ما الرابط بين موجة كوفيد-19 وتفشي إصابات الفطر الأسود؟

ما الرابط بين موجة كوفيد-19 وتفشي إصابات الفطر الأسود؟ P09j1510

موجة وبائية من إصابات الفطار العفني mucormycosis -والمعروف أيضًا باسم الفطر الأسود- ضربت دولة الهند التي تشهد بالفعل ارتفاعًا حادًا في حالات كوفيد-19، إذ أُبلغ عن أكثر من 9000 إصابة بالفطر الأسود، وفقًا لوكالة أسوشيتيد برس، مع بدء نفاد كمية الأدوية الخاصة بعلاج هذه الحالة. يُحتمل تسبيب ارتفاع حالات كوفيد-19 موجة العدوى الفطرية القاتلة هذه، فقد تترك معالجة فيروس كورونا الأفراد المعالجين مع مناعة مضعفة ترفع فرص إصابتهم بالفطار العفني.

ما هو الفطر الأسود «الفطار العفني»؟

وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، ينجم الفطار العفني عن الإصابة بمجموعة من أنواع العفن تسمى mucormycetes، وتوجد في التربة والمواد العضوية، مثل أكوام السماد، وتستطيع دخول الجسم عبر التنفس الطبيعي أو باستخدام معدات التنفس، إذ تدخل الأبواغ الفطرية عبر المجرى التنفسي، أو يمكن أن تستعمر الجلد بعد دخولها من طريق الجروح المفتوحة، وتوجد أنواع مختلفة منها تُصنف حسب مكان الإصابة:

1. إصابة رئوية: تتجلى أعراضها بما يلي:

  • سعال.

  • حمى.

  • صداع.

  • ألم صدري.

  • احتقان الأنف والجيوب الأنفية.

  • ضيق في التنفس.


2. إصابة دماغية-أنفية (في الدماغ والجيوب الأنفية).

3. إصابة هضمية.

4. إصابة جلدية: وتشمل أعراضها:


  • اسوداد لون الجلد.


  • احمرار وتورم ومضض (رخاوة) الجلد المصاب.


  • تقرحات جلدية.


تؤثر العدوى عادةً في الأشخاص الذين يعانون مشكلات صحية مثل:

  • مرضى كوفيد-19 المعالجين بالأدوية التي تضعف المناعة مثل الستيرويدات.


  • أمراض مزمنة مثل السكري.


  • السرطان وبعض علاجاته المثبطة للمناعة.


  • إصابات جلدية.


  • بعد العمليات الجراحية الكبرى.

ما الرابط بين موجة كوفيد-19 وتفشي إصابات الفطر الأسود؟ Screen12

قال الدكتور إريك سيو بينيا، مدير قسم الصحة العالمية في نورثويل هيلث في نيويورك: «يُعد الفطار العفني عدوى فطرية تميل إلى إصابة الأشخاص الذين يعانون ضعفًا في جهاز المناعة، مثل مرضى السكري الحاد، علمًا أن العدوى ذات أعراض شديدة سريعة البدء، مع معدل وفيات مرتفع». يُذكر أن معدل وفيات الفطار العفني قد تصل إلى 96٪، اعتمادًا على الجزء المصاب من الجسم.

ما العوامل المسؤولة عن انتشار وباء الفطر الأسود ؟

أوضح الدكتور كيشوربهاي جانجاني، اختصاصي الطب الباطني في مستشفى تكساس هيلث أرلينغتون التذكاري، أن الهند كانت محظوظةً نسبيًا في موجة كوفيد-19 الأولى التي أصابت البلاد، لكن مجموعةً من العوامل مهدت الطريق للموجة الحالية من كوفيد-19 والفطار العفني، مثل انعدام قيود كوفيد-19 في البلاد، وعقد الانتخابات والتجمعات الجماهيرية المرتبطة بها، وإقامة العديد من حفلات الزفاف التي قد تضم ما يصل إلى 1000 شخص، علمًا أن البنية التحتية للبلاد لم تكن جاهزةً أبدًا لموجة بهذا الحجم.

وقال: «ربما ركزت الحكومة على الانتخابات أكثر من أي شيء آخر، في ذلك الوقت كانت العدوى تنتشر في جميع أنحاء الهند، لينصب التركيز في مكان آخر؛ لقد كان توقيتًا سيئًا»، وأضاف: «إن السلالة التي أصابتهم شديدة الضراوة، ولم يتوقعوا أن تكون سريعة الانتشار وشديدة الضراوة، ما سيؤدي إلى انتشار المرض بصورة أسرع إلى عدد أكبر من الأفراد».

يُرجح ارتفاع حالات الفطار العفني نتيجةً لارتفاع عدد الأفراد الذين يعانون ضعف المناعة بسبب كوفيد-19.

الخوف من اللقاح بسبب المعلومات الخاطئة

قال جانجاني إن اتساع رقعة انتشار كوفيد-19 بدأ مع بداية حملة التطعيم، ما دفع كثيرين إلى الاعتقاد بأن اللقاح يسبب المرض ولا يعالجه، ويضيف: «بدأت الموجة الثانية وبدأ البعض يدعم الفكرة القائلة إن تلقيحهم مسؤول عن إصابتهم بالعدوى»، لتبدأ بعدها الشائعات بالانتشار.

استخدام عقاقير الستيرويد لعلاج كوفيد-19 مهّد الطريق لانتشار الفطار العفني

قالت الدكتورة دونا كيسي، اختصاصية الطب الباطني في مستشفى تكساس هيلث برسبيتريان في دالاس: «أثبت التحليل الإحصائي أن عقاقير الستيرويد مفيدة في تقليل معدل الوفيات لدى مرضى كوفيد-19 الذين يعانون انخفاضًا في مستويات الإشباع الأكسجيني، ورغم فائدة الستيرويدات في تقليل الالتهاب، فإنها قد تؤثر سلبًا في القدرة على مكافحة العدوى».

أوضح جانجاني أن إعطاء الستيرويد بجرعات غير محسوبة قد يرفع فرصة الإصابة بعدوى أخرى، وقال: «من المهم استخدامه بحكمة وفي الوقت المناسب، ومعرفة متى يُستخدم والمقدار الذي يجب إعطاؤه».

إضافةً إلى ما سبق، قد يكون أصحاب الأمراض المزمنة الأخرى مثل مرض السكري أكثر عرضةً للإصابة بالفطار العفني، ويقول جانجاني في هذا الصدد: «إن علاج مرضى كوفيد-19 بالستيرويد دون أن يكون سكر دمهم مضبوطًا ضمن المجال الطبيعي يجعل نسبة السكر في الدم غير خاضعة للرقابة بتاتًا»، ومن ثم فإن ارتفاع نسبة السكر في الدم سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الحمض في الدم (حالة حماض)، وخلق بيئة حمضية مثالية لنمو الفطريات وانتشارها».

أشار الدكتور مينه نجي، اختصاصي الأمراض الباطنية في مستشفى تكساس هيلث هاريس ميثوديست في فورت وورث، تكساس، إلى أن مرضى السكري المصابين بكوفيد-19 يجدون أنفسهم في موقف أضعف من غيرهم، «فهم يعانون الداء السكري ويُحتمل علاج كوفيد-19 عندهم باستخدام الستيرويدات»، وأضاف: «أي شخص مُضعف المناعة معرض لخطر الإصابة بالفطار العفني، لأنها عدوى فطرية انتهازية تظهر بصورة شائعة لدى مرضى السكري، والمعالَجين بالستيرويد، ومرضى زرع الأعضاء، وأي شخص يعاني ضعفًا في جهاز المناعة».

قد يترافق نقص الأكسجين مع وباء الفطار العفني

وفقًا لجانجاني، فإن النقص في أسطوانات الأكسجين وأجهزة توصيله قد يكون سببًا آخر للإصابة بالفطار العفني، وقال: «إن أهم شيء يدور في ذهني، هو معرفة سبب ارتفاع حالات الفطار العفني، فنقص الأكسجين الحاد في الهند اضطرهم إلى الاستفادة من أي مكان يحصلون منه على خزانات الأكسجين أو أسطواناته التي كان بعضها قديمًا، ومن يدري إذا كانت الفطريات قد استعمرت هذه المعدات أو أجهزة توصيل الأكسجين».

كيف يُشخص الفطار العفني؟

غالبًا لا يعلم المصابون بالفطر الأسود بإصابتهم، بل تُشخص الإصابة عند زيارتهم طبيبًا مختصًا بسبب أعراض تحتمل تشخيصات أخرى، مثل الالتهاب الرئوي أو التهاب الجيوب الأنفية، وعليه لا بد من زيارة الطبيب فورًا للتأكد من أي عدوى محتملة.

يُشخص الفطر الأسود عبر فحص عينة من أنسجة الجسم في المختبر، أو بتحليل عينة من البلغم أو الإفرازات الأنفية، حسب كل حالة.

كيف يُعالج الفطر الأسود؟

يختلف العلاج حسب نوع الإصابة، فالإصابات الجلدية قد تتطلب إجراء جراحة تنظير لإزالة الأنسجة المصابة ومنع انتشار العدوى، إلى جانب إعطاء المضادات الفطرية وريديًا.

في أنواع الإصابة الأخرى، يعتمد العلاج على الأدوية بصورة رئيسية، وتشمل الأدوية المضادة للفطريات ما يلي:

  • أمفوتريسين ب (يُعطى عبر الوريد).


  • بوساكونازول (يُعطى فمويًا أو عبر الوريد).


  • إيزافوكونازول (يُعطى فمويًا أو عبر الوريد).

الخلاصة

يجتاح وباء الفطر الأسود الهند في أعقاب الارتفاع الحاد في حالات كوفيد-19، ويقول الخبراء إن السبب هو مزيج من العوامل، يشمل معدات الأكسجين الملوثة واستخدام عقاقير الستيرويد لعلاج بعض مرضى كوفيد-19.

قال الخبراء أيضًا إن التحضير السيئ للموجة الثانية من كوفيد-19، والمعلومات الخاطئة حول فعالية اللقاح، وتخفيف قيود كوفيد-19 في أثناء فترة من العام مليئة بالتجمعات الجماهيرية، كلها عوامل أسهمت إسهامًا كبيرًا في حالة الطوارئ الصحية الحالية.

المصادر: 1 2 3