تاريخ طب العيون في الحضارة الإسلامية

تاريخ طب العيون في الحضارة الإسلامية Ooy_o_10

الطب والصيدلة في الحضارة الإسلامية

يشير مصطلح الطب الإسلامي العربي إلى مهنة وعلم الطب الذي تطور في العصر الذهبي للإسلام، والذي كتب بلغة عربية، حيث تأسس الطب الإسلامي نتيجة تفاعل الطب العربي القديم بعلوم وطب الحضارات الأخرى، ثم جاءت الترجمات للكتب الطبية من اللاتينية كعامل رئيسي في نشأة الطب الإسلامي، ثم كان للترجمات اللاتينية للأعمال العربية دورها في تطور الطب عالميًا في فترة نهاية العصور الوسطى،[١] امتاز المسلمون بالتزام المنهج التجريبي، سواء كان ذلك في التأليف والبحث، أو في التطبيق والممارسة المهنية، فلم يكتفوا فقط بالخبرات العملية وما توارثوه عن الأوائل، وإنما أضافوا أيضًا مهارات التشريح وكذلك علم وظائف الأعضاء، كما استخدموا منهج التشخيص، بأيضًا بأسلوب العلة والمعلول وتجريب الأدوية، وفي هذا الموضوع نبذة عن تاريخ طب العيون في الحضارة الإسلامية.[٢]

البصريات وطب العيون في الحضارة الإسلامية

كان الإغريق يعتقدون أن الرؤية البصرية تحدث بسبب خروج أشعة من العيون تمكن من رؤية الأشياء، ولكن في تاريخ طب العيون في الحضارة الإسلامية رفض ابن الهيثم هذا التصور، وأثبت خطأه باستخدام جهاز بصري، كما أعانه تشريح ابن الهيثم العين على تأسيس نظريته الجديدة عن تكون الصورة والرؤية، حيث وضحها عن طريق إسقاط أشعة من الضوء داخل وسطين مختلفين في الكثافة، وبذلك أثبت صحة نظريته بإجراء التجارب المعملية. وفي القرون اللاحقة نقل كتابه "المناظر" إلى اللغة اللاتينية، وبقي يدرّس لطلاب طب العيون طيلة تاريخ العالم الإسلامي، وفي أوروبا أيضًا حتى القرن السابع عشر، كما درس وشرح المسلمون أيضًا عيون الحيوانات، وقد اكتشفوا منها أن حركات مقلة العين تنتج عن انقباض في عضلات العين، في حين أن حركة الحدقة ناتجة عن انقباض وانبساط في القزحية، وهكذا تميز تاريخ طب العيون في الحضارة الإسلامية عن غيره.[١]

كانت الجراحة العينية مهمة في تاريخ طب العيون في الحضارة الإسلامية، بهدف علاج بعض أمراض العين المستعصية، مثل الرمد الحبيبي وإعتام عدسة العين، فكان الأطباء يقومون بهذه الجراحات باستخدام جهاز لإبقاء العين مفتوحة أثناء إجراء العملية، مع مبضع دقيق جدًا، يستأصل الأجزاء المثلثة الشكل على القرنية. وقد كانت تلك الجراحة تُجرى برفع الجزء المصاب باستخدام خطافات دقيقة، وكانت هذه العمليات مؤلمة للغاية للمرضى، كما أنها معقدة بالنسبة للجراح ومساعديه، حيث اعتبر الأطباء المسلمون إعتام عدسة العين مرضًا ناتجَا عن خلل في الغشاء السائل الذي يملأ بين العدسة والبؤبؤ، حيث تجرى بعمل شق دقيق في بياض العين، ثم إدخال أنبوب رفيع لإزاحة الإعتام جانبًا، ثم تغسل العين بعد الانتهاء بمحلول ملحي، كما تضمد بقطعة قطن مغمورة في محلول زيت الورود الممزوج ببياض البيض.[١]

تاريخ طب العيون في الحضارة الإسلامية

كان طب العيون من التخصصات القديمة في تاريخ طب العيون في الحضارة الإسلامية، حتى أن طبيب العيون كان عضو الشرف في مهنة الطب زمن الدولة العباسية، وقد احتل مكانة مرموقة في المجتمع، وقد اهتم العلماء المسلمون في القرون الوسطى بالجمع بين تحصيل العلوم النظرية والممارسة العملية، وتشمل صناعة الأدوات الجراحية الدقيقة، ووصل عدد الأدوات الجراحية المستخدمة في جراحة العيون إلى العشرات آنذاك، وكان من ضمن بعض الأدوات ما سمي "إبرة الحقنة"، والتي ابتكرها عمار بن علي الموصلي، حيث استخدمت كأداة استخراج وشفط سائل العدسة المعتمة أو السّاد من العين، وقد كانت هذه عمليّة شائعة.[٣]، وهكذا اشتهر الأطباء المسلمون في طب وجراحة العيون خاصة، وذلك اعتمادًا على ما تركه ابن الهيثم من أعمال ومؤلفات، حيث يقول تشارلز سنجر: "إن كتاب المناظر في البصريات متطور جدًا عن كتب وعلوم اليونان، وليس له مثيل أبدًا بين مؤلفات اليونانيين كافة".[١]

وقد كان المسلمون في تاريخ طب العيون في الحضارة الإسلامية يسمون طب العيون بـ "الكحالة"، ويسمى المشتغلين به الكحّالين، وقد ترجم المسلمون ما وصلهم من أعمال في علم الكحالة من حضارات الهند واليونان والروم، ولكن عملوا على تطوير أشكال من العمليات لم يأخذوها عن غيرهم؛ فقد احترفوا في سحب المياه الزرقاء من العين، رغم ما يكتنفها من الصعوبة حتى اليوم، ومع ذلك فقد كانت نتائج هذه العمليات مضمونة إلى حد كبير، كما ابتكروا عمليات جراحية لسحب المياه البيضاء أو الساد، واخترعوا لها ست طرق، حيث كانت تتم بواسطة الشفط، وابتكروا لذلك أنبوبًا زجاجيًّا دقيقًا يدخل في مقدمة العين، ويفككون به العدسة المعتمة، ثم يتم شفطها، وقد كانت هذه الجراحة هي أحدث الجراحات لعلاج الساد في ذلك الحين، ورغم الفرق في المعدات، فقد كان هناك شبه كبير بين تلك العملية والعمليات التي تجرى في العصر الحديث .[٤]

تعليم طب وجراحة العيون في التاريخ الإسلامي

لكي يصبح الطبيب ممارسًا في هذا التخصص في تاريخ طب العيون في الحضارة الإسلامية، لم توجد في البداية طريقة واحدة معينة للتدريب، كما لم توجد تخصصات رسمية في مختلف مجالات الطب، لكن الأطباء كان كل واحد منهم أقرب للتخصص في مجالات معنية أكثر من غيره، من خلال خبرته وشهرته في معالجة بعض الأمراض أو بعض الجراحات، ورغم ذلك كان من المهم للطبيب أن يطلع على أعمال وخبرات أسلافه، مثل كتاب "تحوير العين" من تأليف يوحنا بن ماسويه، الذي يبدو أنه أقدم عمل متخصص في طب وجراحة العيون، ثم أعمال حنين بن إسحاق المعروف في العالم الغربي بكتابه "أطروحات العين العشر".[٣]

في وقت لاحق من تاريخ طب العيون في الحضارة الإسلامية لم يعد يُسمح بامتهان الطب إلا بالنجاح باجتياز فحص في كتب التخصص المعتمدة في ذلك الحين، للتأكد من سَعَة اطلاع الطلاب النظرية والخبرات العملية في الطب، وذلك للوثوق بمهارتهم وقدرتهم على التشخيص الصحيح والعلاج، وعلى سبيل المثال فقد روى ابن أبي أُصَيْبعة في كتابه "عيون الأنباء" بأن الخليفة المقتدر بالله 295 - 320 هـ / 907 - 932 م العباسي قد عهِد سنة 319 هـ / 931م إلى الطبيب الكبير سنان بن ثابت بامتحان طلبة الطب في بغداد، بعد حادثة وفاة أحد الناس بسبب جهل وقلة خبرة أحد الأطباء، حيث حدَّد لكلِّ تخصص ما يصلح له، وقد بلغ عددهم في مدينة بغداد وحدها جوالي ثمانمائة طالب، عدا عن مَن استُغني عن فحصه باشتهاره بالاحتراف فيها.[٢]

إسهامات المسلمين في طب العيون

أنتج الأطباء المسلمون العديد من الأعمال في تخصص طب العيون وجراحتها ومعالجتها عبر تاريخ طب العيون في الحضارة الإسلامية، وكان من أشهر تلك الكتب في الكحالة: "عشر مقالات في العين" لحنين بن إسحاق، ويعد نقطة البداية في علم الكحالة، كما تطورت كتب الكحالة بواسطة اثنين من أكثر الكحالين شهرة، وهما أبو القاسم عمار بن علي الموصلي 400هـ / 1010م وعلي بن عيسى الكحال 430هـ / 1039م، فالأول كان خبيرًا في طب وجراحة العيون وكان من أكثر أطباء العيون إبداعًا، كما ألّف فيها كتابه المسمى "المنتخب في علاج أمراض العين"، حيث اشتغل بمهنته في القاهرة، والثاني فقد اشتهر بحذقه في مهنة الكحالة وأيضًا بكتابه الشهير "تذكرة الكحالين"، وكذلك كتاب "رسالة في تشريح العين وأمراضها الظاهرة وأمراضها الباطنة"، حيث اشتغل بمهنته في بغداد، ويعده بعض المؤرخين الغربيين بأنه أكبر طبيب للعيون في العصور الوسطى، حيث ترجم كتابه إلى اللاتينية.[٤]

ومن المراجع الأخرى الشاملة في أمراض العيون في تاريخ طب العيون في الحضارة الإسلامية كتاب الطبيب صلاح الدين بن يوسف الكحّال "نور العيون وجامع الفنون" الذي ألفه حوالي سنة 697 هـ / 1297 م، ويعد أكبر مرجع شامل في طب العيون، كما اشتمل على فصول في وصف العين والإبصار، وأخرى لأمراض العيون وأسبابها وأعراضها، وكذلك نصائح للحفاظ على صحة العيون، بالإضافة لذكر أمراض الجفون والقرنية والحدقة، وأنواع الأدوية المستخدمة لعلاجها، وأما أفضل عالم كتب عن العيون في الجانب الفيزيائي فهو بن الهيثم 430 هـ / 1038 م، حيث تميز وصف العين بدقة، كما كتب وبحث في أمور البصريات وطبيعة البصر، وقال: "إن الضوء يدخل العين ولا يخرج منها، وأن شبكية العين هي مركز الرؤية، ويتم نقلها إلى الدماغ عبر العصب البصري، وأن وحدة الرؤية بين كلا العينين ناتج عن تماثل الصور المسقطة على الشبكيتين".[٤]

المراجع

1 . ^ أ ب ت ث "الطب والصيدلة في عصر الحضارة الإسلامية"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 09-01-2020. بتصرّف.

2 . ^ أ ب "الطب والصيدلة في عصر الحضارة الإسلامية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-01-2020. بتصرّف.

3 . ^ أ ب "طب العيون في عصر الحضارة الإسلامية"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-01-2020. بتصرّف.

4 . ^ أ ب ت "إسهامات المسلمين في طب العيون"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-01-2020. بتصرّف.