الأدب في العصر الإسلامي

الأدب في العصر الإسلامي D8a7d915

العصر الإسلامي

العصر الإسلامي هو العصر الذي يُطلق على الزمن الذي أدركَه الرسول -عليه السلام-، ويمتد مع زمن الخلفاء الراشدين، وعصر بني أميّة بالعصر الإسلامي، ويُؤرّخ هذا العصر منذ بداية الدين الإسلامي وانتشاره حتّى نهاية خلافة بني أُميّة، وقد أحدث ظهور الإسلام وانتشاره تحوّلًا جذريًا في الحياة الأدبيّة للأمّة، ومن الطبيعي أنّ أيّ نتاج أدبيّ يتأثّر مع البيئة التي تظله، كما ويخضع لجميع مؤثّراتها، وممّا لا شكّ فيه أنّ الإسلام ترك بصمات واضحة في مسيرة هذا الأدب وفي سماته وخصائصه أيضًا، ومن مظاهر تأثيره في الفنون الأدبية، ضُمور الفنون التي كانت منتشرة في العصر الجاهلي وظهور فنون جديدة يدور موضوعها حول القيم والمبادئ الإسلامية، وفي هذا المقال سيتمّ الحديث عن الأدب في العصر الإسلامي.[١]

الأدب في العصر الإسلامي

لقد ظهرت ألوان عديدة من الفنون الأدبيّة التي اشتهرت في الأدب في العصر الإسلامي، وممّا ساعد على ظهورها القضاء على سجع الكُهّان الذي كان مُرتبطًا بالوثنيّة الجاهليّة، كما ونهى الإسلام الخطباء عن محاكاة ذلك السجع في خطبهم، فظهرت الخطابة الدينيّة، وأصبح الشعراء يعزفون عن نظم القصائد على غرار القصائد التي كانت تُنظم في الجاهليّة، واتّجهوا مقابل ذلك إلى أغراض دعا إليها الإسلام، كالشعر الديني وشعر الجهاد والفتوحات الإسلامية، وأصبح شعرهم يدور حول المعاني التي تتّصل بالقيم الإسلامية؛ فانعكست هذه المبادئ في الأدب في العصر الإسلامي، وفيما بعد انتشرت مقولة تذهب إلى أنّ الإسلام قد وقف موقفًا مُعارضًا ومُثبّطًا للشعر، إلّا أنّه اتّضح فيما بعد أنّ الشعراء الذين ذمهم الإسلام هم الذين كانوا يُحرّضون النّاس على الفتنة ويخوضون كذلك في الإفك والباطل وليس الشعراء كافة.[١]

الفنون الأدبية في العصر الإسلامي

يعدّ الشعر من أهمّ الفنون الأدبيّة التي سادت في الأدب في العصر الإسلامي، فقد كان الشعر في الحياة الجاهلية يعتبر من أقوى الأسلحة القولية، كما كان يحمل في ثناياه جميع القيم الجاهلية التي كانت سائدة آنذاك، فلمّا جاء الإسلام غيّر الكثير من معالم الحياة الجاهليّة، وأطاح بالعديد من القيم التي كانت متعارفة وقتها[٢]، وظلّ الشعر مُحافِظًا على منزلته الأولى في صدر الإسلام، شأنه في العصر الجاهلي، لكنّه تطوّر من حيث الأغراض والمعاني، كما وُجدت أغراضًا جديدةً للشعر، كشعر الجهاد والفتوح والوعظ والزهد والشعر السياسي، وإلى جانب الشعر أخذت الخطابة تُثبّت أقدامها في هذا العصر لأهميتها بالنسبة للمسلمين، فقد احتلّت الخطابة الدينية المنابر وحلقات المساجد، كما ظهرت الخطابة السياسية التي تدور حول سياسة الرعيّة وشؤون الحكم، إلى جانب ذلك ظهر فن الرسائل لنشر الدين والوعظ وبيان مبادئ الإسلام.[١]

خصائص الأدب في العصر الإسلامي

بعد الحديث حول الأدب في العصر الإسلامي لا بدّ من ذكر خصائص هذا الأدب، وبما أنّ الشعر فن يقوم على المُحاكاة، فلم يطرأ عليه تغيّرًا كبيرًا من حيث أساليبه وطرقه الفنيّة؛ فالشاعر يقتدي بطرق من سبقوه، وفي أغلب الأحيان يتتلمذ على يد شاعر مشهور؛ فيأخذ طريقته ويُحاكي أسلوبه، ومن الجدير بالذكر أنّ مُعظم الشعراء كانوا من مخضرمي الجاهلية والإسلام، كالحطيئة وكعب بن زهير والخنساء وغيرهم؛ فلم يكن من السهل أن يغيّروا أساليبهم التي اعتادوا عليها، والتطور الذي طرأ على شعرهم كان في الأغراض والمعاني، فقد استُحدت أغراضًا جديدة تحمل الكثير من الأفكار والمعاني، أمّا النثر الأدبي الذي شاع في الأدب في العصر الإسلامي، كان أمرهُ مُختلفًا؛ فهو أكثر وأسرع استجابة لمظاهر التطوّر من الشعر، لذا، كان النثر في هذه الحقبة إسلاميًّا، سواء في أغراضه ومعانيه أو سماته، يُحاكي الأسلوب القرآني ويستعين بالأمثال والصور القرآنية، إلى جانب إيجاز العبارة وتجنّب التكلّف بالإضافة إلى الزهد في الزخرف ورصانة الأسلوب وتوخي الجزالة ووضوح المعاني.[١]

أشهر الشعراء والخطباء في العصر الإسلامي

لقد حَفِلَ تاريخ الأدب في العصر الإسلامي بعددٍ وافرٍ من الشعراء والخطباء، كان أكثرهم من المُخضرمين، ولعلّ أشهرهم الشاعر الحطيئة العبسي، الذي أجاد فنون المديح والهجاء في الشعر، وحسّان بن ثابت شاعر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، والخنساء السلميّة، وأبو ذُؤيب الهُذلي، وكعب بن زهير، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، أضف إلى ذلك النابغة الجعدي ومعن بن أوس المزني، وفي ميدان الخطابة، كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أوّل الخطباء في هذا العصر، بالإضافة إلى عليّ بن أبي طالب، وفيما يأتي سيتمّ إيراد بعض النماذج الشعرية التي اشتهرت في الأدب في العصر الإسلامي.[١]

  • مِن شعر حسان بن ثابت:[٣]

أَلا أَبلِغ أَبا هِدمٍ رَسولًا
مُغَلغَلَةً تَخُبُّ بِها المَطِيُّ
أَكُنتُ وَلِيَّكُم في كُلِّ كُرهٍ
وَغَيري في الرَخاءِ هُوَ الوَلِيُّ
وَمِنكُم شاهِدٌ وَلَقَد رَآني
كرُفِعتُ لَهُ كَما اِحتُمِلَ الصَبِيُّ

  • مِن شعر الحطيئة:[٤]

لَحاكَ اللَهُ ثُمَّ لَحاكَ حَقّاً
كأَباً وَلَحاكَ مِن عَمٍّ وَخالِ
فَنِعمَ الشَيخُ أَنتَ عَلى المَخازِي
وَبِئسَ الشَيخُ أَنتَ لَدى المَعالي
جَمَعتَ اللُؤمَ لا حَيّاكَ رَبّي
وَأَبوابَ السَفاهَةِ وَالضَلالِ

  • مِن شعر كعب بن زهير:[٥]

لعَمرُكَ ما خَشيتُ عَلى أُبَيٍّ
مَصارِعَ بَينَ قَوٍّ فَالسُلَيِّ
وَلَكِنّي خَشيتُ عَلى أُبَيٍّ
جَريرَةَ رُمحِهِ في كُلَّ حَيِّ
مِنَ الفِتيانِ مُحلَولٍ مُمِرٌّ
وَأَمَارٌ بِإِرشادٍ وَغَيِّ
أَلا لَهفَ الأَرامِلِ وَاليَتامى
وَلَهفَ الباكِياتِ عَلى أُبَيِّ

  • مِن شعر النابغة الجعدي:[٦]

أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ
وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِباً
مُنذُ اِبتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ
أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعاً
إِلّا أَقَضَّ عَلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
فَأَجَبتُها أَن ما لِجِسمِيَ أَنَّهُ
أَودى بَنِيَّ مِنَ البِلادِ فَوَدَّعوا
أَودى بَنِيَّ وَأَعقَبوني غُصَّةً
بَعدَ الرُقادِ وَعَبرَةً لا تُقلِعُ
سَبَقوا هَوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ
فَتُخُرِّموا وَلِكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ

المراجع

1 . ^ أ ب ت ث ج "الأدب العربي في صدر الإسلام والعصر الأموي"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 24-10-2019. بتصرّف.

2 . ↑ "الشعر في صدر الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-10-2019. بتصرّف.

3 . ↑ "ألا أبلغ أبا هدم رسولا"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-10-2019.

4 . ↑ "لحاك الله ثم لحاك حقًا"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-10-2019.

5 . ↑ "لعمرك ما خشيت على أبي"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-10-2019.

6 . ↑ "أمن المنون وريبها تتوجع"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-10-2019.