القصة القصيرة في الأدب العربي

مفهوم القصة

تُعرف القصة لغةً الحكاية ورواية الخبر، وهي توضيح حال معينة أو قضية ما، وجمعها قصص، أما القصة القصيرة في الاصطلاح فهي إحدى أشكال القصة، وهي مشهورة ببنائها المحكم، ونهايتها المحددة، كما أنّ لها عدة عناصر لا تعد القصة مكتملة دون وجودها، منها عناصر بديهية لا يمكن سرد أي قصة دونها؛ كالشخصيات والمكان والزمان، أما العناصر التي تُكسِب القصة وزنها فهي العقدة، أو المشكلة التي تعرضها القصة، وهي تحديدًا منطقة عنق الزجاجة من المشكلة، إضافة للحل أو النهاية التي إما أن تكون محددة وواضحة، وإما أن تكون مفتوحة متروكة لمخيلة القارئ[١].

القصة القصيرة في الأدب العربي

إنّ القصة القصيرة وإن كانت معروفة عند العرب منذ القدم بمعناها العام، إلا أنّها نشأت أول الأمر عند الغرب، وأخذها العرب تأثرًا بهم؛ لذلك فهي تعدّ فنًّا أدبيًّا حديثًا في الأدب العربي، وقد أخذ فنّ القصة القصيرة في الأدب العربي بالتطور والتشكّل حتى اتخذ ملامح محددة واتسم بسمات ميزته عن غيره من الفنون الأدبية.

دخلت القصة القصيرة بمفهومها الحديث إلى الأدب العربي في نهايات القرن التاسع عشر، وكان ذلك تأثّرًا بالقصة الغربية، ومع أنّها ظهرت في وقت متأخر إلا أنها لا تعد شيئًا غريبًا عن العرب، فقد كانت عندهم قاعدة متينة للقصة ظهرت بمسميات أخرى، ولكنها لم تكن محددة كما هي الآن.

تميّزت القصة القصيرة بوضوحها وصراحتها؛ إذ تكاد تخلو من التملّق الذي يزخر به الشعر، ومن الأساطير التي ترتكز عليها المقامات، إذ وُلد فن القصة القصيرة من رحم الألم والمعاناة فكان هدفه الأساسي عكس صورة الواقع، ومحاولة محاكاة الأحداث الواقعية من خلال قالب قصصي للتعبير عن الشعور والأفكار اتجاه تلك الأحداث، مع إعمال العقل لإيجاد أفضل خيار متاح وسط الأحداث المطروحة[٢].

اتسع فن القصة القصيرة ليشمل العديد من المقاصد والأهداف؛ بدءًا من إيصال العبرة والعظة ومرورًا بالتسلية وانتهاءً بانتقاد الحياة السياسية بطريقة مبطنة، وربما كان هذا أكثر ما يكيز فن القصة القصيرة، إذ يتيح إيصال أي فكرة دون خلق تحفظات أو حتى دون الاضطرار إلى توضيح المقصد جليًّا.

ولنا في سلسلة قصص (كليلة ودمنة) خير مثال؛ فهي قصص هندية الأصل كتبها الفيلسوف بيدبا وقد ترجمها إلى العربية عبد الله بن المقفع، وهي مكتوبة على لسان الحيوانات، وقد كتبها بيدبا ليوصل رسائل خفية إلى ملك الهند آنذاك[٣].

زكريا تامر والقصة القصيرة

زكريا تامر وُلِد في دمشق عام 1931للميلاد، وهو من أبرز رواد القصة القصيرة في الأدب العربي، وقد كتب ما يزيد عن 150 قصة للأطفال، وقد تبنى زكريا تامر الرأي الذي يقول إن تقديم كتاب رديء للأطفال جريمة كبيرة مسرحها المجتمع في المستقبل.

وقد وضّح زكريا تامر اختياره للحياة مع فن القصة القصيرة بعبارته الآتية: "أما اختياري للقصة القصيرة فيرجع لكونها أداة فنية غنية التعبير، تتحدى كاتبها، وتتيح له المجال لتقديم الدليل على أصالته، وموهبته، ومدى إخلاصه لبيئته وإنسانها".

وقد كانت قصص زكريا تامر من أجمل القصص وأكثرها تفرّدًا على الإطلاق؛ فقد كانت تدعو إلى رفع الظلم عن الإنسان بطريقة فكاهية ساخرة حتى أنّ كثيرًا من أعماله تُرجمت إلى عدة لغات[٤].

المراجع

1 . ↑ زهرة زيراوي، "القصة القصيرة وتضفير الأدب بالفنون"، عـــــود الــنــــــد، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-16. بتصرّف.

2 . ↑ عمر الطباع (2012-06-10)، "جذور الفن القصصي وماهيته في الاصطلاح الأدبي "، مغرس، اطّلع عليه بتاريخ 2019-05-16.

3 . ↑ "مؤلف كتاب كليلة ودمنة ومعربه"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-16. بتصرّف.

4 . ↑ "زكريا تامر والقصة القصيرة"، الجامعة الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 2019-05-16. بتصرّف.