد الرجال معترضا طريقه )
ـ هي تركة و بتقسموها ؟ عليا النعمة ما هو سايق …
( يصرخ الكمساري )
ـ
طب عليا الطلاق بالتلاتة ما حد ها يسوق غيره ، تعالى يا كمال ..
( يسحب كمال من يده ،يقفز أحد المعترضين و ينزع المفاتيح من مكانها )
ـ طب طلاق على طلاقك
ما هو سايق ، الميكروباس حاجة و الأتوبيس حاجة تانية خالص .
( تصرخ إحدى النساء )
ـ ما يسوق يا جماعة ، أكيد هو أكتر واحد
فينا بيعرف يسوق ، المهم إننا نوصل بالسلامة .
ـ و مين قالك إن شاء الله إننا ها نوصل كده بالسلامة ؟
ـ لا طبعا ما يسوقش ، هو العمر بعزقة و إلا بعزقة ؟
( ساد الهرج و المرج ، انقسمت
الجموع إلى فرقتين ،
عزف الفريقان كونشترو من السب العلني ،
تطور العزف إلى
تشابك بالأيدي ،
تسلل الشجار إلى خارج الحافلة ،
نزلت أحاول فض النزاع )
ـ يا جماعة صلوا ع النبي ، بلاش كده ،
حرام عليكم ، خليك انته الكبير يا عم الحاج ..
ـ ما تشوف ابن ستين في سبعين ده بيقول إيه …
ـ ستين في سبعين يا ابن تمانيين في تسعين ؟ ….
( عندها تقدم أحد الرجال )
ـ خلاص يا عم
الحاج ، خلاص يا أستاذ ، أنا ممكن أسوق الأتوبيس ، أنا أصلا سواق تاكس ….
( عندها قال آخر )
ـ و ما أسوقش
أنا ليه ؟ على الأقل ابن عمي سواق أتوبيس ، و أنا اللي كل يوم أركن له الأتوبيس بتاعه في الجراج .
ـ تلاتة بالله العظيم ما حد ها يسوق الاتوبيس ده إلا كمال ،يا جماعة افهموا الله يخليكم ،
الأتوبيس ده متلصم ، ده المفروض يتكهن من عشر سنين ، ده لولا الأسطى (حسيني)
الله يخليه ، هو اللي قعد يرقع فيه من هنا و من هنا لغاية
ما خلاه زي ما انتم شايفين كده ، ما حدش
في الدنيا دي كلها يعرف البلاوي
المستخبية اللي فيه إلا هو و ابنه كمال ….
ـ تقولش ها نسوق (الفانتوم) يا خي ؟
( تصرخ إحدى النساء )
ـ ما تشوفوا لنا حل في الورطة اللي إحنا فيها دي يا ناس حرام عليكم .
( في هذه الأثناء تأتي شاحنة و تتوقف بجوارنا ، ينزل منها السائق يتساءل )ـ سلام عليكم …
( يسلم على أحد الرجال ، فيحتضنه الرجل )
ـ الحاج محمد ؟ أخبارك ؟ عامل إيه ؟ انته رجعت إمتى من بلاد بره ؟
ـ أهلا
يا عم حسن ، بقى لي شهرين دلوقتي ، أخبارك إيه ؟ خير ؟ إيه اللي موقفكم في الحتة المقطوعة دي ؟
ـ السواق بعافية شوية ، و مش قادر يكمل .
ـ طيب ، ما
تيجي معايا أوصلك ؟
ـ شكرا ، الله يخليك ، أصل معايا العيال .
ـ طيب ، و ها تعملوا إيه ؟
ـ أدينا بندور على حد
يسوق الأتوبيس ..
( تقاطعهم إحدى النساء
)
ـ ما ينفعش تسوق بينا انته يا
أسطى الله يستر عرضك ؟
( عندها
يلتف حوله بعض الركاب )
ـ أيوة الله يخليك ، لو ممكن تسوق بينا
و تنجدنا م اللي احنا فيه ده .
ـ عشان خاطري يا اسطى ، الواد تعبان ربنا يخلي لك
عيالك .
ـ أيوة بس أنا ….
(
يقاطعه ثالث )
ـ لو على الترلة يا
سيدي ، روح اركنها في أي بنزينة …..
ـ أيوة روح يا شيخ الله يعمر بيتك و لا
يوقعك في ضيقة …
( يقاطعهم رابع )
ـ و لو عايز فلوس يا سيدي ها
نجمع لك فلوس من بعضينا .
ـ مش موضوع فلوس و الله …. أنا بس …
ـ إحنا واقعين
في عرضك ربنا يسترك …
ـ حاضر ، حاضر ، طيب بس أروح أركن الشاحنة بتاعتي في أي
بنزينة على الطريق و أرجع لكم .
ـ روح إلهي يسترك يا شيخ ، بس بسرعة الله يخليك
أصل الواد تعبان .
( يذهب السائق يركب شاحنته و ينطلق بها ، ينادي أحد الرجال في الجموع )
ـ خلاص يا جماعة ، اتحلت خلاص ، سواق الترلة وافق و ها يروح يركن في أقرب بنزينة و يرجع يسوق بينا
( عندها يصرخ الكمساري )
ـ مين ده اللي ها
يسوق ؟ هي سايبة و إلا سايبة ؟ طب ده سواق ترلة ، ماله و مال الأتوبيسات ؟
ـ هو انته عاوز تعطلنا و خلاص ؟
ـ طب لو راجل من ظهر راجل خليه بس
كده يلمس الأتوبيس ، تلاتة بالله العظيم قاتل يا مقتول النهاردة .
ـ هو أنت يا
ابن السواق هو اللي يسوق بينا يا بلاش .
ـ على الأقل ابن السواق عارف الأتوبيس
ده و حافظه مسمار مسمار و ترس ترس .
ـ لأ بقى ، لو جيت للحق بقى الراجل ده كان
أكبر سواق في بلاد بره ، ده غير المعارف اللي ليه
في كل حته ، يعني لا قدر الله
لو حصل للأتوبيس أيتها حاجة ممكن يتصرف .
ـ تلاتة بالله العظيم ما حد ها يسوق
إلا كمال .
ـ طب يمين على يمينك ما حد سايق إلا الحاج محمد .
ـ طب ابقى وريني
كده الحاج محمد بتاعك ده ها يسوق إزاي .
ـ و انته
ابقى وريني ها تاخد المفاتيح مني إزاي ؟
ـ هات المفاتيح أحسن لك .
يحاول الكمساري التهجم على الرجل ، إلا أن بعض الرجال يمسكون بالكمساري و يقيدونه
بالحبال ،
عندها يحاول كمال التدخل ،
عندها يصرخ أحد الرجال
)
ـ كتفوه هو كمان ابن السواق ده …
(
يقيدون كمال أيضا بالحبال ، يمددونه بجوار الكمساري ،
ما هي إلا لحظات حتى تتوقف
أحد السيارات الآتية من الاتجاه المعاكس ، ينزل منها سائق
الشاحنة ، يصعد إلى
مقعد السائق ، يصيح بالجموع )
ـ يلا بينا .
ـ يلا يا جدعان ، كله يطلع الأتوبيس .
( يصعد الركاب إلى الحافلة ،صرخت فيهم )
ـ طب و الكمساري و كمال ؟
ـ ها نخليهم هنا ، هيه ، ها تيجي معانا و إلا تخليك معاهم ؟
ـ أيوة بس حرام نسيبهم كده …
( صرخ أحدهم )
ـ سيبك منه و
اطلع يا اسطى ، ده شكله معاهم …
( لم أجد فائدة من البقاء بجوارهم ، على الأقل
حتى أستطيع إرسال من ينقذهم ، صعدت
إلى الحافلة ، صرخت إحدى النساء )
ـ الله
يخليك يا أسطى نفسي أقعد شوية بالواد التعبان ده .
( يقف السائق يأمر الجالسين )
ـ
الجماعة اللي قاعدين يقفوا و يخلوا الواقفين يقعدوا .
( يتذمر الجالسون بينما يهلل الواقفون )
ـ يا إما تلاتة بالله العظيم ما أنا سايق .
( يتوسط أحد الواقفين )
ـ خلينا
نريح بعض بس شوية يا جماعة .
( يقف بعض الجالسين و يجلس بعض الواقفين ، عندها
تتحرك الحافلة ، أما أنا فوقفت أعلق
عيني على الكمساري و كمال اللذان تمددا على
الأرض لا يستطيعان الحراك ،
ما هي إلا لحظات حتى شق الصمت صوت احتكاك العجلات
بالإسفلت ،
اهتزت عجلة القيادة بشدة في يد الحاج محمد ، تمايلت الحافلة يمينا و
يسارا و خرجت عن الطريق ،
صراخ و عويل هنا
و هناك ،
حاولت الإمساك بأي شيء تطوله يداي ،
انقلبنا رأسا
على عقب ،
دقة قوية دقت رأسي ،
سالت الدماء على وجهي ،
أفقت على ألم فظيع
يسيطر على جسدي ،
تأوهات الرجال تختلط بصرخات النساء و الأطفال من حولي ،
تحرش بسمعي صوت شماتة إحدى المغنيات يأتي من خلال سماعات الحافلة )
ـ الصراحة راحة يا سيدي و انته ما بتعرفش .