فضل التكبير في عشر ذي الحجة

فضل التكبير في عشر ذي الحجة Aa_aoa10

معنى التكبير

التكبير هو لفظ من ألفاظ الذكر الذي يُستحبُّ للمسلم النطق بها، والتكبير هو أن يقول المسلم: "الله أكبر" ويعني تعظيم الله -سبحانه وتعالى- وإجلاله، ومعناه أنَّ الله -جلَّ وعلا- أكبر من كلِّ شيء وأعظم وأعز وأجلُّ من كلِّ ما يخطر على عقل وما يتخيله خيال، فكلمة أكبر اسم تفضيل وتعني أعظم، قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "سبحانَ ذي الجبروتِ والملَكوتِ والْكبرياءِ والعظمةِ.."[١]، فالكبرياء والعظمة صفات من صفات الله العظيم، لذلك حقّ على المسلم أن يحمد الله ويكبره ويجلَّه ويعبده حقَّ العبادة، وهذا المقال سيسلِّط الضوء على فضل التكبير في عشر ذي الحجة في الإسلام.[٢]

العشر من ذي الحجة

قبل الحديث عن فضل التكبير في عشر ذي الحجة، لا بدَّ من القول إنَّ الأيام العشر من ذي الحجة أيام عظيمة مباركة، أقسم الله -سبحانه وتعالى- فيها في الكتاب العزيز، قال تعالى في سورة الفجر: {وَالفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ}[٣]، وقال أهلُ التَّفسير: إنَّ المقصود في الآيات الكريمة الليالي العشر الأوائل من ذي الحجة، وقد ذكرها الله -جلَّ وعلا- في سورة الحج في قوله: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ}[٤]، والمقصود بالأيام المعلومات هي الأيام الأوائل من ذي الحجة من كلِّ سنة، وهي أيام عظيمة والعمل فيها عظيم، ففي هذه الأيام يوم عرفة ويوم النحر، وكثيرة هي الأحاديث النبوية الشريفة التي تناولت فضل يوم عرفة وفضل العمل به، روى جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "وما مِن يومٍ أفضلُ عندَ اللهِ مِن يومِ عرفةَ ينزِلُ اللهُ إلى السَّماءِ الدُّنيا فيُباهي بأهلِ الأرضِ أهلَ السَّماءِ فيقولُ: انظُروا إلى عبادي شُعْثًا غُبْرًا ضاحِينَ جاؤوا مِن كلِّ فجٍّ عميقٍ، يرجون رحمتي ولم يرَوْا عذابي، فلم يُرَ يومٌ أكثرُ عِتْقًا مِن النَّارِ مِن يومِ عرفةَ"[٥]، والله تعالى أعلم.[٦]

فضل التكبير في عشر ذي الحجة

يمكن القول في الحديث عن فضل التكبير في عشر ذي الحجة إنَّ التكبير هو عبادة من العبادات العظيمة التي يُستحب الإكثار منها في العشر الأوائل من ذي الحجة، فهي من باب ذكر الله -سبحانه وتعالى، وقد قال تعالى في كتابه الحكيم: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ}[٤]، وقال عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في شرح تفسير هذه الآية: "واذْكرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ معلومَاتٍ أَيَّامُ الْعَشْرِ، وَالأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ"، وفي الحديث: "كان ابنُ عمرَ وأبو هريرةَ يخرجانِ إلى السوقِ في أيامِ العشرِ يُكبرانِ ويكبرُ الناسُ بتكبيرِهما"[٧]، والتكبير في عشر ذي الحجة يُقسم ىإلى تكبير مطلق وتكبير مقيد، فالمقيد يبدأ بعد صلاة فجر يوم عرفة إلى صلاة العصر في آخر يوم من أيام التشريق ويكون بعد الصلوات، والمطلق ما لم يُخصَّصُ له وقتٌ ويكون من أول أيام العشر إلى نهاية أيام التشريق، قال القاضي أبو يعلى: "التَّكبير في الأضحى مطلق ومقيد، فالمقيد: عقيب الصلوات، والمطلق: في كل حال، في الأسواق وفي كل زمان"، والله تعالى أعلم.[٨]

صيغ التكبير في عشر ذي الحجة

بعد الحديث عن فضل التكبير في عشر ذي الحجة، لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ التكبير جاء عن السلف الصالح بصيغ عديدة، وكلُّ هذه الصيغ صحيحة يحلُّ للإنسان التكبير بها وقولها في أيام عشر ذي الحجة، وإنَّما تُذكر هذه الصيغ للعلم وزيادة المعرفة وللتنبيه عليها وحفظها والتكبير بها فالذكر خير والزيادة فيه أجر وثواب، وفيما يأتي صيغ التكبير الواردة في الأثر:[٨]

  • جاء عن سلمان الفارسي -رضي الله عنه- أنَّه قال: "كبِّروا اللهَ، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ كبيرًا"[٩].

  • وجاء عن عكرمة مولى عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: " أنَّ ابنَ عمرَ كان يقولُ: اللهُ أكبرُ كبيرًا، اللهُ أكبرُ كبيرًا، اللهُ أكبرُ وأجلُّ، اللهُ أكبرُ على ما هَدَانا"[١٠].

  • وفي حديث ضعَّفه البيهقي قال جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-: "إنَّ رسولَ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- كانَ إذا صلَّى غداةَ عرفةَ، قالَ لأصحابِهِ: علَى مَكانِكُم ثمَّ يقولُ: اللَّهُ أَكْبرُ اللَّهُ أَكْبرُ، اللَّهُ أَكْبرُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبرُ اللَّهُ أَكْبرُ وللَّهِ الحمدُ، فيُكَبِّرُ عن غداةِ عرفةَ إلى صلاةِ العصرِ من أيَّامِ التَّشريقِ"[١١].

فضل العمل في عشر ذي الحجة

في ختام ما جاء من حديث عن فضل التكبير في عشر ذي الحجة، جدير بالذكر إنَّ الأيام العشر من ذي الحجة من أفضل أيام السنة أجرًا وثوابًا وعملًا، وقد وردت في هذه الأيام أحاديث نبوية كثيرة تبرز فضل العمل في هذه الأيام، ومن هذه الأحاديث النبوية ما يأتي:[١٢]

  • عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذِه؟ قالوا: ولَا الجِهَادُ؟ قَالَ: ولَا الجِهَادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بشيءٍ"[١٣].

  • وروتْ بعض زوجات رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ما يأتي: "كانَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- يصومُ تسعَ ذي الحجَّةِ، ويومَ عاشوراءَ، وثلاثةَ أيَّامٍ من كلِّ شَهْر، أوَّلَ اثنينِ منَ الشَّهرِ والخميسَ"[١٤].

  • ولأنَّ يوم عرفة هو اليوم التاسع من هذه الايام العشر، جاء عن أبي قتادة -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: "صيامُ يومِ عرفةَ، إنِّي أحتَسبُ على اللَّهِ أن يُكفِّرَ السَّنةَ الَّتي قبلَهُ والسَّنةَ الَّتي بعدَه"[١٥].

المراجع

1 . ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عوف بن مالك الأشجعي، الصفحة أو الرقم: 1131، صحيح.

2 . ↑ "معنى (الله أكبر)"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 09-07-2019. بتصرّف.

3 . ↑ سورة الفجر، آية: 1-2.

4 . ^ أ ب سورة الحج، آية: 27.

5 . ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 3853، أخرجه في صحيحه.

6 . ↑ "عشر ذي الحجة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 09-07-2019. بتصرّف.

7 . ↑ رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن -، الصفحة أو الرقم: 651، صحيح.

8 . ^ أ ب "التكبير في العشر أنواعه وصيغه"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 09-07-2019. بتصرّف.

9 . ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في فتح الباري لابن حجر، عن -، الصفحة أو الرقم: 2/536، إسناده صحيح.

10 . ↑ رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن عكرمة مولى ابن عباس، الصفحة أو الرقم: 3/126، إسناده صحيح.

11 . ↑ رواه البيهقي، في فضائل الأوقات، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 100، إسناده فيه ضعف.

12 . ↑ "فضل أيام عشر ذي الحجة"، www.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 09-07-2019. بتصرّف.

13 . ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 969، صحيح.

14 . ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم: 2437، صحيح.

15 . ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي قتادة، الصفحة أو الرقم: 749، صحيح.