صلالة.. مدينة التاريخ والطبيعة الجميلة

صلالة.. مدينة التاريخ والطبيعة الجميلة 2-27110

عندما تقترب الطائرة من أجواء صلالة الجميلة، جنوب غرب سلطنة عمان.. ستشاهد من نافذة الطائرة الصغيرة طبيعة لا تتكرر في أي مكان آخر، رمال تعقبها مساحات صخرية فاتحة ثم داكنة.. وأخيرا تصل إلى الجبال الخضراء التي تغطي الأرض كلها، في هذا المكان الرائع البديع ستهبط الطائرة، يا لروعة المكان والمنظر في فصل الصيف الذي تلفح الحرارة بشدتها كل مكان في الجزيرة العربية، أما هنا فالأجواء مختلفة، رذاذ من الماء وقطرات مطر خفيفة وغيوم تملأ السماء، إنها صلالة الخضراء عروس جزيرة العرب.

مطار حديث

قبل سنتين زرت صلالة.. كان مطارها صغيرا للغاية لا يتعدى غرفة كبيرة للمغادرين والقادمين في وقت واحد، أما هذا المطار الذي هبطنا فيه فهو عبارة عن مدينة كبيرة، تسير فيها وتتجول في ربوعها وسط مساحات من الزجاج الذي يتساقط عليه المطر فيزيد من إحساسك بأنك في مكان مختلف، دقائق معدودة فقط.. كنت بعدها أحمل حقيبتي وأركب التاكسي متوجها إلى الفندق، جميل أن تمر إجراءات الدخول بهذه السرعة والبساطة والدقة في الوقت نفسه، تاكسي صلالة أبيض اللون يعكس بياض وطيب قلب أهلها، سألت السائق «كم درجة الحرارة هنا؟» فأجاب باختصار شديد «20 درجة مئوية» ثم سكت! سائق التاكسي في صلالة لا يتحدث كثيرا ولا يثرثر معك طوال الطريق، سرتني هذه الملاحظة كثيرا لأنني سأتعامل معهم خلال أربعة أيام هي فترة إقامتي في هذه المدينة الجميلة.
في الخريف تزداد الزحمة في المدينة، الخليجيون يأتون إليها ليقضوا عطلة الصيف، ولكن السير منظم ولا وجود لمن يتجاوز السرعة أو يزعجك بإلقاء سيجارته في الطريق، أو يقفز بسيارته على الرصيف ليتجاوزك.. الحمدلله الأمور هنا سلسة وسهلة، لذلك وصلت الفندق وأنا مرتاح البال، كلّ من يعمل في المطار والتاكسي واستقبال المطار من العمانيين، نحن إذن في ضيافة عمان، أنهيت إجراءات دخولي الفندق بابتسامة من موظف الاستقبال ثم صعدت إلى غرفتي لأرتاح من عناء السفر.

المغسيل

استيقظت مبكرا فأمامي جدول حافل من الزيارات، على وجبة الفطور اقتنعت بأن بعض الأسر الخليجية لا تزال بحاجة إلى من يعطيها دورة توجيهية في علم الفندقة واستخدام المرافق(!) خرجت من الفندق وكان التاكسي بانتظاري، طلب التاكسي في صلالة سهل وممتع في الوقت نفسه، هناك شركات تتعامل معها تماما كما هو الأمر في أوروبا، دقائق معدودة وتراه بانتظارك، وجهتي الأولى إلى منطقة المغسيل.. هذا المكان لابد أن تزوره إذا كنت في صلالة، وإذا كان يوم إجازة نهاية الأسبوع فستراه أجمل مما تتوقع، تبعد عشرين دقيقة عن قلب صلالة، طبيعة بحرية جبلية خلابة، نوافير طبيعية تخرج من الأرض وتصل إلى عنان السماء، تصدر أصواتا جميلة وتنثر رذاذ الماء في الجو، هنا أكبر تجمع للسياح الخليجيين والأجانب، مشهد سياحي فريد.
في طرف الجبل هناك مقهى جميل، تشرب القهوة العربية والتركية والاسبانية والإيطالية والأميركية، كل هذه الأنواع هنا، لكنها جميعا لابد أن تكون مع الحلوى العمانية الأصيلة، فضلت القهوة العربية لتكتمل صورة عمان الجميلة في ذهني، الجلوس في هذا «الكافيه» يعطيك انطباعا وشعورا بالهدوء وراحة النفس، لأنه وسط طبيعة جميلة وصوت أمواج البحر يهدر وطيور النورس تزقزق فوق رأسك، هدوء نحن في حاجة إليه.

مهرجان صلالة

ليل صلالة في الخريف له طعم خاص، كل عام يقام مهرجان «خريف صلالة» ذهبت إليه بعد صلاة العشاء، يمر عليك الوقت فيه من دون أن تشعر به، تشاهد أنواعا من الفنون الشعبية الأصيلة، بحرية وبرية وجبلية وصحراوية، وحتى أهل الزراعة لهم ركن في المهرجان يقدمون فيه تراثهم، في المهرجان تشاهد صلالة بأنواعها وتنوع أهلها، ليس هذا فحسب.. بل إن فيها ركنا تقدم كل ولاية من ولايات سلطنة عمان فنونها فيه، ساعتان ونصف الساعة من الزمان شاهدت في المهرجان عمان كلها، رقصت مع الفرق الشعبية، وغنيت مع نساء الوادي، وشربت حليب النوق وتمايلت مع قرّاء المولد النبوي الشريف، وتسامرت مع الجبّاليين وتعرفت على لغتهم الغريبة، وتناولت العشاء في البيت العماني التقليدي.. كل هذا في ساعتين ونصف الساعة، كأنني دخلت كتاب تاريخ سلطنة عمان وخرجت منه في ليلة واحدة.

سوق الفاكهة

في اليوم التالي استيقظت متأخرا، بعد سهر الليل في ربوع مهرجان صلالة الجميل.. وهربا من الأطفال على وجبة الإفطار في الفندق، قال لي مرافقي إن سوق الفاكهة في منطقة الحافة جميل، فذهبت إليه وسط مزارع الموز وجوز الهند.. منظر يستحق الزيارة،

أشجار باسقة طويلة

وأوراق شجر متدلية (سعف) وقطرات من الندى تتساقط على رؤوسنا تزيد المكان بهجة، سوق الفاكهة شيء مميز في صلالة، كل مزرعة لها طاولة تضع عليها منتوجاتها من الزراعة.. موز وجوز هند ومانغا وتفاح، كلها طبيعية وطازجة، يثقب البائع الفاكهة ويضع فيها عودا ويقدمها لك خلال ثوان معدودة، لا تشعر إلا وأنت تستمتع بشرب عصير الفاكهة قبل أن تطلب منه، عدد السياح في هذا السوق يجعل الوقت جميلا، تستمع إلى آرائهم ونكاتهم ومواقفهم الطريفة التي مروا بها في هذا السوق، كل منهم يحكي عن قصة ثمرة جوز الهند الثقيلة التي سقطت من يده على قدمه وكأنها حكاية لابد من وقوعها لك.. الحمدلله أنني استمعت إليها قبل أن أشرب العصير فأخذت حذري.

مجمع الغاردنز

«صلالة مدينة للجمال الطبيعي، ولكنها في الوقت نفسه تنظر إلى الحاضر بعين واثقة» هذا ما قاله لي مرافقي، وعندما سألته عن تفسير جملته قال لي إنها بدأت تنطلق إلى العالم الحديث عبر الجسور الكبيرة التي بنيت فيها، والمجمعات التجارية التي بدأت تنتشر فيها، فطلبت منه أن نذهب إلى أكبر مجمع (مول) فيها فأخذني معه إلى الغاردنز مول Gardeen’s Mall فوجئت بأنه ملاصق للفندق الذي أقيم فيه، قال لي إن فرقة ميامي الكويتية هي التي افتتحت هذا المول بحفل جميل قبل ثلاث سنوات، المول يشبه إلى حد كبير المارينا مول في الكويت، في هذا المكان ترى حياة مودرن تضيف إلى الطبيعة الجميلة نمطا جديدا في حياة هذه المدينة الجميلة.

صلالة.. مدينة التاريخ والطبيعة الجميلة 1-43210

صلالة.. مدينة التاريخ والطبيعة الجميلة 3-15610

صلالة.. مدينة التاريخ والطبيعة الجميلة 4-9610

صلالة.. مدينة التاريخ والطبيعة الجميلة 7-2610